جواهر الكلام - ج ٣٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

إمكان التحفظ من تنجس الماء أو يلحق بالسابق؟

ومنها ما في كشف الأستاد « أنه لو كان أحدهما كافرا حربيا جاز لصاحبه استرقاقه إن تمكن من قهره ، ولو قهره آخر ملكه ، وتقسم الأجرة الحاصلة على وفق العمل ، فإذا عمل أحدهما بيديه ورجليه أو بيد ورجل كان له ثلاثة أرباع ، وللآخر الربع أو بيدين ورجل كان له خمسة أسداس وللآخر السدس ، وإن عمل بإحدى يديه وكلتي رجليه كان له ثلثان ، وللآخر الثلث ، كل ذلك مع تساوي اليد والرجل في العمل ، ولو كان الاسترقاق لأكثر من واحد قسموا معه واقتسموا بينهم ، ولكل من استرقه بيعه وإيجاره ونحو ذلك ».

وفيه ما عرفت من عدم الشركة بينهم في الرجلين على حد شركة المال ، بل فعل كل منهم يستند إلى صاحبه لا يشاركه الآخر فيه إلى غير ذلك من الفروع الكثيرة العامة لجميع أبواب الفقه التي لا يخفى عليك الحال فيها بعد الإحاطة بما سمعت.

المسألة ( الثالثة : )

( الحمل يورث إن ولد حيا ) بلا خلاف ولا إشكال ( وكذا لو سقط بجناية أو غير جناية فتحرك حركة الأحياء ) لا حركة التقلص.

( ولو خرج نصفه ) مثلا ( حيا والباقي ميتا ) أي أنه مات قبل تمام ولادته ( لم يرث ) لانتفاء شرط الإرث.

( وكذا ) عند الشيخ ومن تبعه ( لو تحرك حركة لا تدل

٣٠١

على استقرار الحياة كحركة المذبوح ، و ) لكن‌ في رواية ربعي (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام ( « إذا تحرك تحركا بينا يرث ويورث » ) ( وكذا في ) رواية أبي بصير (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام وهو أعم من استقرار الحياة ، اللهم إلا أن يراد بالبين ذلك ، إلا أنه كما ترى ، نعم قد يدعى الشك في تناول الأدلة لمثل المولود مضطربا اضطراب خروج الروح ، مع أنه ممنوع أيضا.

( و ) على كل حال ( لا يشترط كونه حيا عند موت المورث حتى أنه لو ولد ل ) دون ( ستة أشهر من موت الواطئ ) بلحظة ( ورث ) وإن كان هو حاله نطفة ( أو ) علقة ، وكذا يرث لو ولد ( لتسعة ) أشهر ( و ) لكن إذا ( لم تتزوج ) الأم وإلا لم يعلم كونه من الميت بخلافه في الأول ، لأصل عدم وطء غيره ولو شبهة كما تقدم الكلام في ذلك مفصلا ، بل تقدم أيضا ما يعلم منه الحال في.

المسألة ( الرابعة : )

وهي ( إذا ترك ) الميت ( أبوين أو أحدهما وزوجا أو زوجة وترك حملا أعطي ذووا الفروض نصيبهم الأدنى ) الذي يستحقونه على كل من تقديري ذكورة الحمل وأنوثته واتحاده وتعدده ( واحتبس الباقي ، فإن سقط ميتا أكمل لكل منهم نصيبه ) وإلا كان له ما يستحقه تمام المحبوس أو بعضه ، بل و‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٤ عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٧.

٣٠٢

( الخامسة )

وهي ( قال الشيخ : لو كان للميت ابن موجود وحمل أعطي الموجود الثلث ووقف للحمل ثلثان ، لأنه الأغلب في الكثرة وما زاد نادر ) لا يحتاط له ، خصوصا ما زاد على الأربعة ، فإنه قد نقل عن امرأة في نواحي الشامات أنها ولدت أربعين ولدا ذكرا في كيس واحد ، كان قدر كل واحد منهم مثل فرخ الهرة وكلهم عاشوا ( ولو كان الموجود أنثى أعطيت الخمس حتى يتبين الحمل ، وهو حسن ) بل و‌

( السادسة : )

وهي ( دية الجنين يرثها أبواه أو من يدلي بهما جميعا أو بالأب بالنسب والسبب ) كالولاء ، فإنه قد تقدم الكلام في وارث الدية التي منها هذه ، نعم لم يتقدم ذكر‌

( السابعة )

وهي ( إذا تعارف اثنان ) كاملان فصاعدا ( ورث بعضهم من بعض ، ولا يكلفان ) أو أحدهما ( البينة ) بلا خلاف فيه بيننا ، بل‌

