الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ١

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

الحلقة الثّالثة في أسلوبها الثّاني - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المحبين للطباعة والنشر
المطبعة: قلم
الطبعة: ١
ISBN: 964-91029-3-0
ISBN الدورة:
964-91029-7-3

الصفحات: ٤٩٢

وليس بسيطا ، ولكن لا نقصد من كون الجامع تركيبيا انه مركب من عشرة اجزاء مثلا ليرد عليه ما تقدم بل ندعي انه مركب بشكل خاص.

وتوضيحه : ان اجزاء الصلاة وشرائطها لها اشكال متعددة نكتفي باستعراض اربعة منها :

١ ـ ان قصد القربة جزء من الصلاة ، وهذا الجزء معتبر مهما كان شكلها فصلاة المختار وصلاة المضطر والغريق واي صلاة اخرى يلزم فيها قصد القربة.

٢ ـ ان التسبيحات الثلاث جزء من الصلاة في الركعة الثالثة والرابعة ، ولكن يتخير المصلى بينها وبين قراءة الفاتحة ولو في حالة الاختيار فهي جزء معتبر بنحو التخيير.

٣ ـ ان الوضوء او الغسل شرط في صحة الصلاة الاّ انه في حالة الاضطرار يجب التيمم فالمكلف اذن مخير بين ان يتوضأ او يغتسل حالة الاختيار وبين ان يتيمم حالة الاضطرار فاحدهما لازم في صحة الصلاة ولكن واحدا منهما معتبر في حالة الاختيار والآخر معتبر حالة الاضطرار.

٤ ـ ان البسملة معتبرة قبل قراءة الحمد والسورة ولكن بشرط عدم التقية اما حالة التقية فلا يلزم الاتيان بها.

وباتضاح هذه الاشكال الاربعة نقول : ان الصلاة موضوعة للجامع وقد اعتبر في ذلك الجامع قصد القربة في جميع الحالات كما واعتبر فيه الحمد او التسبيحات على سبيل التخيير واعتبر فيه ايضا احد الامرين من الوضوء والغسل حالة الاختيار او التيمم حالة الاضطرار كما واعتبر فيه البسملة عند عدم التقية.

فالصلاة اذن موضوعة لكل فعل فيه. أ ـ قصد القربة. ب ـ واحد الامرين

٢٤١

من الفاتحة او التسبيحات. ج ـ واحد الامرين من الوضوء والغسل او التيمم. د ـ والبسملة ان لم تكن تقية.

وبهذا تجلى ان الجامع تركيبي ولكن لا بمعنى انه مركب من عشرة اجزاء بل بالشكل الذي ذكرناه.

ولربما يقال انه بناء على هذا تكون الصلاة موضوعة لمعنى معقد والحال ان المعنى المفهوم من الصلاة لدى العرف اوضح من هذا بكثير.

والجواب : نحن لا نسلم ان معنى الصلاة ـ لو كان مخترعا من قبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ واضح بل هو غير واضح الاجزاء والشرائط ويحتاج الى دراسة وتعلّم ، اجل معنى الصلاة على سبيل الاجمال واضح لدى العرف ولكنه من حيث التفاصيل والخصوصيات معقد ، وهذا نظير اسماء كثير من المركبات ، فمعنى كلمة السكنجبين مثلا على سبيل الاجمال واضح لدى كثير من الناس فهم يعرفون انه شراب خاص لذيذ ولكنهم لا يعرفون على سبيل التفصيل مقوماته واجزائه ، فاللفظ اذن قد يكون معناه على سبيل الاجمال واضحا ومن حيث التفاصيل والخصوصيات غامضا.

ولعل الشيخ الاصفهاني يقصد هذا المعنى حينما قال : ان الصلاة موضوعة لمعنى مبهم مردد ، فهو لا يقصد ان اصل المعنى الموضوع له مبهم ومجمل فان ذلك غير معقول كما تقدم وانما يقصد الابهام والاجمال في تفاصيله وخصوصياته ، فالعرف يفهم ان لكلمة الصلاة معنى معينا ولكنه لا يعرف خصوصياته على سبيل التفصيل ، لعل هذا مقصوده قدس‌سره وان كانت عبارته لا تساعد عليه.

قوله ص ٤٥٧ س ٢ خاصة :

اي ان النهي عن الفحشاء ما دام اثرا لخصوص الافراد الصحيحة فيدل

٢٤٢

ذلك على وجود جامع واحد.

قوله ص ٤٥٧ س ٥ لوازم الوجود او الماهية الذاتية :

كلمة الذاتية صفة للوازم ، اي اللوازم الذاتية للوجود او الماهية ، ومثال لازم الماهية : الزوجية بالنسبة للاربعة فان ماهية الاربعة تقتضي الزوجية سواء وجدت في الذهن او في الخارج ولا يختص اقتضاؤها لذلك بما اذا كانت موجودة في الخارج ، ومثال لازم الوجود : الاحراق بالنسبة للنار ، فان النار لا تكون محرقة الا اذا كانت موجودة في الخارج.

قوله ص ٤٥٨ س ٨ جمعا :

لعل المناسب : جميعا.

