الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ١

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
المطبعة: قلم
الطبعة: ١
ISBN: 964-91029-3-0
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٤٩٢

قوله ص ١٠٧ س ١٦ الى متعلق الوجوب :

وهو الواجب اي الصلاة في مثالنا ، والاكرام في مثال الكتاب.

قوله ص ١٠٨ س ٦ تبعا لقابلية طرفيه :

فاذا كان الطرفان قابلين للصدق على كثيرين كالسير والبصرة كان معنى كلمة « من » قابلا للصدق على كثيرين ايضا.

٣٦١
٣٦٢

أدوات الطّلب

٣٦٣
٣٦٤

الأمر أو أدوات الطّلب :

قوله ص ١٠٩ س ١ ينقسم ما يدل على الطلب ... الخ :

هناك وسيلتان لحصول الطلب هما :

١ ـ الامر : مثل صم ، صلّ ، حجّ ، وهلم جرّا. وللامر مادة وهيئة ، والمقصود من المادة كلمة الامر ومشتقاتها مثل آمرك بالصلاة او انت مأمور بها وهكذا ، والمقصود من الهيئة مثل صلّ وصم وهكذا ، وكما ان هيئة الامر تدل على الطلب كذلك مادة الامر تدل عليه.

٢ ـ الجملة الخبرية المستعملة في مقام الطلب مثل قول الامام عليه‌السلام : « يعيد » حينما يسأله السائل عمّن شك في صلاته بين الركعة الاولى والثانية ، فان جملة « يعيد » جملة خبرية استعملت بداعي الطلب فتكون دالة عليه.

وهناك فارق بين الوسيلتين في كيفية الدلالة على الطلب ، فالثانية تدلّ عليه مع العناية ، فان الجملة الخبرية تدل مباشرة على الاخبار ولا تدل على الطلب وانما الطلب يستفاد منها بعد اعمال عناية يأتي ايضاحها عند شرح ص ١١٩ ، وهذا بخلافه في الوسيلة الاولى ، فانها تدل على الطلب مباشرة ومن دون حاجة الى اعمال عناية.

القسم الاول.

ويمكن ان نمنهج الحديث في هذا القسم ضمن النقاط التالية :

٣٦٥

١ ـ ما هي حقيقة الطلب لغة؟ لو رجعنا الى القواميس اللغوية لرأيناها تعرفه بالسعي وراء المقصود ، فمن فقد شيئا معينا واخذ بالتفتيش عنه والسعي للعثور عليه سمّي سعيه بالطلب.

والسعي وراء المقصود له شكلان ، فتارة يسعى الانسان بنفسه للبحث عنه واخرى يأمر غير بالبحث عنه ، فان الآمر باصداره للامر يكون ساعيا بشكل ما وراء المقصود ، والشكل الاول يسمى بالطلب التكويني بينما الثاني يسمى بالطلب التشريعي.

٢ ـ لا شك في دلالة كلمة « الامر » ـ المعبر عنها بمادة الامر ـ ومشتقاتها على الطلب ، وهذا لعله من الواضحات ، فان كل انسان عرفي يفهم من قولك « آمرك بالجد والاجتهاد » : اطلب منك الجد والاجتهاد ، ونستدرك لنقول : ان كلمة « الامر » وان كانت دالة على الطلب ولكن لا كل طلب بل خصوص الطلب من العالي الى الداني ، اما من المساوي الى المساوي او من الداني الى العالي فلا يسمى بالامر بل يسمى بالطلب من دون التعبير عنه بكلمة « الامر ».

٣ ـ في النقطة السابقة ذكرنا ان مادة الامر تدل على الطلب ، والآن نأتي الى صيغة الامر مثل صل وصم ونحوهما لنرى هل تدل على الطلب ايضا او لا؟ والصحيح انها تدل على الطلب كما كانت كلمة « الامر » تدل عليه ولكن مع فارقين :

أ ـ ان كلمة « الامر » تدل على الطلب مباشرة ومن دون توسيط واسطة فان قولك : « آمرك بالاجتهاد » معناه اطلب منك الاجتهاد ، وهذا بخلافه في صيغة الامر مثل صلّ وصم فانها ابتداء لا تدل على الطلب بل على النسبة الارسالية ، اي ارسال المكلف الى الصلاة ، وبما ان ارسال المرسل نحو سعى منه الى

٣٦٦

مقصوده (١) فيصدق على ارساله وينتزع منه عنوان الطلب ، فصيغة صلّ اذن لا تدل ابتداء على الطلب بل على الارسال وبتبع دلالتها على الارسال تدل على الطلب ، فان الدال على منشأ الانتزاع دال على العنوان الانتزاعي.

