السّجود

الشيخ داود سلمان الربيعي

السّجود

المؤلف:

الشيخ داود سلمان الربيعي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٢
ISBN: 964-8629-80-3
الصفحات: ١١٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

٦ ـ مسجد القبيلة ، والصلاة فيه تعدل خمساً وعشرين صلاة.

٧ ـ مسجد السوق ، والصلاة فيه تعدل اثني عشر صلاة.

٨ ـ مشاهد أئمة الهدىٰ من أهل البيت عليهم‌السلام وهي البيوت التي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.

٩ ـ روضات الأنبياء عليهم‌السلام.

١٠ ـ مقامات الأولياء والصالحين والعلماء والعباد (١).

الأماكن التي يكره فيها السجود في الصلاة :

يكره السجود في الصلاة في مواضع عديدة منها ما روي عن الإمام الصادق عليه‌السلام قوله : « عشرة مواضع لا يصلىٰ فيها : الطين ، والحمام ، والقبور، ومسان الطريق ، وقرىٰ النمل ، ومعاطن الإبل ، ومجرىٰ الماء ، والسبخ ، والثلج » (٢).

وهناك أماكن اُخرىٰ يكره السجود فيها نتعرض إليها جميعاً :

١ ـ الحمام : وهو المكان الذي يغسل فيه ، وعمم بعض الفقهاء الكراهة إلىٰ المسلخ (٣).

__________________

(١) العروة الوثقىٰ ١ : ٢٦٥.

(٢) الكافي / الكليني ٣ : ٣٩٠ / ١٢. الاستبصار / الطوسي ١ : ٣٩٤ ـ ٣٩٥ / ١ باب ٢٣٤ الصلاة في بيوت الحمام. والتهذيب ٢ : ٢١٩ / ٧١ باب ١١.

(٣) الاستبصار / الطوسي ١ : ٣٩٥ / ٢ الباب السابق. والتهذيب ٢ : ٣٧٤ / ٨٦ باب ١٧.

٦١

٢ ـ المزابل : وهي المواضع القذرة التي تجمع فيها القمامة.

٣ ـ المكان المتخذ للكنيف.

٤ ـ في مكان أمامه حائط ينز من بالوعة يبال فيها أو كنيف (١).

٥ ـ المواضع التي يصنع فيها المسكر أو يباع (٢).

٦ ـ الأماكن التي تذبح فيها الحيوانات أو تنحر.

٧ ـ المطابخ وبيوت النار (٣).

٨ ـ البيع والكنائس وبيوت المجوس ، إلاّ إذا رُشت وجفَّ ما عليها من رطوبة (٤).

٩ ـ الأرض السبخة (٥).

١٠ ـ أعطان ومرابط الأبل والبغال والحمير والبقر ومرابض الغنم وذلك لقذارتها (٦).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٨٨ / ٤. التهذيب / الطوسي ٢ : ٢٢١ / ٧٩ باب ١١ و ٣٧٦ / ٩٥ باب ١٧.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٢ / ٢٤. التهذيب / الطوسي ٢ : ٢٢٠ / ٧٢ باب ١١ و ٣٧٧ / ١٠٠ باب ١٧.

(٣) الاستبصار ١ : ٣٩٦ / ١ ـ ٢ باب ٢٣٧.

(٤) الكافي ٣ : ٣٨٧ / ١ و ٥. التهذيب ٢ : ٢٢٢ / ٨٣ ـ ٨٤ باب ١١.

(٥) الكافي ٣ : ٣٨٨ / ٥. الاستبصار ١ : ٣٩٥ ـ ٣٩٦ / ١ ـ ٢ باب ٢٣٦. والتهذيب ٢ : ٢٢١ / ٨٠ ـ ٨١ باب ١١.

(٦) الكافي ٣ : ٣٨٧ ـ ٣٨٨ / ٢ ـ ٣. والاستبصار ١ : ٣٩٥ / ١ ـ ٢ باب ٢٣٥. والتهذيب ٢ : ٢٢٠ / ٧٥ ـ ٧١ / ١١.

٦٢

١١ ـ الطرق العامّة مالم تضر بالمارة ، فإن اضرت بها حرم السجود وبطلت الصلاة (١).

١٢ ـ مجاري المياه وإن لم يتوقع جريان الماء فيها.

١٣ ـ السجود علىٰ القبر أو بين المقابر ولا سيّما بين قبرين بدون حائل (٢).

١٤ ـ السجود قرب قرىٰ النمل (٣).

١٥ ـ السجود في الطين (٤).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٨٩ / ٧ ـ ١٠. والتهذيب ٢ : ٣٧٥ / ٩٢ باب ١٧. والفقيه / الصدوق ١ : ١٥٧ ـ ١٥٨ / ١١ و ١٢ باب ٣٨.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٠ / ١٣. والاستبصار ١ : ٣٩٧ / ١ و ٢ و ٣ باب ٢٣٨.

