الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٢

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 964-8991-19-7
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٥٢٧

حجية الظهور

١٤١
١٤٢

البحث الثالث في حجية الظهور

قوله ص ٢٦٣ س ١ الدليل الشرعي .. الخ : مرّ ص ٨٦ من الحلقة ان البحث في الدليل الشرعي يقع في ثلاث نقاط هي :

ا ـ البحث عن بعض الدلالات العامة مثل ان الامر ظاهر في الوجوب ، والجملة الشرطية ظاهرة في المفهوم وهكذا. وقد مر هذا من ص ٨٧ الى ص ١٩٣ من الحلقه.

ب ـ البحث عن وسائل اثبات صدور الدليل. وقد مر هذا من ص ١٩٤ الى ص ٢٦٢. وبقيت النقطة الثالثة وهي ما نريد التحدث عنها الآن.

ج ـ البحث عن حجية الظهور.

وقبل البحث عن حجية الظهور نوضح ثلاثة مصطلحات هي : الظهور ، النص ، المجمل.

ان الدليل اذا كانت دلالته صريحة بحيث لا تقبل احتمال الخلاف فهو نص ، واذا كان محتملا لعدة معان بدون رجحان لبعضها على بعض فهو مجمل ، واذا كانت بعض المعاني منسبقة عرفا الى الذهن فهو الظاهر.

اما البحث عن الظاهر فسيأتي في البحث الآتي ص ٢٦٥ من الحلقة. واما النص فلا اشكال في حجيته لان دلالته قطعية لا تحتمل الخلاف. واما المجمل فهو ليس حجة في خصوص معنى من معانيه وانما هو حجة في الجامع بينها لو فرض امكان تنجزه على جامعيته واجماله ، فمثلا لو امر المولى بالدعاء عند رؤية الهلال

١٤٣

وتردد المقصود من الامر بين الوجوب والاستحباب ـ بناء على كون الامر مشتركا لفظا بينهما وليس موضوعا لخصوص الوجوب ـ فلا يكون منجزا لخصوص الوجوب ولا لخصوص الاستحباب بل للجامع بينهما وهو اصل الطلب والرجحان ، اذ الجامع المذكور وان كان مجملا لكنه قابل للتنجز على المكلف (١) فيتنجز الا اذا حصل سبب مزيل للمنجزية ، وذلك في احدى الحالات الاربع التالية :

١ ـ ان يرد دليل ثان يدل على ان الدعاء عند الرؤية مستحب ، فان هذا الدليل يوجب رفع الاجمال عن الدليل الاول بعد ضمه اليه ويثبت ان المقصود منه الاستحباب.

٢ ـ ان يرد دليل ثان يدل على ان الدعاء عند الرؤية ليس واجبا ، فانه بضمه الى الاول يرتفع اجمال الاول كما هو واضح.

وفرق هذه الحالة عن صاحبتها ان الدليل في السابقة مثبت لاحد المعنيين بينما في الثانية هو ناف لذلك.

٣ ـ ان يرد دليل ثان مجمل وبضمه الى الاول يرتفع الاجمال. ومثال ذلك : روايتا الكر ، فانه وردت في تحديد مقدار الكر روايتان احداهما تقول : الكر (٦٠٠) رطل والاخرى تقول الكر (١٢٠٠) رطل. وكلمة « الرطل » في هذين النصين لم يحدد المقصود منها ، اذ الرطل رطلان رطل عراقي ورطل مكي ـ والمكي ضعف العراقي ـ ولكن عند ضم احداهما الى الاخرى يفهم ان مقصود الاولى من

__________________

(١) ومثال الجامع الذي لا يقبل التنجز ما لو قال المولى كل الطعام وتردد مقصوده بين الوجوب والتهديد ، فان الجامع بينهما لا يمكن تنجزه ، او فرض انه قال تحرز عن رغبة النكاح ودار الامر بين ان يكون المقصود تحرز عن الرغبة في النكاح او تحرز عن الرغبة عن النكاح ، فان الجامع لا يمكن تنجزه ايضا

١٤٤

الرطل هو المكي ومقصود الثانية هو العراقي ، فان المكي ما دام ضعف العراقي فمن المناسب ان تكون الرواية الثانية ناظرة الى العراقي والاولى الى المكي ، لان (١٢٠٠) ضعف (٦٠٠). وباختصار : المقصود من هذه الحالة ان ترد روايتان كل منهما مجملة ونعلم ان المقصود منهما واحد ـ ففي الروايتين السابقتين نعلم بان المقصود شيء واحد والا وقع التعارض بينهما ـ ويكون للمجمل في الرواية الاولى معنى يتناسب مع احد معنيي المجمل في الرواية الثانية.