ب ـ ان كلمة « الامر » تدل على الطلب بمفهومه الاسمي ، فان المفهوم الاسمي للطلب هو كلمة « الطلب » ، وواضح ان كلمة « الامر » تدل على الطلب بحيث يمكننا ابدالها بكلمة « الطلب » وهذا بخلافه في صيغة الامر ، فان مثل كلمة « صل » وان كانت دالة على الطلب الاّ ان الدال على ذلك هو هيئتها ، وواضح ان الهيئة تدل على النسبة ولا تدل على مفهوم الطلب الذي هو مفهوم اسمي بل تدل على الارسال والطلب بنحو النسبة.

٤ ـ ان صيغة صلّ يصدق على مجموعها ـ مادة وهيئة ـ عنوان الطلب ، فنحن عرفا نقول ان قوله تعالى « أَقِمِ الصَّلاةَ » طلب فنطلق على نفس كلمة « اقم » عنوان الطلب ، وما ذاك الاّ من جهة ان صدور الصيغة من قبل المولى فيما اذا كان بداعي تحصيل المقصود هو نحو سعي منه الى المقصود ، وكل سعي الى المقصود يصدق عليه عنوان الطلب كما تقدم.

٥ ـ ذكرنا فيما سبق ان مادة الامر وصيغته تدلان على الطلب ، والآن نريد التعرف على انه هل تدلان على خصوص الطلب الوجوبي او على مطلق الطلب؟ والصحيح انهما تدلان على خصوص الطلب الوجوبي ، فان المتبادر من كلمة « صل » وكلمة « الامر » خصوص الطلب الوجوبي لا مطلق الطلب ، وهذا لعله شيء واضح ولا اختلاف فيه ، وانما الاختلاف في منشأ هذا التبادر وسببه ،

__________________

(١) نظير من يرسل كلبه لاصطياد الفريسة ، فانه يصدق على ارساله الكلب انه طلب الفرسية ، اذ هو نحو من السعي وراء المقصود.

٣٦٧

والاتجاهات في تفسيره ثلاثة :

الاول : ان يقال ان سبب الدلالة هو الوضع ، فكلمة « صل » وكلمة « الامر » تدلان على الطلب الوجوبي من جهة انهما وضعتا لذلك ، فالوضع للطلب الوجوبي هو السبب لتبادر الوجوب. ولكن من الواضح عدم امكان الجزم بكون الوضع هو السبب لتبادر الوجوب الاّ بعد ابطال الاتجاهين الاخيرين ، اذن التبادر بعد ابطال الاتجاهين الاخيرين دليل على ان منشأ التبادر هو الوضع.

الثاني : ما ذهب اليه الميرزا (١) من ان سبب الدلالة ليس هو الوضع بل حكم العقل ، فكلمة « الامر » وصيغته تدلان على الطلب فقط من دون دلالة على الوجوب ولكن الطلب بعد صدوره من المولى وعدم اقترانه بالترخيص يحكم العقل عليه بالوجوب ، فالوجوب اذن على هذا الاساس حكم عقلي وليس مدلولا وضعيا.

ويرده :

١ ـ انه بمجرد صدور الطلب بدون اقترانه بالترخيص في الترك لا يحكم العقل بالوجوب ، فقد يصدر الطلب غير مقترن بالترخيص ومع ذلك لا يحكم العقل بالوجوب كما لو اطّلع على ان ملاك الطلب ـ الذي فرض عدم اقترانه بالترخيص في الترك ـ ضعيف ، فالوجوب اذن مسبب عن قوة الملاك ، وما هو الكاشف عن قوة الملاك؟ انه الامر ، فان امر صل وصم وغيرهما يفهم منه العرف حينما يسمعه ان الملاك في الصلاة والصوم قوي فيحكم العقل حينذاك بالوجوب.