قوله ص ٤٥٨ س ٩ بعض القيود تعيينا ومطلقا :

هذا اشارة الى الشكل الاول ، فقصد القربة متعين ويلزم الاتيان به ، واعتباره ثابت مطلقا وفي جميع حالات الصلاة بلا استثناء.

قوله ص ٤٥٨ س ٩ وبعض القيود تخييرا :

هذا اشارة الى الشكل الثاني والثالث ، فانه في الشكل الثالث اعتبر التخيير ايضا ولكنه تخيير بين الوضوء والغسل حالة الاختيار وبين التيمم حالة الاضطرار.

قوله ص ٤٥٨ س ٩ او مقيدا بحال خاص :

اشارة الى الشكل الرابع فان البسملة معتبرة حالة عدم التقية.

قوله ص ٤٥٨ س ١٣ او ببدلها العرضي التخييري :

فان الفاتحة بدل تخييري عن التسبيحات ، والمقصود من كلمة « العرضي » انه في عرض التسبيحات فان كل بدل هو في عرض مبدله.

٢٤٣

قوله ص ٤٥٨ س ١٥ المقيد بحالته :

اي المقيد بحالته الخاصة مثل حالة الاضطرار ، فان التيمم مقيد بحالته الخاصة وهي الاضطرار.

قوله ص ٤٥٨ س ١٧ بحالتي الاختيار والاضطرار :

فالوضوء والغسل مقيد بحالة الاختيار بينما التيمم مقيد بحالة الاضطرار.

قوله ص ٤٥٨ س ١٨ يمكن اخذ الجامع بينها :

اي ان مثل البسملة يمكن اخذها في الجامع باحد نحوين :

أ ـ ان يؤخذ في الجامع التخيير بين البسملة وبين ان يعيش المصلي حالة التقية.

ب ـ ان يؤخذ في الجامع الاتيان بالبسملة عند عدم التقية.

قوله ص ٤٥٩ س ٥ المعاجين والمركبات :

العطف تفسيري.

قوله ص ٤٥٩ س ٨ فيكون مراده الابهام في تشخيص المعنى :

المناسب بدل تشخيص المعنى : مشخصات المعنى. والمراد تفاصيله واجزاؤه.

الجامع على القول بالاعم.

ذكرنا فيما سبق ان الآخوند قدس‌سره صوّر الجامع بناء على الصحيح حيث قال : ان الافراد الصحيحة تشترك في اثر واحد وهو النهي عن الفحشاء ، والاشتراك في اثر واحد يستلزم وجود جامع واحد يكون هو المؤثر ، ولكنه حينما وصل الى تصوير الجامع بناء على الاعم قال : انه لا يمكن وجوده لان ذلك الجامع

٢٤٤

اما ان يكون بسيطا او مركبا ، وكلاهما باطل.

اما الجامع البسيط ـ وهو مثل الناهي عن الفحشاء ـ فلأن النهي عن الفحشاء ليس اثرا لكل صلاة حتى الفاسدة كيما يقال ان الصلاة موضوعة لكل ما ينهى ان الفحشاء فان هذا الاثر مختص بالافراد الصحيحة ولا يعم الافراد الفاسدة.

واما الجامع المركب فلأن كلمة الصلاة اذا فرضنا انها موضوعة للاركان الخمسة مثلا فنسأل هل هي موضوعة للاركان الخمسة بشرط انضمام بقية الاجزاء اليها كالتشهد والقراءة وغيرهما او هي موضوعة لها لا بشرط انضمام الباقي؟ فان كانت موضوعة لها بشرط انضمام الباقي لزم عدم صدق اسم الصلاة عند ترك المصلي لواحد من الاجزاء عمدا ـ لان الصلاة موضوعة لجميع الاجزاء والمفروض عدم تحقق الجميع ـ وهذا خلف المفروض لان المفروض ان كلمة الصلاة موضوعة للفاسد ايضا.

وان كانت موضوعة للاركان لا بشرط انضمام الباقي لزم عند فعل المصلي لصلاة تامة الاجزاء والشرائط عدم صدق اسم الصلاة على مجموع صلاته بل على قسم منها وهو خصوص الاركان ويكون اطلاقه على المجموع باعتبار ان ربع المجموع مثلا ـ وهو الاركان ـ صلاة ، وبالتالي يكون اطلاق الصلاة على المجموع مجازا والعلاقة المصححة لذلك كون البعض صلاة ، وذلك باطل جزما ، فان من اتى بجميع اجزاء الصلاة فلا شك في صدق كلمة الصلاة حقيقة على المجموع بما هو مجموع لا على البعض. هذا حصيلة ما افاده الآخوند قدس‌سره.

ويمكن مناقشته بأن بالامكان تصوير الجامع بسيطا تارة ومركبا اخرى.

اما الجامع البسيط فيمكن تصويره بالشكل الذي صوّره هو قدس‌سره

٢٤٥

على الصحيح ، حيث ذكر ان الجامع هو الفعل الناهي عن الفحشاء ، وهنا ايضا يمكن تصوير الجامع بهذا الشكل بان يقال : ان الجامع الذي وضعت له كلمة الصلاة بناء على الاعم هو الفعل الناهي عن الفحشاء.

