الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٢

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 964-8991-19-7
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٥٢٧

الحكم بصحة الصلاة لعدم وجود امر ترتبي متعلّق بها (١).

هذا ولكن الآخوند دافع عن نفسه قائلا : ان بالامكان تصحيح الصلاة عن طريق آخر وهو الملاك بتقريب ان صحة الصلاة تحتاج الى امرين : وجود الملاك وقصد القربة ، وكلاهما متوفّر ، اما قصد القربة فباعتبار ان المكلّف جاهل ويعتقد عدم المحذور في ترك الازالة والاتيان بالصلاة فيتأتى منه لاجل ذلك قصد القربة ، واما الملاك فباعتبار ان وجود خطاب ازل يمنع من وجود خطاب صل ولا يمنع من ملاك الصلاة ، فان المنافاة ثابتة بين خطاب صل وخطاب ازل ، فاذا تحقق خطاب ازل امتنع وجود خطاب صل ، اما ملاك الصلاة وملاك الازالة فلا ممانعة بينهما ليلزم من ثبوت المصلحة او الامر بالازالة انتفاء المصلحة عن الصلاة. هذا حصيلة ما افاده قدس‌سره.

ويرده : ان وجود النجاسة والامر بازالتها وان كان لا يمنع من بقاء المصلحة ثابتة في الصلاة ولكن مع ذلك يحتمل زوالها عنها بسبب المزاحمة بالازالة ولا يوجد طريق يحرز به بقاؤها سوى الامر فان الأمر المتعلق بالصلاة يدلّ بالمطابقة على الوجوب وبالالتزام على ثبوت الملاك فيها ، فاذا فرض عدم تعلق الامر الترتبي بالصلاة واستحالة ثبوته فلا محرز لوجود الملاك في الصلاة.

قوله ص ٣١٢ س ١ واشتراطه : عطف تفسير على قوله : « تقيد التكليف ».

قوله ص ٣١٢ س ٦ تكوينا : بان كان سالم الاعضاء والحواس.

قوله ص ٣١٢ س ٧ للتضاد ... الخ : اي ان فوات الصلاة بانقاذ الغريق

__________________

(١) وبهذا اتضح الردّ على السيد الخوئي فانه جعل ثمرة امكان الترتب هي تصحيح العبادة عند ترك الاهم بينما المناسب ان تكون الثمرة هي انتفاء التعارض وتحقق التزاحم ، ويتفرع على تحقق التزاحم صحة الصلاة ، فصحة الصلاة ليست هي الثمرة مباشرة لامكان الترتب وانما هي لازم مترتب على الثمرة المذكورة

٢٤١

ناشىء من التضاد بين الصلاة والانقاذ ، فانه مع الاتيان بالصلاة لا يمكن الانقاذ ومع الانقاذ لا يمكن الاتيان بالصلاة.

قوله ص ٣١٣ س ٧ ان لا يكون : اي المكلّف.

قوله ص ٣١٣ س ٨ فلأن قيده : اي موضوعه.

قوله ص ٣١٤ س ٨ بالمعنى الذي : اي بمعنى عدم الاشتغال بامتثال الضد.

قوله ص ٣١٤ س ٨ بنفس ثبوته : اي وليس المانع من التكليف بالضد الآخر ـ كالصلاة ـ هو الاشتغال بالانقاذ.

قوله ص ٣١٥ س ٧ او بالبناء على عصيانه : اي ان امر صل ما دام مشروطا فهو لا ينافي امتثال انقذ من دون فرق بين ان يكون شرطه هو عدم امتثال انقذ او البناء على عصيانه.

قوله ص ٣١٥ س ٨ على هذا النحو : اي فهو وجوب مشروط بعدم امتثال انقذ او بالبناء على عصيانه.

قوله ص ٣١٥ س ٩ ومحركيته : عطف تفسير لفاعليته ، اي ان امر صل يستحيل ان يكون تحريكه نحو امتثاله منافيا لامر انقذ.

قوله ص ٣١٦ س ٢ مشروطا بدوره ايضا : ويسمى الترتب في هذه الحالة بالترتب من الجانبين.

قوله ص ٣١٦ س ٤ بنفس البيان السابق : وهو ان امر انقذ ما دام مشروطا بعدم امتثال صل فيستحيل ان يقول لا تمتثل صل لانه بامتثال صل لا وجود له اصلا حتى يمكنه ان يقول لا تمتثل صل.

قوله ص ٣١٦ س ٧ ويصلح ان ... الخ : عطف تفسير لقوله : « يبعّد عن امتثال » ، اي ان انقذ وان كان يبعّد عن امتثال صل ويصلح ان يستند عدم وقوع

٢٤٢

الصلاة الى امر انقذ.

قوله ص ٣١٦ س ٨ بذلك : متعلّق بالواجب.

قوله ص ٣١٦ س ١٠ الذي يساوق : صفة لقوله : « امتثال نفسه ».