والخلاصة : ان صدور الطلب من دون ترخيص ليس هو السبب لحكم العقل بالوجوب كما يدعيه الميرزا بل السبب لذلك قوة الملاك التي يكشف عنها

__________________

(١) واختاره السيد الخوئي ايضاً.

٣٦٨

الامر ، فلفظ الامر اذن له المدخلية الكاملة لاستفادة الوجوب وليس الطلب بضميمة عدم صدور الترخيص كافيا في حكم العقل بالوجوب.

٢ ـ لو صدر دليلان احدهما يقول « اكرم العالم » والاخر يقول « لا يجب اكرام احد » فما هو الموقف اتجاه هذين الدليلين؟ ان الموقف حسب ما يقوله الاصوليون وحسب ما هو المرتكز في الاذهان العرفية ايضا تخصيص الدليل الثاني بالاول فتكون النتيجة : لا يجب اكرام احد الا العالم فانه يجب اكرامه ، هذه هي النتيجة التي يبني عليها الاصوليون والحال ان لازم هذا الاتجاه الثاني عدم وجوب اكرام احد حتى العالم لان الدليل الاول انما يصير مخصصا للثاني فيما لو كان الاول دالا على الوجوب ، اذ بدلالته على وجوب اكرام العالم ترفع اليد عن عموم لا يجب اكرام احد ، وواضح انه بناء على الاتجاه الثاني لا يكون الدليل الاول دالا على الوجوب لاقترانه بما يدل على الترخيص في الترك فانه مقترن بالدليل الثاني الدال بواسطة عمومه على جواز ترك اكرام كل شخص حتى العالم ، ومع عدم دلالة الدليل الاول على الوجوب لا يكون مخصصا للدليل الثاني بل يحكم بجواز ترك اكرام كل شخص حتى العالم ، وهذا مما لا يلتزم به احد حتى الميرزا قدس‌سره.

٣ ـ ما المراد من عدم الترخيص في الترك الذي لا بد من افتراض اقترانه بالطلب حتى يحكم العقل بالوجوب؟ ان فيه ثلاثة احتمالات :

أ ـ ان يراد : لو صدر الطلب ولم يتصل به الترخيص فالعقل يحكم بالوجوب. وهذا الاحتمال باطل لان لازمه ان الطلب بمجرد صدوره يحكم العقل بالوجوب ما دام لم يتصل به الترخيص بحيث لو صدر الترخيص بعد يوم او يومين رفض من جهة منافاته لحكم العقل بالوجوب ، مع انه من الامور الواضحة

٣٦٩

ان الترخيص يقبل ولا يرفض حتى لو صدر بعد يوم او يومين ويحكم بعدم الوجوب.

ب ـ ان يراد : لو صدر الطلب ولم يصدر الترخيص المتصل ولا المنفصل فالعقل يحكم بالوجوب. وهذا الاحتمال باطل ايضا اذ لازمه ان لا يحكم العقل بالوجوب ابدا فانه في كل آن يحتمل العقل صدور الترخيص الآن او فيما بعد.

ج ـ ان يراد : لو صدر الطلب ولم يعلم المكلف بالترخيص فالعقل يحكم بالوجوب ، وعلى اساس هذا الاحتمال يحكم العقل بالوجوب وان احتمل صدور الترخيص بعد مدة لانه بالتالي لا يعلم بالترخيص ومع عدم العلم بالترخيص يحكم بالوجوب. وهذا الاحتمال باطل ايضا اذ كلامنا في الوجوب الواقعي وانه ما هي النكتة لفهم الوجوب الواقعي هل هي الوضع او العقل او شيء آخر ، وواضح ان الوجوب الواقعي لا يناط بالعلم ولا بعدم العلم وانما الذي يناط بذلك تنجز الوجوب ، فالوجوب يتنجز عند عدم العلم بالترخيص ولا يتنجز عند العلم بالترخيص ، والمفروض ان كلامنا ليس في تنجز الوجوب بل في الوجوب الواقعي.

