جواهر الكلام - ج ٣٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

ينتقل إلى بيت المال ، ويكون للمسلمين » وهو كما ترى لا إشارة فيه إلى ذلك. نعم ظاهره أنه ينتقل إلى البيت المعد لجمع أموال المسلمين المشتركة والخاصة ببعضهم ، لكنه للإمام عليه‌السلام خاصة دونهم يفعل به ما يشاء ، خلافا للعامة ، فإنهم جعلوه للمسلمين.

ولعل في نقله إلى بيت المال إشعارا بأن المأخوذ بحق الإمامة غير باقي أموال الإمام عليه‌السلام الحاصلة له بكسب ونحوه ، ولذا قال في محكي الغنية والسرائر : « إذا مات الامام انتقل الميراث إلى الامام لا إلى غيره من ورثته » بل عن الأول إجماع الطائفة عليه ، والأمر سهل بعد ما عرفت من وضوح الحكم عندنا.

( و ) على كل حال فهذا ( هو القسم الثالث من الولاء ، فان كان ) أي الإمام عليه‌السلام ( موجودا ) حاضرا ( فالمال له يصنع به ما يشاء ) على حسب تسلط غيره على ماله.

ولكن في محكي المقنعة ( و ) النهاية أنه ( كان علي عليه‌السلام يعطيه فقراء بلده وضعفاء جيرانه ) وخلطاءه ( تبرعا ) منه عليهم بما يستحقه من ذلك واستصلاحا للرعية حيث ما كان يراه في الحال من صوب الرأي إلا أنه لم أعثر عليه فيما وصل إلى من النصوص.

نعم في‌ مرسل داود (١) « أن رجلا مات على عهد أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يكن له وارث فدفع أمير المؤمنين عليه‌السلام ميراثه إلى همشهريجه ».

وفي‌ خبر السري (٢) « كان علي عليه‌السلام يقول في الرجل يموت ويترك مالا وليس له أحد أعط الميراث همشاريجه ».

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ـ الحديث ١ عن خلاد السندي كما في الكافي ـ ج ٦ ص ١٦٩.

٢٦١

وعلى كل حال فهو ماله يفعل به ما يشاء ويأذن فيه بما يحب.

( وإن كان غائبا ) فعن جماعة أنه يحفظ له بالوصاية أو الدفن إلى حين ظهوره كسائر حقوقه ، بل عن ظاهر الخلاف الإجماع عليه ، والمشهور أنه ( يقسم بين الفقراء والمساكين ) مطلقا ، وفي اللمعة هنا والدروس في بحث الأنفال من كتاب الخمس قسمته بين فقراء بلد الميت ومساكينه ، والأوسط أوسط.

وقد يحتمل أنه من الأنفال التي ثبت تحليلهم إياها للشيعة في زمن الغيبة‌ بالنصوص (١) المنجبرة بالعمل ، حتى أنه في بعضها « لو سألناكم عن مثل هذا ما كنا لكم بأئمة ، وما كان لنا فقد أحللناه لشيعتنا » بل أحلوها وغيرها لتطيب ولادتهم.

ولكن الأقوى الأوسط ، لإعراض المشهور عن العمل بها في ذلك ، فالأصل البقاء ، ومصرفه الصدقة به عنه كغيره من المال المتعذر وصوله إلى صاحبه.

مضافا إلى استغنائه عليه‌السلام وشدة حاجة شيعته الذين قد تحملوا ما تحملوا في جنبه ، وإلى ما في حفظه له من التعريض بتلفه واستيلاء الجائرين عليه ، بل كان ذلك من الخرافات ، نحو ما قيل في باب الخمس من طرح حقه في البحر ونحو ذلك مما لا يقبله مذاق فقه ولو أعرضنا عن أخبار التحليل لكان الفحوى القطعية كافية في صرفه في أمثال ذلك.

هذا كله مع عدم تحققنا الخلاف فيه إلا من الشيخ في الخلاف ، ولا ريب في شذوذه. ومنه يعلم ما في دعواه الإجماع عليه.

نعم قيل : إن الأولى الاقتصار فيه على فقراء بلده خروجا عن شبهة‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأنفال من كتاب الخمس.

٢٦٢

خلاف الشهيد رحمه‌الله.

وفيه أنه قد يعارض بشدة حاجة غيرهم واشتمالهم على الأيتام والأرامل ، فالأولى إيصاله إلى نائب الغيبة المأمون ، فيصرفه على حسب ما يراه من المصلحة التي تظهر له من أحوال سيده ومولاه.

