جواهر الكلام - ج ٣٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

وهي مخرجه ، للزوجتين منها سهم لا ينقسم عليهما صحيحا ، وللبنين الأربعة سبعة لا تنقسم عليهم صحيحا أيضا ، ولا وفق بين الجميع بالمعنى الأخص ، ولكن عدد الزوجات يداخل عدد الأولاد بالنصف ، فيقتصر على الأربعة التي هي العدد الأكثر ، ويضرب في الفريضة التي هي الثمانية تبلغ اثنين وثلاثين ، وبها تصح ، أربعة منها للزوجتين ، وثمانية وعشرون للأولاد ، كما هو واضح.

( وإن توافق العددان ) وهو الحال الثالث ( فاضرب وفق أحدهما في عدد الآخر ، فما ارتفع فاضربه في أصل الفريضة ) وحينئذ تصح.

( مثل أربع زوجات وستة إخوة ) فان ( فريضتهم أربعة ) لأن فيهم الربع ، وهي مخرجه ، ولكن ( لا تنقسم صحاحا ) في الجميع ولا وفق بين نصيب كل فريق وعدده ( و ) لكن ( بين ) عددهم وهو ( الأربعة والستة وفق وهو النصف ، فتضرب نصف أحدهما وهو اثنان ) أو ثلاثة ( في الآخر وهو ستة ) أو اثنان ( تبلغ اثني عشر ، فتضرب ذلك ) الحاصل ( في أصل الفريضة ، وهي أربعة ، فما ارتفع صحت منه القسمة ) وهو في الفرض ثمانية وأربعون ، ربعها اثنا عشر للزوجات الأربعة ، لكل واحدة ثلاثة ، وستة وثلاثون للاخوة ، لكل واحد منهم ستة منها.

وكذا لو كانت الاخوة من الأم أربعة والاخوة من الأب ستة ، فإن الفريضة ثلاثة ، لأن فيها الثلث لكلالة الأم ، وهي مخرجه ، وهي لا تنقسم على الجميع صحاحا ، ولكن بين الأربعة والستة وفق بالنصف ، فيضرب وفق أحدهما في مجموع الآخر ، وهو ثلاثة في أربعة ، أو اثنان في ستة ، فتبلغ اثنى عشر ، ثم تضرب المرتفع في أصل الفريضة تبلغ ستا وثلاثين ، للاخوة من الأم ثلثها ، وهو اثنا عشر ، لكل واحد ثلاثة‌

٣٤١

وللاخوة من الأب أربعة وعشرون ، لكل واحد منهم أربعة.

وكذا لو كانت أربع زوجات مع ستة أولاد ، فإن الفريضة ثمانية ، لأن فيها الثمن ، وهي لا تنقسم عليهم جميعا صحاحا ، إلا أن بين الأربعة والستة توافق في النصف ، فتضرب اثنين في ستة أو ثلاثة في أربعة فتبلغ اثني عشر ، ثم تضرب المرتفع وهو الاثنا عشر في أصل الفريضة ، وهي الثمانية تبلغ ستة وتسعين ، للزوجات ثمنها ، وهو اثنا عشر ، لكل واحدة ثلاثة ، وللأولاد أربعة وثمانون ، لكل واحد أربعة عشر كما هو واضح.

بل يمكن صحتها في المثال الأول بستة عشر بملاحظة التداخل ، لأن بين نصيب الاخوة وعددهم توافقا بالثلث بالمعنى الأعم ، فترد عددهم إلى اثنين ، فيداخل عدد الزوجات ، فيقتصر على عددهن ، وتضربه في أصل الفريضة تبلغ ستة عشر ، للزوجات الأربعة أربعة ، وللاخوة اثنا عشر ، بل لعل ذلك أولى.

( وإن تباين العددان ) وهو الحالة الرابعة ( فاضرب أحدهما في الآخر فما اجتمع فاضربه في الفريضة ).

( مثل أخوين لأم وخمسة من أب ) فإن ( فريضتهم ثلاثة ) لأن فيهم الثلث لكلالة الأم وهي مخرجه ، و ( لا تنقسم ) عليهم ( على صحة ولا وفق بين العددين ولا تداخل ، فاضرب أحدهما في الآخر ) أي الاثنان في الخمسة أو بالعكس وحينئذ ( تكون عشرة ثم اضرب العشرة في أصل الفريضة وهي ثلاثة فما ارتفع فمنه تصح ) القسمة وهو في المثال ثلاثون ، ثلثها عشرة للأخوين من الأم ، لكل واحد منهم خمسة ، وعشرون للخمسة من الأب لكل واحد أربعة.

وكذا لو كان ثلاثة لأم وأربعة لأب ، فإن فريضتهم أيضا ثلاثة ، وهي لا تنقسم على الصحة في الجميع ولا وفق ولا تداخل ، فاضرب‌

٣٤٢

أحدهما في الآخر يبلغ اثني عشر ، ثم اضرب المرتفع في أصل الفريضة وهي الثلاثة تبلغ ستة وثلاثين ، ثلثها اثنا عشر للاخوة من الأم ، لكل واحد أربعة ، وثلثاها أربعة وعشرون لكلالة الأب ، لكل واحد منهم ستة ، وهكذا ، والله العالم.

