جواهر الكلام - ج ٣٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

( و ) كيف كان فـ ( ـمع عدم قرابة المنعم يرثه مولى المولى ) لأنه هو المنعم ( فان عدم فقرابة مولى المولى لأبيه دون أمه ) على حسب ما عرفته في المولى من إرث الأب والأولاد ثم الاخوة والأجداد ثم الأعمام في الرجل ، والعصبة أولا في الامرأة ، ضرورة كونه مولى أقصاه أنه بعيد ، فمع فرض عدم قريب يحجبه كان كالقريب في جميع الأحكام السابقة.

وعلى ذلك يحمل‌ خبر الحسن (١) قال : « كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام الرجل يموت ولا وارث له إلا مواليه الذين أعتقوه هل يرثونه ولمن ميراثه؟ فكتب عليه‌السلام لمولاه الأعلى ».

وما في الوافي ـ من تفسيره بأنه إذا ترتب المعتقون بأن أعتق رجل عبدا ثم أعتق العبد المعتق عبدا وهكذا ثم مات العبد المعتق الأخير فميراثه للمولى الأول ـ يمكن دعوى الإجماع على خلافه.

كما أن الإجماع متحقق على الظاهر على تقديم مولى المولى على معتق الأب ، لكونه من مباشري العتق الذين لهم الولاء بخلاف معتقي الأب ، نعم لو عدم مولى المولى فلمعتق الأب مثلا ثم لقرابته وهكذا ، لكونه حينئذ هو أقرب الناس في الأنعام باعتبار إنعامه على الأب ، فإن عدموا أجمع فلضامن الجريرة ثم للإمام عليه‌السلام.

لكن المصنف وغيره اقتصروا على موالي المولى ، وظاهرهم عدم طبقة أخرى. ولعله لأن معتق الأب إن أريد به من كان سببا في حرية الولد باعتبار عتق أبيه فلا ريب حينئذ في أن معتق الأب هو المولى ، ولا يتصور شركة المولى كي يكون طبقات مترتبة ، ضرورة فرض كون الولد حرا يعتق أبيه؟.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ٤.

٢٤١

وإن أريد به من لم يكن كذلك كما لو فرض كون الولد حرا ولم ينتفع بحرية أبيه فقد يمنع كونه وارثا حينئذ لعدم كونه من الموالي ، بل ينتقل الإرث إلى الضامن ثم إلى الامام عليه‌السلام فان مجرد كونه مولى أب لا يحقق النعمة مع فرض حصول الانعام من غيره.

اللهم إلا أن يقال : إنه يصدق عليه أنه ولد معتقه فيشمله الأدلة السابقة ، بل ستسمع في المسألة الرابعة تصريح المصنف بثبوت الولاء لمولى عصبة الأب فضلا عن الأب ، فلا يكون حينئذ تركه لذلك ، نعم قد يشكل دليله.

ومن هنا قال بعضهم : إنه لا نص لهم على ما ذكروه من مراتب الولاء وجره ، إلا أنك ستعرف ما فيه ، مضافا إلى صدق كونهم مولى لهم عرفا ولحوقهم بهم ، كما لا يخفى فتأمل جيدا ، والله العالم.

( و ) كيف كان فـ ( ـالمنعم لا يرثه المعتق ) بالفتح بحال للأصل وغيره ، ولأن الولاء عليه للنعمة عليه ، وهي مفقودة منه بالنسبة إليه ، فيكون‌ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) : « الولاء لحمة » إلى آخره بالنسبة للمولى خاصة باعتبار إنعامه ، ومن هنا كان المشهور بين الأصحاب ذلك ، بل عن الشيخ رحمه‌الله الإجماع عليه ، بل يمكن القطع به ، خصوصا بملاحظة‌ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) : « الولاء لمن أعتق » ونحوه.

فما عن ابني الجنيد وبابويه من أنه يرثه مع فقد وارث له لخبر اللحمة (٣) واضح الضعف بل الفساد.