ومرسل داود (١) وخبر البرقي (٢) ـ وإن حكي عن الصدوق العمل بهما ، إلا أنهما مع ضعفهما واختصاص الأول بالحضور ، بل لعل الثاني كذلك على معنى الاذن منه في ذلك الوقت ، ومعارضتهما بما سمعته من نقل الشيخين ( رحمهما الله ) لفعله عليه‌السلام ـ قاصران عن معارضة غيرهما من وجوه ، خصوصا مع اضطرابهما بما قيل عن بعض المحدثين من أنه حكي عن بعض النسخ « همشيرجه » بالياء بعد الشين ، قال : « والمراد به : الأخ من الرضاعة » فيكونان حينئذ ـ نحو‌ خبر سهل (٣) « ما تقول في رجل مات وليس له وارث إلا أخا له من الرضاعة يرثه؟ قال : نعم » ـ خارجين عما نحن فيه ـ من صرف ما للإمام ـ مطروحين لم يعمل بهما أحد من الأصحاب ، ضرورة عدم الخلاف ـ كما عن بعضهم الاعتراف به ـ في عدم إرث الأخ من الرضاعة. نعم لا بأس بإعطاء الهمشهريج مع تعدده وكونه من الفقراء ، وكيف كان فلا ريب في أن الأقوى ما ذكرناه.

لكن من الغريب ما وقع في الرياض من الميل إلى تخصيص الهاشمي به ، وهو شي‌ء لم نعرفه لغيره ، كما أنا لم نعرف ما يومئ إليه ، بل‌

__________________

(١) المتقدمان في ص ٢٦١ والمتقدم هو خبر السري وقد ذكرنا أنه خبر خلاد السندي.

(٢) المتقدمان في ص ٢٦١ والمتقدم هو خبر السري وقد ذكرنا أنه خبر خلاد السندي.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ـ الحديث ١ عن سهل ابن زياد عن مروك بن عبيد.

٢٦٣

الأدلة كلها على خلافه ، ومن هنا كان لا وجه للإطناب فيه.

( و ) على كل حال ( لا يدفع إلى غير سلطان الحق إلا مع الخوف أو التغلب ) بلا خلاف ولا إشكال ، فلو فعل حينئذ كان ضامنا ، فما عن بعض أصحاب الشافعي من التخيير بين الدفع إليه والحفظ إلى ظهور إمام عادل والصرف إلى مصالح المسلمين واضح الفساد.

( مسائل ثلاث : ) ذكرها المصنف وغيره هنا استطرادا ، لأن محلها في بحث الأنفال من الخمس وكتاب الجهاد.

( الأولى : )

( ما يؤخذ من مال المشركين ) أما ( في حال الحرب فهو للمقاتلة بعد الخمس ) الذي أوجبه الله تعالى في الغنائم التي أظهر أفرادها ذلك ( و ) أما ( ما تأخذه سرية بغير إذن الامام عليه‌السلام فهو للإمام ) كما تقدم الكلام فيه في محله ، ولكن أحلوه لنا في زمن الغيبة لتطيب ولادتنا جزاهم الله عنا خير الجزاء.

( و ) كذا ( ما يتركه المشركون فزعا ويفارقونه من غير حرب فهو للإمام عليه‌السلام أيضا ) من الأنفال ، ضرورة كونه مما أفاء الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله من غير أن يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، وما كان لنبيه فهو للإمام القائم مقامه.

( وما يؤخذ صلحا أو جزية فهو للمجاهدين ) على ما تقدم في الجهاد ( ومع عدمهم يقسم في الفقراء ) والمساكين ( من المسلمين ).

٢٦٤

المسألة ( الثانية : )

( ما يؤخذ غيلة من أهل الحرب إن كان في زمان الهدنة أعيد عليهم ) لاحترام مالهم حالها ( وإن لم يكن ) هدنة ( كان لآخذه وفيه الخمس ) كما هو واضح ، وقد تقدم في محله.

المسألة ( الثالثة : )

( من مات من أهل الحرب وخلف مالا فماله للإمام عليه‌السلام إذا لم يكن له وارث ) بلا خلاف فيه بيننا ولا اشكال ، والله العالم.

( وأما اللواحق فأربعة فصول : )

( الأول )

( في ميراث ولد الملاعنة وولد الزنا )

لا خلاف في أنه ( يرث ولد الملاعنة ولده وأمه ) والزوج أو الزوجة ، بل الإجماع بقسميه عليه ، دون أبيه المنقطع نسبه عنه باللعان الفاسخ‌

٢٦٥

للعقد والنافي للفراش ، وإن لم يكن الولد بذلك ابن زنا ، بل من أطلق عليه ذلك كان عليه الحد.