والخلاصة : ان في المراد من عدم الترخيص ثلاثة احتمالات كلها باطلة فيثبت ان اصل هذا الاتجاه باطل.

الثالث : ان السبب لدلالة الامر على الوجوب هو الاطلاق ومقدمات الحكمة ، ويمكن توضيح ذلك باحد بيانات ثلاثه :

البيان الاول (١) : ويمكن منهجة هذا البيان ضمن النقاط التالية :

ان الوجوب عبارة عن ارادة الشيء ارادة شديدة بينما الاستحباب عبارة

__________________

(١) وهو للشيخ العراقي في بدايع الافكار ص ٢١٤.

٣٧٠

عن ارادة الشيء ارادة ضعيفة.

ب ـ ان شدة الارادة ليست الاّ نفس الارادة نظير شدة السواد فانها بمعنى وجود سواد اكثر ، واما ضعف الارادة فهو عبارة عن عدم الارادة نظير ضعف السواد ، فانه بمعنى عدم السواد الزائد ، وبكلمة اخرى : الارادة الشديدة مركبة من جزئين : ارادة وشدة ، وحيث ان الشدة عبارة اخرى عن نفس الارادة فالارادة الشديدة اذن كلها ارادة وما به الامتياز عين ما به الاشتراك ، وهذا بخلاف الارادة الضعيفة فانها مركبة من جزئين : ارادة وضعف ، وحيث ان الضعف عبارة عن عدم الارادة فالارادة الضعيفة اذن مركبة من ارادة وعدم ارادة وليست كلها ارادة ، اذ ما به الامتياز مغاير لما به الاشتراك ، فما به الاشتراك هو الارادة بينما ما به الامتياز هو عدم الارادة.

ج ـ ان الذي يحتاج الى بيان اكثر هو الارادة الضعيفة حيث تحتاج الى دالين : دال على الارادة ودال آخر على عدم الارادة بينما الارادة الشديدة لا تحتاج الى دالين بل تكتفي بدال واحد يدل على اصل الارادة ، لان المفروض انها ارادة لا غير.

والنتيجة من خلال هذه النقاط الثلاث ان الامر يدل على الوجوب اذ الامر يدل على الارادة فقط وحيث ان الوجوب هو ارادة خالصة فيكون هو المدلول للامر. هذه حصيلة البيان الاول.

ويرده : ما ذكره جماعة من ان مقدمات الحكمة مقدمات عرفية ، والعرف لا يطبقها في المجالات التي تستدعي افتراضات دقيقة غير عرفية كما هو الحال في هذا البيان فانه يشتمل على افتراضات غير عرفية مثل ما ذكر في النقطة الثانية من ان شدة الارادة ارادة بخلاف ضعف الارادة فانه عدم ارادة فيكون ما به

٣٧١

الامتياز عين ما به الاشتراك في الارادة الشديدة دون الارادة الضعيفة.

البيان الثاني (١) : وهو مركب من مقدمتين :

١ ـ ان حقيقة الوجوب عبارة عن طلب الفعل ولكن ليس هو فقط اذ طلب الفعل ثابت في المستحبات ايضا فلا بد من فرض ضميمة ، وفي الضميمة احتمالان :

أ ـ ان تكون عبارة عن النهي بمعنى ان الوجوب عبارة عن طلب الفعل مع اضافة قيد آخر وهو النهي ، فهو ـ الوجوب ـ طلب الفعل مع النهي عن الترك.

وهذا الاحتمال باطل فان النهي كما هو ثابت في الوجوب ثابت في الكراهة ايضا فان الكراهة تشتمل على النهي ايضا ، ومع ثبوته في الكراهة يكون النهي جنسا شاملا للوجوب والكراهة ، واذا كان جنسا فلا يمكن ان يكون هو الضميمة المنضمة الى طلب الفعل والاّ يلزم تركب حقيقة الوجوب من جنسين هما طلب الفعل والنهي ، وواضح ان حقيقة الشيء لا تتركب من جنسين بل من جنس وفصل (٢).