قوله ص ٣١٦ س ١١ ونفي موضوعه : عطف تفسير لأفناء الشرط ، فان شرط الوجوب يكون موضوعا له فلازم نفي شرط الوجوب نفي الموضوع.

قوله ص ٣١٦ س ١١ وهذا يعني : اي ما دام انقذ يقول بالمباشرة امتثلني ، والمفروض ان امتثلني يعني لا توجد موضوع صل فبضم هذا لذاك تكون النتيجة ان انقذ وان كان يقتضي عدم امتثال صل ويقول لا تمتثل صل ولكنه يقتضي ذلك عن طريق نفي اصل وجوب الصلاة ـ لان انقذ بقوله امتثلني كأنه يقول لا توجد موضوع صل ـ ولا يقتضي ترك امتثال الصلاة عند افتراض تحقق وجوبها وتحقق شرطه وموضوعه.

قوله ص ٣١٦ س ١٣ لا نفيه : اي لا نفي امتثال الوجوب المشروط مع حفظ ... الخ.

قوله ص ٣١٦ س ١٦ اذ يستحيل : لانه قبل وجود شرطه لا وجود له اصلا حتى يقوم بحفظ شرطه فقبل تحقق الاستطاعة مثلا لا وجود لوجوب الحج اصلا حتى يقول اوجد الاستطاعة.

قوله ص ٣١٧ س ١ وبهذا يتبرهن : هذا نتيجة النقاط الثلاث.

قوله ص ٣١٧ س ٢ على الأقل مشروطا : اي ان الامر بالضدين يمكن في حالتين احداهما : ان يكون كل منهما مشروطا بترك الآخر ، ويسمى بالترتب من الجانبين ، وثانيهما : ان يكون احدهما بالخصوص مشروطا بترك الآخر ، ويسمى بالترتب من جانب واحد ، والذي يكفي لامكان الامر بالضدين كون احدهما

٢٤٣

على الاقل مشروطا بعدم امتثال الآخر ولا يلزم اشتراط كليهما بذلك.

قوله ص ٣١٨ س ٣ بمعرفة النسبة : اي انهما متساويان او احدهما اهم.

قوله ص ٣١٨ س ١١ وان المكلّف : عطف على قوله : « ان الامر ».

قوله ص ٣١٩ س ٤ لان الدليل مفاده جعل الحكم : فمفاد دليل صل هو وجوب الصلاة على كل من يفرض بالغا عاقلا قادرا ، وهكذا الحال بالنسبة لمفاد ازل.

قوله ص ٣١٩ س ١٠ كذلك : اي المقيد بالقدرة التكوينية بالمعنى الاعم.

قوله ص ٣٢٠ س ٨ مغاير لباب التعارض : بينما على رأي الآخوند المنكر لامكان الترتب يكون كل دليلين متزاحمين كصل وازل داخلين تحت المتعارضين ولا يكون باب التزاحم خارجا عن باب التعارض ، وبالتالي يلزم تطبيق قواعد باب التعارض ـ وهي تقديم الموافق للكتاب او المخالف للعامة ونحو ذلك ـ على كل متزاحمين.

قوله ص ٣٢٠ س ١٣ في مورد ما : كمورد توقف انقاذ الغريق على اجتياز الأرض المغصوبة.

قوله ص ٣٢١ س ١١ الدليل العام : كدليل « اقم الصلاة لدلوك ... الخ ».

قوله ص ٣٢١ س ١٣ عن ذاك : اي عن وجوب المتعلّق مشروطا بعدم الاشتغال بواجب لا يقل عنه اهمية.

قوله ص ٣٢١ س ١٤ المزاحم الآخر : وهو وجوب الازالة.

قوله ص ٣٢١ س ١٥ هذه الثمرة : اي المشار لها في هذه الصفحة من الحلقة س ٥ بقول : ومنها ان تقديم ... الخ.

قوله ص ٣٢٢ س ٧ على وجهة النظر المذكورة : وهي وجهة نظر الآخوند

٢٤٤

القائلة باستحالة الأمر الترتبي.

قوله ص ٣٢٢ س ٩ فحيث امر : الصواب : فحيث لا امر.

ما هو الضد؟

قوله ص ٣٢٢ س ١١ عرفنا ان الأمر بشيء ... الخ : تقدم ان كل تكليفين يوجد بين متعلقيهما تضاد ـ كأزل وصل فان متعلقيهما وهما الصلاة والازالة بينهما تضاد ـ فلا تعارض بينهما ما دام الترتب ممكنا ، اي ما دام كل منهما مشروطا بعدم الاشتغال بواجب اهم او مساو. هذا ولكن يوجد موردان لا تعقل فيهما فكرة الترتب هما :

١ ـ مورد التناقض ، فالصلاة وعدمها (١) متناقضان لا يعقل فيهما الترتب ، فلا يمكن ان يقال صل فان لم تشتغل بالصلاة وجب عليك تركها ، انه غير معقول ، اذ عند عدم امتثال صل يكون ترك الصلاة متحققا ومع تحققه لا يمكن الأمر به لانه لا يعد وعن كونه امرا بتحصيل الحاصل.