وحينئذ فـ ( ـللأم السدس ) خاصة ( والباقي للولد ) إن كان ذكرا أو ذكرا وأنثى ( للذكر سهمان وللأنثى سهم ) وإن كان أنثى فلها النصف مع الاتحاد والثلثان مع التعدد ، والباقي رد عليها أو عليهن وعلى الأم ، وإن يكن له إلا ولده اختص الإرث بهم ، وما في غير واحد من النصوص من أن الإرث إذا ماتت أمه لأخواله (١) محمول على ما إذا لم يكن أقرب منهم إليه من الولد والاخوة.

( ولو لم يكن ) له ( ولد ) أصلا وإنما له أم خاصة ( كان المال ) جميعه ( لأمه : الثلث بالتسمية والباقي بالرد ) لإطلاق الأدلة.

( و ) لكن ( في روايت ) ي زرارة (٢) وأبي عبيدة (٣) في الصحيح عن الباقر عليه‌السلام « ( ترث ) الأم‌ ( الثلث والباقي للإمام ) » وزاد في الأولى « لأن جنايته على الإمام » أي ميراثه له ( لأنه ) هو ( الذي يعقل عنه ) وعن الصدوق رحمه‌الله العمل بهما مع ظهوره عليه‌السلام والإسكافي في الاستبصار إذا لم يكن لها عصبة يعقلون عنه ، إلا أن الرد عند أولهما على بيت مال المسلمين وثانيهما على الامام عليه‌السلام.

( و ) على كل حال فالقول ( الأول أشهر ) فتوى ورواية بل هو المشهور نقلا وتحصيلا ، بل عن الخلاف والمبسوط وغيرهما الإجماع عليه ، لإطلاق الأدلة كتابا وسنة من آية أولي الأرحام (٤) وغيرها ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٣.

(٤) سورة الأنفال : ٨ ـ الآية ٧٥ وسورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٦.

٢٦٦

وخصوص المعتبرة المستفيضة التي كادت تبلغ التواتر الموافقة للكتاب المخالفة للعامة ، ففي بعضها (١) أن ميراث ولد الملاعنة لأمه ، وفي جملة وافرة منها (٢) « عن ولد الملاعنة من يرثه؟ قال : أمه ، فان ماتت أمه من يرثه؟ قال : أخواله ».

والصحيحان ـ مع عدم العمل بهما على إطلاقهما فهما حينئذ شاذان ، وموافقتهما للعامة ، ولذا حملهما في محكي التهذيب على التقية بعد الاعتراف بعدم العمل بهما مشعرا بالإجماع على طرحهما ، ومخالفتهما للشهرة العظيمة ومحكي الإجماع والكتاب والسنة ـ قاصران عن معارضة تلك الأخبار ، فلا يتجه الجمع بينهما وبينها بما سمعته من القولين ، ضرورة كونه فرع التكافؤ بعد الإغضاء عن عدم الشاهد عليه.

بل يمكن أن لا يكون مذهبا للشيخ في الاستبصار المعد لذكر ما يصلح وجه جمع بين الأخبار ، خصوصا بقرينة موافقته للأصحاب في باقي كتبه وحكايته الإجماع ، كما أن المحكي عن الصدوق في المقنع الموافقة أيضا.

فمن الغريب بعد ذلك كله ميل المقدس الأردبيلي وغيره إلى العمل بهما نسأل الله أن لا يكون ذلك من اختلال الطريقة ، ولقد أجاد فيما حكي عنه من شدة التشنيع على خلاف المشهور ، والأمر سهل بعد وضوح الحال.

( و ) كيف كان فـ ( ـمع عدم الأم والولد يرثه ) الطبقة الثانية ، وهم هنا ( الاخوة للأم وأولادهم والأجداد لها وإن علوا ) لانقطاع نسب الأب كما ستعرف ( ويترتبون الأقرب فالأقرب ) على حسب ما تقدم في غير الفرض.

قال أبو عبد الله عليه‌السلام في خبر منصور (٣) : « كان‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٣.

٢٦٧

علي عليه‌السلام يقول : إذا مات ابن الملاعنة وله إخوة قسم ماله على سهام الله ».

( ومع عدمهم يرثه الأخوال والخالات وأولادهم على ) حسب ( ترتيب الإرث ، وفي كل هذه المراتب يرث الذكر والأنثى سواء ) لكونهم جميعا ممن يتقرب بالأم ، وقد عرفت فيما مضى قسمة المتقرب بها على السواء ( فان عدم قرابة الأم أصلا حتى لا يبقى لها وارث ) أصلا ( وإن بعد فميراثه ل ) مولى المعتق ثم الضمان ثم ( الامام عليه‌السلام ) بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك ولا إشكال.

