جواهر الكلام - ج ٣٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

أو السبق كذلك ، بل كان على وجه اختصاص أحد الفرجين بالسبق والآخر بتأخر الانقطاع بحيث يزيد على قدر السبق وبنبات اللحية والحيض ونحو ذلك رجع أيضا إلى ترجيح إحدى الأمارتين على الأخرى باعتضاد أمارة أو زيادة غلبة ونحو ذلك مما يفيد الظن بها ، فان فقد كان مشكلا ، وحكمه ما تعرفه.

وقد يحتمل كون المدار على الأمارات المنصوصة بالنص المعتبر دون غيرها وإن أفاد الظن ، كما أنه يحتمل ملاحظة الترتيب فيها ، فيعتبر السبق حينئذ وإن تأخر الانقطاع في الآخر ، لكن الأقوى الأول ، فيكون حينئذ ما في النصوص مثالا لغيره ، وخصها بالذكر لخفائها.

قال الحسن بن أبي عقيل : « الخنثى عند آل الرسول ( صلوات الله عليهم ) فإنه ينظر فان كان هناك علامة يبين فيه الذكر من الأنثى من بول أو حيض أو احتلام أو لحية أو ما أشبه ذلك فإنه يورث على ذلك ، فان لم يكن وكان له ذكر كذكر الرجال وفرج كفرج النساء فان له ميراث النساء ، لأن ميراث النساء داخل في ميراث الرجال ، وهذا ما جاء عنهم عليهم‌السلام في بعض الآثار ».

وهو كما ترى صريح في اعتبار غير المنصوص ، بل الظاهر أيضا أن الترتيب في المنصوص منها ذكري لا حقيقي ، كما لا يخفى على من رزقه الله فهم كلماتهم عليهم‌السلام على معنى الرجوع إلى علامة مع فقد الأخرى نحو ما ورد في ترجيح النصوص المتعارضة لا أن المراد كونها علامة بعد تعذر غيرها.

وكيف كان ( فان ) كانت مشكلا بأن كان المخرجان قد ( تساويا في السبق ( والتأخر خ ) ) ولم يكن هناك أمارة ( قال ) الشيخ ( في الخلاف : يعمل فيه بالقرعة محتجا بالإجماع والأخبار ) ‌

٢٨١

وعن الإيضاح أنه قواه ، بل عن اليوسفي حكايته عن العجلي وجماعة من معاصريه ، قال : « والذي يقضي منه العجب حال المتأخر ، هنا ذكر اختلاف الأصحاب وأنه كان يفتي بالقرعة برهة من الزمان مع جماعة من معاصريه ثم ادعى الإجماع على عد الأضلاع فكيف يصير قول اثنين أو ثلاثة إجماعا ، فإن قيل : المخالف مشهور باسمه ونسبه فلا يقدح في الإجماع قلنا : لا نسلم ، من أين عرف أنه لا مخالف غيرهم؟ أو من أين أن باقي الإمامية شرقا وغربا يوافقون معك ولعله سمع ذلك من لسانه وإلا فالمحكي من سرائره خلافه ».

وعلى كل حال فدليله ما سمعت من الإجماع وأخبار القرعة وخصوص النصوص (١) الواردة في فاقد الفرجين الذي هو أيضا مشكل بفقدهما كالمشكل بوجودهما ، بل‌ في بعضها (٢) « أي قضية أعدل من قضية يحال عليها السهام ».

وفي كشف اللثام « لا شبهة في أنه لا بد منها إذا ماتت ولم يستعلم حالها » وفيه أن مقتضى‌ قوله عليه‌السلام : « فان مات ولم يبل » في الحسن (٣) إعطاء نصف النصيبين عند عدم الاستعلام ، ولعل القائل به يلتزمه ، إذ احتمال اختصاص القول به بمعلوم الاشكال لا الأعم منه ومن لم يعلم حاله بموت ونحوه يدفعه ما عرفت من النص وإن كان خاصا في من مات ولم يبل ، إلا أن الظاهر عدم الفرق بينه وبين من كان يبول إلا أنه لم يستعلم حاله فمات ، على أنه لو سلم عدم تناول النص له أمكن منع القرعة أيضا ، بدعوى كون المتجه حينئذ ما سمعته في الحسن من إعطاء نصيب الأنثى ، لأنه المتيقن ، وينفى غيره بالأصل الذي هو لم يقصر‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الخنثى.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٢.

٢٨٢

عن إثبات ذلك وإن قصر عن تشخيص الموضوع ، فيكون حكمه حينئذ حكم الموضوع المعلوم عدم كونه مشتبها في نفسه إلا أنه تعذر معرفته لموت بغرق ونحوه ، ودعوى جريان القرعة فيه أيضا محل للنظر. وكيف كان فالقرعة قوله في الخلاف.

( وقال ) الشيخ ( في النهاية والإيجاز والمبسوط : يعطى نصف ميراث رجل ونصف ميراث امرأة ) كما هو المحكي عن المفيد رحمه‌الله والصدوقين وسلار وابني حمزة وزهرة والمحقق الطوسي والآبي والعلامة وولده وابن أخته والشهيدين وأبي العباس والصيمري والمقداد وغيرهم ، بل هو المشهور نقلا ( و ) تحصيلا ، بل عن الغنية الإجماع عليه.