( و ) حينئذ فـ ( ـلو لم يخلف وارثا و ) لو مولى أو‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ٢.

٢٤٢

ضامن جريرة ( يكون ميراثه للإمام عليه‌السلام ) الذي هو وارث من لا وارث له ( دون المحرر ) العتيق ، كما هو واضح.

( ولا يصح بيع الولاء ولا هبته ولا اشتراطه في بيع ) بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، والنصوص (١) دالة عليه صريحا وظاهرا.

نعم قد يقال بصحة اشتراط عدمه في البيع مثلا ، لأن له طريقا إلى ذلك ، بأن يتبرأ من ضمانه إذا أراد عتقه ، بل لو قلنا بصحة البراءة بعد العتق أمكن حينئذ اشتراط إسقاطه في عقد من العقود بعد ثبوته فضلا عن اشتراط عدم الولاء عليه من أول الأمر وخبر بريرة (٢) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) : « الولاء لمن أعتق » لا ينافي ذلك ، والله العالم.

( مسائل ثمان : )

( الأولى : )

( ميراث ولد المعتقة ) قبل عتقها أو بعد حملها ولم يتبعها الحمل أو اشترط الرقية بناء على جوازه ( لمن أعتقهم ولو ) كان إعتاقهم بأن ( أعتقوا حملا مع أمهم ، ولا ينجر ولاؤهم ) هنا إجماعا للأصل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من كتاب العتق.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ١.

٢٤٣

( و ) غيره نعم ( لو حملت بهم بعد العتق كان ولاؤهم لمولى أمهم إذا كان أبوهم رقا ) لأنه هو المنعم عليهم بإعتاق أمهم الذي صار سببا لحريتهم بالتبعية لأشرف الأبوين.

مضافا إلى الصحاح‌ ( منها ) « عن رجل اشترى عبدا له أولاد من امرأة حرة فأعتقه ، قال : ولاء ولده لمن أعتقه » (١).

و ( منها ) « في العبد يكون تحته الحرة ، قال : ولده أحرار فإن أعتق المملوك لحق بأبيه » (٢).

و ( منها ) صحيح محمد بن قيس (٣) « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في مكاتب اشترط عليه ولاؤه إذا أعتق ، فنكح وليدة لرجل آخر فولدت له ولدا فحرر ولده ، ثم توفي المكاتب فورثه ولده فاختلفوا في ولده من يرثه؟ فألحق ولده بموالي أبيه ».

هذا ولكن‌ في الصحيح (٤) « دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام ومعي علي بن عبد العزيز فقال لي : من هذا؟ فقلت : مولى لنا ، فقال : أعتقتموه أو أباه ، فقلت : بل أباه ، فقال : ليس هذا مولاك ، هذا أخوك وابن عمك ، وإنما المولى الذي جرت عليه النعمة ، فإذا جرت على أبيه فهو أخوك وابن عمك » ونحوه غيره (٥) إلا أنها محتملة للحمل على أنه ليس معتقا ، وعدم كونه مولى بهذا المعنى لا يستلزم انتفاء الولاء ، ولا تلازم بينهما ، وربما يشهد له‌ الخبر (٦) : « المعتق هو المولى ، والولد ينتمي إلى من شاء ».

( ولو كان ) أبوهم ( حرا في الأصل لم يكن لمولى أمهم

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ١١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ٩.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ٧.

٢٤٤

ولاء ) لعدم النعمة عليهم حينئذ باعتبار تبعيتهم لأبيهم الذي هو أشرف من أمهم.

( وإن كان أبوهم معتقا فولاؤهم لمولى الأب ) الذي يلحق به الولد عرفا دون الأم التي هي وعاء ، بل لعل ذلك هو المراد من قوله تعالى (١) ( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ).