وان شئت قلت : عند عدم امتثال صل لا يمكن الأمر بترك الصلاة لا امرا مطلقا ولا امرا مشروطا ، اما انه لا يمكن الأمر به امرا مطلقا ـ بمعنى ان يقال صل واترك الصلاة ـ فلأنه امر بالجمع بين الضدين وهو غير معقول ، واما انه لا يمكن الأمر به مشروطا بعدم امتثال صل فلأنه امر بتحصيل الحاصل. اذن كلما كان بين الشيئين تناقض فلا يمكن الأمر بهما بنحو الترتب ، ولو تعلق الامر بهما كان بين الامرين تعارض.

٢ ـ مورد الضدين اللذين لا ثالث لهما كالجهر والاخفات فلا يمكن ان يقال

__________________

(١) ويعبر عن مثل عدم الصلاة بالضد العام او النقيض

٢٤٥

اجهر في صلاتك وان لم تجهر يجب عليك الاخفات لنفس النكتة السابقة ، فانه عند عدم الجهر يكون الاخفات حاصلا والأمر به امرا بتحصيل الحاصل.

وبهذا يتضح ان فكرة الترتب لا تعقل الا في الضدين اللذين لهما ثالث كالصلاة والازالة فان لهما ضدا ثالثا وهو تركهما معا والاشتغال بالاكل مثلا.

وبامكاننا تقديم هذا الضابط الكلي : متى لم يعقل الامر بالشيئين بنحو الترتب ـ كما في النقيضين او الضدين اللذين ليس لهما ثالث ـ كان بين الامرين تعارض ، ومتى ما كان الأمر بنحو الترتب معقولا كما في الضدين اللذين لهما ثالث فلا تعارض بين الأمرين ، فتحقق التعارض وعدمه على هذا يدور مدار امكان الترتب وعدمه.

قوله ص ٣٢٣ س ١٢ على وجوب او حرمة فعله : الصواب : على وجوب تركه او حرمة فعله. اي متى ما قيل صل ثم قيل يجب ترك الصلاة او يحرم فعل الصلاة تحققت المعارضة.

اطلاق الواجب لحالة المزاحمة :

قوله ص ٣٢٤ س ٩ قد تكون المزاحمة قائمة ... الخ : حاصل المبحث المذكور ان الامرين :

أ ـ تارة يفرضان بشكل لو امتثل احدهما لم يمكن امتثال الآخر ، كما لو رأى المكلّف نجاسة في المسجد وكان الوقت ضيقا بحيث لو مارس الازالة فاتته الصلاة ، وهذه الحالة هي التي كنا نتكلّم عنها لحد الآن ، واتضح ان بالامكان الامر بالصلاة منوطا بعدم الاشتغال بالازالة.

ب ـ واخرى يفرضان لو اراد المكلّف امتثال احدهما فلا يفوته امتثال

٢٤٦

الآخر كما لو كان وقت الصلاة واسعا بحيث لا يكون الاشتغال بالازالة مفوتا لها. وفي هذه الحالة هل يوجد تزاحم بين الامر بالازالة والامر بالصلاة؟ وبكلمة اخرى هل يوجد تضاد بين الصلاة والازالة أولا؟ فان المزاحمة بين الامرين انما تتحقق عند المضادة بين المتعلقين فاذا كانت مضادة بين الصلاة والازالة تحققت المزاحمة بين امريهما والا فلا. وفي الاجابة عن هذا السؤال يوجد احتمالان :

١ ـ عدم المزاحمة بين الامرين لامكان ازالة النجاسة ثم الصلاة.

٢ ـ ثبوت المزاحمة بين الامر بالازالة واطلاق صل ، فان مقتضى اطلاق صل ثبوت الحق للمكلّف في الاتيان بالصلاة اي وقت احب ـ ما بين الزوال والغروب مثلا ـ بما في ذلك الوقت الذي توجد فيه نجاسة ، بينما امر ازل يريد الازالة في تلك الفترة ويرفض الصلاة.

هذا ويمكن ان يقال بوجود ارتباط وثيق بين مسألتنا هذه والمسألة المتقدمة ص ٣٩٠ من الحلقة وهي ان الجامع بين المقدور وغير المقدور هل يمكن تعلق التكليف به اولا ، فان :

أ ـ قلنا بعدم امكان تعلق التكليف به ـ الجامع بين المقدور وغيره ـ كما هو مختار الميرزا وقلنا بامكان الترتب كما هو مختار الميرزا ايضا كان الامر بجامع الصلاة ممتنعا ، لان المفروض مع وجود النجاسة في المسجد والامر بازالتها صيرورة الصلاة غير مقدورة ومع عدم القدرة عليها يصير الامر بجامع الصلاة ممتنعا ، وهل يتحقق حينئذ التعارض او التزاحم؟ الصحيح تحقق التزاحم بلا معارضة لان المفروض انا اخذنا امكان الترتب بعين الاعتبار ، ومع فرض امكان الترتب لا يتحقق التعارض بل التزاحم ، ومع تحقق التزاحم فاللازم تقديم الاهم ، وحيث ان الاهم هو الازالة ـ لان وجوبها فوري بخلاف وجوب الصلاة فانه

٢٤٧

موسع ـ فيكون وجوب الازالة مطلقا بينما وجوب الصلاة مشروطا بترك الازالة.