(٣) راجع : الاستبصار ١ : ٣٩٤ ـ ٣٩٥ / ١ باب ٢٣٤. والتهذيب ٢ : ٢١٩ / ٧١ باب ١١.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٧٦ / ٩٤ باب ١٧.

٦٣

المبحث الثاني

سجود الشكر وآثاره

١ ـ صفة سجود الشكر :

لا يشترط في أداء سجود الشكر شرط ، فيصح كيفما أتىٰ به الساجد الشاكر ، ولكن الأفضل أن يكون السجود علىٰ الأرض وعلىٰ المواضع السبعة ووضع الجبهة علىٰ ما يصح السجود عليه كما في سجود الصلاة ، والصاق الساعدين والبطن بالأرض عكس ما يعمل في سجود الصلاة من استحباب التجافي عن الأرض ، كما يستحب وضع الجبهة علىٰ الأرض أولاً ثم التعفير ، والمراد به وضع الخدين علىٰ التراب ثم العودة الىٰ السجود بوضع الجبهة علىٰ الأرض ثانياً ، وبه يتحقق تعدد سجود الشكر ؛ لأن العودة إلىٰ السجود بعد التعفير يعني تحقق سجدة شكر اُخرىٰ وهي مستحبة اتفاقاً ؛ ولأجل هذا يقال سجدتا الشكر.

وفيما يلي صورة لسجدتي الشكر كما أوردها الشيخ المفيد فقال : وليحمد الله بعد تسليمه وليثنِ عليه ويصلي علىٰ محمد وآله عليهم‌السلام ويسأل الله حوائجه ، ثم يسجد سجدتي الشكر ، فليلصق فيها ذراعيه بالأرض ويقول في سجوده : ( اللهمَّ إليك توجهت وبك اعتصمت وعليك توكلت ، اللهمَّ أنت ثقتي ورجائي فاكفني ما أهمّني وما لا يهمني وما أنت أعلم به مني عزَّ جارك وجلَّ ثناؤك ولا إله غيرك صلِّ علىٰ محمد وآل محمد وعجّل

٦٤

فرجهم ).

ثم يرفع جبهته عن الأرض ويضع خدّه الأيمن علىٰ موضع سجوده ويقول :

( ارحم ذلي بين يديك ، وتضرعي إليك ، ووحشتي من الناس ، واُنسي بك يا كريم يا كريم يا كريم ).

ثم يرفع خدّه الأيمن عن الأرض ويضع مكان خدّه الأيسر ويقول :

( لا إله إلاّ أنت ربي حقاً حقاً ، سجدت لك يا رب تعبّداً ورقاً ، اللهمّ إنّ عملي ضعيف فضاعفه لي يا كريم يا كريم يا كريم ).

ثم يرفع خدّه عن الأرض ويعود إلىٰ السجود فيقول في سجوده : شكراً شكراً ، مئة مرة ، وإن قالها ثلاث مرات أجزأه ، وأكثر من ذلك أفضل ، والمئة فيها أفضل وبها جاءت السُنّة.

ثم يرفع رأسه ، ويجلس مطمئنا علىٰ الأرض ، ويضع باطن كفّه الأيمن موضع سجوده ، ثم يرفعها فيمسح بها وجهه من قصاص شعر رأسه إلىٰ صدغيه ، ثم يمرّها علىٰ باقي وجهه ، ويمرّها علىٰ صدره ، فإنّ ذلك سُنّة وفيه شفاء إن شاء الله.

وقد روي عن الصادقين عليهما‌السلام قولهما : « إنّ العبد إذا سجد امتدَّ من أعنان السماء عمود من نور إلىٰ موضع سجوده ، فإذا رفع أحدكم رأسه من السجود فليمسح بيده موضع سجوده ، ثم يمسح بها وجهه وصدره فإنّها لا

٦٥

تمر بداء إلاّ نفته إن شاء الله تعالىٰ » (١).

٢ ـ استحباب سجود الشكر :

لا خلاف بين العلماء ، إلاّ من شذّ (٢) ، في استحباب السجود شكراً لله عزَّ وجلّ عقيب الصلوات ، لأنّها مظنة التعبّد ، وموضع الخضوع والشكر علىٰ التوفيق لأداء العبادة ، وعند تجدد النعم ، ودفع النقم ، لما روي من أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا أتاه أمر يسرّه أو يُسرّ به خرَّ ساجداً شكرا لله تبارك وتعالىٰ (٣).