كما لا خلاف ( و ) لا إشكال في أن ( الزوج والزوجة يرثان ) منه ( نصيبهما مع كل درجة من هذه الدرجات ) وهو ( النصف للزوج والربع للزوجة مع عدم الولد ونصف ذلك ) أي الربع للزوج والثمن للزوجة ( معه ) هذا كله في موروثية ولد الملاعنة.

وأما وارثيته فلا خلاف ولا إشكال في أنه يرث أمه وولده.

( و ) لكن ( هل يرث هو قرابة أمه ) من الاخوة والأخوات والأخوال والخالات والأجداد والجدات لها؟ ( قيل ) والقائل المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا بل لعلها كذلك ( نعم ) يرثهم بل عن المبسوط والغنية والسرائر وغيرها أنه مذهب الأصحاب من غير خلاف ، وعن التهذيب أنه الذي يقتضيه شرع الإسلام ، وهو كذلك ( لأن نسبه من الأم ثابت ) وصحيح بلا خلاف كما عن السرائر ، فيشمله حينئذ عموم الأدلة وإطلاقها كتابا (١) وسنة (٢) ومعقد إجماع‌

__________________

(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ وغيره من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

٢٦٨

مضافا إلى‌ الصحيح (١) « ابن الملاعنة ينسب إلى أمه ، ويكون أمره وشأنه كله إليها » وإلى إطلاق ما في المعتبرة (٢) المستفيضة من إرثه أخواله.

( وقيل ) والقائل الشيخ في محكي الإستبصار ( لا يرث إلا أن يعترف به الأب ، وهو ) قول ( متروك ) لم نعرف أحدا وافقه عليه ممن تقدمه أو تأخره بل لم يعلم كونه قولا له ، لما سمعت من أنه في الاستبصار المعد للجمع بين الأخبار ، وإن كان قد يستدل له بأنه يبعد التهمة عن الامرأة ويقوي صحة النسب.

بل هو قوي من حيث النصوص ، لأنه مقتضى الجمع بين ما دل على التوارث من إطلاق بعض النصوص (٣) وغيره وبين ما دل على العدم‌ كالموثق (٤) « يرثه أخواله ولا يرثهم » بشهادة النصوص المفصلة ، منها‌ الصحيحان (٥) « فان لم يدعه أبوه فإن أخواله يرثونه ولا يرثهم ».

بل قد يعضده أن موارد تلك المستفيضة الحاكمة بالتوارث (٦) إنما هي صورة تكذيب الوالد بعد اللعان ، والحكم فيها ذلك كما في نصوص التفصيل ، فليس بينهما معارضة ، لكن إعراض الأصحاب عنها مع أنها بمرأى ومسمع يمنع من العمل بها.

بل‌ روى الصدوق رحمه‌الله بسندين غير نقيين بل أحدهما ضعيف عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٧) « في ابن الملاعنة من يرثه؟ قال : ترثه أمه ، قلت : أرأيت إن ماتت أمه وورثها ثم مات هو من‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ـ ٨.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٤.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٥ و ٧.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ١.

٢٦٩

يرثه؟ قال : عصبة أمه ، وهو يرث أخواله » وليس فيه ما يوجب تقييد الإطلاق من نحو خصوصية المورد ورجوع الضمير في الجواب إليه كما اتفق في النصوص السابقة ، وهو وإن كان قاصر السند ومطلقا يمكن تقييده أيضا إلا أنه منجبر بما عرفت من الشهرة العظيمة ، بل لم نعرف الخلاف إلا من الإستبصار الذي قد سمعت أنه معد للجمع بين الأخبار لا للفتوى.

ومن ذلك يرتفع الوثوق بالنصوص المزبورة وإن صح أسانيد بعضها فتقصر عن تقييده حينئذ ، فلتطرح أو تحمل على ما لا ينافي المطلق.

ومن هنا قال في محكي التهذيب : « العمل بما تضمن من الأخبار من أن ولد الملاعنة يرث أخواله كما أنهم يرثونه أحوط وأولى على ما يقتضيه شرع الإسلام ».

( و ) كيف كان فولد الملاعنة ( لا يرثه أبوه ولا من يتقرب به ) لانقطاع نسبه عنهم باللعان من غير خلاف في ذلك نصا (١) وفتوى وكذلك هو لا يرثهم أيضا.

( فإن اعترف ) الأب ( بعد اللعان ورث هو الأب ) المعترف ( ولا يرثه الأب ) إجماعا بقسميه ونصوصا (٢) فيها الصحيح وغيره مضافا إلى قاعدة الإقرار.