ب ـ وان قلنا بعدم امكان الترتب كما هو مختار الآخوند ـ اي انكرنا الفرضية الثانية وتحفظنا على الفرضية الاولى وهي ان الجامع بين المقدور وغيره لا يمكن تعلق التكليف به ـ تحقق التعارض كما هو واضح لما ذكرنا سابقا من ملازمة انكار فكرة الترتب لتحقق التعارض بين الدليلين.

ج ـ وان انكرنا الفرضية الاولى (١) وقلنا بمقالة المحقق الكركي ـ وهي ان الجامع بين المقدور وغيره مقدور ويمكن تعلق التكليف به ـ لم تتحقق معارضة ولا مزاحمة ، لانه بناء على هذا الافتراض يكون المكلّف حين وجود النجاسة في المسجد قادرا على الازالة وفي نفس الوقت قادرا على الاتيان بجامع الصلاة ، اي ان القدرة على الاتيان بالجامع تجتمع في وقت واحد مع القدرة على الازالة ، ومع اجتماع القدرتين في وقت واحد فلا تتحقق المزاحمة ، اذ تحققها فرع عدم اجتماع القدرتين في وقت واحد. اذن التزاحم غير متحقق ومع عدم تحققه فبالاولى لا يتحقق التعارض (٢).

قوله ص ٣٢٥ س ٥ فلا تضاد بين الواجبين : ومع عدم المضادة لا يتحقق التزاحم لانه فرع المضادة بين المتعلقين.

قوله ص ٣٢٥ س ١٣ فان اخذنا في تلك المسألة : لم يذكر قدس‌سره العدل لهذا الشق. والمناسب ان يقول بعد ذلك : وان اخذنا بوجهة نظر المحقق الثاني ... الخ.

قوله ص ٣٢٥ س ١٤ واخذنا القدرة التكوينية ... الخ : التعبير المذكور

__________________

(١) لم يشر في الكتاب لهذه الحالة وكان من المناسب الاشارة اليها

(٢) لا يخفى ان في عبارة الكتاب آخر هذا المبحث شيئا من التشويش

٢٤٨

صعب ، وقد ابدلناه سابقا بتعبير ـ امكان الترتب ـ فان امكان الترتب عبارة اخرى عن كون الشرط للتكليف هو عدم الاشتغال بالاهم او المساوي.

قوله ص ٣٢٦ س ٢ تمنع : الصواب : ممتنع.

قوله ص ٣٢٦ س ٢ بالازالة والامر : الصواب : والامر بالازالة.

قوله ص ٣٢٦ س ٦ وفقا لما تقدم : اي من اشتراط كل تكليف بعدم الابتلاء بواجب آخر.

قوله ص ٣٢٦ س ٧ فان فسرنا عدم الابتلاء بعدم الامر : ذكر مختار الآخوند هنا غير مناسب ، لانه افترضنا فيما سبق ان الحديث على تقدير امكان الترتب ، اي على تقدير كون الشرط هو عدم الاشتغال بالمساوي او الاهم.

قوله ص ٣٢٦ س ٩ لا امر بها : اي لا امر بها بما هي حصة ولا بما هي مصداق للجامع. اما عدم الامر بها بعنوانها الخاص ـ اي بما هي حصة فلفرض ان الامر يتعلق بالجامع لا بالحصة. واما عدم تعلق الامر بجامعها فلأن المفروض انا نتكلّم الآن على مسلك الميرزا القائل بان الجامع بين المقدور وغيره لا يمكن تعلق الامر به.

قوله ص ٣٢٦ س ١٠ وان فسرنا عدم الابتلاء : بل هذا هو مورد الحديث على ما فرض سابقا حيث تقدم ان الفرضية الثانية هي افتراض امكان الترتب ، وبعد اخذ هذه الفرضية بعين الاعتبار فلا معنى لتكرار افتراضها الآن.

