جواهر الكلام - ج ٣٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

شريكه ، ولعل ذلك هو الأقوى إن لم ينعقد إجماع على خلافه ، ودونه خرط القتاد ، إذ يمكن إرادة جميع من أطلق فك الوارث الظاهر فيمن ينحصر الإرث به على تقدير فكه ، ولا يندرج فيه إلا الزوج دون الزوجة واحتمال إرثها الجميع هنا مخالف لقولهم لعدم الرد عليها مع عدم ظهور استثناء في كلامهم للمقام ، والله العالم.

( و ) كيف كان فقد ظهر لك ما في قول المصنف من أن ( الأول أولى ) وإن نسب عدم فك الزوجين إلى الديلمي والحلي وابن سعيد والآبي وأبي العباس وظاهر المقنعة والأحمدي والجواهر والوسيلة والقواعد والتلخيص والتنقيح بل عن المقتصر نسبته إلى الأكثر.

المسألة ( الثانية : )

( أم الولد لا ترث ، وكذا المدبر ولو كان وارثا من مدبره ، وكذا المكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئا ) بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك ، بل ولا إشكال في عدم إرثهم القريب غير المولى ، ضرورة اندراجهم في جميع ما دل على عدم إرث المملوك من نص (١) وإجماع محكي لبقائهم أجمع على الرقية ، فهم حينئذ كالقن وإن كان لهم نوع تشبث بالحرية ، ولذا لو ماتوا لم يرثهم أحد ، لعدم الملك لهم ، بلا خلاف أجده في شي‌ء منهم إلا في المكاتب المطلق الذي يموت وعنده وفاء ، فان فيه خلافا تقدم في محله.

وأما إرثهم للمولى مع فرض كونه قريبا فلا وجه له في أم الولد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب موانع الإرث.

٦١

المحجوبة بابنها ، ضرورة عدم تصور كونها أم ولده قريبة إلا في مرتبة العمومة والخؤولة كي يحل له وطؤها ، فانعتاقها حينئذ من نصيب ولدها غير نافع لها ، وكذا لا وجه له في المكاتبين بعد فرض بقائهما على الرقية بعد المولى للشرط في أحدهما وعدم التأدية في الثاني.

وأما المدبر ففي المسالك تعليل عدم إرثه بأنه يعتق بعد وفاة سيده من ثلثه ، فانتقال التركة إلى غيره من الوارث سابق على حريته ، ثم قال : « وهذا يتم مع اتحاد الوارث ، أما مع تعدده فالحكم بحريته سابق على القسمة ، فيختص إن كان أولى ويشارك إن كان مساويا ».

قلت : بل قد يناقش في المتحد أيضا بأن حريته مع فرض سعته الثلث له مقارن لانتقال التركة إلى الوارث ، إذ كونه من الثلث لا يقتضي تأخره عن ذلك كي يكون سابقا على حريته. نعم إرثه تسبب عن أمرين موت السيد وحريته ، بخلاف ارث الوارث ، فإنه مسبب عن موت المورث خاصة ، فإن كان ذلك مجديا فهو ، وإلا كان للنظر فيه مجال.

واحتمال الفرق بين المدبر والوارث بأن الإرث للثاني مقارن للموت بخلاف الأول فإن حريته مشروطة بتعقبها للوفاة يدفعه منع ذلك في الوارث أيضا ، فإنه لا بد من تقدم الموت للإرث ولو تقدما ذاتيا.

اللهم إلا أن يفرق بينهما بذلك ، فيقال : إن التقدم في الإرث والتحرير زماني ، فيتحقق حينئذ سبق الانتقال إلى الوارث على الحرية ، لكنه كما ترى ، والعمدة الإجماع إن تم وإلا كان للنظر فيه مجال ، والله العالم.

( و ) كيف كان فـ ( ـمن لواحق أسباب المنع أربعة : ) ( الأول : اللعان ) الجامع للشرائط ( سبب لسقوط نسب الولد ) بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه والنصوص (١) وافية في الدلالة عليه‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ و ١٤ ـ من كتاب اللعان.

٦٢

فلا توارث حينئذ بينهما ، لعدم النسب شرعا ( نعم لو اعترف ) به ( بعد اللعان ألحق به وورثه الولد وهو لا يرثه ) بلا خلاف أجده فيه‌ لعموم « إقرار العقلاء » (١) وخصوص‌ قول الصادق عليه‌السلام في حسن الحلبي (٢) « في الملاعن فان ادعاه أبوه لحق به ، فان مات ورثه الابن ولم يرثه الأب » وغيره من النصوص.

لكن في تعدي إرث الولد حينئذ إلى أقارب الأب مع اعترافهم أو مطلقا أو عدمه مطلقا أوجه ، تقدم الكلام فيها سابقا.

كما أنه يأتي إنشاء الله تمام الكلام في كيفية إرث ولد الملاعن عند تعرض المصنف له ، وإنما ذكره هنا إلحاقا له بالموانع لا منها نفسها ، لأن المنع فيه من حيث انقطاع النسب ، والكلام في الموانع على تقدير تحقق النسب ، وليس ولد الملاعن كذلك ، بل هو من الأجانب بعد قطع الشارع نسبه باللعان ، كما هو واضح ، والله العالم.