٣٠٣

ولا إشكال بعد‌ عموم « إقرار العقلاء » (١) وانحصار الحق فيهما ، وخصوص المعتبرة المستفيضة ، كصحيح عبد الرحمن (٢) سأل الصادق عليه‌السلام « عن المرأة تسبى من أرضها ومعها الولد الصغير فتقول : هو ابني ، والرجل يسبى فيلقى أخاه فيقول : أخي ويتعارفان ، وليس لهما على ذلك بينة إلا قولهما ، فقال : ما يقول من قبلكم؟ قلت : لا يورثونهم ، لأنهم لم يكن لهم على ذلك بينة ، إنما كانت ولادة في الشرك ، فقال : سبحان الله إذا جاءت بابنها أو بنتها معها لم تزل مقرة به وإذا عرف أخاه وكان ذلك في صحة من عقولهما لا يزالان مقرين بذلك ورث بعضهم من بعض » وغيره.

بل هو دال على قبول إقرار الأم بالصغير ، وقد ذكروا ذلك في باب الإقرار للأب خاصة معللين له بإمكان إقامة الأم البينة على ولادتها له دونه ، اللهم إلا أن يحمل كلامهم السابق هناك على إرادة عدم قبوله في الإلحاق بالنسب على وجه يتعدى منها إلى غيرها ، والصحيح على خصوص التوارث لا اللحوق بالنسب ، لكنه كما ترى.

وعلى كل حال فالظاهر عدم تعدي إقرار المتعارفين إلى غيرهما من ذوي أنسابهما إلا بالتصادق ، لعدم ثبوت النسب بالإقرار المزبور ، بل أقصاه ثبوت حكمه بالنسبة إلى المقر خاصة من غير فرق في ذلك بين الولد والأخ وغيرهما ، كما اعترف به في محكي المبسوط ، قال : « لا يتعدى‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من كتاب الإقرار ـ الحديث ٢ والمستدرك ـ الباب ـ ٢ منه ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ١ مع الاختلاف في اللفظ ، وذكره بعينه في الكافي ج ٧ ص ١٦٦.

٣٠٤

حكم التوارث إلى أولاد المتصادقين ولا غيرهما من ذوي النسب إلا بالتصادق بينهم على ذلك ».

بل مقتضاه عدم الفرق في الأولاد بين الصغار والكبار ، بل وبين الموجود منهم قبل التعارف وما يتجدد لهما بعده ، فتأمل جيدا.

ولو تصادقا بعد الإقرار على الإنكار فالظاهر اعتباره أيضا ، لانحصار الحق فيهما ( و ) لو أنكر أحدهما خاصة لم يسمع منه بعد إقراره كما أنهما ( لو كانا معروفين بغير ذلك النسب لم يقبل قولهما ) المعلوم فساده ، أما لو كانا معروفين على وجه لم يعلم منه بطلان الإقرار أمكن القول بصحته حملا لقول المسلم عليها مع إمكانه ، فتأمل جيدا. وأما

المسألة ( الثامنة )

فقد تقدم الكلام فيها مفصلا أيضا ، وهي أن ( المفقود ) على وجه لم يعلم خبره ( يتربص بماله ، وفي قدر التربص أقوال : قيل : ) ( أربع سنين ، وهي ) رواية عثمان بن عيسى عن سماعة (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( وفي الرواية ضعف ) وقصور عن مقاومة غيرها.

( وقيل : تباع داره بعد عشر سنين ، وهو اختيار المفيد رحمه‌الله وهي رواية ) علي بن مهزيار (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام ( في بيع قطعة من داره ، والاستدلال بمثل هذه ) الرواية ( تعسف ) لما عرفت.

( وقال الشيخ : إن دفع إلى الحاضرين وكفلوا به جاز ).

( وفي رواية إسحاق بن عمار (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٩.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٧.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٨.

٣٠٥

إذا كان الورثة ملاء اقتسموا فان جاء ردوه عليه ، وفي إسحاق ) بن عمار ( قول ، وفي طريقها سهل بن زياد ، وهو ضعيف ).

( وقال في الخلاف : لا يقسم حتى تمضي مدة لا يعيش مثله إليها بمجرى العادة ، وهذا أولى ) وأقوى كما عرفته مفصلا.

( الثالث )

( في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم)

وهؤلاء يرث بعضهم من بعض ) بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، والنصوص به مستفيضة أو متواترة (١) وبذلك يخرج عما يقتضي عدمه من قاعدة كون الشك في الشرط شكا في المشروط ضرورة اشتراط إرث كل واحد منهما من الآخر بحياته بعد موت الآخر وهي غير معلومة ، بل ربما كان مقتضى الأصول تقارن موتهما ، ومن المعلوم سقوط الإرث معه ، وإن كان التحقيق نفيه بالأصل أيضا ، إذ هو من الحادث المسبوق بالعدم الذي إذا لوحظ اقتضى التعاقب ، كما أنه إذا لوحظ ما يقتضي عدم تأخر أحدهما عن الآخر اقتضى الاقتران الذي هو لازم المنفي بالأصل.