٤ ـ ان يرد دليل ثان يثبت احد معاني المجمل دون ان يكون ذلك مستلزما لنفى المعانى الاخرى ، نظير ما لو ورد « جئني بعين » وتردد المقصود بين الذهب والفضة ، فلو ورد دليل ثان يقول يجب الاتيان بالفضة فالعلم الاجمالي بوجوب الاتيان اما بالذهب او الفضة يسقط عن المنجزية ويجب الاتيان بخصوص الفضة (١) فان الامر بالاتيان بالفضة وان كان لا يتنافى مع وجوب الاتيان بالذهب ، اذ وجوب احدهما يلتئم مع وجوب الآخر (٢) ولكن مع ذلك يسقط العلم الاجمالي عن المنجزية ويجب الاتيان بخصوص الفضة لان العلم الاجمالي لا يكون منجزا الا اذا توفرت اركان اربعة ـ تقدمت في الحلقة الثانية ص ٣٦٦ ـ ثالثها تعارض الاصول العملية في الاطراف ، فلو تعارضت ثبت التنجز والا فلا ، وفي المقام لا تتعارض لان الاتيان بالفضة حيث دل الدليل الثاني على وجوبه فلا يمكن اجراء البراءة عنه ، ومعه فتجري البراءة عن وجوب الاتيان بالذهب بلا معارض. وبكلمة اخرى : ان البراءة عن وجوب الفضة لا تجري لاننا بواسطة

__________________

(١) لو كان العلم الاجمالي غير ساقط عن المنجزية فاللازم الاتيان بالذهب والفضة لان الجامع اذا تنجز وجب من باب تحصيل الموافقة القطعية الاتيان بهما معا

(٢) وهذا بخلافه في الحالة الاولى فان ثبوت الاستحباب يتنافى وثبوت الوجوب

١٤٥

الدليل الثاني نجزم بوجوبها ولا نشك فيه بخلاف وجوب الذهب فانه مشكوك فيه فتجري البراءة عنه بلا معارض.

قوله ص ٢٦٣ س ٢ في نسبتها اليه : اي نسبة تلك الامور الى المدلول.

قوله ص ٢٦٣ س ٣ ولا يحتمل .. الخ : بفتح الياء ، اي ولا يحتمل مدلوله مدلولا آخر بدلا عنه.

قوله ص ٢٦٣ س ٥ والمنسبق : عطف تفسير على الظاهر.

قوله ص ٢٦٤ س ٣ الا معنى واحد قابل لهما : المناسب هكذا : ويكون احد المعاني لهذا مناسبا لواحد من معاني ذاك.

قوله ص ٢٦٤ س ٦ في حالة عدم التنافي ... الخ : واما مع التنافي فتلك هي الحالة الاولى.

قوله ص ٢٦٤ س ١٥ في المدلول التصوري والمدلول التصديقي معا :

المدلول التصوري هو المدلول الوضعي الذي ينسبق الى الذهن عند سماع الكلمة. والمدلول التصديقي هو قصد المعنى. اي ان الدليل اذا كان نصا في دلالته على اصل المعنى ونصا في دلالته على قصد المتكلم له فلا اشكال في حجيته ، اذ مع القطع بالدلالة لا وجه للتأمل في الحجية.

دليل حجية الظهور

قوله ص ٢٦٥ س ١ واما الظاهر فظهوره حجة : ذكرنا فيما سبق ان النص حجة وهكذا المجمل حجة في الجامع. وبقي ان نتحدث عن الظاهر. ان الكلام اذا كان ظاهرا في معنى معين فظهوره حجة ـ وتسمى حجية الظهور باصالة الظهور ـ والدليل على حجيته ثلاثة وجوه تقدم في الحلقة الثانية الاولان منها. والوجوه

١٤٦

الثلاثة هي :

١ ـ التمسك بسيرة المتشرعة اي اصحاب الائمة عليهم‌السلام ، فانها كانت جارية على التمسك بظهور القرآن الكريم والاحاديث الواردة من الائمة السابقين ، وهي حجة جزما بمعنى أنها كاشفة عن موافقة الامام عليه‌السلام ـ بلا حاجة الى استكشاف موافقته من عدم الردع ـ اذ بدون موافقته لا تكون السيرة سيرة للمتشرعة فان المتشرع هو من يوافق عمله رضا الامام عليه‌السلام ومع عدم الموافقة لا يكون متشرعا.

وقد تسأل : كيف يمكن اثبات ان سيرة اصحاب الائمة عليهم‌السلام كانت جارية على العمل بالظواهر؟ والجواب : تقدم في الحلقة الثانية ص ١٧٨ بيان خمسة طرق لا ثبات ذلك ، ونستعين هنا بالطريق الرابع منها فيقال : انه لو لم يعمل اصحاب الائمة عليهم‌السلام بالظهور فلا بد من وجود بديل يعتمدون عليه في فهم المراد ، وحيث ان ترك الظهور والاعتماد على البديل ظاهرة غريبة فمن اللازم نقلها في الكتب التأريخية ، وحيث لم تنقل كان ذلك دليلا على عدم البديل وبالتالي على الاعتماد على الظهور.