( الثاني : الغائب غيبة منقطعة ) فيها آثاره وأخباره ، فلم يعلم حياته ولا موته يتربص بماله اتفاقا فتوى ونصا (٣).

ولكن في قدر التربص أقوال مختلفة : المشهور منها نقلا وتحصيلا خصوصا بين المتأخرين أنه ( لا يورث حتى يتحقق موته ) بالتواتر أو بالبينة أو بالخبر المحفوف بالقرائن المفيد للعلم ( أو ) بأن ( تنقضي مدة لا يعيش مثله إليها غالبا ) لأصلي بقاء الحياة والتركة على ملكه من غير معارض.

وهي مختلفة باختلاف الأزمان والأصقاع ، وربما قدرت بالمائة‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من كتاب الإقرار ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى.

٦٣

وخمسين سنة ، بل في المسالك « أنها ربما قدرت بالمائة وعشرين سنة ـ ثم قال ـ : والظاهر الاكتفاء بما دونها ، فان بلوغ العمر مائة سنة الآن على خلاف العادة ».

( فـ ) ـإذا تحقق موته ( يحكم ) حينئذ ( لورثته الموجودين في وقت الحكم ) لا من مات قبله ولو بيوم إلا إذا شهدت البينة بالموت قبله.

( وقيل ) كما عن الإسكافي في المحكي من مختصره ( يورث بعد انقضاء عشر سنين من غيبته ) لكن المنقول من عبارته ما نصه : « والنظرة في ميراث من فقد في عسكر قد شهدت هزيمته وقتل من كان فيه أو أكثرهم أربع سنين ، وفي من لا يعرف مكانه في غيبة ولا خبر له عشر سنين ، والمأسور في قيد العدو يوقف ماله ما جاء خبره ثم إلى عشر سنين » وظاهره التفصيل اللهم إلا أن يحمل ذلك على تحقق موته بالقرينة.

وعلى كل حال فمستنده‌ صحيح علي بن مهزيار (١) سأل الجواد عليه‌السلام « عن دار كانت لامرأة وكان لها ابن وابنة فغاب الابن بالبحر وماتت الامرأة فادعت ابنتها أن أمها كانت صيرت هذه الدار لها وباعت أشقاصا منها ، وبقيت قطعة إلى دار رجل من أصحابنا وهو يكره أن يشتريها لغيبة الابن وما يتخوف من أن لا يحل له شراؤها ، وليس يعرف للابن خبر ، فقال عليه‌السلام : ومنذ كم غاب؟ قال : منذ سنين كثيرة ، فقال : ينتظر من غيبته عشر سنين ثم يشترى ، فقال : إذا انتظر غيبته عشر سنين يحل شراؤها؟ قال : نعم ».

وربما نوقش بجواز أن يكون جواز الشراء لأنها بيد البنت ، ولا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٧.

٦٤

معارض لها وإن أقرت بأنها ملكتها من أمها. والغائب حينئذ على حجته ، ولا ينافيه الأمر بالتأخير إلى تلك المدة ، لاحتمال كونه من باب الاحتياط بل يحتمل أن يكون قد حفظ الثمن للغائب أو أعطي البنت وضمنت له ، بل يمكن أن يكون ذلك إذنا من الامام (ع) في بيع مال الغائب لمصلحته. على أنه قضية في واقعة ، فلا يستدل به على الكلية.

إلا أن الجميع كما ترى لا ينافي الظهور الذي يكفي الخصم ، والتأخير للاحتياط يلزمه كون مدة الانتظار بالغائب ذلك وإلا لم يكن احتياطا.

نعم هي شاذة ، إذ لم يعرف القول بمضمونها ممن عدا من عرفت إلا ما يحكى عن المفيد من الانتظار إلى ذلك في بيع عقاره خاصة وجواز اقتسام الورثة ما عداه من سائر أمواله بشرط الملاءة ، وضمانهم له على تقدير ظهوره.

ولعله هو الذي أشار إليه المصنف بقوله ( وقيل : يدفع ماله إلى وارثه الملي‌ء ) وإن كان مطلقا جمعا بين هذا الصحيح (١) وبين‌ موثق إسحاق بن عمار (٢) « سألته عن رجل كان له ولد فغاب بعض ولده ولم يدر أين هو؟ ومات الرجل كيف يصنع بميراث الغائب من أبيه؟ قال : يعزل حتى يجي‌ء. قلت : فقد الرجل فلم يجي‌ء ، فقال : إن كان ورثة الرجل ملاء بماله اقتسموه بينهم ، فان جاء هو ردوه عليه ».

إلا أنه كما ترى ، خصوصا بالنسبة إلى الشق الثاني الذي لم يبين فيه مدة التربص واشترط الاقتسام بالملاءة ، وهو مناف للحكم بموته.