واحتمال جريان التوارث بينهما على قاعدة العمل بالأصلين مع إمكانه ولو لمكلفين ـ نحو واجدي المني في الثوب المشترك ، ونحو التمسك بهما‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.

٣٠٦

في كل من الإناءين لمكلفين على القول به ، ونحو الحكم بطهارة الماء ونجاسة الصيد فيه وغير ذلك ـ يدفعه وضوح كون المقام من غير ذلك كله بعد تسليم الحكم في المقيس عليه.

ومن هنا اقتصر المشهور كما ستعرف في الحكم المزبور على خصوص الغرقى والمهدوم عليهم دون غيرهم ولو كان الموت بسبب كالحرق والقتل ونحوه ، فضلا عما لم يكن بسبب كالموت حتف الأنف.

وكيف كان فالحكم لا إشكال فيه في المقام لكن بشروط : الأول ( إذا كان لهم أو لأحدهم مال. و ) الثاني إذا ( كانوا يتوارثون و ) الثالث إذا ( اشتبهت الحال في تقدم موت بعض على بعض ) أو اقترانه.

أما الأول فوجهه واضح ، ضرورة انتفاء الموضوع معه ، بل لذلك لا ينبغي ذكره شرطا.

وأما الثاني فكذلك إذا لم يكن بينهما إرث أصلا ولو من جانب ، نعم إذا كان ذلك من جانب واحد فلعل الوجه فيه ما قد عرفت من كون الحكم على خلاف الأصل ، فيقتصر فيه على المتيقن من النص والفتوى ، وهو ما إذا كان بينهما توارث من الجانبين ، لكن عن المحقق الطوسي رحمه‌الله أنه قال قوم بالتوريث من الطرف الممكن ، ثم قال : والأقرب الأول ، ويمكن أن يستدل عليه بالإجماع وغيره.

وأما الثالث ففي الوضوح كالأول.

وحينئذ ( فـ ) ـقد ظهر لك أنه ( لو لم يكن لهم مال أو لم يكن بينهم موارثة أو كان أحدهما يرث دون صاحبه كأخوين لأحدهما ولد سقط هذا الحكم ).

( وكذا لو كان الموت لا عن سبب ) بل كان حتف الأنف ، وهو الشرط الرابع بلا خلاف محقق أجده فيه ، بل حكي غير واحد‌

٣٠٧

الاتفاق عليه ، مضافا إلى‌ خبر القداح (١) عن الباقر عليه‌السلام « ماتت أم كلثوم بنت علي عليه‌السلام وابنها زيد بن عمر بن الخطاب في ساعة واحدة لا يدري أيهما هلك قبل فلم يورث أحدهما من الآخر ، وصلى عليهما جميعا ».

لكن عن النهاية والمبسوط والسرائر والمهذب تعليل الحكم المزبور بأن التوارث إنما يجوز فيما يشتبه فيه الحال ، فيجوز تقدم كل منهما على الآخر لا فيما علم الاقتران ، وهو مؤذن بقصر نفي التوارث في الموت حتف الأنف على اقترانهما ، بل عن أبي علي وأبي الصلاح التصريح بذلك بل قيل : إنه ظاهر كثير من الأصحاب ، وإن كنا لم نتحققه ، وعلى تقديره ففيه ما عرفت ، مضافا إلى حرمة القياس ، إذ لا علة منصوصة يؤخذ بها ولا تنقيح مناط بإجماع ونحوه ، بل لعله على عدمه ظاهر أو معلوم.

وكذا لا توارث لو كان الموت لسبب هو الغرق ( أو ) الهدم فضلا عن غيرهما ولكن ( علم اقتران موتهما أو تقدم أحدهما ) بخصوصه ( على الآخر ) أو ظن على وجه يقوم مقام العلم ، بل ينتفي الإرث مطلقا أو عن المتقدم خاصة ( و ) هو واضح.

نعم ( في ثبوت هذا الحكم ) أي حكم الغرقى إذا كان الموت ( ب ) سبب إلا أنه ( غير سبب الهدم والغرق ) كالحرق والقتل في معركة ونحو ذلك ( مما يحصل معه الاشتباه ) المزبور ( تردد و ) خلاف فـ ( ـكلام الشيخ رحمه‌الله في النهاية يؤذن بطرده مع أسباب الاشتباه ) بل قيل : إنه صريحها وصريح أبي علي وأبي الصلاح وابني حمزة وسعيد والمحقق الطوسي وظاهر المبسوط والسرائر والمراسم والمهذب‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ١.

٣٠٨

للاشتراك في الاشتباه الذي هو العلة.