بل قد ( دلت عليه رواية هشام بن سالم ) في‌ الحسن (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في قضاء علي عليه‌السلام ) فان كانا سواء ورث ميراث الرجال والنساء » بعد القطع بعدم إرادة مجموعهما ، خصوصا بعد‌ قول علي عليه‌السلام في الحسن كالصحيح (٢) : « فان مات ولم يبل فنصف عقل امرأة ونصف عقل رجل » المراد من العقل فيه الميراث.

على أن ذلك هو الموافق لقاعدة قسمة المال المشتبه بين شخصين بالنصف ، ضرورة دفع حصة أنثى لها ، للقطع باستحقاقها ذلك على كل حال ، ويبقى التفاوت بين ذلك وبين حصتها ذكرا ، لم يعلم مستحقه ، فيقسم بينهما بالنصف ، وانحصار الناس في الذكر والأنثى غير مناف لذلك بعد الدليل على كون حصته ذلك.

( وقال المفيد رحمه‌الله ) في المحكي عنه في كتاب الإعلام‌

__________________

(١) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ١ وذكره في التهذيب ج ٩ ص ٣٥٤ ـ الرقم ١٢٦٩.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٢.

٢٨٣

( والمرتضى رحمه‌الله ) في المحكي من انتصاره والحلي في المحكي من سرائره ( تعد أضلاعه ) أي الخنثى ( فان استوى جنباه فهو امرأة وإن اختلفا ) بأن كانت تسعة في اليمين وثمانية في اليسار أو غير ذلك على ما اختلفت به الرواية ( فهو ذكر ، وهي رواية شريح القاضي حكاية لفعل علي عليه‌السلام ) في الخنثى التي حبلت واحبلت (١) ( واحتجاه ) أي الأولان بل والثالث ( بالإجماع ) مع ذلك.

( و ) لكن ( الرواية ضعيفة ) السند ، إلا أن الشيخ نسبها في محكي الخلاف إلى رواية الأصحاب ، وعن الحائريات أنها مشهورة بين أهل النقل في أصحابنا ، والمفيد رواها في المحكي من إرشاده مسندة إلى الأصبغ بن نباتة عن علي عليه‌السلام والصدوق بطريق صحيح ، بل عن الحلي دعوى تواترها.

( و ) أما ( الإجماع ) المزبور فإنه وإن قال المصنف : إني ( لم نتحققه ) لكن لا يخفى عليك عدم صلاحية مثل ذلك لرده بعد عدالة حاكية وقرب عصره وجواز اطلاعه على ما لا يطلع عليه غيره ، فلا محيص عن اعتبار ذلك.

نعم لا ريب في عدم تيسره غالبا على وجه تطمئن النفس بمعرفة ذلك ، خصوصا في الجسم السمين ، ولذا ذكروا عليهم‌السلام غير ذلك من الأمارات السابقة وحكموا بإعطاء نصف النصيبين لعلمهم عليهم‌السلام بعدم تيسر معرفة هذه العلامة لغيرهم ، ضرورة عدم إمكان تميز الأضلاع غالبا على وجه تطمئن النفس به.

ومن هنا ظن بعض الناس مخالفة هذه العلامة للحس مدعيا أنه اختبر ذلك غير مرة فلم يتحققها ، بل قيل : إن أهل التشريح يدعون‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٥.

٢٨٤

التساوي بين الرجل والمرأة بالأضلاع.

إلا أنه كما ترى بعد الرواية الصحيحة (١) المشتملة على المعجزة البالغة لحلال المشكلات التي حكاه عنه (ع) المخالف والمؤالف المدعي تواترها والإجماعات على مضمونها ، فلا ينبغي التأمل في اعتبارها مع فرض تحققها ، وإلا فنصف النصيبين أو القرعة على اختلاف القولين اللذين يمكن الجمع بين دليلهما بالتخيير إن لم يقم إجماع على خلافه ولم أتحققه ، بل قيل : إن التخيير هو المفهوم من مطاوي بعض الفتاوى.

نعم بقي شي‌ء : وهو أنه يستفاد من هذه الرواية جواز تعرف الرجال والنساء بعلامات الخنثى ، حيث إنه أرسل عليه‌السلام إلى دينار الخصي وامرأتين وأمرهم بعد الأضلاع (٢) ولعله لا بأس بذلك للضرورة.

لكن قد يشكل الاكتفاء هنا بشهادة النساء في ذلك ، فالأولى الاقتصار على شهادة الرجال ، فينظرون حينئذ إلى مبالها وسبق بولها وإن استلزم ذلك النظر إلى عورة متيقنة.

ولعل الأولى ما قاله‌ أبو الحسن عليه‌السلام لما سأله يحيى بن أكثم (٣) « عن الخنثى وعن قول علي عليه‌السلام : فيها أنها تورث على المبال من ينظر إليه إذا بال؟ وشهادة الجار إلى نفسه لا تقبل ، مع أنه عسى أن يكون امرأة قد نظر إليها الرجال ، وعسى أن يكون رجلا قد نظر إليه النساء ، وهذا مما لا يحل ، فأجاب عليه‌السلام أما قول علي عليه‌السلام في الخنثى : إنه يورث من المبال كما قال ، وينظر قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرآة وتقوم الخنثى خلفهم عريانة فينظرون في المرآة فيرون شبحا فيحكمون عليه » وهو جيد جدا ، لأنه‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ١.

٢٨٥

إما أن لا يكون مثله حراما لعدم اندراجه في الأدلة ، أو لأنه أقل ما تندفع به الضرورة ، والله العالم.