( و ) لكن ( هل يرث أقارب أبيه مع الاعتراف؟ قيل ) والقائل أبو الصلاح في المحكي من كافيه ، والشيخ مفيد الدين ولد الشيخ رحمه‌الله فيما حكي عنه ، والفاضل في بعض كتبه على ما حكاه عنه في المسالك وإن كنا لم نتحققه ( نعم ) يرثهم لأن الإقرار به كالبينة في إثبات النسب.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

٢٧٠

( والوجه أنه لا يرثهم ولا يرثونه ، لانقطاع النسب باللعان ) فيستصحب ( واختصاص حكم الإقرار بالمقر حسب ) من دون تعدية إلى الغير الذي لا يمضي الإقرار في حقه وفاقا للمشهور ، بل عن الغنية والسرائر الإجماع عليه.

ودعوى ثبوت النسب بالإقرار المزبور ممنوعة ، وإلا لورثه الأب وأقاربه الذين لم تصدر منهم جناية الإنكار واللعان كي يعاقبوا بعدم إرثهم له دونه ، ودعوى التزام القائل بذلك كما هو مقتضى حكايته عنه في المسالك لم نتحققها ، بل لعل المحقق خلافها ، وتوريثه الأب معه لما سمعت من النص والإجماع ، لا للإقرار نفسه.

بل لو وافقه عليه فالظاهر عدم التوارث بينهما به وكذا الأقارب ، ضرورة ظهور النصوص والفتاوى بانقطاع النسب باللعان ، فلا يعود بالإقرار ، وإطلاق قوله : « فيثبت النسب بإقرار العاقلين به » منزل على غير محل البحث قطعا ، فما عن المقدس الأردبيلي رحمه‌الله من الميل إلى التوارث بينهم بالتوافق منهم على الإقرار تمسكا بالإطلاق المزبور في غير محله.

بل من ذلك يظهر لك ما في قول الفاضل رحمه‌الله في القواعد هنا من أنه لو قيل : يرثهم إن اعترفوا به وكذبوا الأب في اللعان ويرثونه كان وجها ، إذ تكذيبهم غير مجد في نفي النسب شرعا وإلا لورثوه وورثهم مع إصرار الأب على الإنكار ، وهو باطل إجماعا على ما قيل.

كما أنه يظهر لك الوجه في قول المصنف رحمه‌الله.

٢٧١

( مسائل : )

( الأولى : )

( لا عبرة بنسب الأب هنا ) بعد انتفائه شرعا باللعان ( فلو خلف ) ابن الملاعنة ( أخوين أحدهما لأبيه وأمه والآخر لأمه فهما سواء ، وكذا لو كانا أختين أو أخا وأختا وأحدهما للأب والأم ) والآخر للأم فان الجميع يتساوون كالاخوة والأخوات من الأم خاصة.

( وكذلك ) الكلام فيما ( لو خلف ابن أخيه لأبيه وأمه وابن أخيه لأمه ، أو خلف أخا وأختا لأبويه مع جد أو جدة ) للأم فإنه يقسم ( المال بينهم أثلاثا و ) ذلك لأنه بعد أن ( سقط اعتبار نسب الأب ) لم يبق إلا التقرب من جهة الأم ، وقد عرفت فيما سبق تساوي المتقربين بها في المال.

ولو مات أخ لابن الملاعنة من أبيه وأمه وقد كان له أخ من أبيه لم يحجبه بل اشتركا في ميراثه ، فيأخذ هو حصة الأخ من الأم السدس والباقي للأخ من الأب.

المسألة ( الثانية : )

( إذا ماتت أمه ولا وارث لها سواه فميراثها له ) ولا يشاركه أبوه الذي انقطعت زوجيته عنها باللعان وإن كان قد اعترف الأب به بعد اللعان.

٢٧٢

( ولو كان معه أبوان ) لها ( أو أحدهما فلهما السدسان أو لأحدهما السدس والباقي له إن كان ذكرا ، وإن كان أنثى فالنصف لها ، والباقي يرد بموجب السهام ) أخماسا أو أرباعا ، كما هو واضح.

المسألة ( الثالثة : )

( لو أنكر الحمل وتلاعنا فولدت توأمين توارثا بالأمومة دون الأبوة ) بلا خلاف أجده فيه ، بل في الدروس نسبته إلى جميع الأصحاب فيرث حينئذ كل منهما سدس الآخر لو مات قبله ، كالولدين المتعاقبين المنفيين باللعان ، واحتمال الفرق بالقطع بكونهما معا لأب واحد بخلاف المتعاقبين يدفعه منع القطع أولا ، ومنع اعتباره ثانيا.