٢ ـ التمسك بسيرة العقلاء على العمل بالظهور ، فانهم في كل زمان بما فيه زمان الائمة عليهم‌السلام يعملون بالظهور ـ اذ لو لم يعملوا به وكان لهم بديل لنقله التأريخ ـ فلو لم يكن الائمة عليهم‌السلام موافقين للسيرة المذكورة لردعوا عنها ، وعدم الردع دليل على الامضاء.

اجل هنا شيء لا بد من الالتفات اليه وهو انه ذكر ص ١٨٤ من الحلقة ان عدم الردع يدل على الامضاء اما لنكتة عقلية ـ وهي لزوم نقض الغرض او وجوب النهي عن المنكر ـ او لنكتة استظهارية ، فان ظاهر حاله عليه‌السلام انه في مقام المحافظة على الشريعة ، فسكوته ظاهر في الموافقة. وهنا نقول : حينما نتمسك

١٤٧

بالسيرة العقلائية لا ثبات حجية الظهور فلا بد وان لا نتمسك لا ثبات عدم الردع بالنكتة الاستظهارية ، اذ يلزم من ذلك الدور ، لانا نتمسك بالظهور ـ اي ظهور حاله عليه‌السلام في الموافقة ـ لا ثبات حجية الظهور. وقد تقدمت الاشارة الى ذلك في الحلقة الثانية ص ٢١٢.

٣ ـ التمسك بالاحاديث الدالة على وجوب التمسك بالقرآن الكريم والسنة الشريفة كقوله ٩ : ما ان تمسكتم بهما ـ اي القرآن واهل البيت عليهم‌السلام ـ لن تضلوا بعدي ابدا. وتقريب الاستدلال : ان احد مصاديق التمسك بالقرآن واهل البيت هو العمل بظهور الكتاب والسنة فيكون واجبا ومشمولا لاطلاق الامر بالتمسك وبالتالي يكون الظهور حجة.

وقد يشكل عليه بان لازمه الدور ، اذ ظاهر الاحاديث المذكورة بمقتضى اطلاقها الشمول للعمل بالظهور ، ومعنى ذلك انه قد تمسكنا بالظهور لا ثبات حجية العمل بالظهور.

وللتخلص من ذلك لا بد من افتراض حجية الظهور ولو في الجملة بمعنى انه لا يلزم ـ لتمامية الاستدلال بالاحاديث المذكورة ـ افتراض حجية الظهور في جميع الموارد بل يكفي حجية ظهور خصوص الاحاديث المذكورة فانه اذا ثبت ذلك ـ ولو من باب ان العمل بظهور هذه الاحاديث هو القدر المتيقن من عمل العقلاء بالظهور ـ فيمكن التمسك به لا ثبات حجية الظهور في بقية الموارد (١).

__________________

(١) قد يقال : انا اذا تمسكنا بالسيرة العقلائية لا ثبات حجية ظهور هذه الاحاديث فيثبت بها ايضا حجية بقية الظواهر ، فان السيرة لا تفرق بين ظهور وظهور. والجواب : انا نفترض ان القدر المتيقن من السيرة هو العمل بظهور هذه الاحاديث بحيث يكون العمل ببقية افراد الظهور مشكوكا

١٤٨

اشكال على الدليلين الاولين.

اتضح ان الادلة على حجية الظهور ثلاثة. وهناك اشكال على الدليل الاول وهو سيرة المتشرعة وعلى الدليل الثاني وهو سيرة العقلاء.

اما الاشكال على سيرة المتشرعة فهو ان انعقاد سيرة اصحاب الائمة عليهم‌السلام على العمل بالظهور وان كان مسلما ولكنا لا نجزم بعملهم بجميع اقسام الظهور ، فان الظهور تارة يكون جليا وواضحا ومثل هذا يجزم بعملهم به ، واخرى غير جلي ومثله لا يجزم بانعقاد السيرة على العمل به. ومثاله : ما اذا كان الكلام ظاهرا في معنى معين واحتمل ان قرينة على خلاف ظهوره اتصلت به ولكنها اختفت علينا ، ان مثل هذا الظهور ـ الذي قال المشهور بحجيته وخالفناه في ذلك كما تقدم في الحلقة الثانية ص ٢١٥ ـ كيف يمكن الجزم بانعقاد سيرة المتشرعة على العمل به ، فان انعقاد السيرة على العمل به في غير الحالة المذكورة وان كنا نجزم به الا انه في هذه الحالة لا نجزم بذلك.

اجل اذا كان مدرك حجية الظهور هو الدليل الثاني اي سيرة العقلاء دون سيرة المتشرعه لم يرد هذا الاشكال ، لان سيرة العقلاء يمكن التأكد منها بالرجوع اليهم ويمكن للمشهور الجزم بعمل العقلاء بالظهور حتى في الحالة المذكورة. هذا كله في الاشكال على الدليل الاول.