عن عبدالرحمن بن عوف قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتوجه نحو صدقته ، فدخل فاستقبل القبلة ، فخر ساجداً فأطال السجود حتىٰ ظننت أن الله عزَّ وجلَّ قبض نفسه فيها ، فدنوت منه فجلست ، فرفع رأسه فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« من هذا ؟ قلت : عبدالرحمن ،

قال : ما شأنك ؟ ، قلت : يا رسول الله ، سجدت سجدة خشيت أن يكون

__________________

(١) المقنعة / الشيخ المفيد : ١٠٩ ( سجدتي الشكر ).

(٢) كمالك وأبي حنيفة كما في المجموع شرح المهذب ٧ : ٧٠.

(٣) سنن أبي داود ٣ : ٨٩ / ٢٧٧٤ باب سجود الشكر ، كتاب الجهاد ، تحقيق محمد محي الدين عبدالحميد ، دار الفكر ـ بيروت. وسنن ابن ماجة ١ : ٤٤٠/ ١٣٩٤ باب ١٩٢ ما جاء في الصلاة والسجدة عند الشكر ، دار الفكر ـ بيروت ١٤١٥ ه‍. وسنن الترمذي ٤ : ١٤١ / ١٥٧٨ باب ٢٥ ما جاء في سجدة الشكر ، تحقيق إبراهيم عطوة عوض ، دار عمران ـ بيروت.

٦٦

الله عزَّ وجلَّ قد قبض نفسك فيها.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ جبريل عليه‌السلام أتاني فبشرني فقال : إنّ الله عزَّ وجلَّ يقول : من صلّىٰ عليك صليت عليه ، ومن سلم عليك سلمت عليه ، فسجدت لله عزَّ وجلَّ شكراً » (١).

وروي عن الإمام علي عليه‌السلام انه سجد شكرا لله تعالىٰ يوم النهروان لما وجدوا ذا الثدية مقتولاً (٢).

وعن هشام بن أحمد قال : كنت أسير مع أبي الحسن عليه‌السلام في بعض أطراف المدينة ، إذ ثنىٰ رجله عن دابته فخرّ ساجداً فأطال وأطال ، ثم رفع رأسه وركب دابته ، فقلت : جعلت فداك ، رأيتك قد أطلت السجود ؟

فقال عليه‌السلام : « إنّي ذكرت نعمةً أنعم الله بها عليَّ ، فأحببت أن أشكر ربي » (٣).

ومن الأوقات التي يتأكد فيها استحباب سجود الشكر ، هو عقيب الصلاة المكتوبة.

__________________

(١) تذكرة الفقهاء / العلاّمة الحلي ٣ : ٢٢٣. ومسند أحمد ١ : ٣١٤ / ١٦٦٧ حديث عبدالرحمن بن عوف ، دار إحياء التراث العربي ١٤١٤ ه‍ ط ٢ ، والنص منه. والسنن الكبرى / البيهقي ٢ : ٣٧١ باب سجود الشكر ، دار المعرفة ـ بيروت.

(٢) المصنف/ ابن أبي شيبة ٢ : ٣٦٨/ ١٣ باب ٣١٤ في سجدة الشكر ، دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ ه‍. والمصنف / عبدالرزاق ٣ : ٣٥٨ / ٥٩٦٢ باب سجود الرجل شكرا ، تحقيق الشيخ حبيب عبدالرحمن الأعظمي من منشورات المجلس العلمي. والسنن الكبرىٰ / البيهقي ٢ : ٣٧١ باب سجدة الشكر.

(٣) مشكاة الأنوار / الطبرسي : ٢٩.

٦٧

ويؤكد ذلك ما رواه مرازم عن الامام أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « سجدة الشكر... تتمّ بها صلاتك ، وترضي بها ربك ، وتعجب الملائكة منك ، وإنّ العبد إذا صلّىٰ ثمّ سجد سجدة الشكر فتح الرب تبارك وتعالىٰ الحجاب بين العبد وبين الملائكة فيقول : يا ملائكتي انظروا إلىٰ عبدي ، أدىٰ فرضي وأتمّ عهدي ثمّ سجد شكراً لي علىٰ ما أنعمت به عليه ، ملائكتي ماذا له عندي ؟ قال : فتقول الملائكة : يا ربنا رحمتك.

ثمّ يقول الرب تبارك وتعالىٰ : ثم ماذا له؟ فتقول الملائكة: ياربنا جنتك.

ثمّ يقول الرب تبارك وتعالىٰ : ثمّ ماذا له ؟ فتقول الملائكة : يا ربنا كفاية مهمه.

فيقول الرب تبارك وتعالىٰ : ثم ماذا له ؟ قال : ولا يبقى شيء من الخير إلاّ قالته الملائكة.

فيقول الله تبارك وتعالىٰ : يا ملائكتي ، ثمّ ماذا له ؟

فتقول الملائكة : ربنا لا علم لنا. فيقول الله تبارك وتعالىٰ : أشكر له كما شكر لي ، وأقبل إليه بفضلي وأريه رحمتي... » (١).