وقد تقول : ان النهي عن الفحشاء يختص بالصلاة الصحيحة واما الفاسدة فهي لا تنهى.

والجواب : انا لا نأخذ الجامع الذي وضعت كلمة الصلاة له هو ما ينهى عن الفحشاء بالفعل فانه لو اخذناه كذلك فهو يختص بالصلاة الصحيحة وانما نأخذ الجامع ما يصلح ان يكون ناهيا عن الفحشاء وله شأنية ذلك وان لم يكن ناهيا بالفعل ، والجامع بهذا الشكل يعم الصلاة الفاسدة ايضا فان اجزاء الصلاة الكاملة لو فرض انها عشرة وحذف المصلي منها جزئين عمدا فصلاته ذات الاجزاء الثمانية فاسدة ولا تنهى عن الفحشاء بالفعل ولكن لو فرض انه مرض وتعذر عليه جزآن فالاجزاء الثمانية حينئذاك تكون صحيحة وناهية عن الفحشاء ، اذن الاجزاء الثمانية التي هي فاسده حالة عدم العذر لها شأنية النهي عن الفحشاء في يوم من الايام وذلك عند وجود العذر المسوغ لترك الجزئين ، وهكذا كل صلاة فاسدة بما انه يمكن في يوم من الايام ان تقع صحيحة وناهية عن الفحشاء فلها شأنية النهي عن الفحشاء ، هذا تصوير الجامع البسيط.

ويمكننا تصوير الجامع مركبا بأن نقول : ان كلمة الصلاة موضوعة للاركان الخمسة من دون اشتراط وجود الاجزاء الباقية ، وبتعبير آخر موضوعة للاركان الخمسة فما زاد ، وبناء عليه لو اتى المصلي بالاركان الخمسة فقط بلا ضم الاجزاء الاخرى اليها كانت الصلاة صادقة على الاركان الخمسة فقط ولا يكون الباقي اجزاء ، واذا اتى ببقية الاجزاء وضمها الى الاركان الخمسة كانت الصلاة صادقة

٢٤٦

على المجموع : الاركان وغيرها.

ومن هنا يتضح ان الاجزاء الباقية ان لم يؤت بها لم تكن اجزاء وان اتي بها كانت اجزاء ، ولا محذور في ان يكون الشيء على تقدير وجوده جزء وعلى تقدير عدمه ليس بجزء كما هو الحال في الكلمة فانها موضوعة للحرفين فصاعدا ، فاذا فرض ان المتكلم تلفظ بحرفين كانت الكلمة مركبة من حرفين ولا يكون الحرف الثالث جزء ، واذا تلفظ بالحرف الثالث كانت مركبة من ثلاثة حروف والحرف الثالث جزء منها ، فالحرف الثالث جزء على تقدير وجوده وليس جزء على تقدير عدمه.

قوله ص ٤٥٩ س ١٠ بخصوصه :

اي يكون اطلاق الصلاة على خصوص الواجد لتمام الاجزاء مجازا ، واما اطلاقه على البعض ـ اي الاركان ـ فليس مجازا.

قوله ص ٤٥٩ س ٢٠ وفي بعض الحالات :

العطف تفسيري.

ثمرة البحث.

قوله ص ٤٦٠ س ٤ الجهة الرابعة : يذكر عادة لهذا البحث ثمرتان :

قد يسأل سائل : انا لفترة كنا نبحث عن وضع اسم الصلاة مثلا للصحيح او للاعم ولكن ما هي ثمرة هذا البحث؟

والجواب : ان الاعلام ذكروا ثمرتين :

الثمرة الاولى :

ولاجل ان تتضح هذه الثمرة نذكر مقدمة حاصلها ان التمسك باطلاق اللفظ

٢٤٧

لا يصح الاّ اذا احرز صدق اللفظ المطلق على المشكوك ، فلو فرض ان المولى قال : اعتق رقبة وشك هل يلزم كون الرقبة المعتقة مؤمنة او لا كان التمسك بالاطلاق وجيها ، اذ يمكن الاشارة الى العبد الكافر والقول انه رقبة والمولى قال اعتق رقبة ولم يقل اعتق رقبة مؤمنة فعتقها مجزء ، اما اذا شك ان الجنين في بطن امه هل يجزء عتقه او لا فلا يصح التمسك بالاطلاق اذ لا يمكن الاشارة الى الجنين والقول انه رقبة ـ لاحتمال عدم صدق الرقبة على العبد الاّ بعد ولادته ـ ومع عدم احراز صدقه عليه فلا يصح التمسك بالاطلاق.