بل ( وكذا لو أعتق أبوهم بعد ولادتهم انجر ولاؤهم من مولى أمهم إلى مولى الأب ) بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه لقول أمير المؤمنين عليه‌السلام في مرسل أبان (٢) : « يجر الأب الولاء إذا أعتق » وقول الصادق عليه‌السلام في صحيح العيص (٣) : « في عبد له أولاد من حرة أن ولاء ولده لمن أعتقه » وغيره من النصوص (٤) السابقة المراد من الحرة فيها المعتقة لا حرة الأصل ، ضرورة عدم الولاء حينئذ حتى يجر ، للحوق الولد بأشرف الأبوين ـ وهو الأم في الفرض ـ بلا خلاف أجده ، بل الإجماع بقسميه عليه.

لكن‌ في الصحيح (٥) « عن حرة زوجتها عبدا لي فولدت منه أولادا ثم صار العبد إلى غيره فأعتقه ، إلى من ولاء ولده؟ إلى إذا كانت أمهم مولاتي ، أم إلى الذي أعتق أباهم؟ فكتب عليه‌السلام إن كانت الأم حرة جر الأب الولاء ، وإن كانت أنت أعتقت فليس لأبيه جر الولاء ».

وهو مطرح أو محمول على إرادة أنك إذا كنت أعتقت الأم فصار عتقها سببا لحرية الأولاد الذين حصلوا بعد العتق ثم عتق الأب بعد ذلك‌

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ٣.

٢٤٥

انجر الولاء ، وإن كنت أنت أعتقت الأولاد أنفسهم فولاؤهم لك ولا ينجر لما سمعته سابقا.

وكيف كان فهل يشترط في الجر التحاق النسب بالأب شرعا فلا ينجر حينئذ مع زنا الأب واشتباه الأم مثلا؟ إشكال من انتفاء الأبوة شرعا وأصالة عدمه ، ومن صدقها لغة وكون الولد نماء المملوك وإن كان عن زنا.

بل قد يشكل أصل الولاء على ولد الزنا من الطرفين فضلا عن جره وإن كان العتق سببا في حريته لأصالة عدمه ، وإن كان الأقوى ثبوته لتحقق الانعام بالنسبة اليه ، والله العالم.

المسألة ( الثانية : )

( لو تزوج مملوك بمعتقة فأولدها فولاء الولد لمولاها ) بلا خلاف ولا إشكال نصا (١) وفتوى كما عرفت.

( فلو مات الأب وأعتق الجد قال الشيخ : ينجر الولاء إلى معتق الجد ، لأنه قائم مقام الأب ) ولذا يتبعه في الإسلام وإن لم يسلم أبوه ( و ) من هنا يعلم أن الحكم ( كذلك لو كان الأب باقيا و ) دعوى عدم كون الجد أبا حقيقة بعد تسليمها مندفعة بقيامه مقامه في ذلك هنا.

نعم ( لو أعتق الأب بعد ذلك انجر الولاء من مولى الجد إلى مولى الأب لأنه أقرب ) وهذا جر الجر ، لأنه إنما انجر اليه باعتبار‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق.

٢٤٦

كونه أب الأب ، فالأب أولى منه بالالتحاق بالنسب ، بل لو كان المعتق جدا بعيدا انجر الولاء إلى مولاه ، فان انعتق الجد القريب انجر منه إلى مولاه ، فلو أعتق الأب انجر منه إلى مولاه ، لأنه كالنسب بالنسبة إلى عدم إرث البعيد فيه مع القريب.

ولو كان الجد حر الأصل والأب مملوك فتزوج بمولاة قوم فأولدها احتمل أن يكون الولاء لمولى الأم الذي هو المنعم ، والسقوط لأولويتها من الحرية بالعتق ، فلا يكون عليه ولاء لأحد. ولعله هو الأقوى ، لنحو ما سمعته في حرية الأب أو الأم ، خلافا لكشف اللثام فاختار الأول.