٣ ـ أهم الأدعية والأذكار الواردة في سجود الشكر :

إنّ المسنون من الأدعية والاذكار في سجود الشكر ـ كما في أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام ـ كثير ، وللساجد الاقتصار علىٰ ما شاء منه ، وسوف نقتصر

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه / الصدوق ١ : ٢١٩ ـ ٢٢٠ / ٩٧٨ باب سجدة الشكر والقول فيها. وتهذيب الأحكام / الطوسي ٢ : ١١٠ / ٤١٥ باب ٨.

٦٨

علىٰ ذكر بعضه ، وعلىٰ النحو الآتي :

أ ـ عن الامامين الصادق والكاظم عليهما‌السلام ، أنّهما كانا يكثران في سجدة الشكر من قول : « أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب » (١).

ب ـ كما روي عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « إذا أصابك أمر فبلغ منك مجهودك فاسجد علىٰ الأرض وقل : يا مذلَّ كل جبار ، يا معزَّ كل ذليل ، قد وحقك بلغ بي مجهودي فصلِّ علىٰ محمد وآل محمد وفرّج عني » (٢).

ج ـ وسُئل الإمام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام عن سجدة الشكر وما يقال فيها ، فقال عليه‌السلام : « السجدة بعد الصلاة المكتوبة شكرا لله علىٰ توفيقه عبده لأداء فرضه ، وأدنىٰ ما يقال في هذه السجدة : شكراً لله ثلاثاً.. » (٣).

٤ ـ من فوائد سجدة الشكر :

إنّ لسجدة الشكر فوائد وعطاءات جمّة تشتمل علىٰ غاية ما يصبو إليه الإنسان المؤمن من خير الدنيا والآخرة ، كزيادة النعمة ، وتوفيق الطاعة ، واستجابة الدعاء فيها ، زيادة علىٰ ما يكتبه الله عزَّ وجلَّ من حسنات وما يمحوه من سيئات كما هو واضح من كلام أهل البيت عليهم‌السلام.

فقد سُئل الإمام الرضا عليه‌السلام عن سجدة الشكر وعن معنىٰ شكرا لله ؟

__________________

(١) الكافي / الكليني ٣ : ٣٢٣ / ١٠ باب السجود والتسبيح والدعاء. ومستدرك الوسائل ٤ : ٤٦٣ / ٥١٦٧ باب ١٤ من أبواب السجود.

(٢) الدعوات / قطب الدين الراوندي : ٥١ / ١٢٨ فصل في ألحَّ في الدعاء وأوجزه.

(٣) من لا يحضره الفقيه / الصدوق ١ : ٢١٩ ـ ٢٢٠ / ٩٧٧ باب ٤٧ سجدة الشكر والقول فيها.

٦٩

فأجاب عليه‌السلام : « إنّ معناها أنّ هذه السجدة هي شكر مني لله تعالىٰ علىٰ أن وفقني لأن قمت بخدمته وأديت فرضه ، وشكر الله يوجب زيادة النعمة وتوفيق الطاعة ، وإذا كان قد بقي في الصلاة تقصير ولم تتم بالنوافل أتمّتها هذه السجدة » (١).

وعن جهم بن أبي جهم ، قال : رأيت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام وقد سجد بعد الثلاث الركعات من المغرب فقلت له : جعلت فداك ، رأيتك سجدت بعد الثلاث ركعات ، فقال عليه‌السلام : « ورأيتني ؟ فقلت : نعم، قال عليه‌السلام : فلا تدعها ، فإنّ الدعاء فيها مستجاب » (٢).

وعن الإمام أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « من سجد لله سجدة الشكر وهو متوضئ كتب الله له بها عشر صلوات ، ومحا عنه عشر خطيئات عظام (٣) ، ورفع له عشر درجات في الجنان » (٤).

__________________

(١) الباقيات الصالحات / الشيخ عباس القمي شرح محمد هويدي : ٨٠٧ باب سجدة الشكر ، نشر المؤسسة العالمية لعلوم القرآن ، دار الملاك ١٤١٥ ه‍ ط ١.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢١٧ ـ ٢١٨ / ٩٦٧ باب ٤٧ سجدة الشكر والقول فيها.

(٣) من لا يحضره الفقيه / الصدوق ١ : ٢١٨ / ٩٧١ باب ٤٧ سجدة الشكر والقول فيها.

(٤) الباقيات الصالحات : ٨٠٦ باب سجدة الشكر.

٧٠



الفصل الثالث

حرمة السجود لغير الله تعالىٰ

من خلال ما تقدم من آيات وروايات يتضح اختصاص السجود بالله عزَّ وجلَّ وحده دون سواه مهما كانت رتبته ومنزلته.