التقييد بعدم المانع الشرعي :

قوله ص ٣٢٦ س ١٥ قلنا ان القانون ... الخ : سبق وان اتضح ان كل تكليفين اذا تزاحما قدم الاهم منهما ، ويراد هنا الاستدراك وتبيان ان الاهم انما

٢٤٩

يقدم فيما اذا لم يشترط احد التكليفين بما سوى الشرط العقلي العام وهو عدم الاشتغال بالاهم او المساوي ، اما اذا كان احدهما مشروطا بشرط اضافي اي بعدم المانع الشرعي والآخر لم يكن مشروطا بذلك فلا يقدم الاهم ملاكا بل يقدم التكليف الذي لم يؤخذ فيه الشرط المذكور وان كان اضعف ملاكا. ولتوضيح ذلك نذكر المثال التالي : لو فرض ان شخصا اشترط عليه آخر ضمن عقد من العقود زيارة الامام الحسين (ع) ليلة عرفة في كل عام فاذا فرض في سنة من السنين حصول استطاعة الحج للمشترط عليه فسوف يتوجه له خطابان احدهما يقول يجب عليك الوفاء بالشرط وثانيهما يقول يجب عليك الحج ، وكل منهما كما هو واضح مقيد بعدم الاشتغال بالواجب الاهم والمساوي ، بيد ان الخطاب الاول ـ وجوب الوفاء بالشرط ـ مقيّد بقيد اضافي وهو عدم وجود مانع شرعي حيث ورد في الرواية ان شرط الله قبل شرطك (١) فانها تدل على ان الشرط انما يجب الوفاء به فيما اذا لم يزاحمه واجب من الواجبات الالهية ، وما دام دليل وجوب الوفاء بالشرط مقيدا بعدم المانع الشرعي فاللازم تقديم وجوب الحج ولا يلتفت الى اهمية ملاك وجوب الوفاء بالشرط على تقدير اهمية ملاكه. اذن لنا دعويان هما :

أ ـ ان وجوب الحج الذي لم يشترط بعدم المانع الشرعي هو المقدم.

ب ـ لا يلتفت الى اهمية ملاك وجوب الوفاء بالشرط.

اما الدعوى الاولى فوجهها واضح ، فان وجوب الوفاء ما دام مقيدا بعدم المانع الشرعي ـ والمفروض ان وجوب الحج مانع شرعي ـ فيلزم انتفاء وجوب الوفاء بالشرط عند ثبوت وجوب الحج سواء اتى المكلّف بالحج ام لا ، فان

__________________

(١) وسائل الشيعة ج ١٧ ب ٢٢ من ابواب موانع الارث ص ٤٠٩

٢٥٠

وجوب الحج حتى وان لم يمتثل مانع شرعي.

واما الدعوى الثانية فوجهها ان وجوب الحج ما دام مانعا شرعيا فيلزم عند ثبوته عدم ثبوت وجوب الوفاء ، ومع عدم ثبوته كيف يحرز ثبوت الملاك فيه ـ الوفاء بالشرط ـ فان احراز الملاك فرع ثبوت الحكم ، فعند انتفائه لا يمكن احرازه ، ومع عدم ثبوت ملاكه لا معنى لترجيحه باهمية الملاك.

مصطلح اصولي :

ثم ان المقيد بعدم المانع الشرعي قد يصطلح عليه بالمقيد بالقدرة الشرعية بينما مثل وجوب الحج الذي ليس مقيدا بذلك قد يصطلح عليه بالمقيد بالقدرة العقلية ، وعلى ضوء هذين المصطلحين يصح ان نقول : ان المقيد بالقدرة العقلية مقدم على المقيد بالقدرة الشرعية ولا يلتفت الى اهمية الملاك ، وانما يلتفت لها فيما اذا لم يكن احد التكليفين مقيدا بالقدرة الشرعية بل كانا معا مقيدين بالقدرة العقلية.

ولا يخفى ان هذا الاصطلاح للقدرة الشرعية والقدرة العقلية يغاير مصطلح القدرة العقلية والشرعية بالمعنى المتقدم ص ٣٠٤ من الحلقة فان ما سبق كان يقصد به ان المصلحة والارادة اذا كانتا مشروطتين بالقدرة بحيث عند عدم القدرة لا مصلحة ولا ارادة فالقدرة شرعية وان لم تكونا مشروطتين بذلك بل كان العقاب فقط هو المشروط بالقدرة فالقدرة عقلية.

قوله ص ٣٢٧ س ٥ على الخلاف : اي على خلافه ، فان وجوب الوفاء بالشرط مقيد بعدم وجود حكم على خلافه.

قوله ص ٣٢٧ س ١٠ بلسان ان شرط : اي ان مفاد المقيد لدليل وجوب

٢٥١

الوفاء ولسانه هو ان شرط الله قبل شرطك.

قوله ص ٣٢٧ س ١٣ اما الاول : اي انه يجب تقديم وجوب الحج.

قوله ص ٣٢٧ س ١٣ بنفسه : اي حتى اذا لم يمتثله المكلّف.

قوله ص ٣٢٧ س ١٥ على الخلاف : اي على خلاف وجوب الوفاء بالشرط.

قوله ص ٣٢٨ س ١٥ مر بنا في الحلقة السابقة : بل وفي هذه الحلقة ايضا ص ٣٠٤.