النوع الثاني : أن يكون الكسر على الجميع ولكن عدد البعض يوافق النصيب وعدد البعض لا يوافقه ، وفيه الصور الأربع :

الأولى : أن تبقى الأعداد بعد رد الموافق إلى جزئه متماثلة ، كزوجتين وستة إخوة لأب ، فإن فريضتهم أربعة ، فإن فيهم الربع ، وهي مخرجه ولا تنقسم على الصحة في الجميع ، ولكن للاخوة منها ثلاثة يوافق عددهم بالثلث بالمعنى الأعم ، فترد الستة إلى اثنين تماثل عدد الزوجات ، لأن المفروض كونهما زوجتين ، فيقتصر على أحدهما وتضربه في أصل الفريضة ـ وهي الأربعة ـ تبلغ ثمانية ، للزوجتين منها اثنان ، لكل واحدة واحد وللإخوة ستة كذلك.

الثانية : أن تبقى الأعداد بعد الرد متداخلة ، كما لو كانت الزوجات أربعا فيداخلها الاثنان اللذان رد عدد الإخوة إليهما ، فيجتزأ بالأكثر فتضربه في أصل الفريضة تبلغ ستة عشر ، للزوجات الأربع أربعة ، وللإخوة الستة اثنا عشر.

الثالثة : أن تبقى الأعداد بعد الرد متوافقة ، كزوجتين وستة إخوة من الأب وستة عشر من الأم ، فريضتهم اثنا عشر ، وهي الحاصلة من ضرب أربعة مخرج الربع في ثلاثة مخرج الثلث ، للزوجتين منها ثلاثة ، لا تنقسم عليهما وهي مباينة لعددهما ، وللاخوة من الأب خمسة ، وهي مباينة لعددهم أيضا ، وللاخوة من الأم أربعة ، وهي توافق عددهم بالربع فتردهم إلى أربعة ، جزء الوفق ، يوافق عدد إخوة الأب بالنصف ،

٣٤٣

فتضرب نصف أحدهما في الآخر ، ثم المجتمع في أصل الفريضة اثنا عشر تبلغ مائة وأربعة وأربعين ، ولا يحتاج إلى النظر في عدد الزوجات ، لأنه إما توافق بالنصف أيضا للأربعة الموجب لاطراح نصفه وهو الواحد ، أو يداخل لها ، فللزوجتين ستة وثلاثون ، ولكلالة الأم ثمانية وأربعون ، لكل واحد ثلاثة ، ولإخوة الأب ستون.

الرابعة : أن تبقى بعد الرد متباينة ، كما لو كانت الزوجات أربعة والاخوة من الأب خمسة ، والاخوة من الأم ستة ، فريضتهم اثنا عشر ، لأن فيها الربع ومخرجه أربعة ، والثلث مخرجه ثلاثة ، فإذا ضرب أحدهما في الآخر تبلغ اثني عشر ، للزوجات منها ربعها وهو ثلاثة ، وللاخوة من الأب خمسة ، وللاخوة من الأم منها ثلث وهو أربعة ، لا تنقسم عليهم على الصحة ، لكن توافق عددهم بالنصف ، فتردهم إلى ثلاثة ، وحينئذ تقع المباينة بينها وبين الأربعة : نصيب الزوجات والخمسة نصيب الاخوة ، فتضرب ثلاثة التي رد إليها عدد الإخوة الموافقة بالنصف في أربعة عدد الزوجات تبلغ اثني عشر ، ثم المرتفع في خمسة تبلغ ستين ثم تضرب هذا المجتمع في أصل الفريضة ـ وهي اثنا عشر ـ تبلغ سبعمائة وعشرين للزوجات منها مائة وثمانون ، لكل واحدة خمسة وأربعون ، ولإخوة الأم مائتان وأربعون ، لكل واحد أربعون ، ولإخوة الأب ثلاثمائة لكل حد ستون.

النوع الثالث : أن يكون بين نصيب كل فريق وعدده وفق ، فترد كل فريق إلى جزء الوفق ثم تعتبر الأعداد ، فتأتي فيها الصور الأربع :

أحدها : أن تبقى الأعداد بعد ردها متماثلة ، كست زوجات لمريض مات عنهن بعد طلاق بعضهن قبل الحول ، وثمانية من كلالة الأم ، وعشرة من كلالة الأب ، فالفريضة اثنا عشر ، لأنها الحاصل من ضرب مخرج‌

٣٤٤

الثلث في مخرج الربع اللذين هما الفرضان في الفرض ، للزوجات منها الربع ثلاثة ، وهي توافق عددهن بالثلث ، ولكلالة الأم الثلث وهو أربعة توافق عددهم بالربع ، ولكلالة الأب خمسة توافق عددهم بالخمس ، فترد كلا من الزوجات والاخوة من الطرفين إلى اثنين ، لأنها ثلث الأول وربع الثاني وخمس الثالث ، فتتماثل الأعداد ، فيجتزأ باثنين ، فتضربهما في أصل الفريضة تبلغ أربعة وعشرين ، فللزوجات ستة ، ولإخوة الأم ثمانية ولإخوة الأب عشرة ، لكل واحد من الجميع سهم.

الثانية : أن تبقى الأعداد بعد ردها إلى جزء الوفق متداخلة ، كالمثال الأول إلا أن الاخوة من الأم ستة عشر ، فنصيبهم يوافق عددهم بالربع أيضا ، فيردهم إلى أربعة ، والاثنان اللذان رجع إليهما عدد الزوجات والاخوة للأب يداخلانها فيجتزأ بالأربعة ، وتضربها في أصل الفريضة ، وهي اثنا عشر الحاصلة من مخرج الربع والثلث تبلغ ثمانية وأربعين ، للزوجات اثنا عشر ، وللاخوة من الأم ستة عشر ، والباقي وهو عشرون للإخوة للأب.