ولو كان الأبوان رقا فأعتقت الأم ثم وضعت لدون ستة أشهر من أول العتق فان قلنا بسراية عتق الأم إلى الحمل لم ينجر الولاء لو عتق الأب بعد ذلك ، لكون العتق حينئذ بالمباشرة المانعة من الجر لما عرفت وإلا كان الولد رقا : ولو أتت به لأكثر من ستة أشهر مع بقاء الزوجية واحتمال الوطء بستة أشهر لم يحكم برق الولد ، وانجر ولاؤه إلى مولى الأب لو فرض حصول عتقه ، لاحتمال حدوثه بعد العتق ، فلا يمسه الرق ، بل أصالة التأخر تقتضي ذلك ، فينجر ولاؤه حينئذ إلى معتق الأب.

المسألة ( الثالثة : )

( لو أنكر المعتق ) بالفتح ( ولد زوجته المعتقة فلاعنته ) انتفى الولد عنه شرعا ، فلا ولاء لمولاه عليه ( فان مات الولد ) حينئذ ( ولا مناسب له كان ولاؤه لمولى أمه ) للحوق نسبه بها حينئذ ، فيشمله‌

٢٤٧

إطلاق ما دل (١) على ثبوت الولاء على أولاد العتيق ، ولتحقق إنعامه ضرورة كونه رقا لو كانت أمه مملوكة.

لكن ربما أشكل ذلك بأصالة عدم الولاية عليه ، لاشتراطها برقية الأب ، والفرض انتفاؤها ، لعدم الأب له ، والأصل فيه الحرية ، فلا يثبت عليه ولاء.

وفيه منع كون الشرط ذلك ، نعم لو علمت حريته لم يكن لمولى الأم عليه ولاء ، وهذا أعم من اشتراط ذلك ، على أن محل الفرض ليس من مجهول الأب المحكوم بحريته بالأصل ، بل هو من منفي الأب شرعا ومختص النسب بالأم ، فيثبت الولاء لمولاها عليه ، وليس هو كابن الزنا المنفي عنهما شرعا والمعلوم خلقته من ماء الزاني على وجه يكون ولدا له لغة ، بل هو ولد شرعي له نسب من قبل الأم خاصة دون الأب ( و ) من يتقرب به.

بل ( لو اعترف به الأب بعد ذلك لم يرثه الأب ولا المنعم على الأب ، لأن النسب وإن عاد ) بذلك ( فإن ) إقرار العقلاء على أنفسهم جائز وإن كان متعقبا لإنكار لكن ( الأب لا يرثه ولا من يتقرب به ) على الأصح ، لانقطاع نسبه عنه باللعان فالولاء أولى.

ومما ذكرنا يظهر لك أنه لا وجه لاحتمال سقوط الولاء عنه مطلقا فضلا عن احتمال ثبوته لمولى الأب ، من غير فرق بين تقدم اللعان على العتق وتأخره عنه وبين تقدمه على الولادة وتأخره عنها ، كما هو واضح بأدنى تأمل.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق.

٢٤٨

المسألة ( الرابعة )

( ينجر الولاء ) فيما عرفت ( من مولى الأم إلى مولى الأب فان لم يكن فلعصبة المولى ) وإن علا مراعيا للترتيب ، بمعنى أنه ينجر إلى المولى الأول ثم لعصبته ثم لمولى المولى ثم لعصبته وهكذا.

( وإن لم يكن عصبة ) أي عدم الموالي وعصبتهم ( فلمولى عصبة مولى الأب ) لأنهم حينئذ الموالي له عرفا ، وأقرب الناس إليه ولاء ، وصدق كونه مولى لهم ، ولأنه الوارث لهم مع فقد النسب ، فيكون الولاء الذي لهم لو كانوا موجودين له ، ثم إلى عصبات موالي العصبات لذلك أيضا ، مراعيا للترتيب.

( ولا يرجع إلى مولى الأم ) بعد انجراره منه ، للأصل وغيره خلافا لما عن ابن عباس من الحكم بعوده ، لارتفاع المانع ، وهو لا يخلو من وجه ، باعتبار صيرورته أقرب الناس إليه ، وكونه من مواليه لغة وعرفا ، وإنما قدم عليه مولى الأب لأنه أقرب منه ، فلما عدم هو وعصباته ومواليهم صار موالي الأم الأقرب ، فيرثه ثم عصباته ثم موالي العصبات ثم عصبات الموالي ، لكن ظاهر الأصحاب عدم عوده.