وقد مرَّ أن السجود هو الخضوع والخشوع والتذلل ، وبما ان الخضوع والخشوع والتذلل أعم من السجود ، فقد يشتبه الجاهل فيحمل حرمة السجود ـ وهو مفهوم خاص ـ لغير الله عزَّ وجلَّ علىٰ حرمة الخضوع ـ لغير الله تعالىٰ ، مع أن الله تعالىٰ أمر بتذلل العبد لوالديه في محكم كتابه العزيز فقال تعالىٰ : ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) (١).

كما حث علماء الأخلاق عند جميع المسلمين ـ اقتداء بجملة من الآثار والأخبار ـ علىٰ التواضع للعلماء والخضوع لهم لا سيّما في مقام التعلّم حتى جعل خضوع الطالب وتذلله لاستاذه من أوليات آداب التلمذة والتعلّم.

__________________

(١) سورة الاسراء : ١٧ / ٢٤.

٧١

ويكفي في المقام اتفاق العقلاء علىٰ ضرورة الخضوع للحق والانقياد له حتىٰ ولو سمع من صبي. فكيف الحال إذن مع انبياء الله عزَّ وجلَّ ورسله وأوليائه الذين هم حجج الله في أرضه علىٰ عباده ؟ فلا شك في كون الخضوع والتذلل لهم والانصياع لأوامرهم من موجبات الشرع الحنيف علىٰ أن لا يكون ذلك بنحو التأليه وإلاّ فهو من الشرك بالله عزَّ وجلَّ.

نعم ، السجود علىٰ الأعضاء السبعة منحصر بالله عزَّ وجلَّ ولا يجوز أن يكون لغير الله تعالىٰ حتىٰ وان لم يكن بنحو التأليه ؛ لأنّه سيكون من قبيل تسوية العبد بخالقه ، وهو عين الضلال حتىٰ وان قصد بها الاحترام لما فيها من جعل المخلوق بمرتبة الخالق وتنزيل الخالق إلىٰ منزلة المخلوق.

ومن هنا جاء في الحديث الشريف أن معاذا لما قدم من اليمن سجد للنبي ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يامعاذ ! ما هذا » ؟ قال : إن اليهود تسجد لعظمائها وعلمائها ورأيت النصارىٰ تسجد لقسسها وبطارقتها ، قلت ماهذا ؟ قالوا : تحية الأنبياء ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « كذبوا علىٰ أنبيائهم » (١).

وروىٰ سفيان الثوري عن سماك بن هاني أنه قال : دخل الجاثليق علىٰ علي بن أبي طالب عليه‌السلام فأراد أن يسجد له فقال له الامام علي عليه‌السلام : « اسجد لله ولا تسجد لي » (٢).

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٥١٥ / ١٨٩١٣ و ٥١٦ / ١٨٩١٤ وفي الطبعة القديمة ٤ : ٣٨١.

(٢) التفسير الكبير / الفخر الرازي ٢ : ٢٣٢ في تفسير الآية ٣٤ من سورة البقرة.

٧٢

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان في نفر من المهاجرين والأنصار فجاء بعير فسجد له ، فقال أصحابه : يا رسول الله تسجد لك البهائم والشجر ، فنحن أحق أن نسجد لك فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اعبدوا ربكم واكرموا أخاكم ، ولو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها » (١).

هذا ، وأما ما حكاه القرآن من قصة السجود لآدم عليه‌السلام ونحو ذلك مما سيأتي فلا منافاة بينه وبين ما تقدم من حرمة السجود لغير الله عزَّ وجلَّ ، وهذا ما سنوضحه علىٰ النحو الآتي :

أولاً : معنىٰ سجود الملائكة لآدم عليه‌السلام :

سنذكر في بيان معنى السجود لآدم عليه‌السلام أهم الآراء المطروحة في المقام ، ثم نبين القول المختار منها وما يرد علىٰ غيره من الأقوال ، وهي :

الرأي الأول : إنّ سجود الملائكة لآدم عليه‌السلام هو بمعنىٰ الخضوع والتواضع ، وليس بمعنى السجود المعهود ، وقد مرّ أن الخضوع للأنبياء عليهم‌السلام لا يتنافىٰ مع السجود لله عزَّ وجلَّ ، بل هو مما أمر الله تعالىٰ به وحذّر من مخالفته.

وفيه : أن هذا التأويل خلاف الظاهر من اللفظ ، فلا يصار إليه من غير

__________________

(١) راجع : مسند أحمد بن حنبل ٦ : ٣٠٠ / ٢١٤٨٠ و ٧ : ١١١ ـ ١١٢ / ٢٣٩٤٩ واللفظ منه وفي الطبعة القديمة ٤ : ٣٨١ و ٥ : ٢٢٨ و ٦ : ٧٦ ، وسنن ابن ماجة ١ : ٥٨١ / ١٨٥٢ و ٥٨٢ / ١٨٥٣ باب ٤ حق الزوج علىٰ المرأة. وسنن أبي داود ٢ : ٢٤٤ / ٢١٤٠ باب حق الزوج علىٰ المرأة ، وزاد فيه : « لما جعل الله لهم عليهن من الحق ».