ومنه يعلم أنه لا وجه لحمله على ما يوافق نصوص الأربع سنين (٣)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٧.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٨.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٥ و ٩.

٦٥

ولو بتقييده بها الذي هو أحد الأقوال ، بل هو المحكي عن الانتصار والفقيه والغنية والكافي ، واختاره في الرياض حاكيا له عمن عرفت ، ثم قال : « ونفى عنه البأس في المختلف ، وقواه الشهيدان في الدروس والروضة ، ومال إليه جملة من متأخري المتأخرين كالمحدث الكاشاني وصاحب الكفاية وغيرهما ».

بل في الأول والثالث دعوى إجماع الإمامية عليه ، وهو الحجة بعد الموثقين ، في أحدهما (١) « المفقود يحبس ماله على الورثة قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين ، فان لم يقدر عليه قسم ماله بين الورثة » ونحوه الثاني (٢) لكنه مطلق غير مقيد بالطلب ، فيقيد به ، لقاعدة الإطلاق والتقييد ولعدم القائل بالإطلاق معتضدا ذلك كله بما دل (٣) على ذلك في الزوجية التي هي أولى بالمراعاة من المال.

لكن قد يناقش باعراض المعظم عن الإجماعين ، بل كأنه استقر الإجماع على خلافهما باعتبار مضي جملة من الأعصار المتخللة بين زمان الأول والموافق له من المتأخرين ، بل قد عرفت أن أساطين عصر القائل على خلافه ، كالمفيد والشيخ وغيرهما ، فيقوى الظن بخطإ تحصيلهما ، فما عساه يقال ـ من أنه لا أقل من إفادتهما الشهرة في ذلك الزمان ، فتعضد الرواية أو تجبرها ـ في غير محله.

والموثقان مع إعراض المشهور عنهما أيضا معارضان بالصحيح (٤) والموثق الآخر (٥) وحمل الأخير منهما على الأولين ليس بأولى من حملهما على ما يشعر به من إعطاء المال للوارث الملي‌ء لا على جهة الإرث ، بل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٩.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق من كتاب الطلاق.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٧.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٨.

٦٦

على جهة القرض ونحوه مما هو مصلحة للغائب في حفظ ماله.

( و ) من ذلك كله وغيره يعلم ان ( الأول أولى ) وأحوط وأبعد من التهجم على الأموال المعصومة بالأخبار الموهومة المعارضة للأصول القطعية التي منها أصالة بقاء الحياة ، وعدم دخول التركة في ملك الورثة ، المؤيدة بالنصوص الواردة في مجهول المالك.

منها‌ الصحيح (١) : « سأل خطاب الأعور أبا إبراهيم عليه‌السلام وأنا جالس ، فقال : إنه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالأجرة ، ففقدناه وبقي له من أجره شي‌ء ، فلا نعرف له وارثا ، قال : فاطلبوه ، قال : قد طلبناه فلم نجده. قال : فقال : مساكين وحرك يديه ، قال : وأعاد ، قال : اطلب واجهد ، فإن قدرت عليه وإلا فهو كسبيل مالك حتى يجي‌ء له طالب ، فان حدث بك حدث فأوص به إن جاء طالب أن يدفع إليه ».

وهي وإن كانت فيمن لا يعرف له وارث ، وهو غير ما نحن فيه ، إلا أن الظاهر كما عن الأردبيلي عدم الفرق بين الميراث وبين غيره من الحقوق.

بل قد يقال : إن المتجه مع الحكم بموته لأربع سنين مثلا دفع المال إلى الامام عليه‌السلام في غالب الأحوال ، إذ هو وارث من لا وارث له ولو بالأصل. وعلى كل حال ففيها نوع تأييد.

والإلحاق بالزوجية ـ مع أنه قياس لا نقول به ـ يمكن الفرق بلزوم تضرر المرأة بطول الغيبة المقتضي لتعطيل بضعها وانقطاع نسلها وعدم النفقة لها ونحو ذلك ، بل لو قلنا : العلة الأخير خاصة ـ بدليل أنها لو وجدت من ينفق عليها انتظرت ـ كان فارقا.

ودعوى اشتراكها مع الورثة بالتضرر من هذه الجهة سيما الصغار‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ١.

٦٧

منهم والعجزة واضحة المنع ، ضرورة عدم معلومية كون المال لهم كي يحصل ضرر عليهم بتعطيله عنهم ، بل لعل الضرر على صاحب المال بدفعه إليهم قبل تحقق موته ، خصوصا مع غلبة انقطاع الأخبار في مثل هذه المدة ثم يعقبها تبين الحياة ، خصوصا لمن يكون سفره إلى جهة الغرب أو الشرق.

على أن المحكي عن الحلبي الصبر إلى أربع سنين لكشف السلطان فيها عن خبره ، وهذا لا يكون إلا مع انبساط اليد ، بل لعل المراد بعد انقطاع خبره يتربص أربع سنين يكشف فيها عن خبره ، لا أن المراد بمجرد انقطاع خبره هذه المدة يحكم بموته.