وحينئذ ( فإن فقد الموالي ) للأب ( وعصباتهم وكان هناك ضامن جريرة صار ( كان خ ل ) ) الولاء ( له وإلا كان الولاء للإمام عليه‌السلام ) وظاهره بقاء ولاء العتق عليه إلا أنه يرجع إلى الامام عليه‌السلام لعدم من يكون له ، ويحتمل انقطاع ولاء العتق وإرث الإمام عليه‌السلام له بولاء الإمامة كحر الأصل.

٢٤٩

وتظهر الثمرة بينه وبين الأول بعدم الرد على الزوج والزوجة بناء على القول به على الأول ، ضرورة اشتراطه بعدم وارث غير الامام عليه‌السلام من حيث ولاء الإمامة ، والفرض كون الامام عليه‌السلام وارثا من حيث ولاء العتق ، فلم يحصل شرط « إلا » بخلافه على الثاني ، كذا قيل.

وفيه أن الولاء الذي صار للإمام عليه‌السلام حسب من حيث ولاء الإمامة ، فعلى كلا الوجهين لا وارث غير الامام عليه‌السلام فيتجه الرد عليهما معا ، بل لعله مقتضى دليله أيضا ، كما عرفته سابقا فتأمل جيدا.

المسألة ( الخامسة : )

( امرأة أعتقت مملوكا فأعتق المعتق آخر فان مات الأول ولا مناسب له فميراثه لمولاته ) التي أنعمت عليه بالعتق ( وإن مات الثاني ولا مناسب له فميراثه لمعتقه ) المنعم عليه ( فان لم يكن الأول ) أي المعتق الأول ( ولا مناسبوه كان ولاء الثاني لمولاة مولاه ) المنعمة عليه بالواسطة ، كما هو واضح بأدنى ملاحظة لما قدمناه.

( ولو اشترت ) المرأة ( أباها فانعتق ) عليها وقلنا بثبوت ولاء لها عليه بذلك ( ثم أعتق أبوها آخر ثم مات أبوها ثم مات المعتق ولا وارث له سواها كان ميراث المعتق لها : النصف بالتسمية والباقي بالرد لا بالتعصيب ) الناشئ من الولاء ( إن قلنا يرث الولاء ولد المعتق وإن كن إناثا ) فإنها حينئذ وارثة له أو به باعتبار كونها بنت المنعم‌

٢٥٠

فترث المنعم عليه باعتبار انتقال ولاء أبيها إليها ، كباقي أمواله التي تستحقها نصفا تسمية ونصفا ردا.

( وإلا ) أي إن لم نقل بارث الولاء للإناث ( كان الميراث لها بالولاء ) الثابت لها على أبيها الذي هو المنعم على العبد ، فهي في الحقيقة مولاة مولاه بناء على إلحاق الانعتاق القهري بالإعتاق الاختياري في إثبات الولاء ، لاشتراكهما في الأنعام الحاصل من العتق أو من سببه وهو الشراء ، ويحتمل العدم كما عن بعضهم ، للأصل بعد ظهور النصوص في الإعتاق لا ما يشمله والانعتاق ، ولعل الأول أقوى ، والله العالم.

المسألة ( السادسة : )

( لو أولد العبد بنتين من معتقة ) كانتا حرتين إلحاقا لهما بالأشرف ، وكان ولاؤهما لمعتق الأم ( فـ ) ـان ( اشترتا أباهما انعتق عليهما ) وكان ولاؤه لهما بناء على ما عرفت.

والفائدة في الخلاف هنا في العقل لا في الإرث ، فمن أثبت الولاء أثبت العقل ، ومن نفاه نفاه ، والعقل يثبت للامرأة بمباشرة العتق وإن لم يثبت لها بالنسب ولا بانتقال الولاء.