__________________

(١) لم نعرف قائله بعد المراجعة الطويلة

(٢) لعل قائلا يقول : ان الضميمة لو جعلناها عبارة عن اصل النهي فالبيان المذكور تام لان النهي جنس صادق على الوجوب والكراهة معا ، وحقيقة الشيء لا تتركب من جنسين ، ولكن لم لا نفرض الضميمة هي النهي عن الترك فان النهي المضاف الى الترك يختص بالوجوب ولا يشمل الكراهة.

والجواب : ان اصل النهي لو كان جنسا فباضافته الى الترك لا يصير فصلا بل يصير جنسا مقيدا ، ومن الواضح ان حقيقة الشيء لا تتركب من جنس وجنس مقيد بل من جنس وفصل.

هذا ويبقى لنا الحق في ان نقول ان هذا التطويل لا داعي له فبالامكان ان يقال : ان النهي عن الترك ليس هو الضميمة لانه ثابت في المستحبات ايضا ، وهذا اوضح واخصر وامتن.

٣٧٢

ب ـ ان تكون الضميمة عبارة عن عدم الترخيص في الترك ، فالوجوب عبارة عن طلب الفعل مع عدم الترخيص في الترك بخلاف الاستحباب فانه طلب الفعل مع الترخيص في الترك. وهذا الاحتمال هو الصحيح.

اذن الوجوب مركب من جزئين احدهما وجودي وهو طلب الفعل وثانيهما عدمي وهو عدم الترخيص في الترك بينما الاستحباب مركب من جزئين كلاهما وجودي.

٢ ـ وبعد هذا نسأل ايهما يحتاج الى بيان اكثر فهل الوجوب يحتاج الى بيان اكثر او الاستحباب؟ الصحيح ان الاستحباب يحتاج الى بيان اكثر اذ هو مركب من جزئين كلاهما وجودي ، وكل امر وجودي يحتاج الى بيان يدل عليه ، فالاستحباب اذن يحتاج الى بيانين : بيان للجزء المشترك وهو طلب الفعل وبيان للجزء الثاني وهو الترخيص في الترك ، وهذا بخلاف الوجوب فانه يحتاج الى بيان واحد يبين الجزء المشترك ولا يحتاج الى بيان آخر للجزء الثاني فان الجزء الثاني وهو عدم الترخيص في الترك امر عدمي والامر العدمي ليس شيئا حتى يحتاج الى بيان بل هو عدم شيء. وبكلمة اخرى : الامر العدمي ليس شيئا زائدا على الجزء الاول المشترك ـ اذ لو كان زيادة لما كان عدما بل وجودا ـ فلا يحتاج الى بيان زائد.

ويمكن صياغة المقدمة الثانية بعبارة اخرى بان نقول : اذا كان عندنا كلام ـ مثل امر اغتسل ـ يدل على حيثية مشتركة هي طلب الفعل ودار امرها بين ان يكون المقصود منها الطلب الاستحبابي الذي هو حقيقة مائزها امر وجودي تعين الحمل على الطلب الوجوبي ، لان الحيثية الاولى للطلب الوجوبي وهي اصل

٣٧٣

طلب الفعل يفي بها امر اغتسل مثلا ، والحيثية الثانية لا تحتاج الى بيان زائد لكونها امرا عدميا. هذه حصيلة البيان الثاني.

ويرده : ان عدم الترخيص في الترك الذي هو الحيثية الثانية في الوجوب وان كان امرا عدميا الاّ انه ليس كل امر عدمي لا يراه العرف زيادة بل بعض الاعدام يراها العرف زيادة تحتاج الى بيان كما هو الحال في عدم الترخيص في المقام فان العرف يراه شيئا آخر زائدا على طلب الفعل وبحاجة الى بيان زائد بشهادة ان العرف حينما نساله عن حقيقة الوجوب يجيبنا انه عبارة عن جزئين : طلب الفعل وعدم الترخيص في الترك ، فلو كان عدم الترخيص ليس شيئا زائدا على طلب الفعل فمن المناسب تفسير الوجوب بطلب الفعل فقط.