وكيف كان فـ ( ـإذا عرف ( عرفت خ ل ) ذلك فان انفرد ) الخنثى ( أخذ المال ) من غير إشكال ( وإن كانوا ) أي الخناثى ( أكثر فعلى القرعة يقرع ، فان كانوا ذكورا أو إناثا فالمال سواء ، وإن كان بعضهم إناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين ) كما هو واضح.

( وكذا يعتبر لو قيل بعد الأضلاع ) الذي به يتميز الذكر من الأنثى أيضا ، فهو حينئذ كالقرعة في الحكم المزبور.

( و ) أما المصنف رحمه‌الله وغيره فقد قالوا : إن المتجه ( على ما اخترناه ) من إعطاء نصف النصيبين ( يكونون سواء في المال وإن كانوا مائة ، لتساويهم في الاستحقاق ) وهو كذلك ، ضرورة كونهم كالذكور أو الإناث في القسمة بالسوية حينئذ.

( ولو اجتمع مع الخنثى ذكر بيقين قيل ) كما عن النهاية والإيجاز بل عن المبسوط أنه الأصل المعول عليه ، وعن التحرير أنه استحسنه : ( يكون للذكر أربعة أسهم وللخنثى ثلاثة ) فالقسمة حينئذ من سبعة ( ولو كان معهما أنثى كان لها سهمان ) فهي من تسعة حينئذ ، كما أنها من خمسة لو كان مع الخنثى أنثى خاصة ثلاثة للخنثى وسهمان للأنثى ، وهذا الطريق هو المسمى بطريق التحقيق ، ولعله أوفق بقوله عليه‌السلام (١) : « نصف عقل الرجل ونصف عقل الامرأة » ضرورة معلومية نسبة استحقاق المرأة لاستحقاق الرجل بالثلث والثلثين ، فيكون للخنثى حينئذ نصف الثلث ونصف الثلثين ، ونسبته حينئذ إلى استحقاق الرجل ثلاثة أرباعه بزيادة استحقاق نصف أنثى مراعاة لاحتمال الذكورية المقابل باحتمال الأنوثة ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٢.

٢٨٦

ومرجعه إلى قسمة ما زاد على المتيقن من استحقاق الأنثى بالنصف ، فيكون لها ميراث أنثى ونصف أنثى.

( وقيل ) كما عن جماعة ( بل ) في محكي الإيضاح وتعليق الكركي على النافع والتنقيح أنه المشهور وفي المسالك أنه أظهر بينهم : ( يقسم الفريضة مرتين ، وتفرض في مرة ذكرا وفي الأخرى أنثى ، ويعطى نصف النصيبين ) كما يعطى مشاركها من الذكر والأنثى نصف النصيبين على التقديرين أيضا.

( وطريق ذلك أن ينظر في أقل عدد يمكن قسم فريضتهما منه ويضرب مخرج أحد الفريضتين في الآخر ) إذا كان المخرجان متباينين وهما اللذان إذا أسقط الأقل من الأكثر مرة أو مرارا بقي واحد ، مثل ثلاثة عشر وعشرين ، فإنك إذا أسقطت ثلاثة عشر من عشرين بقي سبعة فإذا أسقطت سبعة من ثلاثة عشر بقي ستة ، فإذا أسقطت ستة من سبعة بقي واحد.

( مثال ذلك : خنثى وذكر ، فتفرضهما ذكرين فتطلب ) لهما ( مالا له نصف ولنصفه نصف ) حتى يعرف نصيب الخنثى منه ( و ) ليس أقل عدد كذلك ( هو ) إلا ( أربعة ، ثم تفرضهما ذكرا وأنثى فتطلب مالا له ثلث ولثلثه نصف ) حتى يعرف نصيب الخنثى منه ( و ) ليس أقل عدد ( هو ) كذلك إلا ( ستة ، وهما ) أي مخرج الفريضة أي الستة والأربعة ( متفقان بالنصف ) لأن المراد بالمتوافقين اللذان إذا أسقط أقلهما من الأكثر مرة أو مرارا بقي أكثر من واحد ، كالعشرة والاثني عشر ، فإنك إذا أسقطت العشرة بقي اثنان فإذا أسقطتهما من العشرة مرارا أفنيت بهما ، فإذا فضل بعد الاسقاط اثنان فهما المتوافقان بالنصف ، وإن فضل ثلاثة فهما المتوافقان بالثلث ،

٢٨٧

وهكذا إلى العشرة ، ولو بقي أحد عشر فالموافقة بالجزء منها ، ولا ريب في بقاء الاثنين هنا بعد إسقاط الأربعة من الستة التي تفنى بإسقاط الاثنين منها مرارا.

وحينئذ ( فتضرب نصف أحد المخرجين ) وهو إما الاثنان أو الثلاثة ( في ) تمام مخرج ( الآخر ) وهو الستة أو الأربعة كما هو القاعدة في المتوافقين بالنصف ، وحينئذ ( فيكون ) الحاصل فيما نحن فيه على كل حال ( اثني عشر ).