وعلى كل حال ( فلو مات الأب ) ولا وارث له غيرهما ( كان ميراثه لهما ) ثلثان ( بالتسمية و ) الباقي بـ ( الرد لا بالولاء لأنه لا يجتمع الميراث بالولاء مع النسب ) لاشتراط الإرث به بعدم النسب.

( ولو ماتتا ) أي البنتان ( أو إحداهما والأب موجود ) ولا وارث غيره ( كان الميراث لأبيهما ، ولو لم يكن موجودا ) ولا وارث‌

٢٥١

لإحداهما غير الأخرى ( كان ميراث السابقة لأختها ) النصف ( بالتسمية و ) الباقي بـ ( الرد ولا ميراث للمولاة ) التي هي الأخت أي لا ميراث لها من حيث كونها مولاة ( لوجود المناسب ، و ) قد عرفت أنه لا يجتمع الميراث به مع النسب الذي يشترط عدمه في الإرث بالأول.

ف ( لو ماتت الأخرى ولا وارث لها هل يرثها مولى أمها؟ ) ( فيه تردد ، منشأه هل انجر الولاء إليهما بعتق الأب ) لإطلاق‌ قوله عليه‌السلام (١) : « يجر الأب الولاء إذا أعتق » وللحوق النسب به دون الأم ، فلا ولاء حينئذ لأحد عليهما ( أم لا ) جر هنا لكونه انعتاقا لا عتقا ، فلا يفيد ولاء كي يجر؟

( ولعل الأقرب ) عند المصنف ( أنه لا ينجر هنا ، إذ لا يجتمع استحقاق الولاء بالنسب والعتق ).

وفيه أنه لا يجتمع الإرث بهما لا وجودهما ، كما اعترف به في المسألة المتقدمة ، فالأقرب حينئذ حصول الجر. نعم كل واحدة منهما جرت نصف ولاء أختها إليها لأنها أعتقت نصف الأب ولا ينجر الولاء الذي عليها بعتق الأب في وجه ، فيبقى نصف ولاء كل واحدة منهما لمولى أمها وإن لم نقل بالجر فالولاء كله له.

والوجهان في انجرار ولائه إليه آتيان فيما لو أولد مملوك من معتقة ابنا ، فولاؤه وولاء إخوته منها لمولى أمه ، فان اشترى الولد أباه عتق عليه وانجر ولاء أولاده كلهم إليه ، بناء على حصول الولاء بعتق القرابة.

وهل ينجر ولاء نفسه إليه فيبقى حرا لا ولاء عليه ، لعموم أدلة الجر ، أو يبقى ولاؤه لمولى أمه ، وإلا لزم ثبوت الولاء على أبويه دونه مع كونه ولدا وهما رق في الأصل ، أو عليهما ولاء ومن كان كذلك‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٨ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ٥.

٢٥٢

ثبت عليه الولاء ، فتأمل جيدا.

أما لو كان المشتري لأبيه ولد زنا وأعتقه ـ بناء على عدم الانعتاق بقرابة الزنا ـ ثبت له الولاء قطعا ، لصدق التبرع بالعتق ، وانجر ولاء الأولاد وولاؤه إليه ، بل لا إشكال في انجرار ولائه نفسه إليه ، فيكون حرا لا ولاء لأحد عليه ، لأن الضابطة المذكورة في الولد الشرعي ، والأبوة هنا منتفية.

المسألة ( السابعة : )

( لو اشترى أحد الولدين مع أبيه مملوكا فأعتقاه ) كان الولاء لهما معا ( فـ ) ـإذا ( مات الأب ثم مات المعتق كان لمن اشتراه مع أبيه ثلاثة أرباع تركته ) أي المعتق : نصف بالولاء وربع بإرثه ( ولأخيه الربع ) بارث الولاء خاصة ، كما هو واضح.

