الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ١

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
المطبعة: قلم
الطبعة: ١
ISBN: 964-91029-3-0
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٤٩٢

المختار في المسألة

قوله ص ٤٦٧ س ١٩ والظاهر انه لا ينبغي الشك ... الخ :

وهل الصواب ان لفظ البيع مثلا موضوع للبيع الصحيح شرعا او للبيع الصحيح عند العقلاء او للاعم من الصحيح والفاسد؟ والاحتمالات ثلاثة :

أ ـ الوضع لخصوص ما هو صحيح في نظر الشارع.

ب ـ الوضع لخصوص ما هو صحيح في نظر العقلاء.

ج ـ الوضع للاعم من الصحيح والفاسد.

وحيث ان الاحتمالين الاولين باطلان فالمتعين هو الاحتمال الثالث.

اما ان الاحتمال الاول باطل فبأعتبار ان كلمة البيع ونظائرها كانت ثابتة عند العرب قبل الاسلام وكانت موضوعة في الجاهلية لمعانيها المتداولة اليوم ، ومعه فكيف تكون موضوعة للمعاملة الصحيحة في نظر الاسلام بعد ما كانت المعاملة الصحيحة في نظر الاسلام جاءت بعد الاسلام ولم تكن قبله.

واما ان الاحتمال الثاني باطل فباعتبار ان كلمة البيع اذا كانت موضوعة للصحيح العقلائي فهي اما موضوعة لمفهوم الصحيح العقلائي ـ الذي هو عبارة اخرى عن كلمة الصحيح العقلائي ـ وهو باطل والا يلزم الترادف بين كلمة البيع وكلمة الصحيح العقلائي كالترادف بين اسد وغضنفر ، واما موضوعة لا لمفهوم الصحيح العقلائي بل لواقعه الذي هو عبارة عن مجموع الاجزاء والشرائط المعتبرة في المعاملة الصحيحة عند العقلاء وهو باطل ايضا ، اذ واقع البيع الصحيح عند العقلاء قد يكون عشرة اجزاء في زمان من الازمنة وقد يكون تسعة اجزاء

٢٨١

في زمان آخر وفي نظر عقلاء آخرين ، كما ان الامكنة قد تؤثر ، فلرب الاجزاء في نظر العقلاء في مكان تكون بمقدار معين بينما بنظر عقلاء آخرين في مكان آخر تكون بمقدار آخر ، ومعه يلزم تغير معنى كلمة البيع باختلاف الازمنة والامكنة وهو باطل جزما فان معناها واحد في جميع الازمنة والامكنة.

وعلى هذا فالصواب ان كلمة البيع ونظائرها موضوعة لصورة المعاملة ـ وصورة المعاملة تتقوم بامرين : الانشاء بالقول او الفعل ، والملكية التي هي المنشأ ـ الشاملة للصحيحة والفاسدة.

قوله ص ٤٦٧ س ٦ المسبب القانوني :

وهو الملكية الشرعية او العقلائية ، وكلمة القانوني مشوّشة ، والاولى حذفها ، وانما اطلق على الملكية الشرعية والعقلائية كلمة القانون باعتبار ان الشارع يحكم بالملكية عند تحقق السبب بنحو القانون الكلي العام من دون ان يحكم بالملكيات الخاصة التي هي ليست قانونا عاما ، وهكذا الحال في الملكية العقلائية.

قوله ص ٤٦٧ س ٩ وهو تحقق :

اي تحقق المسبب القانوني معناه تحقق الملكية القلبية وصيرورتها ملكية خارجية بسبب حكم الشارع او العقلاء.

قوله ص ٤٦٧ س ١٠ اما من قبل ... الخ :

هذا متصل بقوله « وهو تحقق » ، اي تحقق الملكية القلبية في الخارج اما بسبب حكم الشارع والعقلاء بالملكية او بسبب حكم العقلاء فقط.

قوله ص ٤٦٧ س ١٢ الشخصي :

صفة للتمليك لا للعوض. والمراد من الشخصي التمليك القلبي الخاص الذي

٢٨٢

يعتبره المتعاملان في قلبهما.

قوله ص ٤٦٧ س ١٢ والتمليك اليه :

اي التمليك للطرف الآخر ، وكلمة « القانوني » صفة للتمليك لا للعوض اي التمليك الشرعي الذي يتسبب له المتعاقدان ويريدان الوصول اليه بواسطة الملكية التي اعتبراها في قلبهما.