( فيحصل للخنثى تارة النصف ، وهو ستة ) من الاثني عشر ، وهي على فرض كونها ذكرا ، ضرورة كون القسمة بينهما بالنصف ، لكون المفروض أن معها ذكرا ( و ) يحصل لها ( تارة ) أخرى ( الثلث ، وهو أربعة ) من الاثني عشر ، وهي على فرض الأنوثة المقتضية للقسمة مع الذكر بالثلثين والثلث ( فيكون ) الحاصل لها على التقديرين ( عشرة ) لأنها ستة وأربعة ( ونصفه ) المستحق للخنثى حينئذ ( خمسة ، وهو نصيب الخنثى ) من الأنثى عشر ( ويبقى ) منها ( سبعة للذكر ) وهي نصف استحقاقه أيضا على تقديري ذكورية الخنثى وأنوثيتها ، ضرورة كونه ستة في الأول وثمانية في الثاني ، ومجموعهما أربعة عشر ، نصفها سبعة وهي سهمه.

( وكذا ) الكلام ( لو كان ) المجتمع معها ( بدل الذكر أنثى ، فإنها تصح من اثني عشر أيضا فـ ) ـانها جامعة لما ذكر لكن ( يكون للخنثى سبعة ) من الاثنى عشر ( وللأنثى خمسة ) منها ، لأنهما نصف استحقاقهما على التقديرين ، لأن الخنثى على فرض أنوثيتها تستحق ستة من اثني عشر ، لأن مشاركتها أنثى ، فيقسم المال بينهما نصفين ، وعلى تقدير الذكورة ثمانية ثلثي الاثنى عشر ، ومجموعهما أربعة عشر‌

٢٨٨

نصفها سبعة ، فيستحقها الخنثى ، وأما الأنثى فتستحق على أحد التقديرين للخنثى ستة ، وهو حال الأنوثة ، وعلى الآخر وهو الذكورة أربعة ، فيكون المجموع عشرة ، لها منها نصفها وهو خمسة.

( ولو كان مع الخنثى ابن وبنت فإذا فرضت ) الخنثى ذكرا صار الوارث ( ذكرين وبنتا ) و ( كان المال ) بينهم ( أخماسا ) سهمان لكل من الذكرين وسهم للأنثى ( وإذا فرضت ) ها أنثى صار ( ذكرا وبنتين ) و ( كان ) المال بينهما ( أرباعا ) سهمان للذكر ، ولكل من البنتين سهم ، وبين المخرجين التباين ( فتضرب ) مخرج الأقل وهو ( الأربعة في ) مخرج الأكثر وهو ( خمسة يكون ) الحاصل ( عشرين ).

( لكن لا يقوم لحاصل الخنثى ) معه ( نصف صحيح ) إذ هو خمسة على تقدير وثمانية على آخر وليس له نصف صحيح ( فـ ) ـاحتجنا إلى أن ( نضرب مخرج النصف وهما اثنان ) اللذان هما أقل عدد يخرج منه النصف صحيحا ( في ) المجتمع من الضرب الأول ، أي ( عشرين ) كما هي القاعدة في مثل ذلك ( فيكون ) الحاصل ( أربعين فـ ) ـتقسم على الجميع و ( تصح الفريضة بغير كسر ) فيعطى الذكر حينئذ ثمانية عشر من الأربعين ، والأنثى تسعة ، والخنثى ثلاثة عشر ، وهو نصف مستحقهم على التقديرين ، كما هو واضح بأدنى تأمل.

ولا يخفى عليك اختلاف كيفية القسمة وتفاوتها على الطريقين ، ضرورة كونها على الأول في المثال الأول سباعية ، فللخنثى ثلاثة أسباع الاثنى عشر ، وهي خمسة وسبعا ، فالتفاوت حينئذ سبع ، وفي المثال الثاني لها من الاثنى عشر ثلاثة أخماسها ، وهي سبعة وخمس ، فالتفاوت‌

٢٨٩

حينئذ خمس ، وفي المثال الثالث أربعة من الاثنى عشر التي يستحق منها على الطريق الثاني أربعة إلا نصف الخمس فالتفاوت بنصف الخمس ، كما أن التفاوت بثلث واحد في قسمة الأربعين بينهم على الطريقين.

وعلى كل حال فالوجه في هذا الطريق هو تخيل كون المراد من‌ قوله عليه‌السلام (١) : « نصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل » فرضها ذكرا وفرضها أنثى في خصوص كل مورد ، ثم تعطى نصف المجتمع على التقديرين ، وذلك يختلف باختلاف الموارد التي يشترك معها غيرها فيها بالنسبة إلى التركة المفروضة ، إلا أن الانصاف كون الخبر ألصق بالطريق الأول الذي مرجعه إلى كون الخنثى باعتبار تعارض الأمارتين فيه نصف ذكر ونصف أنثى أي ثلاثة أرباع حصة الذكر أو حصة أنثى ونصف أنثى كما عرفت ، والله العالم.

وكيف كان ( فان اتفق معهم زوج أو زوجة صححت مسألة الخناثى ومشاركيهم أولا ) بأحد الطريقين ( دون الزوج أو الزوجة ثم ضربت مخرج نصيب الزوج أو الزوجة فيما اجتمع ) في تصحيح الخنثى ومشاركه.

( مثاله أن يجتمع ابن وبنت وخنثى وزوج ، وقد عرفت أن سهام الخنثى ومشاركيه ) على الطريق الأول تسعة وعلى الثاني ( أربعون فتضرب مخرج سهم الزوج وهو أربعة ) لأنها أقل عدد يخرج منه الربع صحيحا في تسعة على الأول و ( في أربعين ) على الثاني ( فيكون ) ستة وثلاثين على الأول و ( مائة وستين ) على الثاني.