والأكثر كما في الروضة والمسالك على عدم الاطراد ، بل عن الكفاية نسبته إلى الأصحاب ، وهو الأقوى اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن بعد عدم العلم ، بل والظن المعتبر بكون العلة الاشتباه والعلم بحرمة القياس مضافا إلى ما روي (١) أن قتلي اليمامة وصفين والحرة لم يورث بعضهم من بعض.

ومن الغريب ما في الرياض هنا من الميل إلى الأول محتجا عليه « بقوة احتمال كون العلة المحتج بها قطيعة منقحة بطريق الاعتبار لا مستنبطة بطريق المظنة لتلحق بالقياس المحرم في الشريعة ويعضده وقوع التعدية عن مورد النصوص المخصصة للقاعدة كثيرا لأخصيتها من المدعى كذلك ، كما لا يخفى والإجماع وإن كان هو المستند في ذلك إلا أنه لا ينافي الاعتضاد ويشير إلى قوة الاحتمال بل ويعينه فهم الراوي فيما تقدم من الصحيحين من حكمه عليه‌السلام في المهدوم عليهم ثبوته في الغرقى ، ولذا بعد سماعة الحكم منه عليه‌السلام في المهدوم عليهم اعترض على أبي حنيفة فيما حكم به في الغرقى من دون تربص وتزلزل ، بحيث يظهر منه أنه فهم كون العلة هو الاشتباه وإلا فلم يتقدم للغرقى ذكر سابقا لا سؤالا ولا جوابا ، والمعصوم عليه‌السلام أقره على فهمه غير معترض عليه بالقياس ، وأنك لم استشعرت من حكمي في المهدوم الاعتراض على أبي حنيفة في الغرقى. فهذا القول في غاية القوة ونهاية المتانة لو لا الشهرة العظيمة التي كادت تكون من المتأخرين إجماعا وما في الإيضاح من أنه‌ « قد روي (٢) « أن قتلي اليمامة وقتلي صفين لم يرث بعضهم من بعض بل‌

__________________

(١) روى ذلك فخر المحققين مرسلا في إيضاح الفوائد ـ ج ٤ ص ٢٧٧.

(٢) روى ذلك فخر المحققين مرسلا في إيضاح الفوائد ـ ج ٤ ص ٢٧٧.

٣٠٩

ورثوا الأحياء قال : فان صحت الرواية فهي حجة قوية ».

ثم قال : « ويكفي لنا في الاحتجاج بها انجبارها بالشهرة وإن لم تكن بحسب السند صحيحة ، ويضعف الاعتضاد بوقوع التعدية بعدم وقوعها في الموت من غير سبب كما يأتي ، والإجماع وغيره وإن كانا مستنديه إلا أنهما دالان على عدم كون العلة الاشتباه المطلق ، بل المقيد بشي‌ء ، وهو كما يحتمل خصوصية الموت بالسبب مطلقا كذا يحتمل خصوصيته به مقيدا بالهدم والغرق خاصة ، والتقييد فيه وإن كان زائدا يوجب مرجوحيته بالإضافة إلى الاحتمال الأول إلا أن المقصود من معارضة الاحتمال به وذكرها بعد الإجماع على التقييد بعد دعوى تنقيح المناط القطعي ، إذ هي على تقدير تسليمها إنما تصح في الاشتباه المطلق ولو في الموت من غير سبب ، فإنه هو الذي يترائى في الاعتبار والنظر كونه هو العلة والمناط في مورد النص دون الاشتباه المقيد. وبالجملة فالمسألة عند العبد محل توقف وإن كان المصير إلى ما عليه الأكثر لا يخلو من قرب ».

إذ هو كما ترى من غرائب الكلام ، فإن قوة احتمال كون العلة قطعية لا يكاد يتصور لها معنى محصل. نعم إن تم ما ترائي له من كون العلة الاشتباه المطلق كما لعله الظاهر من أسئلة النصوص المشتملة على ذكر الغرق أو الوقوع المفرع عليه فيها عدم العلم بموت السابق كان هو المدار وإلا فلا ، ولعل الأقوى الأخير.

على أن احتمال القطع أو ظنه على فرض تصوره غير مجد في الخروج عن حرمة القياس ، وليتنا فهمنا العلة القطعية المنقحة بطريق الاعتبار من المستنبطة بطريق المظنة على وجه يفيد.

والتعدية التي أشار إليها مع فرض عدم اندراجها في الموجود من النصوص إن حصل عليها إجماع أو غيره من الأدلة المعتبرة قلنا بها ، وإلا‌

٣١٠

فلا حتى الغرق في الماء المضاف فضلا عنه في قير أو طين أو نفط أو بالوعة أو نحو ذلك وهدم جبل فضلا عن انكسار شجرة ووقوع بيت شعر وخيمة ونحوها ، بل إن لم يحصل إجماع أو نحوه أشكل تعدية حكم الغرقى والمهدوم عليهم إليهم حال العلم ببعض أحوالهم ، كما إذا علم عدم اقتران موتهم ولكن اشتبه خصوص التقدم والتأخر ، ضرورة كون مورد الأدلة الأول وإن كان العلم بذلك مؤكدا لاشتباه التوارث.