الثالثة : أن تبقى الأعداد بعد ردها إلى جزء الوفق متوافقة ، كما لو كان الاخوة للأم في المثال أربعة وعشرين ، توافق الأربعة بالربع ، فيرجع عددهم إلى ستة وإخوة الأب عشرون ، يوافق نصيبهم بالخمس فيرجع عددهم إلى أربعة ، وقد رجع عدد الزوجات إلى اثنين ، بين كل عدد وما فوقه موافقة بالنصف ، فيسقط الاثنان ، وتضرب اثنين في ستة ثم المرتفع في اثني عشر يبلغ مائة وأربعة وأربعين ، والقسمة واضحة.

الرابعة : أن يكون بعد الرد متباينة ، كما لو كان الاخوة من الأم اثني عشر ، فيرجع عددهم بعد الرد إلى ثلاثة ، وإخوة الأب خمسة وعشرون فيرجع عددهم إلى خمسة ، فيبقى العدد اثنين مع ثلاثة وخمسة وهي متباينة ،

٣٤٥

فتضرب اثنين في ثلاثة ، ثم الستة في خمسة ، ثم الثلاثين في اثني عشر تبلغ ثلاثمائة وستين ، وقسمتها واضحة.

القسم الثاني : أن يكون الكسر على أكثر من فريق ولكن لم يستوعب الجميع ، كثلاث زوجات وثلاثة إخوة للأم وثلاثة للأب ، الفريضة اثنا عشر ، للزوجات ثلاثة لا ينكسر عليهن ، وينكسر نصيب الاخوة من الطرفين عليهم ، وبين العدد والنصيب فيهما مباينة ، والأعداد متماثلة ، فيكتفى بأحدهما وتضربه في أصل الفريضة تبلغ ستة وثلاثين » فمن كان له في الأصل شي‌ء أخذه مضروبا في ثلاثة ، فللإخوة من الأم اثنا عشر ثلثها ، وللاخوة من الأب خمسة عشر ، وللزوجات تسعة ربعها.

والصور الاثنا عشر آتية في هذا القسم ، وأمثلتها سهلة بعد مراجعة ما سمعت ، وكذا لو كانت الأعداد بعد مراعاة النسبة مختلفة ، فبعضها مباين لبعض وبعضها موافق ، إلى غير ذلك من الفروض التي تظهر مما ذكرنا بأدنى التفات.

( تتمة )

تشتد الحاجة إليها بحساب الفرائض ، لاشتمالها على معرفة اصطلاحهم في الأسماء المذكورة ، وهي ( العددان إما متساويان ) كخمسة وخمسة مثلا ( وإما مختلفان ) كخمسة وعشرة مثلا ( والمختلفان إما متداخلان أو متوافقان أو متباينان ، فالمتداخلان هما اللذان يفني أقلهما الأكثر مرتين أو مرارا و ) لذا ( لا يتجاوز الأقل ) منه ( نصف الأكثر ) بل يدخل فيه ( وإن شئت سميتهما بالمتناسبين ، كالثلاثة بالقياس إلى الستة

٣٤٦

والتسعة ، وكالأربعة بالقياس إلى الثمانية والاثنى عشر ) فان لم يكن كذلك فأما أن يفنيها جميعا عدد ثالث أي أزيد من الواحد الذي هو ليس عددا باصطلاحهم ـ كالستة مع العشرة اللتين يفنيهما الاثنان ، وكالتسعة مع الاثني عشر التي يفنيهما الثلاثة ـ أو لا يفنيهما إلا الواحد.

( و ) حينئذ فإن كان الأول فاسمهما ( المتوافقان ) وحينئذ فـ ( ـهما اللذان إذا أسقط أقلهما من الأكثر مرة أو مرارا بقي أكثر من واحد كالعشرة والاثنى عشر ، فإنك إن أسقطت العشرة ) من الاثنى عشر ( يبقى اثنان ، فإذا أسقطهما من العشرة مرارا فنيت بهما ، فإذا حصل بعد الاسقاط اثنان فهما متوافقان بالنصف ، ولو بقي ثلاثة فالموافقة بالثلث وكذا إلى العشرة ) فالموافقة بينهما بأحد الكسور المفردة التسعة.

وإن كان العدد الذي يفنيهما مما فوق العشرة فإن كان مضافا كالاثني عشر والأربعة عشر والخمسة عشر فالموافقة بذلك الكسر المضاف المنسوب إلى الجزء ، كنصف السدس في الأول ، ونصف السبع في الثاني وثلث الخمس في الثالث ، وإن كان العدد أصم لا يرجع إلى كسر منطق ولا إلى جزئه ـ كأحد عشر وثلاثة عشر وسبعة عشر وتسعة عشر وثلاثة وعشرين ـ فالموافقة بجزء من ذلك العدد.

( و ) حينئذ ففي الأول ( لو بقي أحد عشر فالموافقة بالجزء منهما ) كاثنين وعشرين وثلاثة وثلاثين ، فإنه لا يعدهما إلا أحد عشر ، فالموافقة بينهما بجزء من أحد عشر ، فيرد أحدهما إليه ، وتضربه في الآخر ، فتضرب اثنين في ثلاثة وثلاثين أو ثلاثة في اثنين وعشرين.

وبالجملة فإذا أردت أن تعلم أن أحد العددين هل يدخل في الآخر فأسقط الأقل من الأكثر مرتين فصاعدا أو زد على الأقل مثله مرتين‌

٣٤٧

فصاعدا فإن فني الأكثر بالأقل أو ساوى الأقل الأكثر بزيادة الأمثال فهما متداخلان وإلا فلا.