( يعطى الزوج الربع ) تسعة على الأول و ( أربعين ) على الثاني ( ويبقى ) سبعة وعشرون على الأول و ( مائة وعشرون ) ‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٢.

٢٩٠

على الثاني ، فيقسمها على من عدا الزوج من الورثة ( فـ ) ـيعطى ( كل من حصل لهم أولا سهم ) مضعفا ثلاثا أي ( ضربته في ثلاثة ، فما اجتمع فهو نصيبه من ) الستة وثلاثين على الأول و ( مائة وستين ) على الثاني.

فللخنثى حينئذ على الأول من السبعة والعشرين تسعة ، لأنها ثلاثة في ثلاثة ، وللولد اثنا عشر ، لأنها ثلاثة في أربعة ، وللأنثى ستة ، لأنها اثنان في ثلاثة ، وللخنثى على الثاني تسعة وثلاثون من المائة وستين ، لأنها ثلاثة عشر في ثلاثة ، وللذكر أربعة وخمسون ، لأنها ثلاثة في ثمانية عشر ، وللأنثى سبعة وعشرون ، لأنها تسعة في ثلاثة ، والله العالم.

( وإن كان أبوان أو أحدهما مع خنثى فللأبوين السدسان تارة ) هي فرض الخنثى ذكرا ( ولهما الخمسان ) تارة ( أخرى ) هي فرض الخنثى أنثى ، لأن لها النصف وهو ثلاثة من ستة ، ولهما السدسان وهما اثنان منها ، فيكون المجموع خمسة ، فيبقى واحد يرد عليهم أخماسا ( فتضرب خمسة في ستة ) تبلغ ثلاثين ، للأبوين على تقدير الذكورة عشرة ، وعلى تقدير الأنوثة اثنا عشر فرضا وردا ( فيكون ) المجموع اثنين وعشرين ( للأبوين ) نصفها وهو ( أحد عشر وللخنثى ) على تقدير ثمانية عشر وعلى آخر عشرون ، فيكون المجموع ثمانية وثلاثين نصفها لها ( تسعة عشر ) هذا على الطريق الثاني.

أما على الطريق الأول الذي مرجعه إلى ميراث بنت ونصف ميراث أخرى فقد يقال : إنه لما كانت الفريضة من ثلاثين فللأبوين مع البنت الواحدة الخمسان : اثنا عشر من ثلاثين ، ومع البنتين السدسان : عشرة والتفاوت اثنان ، فالذي يزيد للخنثى على تقدير البنتين ( البنتية خ ل ) الزائدة اثنان ، فزيادة نصف البنت بنصف الاثنين ـ وهو واحد ـ يضاف‌

٢٩١

للثمانية عشر ، يكون لها تسعة عشر ، وللأبوين أحد عشر.

وهو معنى ما في الكشف من تقريره بأن « للخنثى فرضا خمسة عشر باعتبار كونها بنتا وللأبوين عشرة فرضا ولو كانت بنتا واحدة كانت الخمسة الباقية ترد عليهم أخماسا ، فيكون لها ثلاثة أخماسها ، ولو كانت بنتين كان لها مجموع الباقي أيضا فإن للبنتين الثلثين ، فالذي يزيد لها بالبنتية الزائدة خمسا الباقي ، نعطيها نصفهما ، فيكون لها أربعة أخماس الباقي ، وهي أربعة من ثلاثين نضيفها إلى النصف تكون تسعة عشر ».

ولو كان أحد الأبوين مع خنثى فالفريضة من أربعة وعشرين ، للأب خمسة ، والباقي للخنثى إن جعلنا له نصف نصيب ابن ونصف نصيب بنت ، فإنها على الذكورة من ستة وعلى الأنوثة من أربعة ، فضربنا وفق إحداهما في الأخرى بلغت اثنا عشر ، للأب اثنان على الأول وثلاثة على الثاني ، ولها عشرة على الأول وتسعة على الثاني ، وليس للتسعة ولا للثلاثة نصف ، فضربنا اثنين في اثني عشر ، فللأب أربعة على تقدير وستة على آخر أعطيناه خمسة ، وللخنثى عشرون على تقدير وثمانية عشر على آخر أعطيناه تسعة عشر.

بل هو كذلك على الطريق الآخر ، فان للأب سهما من ستة مضروبا في اثنين وفق الأربعة ، وسهما من أربعة مضروبا في ثلاثة وفق الستة ، وذلك خمسة ، وللخنثى خمسة أسهم من ستة في اثنين وثلاثة من أربعة في ثلاثة وذلك تسعة عشر.

( ولو كان مع الأبوين خنثيان فصاعدا كان للأبوين السدسان والباقي للخنثيين ) فالفريضة حينئذ من ستة للأبوين سهمان ولكل خنثى سهمان على جميع التقادير ( إذ لا رد هنا ) فإنهما إن كانتا أنثيين كان لهما الثلثان ، وإن كانا ذكرين أو ذكرا وأنثى كان لهما الباقي بلا فرض.

٢٩٢

( ولو كان ) معهما ( أحد الأبوين ) فله تارة ـ وهي حالة كونهما ذكرين أو مختلفين ـ السدس ، وتارة ـ وهي حال كونهما بنتين ـ الخمس ولذا ( كان الرد عليهم أخماسا وافتقرت إلى عدد يصح منه ذلك ) على التقديرين ، فتضرب خمسة في ستة تبلغ ثلاثين ثم اثنين في ثلاثين ، فللأب تارة الخمس : اثنا عشر ، وتارة السدس : عشر ، فله نصفهما أحد عشر ، أو تقول له سهم في ستة وسهم في خمسة تبلغ أحد عشر ، والباقي للخناثي بالسوية ، لما عرفت من تساويهم للتساوي في الاحتمال.