قوله ص ٤٦٧ س ١٤ ويكون تحليله الى انشاء معاملي ونتيجة قانونية :

المقصود من الانشاء المعاملي الملكية القلبية التي ينشأها المتعاملان ، ومن النتيجة القانونية الملكية الشرعية او العقلائية ، وقوله « تحليلا » مفعول مطلق لقوله « تحليله ».

قوله ص ٤٦٧ س ١٥ وعلى كل حال :

اي سواء كان التمليك متعددا حقيقة ام كان متعددا بحسب التحليل العقلي فقط.

قوله ص ٤٦٧ س ١٦ وهو المنشأ المعاملي :

اي الملكية القلبية التي يعتبرها المتعاقدان ، وقوله « حقيقة » يرتبط بقوله « صحة اطلاق » اي ان الاطلاق المذكور حقيقي ، وقوله « وعلى هذا الاساس » اي ما دامت المعاملة اسما للملكية التي يعتبرها المتعاقدان صح النزاع في وضعها للصحيح والاعم اذ قد تطابق ما يعتبره الشارع في الملكية الشرعية فتكون صحيحة وقد لا تطابقه فتكون فاسدة.

قوله ص ٤٦٧ س ٢١ وبعدها :

الصواب : وبعده.

قوله ص ٤٦٧ س ٢١ جدية :

٢٨٣

الصواب : جديدة.

قوله ص ٤٦٨ س ٢ ووقع :

الصواب : وواقع ، وقوله « ومنشأ انتزاعها » عطف تفسير على « واقع الصحة » ، وقوله « ثبوتا » اي واقعا ، وقوله « اثباتا » اي بحسب ما تقتضيه الادلة.

قوله ص ٤٦٨ س ٤ وتأرجحها :

عطف تفسير على « تغيّر معانيها ».

قوله ص ٤٦٨ س ٤ او ابهامها :

الابهام هو التغير والتأرجح. ويحتمل ان يراد به الاشارة الى شيء آخر اذ قد يقال ان كلمة البيع موضوعة لواقع الصحيح من دون تحديده بعشرة اجزاء او تسعة او اقل او اكثر حتى يلزم محذور التغير بل هي موضوعة للاجزاء من دون تحديد لها بحد معين ، قد يقال هكذا ، وجوابه : ان لازم هذا ان يكون المعنى الموضوع له مبهما وغير معين وهو باطل ايضا.

قوله ص ٤٦٨ س ٦ وقوامها :

عطف تفسير لصورة المعاملة.

قوله ص ٤٦٨ س ٧ وهو اصل الانشاء والمعنى المنشأ به :

اصل الانشاء هو الايجاب والقبول ، والمعنى المنشأ بالانشاء هو الملكية.

٢٨٤

المشتق

٢٨٥
٢٨٦

المشتق :

قوله ص ٤٦٩ س ١ ويقصد به في هذا البحث الاصولي ... الخ :

لتوضيح المقصود من هذا المبحث نذكر المثال التالي : ورد في جملة الآداب الاسلامية كراهة قضاء الحاجة ـ التغوط ـ تحت الاشجار المثمرة ، فاذا فرض ان شجرة قد انقضى عنها الاثمار ولم تكن متلبسة به بالفعل بعد ما كانت متلبسة به قبل فترة فهل يكره قضاء الحاجة تحتها ايضا او يختص الحكم بالكراهة بالشجرة المثمرة بالفعل؟ ان بحث المشتق تظهر ثمرته في هذا المثال ونظائره ، فان كلمة « المثمرة » مشتق ، فاذا قيل بوضعه لخصوص المتلبس بالفعل فلا كراهة ، اما اذا قيل بوضعه للاعم من المتلبس والمنقضي عنه التلبس فالكراهة مستمرة.

ان هذه الثمرة وامثالها هي السبب في تولد فكرة بحث المشتق في اذهان الاصوليين.

وفي البداية لا بد من التعرف على المقصود من المشتق الاصولي فهل هو يساوى المشتق النحوي او لا؟ الصحيح انه غيره ، فان المشتق النحوي عبارة عن الكلمة القابلة للتصرف مثل كلمة « ضرب » حيث نقول : ضرب ـ يضرب ـ اضرب ـ مضروب ـ ضارب ، بخلاف مثل كلمة « ليس » فانها جامدة حيث لا تقبل التصرف والتغيّر المذكور.