٢٥٢

الوجوب المشروط

٢٥٣
٢٥٤

قاعدة امكان الوجوب المشروط :

قوله ص ٣٢٩ س ١ للوجوب ثلاث مراحل ... الخ : يراد في هذا المبحث اثبات امكان تقيد الوجوب ببعض الشروط فوجوب الحج يعقل اشتراطه بالاستطاعة ووجوب الصلاة يعقل اشتراطه بالزوال وهكذا وجوب بقية الواجبات في مقابل من انكر امكان ذلك كالشيخ الانصاري حيث اختار استحالة ذلك وان التكليف دائما هو مطلق ولا يمكن ان يكون مشروطا ، فوجوب الحج مطلق وثابت حتى قبل حصول الاستطاعة وانما المقيد بالاستطاعة هو الواجب ـ اي الحج ـ فمفاد دليل وجوب الحج على هذا هكذا : الحج المقيّد بالاستطاعة واجب. ونفس الشيء يقال في صلاة الظهر مثلا ، فان مفاد دليلها هكذا : صلاة الظهر المقيدة بالزوال واجبة ، فالوجوب ثابت في جميع الاوقات وحتى قبل الزوال وانما المقيد بالزوال هو الصلاة (١) وهكذا في صوم شهر رمضان يكون وجوب الصوم ثابت قبل دخول شهر رمضان والمقيد بذلك هو الصوم لا وجوبه فيكون مفاد دليل وجوب الصوم : الصوم المقيد بدخول شهر رمضان واجب.

وباختصار : هذا الرأي يرى ان الوجوب مطلق وان المشروط هو الواجب (٢).

__________________

(١) وعلى ضوء هذا يمكن للمكلّف قصد الوجوب عند اتيانه بالوضوء حتى قبل الزوال. كما انه بناء على هذا ينحل الاشكال القائل كيف يجب على المجنب في شهر رمضان الاغتسال قبل الفجر مع انه لا وجوب للصوم قبل الفجر حتى يجب الغسل؟ ان هذا مندفع بناء على عدم تقيد الوجوب بالفجر

(٢) وبناء على هذا يكون الواجب المشروط في نظر الشيخ الأعظم عين الواجب المعلق ، ـ

٢٥٥

وبعد التعرف على هذا نمنهج مطالب الكتاب ضمن النقاط التالية :

١ ـ تقدم في مباحث سابقة ان للحكم مراحل ثلاث : الملاك اي المصلحة مثلا ، والارادة اي الشوق ، والجعل اي الوجوب مثلا.

٢ ـ يوجد لكل واحد من هذه المراحل الثلاث نحوان من الشروط ، وفي هذه النقطة نوضح شروط مرحلة الملاك على ضوء المثال التالي : ان استعمال الدواء للمريض واجب عقلا بل ولعله واجب شرعا ايضا ، ولكن ما هي المصلحة فيه؟ انها استرجاع المريض حالته الطبيعية ، وبعد ان كانت المصلحة كامنة في استرجاع الحالة الطبيعية نقول : يوجد لاستعمال الدواء شرطان هما :

أ ـ المرض ، فمن دونه لا مصلحة في استعمال الدواء.

ب ـ تناول الدواء بعد وجبة الطعام فيما اذا كانت الفائدة منحصرة بذلك.

هذان شرطان لاستعمال الدواء ، واذا تأملنا قليلا وجدنا فارقا بينهما وهو انه من دون تحقق المرض لا مصلحة اصلا في استعمال الدواء ، فشرط اتصاف الدواء بالمصلحة هو المرض ، ولذا يمكن ان يسمى مثل المرض بشرط الاتصاف بالمصلحة. اما الاكل فليس هو شرطا لاصل وجود المصلحة فان المصلحة ثابتة في استعمال الدواء حتى قبل الاكل غاية الامر لا تترتب المصلحة ولا يظهر لها

__________________

ـ والكتاب لم يتعرض لدليل الشيخ على رأيه هذا وانما تعرض لدليل آخر. وملخص دليله : ان الوجوب يستفاد من الهيئة ، فحينما يقال صل توجد مادة وهي الصلاة وهيئة هي هيئة افعل ، والذي يدل على الوجوب هو الهيئة ، وحيث ان مفاد الهيئة في نظر الشيخ جزئي والجزئي لا يقبل التقييد فلازم ذلك استحالة تقيد الوجوب وتحتم رجوع جميع القيود الى المادة وهي الصلاة مثلا. هذا ملخص دليل الشيخ الذي لم يتعرض له في الكتاب. واما ما تعرض له فهو انه سبحانه جعل الوجوب للحج وشرّعه بقوله « ولله على الناس ... » قبل ان تحصل الاستطاعة للمكلّف ، وما دام الوجوب مشرعا قبل حصول الاستطاعة فلازم ذلك عدم شرطية الاستطاعة لوجوب الحج والا فكيف شرّع الوجوب بمقتضى الآية الكريمة قبل تحقق الاستطاعة خارجا

٢٥٦

مفعول الا بعد تناول الطعام ، فتناول الطعام اذن شرط لترتب المصلحة لا لأصل وجودها ، ولذا قد يتناول المريض احيانا الطعام قبل حلول الموعد لا لغرض سوى استعمال الدواء ، فلو لم يكن استعمال الدواء قبل الاكل ذا مصلحة فلماذا تناول الطعام قبل الموعد المقرر (١).