هذا مضافا الى ان عدم الترخيص لو لم يكن شيئا زائدا ومغايرا لطلب الفعل يلزم كون النسبة بين الوجوب والاستحباب كنسبة المركب من جزء واحد الى المركب من جزئين اي كنسبة الاقل الى الاكثر ـ كالحيوان الى الانسان فانه يعد عرفا اقل والانسان اكثر لتركبه من حيوانية وناطقية ـ والحال ان ذلك مخالف للوجدان العرفي فانه يرى النسبة بين الوجوب والاستحباب نسبة المباين الى المباين لا الاقل الى الاكثر.

البيان الثالث : ان صيغة الامر تدل على الارسال ، فصيغة ادرس مثلا تدل على الارسال للدرس والدفع اليه نظير ارسال الكرة للهدف ، فكلاهما ارسال الاّ ان هذا ارسال الى الدرس وذاك ارسال الى الهدف.

ثم ان الارسال يلازم سدّ باب العودة والمخالفة ، فكما ان مرسل الكرة بارساله لها يكون قد سد عليها باب الرجوع والعودة والاّ لما كان ارساله ارسالا فكذلك الارسال الى الدرس يلازم سدّ باب المخالفة وعدم التحرك الى الدرس.

٣٧٤

وبعد هذا نقول : ان الارسال الملازم لسد باب المخالفة يتناسب مع اي حكم فهل يتناسب مع الوجوب او يتناسب مع الاستحباب؟ لا اشكال في تناسبه مع الوجوب ، اذ في الوجوب يكون باب المخالفة مسدودا بخلافه في الاستحباب فانه ليس مسدودا.

ويبقى علينا بعد هذا ان نتعرف على الطريق لاثبات ان الحكم المقصود للمولى هو الوجوب دون الاستحباب ، فهل ان مناسبة الارسال للوجوب تكفي وحدها لتعيّن الوجوب او لا؟ والجواب : ان الاطلاق هو الذي يعين كون المقصود للمولى هو الوجوب دون الاستحباب ، اذ لو كان مراد المولى الحكم الذي لا يتناسب مع الارسال لزمه بيان ذلك فسكوته عن بيانه دليل على ان مقصوده هو الحكم المناسب للارسال. هذه هي حصيلة البيان الثالث.

وهو وجيه فان تم فبها والاّ فالمتعين في وجه الدلالة على الوجوب هو الوضع.

قوله ص ١٠٩ س ٩ بل الطلب التشريعي :

اما الطلب التكويني فواضح انه ليس مدلولا لكلمة « الامر ».

قوله ص ١١٠ س ٣ دلالة :

الصواب : دالة.

قوله ص ١١٠ س ٣ بالدلالة التصورية :

اي بالدلالة الوضعية ، فان الدلالة الوضعية هي الدلالة التصورية على غير مسلك التعهد.

قوله ص ١١٢ س ٧ ولو بنحو غير مستقر :

التعارض غير المستقر هو كتعارض العام والخاص حيث ان التعارض

٣٧٥

بينهما يزول بسبب الجمع العرفي بينهما بالتخصيص.

قوله ص ١١٢ س ٧ بين الامر العام :

الصواب : بين الامر والعام.

قوله ص ١١٢ س ١٣ والالتزام بالوجود :

الصواب : بالوجوب.

قوله ص ١١٣ س ٢ ويقين المكلف به :

عطف على « احراز ».

قوله ص ١١٣ س ٩ بحسب الغرض :

الصواب : بحسب الفرض.

قوله ص ١١٤ س ٥ لانها بحدها :

حد الارادة الشديدة : الشدة. وحد الارادة الضعيفة : الضعف. والمراد من المحدود نفس الارادة.

قوله ص ١١٤ س ٨ فلو كانت هي :

اي لو كانت الارادة الضعيفة هي المقصودة من الامر.

قوله ص ١١٥ س ٢ والمنع :

عطف تفسير للنهي.

قوله ص ١١٥ س ٣ لان النهي عن شيء :

انما قال عن شيء ولم يقل عن الترك لان الثابت في المكروه ليس هو النهي عن الترك بل النهي عن الفعل.