( و ) كيف كان فـ ( ـالعمل في سهم الخناثي من الاخوة ) من الأبوين أو الأب ( أو العمومة ) وأولادهم ( كما ذكرناه في الأولاد ).

فلو فرضنا للميت جدا لأب وأخا له خنثى فعلى تقدير الذكورة بينهما نصفان ، وعلى تقدير الأنوثة المال أثلاثا تضرب اثنين في ثلاثة تصير ستة ، ثم تضرب اثنين في ستة فتبلغ اثني عشر ، فللجد سبعة : نصف ستة وثمانية وللخنثى خمسة : نصف ستة وأربعة ، ولو كان مع الأخ الخنثى جدة فبالعكس.

( أما الاخوة من الأم فلا حاجة في حسابهم إلى هذه الكلفة ، لأن ذكرهم وأنثاهم سواء في الميراث ، وكذا الأخوال و ) الخالات.

نعم ( في كون الآباء والأجداد خناثى بعد ، لأن الولادة تكشف عن حال الخنثى ) أنها ذكر ( إلا أن يبنى على ما ) روي عن شريح (١) في المرأة التي ولدت وأولدت‌ كما في الفقيه.

وما في المسالك ـ من أنه « ليس في الرواية ذلك وإنما فيها أنها أولدت » ـ نشأ من اقتصاره على ملاحظة رواية التهذيب (٢) إياها وهي‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٥.

٢٩٣

فيه كذلك ، لكن في‌ رواية الفقيه (١) « أنها ولدت وأولدت » وحينئذ يتصور فيها كونها أبا خنثى وجدا كذلك مع فرض عدم العلامة المشخصة.

بل على هذه الرواية يشكل النسبة بين الولد منها والولد ممن أولدتها بالاخوة ، إذ هي أم لأحدهما أب لآخر ، ويشترط في إضافة الإخوة اتحاد أحدهما بينهما ( و ) هو منفي هنا.

بل ( قال الشيخ ) في المحكي عن مبسوطة ( ولو كان الخنثى زوجا أو زوجة ) على ما روي في بعض الأخبار (٢) ( كان له نصف ميراث الزوج ونصف ميراث الزوجة ) ومرجعه إلى ما ذكرناه من جواز كونها أبا وأما ، لكن فيه أن المعلوم عدم جواز نكاح الخنثى المشكل ، لأصالة حرمة الوطء.

ولو سلم الجواز فذلك إنما يتم مع الاشتباه ، وذلك بأن ينكح خنثى خنثى وصححنا العقد بينهما وماتا متعاقبين ولم يقسم تركتهما واشتبه الأمر علينا فلم يعلم أيهما الزوج وأيهما الزوجة ، ومع ذلك ففي الحكم بإعطاء نصف النصيبين نظر ، فان القريب إنما اضطرنا إلى ميراثه كذلك أن الواقع لم يكن يخلو عن إرثه ، وهنا يحتمل كونهما ذكرين وأنثيين ، وعليهما لا نكاح فلا إرث ، ويندفع بفرض ولد بينهما لا يعلم أيهما أولده أو وإن علم على ما في الخبر.

وعن القاضي أنه قال : « والخنثى إذا تزوج بخنثى على أن الواحد منهما رجل والآخر امرأة من قبل أن يتبين أمرهما أوقف النكاح على أن يتبين ، فان مات أحدهما قبل بيان أمرهما لم يتوارثا ».

قلت : وهو كذلك ، لجواز فساد النكاح بذكورتهما أو أنوثتهما ، ولا يخالف هذا ما سمعته من المبسوط بعد تنزيله على ما يعلم به انتفاء‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٥.

٢٩٤

الاحتمالين من وجود ولد بينهما.

وقد يحتمل كون مراد الشيخ أن الخنثى إذا كانت زوجا لامرأة معلومة أو زوجة لرجل كذلك بناء على صحة ذلك لها أو فرض لها صورة تصح على وجه تستحق الميراث كان ميراثها في الأول نصف ميراث زوج ، وفي الثاني نصف ميراث زوجة ، لاحتمال الذكورة في الأول والأنوثة في الثاني فتستحقه واحتمال العكس فلا تستحق شيئا ، فيراعى الاحتمالان وتعطى الميراث على حسبهما ، وهو النصف ، نحو المال المشتبه بين شخصين يدعي كل منهما أنه له ، فيقسم بينهما نصفين ، والله العالم.

( مسائل ثمان : )

( الأولى : )

( من ليس له فرج الرجال ولا ) فرج ( النساء ) ولا غيرهما مما يتشخص به كل منهما كما نقل عن شخص وجد ليس في قبله إلا لحمة ناتئة كالربوة يرشح البول منها رشحا وليس له قبل ، وعن آخر ليس له إلا مخرج واحد بين المخرجين منه يتغوط ومنه يبول ، وعن آخر ليس له مخرج لا قبل ولا دبر ، وإنما يتقيأ ما يأكله ويشربه ( يورث بالقرعة ) عند المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة ، بل عن السرائر وظاهر الغنية والتنقيح الإجماع عليه.

لصحيح الفضيل (١) سأل الصادق عليه‌السلام عنه فقال :

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٢.