وإن أردت أن تعلم هل هما متوافقان فأسقط الأقل من الأكثر ما أمكن فما بقي منه فأسقط من الأقل ، فإن بقي شي‌ء فأسقطه مما بقي من الأكثر ، ولا تزال تفعل ذلك حتى يبقى ( يفنى خ ل ) العدد المنقوص منه أخيرا ، فإن فني بواحد فلا موافقة بينهما ، وإن فني بعدد فهما متوافقان بالجزء المأخوذ من ذلك العدد ، فإن فني باثنين فهما متوافقان بالنصف ، وإن فني بثلاثة فبالثلث ، وإن فني بعشرة فبالعشرة وإن فني بأحد عشر فبأجزاء أحد عشر ، وهكذا.

كأحد وعشرين وتسعة وأربعين ، فأسقط الأقل من الأكثر مرتين تبقى سبعة تسقط السبعة من الأقل ثلاث مرات يفنى بهما فهما متوافقان بالأسباع.

وكمائة وعشرين ومائة وخمسة وستين ، تسقط الأول من الثاني تبقى خمسة وأربعون ، تسقطها من المائة والعشرين مرتين تبقى ثلاثون ، تسقطها من الخمسة والأربعين تبقى خمسة عشر ، تسقطها من الثلاثين مرتين ، تفنى بها الثلاثون ، فهما متوافقان بجزء من خمسة عشر.

وقد يتعدد المفنى لهما ، كما في الاثني عشر والثمانية عشر ، فإنه يفنيهما الثلاثة والستة والاثنان ، فتوافقهما حينئذ بالسدس والثلث والنصف ، لكن المعتبر منها عندهم أقلها جزء ، لأنه أقل للفريضة وأسهل للحساب ، وهو هنا السدس.

وكالعشرين والثلاثين فإنه يفنيهما العشرة والخمسة والاثنان ، فتوافقهما بالعشر والخمس والنصف ، والمعتبر العشر لما عرفت.

( و ) على كل حال فان لم يكونا كذلك فاسمعهما ( المتباينان ) ‌

٣٤٨

و ( هما اللذان إذا أسقط الأقل من الأكثر مرة أو مرارا أبقى واحد ، مثل ثلاثة عشر وعشرين ، فإنك إذا أسقطت ثلاثة عشر ) من العشرين ( بقي سبعة ، فإذا أسقطت سبعة من ثلاثة عشر بقي ستة ، فإذا أسقطت ستة من سبعة بقي واحد ) وبذلك اتضح لك الحال فيما ذكرناه في المسألة السابقة المشتملة على الأسماء المزبورة ، والله العالم.

( القسم الثاني)

( أن تكون الفريضة قاصرة عن السهام ، ولن تقصر إلا بدخول الزوج أو الزوجة ) كما عرفت سابقا. ( مثل أبوين وبنتين فصاعدا مع زوج أو زوجة ) فإن الفريضة تكمل بنصيب الأبوين مع البنتين ( أو أبوين وبنت وزوج ) فان الثلث والنصف والربع يزيد على الفريضة. ( أو أحد الأبوين وبنتين فصاعدا مع زوج ) فان الربع والثلثين والسدس يزيد كذلك ( فـ ) ـالحكم حينئذ أن ( للزوج أو الزوجة في هذه المسائل نصيبهما الأدنى ، ولكل واحد من الأبوين السدس ، وما يبقى فللبنت أو البنتين فصاعدا ، و ) ذلك لأنه ( لا تعول الفريضة ) عندنا ( أبدا ) كما تقدم الكلام فيه مفصلا.

( وكذلك ) لو كان ( أخوان لأم وأختان فصاعدا لأب وأم أو لأب مع زوج أو زوجة أو واحد من كلالة الأم مع أخت وزوج ففي هذه المسائل ) أيضا ( يأخذ الزوج أو الزوجة نصيبهما الأعلى ، ويدخل النقص على الأخت أو الأخوات للأب والأم أو للأب خاصة ) ‌

٣٤٩

لعدم العول عندنا ( فان انقسمت الفريضة على صحة ) فذاك ( وإلا ضربت سهام من انكسر عليهن النصيب في أصل الفريضة ).

( مثال الأول أبوان وزوج وخمس بنات ) فان ( فريضتهم اثنا عشر ) لأن فيها من الفروض ربعا وسدسا ، وهما متوافقان بالنصف فتضرب نصف الأربعة في ستة تبلغ اثني عشر ( للزوج ) ربع وهو ( ثلاثة ، وللأبوين ) سدسان وهو ( أربعة ، ويبقى خمسة للبنات بالسوية ) ومخرج الثلثين نصيب البنات لو اعتبر به ، ولم يراع النقص الداخل ، فهو داخل في مخرج السدس.

( ومثال الثاني ) ذلك أيضا ولكن ( كان البنات ) فيه ( ثلاثا فلم تنقسم الخمسة عليهن ) صحيحا ، فهو حينئذ مما انكسرت الفريضة فيه على فريق واحد ، ولكن بين عدده ونصيبه تباين فيقتصر على عدده. وقد عرفت سابقا أنه متى كان كذلك ( ضربت ثلاثة في أصل الفريضة ) وهي الاثنى عشر ( فما بلغت صحت منه المسألة ) وهو في الفرض ستة وثلاثون ، ربعها تسعة للزوج ، والسدسان اثنا عشر للأبوين ، يبقى خمسة عشر لكل واحدة خمسة. وكذا لو كن أربعا أو ستا إلى التسع.