يبقى شيء وهو ان اصل النهي وان كان ثابتا في المكروه ايضا بيد ان النهي عن الترك يختص بالوجوب فلم لا تجعل الضميمة هي النهي عن الترك لا اصل

٣٧٦

النهي؟ والجواب عن هذا ذكرناه سابقا وهو ان اصل النهي اذا كان جنسا شاملا للمكروه ايضا فبتقييده بالترك لا يصير فصلا بل يصير جنسا مقيدا ، والشيء كما لا يتركب من جنسين مطلقين كذا لا يتركب من جنس مطلق وجنس مقيد وانما يتركب من جنس وفصل.

قوله ص ١١٦ س ١٠ بنحو المعنى الحرفي :

اذ ان هيئة « ادرس » ككل هيئة تدل على النسبة ولا تدل على الارسال بمفهومه الاسمي ، فان الارسال بمفهومه الاسمي عبارة عن كلمة « الارسال » ولا اشكال في ان هيئة « ادرس » لا ترادف كلمة « الارسال ».

قوله ص ١١٦ س ١١ لسد تمام ابواب العدم للتحرك والاندفاع :

لعل العبارة الواضحة ان يقال : لسد باب عدم التحرك والاندفاع.

قوله ص ١١٦ س ١٢ فمقتضى اصالة التطابق ... الخ :

المدلول التصوري هو المعنى المستعمل فيه وهو الارسال ، والمدلول التصديقي عبارة عن القصد والارادة ، والمعنى : ان الاصل ان يكون المقصود الواقعي مطابقا ومشابها للارسال الذي استعملت فيه صيغة « ادرس » ، ومعه يثبت كون المقصود الواقعي هو الوجوب اذ ارادته لا تحتاج الى بيان زائد بخلاف ما لو كان الاستحباب هو المقصود ، فان ارادته تحتاج الى بيان زائد.

ثم لا يخفى ان اصالة التطابق المذكورة هنا تختلف قليلا عن اصالة التطابق في سائر الموارد ، ففي سائر الموارد تطبق اصالة التطابق لاثبات ان المدلول التصوري هو المراد واقعا ، فحينما يقال « اعتق رقبة » فالمدلول التصوري هو مطلق الرقبة ، وباصالة التطابق يثبت ان هذا الاطلاق مراد واقعا ، واما هنا فالمدلول التصوري هو الارسال وباصالة التطابق لا يراد اثبات ان الارسال مراد

٣٧٧

واقعا بل اثبات ان المراد واقعا معنى يناسب الارسال وهو الوجوب.

الثمرة بين الاتجاهات.

قوله ص ١١٧ س ١ وتترتب فوارق عملية ... الخ :

بعد اتضاح الاتجاهات الثلاثة في تفسير نكتة استفادة الوجوب وهي : الوضع ، حكم العقل ، مقدمات الحكمة قد تسأل عن الفارق العملي بينها رغم انها جميعا تثبت الوجوب ، ان الفارق يظهر في موردين :

١ ـ اذا استعملت صيغة الامر في الاستحباب فقيل مثلا « اغتسل للجمعة » ، فهذا الاستعمال في الاستحباب بناء على الاتجاه الاول القائل بالوضع يكون مجازا لان الصيغة موضوعة للوجوب فاستعمالها في الاستحباب مجاز ، بينما على الاتجاه الثاني يكون استعمالها حقيقيا ، اذ صاحب الاتجاه الثاني يقول ان الصيغة موضوعة لاصل الطلب واستفادة الوجوب منها يكون بحكم العقل ، ومن الواضح انه في حالة ارادة الاستحباب تكون الصيغة مستعملة في اصل الطلب ايضا غاية الامر لا يحكم العقل بالوجوب لاجل الترخيص في ترك الغسل.

واما على الاتجاه الثالث فالاستعمال حقيقي ايضا ، اذ عليه تكون الصيغة موضوعة للطلب واستفادة الوجوب منها يكون بالاطلاق فاذا لم يرد الوجوب فاقصى ما يلزم تقييد الاطلاق لا استعمال الصيغة في غير معناها ـ وهو الطلب ـ وواضح ان تقييد الاطلاق ـ مثل اعتق رقبة مؤمنة ـ لا يلزم منه المجازية لان ارادة المقيد تكون بدال آخر ـ مثل قيد مؤمنة ـ من دون استعمال المطلق في غير معناه.