بل يمكن مع فعل ذلك وإرسال الرسل إلى جميع الأطراف ـ التي هي مظنة وجوده فلم يوقف له على أثر وخبر ـ يعلم موته ، إذ لو كان لبان ، ولو كان في قيد الحياة تنفسا ، وحينئذ ربما كان القائل بالأربع على الوجه المزبور غير مخالف ، بل ولا خبره الذي قد اعتبر فيها الطلب ، فتأمل جيدا.

وبذلك وغيره يظهر لك ما في مختار الرياض وإن أطنب بترجيحه ، إلا أنه عند التأمل الجيد ليس بشي‌ء ، هذا في التوريث من المفقود.

وأما توريثه من الميت ففي كشف اللثام « أن المختار وقف نصيبه من الميراث حتى يعلم موته بالبينة أو مضي مدة لا يعيش مثله فيها عادة ، وتقسم باقي التركة ، فإن بان حيا أخذه ، وإن علم أنه مات بعد موت المورث دفع نصيبه إلى ورثته ، وإن علم موته قبله أو جهل الحال بعد التربص تلك المدة دفع إلى سائر ورثة الأول ».

وفيه أن المتجه معاملته معاملة باقي أمواله ، ضرورة اقتضاء الحكم باستصحاب حياته أنه ماله ، فينفق على زوجته منه مثلا ، ويتصرف به‌

٦٨

الولي الشرعي كتصرفه في غيره من أمواله ، لا أنه يوقف ويحبس.

ثم قال : « وعلى المختار يعطي الحاضرون من أنصبائهم أقل الأمرين مما لهم على فرض حياة المفقود وعلى فرض موته ، ويوقف الباقي حتى يظهر أمره أو يمضي مدة التربص ، فلو خلف أما وبنتا حاضرتين أو أبا غائبا فعلى فرض موته تكون المسألة من أربعة ، ربعها للأم فرضا وردا والباقي للبنت ، وعلى فرض حياته تكون من خمسة ، لكل من الأبوين خمس وللبنت ثلاثة أخماس ، فتضرب الأربعة في الخمسة تصير عشرين ، ويعطي البنت الأقل ، وهو ثلاثة أخماس اثنا عشر من العشرين ، هذا إذا تباينت المسألتان ، وإن تماثلتا اكتفي بإحداهما ، وإن توافقتا ضرب وفق إحداهما في الأخرى ، وإن تداخلتا اجتزأ بالأكثر ، قال في التحرير : ولهم أن يصطلحوا على ما زاد ، ففي المثال للأم أن تأخذ خمسة من الستة عشر إن رضيت البنت ، وللبنت أن تأخذ خمسة عشر إن رضيت الأم ».

وكأنها متعبة لا حاصل لها بعد ما عرفت من معاملته معاملة الحي الحاضر وأخذ نصيبه والتصرف على حسب التصرف في باقي أمواله.

ثم قال : « ولو كان الحاضر لا يرث إلا عند موت الغائب أوقف نصيبه ، ولو كان الغائب حاجبا غير وارث كما لو خلف أبويه وأخويه قال في التحرير ففي تعجيل الحجب نظر ، أقربه التعجيل ، فتأخذ الأم السدس والأب الثلثين ، ويؤخر السدس للأم ، قال : لكن هنا وإن حكمنا بالحجب لكن يحكم بموتهما في حق الأب ، فلا يتعجل له السدس المحجوب عن الأم ، وحينئذ يحكم في الأخوين بالحياة بالنظر إلى طرف الأم وبالموت بالنظر إلى طرف الأب ».

والجميع كما ترى بعد الإحاطة بما عرفت من الحكم بحياة الغائب وإجراء جميع أحكام الحي الحاضر ، كما هو مقتضى الأصل. ثم إذا بان خلاف‌

٦٩

ذلك عمل على ما تقتضيه القواعد الشرعية حينئذ ، والله العالم.

( الثالث : الحمل يرث بشرط انفصاله حيا ) إجماعا بقسميه ونصوصا مستفيضة إن لم تكن متواترة منها الصحيحان وغيرهما.

قال في أحدهما (١) : « سأل الحكم بن عتبة أبا جعفر عليه‌السلام عن الصبي يسقط من أمه غير مستهل يورث ، فأعرض عنه ، فأعاد عليه ، فقال : إذا تحرك تحركا بينا ورث ، فإنه ربما كان أخرس ».

وفي آخر (٢) : « إذا تحرك بحركة الأحياء ورث ، إنه ربما كان أخرس ».

ومنها يعلم إرادة المثال من نصوص الاستهلال ،

كالصحيح (٣) « لا يصلى على المنفوس ، وهو المولود الذي لم يستهل ولم يصح ، ولا يورث من الدية ولا غيرها ، فإذا استهل يصلى عليه وورثه ».

وفي الموثق (٤) « في ميراث المنفوس من الدية ، قال : لا يرث شيئا حتى يصيح ويسمع صوته ».