٢٩٥

« يقرع الإمام أو المقرع‌ ( يكتب على سهم عبد الله و ) يكتب ( على ) سهم ( آخر أمة الله ) ثم يقول الإمام أو المقرع : اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بين لنا هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في الكتاب ، ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة ثم يجال السهم على ما خرج ويرث عليه » وهو صريح فيما سمعت ( و ) في أنه ( يستخرج بعد الدعاء ، فما خرج عمل عليه ).

وفي‌ مرسل ثعلبة (١) عن الصادق عليه‌السلام لما سئل عن مولود ليس بذكر ولا أنثى ليس له إلا دبر كيف يورث؟ فقال : « يجلس الامام ويجلس عنده ناس من المسلمين فيدعون الله ويجال السهم عليه على أي ميراث يورثه ، أميراث الذكر أو ميراث الأنثى ، فأي ذلك خرج عليه ورثه ، ثم قال : وأي قضية أعدل من قضية يجال عليها السهام ، يقول الله تعالى ( فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ) (٢) ».

ولكن الظاهر استحباب الدعاء كما في الدروس وغيرها ، خلافا لظاهر جماعة فالوجوب ، ويمكن إرادة الجميع الاستحباب ، ضرورة كون المقام كغيره من موارد القرعة ، بل يقوى استحباب مطلق الدعاء وإن كان الأفضل المأثور.

وعلى كل حال فما عن ابني الجنيد وحمزة ـ من اعتبار البول ، بل عن الشيخ في الاستبصار الميل إليه ، فإن كان يبول على مباله فهو أنثى وإن كان ينحي البول فهو ذكر ، لمرسل ابن بكير (٣) عن أحدهما عليهما‌السلام « إن كان إذا بال فنحى بوله ورث ميراث الذكر ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٣.

(٢) سورة الصافات : ٣٧ ـ الآية ١٤١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٥.

٢٩٦

وإن كان لا ينحي بوله ورث ميراث الأنثى » وعن الحسن عليه‌السلام (١) في جواب مسائل ملك الروم التي سئل عنها معاوية لعنه الله « ينتظر به الحلم ، فان كان امرأة بأن ثدياها ، وإن كان رجلا خرجت لحيته ، وإلا قيل له يبول على الحائط فإن أصاب الحائط بوله فهو رجل ، وإن نكص كما ينكص بول البعير فهي امرأة » ـ واضح الضعف لما عرفت.

على أن ذلك غير مطرد ، فلا محيص عن الرجوع إليها ، بل الظاهر عدم تمييزها بذلك هنا بعد فرض عدم مخرج له غير الثقب الذي يمكن أن يكون صاحبه أنثى وإن تنحى بوله ، لأن عدم تنحيه في ذات الفرج لا يقتضي مساواته لبولها في الخارج من الثقب ، كما أنه يمكن أن يكون ذكرا وإن لم يتنح ، لعدم القصبة له المقتضية لتنحيه ، والمرسلان لم نتحققهما مع إمكان تنزيلهما على ما إذا أمكن حصول الطمأنينة بتشخيص حاله بذلك ، إذ قد عرفت أن محل القرعة غير المتميز كما هو ظاهر النص والفتوى وصريح المحكي في الاستبصار ، والله العالم.

المسألة ( الثانية : )

( من له رأسان وبدنان على حقو واحد ) كما عن أبي جميلة أنه رأى بفارس امرأة لها رأسان وصدران في حقو واحد متزوجة تغار هذه على هذه وهذه على هذه ، وعن غيره أنه رأى رجلا كذلك وكانا حائكين يعملان جميعا على حقو واحد ، وحكمه أنه ( يوقظ أحدهما فإن انتبها فهما واحد ، وإن انتبه أحدهما فهما اثنان ).

__________________

(١) الخصال ـ ج ٢ ص ٥٧ ط حجر « باب عشرة أشياء بعضها أشد من بعض » مع اختلاف يسير.

٢٩٧

لقول الصادق عليه‌السلام في خبر حريز (١) : « ولد على عهد أمير المؤمنين عليه‌السلام مولود له رأسان وصدران في حقو واحد فسئل أمير المؤمنين عليه‌السلام يورث ميراث اثنين أو واحد؟ فقال : يترك حتى ينام ثم يصاح به فان انتبها جميعا معا كان له ميراث واحد ، وإن انتبه واحد وبقي الآخر نائما فإنما يورث ميراث اثنين » وهو وإن كان ضعيفا إلا أنه منجبر بالعمل به من غير خلاف ، كما اعترف به في كشف اللثام وغيره.

ولا ينافيه قوله تعالى (٢) ( ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ ) إلى آخرها لجواز أن يراد قلبين متضادين يحب بأحدهما شيئا ويكرهه بالآخر ، أو يحب قوما بأحدهما وبالآخر اعداءهم. ولذا قال الشيخ رحمه‌الله في المحكي من تبيانه : « ليس يمتنع أن يوجد قلبان في جوف واحد إذا كان ما يوجد بينهما يرجع إلى حي واحد ، إنما التنافي أن يرجع ما يوجد منهما إلى حيين ».

وكيف كان ففي اختصاص الحكم المزبور بالميراث أو عمومه لغيره مطلقا أو في بعض دون بعض أوجه ، قال في القواعد بعد أن ذكر الميراث : « وكذا التفصيل في الشهادة والحجب ، وأما التكليف فاثنان فيه مطلقا وفي النكاح واحد ، ولا قصاص على أحدهما وإن تعمد مطلقا ، ولو تشاركا في الجناية ففي الرد مع الانتباه لا دفعة إشكال ، ومع الانتباه دفعة أشكل ».