اما المشتق الاصولي فهو يعني كل كلمة توفر فيها عنصران :

١ ـ ان تكون قابلة للحمل على الذات ، مثل كلمة ضارب حيث يصح

٢٨٧

حملها على الذات فتقول زيد ضارب ، اي زيد هو الضارب والضارب هو زيد ، ويعبر عن هذا الحمل بحمل هو هو.

٢ ـ ان تبقى الذات عند انتفاء المبدأ ولا تزول بانتفائه ، فالمبدأ في كلمة ضارب هو الضرب (١) ، ومن الواضح عند انتفاء الضرب يبقى زيد ولا يزول ، وهذا بخلافه في كلمة الناطق فانه بانتفاء الناطقية التي هي امر ذاتي ـ اي جزء من الذات ـ لا تبقى الذات بل تزول وتتبدل الى ذات اخرى ، اذن يلزم في المبدأ ان لا يكون ذاتيا اي لا يكون جنسا ولا فصلا ولا نوعا والا لزم بانتفائه انتفاء الذات.

وبالعنصر الاول تخرج بعض المشتقات النحوية عن المشتق الاصولي ، فيضرب واضرب وضرب وكل فعل او مصدر ليس من المشتق الاصولي ـ وان كان مشتقا نحويا ـ اذ لا يصح حملها على الذات فلا تقول بنحو حمل هو هو زيد ضرب او اضرب او يضرب او ضرب ، اذ ليس زيد هو نفس ضرب ولا ضرب نفس زيد ، اجل ضرب مسند لزيد وزيد مسند اليه ولكن ذلك شيء وحمل هو هو شيء آخر.

كما انه بالعنصر الاول يدخل في المشتق الاصولي بعض الجوامد النحوية مثل كلمة « زوج » فانها جامد في علم النحو حيث لا تقبل التصرف ولكنها مشتق في الاصول حيث تحمل بحمل هو هو على الذات فتقول : زيد زوج اي هو زوج والزوج هو زيد.

وعليه فبالعنصر الاول تخرج بعض المشتقات النحوية من المشتق الاصولي وتدخل بعض الجوامد النحوية فيه.

واما العنصر الثاني فتخرج به بعض المشتقات النحوية مثل كلمة « ناطق »

__________________

(١) المبدأ لكل مشتق عبارة عن المصدر.

٢٨٨

فانها مشتق نحوي وليس مشتقا اصوليا ، اذ بزوال الناطقية ـ اي الفصل وهو النفس الناطقة ـ تزول الذات وتتبدل الى ذات اخرى.

النسبة بين المشتق النحوي والاصولي.

ومن خلال هذا كله نعرف ان النسبة بين المشتق النحوي والاصولي هي العموم والخصوص من وجه ، فليس كل مشتق اصولي مشتقا نحويا كما انه ليس كل مشتق نحوي مشتقا اصوليا بل بعض المشتق الاصولي مشتق نحوي وبعض المشتق النحوي مشتق اصولي.

الابحاث في المشتق.

وبعد التعرّف على المقصود من المشتق الاصولي نسأل : ما هي ابحاث الاصوليّين في مسألة المشتق؟ والجواب : ان لهم بحثين :

١ ـ وهو البحث المشهور بينهم ، وحاصله ان المشتق هل هو موضوع لخصوص المتلبس بالمبدأ او للاعم منه ومن المنقضي عنه التلبس ، ففي مثال قضاء الحاجة تحت الشجرة المثمرة هل كلمة « مثمرة » موضوعة لخصوص الشجرة المتلبسة بالاثمار بالفعل او للاعم. وهذا البحث بحث لغوي لانه بحث في المعنى اللغوي للمشتق.

٢ ـ بحث جانبي في تحليل معنى المشتق ، فكلمة ضارب مثلا هل تنحل الى ثلاثة اشياء : مبدأ ـ وهو الضرب ـ وذات ونسبة بينهما ـ وبناء عليه يكون معنى المشتق مركبا ـ او لا تنحل الى ذلك بل الذات ليست جزء من المعنى فيكون بسيطا.

٢٨٩

وقد قدّم في الكتاب البحث الثاني على الاول.

الاحتمالات في البساطة والتركب.

وقبل ان ندخل في البحث التحليلي لا بد من الاشارة الى المقصود من البساطة والتركب ، وفي ذلك احتمالان :

١ ـ البساطة والتركب في مقام التصور ، فكلمة « ضارب » عند سماعنا لها هل نتصور منها مفهومين ـ كما هو الحال في قولنا زيد قائم حيث نتصور مفهومين مفهوم زيد ومفهوم قائم ـ او مفهوما واحدا؟ والقائل بالتركب يقول نتصور مفهومين بينما القائل بالبساطة يقول نتصور مفهوما واحدا.