٢ ـ وهذه الثمرة مترتبة على الاولى وحاصلها : ان يقال انه لو وردت اوامر

٣٧٨

متعددة في سياق واحد ـ مثل اغتسل للجمعة وصل صلاة الليل وادع عند رؤية الهلال ـ فاذا فرض العلم من الخارج بان المقصود من الجملة الاولى والثانية هو الاستحباب وشككنا في الجملة الثالثة فلم ندر ان المقصود منها هو الاستحباب ايضا او الوجوب ففي مثل هذه الحالة هل يمكن ان نجعل الجملة الاولى والثانية قرينة على ان المراد من الثالثة هو الاستحباب ايضا ـ تمسكا بقرينة وحدة السياق ـ او لا؟ هنا تظهر الثمرة الثانية ، فعلى الاتجاه الاول اي القول بالوضع يصح التمسك بقرينة وحدة السياق حيث ان صيغة اغتسل وصلّ لم يرد منهما المعنى الموضوع له وهو الوجوب بل اريد منهما المعنى المجازي وهو الاستحباب واستعملتا في هذا المعنى المجازي ، وما دامتا قد استعملتا في الاستحباب فيلزم ان تكون الجملة الثالثة مستعملة في الاستحباب ايضا لئلا يلزم التفكيك في السياق الواحد ، واما بناء على الاتجاه الثاني ـ وهو استفادة الوجوب من حكم العقل ـ فلا يمكن التمسك بقرينة وحدة السياق ، اذ على هذا الاتجاه تكون الصيغة مستعملة في اصل الطلب واستفادة الوجوب والاستحباب تحصل بواسطة اقتران الترخيص في الترك وعدمه ، وما دامت مستعملة في اصل الطلب في جميع الجمل الثلاث فلا يلزم محذور التفكيك في السياق الواحد ، بل كلها مستعمل في اصل الطلب غاية الامر اقترن الطلب في الجملة الاولى والثانية بالترخيص في الترك المستفاد من دليل خارجي كالاجماع وغيره فحكم العقل بالاستحباب ، بينما لم يقترن بالجملة الثالثة فحكم بالوجوب ، فالتفكيك اللازم تفكيك في حكم العقل لا في المعنى المستعمل فيه.

واما على الاتجاه الثالث ـ وهو استفادة الوجوب من الاطلاق ومقدمات الحكمة ـ فايضا لا يلزم من ارادة الوجوب تفكيك السياق الواحد لاستعمال

٣٧٩

الصيغة في جميع الجمل الثلاث في اصل الطلب ايضا ، والوجوب يستفاد من اطلاق الصيغة والاستحباب من تقييدها.

قوله ص ١١٧ س ٣ ومن جملتها :

لا حاجة الى الواو.

قوله ص ١١٧ س ٤ واستعمال اللفظ :

عطف تفسير على التجوز.

قوله ص ١١٧ س ٥ الى تقييد الاطلاق :

اي وحيث ان تقييد الاطلاق يحصل بدال آخر فلا تلزم المجازية نظير قولنا اعتق رقبة مؤمنة ، فان الرقبة وان قيدت بالايمان ولكن لا يلزم من ذلك مجازيتها لاستعمالها في طبيعي الرقبة والتقييد يستفاد من دال آخر وهو كلمة « مؤمنة ».

قوله ص ١١٧ س ٨ وعليه فاذا جاءت :

اي وعلى اساس الثمرة السابقة تترتب هذه الثمرة الثانية ، وهذا شروع في الثمرة الثانية.

قوله ص ١١٨ س ١ بل كلها ذات معنى واحد :

وهو اصل الطلب.

قوله ص ١١٨ س ٢ ولكنه اريد في بعضها مطلقا :

المراد من هذا البعض هو الجملة الثالثة ، ومن البعض الثاني هو الجملة الاولى والثانية.

قوله ص ١١٨ س ٢ مقيدا :

اي ولكن هذا التقييد بدال آخر.

٣٨٠