أما لو علم غرقهم ولكن كان مع الفصل بزمان طويل ولكن لم نعلم السابق من اللاحق فالظاهر عدم جريان حكم الغرقى عليهم ، بل قد يشكل فيمن أصابهم الغرق دفعة بانكسار سفينة ونحوها ولكن ترتب زمان موتهم وهلاكهم إلا أنا لم نعلم السابق من اللاحق ونحو ذلك مما يقوي فيه احتمال القرعة ، كقوته في الموت حتف الأنف والموت بسبب غير سبب الغرق والهدم مع العلم بتقدم أحدهما على الآخر من غير تعيين للقطع بوارثية أحدهما واشتباهه ، وهو محل القرعة ، وقد يحتمل حينئذ سقوط التوارث في ذلك للشك في الشرط بالنسبة إلى كل منهما ، بل لعل الظاهر من خبر القداح (١) أن ذلك هو المدار في سقوط الإرث ، لكن الأقوى الأول.

نعم هو كذلك مع احتمال الاقتران في غير سبب الغرق والهدم ، كما عرفته سابقا ، وحينئذ فلو احترقت امرأة وابنها مثلا ولم يعلم حال موتهما سقط التوارث بينهما لما عرفت ، فلو كان لها زوج وأب وأم مثلا كان للزوج نصيبه الأعلى وهو النصف ، والنصف الآخر لهما ، لعدم ثبوت حجب الولد هنا بعد معلومية اشتراط حجبه ببقائه بعدها والفرض عدم العلم بذلك ، ولذا قلنا بعدم إرثه لها ، ولا ينافيه عدم العلم بموته قبلها ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ١.

٣١١

بل ولا بالمقارنة بناء على عدم اعتبار حجية الأصلين في إثباتها ، لأن الحجب مشروط بما عرفت ، لا عدمه أيضا إن كان يمكن دعواه أيضا فيتجه حينئذ الحكم بثبوت الأقل وهو الربع ومنع الزائد بالأصل ، إلا أن الأقوى خلافه ، خصوصا بعد أن ذكر المصنف كون الولد حاجبا كالاخوة ، على أن الظاهر كون الولد يحجب الزوج مثلا عن النصف إلى الربع بمعنى أنه يرث فيحجب بإرثه ، والفرض بناء المسألة على عدم إرثه باعتبار عدم تحقق مقتضى الإرث فيه ، ومن هنا اتجه عدم حجبه هنا وإن قلنا بحجب القاتل والرق والكافر ، والله العالم.

وكيف كان فـ ( ـإذا ثبت هذا فـ ) ـلا إشكال في أنه ( مع حصول الشرائط ) التي أشرنا إليها ( يورث بعضهم من بعض ) بمعنى يفرض كل منهما حيا بعد موت الآخر عملا بالاحتمالين بعد فقد الترجيح في أحدهما.

قال عبد الرحمن بن الحجاج (١) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القوم يغرقون في السفينة أو يقع عليهم البيت فيموتون فلا يعلم أيهما مات قبل صاحبه؟ قال : يورث بعضهم من بعض ، كذلك هو في كتاب علي عليه‌السلام ».

وسأله عليه‌السلام أيضا مرة أخرى (٢) « عن القوم يغرقون أو يقع عليهم البيت ، قال : يورث بعضهم من بعض ».

وفي‌ خبر الفضل بن عبد الملك (٣) عنه عليه‌السلام أيضا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ٤.

وقد رواه في الوسائل بعد صحيحة عبد الرحمن الثانية وفيه‌ « في امرأة وزوجها سقط عليهما بيت مثل ذلك » وكذلك التهذيب ج ٩ ص ٣٦٠ الرقم ١٢٨٥ وما نسبه ( قده ) إلى خبر الفضل فهو من لفظ مرسل أبان الذي يرويه في الوسائل بعد خبر الفضل وفي صدره « عن قوم سقط عليهم سقف ».

٣١٢

« في امرأتين سقط عليهما سقف كيف مواريثهم؟ فقال : يورث بعضهم من بعض ».

وقال الباقر عليه‌السلام في خبر محمد بن قيس (١) : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل وامرأة انهدم عليهما بيت فماتا ولا يدري أيهما مات قبل؟ فقال : يرث كل واحد منهما زوجه كما فرض الله لورثتهما » إلى غير ذلك من النصوص التي كادت تكون متواترة.