واما الدليل الثانى وهو سيرة العقلاء فالوارد عليه اشكالان :

١ ـ ان التمسك بسيرة العقلاء اخص من المدعى ، فانه لا يثبت بها حجية الظهور في الموارد التي توجد فيها امارة عقلائية على خلاف الظهور ، كما لو كان لدينا كلام ظاهر فى معنى معين وكانت في مقابله امارة عقلائية ـ وان لم تكن

١٤٩

معتبرة شرعا كالقياس مثلا ـ فانه في هذه الحالة لا يعمل العقلاء بهذا الظهور المقابل بالامارة حتى ولو كانت غير معتبرة شرعا. هذا هو مقتضى التمسك بسيرة العقلاء بينما المدعى حجية الظهور حتى في هذه الحالة ، فان من قال بالحجية قال بها حتى في حالة مخالفة القياس للظهور. ويمكن دفع ذلك بما يلي :

ا ـ ان الدليل الدال على عدم حجية القياس يدل على ان اللازم للمكلف ان يطبق حالة وجود القياس جميع الآثار التي يرتبها حالة عدم وجوده فان هذا هو معنى عدم حجية القياس عرفا ، ومن الواضح ان احد الاثار التي يطبقها المكلف لو لم يكن القياس ثابتا لديه هو العمل بالظهور ، فدليل عدم حجية القياس على هذا الضوء يكون دالا على حجية الظهور المقابل للقياس وانه لا ينبغي ترك الظهور لاجله.

ب ـ ان هذا الاشكال يتم بناء على مسلك الشيخ الاصفهاني القائل بان سيرة العقلاء اذا جرت على عمل معين في حدود معينة فالامضاء الذي نستكشفه بواسطة عدم الردع يتحدد بتلك الحدود المعينة لا اكثر ، فاذا فرض ان العقلاء يعملون بالظهور في حالة عدم وجود قياس مخالف له فالثابت بالامضاء هو العمل بالظهور في هذه الحالة لا اكثر ، اما اذا تجاوزنا هذا المسلك وقلنا ان الامضاء لا يتعلق بالعمل الخارجي في حدوده الخاصة بل بالنكتة العقلائية المرتكزة في اذهان العقلاء التي من اجلها يعملون بالظهور (١) فلا يتم ما ذكر حيث ان النكتة

__________________

(١) مسألة تعلق الامضاء الشرعي بالنكتة الارتكازية او بمقدار العمل الخارجي وقعت محلا للكلام بين الاعلام فممن اختار كون المدار على النكتة الارتكازية السيد الحكيم في المستمسك عند البحث في ثبوت الكرية بقول صاحب اليد ج ١ ص ٢١٥ بينما السيد الخوئي ـ

١٥٠

التي لاجلها يعمل العقلاء بالظهور هو كونه مقتض للحجية ـ اي ان كل ظهور له اقتضاء الحجية ما دام لم يزاحم بحجه اخرى ـ وبامضاء هذه النكتة تكون النتيجة هي حجية الظهور فيما اذا لم يكن في مقابله حجة اخرى ، وبما ان الشارع الغى حجية القياس فلا يكونه مقابل الظهور حجة مزاحمة وبالتالي يكون حجة لدى الشارع لسقوط المزاحم عن الحجية.

٢ ـ ان سيرة العقلاء وان جرت على العمل بالظهور الا انها جرت على العمل به في كلام الانسان الاعتيادي الذي متى ما اراد خلاف الظهور نصب قرينة متصلة على ذلك ، ومن الواضح ان الشارع ليس كذلك ، فانه كثيرا ما يعتمد على القرائن المنفصلة ، فيطرح احد المعصومين عليهم‌السلام عاما من العمومات ويأتي المخصص له من معصوم آخر متأخر عنه. وما دام للشارع هذه العادة ـ والمفروض انه لا يوجد بين العقلاء من له مثل هذه السيرة حتى يلاحظ انه يعمل بظهور كلامه او لا ـ فكيف يمكن ان يدعى ان العقلاء جرت سيرتهم على العمل بالظهور حتى في مثل كلام الشارع.

والجواب : ان هذا يتم فيما لو كان من اللازم اتحاد الموضوع الذي يمضي الشارع الظهور فيه مع الموضوع في السيرة ، فانه بناء عليه حيث ان الموضوع الذي جرت السيرة العقلائية على العمل بالظهور فيه هو الانسان الاعتيادي فيلزم ان يكون الموضوع الذي قد امضى الشارع الظهور فيه هو الانسان الاعتيادي ايضا ، ولكنا لا نقبل هذا ، اذ من الممكن ان تجري السيرة على العمل

__________________

ـ في فقه الشيعة ج ٢ ص ٧٥ والتنقيح ج ٢ ص ٣٢٩ وافق الاصفهاني في كون المدار على مقدار العمل الخارجي وقد تعرض السيد الشهيد الى المسألة المذكورة في بحوثه ج ٢ ص ١٢٧