٧٣

قرينة ، وإنّ الروايات قد دلت علىٰ أنّ ابن آدم إذا سجد لربه ضجر إبليس وبكىٰ ، لأنّه أُمر به فعصىٰ واستكبر فلُعن وأُبعد ، وهذه الروايات دالة علىٰ سجود الملائكة بهذا المعنىٰ المعهود للسجود لأنّ المتبادر من السجود وضع الجبهة علىٰ الأرض، ويؤيده قوله تعالىٰ : ( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) حيث امتثل الجميع ـ بالسجود ـ لأمر الله إلاّ إبليس أبىٰ قال تعالىٰ : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) (١) ، لذلك يضجر إبليس ويبكي من إطاعة ابن آدم للأمر وعصيانه هو من قبل (٢) ، وقد روىٰ أبو بصير عن الإمام الصادق عليه‌السلام مايؤيد ذلك ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : سجدت الملائكة لآدم عليه‌السلام ووضعوا جباههم علىٰ الأرض ؟

قال عليه‌السلام : « نعم تكرمة من الله تعالىٰ » (٣).

الرأي الثاني : إنّ سجود الملائكة كان لله تعالىٰ ، وإنما كان آدم قبلةً لهم ، كما يقال : صلِّ للقبلة أي إليها. وقد أمر الله الملائكة بالتوجه إلىٰ آدم في سجودهم تكريماً له وتعظيماً لشأنه وهو ما نسب إلىٰ أبي علي الجبائي وأبي القاسم البلخي وجماعة (٤).

ويرد عليه ما ورد علىٰ سابقه من مخالفته لظاهر اللفظ بل ومنافاته

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ / ٣٤.

(٢) راجع البيان في تفسير القرآن / السيد الخوئي : ٥٠٦ ، المطبعة العلمية ـ قم ١٣٩٤ ه‍ ط ٥.

(٣) بحار الأنوار ١١ : ١٣٩ / ٣ باب سجود الملائكة ومعناه.

(٤) بحار الأنوار ١١ : ١٤٠ / ٦ باب سجود الملائكة ومعناه.

٧٤

لصريح الآية المباركة ( أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ) (٢) فإنّ إبليس إنّما أبىٰ عن السجود بادعاء أنّه أشرف من آدم عليه‌السلام.

فلو كان السجود لله تعالىٰ ، وكان آدم قبلةً محضةً لما كان في احتجاجه الذي سجّله لنا القرآن الكريم معنىٰ ، قال تعالىٰ : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ) (٣) وهذه الآيات صريحة بإرادة السجود ، وليس المتبادر منه هو القبلة.

الرأي الثالث : إنّ السجود لشخص آدم عليه‌السلام ، حيث كان بأمر الله تعالىٰ ، فهو في الحقيقة خضوع لله وسجود له لكونه بامره.

وبيان ذلك : أنّ السجود هو الغاية القصوى للتذلل والخضوع ، ولذلك قد خصه الله سبحانه بنفسه ، ولم يرخّص لعباده أن يسجدوا لغيره.

غير أنّ السجود لغير الله إذا كان بأمر من الله تعالىٰ كان في الحقيقة عبادة له وتقربا إليه ؛ لأنّه امتثال لأمره ، وانقياد لحكمه ، وإن كان في الصورة تذللاً للمخلوق.

ومن أجل ذلك يصحّ عقاب المتمرّد علىٰ هذا الأمر ، ولا يُسمع اعتذاره بأنّه لا يتذلل للمخلوق، ولا يخضع لغير الخالق حتىٰ لو كان يأمره.

__________________

(٢) سورة الاسراء : ١٧ / ٦١.

(٣) سورة الاعراف : ٧ / ١١ ـ ١٣.

٧٥

وهذا الرأي هو الصحيح المختار :

وقد روي هذا المعنىٰ عن أهل البيت عليهم‌السلام في جملة من الأخبار ، نذكر منها ما روي عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « قال إبليس : ربِّ اعفني من السجود لآدم ، وأنا أعبدك عبادة لم يعبدكها ملك مقرب ، ولا نبي مرسل. فقال الله : لا حاجة لي إلى عبادتك ، إنّما اُريد أن اُعبد من حيث أُريد ، لا من حيث تريد ، فأبىٰ أن يسجد... » (١).

وهذا الحديث صريح بكون السجود لآدم هو عبادة لله عزَّ وجلَّ ؛ لأنّه كان بأمره تعالىٰ.