٢ ـ البساطة والتركب في مقام التحليل ، اي ان كلمة « ضارب » نتصور عند سماعنا لها مفهوما واحدا ولكن هذا المفهوم الواحد يدعي القائل بالتركب انه ينحل الى ذات ومبدأ ونسبة ، بينما القائل بالبساطة يدعي عدم انحلاله الى ذلك.

وصاحب الكفاية قدس‌سره اختار ان المقصود هو الاحتمال الاول ، ولكن الاعلام المتأخرين عنه قالوا ان الاحتمال الاول باطل جزما ، اذ من الواضح انا لا نتصور عند سماعنا لكلمة « ضارب » الاّ مفهوما واحدا لا مفهومين ، وهذا من القضايا الواضحة ولا يحتمل ان القائل بالتركب يدعي تصور مفهومين فانه مخالف للوجدان ، بل لا بد وان يكون المقصود هو البساطة والتركب في مقام التحليل ، بمعنى ان الذي نتصوره من كلمة « ضارب » مثلا مفهوم واحد جزما ولكن هذا المفهوم الواحد يدعي القائل بالتركب انحلاله الى اجزاء ثلاثة بينما القائل بالبساطة يدعي عدم انحلاله الى ذلك.

وبعد ان عرفنا ان المراد من البساطة والتركب هو البساطة والتركب

٢٩٠

التحليليان لا التصوريان قد يسأل سائل عن المنشأ لطرح احتمال بساطة المشتق والحال ان المتبادر لذهن كل انسان عرفي التركب فنفهم من كلمة « ضارب » مثلا ذاتا لها الضرب ، ان المنشأ لذلك شبهات ترد على القول بالتركب من اجلها وجد اتجاه البساطة ، وقبل التعرض لتلك الشبهات نلفت النظر الى الاقوال في مسألة البساطة والتركب.

الاقوال في البساطة والتركب.

وهي اربعة واحد منها يقول بالتركب والثلاثة الاخرى تقول بالبساطة على اختلاف في كيفية تصوير البساطة :

١ ـ ما ذكره الشيخ الاصفهاني (١) قدس‌سره من دخول الذات في معنى المشتق فهو عبارة عن الذات المتلبسة بالمبدأ ، ومعناه مركب من ثلاثة اشياء : ذات ومبدأ ونسبة بينهما ، وهذا القول قول بالتركب ، بخلاف الثلاثة الآتية فهي تشترك في القول بالبساطة.

٢ ـ ما اختاره الميرزا قدس‌سره وفاقا للمحقق الدواني (٢) من ان المشتق مركب من مادة وهيئة ، فكلمة « ضارب » مثلا مركبة من مادة وهي الضرب وهيئة وهي هيئة فاعل ، اما المادة فهي تدل على حدث الضرب فقط من دون

__________________

(١) واختاره السيد الخوئي دام ظله.

(٢) الدواني بالتخفيف نسبة الى دوان ـ على وزن هوان ـ التي هي قرية من قرى كازرون ، وهو لقب لجلال الدين ، وقيل انه من ذرية الخليفة الاول وتشيع في اواخر عمره والّف رسالة في ذلك باسم « نور الهداية » ، راجع تفصيل ترجمته في روضات الجنات في احوال العلماء والسادات ٢ : ٢٣٩.

٢٩١

دلالة على الذات ، واما الهيئة فهي لا تدل على الذات بل على ان حدث الضرب لوحظ بنحو قابل للحمل ، فان حدث الضرب تارة يلحظ بنحو لا يقبل الحمل كما هو الحال في المصدر ، فان كلمة « ضرب » مثلا لوحظ حدث الضرب فيها غير قابل للحمل ـ ويعبر عن اباء الحمل بكلمة « بشرط لا » اي بشرط عدم الحمل وإبائه ـ ولذا لا تقول زيد ضرب ، وهذا بخلاف المشتق مثل ضارب ، فان حدث الضرب فيه لوحظ بنحو يقبل الحمل ولذا تقول زيد ضارب ، ويعبر عن قبول الحمل بكلمة « لا بشرط » اي لا بشرط الاباء عن الحمل.