١٥١

بظهور كلام الانسان الاعتيادي ولكن الشارع يمضي الظهور في حق مطلق الانسان ولو غير الاعتيادي بتقريب : ان العقلاء وان جرت سيرتهم على العمل بالظهور في حق الانسان الاعتيادي لكن من المحتمل ان يطبقوا سيرتهم هذه يوما من الايام على كلام الشارع ايضا اما من باب الاعتياد ـ فان الاعتياد على العمل بالظهور في كلام الانسان الاعتيادي قد يوجب العمل بالظهور احيانا حتى في حق الانسان غير الاعتيادي ـ او من باب الغفلة عن كون الشارع ذا عادة خاصة ، وعليه فاللازم على الشارع من باب الاحتياط المسبق الردع عن هذه السيرة خوف تطبيقها يوما من الايام على كلامه ايضا ، فاذا لم يصلنا الردع دلّ ذلك على امضائها.

قوله ص ٢٦٥ س ٣ بالسنة المستكشفة : فان سيرة اصحاب الائمة عليهم‌السلام تكشف عن رأيهم الذي هو السنة.

قوله ص ٢٦٥ س ٥ ولو في الجملة : اي ولو في خصوص ظهور هذه الاحاديث الآمرة بالتمسك بتقريب ان حجية ظهور هذه الاحاديث هو القدر المتيقن من سيرة العقلاء المنعقدة على العمل بالظهور.

قوله ص ٢٦٦ س ٧ واطلاقها : عطف تفسير على ظهور الاحاديث.

قوله ص ٢٦٦ س ٨ كما ان الوجهين الاولين : المناسب التعبير بالوجه الثاني ، فان سيرة العقلاء هي التي تحتاج الى الامضاء ، واما سيرة المتشرعة فلا تحتاج في حجيتها الى الامضاء.

قوله ص ٢٦٧ س ٤ وهنا نقول : اي في هذه الحلقة الثالثة.

قوله ص ٢٦٨ س ٣ ولكن الصحيح : هذا رد ثان على اصل الاشكال ، وليس ردا على قولهم « اللهم الا اذا ... ». والمناسب وضعه رأس السطر.

١٥٢

قوله ص ٢٦٨ س ٦ غير انك ... الخ : المناسب ان لا يجعل هذا رأس السطر فانه متصل بسابقه.

قوله ص ٢٦٨ س ٨ مطلقا : اي حتى فيما اذا كان مزاحما بمثل القياس.

قوله ص ٢٦٨ س ٨ كذلك : اي اقتضائية.

قوله ص ٢٦٨ س ١١ والامر الآخر : المناسب : وثانيهما.

قوله ص ٢٦٨ س ١١ الوجه الاول : الصحيح : الوجه الثاني.

قوله ص ٢٦٩ س ١ وهذا الاعتراض ... الخ : هذا رد على الاشكال الثاني.

تشخيص موضوع الحجية.

قوله ص ٢٦٩ س ١٤ ظهور الكلام في المعنى الحقيقي ... الخ : قبل توضيح المقصود نذكر مقدمة مرت في الحلقة الثانية ص ٢١٤. وحاصلها : ان لظهور اللفظ في معناه شكلين ، فتارة يكون ظهورا تصوريا واخرى ظهورا تصديقيا. والمقصود من الظهور التصوري انسباق المعنى الى الذهن وانتقاشه فيه عند سماع اللفظ ، فانه اذا سمعنا كلمة « كتاب » مثلا تصورنا معناها حتى ولو فرض صدورها من نائم بل ولو من اصطكاك حجرين. ان هذا الخطور الحاصل عند سماع اللفظ من اي مصدر كان هو الظهور التصوري.

ولو فرض ان اللفظ المذكور صدر من شخص ملتفت دل ذلك على ان المتكلم قد قصد معناه ، وهذا ما يسمى بالظهور التصديقي ، فالدلالة على قصد المعنى هي عبارة اخرى عن الظهور التصديقي.

ومنه يتضح ان النائم اذا تلفظ بلفظ فلا يحصل الا الظهور التصوري اما اذا تلفظ به الملتفت حصل منه ظهوران : تصوري وتصديقي.

١٥٣

وبعد استذكار هذين المصطلحين نذكر مطلبا آخر هو ان المتكلم لو تلفظ بلفظ معين ونصب قرينة على خلاف معناه الحقيقي فالظهور التصوري في المعنى الحقيقي يبقى ولا يزول ، فلو قال الاب لولده : « اذهب الى البحر وخذ العلم منه » فكلمة « البحر » تبقى ظاهرة في المعنى الحقيقي وهو البحر من الماء فيخطر ذلك الى الذهن وان كانت القرينة على ارادة المعنى المجازي ـ وهو الشخص العالم ـ موجودة ، اجل هذه القرينة تمنع من انعقاد الظهور التصديقي اي من الدلالة على قصد المتكلم للبحر الحقيقى. هذا اذا كانت القرينة متصلة. اما المنفصلة فهي كما لا تمنع من الظهور التصوري كذلك لا تمنع من الظهور التصديقي وانما تمنع من حجيته ، فلو فرض ان فقرة « خذ العلم » وردت منفصلة بان قال الاب بعد يوم « خذ العلم منه » فان الجملة الاولى تبقى دالة على قصد المتكلم للبحر الحقيقي غاية الامر لا يكون هذا القصد حجة (١).