وبعد الفراغ من المقدمة نذكر الثمرة وحاصلها : انا لو شككنا في جلسة الاستراحة مثلا هل هي جزء من الصلاة او لا؟ فبناء على الوضع للصحيح لا يصح التمسك باطلاق ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) لنفي جزئيتها ، اذ لا يمكن الاشارة الى الصلاة الفاقدة لجلسة الاستراحة والقول انها صلاة والمولى قال : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) ولم يقل : اقيموها مع جلسة الاستراحة ، كلا لا يمكننا ذلك ، اذ بناء على الوضع للصحيح تكون كلمة الصلاة موضوعة للصلاة الواجدة لجميع الاجزاء والشرائط وحيث نحتمل ان جلسة الاستراحة جزء فنحتمل اذن ان الصلاة لا تصدق بدونها ، ومع عدم احراز صدق اسم الصلاة على الفاقد فلا يصح التمسك بالاطلاق لانه فرع احراز صدق اللفظ على المشكوك.

وهذا كله بخلافه على الوضع للاعم فانه يصح التمسك بالاطلاق اذ الصلاة من دون جلسة الاستراحة يجزم بانها صلاة ، ومع هذا الجزم يصح الاشارة لها والقول ان هذه صلاة والمولى قال : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) ولم يقل : اقيموها مع جلسه الاستراحة.

اذن على القول بالوضع للصحيح لا يمكن التمسك بالاطلاق لنفي جزئية

٢٤٨

الجزء المشكوك بخلافه على الاعم.

ولرب قائل يقول : انه يوجد شكل جديد للاطلاق يصح التمسك به حتى على القول بالوضع لخصوص الصحيح ، انه الاطلاق المقامي ، ولتوضيحه نقول : ان الاطلاق على قسمين :

أ ـ اطلاق لفظي وهو ان يكون عندنا لفظ نتمسك باطلاقه مثل لفظ الرقبة فان اطلاقه الذي نتمسك به يسمى بالاطلاق اللفظي.

ب ـ اطلاق مقامي ومثاله حكاية زرارة عن الامام الصادق عليه‌السلام انه قال لاصحابه مرة الا احكي لكم وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : نعم ، فدعا عليه‌السلام بماء وصب قسما منه على وجهه وغسله كاملا ثم اراق قسما منه على يده اليمنى وغسلها كاملا وهكذا في اليسرى ، ثم مسح رأسه وقدميه (١) ، ان هذه الرواية نستفيد منها عدم جزئية المضمضة للوضوء والاّ لفعلها عليه‌السلام ، وهذا تمسك بالاطلاق ولكنه ليس تمسكا باطلاق اللفظ ، اذ لا يوجد لفظ معين نتمسك باطلاقه وانما هو تمسك باطلاق المقام حيث انه عليه‌السلام في مقام بيان افعال الوضوء ومع ذلك لم يأت بالمضمضة فيدل ذلك على عدم كونها جزء.

وهذا الاطلاق المقامي يصح التمسك به حتى بناء على الوضع للصحيح ، اذ سواء قيل بالوضع للصحيح او للاعم يمكن القول ان الامام عليه‌السلام حيث لم يفعل المضمضة دل ذلك على عدم كونها جزء.

وما دام الاطلاق المقامي يصح التمسك به حتى بناء على الوضع للصحيح فالثمرة الاولى اذن باطلة ، لان الثمرة كانت تقول انه بناء على الصحيح لا يصح التمسك بالاطلاق وعلى الاعم يصح ، والآن عرفنا صحة التمسك بالاطلاق

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢٧٢.

٢٤٩

المقامي على كلا التقديرين.

والجواب : ان الاطلاق المقامي وان صح التمسك به حتى بناء على الوضع للصحيح الا ان توفّره نادر جدا ، اذ هو موقوف على كون المولى في مقام بيان تمام الاجزاء والشرائط ، ومن الواضح ان احراز ذلك مشكل بل لا يكاد يتفق الا في مثل الحكاية التي نقلناها ونظائرها النادرة ، اما في الحالات الاعتيادية ـ كما في قوله تعالى ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) و ( آتُوا الزَّكاةَ ) ، ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ) وو ... فلا يمكن احراز ذلك.

وباختصار : ان الاطلاق المقامي لو كان متوفرا لصح التمسك به حتى بناء على الوضع للصحيح الاّ انه نادر.

الثمرة الثانية :

وهذه الثمرة تظهر لو قلنا بوضع كلمة الصلاة لجامع بسيط على القول بالصحيح ـ كما كان الآخوند يقول بذلك حيث كان يرى ان كلمة الصلاة على الصحيح موضوعة لجامع بسيط وهو الفعل الناهي عن الفحشاء ـ وبوضعها للجامع المركب بناء على القول بالاعم ، ان الثمرة تظهر في هذه الحالة فقط ، اما اذا قلنا بناء على الصحيح بالوضع للجامع التركيبي ـ كما هو مختار السيد الشهيد ـ او قلنا بناء على الاعم بالوضع للجامع البسيط فلا تظهر.