فلو كان لأحدهما مال دون الآخر انتقل المال إلى من ليس له مال ثم منه إلى ورثته ، قال عبد الرحمن (٢) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أيضا عن بيت وقع على قوم مجتمعين فلا يدري أيهم مات قبل؟ فقال يورث بعضهم من بعض ، قلت : فإن أبا حنيفة أدخل فيها شيئا ، قال : وما أدخل؟ قلت : رجلين أخوين أحدهما مولاي والآخر مولى لرجل لأحدهما مائة ألف والآخر ليس له شي‌ء ركبا في السفينة فغرقا فلم يدر أيهما مات أولا كان المال لورثة الذي ليس له شي‌ء ، ولم يكن لورثة الذي له المال شي‌ء ، قال : فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : لقد سمعها ، وهو هكذا » ومثله خبراه الآخران (٣) هذا كله مع جهل تأريخ موت أحدهما.

أما مع علمه فالظاهر خروجه عن مورد النصوص المزبورة ، بل يحكم بكون الإرث لمجهولهما بناء على الحكم بتأخره ، أو سقوط التوارث في غير الغرقى والمهدوم عليهم ، والتوارث فيهما بناء على عدمه ، بل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ٢ بطريقين.

٣١٣

قد يدعى اندراجه في الأدلة ، ولعله الأقوى.

( و ) على كل حال فلا إشكال في أصل الحكم ، نعم الظاهر أنه ( لا يورث الثاني مما ورثـ ) ـه ( منه ) أو من غيره الأول ، بل يختص الإرث فيما بينهم في صلب المال وتالده دون طارفه الذي حصل لهم بالإرث ، لمرسل حمران بن أعين (١) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام « في قوم غرقوا جميعا أهل بيت واحد ، قال : يورث هؤلاء من هؤلاء وهؤلاء من هؤلاء ، ولا يرث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا ، ولا يورث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا ».

وفي‌ صحيح محمد بن مسلم (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام « في رجل سقط عليه وعلى امرأته بيت قال : تورث المرأة من الرجل ويورث الرجل من المرأة ، معناه يورث بعضهم من بعض من صلب أموالهم لا يورثون مما يورث بعضهم بعضا شيئا » وإن كان لم يعلم كون ذلك من الباقر عليه‌السلام إلا أنه على كل حال فيه تأييد.

لكن ( و ) مع ذلك كله ( قال المفيد رحمه‌الله ) وسلار : ( يرث مما ورث منه ) لإطلاق الأدلة ولعدم الفائدة في تقديم الأضعف لو لا ذلك.

( و ) لا ريب في أن ( الأول أصح ، لأنه إنما يفرض الممكن والتوريث مما ورث ) منه ( يستدعي الحياة بعد فرض الموت ) في موضوع واحد من جهة واحدة ( وهو غير ممكن عادة ).

قيل : ولا يشكل ذلك بالتوارث بينهما ، ضرورة كون ذلك من فرض الحياة والموت في كل واحد منهما لا فرضهما معا في واحد مخصوص‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ١.

٣١٤

ومن فرض الموت من حيث إنه يورث والحياة من حيث إنه يرث ، وإن كان هو كما ترى ، إلا أنا في غنية عنه كالغنية عن مناقشة المفيد رحمه‌الله باستلزام التسلسل التي يمكن منعها بالاختصاص في إرث الثاني لا كل منهما.

( و ) على كل حال فالمتجه الأول ( لما ) قدمناه ، مضافا إلى ما سمعته فيما ( روي ) في الصحيح (١) وغيره (٢) من ( أنه لو كان لأحدهم ) خاصة ( مال صار المال لمن لا مال له ) فإنه دال على المطلوب أيضا ، بناء على عدم اختصاص خلاف المفيد رحمه‌الله في الأضعف خاصة. وحينئذ فيجب الخروج عن الإطلاق ببعض ما عرفت فضلا عن جميعه بعد تسليم تناوله لمثل ذلك.

( و ) أما الثاني ففيه منع اعتبار ظهور الفائدة كأكثر الأحكام الشرعية المبنية على مصالح خفية.

على أن ( في وجوب تقديم الأضعف في التوريث ترددا ) وخلافا ( قال في الإيجاز ) ومحكي الإصباح والقطب علي بن مسعود والغنية وظاهر الكافي ( لا يجب ) للأصل وغيره ( وقال ) في محكي المقنعة والنهاية والسرائر والوسيلة والتبصرة واللمعة وتعليق الفقيه : يجب التقديم و ( في المبسوط ) يجب ذلك لكن ( لا يتغير به حكم غير أنا نتبع الأثر في ذلك ).

وهو‌ خبر الفضل بن عبد الملك (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في امرأة وزوجها سقط عليهما بيت ، فقال : يورث المرأة من الرجل ثم يورث الرجل من المرأة » وعبيد بن زرارة (٤) « سألت أبا عبد الله‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ٢.