ونحوه‌ المرسل (٥) « أن المنفوس لا يرث من الدية شيئا حتى يستهل ويسمع صوته » خصوصا بعد ملاحظة إطباق الأصحاب على كون المدار ما ذكرناه دون خصوص الاستهلال ، وملاحظة غلبة الاستهلال على وجه يظن جريان القيد مجراها.

وإن أبيت فلا مناص عن حملها على التقية ممن يرى اعتبار الاستهلال‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٨ عن الحكم بن عتيبة.

(٢) الموجود في الروايات هو اعتبار الحركة اما مطلقا أو حركة بينة ، ولم نجد فيها رواية مقيدة بحركة الأحياء ، راجع الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٣ و ٤ و ٧.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٥.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٢.

٧٠

في ميراثه من العامة ، بقرينة الأمر بالصلاة عليه في بعضها (١) الموافق لهم أيضا.

ومن الغريب ما عن الكاشاني من الجمع بينها وبين الأولة بتخصيص الأخيرة بالإرث من الدية والأولة بالإرث من غيرها ، إذ هو ـ مع عدم الشاهد عليه وإن كان ربما أشعر به المرسل (٢) والموثق (٣) السابقان إلا أن الاختصاص في الموثق في كلام الراوي وإشعار المرسل بمفهوم اللقب المعلوم عدم حجيته ومخالفته لإجماع الأصحاب وصريح الصحيح (٤) المتقدم المسوي بين الدية وغيرها في اعتبار الاستهلال ـ قاصر عن معارضة الأخبار السالفة (٥) التي هي كالنص في عدم اعتبار الاستهلال منطوقا ومفهوما ولو في الإرث من الدية كي يحتاج إلى الجمع بذلك.

( و ) على كل حال فحينئذ ( لو سقط ميتا لم يكن له نصيب و ) إن تحرك في البطن ، بل وإن علم أن حركته فيها حركة أحياء ، للاتفاق نصا (٦) وفتوى على اعتبار ولادته حيا.

كاتفاقهما على أنه ( لو مات بعد وجوده حيا كان نصيبه لوارثه ) وإن كان غير مستقر الحياة ، لإطلاق النص (٧) والفتوى اعتبار الحياة في إرثه لا استقرارها ، خلافا لظاهر المصنف فيما يأتي ، فاعتبر استقرارها وهو كما ترى ، خصوصا بعد ملاحظة ما في بعض النصوص (٨) من الاكتفاء بالحركة البينة في الوارثية والموروثية بالنسبة إلى السقط الذي حياته‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى الحديث ٥.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٣ و ٤ و ٧ و ٨.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٤ و ٧ و ٨.

٧١

غير مستقرة غالبا ، فلا ريب في بطلانه.

كما أنه لا ريب في بطلان الاكتفاء في إرثه بالحياة في بطن أمه إذا فرض العلم بها ولو باخبار معصوم ، لعدم ما يدل على إرثه في هذا الحال ، بل الظاهر كونه وارثا لو ولد حيا حين ولادته ، لا أنه ينكشف إرثه قبل ذلك وإن كان هو حاجبا لغيره من الورثة. نعم لو سقط ميتا انكشف ملك الورثة للمال بالموت.

فالتحقيق حينئذ بقاء حصة الحمل على حكم مال الميت ، فان ولد حيا ورثها ، وإلا انكشف كونها ملكا للورثة سابقا ، ضرورة عدم تصور قابلية التملك للنطفة بعد الانعقاد فضلا عما قبله ، بل بعد تمام الخلقة فضلا عما قبله ، وليس حجبه موقوفا على كونه وارثا ، بل يكفي فيه استعداده للإرث ، ضرورة صدق اسم الولدية بعد ذلك وإن لم تكن متحققة حال موت الموروث ، فإنه لا دليل على اعتبار مقارنة صدق الولد للموت ، بل يكفي الصدق بعد ذلك.

ومن هنا صح لبعض الأفاضل الاستدلال على إرث الحمل لو ولد حيا بإطلاق أدلة المواريث.

ومن ذلك ظهر لك عدم اعتبار حياته عند موت المورث بمعنى حلول الحياة فيه بلا خلاف يظهر ، كما عن بعض الأصحاب الاعتراف به ، لإطلاق النصوص (١) بإرثه مع ولادته حيا الشامل لما لو كان عند موت مورثه نطفة.

نعم يشترط العلم بوجوده عند الموت ليحكم بانتسابه إليه ، ويعلم ذلك بأن تلده لما دون ستة أشهر من حين موته مدة يمكن تولده منه فيها أو‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى.

٧٢

لأقصى الحمل إذا لم توطأ الأم وطءا صحيحا يصلح استناد الولد معه إلى الواطئ.

هذا ولو خرج نصفه وتحرك واستهل ثم سقط ميتا لم يرث ولم يورث على ما صرح به جماعة ، للأصل واختصاص النصوص بحكم التبادر بالساقط متحركا بجميعه ، بل في الرياض « لم أجد الخلاف فيه وإن استقربه عبارة التحرير ، ولعل المخالف من العامة ». قلت : لكنه لا يخلو من وجه.