وبعد هذا نقول في ايضاح هذه الثمرة : انه بناء على الوضع للصحيح لو شككنا في وجوب جلسة الاستراحة مثلا لم يصح التمسك بالاصل العملي لنفي وجوبها اذ الوجوب متعلق بالصلاة ، والصلاة لا تصدق على المركب الخارجي الذي نأتي به ـ والاّ لكانت الصلاة موضوعة للمركب وهو خلف الفرض لأنا فرضنا وضعها للجامع البسيط بناء على القول بالصحيح ـ بل هي تصدق على

٢٥٠

الجامع البسيط الذي يحصل بسبب المركب الخارجي ليس هو الواجب بل سبب لحصول الواجب (١) فان الواجب هو ذلك الجامع البسيط ولكنا نشك هل يحصل بعشرة اجزاء التي احدها جلسة الاستراحة او بتسعة من دون الجلسة فيكون المقام من الشك في المحصل اي نشك ان المحصّل للواجب هو الاجزاء العشرة او التسعة ، ومع كون الشك في المحصل يحكم العقل بوجوب الاحتياط وذلك بالاتيان بالعشرة. هذا لو قلنا بالوضع للصحيح.

اما لو قلنا بالوضع للاعم فيصح التمسك باصل البراءة لنفي وجوب جلسة الاستراحة ، اذ الوجوب متعلق بالصلاة ، وبما ان الصلاة ـ بناء على القول بالوضع للاعم الذي نتكلم على تقديره ـ اسم للمركب الخارجي فبالتالي نشك ان الوجوب هل هو متعلق بالاجزاء العشرة التي احدها جلسة الاستراحة او بالاجزاء التسعة ، وحيث ان تعلق الوجوب بالتسعة معلوم ونشك في تعلقه بالجزء العاشر وهو جلسة الاستراحة فنجري البراءة عن تعلقه به لانا نشك في اصل تعلق التكليف به ، والشك في اصل التكليف مجرى للبراءة.

والخلاصة : ان الوجوب متعلق بالصلاة ولكن بناء على القول بالصحيح تكون الصلاة عبارة عن الجامع المسبب عن المركب الخارجي ، فالشك يكون شكا في ان الواجب هل يحصل بالاجزاء العشرة او بالتسعة فيجب الاحتياط ، واما بناء على الاعم فحيث ان الوجوب منصب على الصلاة والصلاة اسم للمركب الخارجي فيحصل الشك في ان الوجوب هل متعلق بالمركب الخارجي ذي الاجزاء العشرة او ذي الاجزاء التسعة ويكون الشك شكا في وجوب الجزء

__________________

(١) ومن امثلة ذلك القتل فانه اسم لزهاق الروح وليس هو نفس قبض السكين باليد وامرارها على رقبة الحيوان وانما هو سبب لزهاق الروح.

٢٥١

العاشر فتجري البراءة عنه.

وقد سجل في الكتاب على هذه الثمرة ثلاثة ردود :

١ ـ ان هذه الثمرة مبنية على ان كلمة الصلاة ـ بناء على الوضع للصحيح ـ موضوعة لجامع بسيط ونحن ننكر ذلك ونقول انها موضوعة للجامع المركب كما اوضحنا ذلك سابقا.

٢ ـ ان هذه الثمرة انما تتم لو فرض ان الجامع ـ الذي وضعت كلمة الصلاة له ـ له وجود مغاير لوجود المركب الخارجي فانه في هذه الفرضية تتم الثمرة حيث يكون عندنا وجودان متغايران : وجود للجامع ووجود للمركب ، ويكون وجود المركب سببا محصّلا للجامع ، اما اذا فرضنا ان وجود الجامع متحد مع وجود المركب واحدهما عين الآخر خارجا ـ كما هو ليس ببعيد حيث انه لا يوجد عندنا في الخارج المركب والجامع بل الاجزاء الخارجية التي نأتي بها هي الفعل الناهي عن الفحشاء لا ان الناهي الذي هو الجامع شيء مغاير للمركب الخارجي ـ فلا يكون المقام من قبيل السبب والمسبب لان السببية تستدعي وجود شيئين متغايرين احدهما يكون سببا والآخر مسببا ، والمفروض انه لا يوجد شيئان خارجا ، بل يكون المقام من قبيل الشك في اصل التكليف لان المفروض ان التكليف متعلق بالجامع وبما ان الجامع عين الاجزاء خارجا فالتكليف اذن منصب على الاجزاء وحيث انا لا نعلم بتعلقه بالجزء العاشر ـ وهو جلسة الاستراحة ـ وان كنا نجزم بتعلقه بالاجزاء التسعة فيكون الشك في تعلقه بالجزء العاشر من قبيل الشك في اصل التكليف فتجري البراءة عنه.

٣ ـ انه لو تنزلنا وفرضنا ان الجامع ليس متحدا مع المركب الخارجي بل احدهما مغاير للآخر فمع ذلك يمكن ان تجري البراءة عن جلسة الاستراحة اذ من

٢٥٢

الممكن ان يكون للجامع مرتبتان : مرتبة شديدة ومرتبة ضعيفة ، بان يكون النهي عن الفحشاء مرة قويا لا يحصل الاّ بعشرة اجزاء واخرى ضعيفا يحصل بتسعة (١) ، ففي مثل ذل يكون الشك من قبيل الشك في اصل التكليف ، اذ يجزم بتعلق التكليف بالجامع بمرتبته الضعيفة التي تحصل بتسعة اجزاء ويشك في تعلقه بالمرتبة الشديدة التي تحتاج الى ضم الجزء العاشر فتجري البراءة عن تعلقه بالمرتبة الشديدة ويثبت بذلك عدم وجوب الجزء العاشر وهو المطلوب.