المسألة ( الرابعة : )

( لو تبرأ عند السلطان من جريرة ولده ومن ميراثه ثم مات الولد قال الشيخ في ) محكي ( النهاية ) والاستبصار وابن حمزة في محكي الوسيلة والقاضي في محكي المهذب والكيدري في محكي الإصباح ( كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه ) لخبر يزيد بن جليل (١) سأل الصادق عليه‌السلام « عن رجل تبرأ من جريرة ابنه وميراثه فمات الابن وترك مالا من يرثه؟ قال : ميراثه لأقرب الناس إلى أبيه » ومضمر أبي بصير (٢)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٢ عن بريد بن خليل وفي التهذيب ج ٩ ص ٣٤٨ والاستبصار ج ٤ ص ١٨٥ يزيد بن خليل.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٣.

٢٧٣

« سألته عن المخلوع يتبرأ منه أبوه عند السلطان ومن ميراثه وجريرته لمن ميراثه؟ فقال : قال علي عليه‌السلام : هو لأقرب الناس إلى أبيه » في الفقيه و « إليه » في التهذيب.

( و ) لكن مع ذلك ( هو قول شاذ ) كما اعترف به غير واحد لم نعرف القائل به عدا من عرفت ، بل عن السرائر والتنقيح الإجماع من المسلمين على خلافه ، بل قد تكرر منا أن النهاية والاستبصار ليسا بكتابي فتوى ، مع أنه ذكره في الأخير احتمالا ، بل عنه في الحائريات موافقة الأصحاب ، وأن الرواية شاذة فيها نظر.

مضافا إلى الطعن في سند الأول بجهالة يزيد التي لا يرفع القدح بها رواية صفوان وابن مسكان عنه وإن كانا من أصحاب الإجماع على الأصح وإضمار الثاني ، واشتمالهما على لفظ السلطان المنصرف إلى سلطان الجور القاضي بمراعاة التقية ، واحتمالهما ـ كما في كشف اللثام ـ التبري بعد موت الابن ، فيخرجان عما نحن فيه أيضا ، وإن كان قد ينافيه قوله : « فمات » في الأول ، وتصحيف « ابنه » بأبيه فيهما ، وإرادة ما يشمل الوالد من « أقرب الناس إليه » في رواية التهذيب ، وغير ذلك مما يخرجهما عن قابلية معارضة الأصول والقواعد المستفادة من الكتاب والسنة.

بل قد سمعت تعليل استحقاق الزوجة قيمة البناء دون نفس الأرض والأعيان بجواز انقطاع ما بين المرأة والزوج من العصمة ، وجواز تغييرها وتبديلها بخلاف الولد والوالد الذي لا يمكن تخليص أحدهما من الآخر ، فالمسألة حينئذ من الواضحات.

( وأما ولد الزنا ) من الطرفين ( فلا نسب له ) بأبيه شرعا ، لأن الولد للفراش وللعاهر الحجر ( و ) حينئذ فـ ( ـلا ترثه ) أي ( الزاني ) كالعكس بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع‌

٢٧٤

بقسميه عليه ، وهو الحجة ، مضافا إلى المعتبرة المستفيضة (١) الدالة على ذلك ، بل وعلى كون الأم وغيرها ممن يتقرب بها أو بأبيه كذلك أيضا (٢) ولو بإطلاقها وما فيها من التعليل.

( و ) حينئذ فـ ( ـلا ) ترثه ( التي ولدته ولا أحد من أنسابهما ، ولا يرثهم هو ) بلا خلاف معتد به أجده في شي‌ء من ذلك بل يمكن تحصيل ما أشعرت به عبارة غير واحد من الأصحاب من الإجماع لما عرفت.

نعم عن الصدوق وأبي الصلاح وأبي علي أنه يرث أمه ومن يتقرب بها ويرثونه على حسب حال ابن الملاعنة ، لخبر إسحاق بن عمار (٣) عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام « إن عليا عليه‌السلام كان يقول : ولد الزنا وابن الملاعنة ترثه أمه وإخوته لأمه وعصبتها » وعن يونس (٤) « أن ميراث ولد الزنا لقرابته من أمه كابن الملاعنة » وهما ـ مع الضعف في الأول والوقف في الثاني وموافقتهما للعامة واحتمالهما الزنا من قبل الأب دون الأم ـ قاصران عن معارضة غيرهما من النصوص المعتبرة.

كالصحيح (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أيما رجل وقع على وليدة قوم حراما ثم اشتراها فادعى ولدها فإنه لا يورث منه ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : الولد للفراش وللعاهر الحجر ولا يرث ولد الزنا إلا رجل يدعي ابن وليدته ، وأيما رجل أقر بولده‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٩.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٦.