وكيف كان فلا خلاف أجده بين الأصحاب في أنه يوقف ويعزل للحمل نصيب ذكرين احتياطا عن تولده كذلك ، بل لو لا ندرة الزائد لعزل أزيد من ذلك ، فلو اجتمع مع الحمل ذكر أعطي الثلث وعزل للحمل الثلثان ، أو أنثى أعطيت الخمس حتى يتبين حال الحمل ، فان ولد حيا كما فرض وإلا وزع التركة بينهم على حسب ما يقتضيه حال الحمل ، وإن ولد ميتا خص باقيها بالولد الموجود.

ولو كان هناك ذو فرض أعطي النصيب الأدنى إن كان ممن يحجبه الحمل من الأعلى إليه ، كالزوجة والأم مع عدم ولد هناك أصلا ، فإن ولد ميتا أكمل النصيب ، وإن ولد حيا روعي حاله وقسم التركة على حسبها.

والحاصل أنه متى كان هناك حمل وطلب الورثة القسمة فمن كان محجوبا به كالاخوة لم يعط شيئا حتى يتبين الحال ، ومن كان له فرض لا يتغير بوجوده وعدمه ـ كنصيب الزوجين والأبوين إذا كان معه ( مع خ ل ) ولد ـ يعطى كمال نصيبه ، ومن ينقصه ولو على بعض الوجوه يعطى أقل ما يصيبه على تقدير ولادته على وجه يقتضيه ، كالأبوين إذا لم يكن هناك ولد غيره.

ولعل الوجه في جميع ذلك ـ بعد ظهور الإجماع عليه وعلى كون الحمل مانعا من إرث غيره ـ هو أصالة السلامة في الحمل والتولد حيا ، وعدم‌

٧٣

انتقال المال إلى الوارث غير الحمل ، فهو حينئذ كالمال الذي يعلم عدد وارثيه.

وأصالة عدم التعدد في الحمل يمكن المناقشة في جريانها باعتبار رجوعها إلى تشخيص كيفية انعقاد النطفة ، وهي قاصرة عن إفادة ذلك.

كما أن الظاهر إرادة مجرد الاحتياط اللازم مراعاته هنا بالعزل المزبور لا أنه قسمة بحيث لو تلف ذلك المعزول لم يكن للحمل شي‌ء فيما قبضوه ، ضرورة عدم الملك له قبل الولادة كي يتصور القسمة مع وليه ، فالمراد بذلك الجمع بين حقي الموجود والحمل ، فلا تجري عليها أحكام القسمة ، اللهم إلا أن يدعى الإجماع على ذلك ، لكنه كما ترى دون إثباته خرط القتاد.

( و ) على كل حال فـ ( ـلو سقط ) الحمل ( بجناية ) جان ( اعتبر بالحركة التي لا تصدر إلا من حي ، دون التقلص الذي يحصل طبعا لا اختيارا ) فإنه لا فرق في جميع ما ذكرنا بين سقوطه بنفسه وبين سقوطه بجناية جان ، والتزام الجاني بالدية أو غيرها لا يستلزم توريثه ، فإنها ربما تجب بدفع الجناية حلول الحياة بعد تهيؤ الجنين لها ، كما هو واضح ، والله العالم.

( الرابع : إذا مات وعليه دين يستوعب التركة لم ينتقل إلى الوارث ) عند المصنف وجماعة ( وكانت على حكم مال الميت ، وإن لم يكن مستوعبا انتقل إلى الورثة ما فضل ، وما قابل الدين باق على حكم مال الميت ) كما تقدم تفصيل الكلام في ذلك في آخر كتاب الحجر (١) وقد ذكرنا هناك أن الأقوى انتقال التركة إلى الوارث في حالي الاستيعاب وعدمه وإن تعلق الدين بها ، وحينئذ فلا يكون ذلك من لواحق المنع عن الإرث ، فلاحظ وتأمل.

__________________

(١) راجع ج ٢٦ ص ٩٠ ـ ٩٣.

٧٤

( المقدمة الثالثة )

( في الحجب )

الذي هو لغة المنع ، وشرعا منع من قام به سبب الإرث بالكلية أو من أوفر نصيبه ، والأول المسمى بحجب الحرمان والثاني بحجب النقصان ، وقد أشار إليهما المصنف بقوله ( الحجب قد يكون عن أصل الإرث ) بالكلية ( وقد يكون عن بعض الفرض. فالأول ضابطه مراعاة القرب ) أو ما نزله الشارع منزلته.

( فلا ميراث لولد ولد مع ولد ذكرا كان أو أنثى ، حتى أنه لا ميراث ) عندنا ( لابن ابن مع بنت ) بلا خلاف أجده فيه نصا وفتوى بل الإجماع بقسميه عليه ، بل لعله من ضروريات مذهبنا ، خلافا للعامة ، فورثوه معها ، بناء منهم على التعصيب الذي ستعرف الحال فيه.

ولا ينافي هذا الضابط مشاركة ولد الولد النازل مع فقد أبيه للأب الذي هو أقرب منه بعد أن نزله الشارع منزلة أبيه الذي هو أعلم بالأقربية من غيره ، ولذا قال عز من قال (١) ( آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللهِ ).