وفيه أن إلحاق خصوص الشهادة والحجب بالميراث دون غيرهما أشد إشكالا من ذلك ، والذي يقوى في النظر مراعاة العلامة المزبورة في تشخيص الاتحاد والتعدد في الجميع ، بل يقوى مراعاة غيرها أيضا ، فلو فقد الجميع أو تعارضت استخرج اتحاده وتعدده بالقرعة التي هي لكل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ١.

(٢) سورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٤.

٢٩٨

أمر مشكل أو بني على ظهور التعدد.

وفي كشف اللثام في شرح قوله في القواعد : « أما التكليف فاثنان مطلقا ». « أي يجب في الطهارة غسل الأعضاء جميعا ، وفي الصلاة مثلا أن يصليا ، فلا يجزئ فعل أحدهما عن فعل الآخر ليحصل يقين الخروج عن العهدة ، وهل يجوز صلاة أحدهما منفردا عن الآخر أو يكفيه في الطهارة غسل أعضائه خاصة؟ يحتمل البناء على الاختبار بالاشتباه ، فان اتحدا لم يجز من باب المقدمة ، ووجوب الاجتماع مطلقا ، لقيام الاحتمال وضعف الخبر واختصاصه بالإرث ـ ثم علل الوحدة في النكاح باتحاد الحقو وما تحته ـ وإن كان أنثى فيجوز لمن يتزوجها أن يتزوج ثلاثا آخر ، لكن لا بد في العقد من رضاهما وإيجابهما أو قبولهما ».

ولا يخفى عليك ما في الجميع ، بل وما في إشكال القواعد بعد ما عرفت من ظهور الخبر في اطراد العلامة المزبورة في جميع ذلك ، نعم يتفرع على تعددهما ـ حيث يحصل بالعلامة المذكورة أو غيرها بناء على إلحاقه بها في ذلك ـ أحكام كثيرة : منها : اختصاص حكم نقض الحدث الأصغر بنوم ونحوه مما يحصل بالأعالي ، بل والأكبر كمس الميت ، فمن حصل منه دون الآخر اختص بالأمر بالطهارة.

بل لا يبعد جريان حكم المتطهر والمحدث في العضو المشترك بالنسبة إلى استعمال كل منهما ، وربما احتمل انتقاض الوضوء من الآخر أيضا باعتبار كون الحدث تعلق بتمام البدن ومن جملته بعض أعضاء الوضوء المشتركة بينهما ، والوضوء لا يتبعض وانتقاضه في خصوص العوالي ـ وأما الأسافل فيجوز لكل منهما مماسة الكتاب به ، إلا أنه كما ترى ، بل لعل احتمال بقاء حكم الوضوء في المشترك بينهما من الأسافل أولى من ذلك وإن كان هو ضعيفا أيضا ، والأقوى ما عرفت.

٢٩٩

والظاهر أنه ليس لأحدهما منع الآخر من الوضوء أو غيره من المقاصد المحتاجة إلى الحركة وإلى استعمال المشترك بينهما.

لكن في كشف الأستاد « لو أراد أحدهما الحركة إلى الوضوء هل له إجباره بنفسه ، أو مع الرجوع إلى الحاكم ، أو لا ، بل ينتقل فرضه إلى التيمم مع حصول ما يتيمم به ، فان احتاج إلى الحركة أيضا فأبى عليه احتمل فيه الإجبار ؛ وسقوط الصلاة لفقد الطهورين ـ بل قال : لو أراد أحدهما المسح على القدمين المشتركين فأبى عليه الآخر احتمل الإجبار والاكتفاء بالأعالي كالمقطوع ، والرجوع إلى التيمم لاختصاصه بالعوالي ».

وهو غريب ، ضرورة عدم الاشتراك بينهما على حد شركة المال ، وإنما هي شركة في الاستعمال بمعنى تسخير الله هذا العضو لكل منهما في مقاصده وفيما يراد منه ، على أن أوامر الوضوء مثلا كافية في جواز مسحه وحركته من غير اذن صاحبه ، كما هو واضح.

وأما الحدث الأصغر والأكبر مما يحصل بالأسافل فالظاهر اختصاص كل منهما بحكمه أيضا مع فرض استقلالهما بالاختيار منه ، بأن يكون لكل واحد منهما مجمع بول وغائط ومني مستقل عن الآخر ، وإنما شركتهما في محل خروجه ، فحينئذ يتبع حكم كل حدث صاحبه.

ولو فرض اشتراكهما في مجمع الأمور المذكورة على وجه لا يكون لأحدهما استقلال عن الآخر بل ليس لهما إلا بول واحد ومني واحد أمكن جعل ذلك من علامات الاتحاد ، فيحكم عليهما بأنهما واحد ، كما هو واضح.

ومنها أن لو كان أحدهما فقط كافرا فهل ينجس محل الاشتراك ، فلا يطهر تغليبا للكفر ، أو يطهر تغليبا للإسلام؟ وعلى الأول هل يسقط التكليف بالطهارة لبطلان التبعيض ، أو ينزل منزلة المقطوع أو يلزم التيمم؟ وعلى القول بتغليب الإسلام يتعين الارتماس بالمعصوم ، لعدم‌

٣٠٠