قوله ص ٤٦٠ س ٦ عبارة :

الصواب عبادة.

قوله ص ٤٦٠ س ١٥ لا يلزم عدم جريان :

المناسب لا يلزم منه عدم جريان ....

قوله ص ٤٦٠ س ١٦ خارجا ووجودا :

العطف تفسيري.

قوله ص ٤٦٠ س ١٧ سواء كان جامعا حقيقيا ام انتزاعيا ام اعتباريا :

اما اذا كان الجامع حقيقيا فلأن الجامع الحقيقي ليس هو الا النوع الجامع بين افراده ، ومن الواضح ان النوع متحد مع افراده خارجا.

واما اذا كان الجامع انتزاعيا فهو ينتزع من الافراد وليس له وجود مستقل مقابل افراده ، فعنوان الطويل مثلا المنتزع من الافراد المتعددة ليس له وجود

__________________

(١) كانارة الدار ، فان المولى لو اوجب تنوير الدار وكان التنوير الذي هو امر بسيط يحصل بعشر شمعات وبتسع فيمكن للعبد ان يقول : ان الانارة بالمرتبة الضعيفة التي تحصل بتسع شمعات معلومة الوجوب وبالمرتبة الشديدة التي تحصل بعشر غير معلومة الوجوب فتجري البراءة عنها.

٢٥٣

مقابل افراده.

واما اذا كان الجامع اعتباريا فلأن الامر الاعتباري ـ كالقيمة التي هي جامع بين جميع الاشياء ذوات القيمة ـ وان لم يكن متحدا مع الافراد لانه امر اعتباري ولا معنى لاتحاد الاعتبار مع الموجودات الحقيقية الخارجية الا ان الامر الاعتباري حينما يؤخذ في متعلق الحكم يؤخذ باعتبار انه مرآة لافراده من دون ان يتعلق به الحكم حقيقة ، ومعه يكون الحكم متعلقا بالافراد.

اذن الجامع الذي يجمع افراد الصلاة سواء كان حقيقيا ام انتزاعيا ام اعتباريا هو عين الاجزاء ويكون الحكم منصبا على الاجزاء.

قوله ص ٤٦٠ س ٢٢ ايضا جرت ... الخ :

المناسب : جرت البراءة ايضا ... الخ.

ادلة الوضع للصحيح.

قوله ص ٤٦١ س ١ الجهة الخامسة : استدلّ على ... الخ :

وفي هذه الجهة يراد التعرض الى ادلة القولين : الوضع للصحيح والوضع للاعم.

اما القول بالوضع للصحيح فقد استدل له بعدة ادلة ذكر منها في الكتاب ثلاثة :

الدليل الأوّل :

١ ـ وقبل التعرض الى هذا الدليل نذكر مقدمة حاصلها : ان اصالة الحقيقة تستعمل في مجالين :

٢٥٤

أ ـ ان يعلم بان المعنى الحقيقي للاسد مثلا هو الحيوان المفترس والمجازي هو الرجل الشجاع ولكن يشك ان المتكلم حينما قال : جئني باسد اراد المعنى الحقيقي او المجازي ، وفي مثل هذه الحالة تجري اصالة الحقيقة لاثبات ان المعنى المراد هو المعنى الحقيقي.

ب ـ ان يجزم بالمعنى المراد ـ خلافا للحالة السابقة حيث كان يشك في اصل المعنى المراد ـ ولكن يشك في كيفية استعماله فلا يعلم انه استعمال حقيقي او مجازي.

وفي مثل ذلك لا يصح اجراء اصالة الحقيقة لاثبات ان المعنى المراد معنى حقيقي قد وضع له اللفظ.

ومثال ذلك ما لو قال المولى : اغتسل يوم الجمعة ، فانه يعلم ان المقصود من الامر هنا هو الاستحباب ولكن يشك ان الاستعمال فيه هل هو حقيقي او مجازي ، والعقلاء في مثل ذلك لا يجرون اصالة الحقيقة ، فانهم يجرونها فيما اذا فرض الشك في اصل المعنى المراد ، اما مع العلم به والشك في كيفية استعماله فلم يثبت منهم بناء على اجرائها خلافا للسيد المرتضى قدس‌سره حيث يرى جريان اصالة الحقيقة في كلتا الحالتين.

وبعد هذه المقدمة نرجع الى الدليل الأول وحاصله : ان كثيرا من النصوص اثبتت للصلاة بعض الآثار ـ مثل الصلاة قربان كل تقي ، الصلاة معراج المؤمن ، الصلاة تنهى عن الفحشاء ... ـ وبما ان الآثار مختصة بالصلاة الصحيحة فيثبت ان كلمة الصلاة موضوعة لخصوص الصلاة الصحيحة.

ويمكن الجواب :

أ ـ ان كلمة الصلاة في هذه النصوص وان استعملت في خصوص الصلاة الصحيحة ولكن بهذا الاستعمال لا يثبت كونها موضوعة لذلك ، اذ من الممكن انها

٢٥٥

موضوعة للاعم ومع ذلك استعملت في خصوص الصحيحة مجازا.