وليس المراد أن المرجع في الأقربية إليه ، بل المراد الحكم بالأقربية العرفية ما لم يأت ما ينافيها منه ، كما في الفرض الذي نزل الشارع فيه ولد‌

__________________

(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١.

٧٥

الولد وإن نزل منزلة الولد في مشاركة الأبوين.

( و ) على كل حال فـ ( ـمتى اجتمع أولاد الأولاد وان سفلوا فـ ) ـان ( الأقرب منهم يمنع الأبعد ) على مقتضى الضابط المزبور المستفاد من الكتاب (١) والسنة (٢) المتواترة والإجماع بقسميه.

( و ) من هنا ( يمنع الولد ) وإن سفل وكان أنثى ( من يتقرب بالأبوين أو بأحدهما ) ولو كان ذكرا مساويا له في الصعود أو أقرب منه مرتبة ( كالاخوة وبنيهم والأجداد وآبائهم والأعمام والأخوال وأولادهم و ) حينئذ فـ ( ـلا يشارك الأولاد في الإرث ) عندنا ( سوى الأبوين والزوج أو الزوجة ).

خلافا للمحكي عن يونس بن عبد الرحمن من أنه إذا اجتمع جد ـ أبو أب ـ وابن ـ ابن ابن ـ فالمال كله للجد.

وأبي علي من أنه لو خلف بنتا وأبوين فالفاضل عن أنصبائهم للجدين أو الجدتين ، ولو خلف ولد ولد وجدا أو والدا وجدا فللجد السدس.

والصدوق من أنه لو خلفت زوجها وابن ابنها وجدا فللزوج الربع وللجد السدس والباقي لابن الابن.

وهي أقوال شاذة قد انعقد إجماع الإمامية على خلافها ، كبعض الأخبار (٣) المنافية لذلك ، منها‌ خبر سعد بن أبي خلف (٤) سأل الكاظم عليه‌السلام « عن بنات بنت وجد ، فقال : للجد السدس والباقي لبنات البنت » حتى حكي عن ابن فضال أنه أجمعت العصابة على ترك العمل به مع احتمال إرادة أب الميت من الجد فيه ، والله العالم.

__________________

(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٧.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١٠.

٧٦

( فإذا عدم الآباء والأولاد ) وإن نزلوا ( فالإخوة والأجداد ) بلا خلاف ، بل الإجماع بقسميه عليه ، والنصوص (١) وافية الدلالة عليه.

وهم يمنعون من عداهم سوى الزوجين ، ويمنعون من يتقرب بهم أيضا ( و ) حينئذ فـ ( ـيمنع الأخ ولد الأخ ) والجد أباه.

( ولو اجتمعوا ) أي أولاد الاخوة ( بطونا متنازلة فالأقرب أولى من الأبعد ).

( و ) كذا ( يمنع الاخوة وأولادهم وإن نزلوا من يتقرب بالأجداد من الأعمام والأخوال وأولادهم ) لما عرفت ( و ) لقول الباقر عليه‌السلام في صحيح يزيد الكناني (٢) : « وابن أخيك من أبيك أولى بك من عمك ».

نعم ( لا يمنعون آباء الأجداد ، فإن الجد وإن علا جد ) كما أنهم لا يمنعون أولاد الاخوة وإن نزلوا خلافا للعامة ، بل عن المبسوط أنه لم يوافقنا عليه أحد ، وأسقط الشافعي الإخوة لأم مع الجد ، وأبو حنيفة الإخوة مطلقا ، والصحيح ما عرفت.

( لكن لو اجتمعوا ) أي الأجداد ( بطونا متصاعدة فالأدنى إلى الميت أولى من الأبعد ) للضابط المزبور.

( و ) منه يعلم أن ( الأعمام والأخوال وأولادهم وإن نزلوا يمنعون أعمام الأب وأخواله ، وكذا أولاد أعمام الأب وأخواله يمنعون أعمام الجد وأخواله ) كل ذلك لما عرفت ، منضما إليه تنزيل الأولاد منزلة آبائهم مع فقدهم ، كما ستعرفه إنشاء الله.

( و ) قد عرفت أيضا فيما مضى أنه ( يسقط من يتقرب بالأب

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ و ٦ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب موجبات الإرث ـ الحديث ٢ عن يزيد الكناسي.

٧٧

وحده مع من يتقرب بالأب والأم مع التساوي في الدرج ) وقال الباقر عليه‌السلام في الصحيح (١) المزبور : « عمك أخو أبيك من أبيه وأمه أولى بك من عمك أخي أبيك من أبيه » خلافا للعامة.

( والمناسب وإن بعد يمنع مولى النعمة ) كتابا (٢) وسنة (٣) وإجماعا ، خلافا لما عن زيد من توريث ذي السهم سهمه وما زاد لمولى النعمة ، والشافعي من توريث المولى مع من يرث ، كالأخت والبنت ، فجعل النصف لها والآخر له ، ولا ريب في بطلانه.