٣ ـ ما اختاره الآخوند قدس‌سره من ان كلمة « ضارب » مثلا تدل على عنوان بسيط وجودي ، وهذا العنوان البسيط الوجودي منتزع من الذات بلحاظ تلبسها بالمبدأ من دون ان تؤخذ الذات جزء في ذلك العنوان ـ وانما نسبة ذلك العنوان الى تلك الذات نسبة العنوان الانتزاعي الى منشأ الانتزاع ، فالذات منشأ لانتزاع ذلك العنوان من دون اخذها فيه ـ كما وانه لم يؤخذ المبدأ جزء فيه بل دور المبدأ دور المصحح لانتزاع ذلك العنوان من دون اخذه جزء (١).

٤ ـ ما اختاره الشيخ العراقي قدس‌سره من ان المشتق مركب من مادة وهيئة ، والمادة تدل على الحدث فقط كما ذكر الميرزا في القول الثاني ، واما الهيئة فهي تدل على النسبة ـ اي نسبة ذلك المبدأ الى الذات ـ من دون اخذ طرفها وهو الذات جزء في مدلولها.

قوله ص ٤٦٩ س ١ يصح جريه :

__________________

(١) اتضح من خلال ما سبق ان الآخوند قدس‌سره من القائلين بالتركب دون البساطة ، حيث قلنا ان الصحيح في المراد من التركب هو التركب بحسب التحليل والمفروض انه يقول بذلك.

٢٩٢

الجري والحمل مترادفان فالعطف تفسيري.

قوله ص ٤٦٩ س ٢ ذاتيا له :

المناسب : ذاتيا لها ، اي بشرط ان لا يكون ذلك الاسم ذاتيا للذات.

قوله ص ٤٦٩ س ٢ فتخرج اسماء الاجناس والانواع :

كان من المناسب اضافة الفصول ايضا ، فان الذاتي اما جنس او نوع او فصل. مثال الجنس : الحيوان ، فان الركن الاول وان كان متوفرا فيه ولذا تقول زيد حيوان بيد ان الركن الثاني مفقود فيه. ومثال النوع : الانسان. ومثال الفصل : الناطق.

قوله ص ٤٦٩ س ٣ الذاتية :

قيد توضيحي.

قوله ص ٤٦٩ س ٤ في مصطلح آخر :

اي في المصطلح النحوي.

قوله ص ٤٦٩ س ١٠ بمادته وهيئته :

بان يقال : ان كلمة « ضارب » مثلا تدل من حيث المادة على المبدأ ومن حيث الهيئة على الذات مع النسبة.

قوله ص ٤٦٩ س ١١ او بساطته :

عطف على تركّب.

قوله ص ٤٦٩ س ١٣ ادراكا :

اي تصورا.

قوله ص ٤٦٩ س ١٤ على نحو تركب مفاد الجملة الناقصة :

اي كما ان الجملة الناقصة ـ كقولنا باب الدار ـ تدل على معنى واحد ينحل

٢٩٣

الى ثلاثة اشياء : باب ، دار ، النسبة كذلك الحال في المشتق مثل كلمة « ضارب » فانه يدل على معنى واحد ينحل الى ثلاثة اشياء : ذات ، ضرب ، النسبة.

قوله ص ٤٦٩ س ١٥ وليس المقصود وجود مفهومين ذهنيين مستقلين :

اي كما هو الحال في الجملة التامة مثل زيد اب ، فانه يدل على مفهومين مستقلين فيحصل في الذهن عند سماعنا الجملة المذكورة مفهومان : مفهوم زيد ومفهوم اب ، وهذا بخلاف قولنا « ابو زيد » فانه جملة ناقصة لا يحصل في الذهن عند سماعها مفهومان بل مفهوم واحد ينحل الى اشياء ثلاثة.

قوله ص ٤٧٠ س ٤ فوجدت :

اي بعد ضم القول بالتركب اليها.

قوله ص ٤٧٠ س ٦ ما تقدمت الاشارة اليه :

اي ص ٣٦٩ س ١٣ بقوله « ولكنه بالتحليل مركب من حدث وذات ونسبة بينهما ».

قوله ص ٤٧٠ س ٦ على نحو النسبة الناقصة التحليلية :

اي لا على نحو النسبة التامة فانه في النسبة التامة مثل « زيد اب » يحصل في الذهن مفهومان مستقلان : مفهوم زيد ومفهوم اب ، بخلافه في النسبة الناقصة مثل « ابو زيد » فانه يحصل مفهوم واحد ينحل الى ثلاثة اشياء : اب وزيد ونسبة.