لا يقال : انا نشك ان استعمال كلمة الصلاة في هذه النصوص هل هو حقيقي او مجازي وباصالة الحقيقة في الاستعمال يثبت ان الاستعمال حقيقي وبالتالي يثبت ان كلمة الصلاة موضوعة لخصوص الصحيح.

فانه يقال : ان اصالة الحقيقة لا يجريها العقلاء اذا علم بالمراد وشك في كيفية الاستعمال ، وفي المقام يعلم بان المراد خصوص الصلاة الصحيحة ويشك في كيفية الاستعمال وانه حقيقي او مجازي.

ب ـ انه من الممكن ان نقول : ان استعمال كلمة الصلاة في هذه النصوص استعمال حقيقي حتى على تقدير الوضع للاعم ومعه فلا تجري اصالة الحقيقة لانها انما تجري فيما لو احتمل ان الاستعمال مجازي ، اما مع كونه حقيقيا على كلا التقديرين فلا معنى لاجرائها.

اما كيف يكون استعمال كلمة الصلاة في هذه النصوص حقيقيا حتى على تقدير الوضع للاعم؟ ان الوجه فيه احتمال استعمال كلمة الصلاة في طبيعي الصلاة الجامع بين الصحيح والفاسد وتكون كلمة قربان مستعملة في القربان ، وبعد ضم احدى الكلمتين للاخرى يستنتج السامع ان مراد المتكلم واقعا هو الصلاة الصحيحة من دون ان تكون كلمة الصلاة مستعملة في ذلك بل هي مستعملة في طبيعي الصلاة ، وهذا نظير كلمة « ماء الرمان » فان كلمة ماء يراد بها طبيعي الماء وكلمة رمان يراد بها طبيعي الرمان ، وبعد الضم يفهم ان مراد المتكلم واقعا هو السائل المعروف من دون ان تستعمل كلمة الماء بخصوصها او الرمان بخصوصها في ذلك. وهذا ما يسمى بطريقة تعدد الدال والمدلول ، اي ان كلمة الصلاة هي الدال الاول ومدلولها الطبيعي وكلمة قربان هي الدال الثاني ومدلولها الطبيعي

٢٥٦

ايضا وبعد الاجتماع يفهم ان المراد الواقعي هي الصلاة الصحيحة.

الدليل الثاني :

التمسك بالروايات التي تنفي الصلاة عند عدم الاتيان ببعض الاجزاء مثل « لا صلاة الاّ بفاتحة الكتاب ، لا صلاة الا بطهور ، لا صلاة الا بركوع ، وو ... » فان الصلاة لو كانت موضوعة للاعم فلا وجه لنفيها عند انتفاء بعض الاجزاء.

ويمكن رد ذلك بان الروايات المذكورة ليست ناظرة الى عالم التسمية والوضع اي ليس مقصودها انه من دون الفاتحة مثلا لا يسمى الفعل صلاة ولم توضع له كلمة الصلاة بل هي ناظرة الى عالم التشريع والجعل فكانها تريد ان تقول : من دون الفاتحة لا يكون الفعل صلاة في عالم التشريع ، والمقصود من نفي الصلاة في عالم التشريع نفي الوجوب فالوجوب لم يتعلق بالصلاة الفاقدة للفاتحة ولكن لم يبين هذا بشكل صريح بل بشكل غير مباشر ، فنفيت الصلاة بقصد نفي الوجوب ، وهذا ما يصطلح عليه بنفي الحكم بلسان نفي الموضوع (١).

اذن مقصود الحديث بحسب الحقيقة نفي تعلق الوجوب بالصلاة عند عدم الفاتحة ، وبما انه لا وجه لنفي الوجوب عند انتفاء الفاتحة الا كون الفاتحة جزء فيثبت ان الفاتحة جزء ، ومعه تكون الرواية اجنبية عن الموضوع ، فانها لم تنظر الى عالم التسمية حتى يثبت ان الفعل من دون الفاتحة لا يسمى صلاة بل ناظرة الى اثبات الجزئية للفاتحة. ولنا قرينتان على عدم نظر الاحاديث المذكورة الى عالم التسمية :

أ ـ ان الاحاديث المذكورة تفقد بلاغتها لو كانت ناظرة الى عالم التسمية اذ

__________________

(١) كقوله عليه‌السلام : لا ربا بين الوالد وولده ، فانه نفي للربا بقصد نفي الحرمة.

٢٥٧

يصير المعنى انه بدون الفاتحة لا يسمى الفعل صلاة ، وهذا ليس فيه اي بلاغة بخلاف ما لو كان النظر الى عالم التشريع حيث يكون المقصود نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ، وفي ذلك من البلاغة ما لا يخفى.