( وكذا ولي النعمة أو من قام مقامه في ميراث المعتق ) بالفتح ( يمنع ضامن الجريرة ، وضامن الجريرة يمنع الامام عليه‌السلام ) هذا كله في حجب الحرمان.

( وأما الحجب عن بعض الفرض ) المسمى بحجب النقصان ( فاثنان : حجب الولد وحجب الإخوة ).

( أما الولد فإنه ـ وإن نزل ذكرا كان أو أنثى ـ يمنع الأبوين عما زاد عن السدسين إلا مع البنت ) وحدها معهما ، فإنه يبقى سدس يرد عليهم أخماسا عندنا ، ومع أحدهما يبقى ثلث يرد عليهما أرباعا.

( أو البنتين فصاعدا مع أحد الأبوين ) فإنه يبقى أيضا سدس يرد عليهما أخماسا ، خلافا لأبي علي ، فخص الرد بالبنتين ، وهو ضعيف كما ستعرفه إنشاء الله.

( ويحجب ) الولد ( أيضا ) وإن نزل ( الزوج والزوجة عن

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب موجبات الإرث ـ الحديث ٢.

(٢) سورة الأنفال : ٨ ـ الآية ٧٥ وسورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث ولاء العتق.

٧٨

النصيب الأعلى ) وهو النصف والربع ( إلى الأخفض ) وهو الربع والثمن كتابا (١) وسنة (٢) وإجماعا بقسميه.

( و ) حاصل الكلام أن ( للزوج والزوجة ثلاثة أحوال : ) ( الأولى : أن يكون في الفريضة ولد وإن سفل ، فللزوج الربع وللزوجة الثمن ) كتابا (٣) وسنة (٤) وإجماعا.

( الثانية : أن لا يكون هناك ولد ولا ولد ولد وإن نزل ، فللزوج النصف وللزوجة الربع ) كتابا (٥) وسنة (٦) وإجماعا بقسميه.

( ولا يعال نصيبهما ، لأن العول عندنا باطل ) بل لا فرق في عدم عول نصيبهما بين وجود الولد وعدمه عندنا وإن أوهم ظاهر العبارة ذلك.

( الثالثة : أن لا يكون هناك وارث أصلا من مناسب ولا مسابب ) عدا الامام عليه‌السلام ( فالنصف للزوج والباقي يرد عليه ) على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا ، بل عن الشيخين وجماعة دعواه عليه ، وهو الحجة مضافا إلى المعتبرة المستفيضة (٧).

منها‌ الصحيح (٨) « كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فدعا بالجامعة فنظرنا فيها ، فإذا فيها امرأة هلكت وتركت زوجها لا وارث لها غيره ، قال : المال له كله ».

وفيه (٩) « في امرأة توفت ولم يعلم لها أحد ولها زوج ، قال : الميراث كله لزوجها ».

__________________

(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الأزواج.

(٣) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الأزواج.

(٥) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١٢.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الأزواج.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأزواج.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ٣.

(٩) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ١.

٧٩

خلافا للمحكي عن الديلمي من الميل إلى أن الباقي للإمام عليه‌السلام للأصل وظاهر الآية (١) والموثق (٢) « لا يكون رد على زوج ولا على زوجة ».

وفيه أن الأصل لا يعارض النص ، والرد حيثما ثبت مخالف له ثابت بغيره ، ودلالة الآية على عدم الرد بمفهوم اللقب أو الوصف ، ولا حجة فيه في مقابلة النص الصريح ، أما الموثق فمع عدم مقاومته الصحاح غير صريح في عدم الرد عليهما مطلقا ، فيحمل على وجود الوارث في جانب الزوج كما هو الغالب ، هذا كله في الرد على الزوج.

( و ) أما الزوجة حيث لا وارث غيرها عدا الامام عليه‌السلام فـ ( ـل ) ها أي ( الزوجة الربع ) قطعا ( وهل يرد عليها؟ فيه أقوال ثلاثة : أحدها : يرد ) وهو المحكي عن ظاهر المفيد ، لصحيح أبي بصير (٣) عن الباقر عليه‌السلام قال له : « رجل مات وترك امرأته ، قال : المال لها ، فقال له : امرأة ماتت وتركت زوجها ، قال : المال له ».

( و ) ثانيها وهو القول ( الآخر : لا يرد ) عليها شي‌ء ، فيكون الفاضل للإمام عليه‌السلام كما هو المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا ، بل لعلها كذلك ، بل ظاهر المحكي عن ابن إدريس أو صريحه الإجماع عليه ، إذ المحكي عن عبارة المفيد غير صريح في ذلك ،

__________________

(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ٨.

(٣) ذكر صدره في الوسائل في الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ٩ وذيله في الباب ـ ٣ ـ منها الحديث ٦ عن أبي عبد الله عليه‌السلام كما في التهذيب ج ٩ ص ٢٩٥ ـ الرقم ١٠٥٦ والاستبصار ج ٤ ص ١٥٠ ـ الرقم ٥٦٨.

٨٠