(٥) ذكر صدره في الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ١ وذيله في الباب ـ ٦ ـ منها ـ الحديث ١.

٢٧٥

ثم انتفى منه فليس ذلك له ، ولا كرامة يلحق به ولده إذا كان من امرأته ووليدته ».

وخبر محمد بن الحسن القمي (١) « كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام معي يسأله عن رجل فجر بامرأة فحبلت ، ثم إنه تزوجها بعد الحمل ، فجاءت بولد هو أشبه خلق الله به ، فكتب بخطه وخاتمه الولد لغية لا يورث » وغيرهما.

كقصور خبري‌ حنان (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « عن رجل فجر بنصرانية فولدت منه غلاما فأقر به ثم مات ولم يترك ولدا غيره أيرثه؟ قال : نعم » ونحوه الآخر (٣) عن معارضة ما تقدم ، بل الإجماع بقسميه على خلافهما ، فلا بد من طرحهما أو حملهما على ما لا ينافي المطلوب ، ضرورة اشتمالهما على الغريب.

نحو‌ خبر محمد بن قيس (٤) عن أبي جعفر عليه‌السلام « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في وليدة جامعها ربها في طهرها ، ثم باعها من آخر قبل أن تحيض ، فجامعها آخر ولم تحض فجامعها الرجلان في طهر واحد ، فولدت غلاما ، فاختلفا فيه فسئلت أم الغلام فزعمت أنهما أتياها في طهر واحد ، فلا يدري أيهما أبوه ، فقضى في الغلام أنه يرثهما كليهما ويرثانه سواء ».

فلذا حمله في التهذيبين على التقية ، وفرض اشتباههما لا يلحقه بهما في الفرض ، ويمكن دعوى أن المتجه لحوقه بمن عنده الجارية ، كما أن‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٧.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٨.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء ـ الحديث ٦.

٢٧٦

المتجه القرعة في المشترك بين واطئين وطء محللا لشبهة ونحوها ، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر.

( و ) على كل حال فقد ظهر لك أن ( ميراثه ) أي ابن الزنا ( لولده ) خاصة دون أبيه وأمه فضلا عن أقاربهما ( ومع عدمهم ) فـ ( ـل ) مولى المعتق ثم الضامن ثم ( الامام عليه‌السلام ) بلا إشكال في شي‌ء من ذلك ، بل ولا خلاف.

كما لا إشكال ( و ) لا خلاف في أنه ( يرث الزوج والزوجة نصيبهما الأدنى مع الولد والأعلى مع عدمه ) لإطلاق الأدلة في الجميع من غير معارض ( و ) إنما الخلاف في خصوص ما سمعته مما ( في رواية ) إسحاق بن عمار (١) من أنه ( ترثه أمه ومن يتقرب بها مثل ابن الملاعنة ) على أنك قد سمعت شذوذه ( و ) أنها ( هي مطرحة ) أو محمولة على ابن الزنا من طرف الأب أو غير ذلك ، والله العالم.

الفصل ( الثاني)

( في ميراث الخنثى )

التي هي إما ذكر أو أنثى في الواقع ، لعدم الواسطة على الظاهر المستفاد من تقسيم الإنسان بل مطلق الحيوان إلى الذكر والأنثى في جميع‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة ـ الحديث ٩.

٢٧٧

الأصناف في الكتاب (١) والسنة (٢) على وجه لا يستطاع إنكاره.

وعلى كل حال فهو ( من له فرج الرجال والنساء ) ولا خلاف ولا إشكال في أنه ( يرث على الفرج الذي ) يبول منه ، فان كان من فرج الرجال ورث ميراث ذكر ، وإن كان من فرج النساء ورث ميراث الأنثى ، بل الإجماع بقسميه عليه.

مضافا إلى‌ قول الصادق عليه‌السلام في خبر طلحة (٣) : « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يورث الخنثى من حيث يبول ».

وفي‌ خبر داود بن فرقد (٤) جواب سؤاله عن ذلك : « إن كان يبول من ذكره فله ميراث الذكر ، وإن كان يبول من القبل فله ميراث الأنثى ».

وفي‌ صحيح هشام بن سالم (٥) « يورث من حيث يبول ، فان خرج منهما جميعا فمن حيث سبق » وغير ذلك من النصوص (٦).

فان بال منهما فمن حيث ( يسبق منه البول ) بلا خلاف محقق أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه أيضا.