المسألة ( الثامنة : )

( إذا أولد العبد من معتقة ابنا ) فهو حر ( فولاؤه ) أي الابن ( لمعتق أمه ) الذي هو المنعم ، وله الولاء عليها وعلى أولادها ( فلو اشترى الابن عبدا فأعتقه كان ولاؤه له ) دون مولى أمه ، لأنه المنعم عليه بلا واسطة والولاء لمن أعتق ( فلو اشترى ) هذا العبد الذي هو ( معتقه ) أي الابن ( أب المنعم ) عليه بالإعتاق ( فأعتقه انجر الولاء من مولى الأم إلى مولى الأب ) الذي هو العبد المعتق ، لحصول ضابط الجر ( وكان كل

٢٥٣

واحد منهما مولى الآخر ) أما الابن فلكونه مباشرا لعتقه ، وأما العبد المعتق فلكونه مولى أب الابن وقد انجر الولاء من مولى الأم إليه.

( فلو مات الأب فميراثه لابنه ) دون مولاه الذي لا يرثه إلا مع عدم النسب.

( فان مات الابن ولا مناسب له ) أصلا ( فولاؤه لمعتق أبيه ) الذي هو عتيق الابن.

( وإن مات ) العبد ( المعتق ولا مناسب له فولاؤه للابن الذي باشر عتقه ) لأن الولاء لمن أعتق.

( ولو ماتا ) معا ( ولم يكن لهما مناسب قال الشيخ ) في المحكي من مبسوطة ( يرجع الولاء إلى مولى الأم ) لأنه إنما انجر منه إلى مولى الأب ، لكونه أولى منه ، فلم ينقطع رأسا ( وفيه تردد ) من ذلك ومن الأصل وغيره.

وفي القواعد « الأقرب العدم » بل عن المبسوط قبل ذلك الاعتراف به ، وحينئذ يكون الميراث للضامن ثم للإمام عليه‌السلام لكن قد عرفت فيما مضى أن الأول لا يخلو من قوة ، والله العالم.

( القسم الثاني )

( ولاء تضمن ) الشخص ( الجريرة )

( و ) هي الجناية ولا خلاف نصا (١) وفتوى في مشروعيته بل الإجماع بقسميه على أن ( من توالى ) وركن ( إلى أحد )

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ضمان الجريرة.

٢٥٤

برضاه فاتخذه وليا يعقله و ( يضمن حدثه ويكون ولاؤه له صح ذلك ويثبت به الميراث ) بل كان الميراث في الجاهلية وصدر الإسلام بذلك ثم نسخ بآية المهاجرة (١) ثم نسخت بآية الأرحام (٢) وبقي هذا الفرد منه على شرعه الأصلي ، بل ظاهر الأصحاب أنه من العقود المعتبر فيها الإيجاب والقبول ، بل قيل : إن كان أحدهما لا وارث له كان الإيجاب من طرفه ، فيقول : « عاقدتك على أن تنصرني وتمنع عني وتعقل عني وترثني » فيقول الآخر : « قبلت » وإن كانا معا لا وارث لهما قال أحدهما : « عاقدتك على أن تنصرني وأنصرك ، وتمنع عني وأمنع عنك ، وتعقل عني وأعقل عنك ، وترثني وأرثك » فيقول الآخر : « قبلت » وعلى هذا الفرد ينزل ما عن المحقق الثاني من أن صورة عقد الضمان على ما ذكره بعض الأصحاب أن يقول أحد المتعاقدين : « دمك دمي ، وثارك ثاري ، وحربك حربي ، وسلمك سلمي ، وترثني وأرثك » فيقول الآخر : « قبلت » ضرورة عدم اعتبار التوارث والعقل فيه من الطرفين كضرورة عدم اعتبار ما زاد على العقل والإرث فيه ، بل قد يقال بكفاية أحدهما عن الآخر ، خصوصا العقل ، فان النصوص كالصريحة في الاكتفاء به في العقد في استحقاق الميراث ، بل ظاهرها كون الميراث من الأحكام المترتبة على ذلك.