ولو كن عشرا وافق عددهن نصيبهن بالخمس ، فترد عددهن إلى اثنين ، وتضربهما في أصل الفريضة تبلغ أربعة وعشرين ، فإنه يبقى للبنات بعد ذوي الفروض عشرة بعددهن.

ولو كن خمسة عشر وافق عددهن نصيبهن بالخمس ، فترده إلى ثلاثة ، وتضربها في أصل الفريضة ، يكمل لهن خمسة عشر بعددهن ، وعلى هذا القياس.

٣٥٠

( القسم الثالث )

( أن تزيد الفريضة عن السهام ، فترد على ذوي السهام عدا الزوج والزوجة والأم مع الاخوة على ما سبق ) الكلام فيه ( أو يجتمع من له سببان مع من له سبب واحد ) كالأخت من الأبوين مع الاخوة للأم ( فذو السببين أحق بالرد ) كما تقدم الكلام فيه سابقا.

وعلى كل حال فالأول الذي فيه الرد من دون أولوية ( مثل أبوين وبنت ) فإن أصل فريضته ستة ، لأنها مخرج السدس الذي يدخل فيه مخرج النصف ، والفاضل فيه منها واحد ( فإذا لم يكن إخوة ) يحجبون الأم ( فالرد أخماسا ) على حسب السهام ، فتضرب خمسة سهام الرد في الستة أصل الفريضة تبلغ ثلاثين ، عشرة منها للأب والأم ، وخمسة عشر منها فرض البنت ، والباقي خمسة ، ثلاثة منها للبنت ردا ، واثنان لكل واحد من الأبوين واحد كذلك.

( وإن كان إخوة ) يحجبون الأم عن ذلك ( فالرد أرباعا ) فـ ( ـتضرب ) أربعة ( مخرج سهام الرد في ) الستة ( أصل الفريضة ) تبلغ أربعة وعشرين ، اثنا عشر منها فرض البنت ، وثمانية فرض الأبوين تبقى أربعة ، ثلاثة منها للبنت ردا ، وواحد للأب كذلك.

وبالجملة فالضابط أنك تضرب مخرج سهام الرد في أصل الفريضة فما بلغت صحت فيه المسألة.

( و ) كذا الكلام في ( مثل أحد الأبوين وبنتين فصاعدا ، فـ ) ـان ( الفاضل يرد ) عليهم ( أخماسا ، فتضرب ) حينئذ ( خمسة

٣٥١

في أصل الفريضة ) كما عرفت ، ومنه تصح القسمة.

( و ) كذا ( مثل واحد من كلالة الأم مع أخت لأب فـ ) ـان ( الرد ) يكون ( عليهما على الأصح أرباعا ) وقيل : يختص بالأخت للأب كما تقدم الكلام فيه مفصلا.

( ومثل اثنتين من كلالة الأم مع أخت لأب كان الرد أخماسا ) وعلى كل حال فقد عرفت أن الضابط أن ( تضرب خمسة ) أو أربعة ( في أصل الفريضة فما ارتفع صحت فيه القسمة ) كما هو واضح.

( المقصد الثاني : )

( في المناسخات ) جمع مناسخة ، وهي مفاعلة من النسخ ، وهو النقل والتحويل من نسخت الكتاب أو أنقلته من نسخة إلى أخرى ، سميت هذه المسائل بها لأن الأنصباء بموت الثاني تنسخ وتنقل من عدد إلى عدد ، وكذا التصحيح ينقل من حال إلى حال ، وكذا عدد مجموع الورثة تنقل من مقدار إلى مقدار بموت واحد منهم ، وقد يطلق على الابطال ، ومنه نسخت الشمس الظل إذا أبطلته ، ولعل المناسبة حينئذ أن الغرض أبطل تلك القسمة وتعلق غرضه بغيرها وإن اتفق موافقة الثانية للأولى.

( و ) على كل حال فـ ( ـنعني به ) أي النسخ هنا ( أن يموت إنسان فلا تقسم تركته ، ثم يموت بعض وراثه ويتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد ) وحينئذ ( فطريق ذلك أن تصحح مسألة الأول ويجعل للثاني من ذلك نصيب إذا قسم على ورثته صح من غير كسر

٣٥٢

فان كان ورثة الثاني هم ورثة الأول من غير اختلاف في القسمة كان كالفريضة الواحدة ).

( مثل إخوة ثلاثة وأخوات ثلاث من جهة واحدة مات أحد الإخوة ، ثم مات الآخر ، ثم ماتت إحدى الأخوات ، ثم ماتت أخرى وبقي أخ وأخت ، فمال الموتى بينهم أثلاثا ) إن كانوا من الجهة التي يقسمون فيها للذكر مثل حظ الأنثيين ( أو بالسوية ) إن كانوا من جهة الأم.

وحاصل ذلك أن يجعل الميت الثاني مثلا كأن لم يكن ، وتقسم التركة على الباقين ، كما لو مات الأول عن إخوة وأخوات من أب أو أم سواء كانوا كلهم ذكورا أم إناثا ، أم متفرقين ، وسواء مات الثاني والثالث من صنف واحد أو من صنفين ، وسواء اتحدت جهة الاستحقاق كما سمعته في الاخوة أو اختلفت ، كما لو مات شخص عن بنين وبنات ثم مات أحدهم ولم يترك وارثا سوى باقي إخوته ، وهكذا.