٣١٥

عليه‌السلام عن رجل سقط عليه وعلى امرأته بيت ، فقال : يورث المرأة من الرجل ثم يورث الرجل من المرأة » وصحيح محمد بن مسلم (١) عن أحدهما عليهما‌السلام.

إلا أن الجميع في خصوص الزوج والزوجة ، ويحتمل فيه الترتيب الذكري ، نحو قوله تعالى (٢) ( لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) و ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ) (٣) وغير ذلك مما ورد في الشعر والنثر ، ومن هنا حمله بعضهم على الندب ( و ) الأمر سهل بعد ما عرفت من عدم تغيير الحكم به عندنا.

نعم ( على قول المفيد رحمه‌الله ) بارث الثاني مما ورثه الأول ( تظهر فائدة التقديم ) ضرورة ترتب الزيادة والنقصان عليه ( و ) لكن قد عرفت أن ( ما ذكره في الإيجاز أشبه بالصواب و ) بأصول المذهب وقواعده ، بل ( لو ثبت الوجوب كان تعبدا ) صرفا لا يترتب ثمرة عليه ، لما عرفت من إرث كل منهما التالد من المال دون طارفه.

وحينئذ ( فلو غرق زوج وزوجة فرض موت الزوج أولا وتعطى الزوجة ) ثمنها أو ربعها ( ثم يفرض موت الزوجة ويعطى الزوج نصيبه ) الربع أو النصف ( من تركتها الأصلية ) على المختار ( لا مما ورثته ) أيضا خلافا للمفيد رحمه‌الله فيعطى منه حينئذ النصف أو الربع أيضا ( وكذا لو غرق أب وابن يورث الأب ثم يورث الابن ).

__________________

(١) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ـ الحديث ٢ وكذلك في التهذيب ـ ج ٩ ص ٣٥٩ ـ الرقم ١٢٨٢.

(٢) سورة طه : ٢٠ ـ الآية ٨٢.

(٣) سورة الأعراف : ٧ ـ الآية ٥٤ وسورة يونس : ١٠ ـ الآية ٣.

٣١٦

( ثم إن كان كل واحد منهما أولى من بقية الوراث انتقل مال كل واحد منهما إلى الآخر ومنه إلى ورثته ، كابن له إخوة من أم ، ) ( وأب له إخوة فمال الولد ينتقل إلى الولد ، وكذا مال الوالد الأصل ) دون ما ورثه منه ( ينتقل إلى الولد ، ثم ينتقل ما صار إلى كل واحد منهما إلى إخوته ) فميراث الأب مال الابن أجمع ينتقل منه إلى إخوته من أمه.

لكن في تقديم الأب هنا لأنه أضعف نظر ، ضرورة عدم كونه صاحب فرض في المفروض ، بل يرث فيه بالقرابة ، فالمتجه حينئذ على قول المفيد رحمه‌الله بناء على عدم موافقة الأصحاب في المقام القرعة.

هذا كله مع أولوية كل من الأب ( و ) الابن بالآخر فـ ( ـان كان لأحدهما أو لكل واحد منهما شريك في الإرث كابن وأب وللأب أولاد غير من غرق وللولد أولاد فـ ) ـيفرض موت الابن أولا ويعطى نصيبه منه ، وهو السدس لـ ( ـان الأب يرث مع الأولاد السدس ثم يفرض موت الأب فيرث الابن ) الغريق ( مع إخوته نصيبه ) من مال أبيه الأصلي دون السدس الذي حصل له منه على المختار ، وعلى قول المفيد يأخذ نصيبه منه أيضا.

( و ) على كل حال ( ينتقل ما بقي من تركته مع هذا النصيب ( النصف خ ل ) ) الحاصل من تركة أبيه ( إلى أولاده ).

( ولو كان الوارثان يتساويان في الاستحقاق كأخوين لم يقدم أحدهما على الآخر وكانا سواء في الاستحقاق ) لعدم الأضعف ( وينتقل مال كل واحد منهما إلى الآخر ، فان لم يكن لهما وارث ) نسبي ولا سببي ( فميراثهما للإمام عليه‌السلام ) الذي هو وارث أمثالهم ( وإن كان لأحدهما وارث انتقل ما صار إليه إلى ورثته وما صار إلى

٣١٧

الآخر إلى الامام عليه‌السلام ) بلا خلاف ولا إشكال.