الادلة على بساطة المشتق.

قوله ص ٤٧٠ س ١٩ ومهم الشبهات التي دعت هؤلاء ... الخ :

استدل القائلون ببساطة المشتق بعدة ادلة نذكر منها ثلاثة هي :

٢٩٤

الدليل الاول :

ما تمسك به المحقق الشريف (١) في حاشيته على كتاب شرح المطالع (٢) ، وحاصله : ان المشتق لو كان مركبا فهل هو مركب من مفهوم الشيء ـ مفهوم الشيء عبارة عن كلمة « شيء » ـ والمبدأ أو هو مركب من مصداق الشيء والمبدأ؟ وكلاهما باطل.

اما الاول فباعتبار ان من جملة المشتقات كلمة ناطق ، فلو كان مفهوم الشيء مأخوذا في المشتق يلزم كون الناطق مركبا من مفهوم الشيء والنطق ، وهو مستحيل ، اذ مفهوم الشيء عرض عام ـ فانه صادق على جميع الموجودات في العالم فما من موجود الاّ وهو شيء ـ فلو كان مأخوذا في مفهوم الناطق الذي هو امر ذاتي يلزم تقوّم الامر الذاتي بالعرض والحال ان الذاتي امر داخل في الذات بينما العرض خارج عنها فيلزم ان يكون الخارج عن الذات داخلا فيها (٣) ، هذا لو

__________________

(١) هو مير علي بن محمد الجرجاني المشتهر بالمحقق الشريف او السيد الشريف ، وهو معروف بالتحقيق والتدقيق ، وله مؤلفات معروفة وحواش مشهورة منها كتاب « صرف مير » المتداول دراسته بين المبتدئين غير العرب ورسالتان في المنطق تعرفان بالصغرى والكبرى وحاشية على كتاب شرح المطالع ، قيل انه تشيع اواخر عمره واظهر الحيرة من امره ، وكان يقول بالفارسية « معلوم شد آن كه هيچ معلوم نشد » توجد ترجمة له في روضات الجنات ٥ : ٣٠٠ ، والكنى والالقاب ٢ : ٣٢٩.

(٢) « مطالع الانوار » كتاب كبير في المنطق مؤلفه القاضي سراج الدين محمود بن ابي بكر الارموي ، وقد شرحه شرحا مزجيا قطب الدين الرازي الاّ انه مفصل وعليه هوامش متعددة بعضها للسيد الشريف.

(٣) قد يقال : ان ما ذكره الشريف في هذا الشق باطل من اساسه لان كلمة « ناطق » وغيرها

٢٩٥

كان مفهوم الشيء مأخوذا في معنى المشتق.

واما الثاني ـ وهو اخذ مصداق الشيء في مفهوم المشتق ، والمصداق في قولنا « الانسان كاتب » هو الانسان وفي قولنا « زيد كاتب » هو زيد ـ فباعتبار لزوم انقلاب القضية الممكنة الى ضرورية بحيث لا تبقى قضية ممكنة في العالم ، فقولنا « الانسان كاتب » قضية ممكنة ، فلو كانت كلمة « كاتب » مركبة من مصداق الشيء والكتابة يلزم ان يكون تقدير القضية المذكورة هكذا : الانسان انسان له الكتابة ، ومن الواضح ان هذه القضية ضرورية ، اذ ثبوت الانسان للانسان ضروري باعتبار ضرورة ثبوت كل شيء لنفسه.

هذا ما افاده المحقق الشريف لاثبات بساطة معنى المشتق ، وملخصه : ان المشتق لو كان مركبا من مفهوم الشيء والمبدأ يلزم دخول العرض العام في الفصل ، ولو كان مركبا من مصداق الشيء والمبدأ يلزم انقلاب كل قضية ممكنة الى ضرورية.

مناقشة الدليل الاول.

ويرده : ان بالامكان اختيار كلا الشقين المذكورين في الدليل بدون ان يرد المحذور المذكور فيهما.

فبالامكان اختيار الشق الاول ـ وهو تركب المشتق من مفهوم الشيء والمبدأ ـ بدون لزوم محذور دخول العرض العام في الفصل ، فانه انما يلزم ذلك لو فرض ان الناطق مثلا اخذه المناطقة من لغة العرب بما له من معنى وبدون اي تصرف وجعلوه فصلا للانسان ، انه بناء على هذا يلزم دخول العرض العام في

__________________

ـ من الفصول خارجة عن المشتق الاصولي كما تقدم ، والجواب : ان هذا البحث لا يخص المشتق الاصولي بل يعم النحوي ايضاً.