نعم لو ماتت امرأة عن أولاد مختلفي الآباء فكان واحد منهم مثلا من أب والباقون من أب آخر فان مالها للجميع بالسوية أو للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإذا مات واحد من الاخوة للأب والأم وترك الباقين فإن إرثه منحصر فيهم ، لكن إرثهم من الأخ ليس على حسب إرثهم من الأم ، فإن الأخ من الأم له السدس ، والاخوة من الأبوين لهم الباقي ، فيكون الحكم هنا كما لو اختلف الوارث ، كما هو واضح.

( ولو اختلف الاستحقاق ) خاصة ، كما لو مات رجل وترك ثلاثة أولاد ، ثم مات أحدهم ولم يخلف غير الأخوين المذكورين ، فإن جهة الاستحقاق في الفريضة مختلفة ، فإنها في الأولى البنوة وفي الثانية الاخوة والوارث واحد.

٣٥٣

( أو الوراث ) خاصة ، كما لو مات رجل وترك ابنين فمات أحدهما وترك ابنا فإن جهة الاستحقاق في الفريضتين واحدة وهي البنوة ، والوارث مختلف لكونه في الأولى ابنا وفي الثانية ابنه.

( أو هما ) معا كما لو مات رجل وخلف زوجة وابنا وبنتا ثم ماتت الزوجة عن ابن وبنت من غير الميت ، فإن جهة الاستحقاق في الأولى الزوجية وفي الثانية البنوة ، والوارث فيها أولادها ، وفي الأولى الزوجة وأولاده ، وحينئذ فالصور أربعة كما في التنقيح وغيره.

لكن قد يناقش فيه بأن تفسير اتحاد الاستحقاق واختلافه بما عرفت لا يطابق قسمة المناسخات في الحالتين معا على إطلاقه ، لأنه يستلزم أن يكون مع اختلاف جهة الإرث مطلقا يحتاج إلى البحث عن الفريضة الثانية ولا يكتفى بالأولى ، وهو ينتقض بما لو مات الأول عن أولاد ثم مات بعضهم عن الباقين ، فإن جهة الاستحقاق في الأولى بالبنوة وفي الثانية بالاخوة ، مع أن هذا لا يفتقر إلى تصحيح الفريضتين ، بل يجعل الميت الثاني كأن لم يكن ، ولا يقدح اختلاف جهة الإرث بالبنوة والاخوة في ذلك أصلا ، فالأولى إرادة ما ذكرناه سابقا من اختلاف الاخوة بكون أحدهم من الأم من اختلاف الاستحقاق ، فإنه المحتاج إلى تصحيح المسألة حينئذ.

بل لعل قول المصنف : « ولو اختلف الاستحقاق » إلى آخره ظاهر في أن الصورة الأولى اتحد فيها الوارث والاستحقاق ، مع أنه ليس كذلك ، ضرورة اختلاف عدد الوارث في الحالين ، فالأولى جعل المدار على انحصار ورثة الميت الثاني في الأول ، ويكون إرثهم من الثاني على حسب إرثهم من الأول ، وعدم ذلك.

وكيف كان فمتى كان الحال على الاختلاف المزبور ( فانظر نصيب

٣٥٤

الثاني ، فإن نهض بالقسمة على الصحة فلا كلام ، مثل أن يموت إنسان ويترك زوجة وابنا وبنتا ) من غيرها ( فللزوجة الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين ) مضروب مخرج الثمن في مخرج الثلث والثلثين الابن والبنت ( ثم تموت الزوجة فتترك ابنا وبنتا ) تنقسم عليهما الثلاثة المزبورة على الصحة.

وهو مثال الصورة الأخيرة التي ذكرناها سابقا ، بل الحكم كذلك في المثالين السابقين أيضا ، كما هو واضح بأدنى التفات.

( وإن لم ينقسم نصيبه على وارثه على صحة فهنا صورتان : الأولى : ) ( أن يكون بين نصيب الميت الثاني من فريضة الأول وبين الفريضة الثانية وفق ، فتضرب وفق الفريضة الثانية ـ لا وفق نصيب الميت الثاني ـ في الفريضة الأولى ، فما بلغ صحت منه الفريضتان ).

( مثل أخوين من أم ومثلهما من أب وزوج ثم مات الزوج وخلف ابنا وبنتين فـ ) ـان ( الفريضة الأولى ستة ) لأن فيها نصفا وثلثا ، ومضروب أحدهما في الآخر ستة ، للزوج ثلاثة وللأخوين من الأم اثنان فلا كسر ، ولكن يبقى للأخوين من الأب واحد ، والفرض أن لهما سهمين فـ ( ـينكسر ) فيهما ( فيصير إلى اثني عشر ) بضرب الاثنين في أصل الفريضة ( نصيب الزوج ) منها ( ستة ) وبقي النصف ( لا تنقسم على ) سهام ( أربعة ) كي تكون صحيحة على ورثته الذين هم الولد والبنتان ( ولكن ) فريضتهم ( توافق الفريضة الثانية ) وهي الأربعة ( بالنصف ، فتضرب جزء الوفق من الفريضة الثانية وهو الاثنان ) من الأربعة ( لا من النصيب في الفريضة الأولى ، وهي اثنا عشر ، فما بلغت صحت منه الفريضتان ) وهو أربعة وعشرون ( و ) حينئذ فـ ( ـكل من كان له من الفريضة الأولى شي‌ء أخذه

٣٥٥

مضروبا في اثنين ) فللاخوين من الأم أربعة من الفريضة الأولى يأخذانها مضروبة فيما ضربته في المسألة الأولى تبلغ ثمانية ، وهي ثلث الفريضة ، وللأخوين من الأب من الفريضة الأولى اثنان يأخذانهما مضروبين في اثنين ، وللزوج ستة يأخذها مضروبة في اثنين ، ثم ابن الزوج له نصف فريضة وهو ثلاثة من نصيب أبيه في الأولى ، يأخذها مضروبة في وفق نصيبه ومسألته ، وهو اثنان ، وللبنتين النصف تأخذان الثلاثة مضروبة في اثنين كذلك.