مضافا إلى الصحيح المزبور (٧) وصحيحه الآخر (٨) عنه ( عليه‌

__________________

(١) سورة زخرف : ٤٣ ـ الآية ١٢ وسورة الحجرات : ٤٩ ـ الآية ١٣ وسورة النجم : ٥٣ ـ الآية ٤٥ وسورة القيامة : ٧٥ ـ الآية ٣٩ وسورة الليل : ٩٢ ـ الآية ٣.

(٢) البحار ـ ج ٦٩ ص ٣٣٥ ـ ٣٣٧ و ٣٤٠ و ٣٤١ و ٣٤٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ١.

(٥) التهذيب ج ٩ ص ٣٥٤ الرقم ١٢٦٩.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الخنثى.

(٧) التهذيب ج ٩ ص ٣٥٤ الرقم ١٢٦٩.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ١.

٢٧٨

السلام ) أيضا « يورث حيث سبق بوله ، فان خرج سواء فمن حيث ينبعث ، فان كان سواء ورث ميراث الرجال والنساء ».

والحسن كالصحيح (١) عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام « أن عليا عليه‌السلام كان يقول : الخنثى يورث من حيث يبول ، فان بال منهما جميعا فمن أيهما سبق البول ورث منه ، فان مات ولم يبل فنصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل ».

والمرسل (٢) عنه عليه‌السلام أيضا « في المولود له ما للرجال وله ما للنساء يبول منهما جميعا ، قال : من أيهما سبق ، قيل : فان خرج منهما جميعا ، قال : فمن أيهما استدر ، فان استدرا جميعا ، قال : فمن أبعدهما » إلى غير ذلك من النصوص الدالة (٣).

( فإن جاء ) البول ( منهما ) دفعة ( اعتبر الذي ينقطع أخيرا ، فيورث عليه ) إجماعا في محكي السرائر والتحرير والمفاتيح وظاهر الغنية والخلاف ، بل وكتاب الاعلام للمفيد.

مضافا إلى ظهور كونه المراد من‌ قوله عليه‌السلام في المرسل : « أبعدهما » على معنى أبعدهما زمانا ، وليس هو إلا الذي ينقطع أخيرا بعد فرض تساويهما في الابتداء.

بل قيل : إنه المراد أيضا من الانبعاث في الصحيح (٤) بدعوى ملازمته ، بمعنى الثوران والقوة والكثرة ، أو بمعنى الاسترسال ، لما عن القاموس « بعثه كمنعه : أرسله فانبعث للانقطاع أخيرا » وإن كان هو كما ترى ، ضرورة ظهوره في إرادة الاستدرار في المرسل السابق الذي عقبه‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ١.

٢٧٩

بأبعدهما المنافي لإرادة الانقطاع أخيرا بعد إرادته من أبعدهما. نعم عن بعض النسخ « ينبت » بمعنى ينقطع.

وحينئذ مع التقييد بالأخير للخبر الآخر (١) وتعاقد الإجماعات وشهادة الوجدان يكون دالا على المطلوب ، وربما كان ذلك سبب توهم القاضي فيما حكي من جعل العلامة الانقطاع أولا بدعوى ظهوره في ذلك ، لكن فيه أنه وإن كان مطلقا لا تقييد فيه بالانقطاع أولا وآخرا إلا أنه يجب حمله على الآخر لما عرفت ، فلا ريب حينئذ في ضعفه.

كضعف المحكي عن الصدوق رحمه‌الله والإسكافي والمرتضى من عدم اعتبار الانقطاع أصلا بعد ما عرفت من الدليل على اعتباره.

مضافا إلى ما يمكن أن يقال من كون المستفاد مما سمعت من النصوص وما فيها من الانبعاث والإدرار وما تسمعه من خبر عد الأضلاع (٢) وما‌ عن روضة الواعظين (٣) عن الحسن بن علي عليهما‌السلام « فان كان ذكرا احتلم وإن كانت أنثى حاضت وبدا ثديها » أن المدار في تشخيصها على حصول أمارة مرجحة لأحد الاحتمالين الناشئين من حصول بعض خواص الذكر ، وبعض خواص الأنثى.

فيكون الضابط بعد تعذر العلم بمعرفة الحال واشتراكها في جملة من الأمارات الرجوع إلى غير ذلك من خواص الرجل والأنثى ، فيحكم عليها حينئذ من غير فرق بين المنصوص وغير المنصوص ، كنبات اللحية ونحوها ، بل لعل الضابط ذلك في مصداق كل موضوع تعذر العلم بمعرفته ولا طريق إلى الاحتياط.

ولو فرض تعارضها لا على جهة الاشتراك فيها كالبول منهما جميعا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى ـ الحديث ٧.

٢٨٠