٢٩٦

الفصل ، اما اذا فرضنا ان كلمة « الناطق » حينما وضعت في لغة العرب وضعت للشيء الذي له النطق ولكن بعد ذلك حينما اخذها المناطقة وجعلوها فصلا جردوها من مفهوم الشيء اولا ثم جعلوها فصلا ، انه بناء على هذا لا يلزم دخول العرض العام في الفصل ، وما دام هذا الاحتمال وجيها فلا يمكن ان يستكشف من جعل الناطق فصلا للانسان ان كلمة « الناطق » حينما وضعها العرب وضعوها مجردة من مفهوم الشيء.

بل يمكننا ان نقول ان المناطقة قد اعملوا التغيير جزما في كلمة « الناطق » حينما جعلوها فصلا وليس ذلك مجرد احتمال.

وتوضيح ذلك : ان كلمة الناطق مأخوذة من النطق الذي هو اما بمعنى التكلم او بمعنى الادراك والتعقل ، والمناطقة حينما اخذوا كلمة الناطق وجعلوها فصلا لا بد انهم غيّروا النطق الى معنى آخر غير التكلم والادراك ، اذ التكلم والادراك من مقولة الكيف ـ فان التكلم كيف مسموع والادراك كيف نفساني ـ والكيف من اقسام العرض اذ العرض تسع مقولات احداها الكيف (١) ، فلو كان المقصود من النطق هو التكلم او الادراك يلزم ان يكون الفصل من الاعراض وهو باطل ، فان الفصل امر ذاتي وليس عرضا. هذا مضافا الى انه لو كان المقصود من النطق هو التكلم يلزم ان يكون الاخرس ليس بانسان ، ولو كان المقصود منه الادراك يلزم ان يكون المجنون ليس بانسان.

ومن هذا كله نستنتج ان المناطقة حينما جعلوا الناطق فصلا غيّروا معنى النطق من التكلم او الادراك الى معنى آخر يكون امرا ذاتيا ويتناسب وكونه

__________________

(١) تقدمت الاشارة باختصار للمقولات العشر عند البحث عن موضوع علم الاصول في اوائل الحلقة.

٢٩٧

فصلا للانسان ، وذلك المعنى الآخر هو النفس الناطقة ، فالمناطقة غيّروا من معنى النطق وجعلوه بمعنى النفس الناطقة ، واذا صح للمناطقة هذا التغيير لمعنى النطق فيحتمل قويا انهم اعملوا تغييرا آخر وذلك بان حذفوا مفهوم الشيء من كلمة الناطق ، فهم كما غيروا المادة الى النفس الناطقة يحتمل انهم غيروا هيئة الناطق الموضوعة للنسبة ومفهوم الشيء الى النسبة فقط بحذف مفهوم الشيء. هذا كله في اختيار الشق الاول.

وبالامكان اختيار الشق الثاني ـ وهو تركب المشتق من مصداق الشيء والمبدأ ـ دون ان يرد المحذور المذكور عليه وهو انقلاب الممكنة الى ضرورية.

والوجه في ذلك : ان في المقصود من الشق الثاني احتمالين :

١ ـ ان يكون المقصود انقلاب الممكنة الى ضرورية ، فقضية « الانسان كاتب » التي هي ممكنة يصير معناها الانسان انسان له الكتابة وهي ضرورية ، اذ ثبوت الانسان الثاني للانسان الاول ضروري باعتبار ضرورة ثبوت الشيء لنفسه.

٢ ـ ان يكون المقصود صيرورة القضية الواحدة قضيتين ، فان قولنا « الانسان كاتب » قضية واحدة فلو كانت كلمة « كاتب » بمعنى انسان له الكتابة يلزم صيرورة تلك القضية الواحدة قضيتين هما : الانسان انسان وهي ضرورية والانسان له الكتابة وهي ممكنة ، فكما ان قضية « زيد عالم شاعر » تنحل الى قضيتين : زيد عالم وزيد شاعر كذلك قولنا « الانسان كاتب » ـ بعد رجوعه الى قضية الانسان انسان له الكتابة ـ يلزم انحلاله الى قضيتين هما الانسان انسان ، الانسان له الكتابة ، مع انا نشعر بالوجدان ان قضية « الانسان كاتب » قضية واحدة وليست ثنتين.