ب ـ ان هذه الاحاديث لا تكون دالة على كون الفاتحة جزء لو كانت ناظرة الى عالم التسمية اذ يصير المعنى انه بدون الفاتحة لا يكون الفعل صلاة ، وهذا المقدار اقصى ما يثبت ان الفاتحة جزء من الاسم ، ومن الواضح ان الجزئية التي يراد اثباتها ليست هي الجزئية للاسم بل الجزئية للمأمور به اي كون الفاتحة جزء من الفعل الذي تعلق به الامر وهذا لا يثبت الا اذا كانت الاحاديث ناظرة الى عالم التشريع والجعل.

الدليل الثالث :

ان المتبادر من كلمة الصلاة حينما يقال : فلان صلى او يصلي هو الصلاة الصحيحة لا الاعم منها ومن الفاسدة ، وهذا يدل على ان كلمة الصلاة موضوعة لخصوص الصحيح.

والجواب : ان هذا التبادر ليس من نفس لفظ الصلاة حتى يكون دليلا على وضعه لخصوص الصحيح بل هو لالتزام كل مكلّف باداء خصوص الصلاة الصحيحة.

قوله ص ٤٦٠ س ٩ بتوفر ذلك المقام الخاص :

اي كون المتكلّم في مقام بيان الاجزاء.

قوله ص ٤٦١ س ٧ والشك في الاستناد :

اي في كيفية الاستعمال وانه مستند للقرينة حتى يكون مجازا او الى حاق اللفظ حتى يكون حقيقة.

٢٥٨

ادلة الوضع للاعم.

قوله ص ٤٦١ س ٢٠ واما القول بالوضع للاعم ... :

استدل للقول بالاعم بعدة ادلة نذكر منها :

الاول : ان المتبادر من كلمة الصلاة هو الاعم من الصحيح والفاسد لا خصوص الصحيح كما يدّعيه القائل بالصحيح.

ويرد عليه :

أ ـ انا لا نسلم تبادر الاعم بل المتبادر خصوص الصحيح.

ب ـ من المحتمل قويا ان كلمة الصلاة كانت موضوعة زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لخصوص الصحيح ولكن بعد ذلك وبسبب حاجة الناس في الازمنة المتأخرة الى التعبير عن الصلاة الفاسدة اخذوا يستعملون كلمة الصلاة كثيرا في الصلاة الفاسدة الى حد نقلت من ذلك المعنى السابق ـ وهو وضعها للصحيح ـ ووضعت للاعم ، فتبادر الاعم لو سلّم فهو ناشىء من هذا الوضع المتأخر لا من جهة كونها موضوعة للاعم زمنه صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ان قلت : اذا سلمنا ان المتبادر في زماننا المعاصر هو الاعم فنقول : انا نشك هل هذا المعنى كان ثابتا من الاول او ان الثابت منذ البداية هو الصحيح ثم حصل النقل الى الاعم ، وعند الشك في النقل نتمسك باصالة عدم النقل فيثبت ان هذا المعنى ـ وهو الاعم ـ كان ثابتا من الاول ، اذ لو كان الثابت سابقا هو الصحيح يلزم حصول النقل وهو خلف اصالة عدم النقل.

قلت : ان احتمال حصول النقل قوي بسبب شدة الدواعي اليه لكثرة حاجة الناس الى التعبير عن الصلاة الفاسدة ، ومع شدة الداعي الى النقل وقوة احتماله لا

٢٥٩

يجري العقلاء اصالة عدم النقل ، فان القدر المتيقن من اجزائهم لها موارد عدم توفر دواعي النقل.

الثاني : يسأل الامام عليه‌السلام في بعض الروايات عمن ترك بعض اجزاء صلاته فيجيب : يعيد صلاته. ان هذا التعبير يدل على ان اسم الصلاة لا يختص بالصحيحة والاّ كيف يطلق عليه‌السلام كلمة الصلاة على الفاسدة بقوله يعيد صلاته ، بل ان التعبير بكلمة « يعيد » وبقطع النظر عن كلمة « صلاته » يدل على ان الماتي به اولا هو صلاة والا فلا يصح التعبير بكلمة « يعيد » اذ لا وجود للصلاة حتى يصدق على تكرارها عنوان الاعادة.

ويرد عليه :

أ ـ انه وردت رواية تقول « لا تعاد الصلاة الاّ من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود » (١). وهي تدل على وجوب اعادة الصلاة عند فقدان واحد من هذه الخمسة. ولازم ذلك صحة اطلاق كلمة الصلاة على الفاقد للاركان والحال ان الفاقد للاركان لا يصح اطلاق الصلاة عليه حتى عند الاعمى. اذن مثل هذا الاشكال يرد حتى بناء على الاعم ، ويسمى مثل هذا الجواب بالجواب النقضي.

ب ـ ان غاية ما يستفاد من هذا الدليل صحة اطلاق الصلاة على الفاسدة ، وواضح ان الاستعمال اعم من الحقيقة ، ولا يمكن التمسك باصالة الحقيقة لاثبات كون الاستعمال حقيقيا عند العلم بالمراد ـ وهو الصلاة الفاسدة ـ والشك في كيفية الاستعمال خلافا للسيد المرتضى كما تقدم ، ويسمى مثل هذا الجواب بالجواب الحلي.

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٦٨٣.

٢٦٠