وبعد الفراغ من هذه المقدمة نطرح سؤالين :

ا ـ ما هو الظهور الحجة؟ فهل هو الظهور التصوري او الظهور التصديقي؟

ب ـ ما هو الشرط الذي يلزم توفره قبل تطبيق الحجية على الظهور؟

اما بالنسبة للسؤال الاول فله ثلاثة اجوبة :

١ ـ ما ذكره الشيخ الاصفهاني من ان الحجة هو الظهور التصوري بشرط عدم العلم بالقرينة المتصلة والمنفصلة على الخلاف ، فموضوع حجية الظهور على هذا مركب من جزئين : الظهور التصوري ، وعدم العلم بالقرينة المتصلة والمنفصلة.

__________________

(١) خلافا للميرزا حيث اختار انها تهدم الظهور التصديقي وتزيله ولا يبقى ظهور في قصد المعنى الحقيقي كما يأتي ص ٢٨٨ من الحلقة

١٥٤

٢ ـ ما ذكره الميرزا تبعا للشيخ الاعظم من ان الحجة هو الظهور التصديقي بشرط عدم وجود القرينة المنفصلة واقعا.

٣ ـ ما اختاره السيد الشهيد من ان الحجة هو الظهور التصديقي بشرط عدم العلم بالقرينة المنفصلة ، فموضوع الحجية على هذا مركب من جزئين : الظهور التصديقي ، وعدم العلم بالقرينة المنفصلة.

وفرق هذا الاحتمال عن سابقه انه في السابق اعتبر عدم وجود القرينة المنفصلة واقعا بينما في هذا الاحتمال اعتبر عدم العلم بها لا عدمها الواقعي. هذا كله بالنسبة الى السؤال الاول.

واما بالنسبة الى السؤال الثاني ـ وهو ان اي شرط يلزم توفره قبل تطبيق الحجية ـ ففي جوابه نقول : لو اخذنا بالاحتمال الاول فلا يشترط اي شرط قبل تطبيق الحجية لان موضوعها مركب من جزئين : الظهور التصوري وعدم العلم بالقرينة ، وكلاهما محرز بالوجدان ، وبعد احرازهما الوجداني لا يبقى الا تطبيق الحجية على الظهور.

واذا اخذنا بالاحتمال الثاني فتارة يفترض الجزم بعدم القرينة المتصلة والمنفصلة واخرى لا يجزم بذلك ، فعلى الاول يتم تطبيق الحجية على الظهور دون اي شرط. وعلى الثاني لا يمكن ذلك اذ مع احتمال القرينة المتصلة واقعا لا يحرز ثبوت الظهور التصديقي (١) ، فلأجل احرازه لا بد من الجزم بعدم وجودها واقعا ، كما لا بد من نفي القرينة المنفصلة واقعا ، اذ الجزء الثاني لموضوع حجية الظهور حسب الفرض هو عدم القرينة المنفصلة واقعا ، فلا بد من نفي احتمال وجودها واقعا. اذن نحن بحاجة الى نفي احتمال القرينة المتصلة واحتمال القرينة المنفصلة.

__________________

(١) اذ مع وجود القرينة المتصلة يزول الظهور التصديقي طبقا لما ذكرناه في المقدمة

١٥٥

ولكن كيف يمكن ذلك؟ يمكن ذلك بناء على افتراض جريان سيرة العقلاء على التمسك باصالة عدم القرينة عند الشك في وجودها واقعا. وعليه فبناء على الاحتمال الثاني لا يمكن التمسك باصالة الظهور مباشرة بل لا بد قبل تطبيقها من تطبيق اصل سابق وهو اصالة عدم القرينة كي ينفى به احتمال وجود القرينة واقعا وبالتالي ليجزم بوجود كلا الجزئين.

ولو اخذنا بالاحتمال الثالث فلا يضر احتمال القرينة المنفصلة واقعا لان المعتبر بناء عليه هو عدم العلم بالقرينة المنفصلة لا عدم وجودها الواقعي ، وعدم العلم صادق حتى مع احتمال وجودها واقعا. اجل احتمال القرينة المتصلة مضر ولا بد من نفيه ، اذ مع احتمالها لا يجزم بوجود الظهور التصديقي ، فلا بد قبل تطبيق اصالة الظهور من اجراء اصالة عدم القرينة لنفي احتمال وجود القرينة المتصلة واقعا.