٢٩٨

لا تقل : ان الانحلال الى قضيتين وان كان مقبولا في مثل « زيد عالم شاعر » لان « عالم شاعر » خبران حملا على زيد فكأنه قيل زيد عالم ، زيد شاعر ، وهذا بخلافه في قضية الانسان انسان له الكتابة فان جملة « له الكتابة » وصف وليست خبرا حتى يحصل بتوسطها قضية ثانية.

فانه يقال : انّ جملة « له الكتابة » وان كانت وصفا الاّ ان كل وصف قبل ان يحصل العلم به هو في حكم الخبر ، ومن هنا قيل : الاوصاف قبل العلم بها اخبار (١) ، واذا كان خبرا فيلزم حصول قضية ثانية بواسطته.

والخلاصة : ان في المقصود من الشق الثاني احتمالين كما تقدم.

فان كان المقصود هو الاحتمال الاول ـ وهو انقلاب الممكنة الى ضرورية ـ فجوابه : انه لا يلزم ذلك ، لان قولنا « الانسان انسان له الكتابة » ليس قضية ضرورية ، اذ ثبوت الانسان الثاني للانسان الاول انما يكون ضروريا فيما اذا لم يقيد الانسان الثاني بقيد ممكن كالكتابة والاّ فلا يكون ثبوته للانسان الاول ضروريا كما هو واضح.

وان كان المقصود هو الاحتمال الثاني ـ وهو صيرورة القضية الواحدة ثنتين ـ فجوابه : ان اقصى ما يلزم هو انحلال قضية « الانسان انسان له الكتابة » الى قضيتين احداهما مستفادة بالدلالة المطابقية والثانية بالالتزامية ، فان قضية « الانسان انسان له الكتابة » تدل بالمطابقة على ثبوت الانسان المقيد بالكتابة للانسان الاول ولازم ذلك ثبوت الانسان المطلق للانسان الاول ، فان الوصف

__________________

(١) فجملة « زيد العالم » و « زيد عالم » ذات مضمون واحد ، بيد ان السامع اذا كان مطلعا على اتصاف زيد بالعالمية قيل له مثلا زيد العالم جاء ، واذا لم يكن مطلعا قيل له زيد عالم ، فكل خبر بعد العلم به يكون وصفا كما ان كل وصف قبل العلم به يكون خبرا.

٢٩٩

المقيد اذا ثبت لشيء فلازمه ثبوت الوصف المطلق لذلك الشيء ايضا ، فحينما نقول زيد انسان عالم نستفيد بالدلالة المطابقية ثبوت الانسان العالم لزيد وبالالتزامية ثبوت الانسان المطلق لزيد ايضا ، فان الوصف المقيد مركب من المطلق والقيد ، فاذا ثبت الوصف المقيد لشيء ثبت المطلق الذي في ضمنه لذلك الشيء ايضا.

وباختصار : انحلال قضية « الانسان كاتب » الى قضيتين مسلّم الاّ انه انحلال الى قضيتين احداهما مطابقية والاخرى التزامية ، وهو امر مقبول فان المرفوض هو انحلال القضية الواحدة الى قضيتين عرضيتين دونما اذا كانتا طوليتين بالشكل الذي ذكرناه.

قوله ص ٤٧٠ س ٧ من الكيف المسموع ... الخ :

هذا راجع للتكلم وقوله « او النفساني » راجع الى الادراك.

قوله ص ٤٧٠ س ٢١ او الذات :

عطف تفسير على « الشيء » ، والمناسب الواو بدل « او ».

قوله ص ٤٧١ س ٨ مادة هذه الامثلة :

المقصود من المادة النطق مثلا ، فان كلمة الناطق مركبة من مادة وهي النطق وهيئة وهي هيئة فاعل.

قوله ص ٤٧١ س ٨ بحملها على ما يوازي ... الخ :

الجهة الموازية لعرض النطق ـ بمعنى التكلم او الادراك ـ هو النفس الناطقة ، فانها امر ذاتي لكونها فصلا ، فلا بد من حمل النطق الظاهر في التكلم او الادراك اللذين هما من الاعراض على النفس الناطقة التي هي امر ذاتي.

قوله ص ٤٧١ س ١٠ بان لا يراد جعل تمام مدلولها فصلا :

اي لا يراد جعل تمام مدلول الهيئة ـ الذي هو النسبة ومفهوم الشيء ـ فصلا

٣٠٠