وكما كان للمصلحة شرطان شرط لأصل الاتصاف بالمصلحة وشرط لترتبها فكذا الارادة التي هي المرحلة الثانية من مراحل الحكم لها الشرطان المذكوران احدهما المرض المعبر عنه بشرط الاتصاف وثانيهما بعدية الطعام المعبّر عنها بشرط الترتب ، بيد ان المرض شرط لنفس الارادة بمعنى ان الانسان قبل ان يمرض لا ارادة له لاستعمال الدواء وانما تحدث بعد ذلك ، وهذا بخلافه في بعدية الطعام فانها ليست شرطا لنفس الارادة والا لم تكن للمريض ارادة لاستعمال الدواء قبل تناول الطعام والحال ان الوجدان على خلاف ذلك ، فهو يريد استعمال الدواء حتى قبل ان يأكل ، ولذا قد يأكل وجبة الطعام قبل موعدها المقرر لا لغرض سوى استعمال الدواء بعدها ، فلو لم تكن ثابتة قبلا فلماذا الاندفاع نحو الطعام قبل الموعد المقرر.

وقد تسأل : اذا لم تكن بعدية الطعام شرطا لنفس الارادة فهي شرط لأي شيء؟ انها شرط للمراد اي لاستعمال الدواء ، فالانسان حينما يمرض يريد استعمال الدواء ولكن لا يريد استعماله المطلق بل المقيد بما بعد الطعام ، فبعدية الطعام قيد لاستعمال الدواء الذي هو المراد (٢).

٤ ـ وبعد اتضاح ان المرض شرط لنفس الارادة بمعنى انه قبل المرض لا

__________________

(١) وقد اشار قدس‌سره لهذه النقطة بقوله : « وفي كل من هذه المراحل الثلاث ... الخ »

(٢) وقد اشار قدس‌سره لهذه النقطة بقوله : « وشروط الاتصاف تكون شروطا لنفس الارادة ... الخ »

٢٥٧

توجد ارادة لاستعمال الدواء وانما تحدث بعده قد تسأل هل ارادة استعمال الدواء تحدث للمريض عند ما يكون مريضا حقا او عند ما يتخيل ويتصور انه مريض؟ الصحيح هو الثاني ، فهو يريد الدواء عند ما يتخيل كونه مريضا وان لم يكن مريضا واقعا فان المرض واقعا من دون اعتقاد به لا يحدث الارادة للدواء وانما المحدث لها هو اعتقاد المرض سواء كان ثابتا حقا ام لا.

وبكلمة اخرى ان السبب لحدوث الارادة هو المرض بوجوده العلمي التخيلي دون وجوده الواقعي ، وهذا بخلاف المصلحة في استعمال الدواء فانها لا تثبت الا عند وجود المرض واقعا سواء اعتقد الشخص بكونه مريضا او لا (١).

٥ ـ وننتقل الى مرحلة الجعل ـ اي الوجوب مثلا ـ لنقول ان الوجوب له شرطان ايضا ، فالمرض شرط لاتصاف استعمال الدواء بالوجوب ومن دونه لا وجوب اصلا بخلاف بعدية الطعام ـ التي هي شرط الترتب ـ ليست شرطا لاصل الوجوب ، فان الوجوب ثابت على المريض حتى قبل استعمال الطعام وانما هي شرط لمتعلق الوجوب اي الواجب وهو استعمال الدواء ، فاستعمال الدواء هو المقيد ببعدية الطعام ولذا نقول في مقام التعبير : الدواء ما بعد الطعام واجب آخذين بعدية الطعام قيدا للدواء لا لكلمة واجب.

وخلاصة البحث الى الآن : ان المرض الذي هو ـ شرط الاتصاف ـ شرط

__________________

(١) وقد اشار قدس‌سره لهذه النقطة بقوله ص ٣٣١ س ٦ : « غير ان الارادة التي ذكرنا ... ».

ثم لا يخفى ان غالب الامور النفسية هي من هذا القبيل فانها معلولة للاعتقاد لا لثبوت الشيء واقعا ، فالخوف مثلا لا يحدث الا عند الاعتقاد بوجود الاسد في الدار فمن اعتقد بذلك حصل له الخوف وان لم يكن موجودا فيها واقعا ، ومن لم يعتقد بذلك لا يحصل له وان كان موجودا فيها واقعا ، وهكذا الحب والبغض ، فمن اعتقد باحسان شخص له احبه وان لم يكن كذلك واقعا ، ومن لم يحصل له الاعتقاد بالاحسان فلا حب له ولو كان كذلك واقعا. وهذا معنى ما يقال من ان القضايا النفسية تنشأ من الصور العلمية دون الوجودات الواقعية

٢٥٨

لاتصاف استعمال الدواء بالمصلحة ، وهو شرط ايضا لنفس الارادة كما وهو شرط لنفس الوجوب بينما بعدية الطعام هي شرط لترتب المصلحة وشرط للمراد وشرط للواجب (١).