وباختصار : انه بناء على الاحتمال الاول لا يحتاج الى اجراء اصالة عدم القرينة في المرحلة السابقة ، وعلى الثاني يحتاج الى اجرائها مرتين ، مرة لنفي القرينة المتصلة واخرى لنفي القرينة المنفصلة ، وعلى الثالث يحتاج الى اجرائها مرة واحدة لنفي القرينه المتصلة.

ترجيح الاحتمال الثالث.

والارحج من الاحتمالات السابقة هو الثالث ، فالاول ضعيف ، اذ العقلاء انما يبنون على حجية الظهور بمعنى جعله كاشفا عن مراد المتكلم ، وواضح ان الكاشف عن المراد هو الظهور التصديقي دون التصوري ، اذ التصوري يحصل في حق النائم ايضا والحال لا مراد له.

١٥٦

والاحتمال الثاني ضعيف ايضا من ناحية عدم امكان احراز جزئه الثاني ـ وهو عدم القرينة المنفصلة واقعا ـ اذ الطريق لا حرازه ليس الا اصل عدم القرينة الذي مستنده بناء العقلاء ، وواضح ان العقلاء لا يبنون على اصل الا عند وجود حيثية كاشفة تصحح الاصل ، وفي المقام لا توجد حيثية كاشفة عن عدم القرينة واقعا الا الظهور ، فظهور الكلام وكشفه عن المراد هو الحيثية الكاشفة عن عدم القرينة المنفصلة حيث ان من البعيد ان يتكلم المتكلم بكلام ظاهر في معنى وهو لا يريد ذلك المعنى اعتمادا على قرينة منفصلة يذكرها في المستقبل ، ومن هنا لو كان الكلام مجملا وغير ظاهر في معنى فلا نستبعد مجيء قرينة تفسره ، فالمبعد للقرينة هو الظهور ، وعلى هذا فالعقلاء يبنون على حجية الظهور اولا وبعد ذلك ينفون القرينة المنفصلة لا انه يبنون على عدم القرينة المنفصلة اولا ثم بعد ذلك يبنون على حجية الظهور. وعليه فالمناسب ان يكون الجزء الثاني من موضوع حجية الظهور هو عدم العلم بالقرينة المنفصلة ـ حتى لا يحتاج الى اجراء اصالة عدم القرينة ـ لا عدم وجودها واقعا ، وهذا معناه تعين الاحتمال الثالث.

كيف ننفي القرينة على الاحتمال الثالث.

وبعد اتضاح صحة الاحتمال الثالث نقول : انه على الاحتمال المذكور يحتاج تطبيق حجية الظهور الى احراز الظهور التصديقي. ولكن كيف يحرز؟ والجواب : اذا كنا نقطع بعدم القرينة المتصلة والمنفصلة او لا اقل كنا نقطع بعدم القرينة المتصلة فلازم ذلك القطع بتحقق الظهور التصديقي وامكان تطبيق حجية الظهور بلا حاجة لا جراء اصالة عدم القرينة. اما اذا لم نقطع بعدم القرينة المتصلة فلا نحرز تحقق الظهور التصديقي ، ولكن هل يمكن نفي احتمال القرينة المتصلة بواسطة اصالة عدم

١٥٧

القرينة؟ والجواب : ان في ذلك تفصيلا يتضح بعد ملاحظة مناشىء احتمال خفاء القرينة المتصلة ، وهي ثلاثة :

١ ـ ان يفرض ان احتمال خفاء القرينة المتصلة مسبب عن احتمال غفلة السامع عن الالتفات اليها ، فلعل المتكلم ذكرها والسامع غفل عنها.

٢ ـ ان يفرض ان احتمال خفاء القرينة المتصلة مسبب عن احتمال اسقاط الناقل لها ، فالمتكلم ذكرها الا ان الناقل اسقطها حين نقله.

٣ ـ ان يفرض ان احتمال الخفاء مسبب عن امر ثالث كما لو فرض ان الكلام كان مكتوبا في ورقة واحتمل ذكر القرينة في الورقة ايضا الا ان بعض الورقة قد تلف ونحتمل ان القرينة كانت مذكورة في القسم التالف. وفي مثل هذا الفرض نحتمل بالوجدان خفاء القرينة المتصلة ولكن ليس سبب ذلك هو الغفلة او الاسقاط بل الامر الثالث المذكور (١).

وباتضاح هذه المناشىء الثلاثة نقول :

اما المنشأ الاول فيمكن نفيه بواسطة اصالة عدم الغفلة ـ فان العقلاء عند صدور فعل او كلام من شخص لا يحملونه على الغفلة وان ادعى هو ذلك ، فلو شتم شخص غيره ثم اعتذر بصدور ذلك غفلة منه لم يعذره العقلاء ـ وبواسطتها يحرز عدم وجود القرينة المتصلة وبالتالي يحرز الظهور التصديقي. وحيث ان المفروض عدم العلم بالقرينة المنفصلة فيمكن حينذاك تطبيق اصالة الظهور بلا محذور.