ومثل أن يخلف الأول أبوين وابنا ثم يموت الابن عن ابنين وبنتين فريضة الأول من ستة ، للابن منها أربعة وفريضته من ستة أيضا ، وهي توافق نصيبه بالنصف ، فتضرب فريضته وهو ثلاثة في أصل الفريضة تبلغ ثمانية عشر ، له منها اثنا عشر تنقسم بين ورثته على صحة ، وللأبوين ستة.

ومثل أن يخلف الابن في المثال زوجة وولدا ، فريضته ثمانية توافق نصيبه في الربع ، فتضرب ربع الفريضة وهو اثنان في الفريضة الأولى تبلغ اثني عشر ، له منها ثمانية بمقدار فريضته المطلوبة ، وعلى هذا القياس.

( الصورة الثانية : أن يتباين النصيب والفريضة ، فتضرب الثانية في الأولى ، فما بلغ صحت منه الفريضتان ، فكل من كان له من الفريضة الأولى شي‌ء يأخذه مضروبا في الثانية ).

( مثل زوج واثنين من كلالة الأم وأخ من أب ، ثم مات الزوج وترك ابنين وبنتا ، فريضة الأول من ستة ) لأن فيها ثلثا ونصفا ، ولا يقال : إن فيها سدسا ونصفا والنصف داخل فيه ، لأن كلالة الأم مع التعدد فريضتهم الثلث ، وإذا اتفق أن لكل واحد منهم سدسا على تقدير كونهم اثنين ، فان ذلك اتفاقي وحينئذ فـ ( ـنصيب الزوج ) منها‌

٣٥٦

( ثلاثة لا تنقسم على خمسة ولا توافق ، فاضرب الخمسة في الفريضة الأولى ، فما بلغ صحت منه الفريضتان ) وهو هنا ثلاثون ، للزوج منها خمسة عشر ، تنقسم على الابنين والبنت صحيحا ، ولكلالة الأم ثلثها عشرة ، تنقسم صحيحا عليهما ، والباقي للأخ من الأب.

ولو ترك الزوج ابنين فكذلك لكن فريضته اثنان ، تضربهما في الأولى فله ستة في الثانية مضروب الثلاثة نصيبه من الأولى في اثنين ، وللأخوين من الأم أربعة مضروب اثنين في اثنين ، وللأخ من الأب اثنان.

ومثل أبوين وابن ثم ترك الابن ابنين وبنتا أو ابنا وبنتا ، ففريضة الأولى ستة كالسابقة ، للابن أربعة وفريضته في الأول خمسة تباين نصيبه فتضرب فريضته في الفريضة الأولى تبلغ ثلاثين ، فيأخذه ورثة الأربعة مضروبة في خمسة ، وهو عشرون ، وفي الثاني فريضته ثلاثة تباين الأربعة أيضا فتضرب ثلاثة في ستة تبلغ ثمانية عشر ، له منها اثنا عشر بين الابن والبنت أثلاثا ، وهكذا فسر على ذلك غيره ، والله العالم.

( ولو كانت المناسخات أكثر من فريضتين نظرت في الثالثة ، فإن انقسم نصيب الثالث على ورثته على صحة ) فذاك ( وإلا عملت في فريضته مع الفريضتين ما عملت في فريضة الثاني مع الأول ، وكذا لو فرض موت رابع أو ما زاد على ذلك ).

ويمكن فرض ذلك بأقسامه في المثال السابق بأن يموت أحد ولدي الزوج ، فان نصيب الولد المذكور من نصيب أبيه ستة من خمسة عشر فهذه مناسخة ثالثة ، فان خلف ابنين وبنتين أو ستة أولاد متساوين ذكورية وأنوثية ونحو ذلك انقسمت فريضته من سهمه من غير كسر.

وإن خلف ابنا وبنتين كانت فريضته من أربعة ، وهي توافق نصيبه بالنصف ، فتضرب نصف فريضته وهو اثنان في ما اجتمع من المسألتين‌

٣٥٧

وهو ثلاثون تبلغ ستين ويكمل العمل ، وكل من كان له شي‌ء من الفريضة الثانية يأخذه مضروبا في اثنين.

وإن خلف ابنين وبنتا باينت فريضته وهي خمسة نصيبه وهو ستة » فتضرب فريضته في ثلاثين تبلغ مائة وخمسين ، ومن كان له شي‌ء من الفريضة الثانية أخذه مضروبا في خمسة.

ولو فرض موت آخر من هذه الأولاد فهي أربعة ، فتعتبر فريضته ونصيبه ، وتعمل كل ما عملت سابقا وهكذا ، والله العالم والموفق.

( المقصد الثالث )

( في معرفة سهام الوارث من التركة ) فإن ذلك هو ثمرة الحساب في الفرائض ، إذ المسألة قد تصح من مائة مثلا والتركة درهم ، فلا يتبين نصيب كل وارث منهم إلا بعمل آخر.