نعم في الدروس تبعا للقواعد أنه « على قول المفيد رحمه‌الله لو كان لكل من الأخوين جد لأم ولا مال لأحدهما يقرع ، فان خرج توريث المعدم أولا انتقل مال الآخر إليه وإلى جده : ثلثه لجده وثلثاه لأخيه ثم يقدر موت الآخر ، فيرث الموسر منه ثلثي ما انتقل اليه وثلثه لجده المعدم (١) وينتقل ما ورثه الموسر إلى جده ، فيجتمع لجده ثلث أصل ماله وثلثا ثلثيه ، وذلك سبعة أتساع ماله ولجد المعدم تسعان ، ولو خرج توريث الموسر لم يرث من أخيه شيئا ، ثم يقدر موت الموسر ، فيرث ماله أخوه وجده أثلاثا ، فيكون لجده الثلث ولأخيه الثلثان ، ينتقل ما صار لأخيه إلى جده ، فيكون لجد الموسر ثلث ماله ولجد المعدم ثلثاه ، فوجبت القرعة ، لتغير الحكم بالتقدم والتأخر ، وعلى الأصح يصير مال الموسر بين جده وجد أخيه أثلاثا لجده الثلث ولجد أخيه الثلثان. وكذا يقرع على قوله لو كان لهما مال تساويا في قدره أو اختلفا ، فان جد المتقدم بالموت يفوز بأكثر مما يحصل له لو تأخر موت مورثه ، وعلى الأصح يقسم مال كل أخ بين جده وجد أخيه أثلاثا لجده ثلثه ولجد أخيه ثلثاه ».

قلت : ما عثرنا عليه من عبارة المقنعة ليس فيها إلا تقديم الأضعف وتوريث الأقوى ما ورثه منه كما لا يخفى على من لاحظها ، ولعله لا تقديم لمعين عنده في غيرهما ، ولا توريث الثاني مما ورث منه الأول ، بل ليس في الأدلة إلا تقديم الزوجة كما سمعت في النصوص (٢) إلا أنه تعدوا منها في التقديم إلى كل أضعف ، وأما في غير ذلك فليس في شي‌ء من الأدلة‌

__________________

(١) هكذا في النسختين الأصليتين المسودة والمبيضة والصحيح « لجد المعدم » كما هو كذلك في الدروس.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.

٣١٨

تقديم أحدهما بالخصوص ولا ميراث الثاني مما ورثه الأول منه أو من غيره.

ولو كان الغرقى أكثر من اثنين يتوارثون فالحكم كذلك أيضا ، بأن يفرض موت أحدهم ويقسم تركته على الأحياء إن كانوا والأموات معه ، فما يصيب الحي يعطى ، وما يصيب الميت معه يقسم على ورثته الأحياء دون الأموات معه على المختار ، وعلى الجميع عند المفيد وسلار وهكذا يفرض موت كل واحد إلى أن يصير تركات جميعهم منقولة إلى الأحياء.

ولو غرق ثلاثة إخوة لأب وقد خلف كل واحد منهم أخا لأم فرض موت كل واحد منهم أولا ، فيصير كمن خلف أخاه لأم وأخوين لأب ، فيكون أصل ماله اثني عشر ليكون لخمسة أسداسه نصف حتى يقسم بين الأخوين للأب ، فلأخيه لأمه حينئذ سهمان ، ولكل من الفريقين خمسة ينتقل منه إلى أخيه لأمه ، فيكون بعد قسمة تركة الجميع لكل أخ حي سهمان من اثني عشر من أصل تركة أخيه ، وخمسة أسهم من اثني عشر من تركة كل واحد من الأخوين الباقيين بالانتقال عنه إلى أخيه ثم من أخيه إليه.

هذا ولقد أطنب الفاضل في القواعد في الفروع التي لا يخفى حكمها على من أحاط بالأصول ، والله أعلم بحقيقة الحال.

٣١٩

( الرابع )

( في ميراث المجوس )

وغيرهم من فرق الكفر إذا ترافعوا إلينا أو أسلموا.

( المجوسي قد ينكح المحرمات ) عند المسلمين ( بشبهة ) اعتقاده في ( دينه ) وقد ينكح المحللات له في دين الإسلام ( فيحصل له ) بذلك ( النسب الصحيح والفاسد والسبب الصحيح والفاسد ، ونعني بالفاسد ما يكون عن نكاح محرم عندنا لا عندهم ، كما إذا نكح أمه وأولدها ، فنسب الولد فاسد ) عندنا ( وسبب زوجيتها فاسد ) عندنا وإن كان هو صحيحا صحة معاملة بمعنى ترتب بعض الآثار عليه ، ولا ينافي ذلك تكليفه بالفروع ، ضرورة حرمة ذلك عليه وإن ترتب أثر العقد الصحيح عليه ، بل يكفي في صدق فساده عندنا عدم ترتب جميع الآثار عليه التي منها إباحة الوطء.

قال عبد الله بن سنان (١) : « قذف رجل مجوسيا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : مه ، فقال الرجل : إنه ينكح أمه وأخته ، فقال : ذلك عندهم نكاح في دينهم ».

وفي‌ خبر محمد بن مسلم (٢) « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث المجوسي ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث المجوسي ـ الحديث ١.

٣٢٠