وروي أيضاً عن الإمام الصادق عليه‌السلام عندما سأله زنديق : أفيصلح السجود لغير الله ؟ قال الإمام عليه‌السلام : « لا » قال : فكيف أمر الله الملائكة بالسجود لآدم عليه‌السلام ؟ فقال الإمام عليه‌السلام : « إنّ من سجد بأمر الله فقد سجد لله ، فكان سجوده لله إذا كان عن أمر الله » (٢).

ثانيا : معنىٰ السجود ليوسف عليه‌السلام :

وأما عن سجود آل يعقوب ليوسف الصديق عليه‌السلام كما صرّح به القرآن الكريم وهو يقصّ لنا أحسن القصص بقوله تعالىٰ : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى

__________________

(١) البيان في تفسير القرآن / السيد الخوئي : ٥٠٨. وبحار الأنوار ١١ : ١٤١ / ٧ باب سجود الملائكة ومعناه.

(٢) الإحتجاج / الطبرسي ٢ : ٢١٨ / ٢٢٣ كلامه في حكمة سجود الملائكة لآدم عليه‌السلام. انتشارات الاسوة ـ قم ١٤١٣ ه‍. وبحار الأنوار ١٠ : ١٦٨ / ٢ باب ١٣ إحتجاجات الإمام الصادق عليه‌السلام على الزنادقة والمخالفين.

٧٦

الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ) (١).

فلا ينافي أيضاً ما تقرر في محلّه من حرمة السجود لغير الله عزَّ وجلَّ ؛ لأنّه في الواقع كان إعظاماً وشكرا لله عزَّ وجلَّ علىٰ ما أنعم عليهم من نعمة السلامة واجتماع الشمل ، ولم يكن سجود عبادة ليوسف عليه‌السلام ، فهذا ما يأباه كل من عرف مقام الأنبياء ومنزلتهم ودعوتهم الناس إلىٰ نبذ الشرك والاعتقاد بالتوحيد الخالص.

نعم ، فقد كان من بين اولئك الساجدين نبي الله يعقوب عليه‌السلام ، وهو ممن أخلص لله في كلِّ شيء ولم يبث شكواه إلاّ لله قال تعالىٰ : ( وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) (٢).

وتفسير السجود بهذا المعنى الذي ينسجم مع اُصول العقيدة الإسلامية من حرمة السجود لغير الله ، هو ما أثبتته مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام كما يدلُّ عليه جملة من الروايات ، نكتفي بالاشارة إلىٰ بعضها :

عن أبي بصير ، عن الإمام الباقر عليه‌السلام أنّه قال : « ... فلما دخلوا علىٰ يوسف في دار الملك اعتنق أباه فقبّله وبكىٰ... ثم دخل منزله فادّهن واكتحل ولبس ثياب العزّة والملك ثم رجع إليهم ـ أو خرج إليهم ـ فلمّا رأوه سجدوا له جميعاً اعظاماً وشكراً لله ، فعند ذلك قال : ( يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ) » إلىٰ أن قال : ( بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ) قال : ولم يكن يوسف في تلك العشرين سنة يدهن ولا يكتحل ولا يتطيّب ولا

__________________

(١) سورة يوسف : ١٢ / ١٠٠.

(٢) سورة يوسف : ١٢ / ٦٨.

٧٧

يضحك ، ولا يمسّ النساء حتىٰ جمع الله ليعقوب شمله ، جمع بينه وبين يعقوب واخوته (١).

وعن موسىٰ بن محمد بن علي بن موسىٰ ، سأل الإمام علي بن محمد الهادي عليه‌السلام عن قول الله عزَّ وجلَّ : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ) أسجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء ؟ ...

فقال عليه‌السلام : « وأما سجود يعقوب وولده ليوسف ، فإنّ السجود لم يكن ليوسف ، كما أن السجود من الملائكة لآدم لم يكن لآدم ، إنّما كان منهم طاعة لله وتحية لآدم ، فسجد يعقوب وولده شكرا لله باجتماع شملهم ، ألم ترَ أنه يقول في شكره في ذلك الوقت ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ .. ) » (٢).

وروي عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنه سئل عن قوله تعالىٰ : ( وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ) قال عليه‌السلام : « كان سجودهم ذلك عبادة لله » (٣).

ونخلص من ذلك كلّه إلىٰ اختصاص السجود بالله تعالىٰ وحده ، وإنّ ما أتىٰ به الملائكة لآدم عليه‌السلام وكذا ما فعله يعقوب عليه‌السلام وولده ليوسف الصديق عليه‌السلام فإنّما ذلك كلّه سجود لله تعالىٰ ، وطاعة له وائتمار بأمره سبحانه ومحبة لآدم وفضيلة له عليه‌السلام وكذا تحية ليوسف وتكرمة له عليه‌السلام ليس إلاّ.