ثم ان اصالة عدم الغفلة قد تسمى باسم آخر وهو اصالة عدم القرينة. وانما

__________________

(١) ومثال ثان : ما لو فرض ان القرينة المحتملة كانت ارتكازية لبية لم يذكرها الناقل اعتمادا على وضوحها وارتكازها ، ان مثل هذه القرينة لا يمكن نفيها ايضا

١٥٨

سميت بذلك باعتبار ان اصالة عدم الغفلة تنفي احتمال وجود القرينة.

واما المنشأ الثاني ـ وهو احتمال اسقاط الناقل للقرينة ـ فيمكن نفيه ايضا بظهور حال كل انسان حينما ينقل قضية من القضايا انه ينقل جميع ما له دخل في فهم القضية او بتعبير آخر ان كلامه يشتمل ضمنا على شهادته بانه لا يسقط ما يرتبط بفهم القضية ، فلو كانت هناك قرينة قد اتصلت بظاهر الكلام فمن اللازم على الراوي نقلها ، فاذا لم ينقلها كان ذلك شهادة منه على عدم وجودها.

واما المنشأ الثالث فلا يمكن نفيه باصل او ظهور ، وكيف يمكن نفي احتمال وجود القرينة في القسم التالف من الورقة.

ومن خلال هذا كله اتضح ان موضوع حجية الظهور هو الظهور التصديقي بشرط عدم العلم بالقرينة المنفصلة. واتضح ايضا انه اذا لم نحرز الظهور التصديقي من جهة احتمال وجود القرينة المتصلة فان كان المنشأ لاحتمال القرينة هو الغفلة او الاسقاط فيمكن نفيهما وبالتالي يثبت الظهور التصديقي ، ويمكن حينذاك تطبيق اصالة الظهور ، اما لو كان المنشأ امرا ثالثا غيرهما فلا يمكن نفيه وبالتالي لا يكون الظهور التصديقي محرزا ولا يمكن تطبيق اصالة الظهور.

هل اصالة الظهور ترجع الى اصالة عدم القرينة او بالعكس.

اتفق الشيخ الاعظم والآخوند على ان العقلاء لا يوجد عندهم اصلان احدهما باسم اصالة الظهور والآخر باسم اصالة عدم القرينة ، بل الثابت عندهم اصل واحد. وبعد هذا الاتفاق اختلف في ذلك الاصل الواحد ، فاختار الآخوند ان الاصل الذي يبني عليه العقلاء هو اصالة الظهور وبعد بنائهم على حجية الظهور ينفون القرينة ، اذ الظهور عند العقلاء امارة كاشفة عن عدم القرينة ، بينما

١٥٩

الشيخ الاعظم اختار العكس ، اي ان العقلاء يبنون على عدم القرينة ويتفرع على هذا البناء بناؤهم على الظهور. اذن على رأي الآخوند ترجع اصالة عدم القرينة الى اصالة الظهور بينما على رأي الشيخ الاعظم ترجع اصالة الظهور الى اصالة عدم القرينة.

وكلا هذين الرأيين يمكن التأمل فيه لانهما مبنيان على اساس باطل وهو اعتقاد ان اصالة الظهور واصالة عدم القرينة يجريان في مورد واحد ، فانه بناء عليه يصح النزاع في ان ايهما الاصيل وايهما الفرع ، ولكن هذا باطل ، فان كل واحد من هذين الاصلين يجري في مورد خاص به لا يشركه الآخر فيه ، فاصالة الظهور تجري ـ على ما اتضح سابقا ـ فيما اذا كان الظهور محرزا ، فانه بعد احرازه يكون المورد صالحا لتطبيق اصالة الظهور ، واما اصالة عدم القرينة فموردها مناقض تماما لمورد اصالة الظهور ، ان موردها الشك في الظهور ، فانه عند الشك في الظهور من جهة احتمال الغفلة (١) تجري اصالة عدم القرينة لنفي احتمال القرينة وبالتالي لاحراز الظهور.

اذن مورد اصالة الظهور هو حالة احراز الظهور بينما مورد اصالة عدم القرينة هو حالة الشك في الظهور من جهة احتمال الغفلة عن القرينة ، وبعد اختلاف المورد بهذا الشكل فلا معنى لان يقال ان هذا الاصل يرجع الى ذاك او ذاك يرجع الى هذا.

قوله ص ٢٦٩ س ١٥ كثيرا ما لا ينثلم : لعل التقييد بالكثرة دون الدوام من جهة ان القرينة قد تزيل الظهور التصوري احيانا كما لو كثر استعمالها واقترانها

__________________

(١) واما اذا كان من جهة احتمال اسقاط الناقل للقرينة فقد تقدم انه لا تجري اصالة عدم القرينة بل يتمسك بالشهادة الضمنية للناقل

١٦٠