٦ ـ والنقطة الاساسية في هذا المبحث هي تحقيق المراد من الاستطاعة (٢) ، فانه ذكرنا ان الاستطاعة شرط لوجوب الحج ومن دونها لا وجوب اصلا ولكن هل المراد بها الاستطاعة الفعلية الموجودة خارجا او الاستطاعة الفرضية؟ قد يقال ان الشرط هو الاستطاعة الفعلية دون الفرضية ، لكنه باطل ، اذ لازم ذلك عدم تحقق الوجوب قبل حصول الاستطاعة خارجا مع انه لا اشكال في ثبوت وجوب الحج على المستطيع حتى قبل تحقق استطاعته خارجا ، فان قوله تعالى : « ولله على الناس ... » يثبت الوجوب حتى قبل تحققها خارجا ، اذ الآية الكريمة ثابتة حتى قبل تحقق الاستطاعة وتدل على وجوب الحج سواء كان مستطيع خارجا ام لا.

هذا ولكن الصحيح ان يقال : ان لوجوب الحج مرحلتين : مرحلة الوجوب الانشائي ومرحلة الوجوب الفعلي ، والوجوب الانشائي ـ الذي هو عبارة عن انشاء الوجوب وتشريعه في حق كل من فرض استطاعته ، ويعبر عنه بالجعل ايضا ـ ليس مشروطا بتحقق الاستطاعة خارجا بل بافتراض تحققها ، فالآية الكريمة تنشأ الوجوب في حق كل من يفرض استطاعته ، وحينما تقول « ولله على

__________________

(١) وقد اشار قدس‌سره لهذه النقطة بقوله : « ونفس الفارق بين شروط الاتصاف ... ». ثم ان المثال الشرعي لذلك فعل الصلاة فان لوجوبه مصلحة وارادة وجعلا. والبلوغ والعقل والقدرة هي شروط لاصل الاتصاف فمن دون البلوغ مثلا لا مصلحة ولا ارادة ولا وجوب ، فهو شرط لاتصاف الصلاة بالمصلحة وشرط لارادتها وشرط لوجوبها بينما الوضوء مثلا ـ الذي هو شرط للترتب ـ هو شرط للترتب المصلحة لا لأصل وجودها وهو شرط للمراد لا للارادة كما وهو شرط للواجب دون الوجوب

(٢) او المرض في مثال الدواء

٢٥٩

الناس ... الخ » كأنها تقول اذا فرض وجود المستطيع وجب عليه الحج. اجل اذا تحققت الاستطاعة خارجا وصار المكلّف مستطيعا بالفعل تحول الوجوب الى الفعلية (١).

اذن من هذا نعرف ان للوجوب مرحلتين : مرحلة الفعلية ومرحلة الانشاء ، والاستطاعة بوجودها الفرضي التقديري شرط لانشاء الوجوب وبوجودها الخارجي الفعلي شرط للوجوب الفعلي ، فالمولى يقول من فرض كونه مستطيعا فانا قد انشأت في حقه وجوب الحج ، واذا تحقق المستطيع في الخارج صار الوجوب في حقه فعليا.

وقد تسأل : ان اشتراط الوجوب الانشائي بفرض الاستطاعة والوجوب الفعلي بالاستطاعة الفعلية وان كان امرا وجيها ولكن ما هي النكتة التي لاجلها صارت الاستطاعة الفرضية شرطا للوجوب الانشائي ولم تصر الاستطاعة الفعلية هي الشرط له؟ والجواب : ان النكتة هي ان انشاء الوجوب امر نفساني ويحصل في النفس ومن الواضح ان الصفة النفسانية لا معنى لاناطتها بالوجود الخارجي للشرط بل لا بد من اناطتها بالوجود النفسي وهو افتراض الاستطاعة ، وهذا بخلافه في الوجوب الفعلي فانه امر خارجي ولا بدّ من اناطته بالوجود الخارجي للاستطاعة.

وحصيلة هذه النقطة ان للحج مثلا نحوين من الشروط : شروط الاتصاف وشروط الترتب ، فالاستطاعة شرط للاتصاف بالوجوب بينما الاحرام مثلا شرط للترتب ، والاستطاعة ـ التي هي شرط الاتصاف ـ هي شرط للوجوب الانشائي بوجودها الفرضي وهي شرط للوجوب الفعلي بوجودها الفعلي. واما

__________________

(١) ويعبر عن الوجوب الفعلي بالمجعول

٢٦٠