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ : ١٩٧ / ٨٣. وبحار الأنوار ١٢ : ٣١٨ / ١٤٣ كتاب النبوة.

(٢) الاختصاص / الشيخ المفيد : ٩١ ـ ٩٣ ، انتشارات مكتبة الزهراء عليها‌السلام ـ قم ١٤٠٢ ه‍. وتفسير العياشي ٢ : ١٩٧ / ٨٢.

(٣) تفسير العياشي ٢ : ١٩٧ / ٨٥.

٧٨



الفصل الرابع

السجود علىٰ التربة الحسينية

تمهيد : فيما يصح السجود عليه وما لا يصح :

١ ـ ما يصح السجود عليه :

يمكن تقسيم ما يصح السجود عليه بحسب أدلته الثابتة إلىٰ ما يأتي :

أوّلاً : السجود علىٰ الأرض سواء كانت تراباً أو رملاً أو حجراً أو مدراً أو حصىً أو طيناً ، بشرط تمكين الجبهة (١) ، ويدل عليه حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا » الذي روي بألفاظ متقاربة في كثير من الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها (٢).

__________________

(١) لأن السجود وضع الجبهة علىٰ ما يصح السجود عليه ، ومع عدم التمكن لا يصدق الوضع ، بل يكون عن مجرد المسّ. مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام / السيد عبدالأعلىٰ السبزواري ٥ : ٤٥٧.

(٢) اُنظر صحيح البخاري ١ : ٩١ باب التيمم مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت. وصحيح مسلم ١ : ٣٧٠ ـ ٣٧١ / ٣ ـ ٥ كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي ، دار الكتب العلمية ـ بيروت. وسنن أبي داود ١ : ١٣٢ ـ ١٣٣ / ٤٩٢ باب في المواضع التي لا يجوز فيها الصلاة. وسنن النسائي ١ : ٢٦٧ /

٧٩

وقد دلَّ الحديث بمنطوقه ومفهومه علىٰ أنّ السجود لله تعالىٰ يكون علىٰ الأرض بصورة مطلقة وانه لا يختص السجود منها بموضع دون غيره ، كما دلّ الحديث أيضاً علىٰ أنّ الأصل في الأرض هو الطهارة إلاّ ما خرج عن ذلك الأصل بدليل كوجود عين نجسة علىٰ بقعة فيها.

ويؤيد هذا الحديث أحاديث اُخر تشير إلىٰ هذا المعنىٰ صراحة ، كأحاديث وضع الجبهة والأنف علىٰ الأرض في السجود (١) وانه لا صلاة لمن لا يفعل ذلك في سجوده (٢).

زيادة علىٰ السُنّة الفعلية للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنقولة عن جملة من الصحابة

__________________

٨١٥ باب ٤٢ كتاب المساجد عن جابر بن عبدالله الأنصاري ، دار الكتب العلمية ـ بيروت. وسنن الترمذي ٢ : ١٣١ / ٣١٧ باب ٢٣٦ من أبواب الصلاة ، تحقيق أحمد محمد شاكر ، دار عمران ـ بيروت. والسنن الكبرىٰ / البيهقي ٢ : ٤٣٥ كتاب الصلاة. والمصنف / ابن أبي شيبة ٢ : ٢٩٣ / ١ ـ ٨ باب ٢٤٠ من قال الأرض كلّها مسجد.

(١) الكافي ٢ : ٣٣٣ / ٢ باب وضع الجبهة علىٰ الأرض. والاستبصار ١ : ٣٣٧ / ٤ باب السجود علىٰ الجبهة. وصحيح البخاري ١ : ٢٠٦ باب السجود علىٰ الأنف كتاب الصلاة. والسنن الكبرىٰ / البيهقي ٢ : ١٠٣ ـ ١٠٤ باب إمكان الجبهة من الأرض في السجود كتاب الصلاة. والمستدرك علىٰ الصحيحين / الحاكم النيسابوري ١ : ٤٠٤ / ٩٩٧ و ٩٩٨ كتاب الصلاة ، تحقيق مصطفىٰ عبدالقادر عطا ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤١١ ه‍ ط ١. والمصنف/ عبدالرزاق ٢ : ١٨١ ـ ١٨٢ / ٢٩٧٦ ـ ٢٩٨٩ باب السجود علىٰ الأنف.

(٢) أُنظر سنن الدارقطني ٢ : ٢٧٣ ـ ٢٧٤ / ١٣٠٢ و ١٣٠٥ باب ٤٢ وجوب وضع الجبهة والأنف علىٰ الأرض كتاب الصلاة ، دار الفكر ـ بيروت ١٤١٤ ه‍. وراجع : المصنف / عبدالرزاق ٢ : ١٨١ ـ ١٨٢/ ٢٩٧٦ ـ ٢٩٨٩ باب السجود علىٰ الأنف.

٨٠