فنقول : التركة إن كانت عقارا فهو مقسوم على ما صحت منه المسألة ، وإن كانت مكيلة أو موزونة أو معدودة بذراع أو غيره احتيج إلى عمل ( وللناس في ذلك طرق أقربها أن تنسب سهام كل وارث من الفريضة وتأخذ له من التركة بتلك النسبة ، فما كان فهو نصيبه منها ).

ولكن هذا إنما يكون أقرب إذا كانت النسبة واضحة ، مثل زوجة وأبوين ولا حاجب ، فالفريضة من اثني عشر ، للزوجة ثلاثة : هي ربع الفريضة ، فتعطى ربع التركة كائنة ما كانت ، وللأم أربعة : هي ثلث الفريضة فتعطى ثلث التركة كذلك ، وللأب خمسة : هي ربع وسدس ، فيعطى ربع التركة وسدسها.

٣٥٨

وقد لا يسهل استخراج هذه النسبة إلا بضرب التركة ، كما لو كانت التركة خمسة دنانير مثلا والفريضة بحالها ، فإنه يحتاج إلى ضرب الخمسة في عدد سهام الفريضة وهي الاثنا عشر فتكون ستين ، فتجعل الخمسة حينئذ ستين جزء ، كل دينار من ذلك اثنا عشر جزء ، فللزوجة خمسة عشر جزء : ربع التركة ، وهي دينار وربع دينار ، وللأم عشرون جزء ثلث التركة ، وهي دينار وثلثا دينار ، وللأب خمسة وعشرون جزء : وهي ديناران ونصف سدس دينار.

( وإن شئت قسمت التركة على الفريضة فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كل واحد ، فما بلغ فهو نصيبه ) وهو طريق آخر ، بل هو حسن لكن مع سهولة القسمة ، كما لو كانت الفريضة المزبورة بحالها والتركة ستة دنانير ، فإنها إذا قسمت على الفريضة كان لكل سهم نصف دينار ، فتضرب نصف دينار في سهام الزوجة ، وهي ثلاثة : ربع الفريضة ، يكون دينارا ونصفا ، وتضرب نصف دينار في سهام الأم وهي أربعة : ثلث الفريضة تكون دينارين ، وتضرب نصف دينار في سهام الأب وهي خمسة يكون دينارين ونصفا.

( ولك طريق آخر ) عام النفع في النسب الظاهرة والخفية ( وهو ) قسمان :

أحدهما ( أنه إذا كانت التركة صحاحا لا كسر فيها ) كالاثني عشر ( فحرر العدد الذي منه تصح الفريضة ثم خذ ما حصل لكل وارث واضربه في التركة ، فما حصل فاقسمه على العدد الذي تصح منه الفريضة فما خرج فهو نصيب ذلك الوارث ) مثل ثلاث زوجات وأبوين وابنين وبنت ، فإن الفريضة فيها من أربعة وعشرين ، ثمنها ثلاثة للزوجات ، وسدساها للأبوين ثمانية ، فتنكسر في نصيب الأولاد على خمسة ، لأن الفرض‌

٣٥٩

كونهم ابنين وبنتا ولا وفق ، فتضرب عددهم وهو الخمسة في الأصل الذي هو أربعة وعشرون ، فتكون مائة وعشرون ، وسهام الزوجات منها خمسة عشر ثمنها ، لكل زوجة خمسة ، تضرب في التركة ـ وهي الاثنا عشر ـ تكون ستين دينارا ، تقسمها على مائة وعشرين ، يخرج نصف دينار وهو نصيب كل زوجة من الاثنى عشر أي دينار ونصف ، وسهام كل من الأبوين سدسها ، وهو عشرون ، فتضربها في اثنى عشر تكون مائة وأربعين تقسمها على مائة وعشرين ، يخرج ديناران وهو نصيب كل واحد من الأبوين ، وسهام كل ابن ستة وعشرون تضربها في اثنى عشر تكون ثلاثمائة واثني عشر دينار ، تقسمها على مائة وعشرين يخرج ديناران وثلاثة أخماس دينار لكل ابن ، وللبنت دينار وثلاثة أعشاره.

( ولو كان فيها ) أي التركة ( كسر ) كما لو كانت اثني عشر ونصفا مثلا وهو القسم الثاني ( فابسط التركة من جنس ذلك الكسر بأن تضرب مخرج ذلك الكسر في التركة ، فما ارتفع أضفت إليه الكسر وعملت فيه ما عملت في الصحاح ) وهو في الفرض خمسة وعشرون ، لأن الفرض كون الكسر نصفا وضرب مخرجه في الفريضة غير الكسر يبلغ أربعة وعشرين ، فإذا أضفت إليه الكسر كان خمسة وعشرين.

ولو فرض أنه ثلث كان سبعة وثلاثين ، لأن ضرب مخرجه في الفريضة غير الكسر يبلغ ستة وثلاثين ، فإذا أضفت إليه الكسر كان سبعة وثلاثين ، وهكذا ولو ضربت المخرج في الصحاح والكسر ابتداء حصل المطلوب أيضا ، واستغنيت عن اضافة الكسر مرة أخرى ، كما هو واضح.

وعلى كل حال ( فما اجتمع ) حينئذ ( للوارث قسمته على ذلك المخرج ، فان كان الكسر نصفا قسمته على اثنين ) لأنهما مخرج النصف ( وإن كان ثلثا قسمته على ثلاثة ) لأنها مخرج الثلث ( وعلى

٣٦٠