قال الصادق عليه‌السلام في خبر ابن سنان (٣) : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في من أعتق سائبة أنه لا ولاء لمواليه عليه فان شاء توالى إلى رجل من المسلمين فليشهد أنه ضمن جريرته وكل حدث يلزمه ، فإذا فعل ذلك فهو يرثه ».

__________________

(١) سورة الأنفال : ٨ ـ الآية ٧٢.

(٢) سورة الأنفال : ٨ ـ الآية ٧٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ـ الحديث ١٢.

٢٥٥

وقال الحذاء (١) : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أسلم فتوالى رجلا من المسلمين قال : إن ضمن عقله وجنايته ورثه ».

وفي‌ خبر ابن سنان (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في من كاتب عبدا أن يشترط ولاؤه إذا كاتبه ، وقال : إذا أعتق المملوك سائبة أنه لا ولاء لأحد عليه إن كره ذلك ، ولا يرثه إلا من أحب أن يرثه ، فإن أحب أن يرثه ولي نعمة أو غيره فليشهد رجلين بضمان ما ينوب لكل جريرة جرها أو حدث ».

إلى غير ذلك من النصوص الظاهرة في تحقق العقد بمجرد إنشاء ضمان الجريرة والحدث ، وأنه حينئذ يترتب عليه الميراث.

نعم ظاهرها اعتبار الاشهاد فيه ، إلا أني لم أجده لأحد من الأصحاب وإن تقدم في ولاء العتق عن بعضهم ما يستأنس به لذلك.

كما أنه لم نجد تصريحا في شي‌ء من النصوص بالاكتفاء في العقد بصورة العكس ، بأن يتعاهدا على الإرث من غير تعرض للجريرة ، ويترتب عليه حينئذ ضمانها وإن كان هو غير بعيد ، كما أنه لم يبعد عدم اعتبار الإيجاب فيه من طرف خاص في الفرد الأول أيضا ، بل هو كالصلح يصح من كل منهما.

نعم يعتبر فيه جمع الأمرين ، فلو تراضيا على الإرث دون العقل أو بالعكس لم يصح ، للأصل وغيره.

وهل يعتبر اتحاد الضامن والمضمون؟ وجهان ، أقواهما العدم ، لإطلاق الأدلة ، فيجوز ضمان الواحد للأكثر بعقد واحد وبالعكس ، فيشتركون حينئذ في عقله وميراثه ، بل لا يبعد جواز ذلك على الترتيب‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ـ الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٣ ـ من كتاب العتق ـ الحديث ٣.

٢٥٦

بمعنى أنه يتولى شخصا ثم إنه يتولى آخر وإن كان لا يخلو من إشكال.

كما أنه لا يخلو الحكم بكونه عقدا على وجه يعتبر فيه ما يعتبر في العقود اللازمة من الألفاظ المخصوصة والعربية والمقارنة بين الإيجاب والقبول وتقديم الأول ونحو ذلك من إشكال أيضا ، خصوصا بعد التصريح من بعض والظهور من آخر بعدم اعتبار شي‌ء فيه من ذلك.

ومن هنا لم يتعرضوا لألفاظ إيجابه وقبوله ، ولم يراعوا اشتقاقها من لفظه وما يقرب منه ، كما هي عادتهم في العقود سيما اللازمة التي هذا منها على المشهور منهم شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا ، مستدلين عليه بأصالته وعموم ( أَوْفُوا ) (١) وغير ذلك.

بل عن ظاهر السرائر الإجماع عليه ، بل لم يحك الخلاف فيه إلا عن الخلاف والوسيلة ، وأنه مال إليه في المختلف ، مع أن المنقول من عبارة مختصر الأول أنه قال : « ولاء الموالاة عندنا جائز ، ومعناه أن يسلم رجل على يد رجل ويواليه ، وله أن ينقل ولاءه إلى غيره ما لم يعقل عنه أو عن أحد أولاده الذين كانوا صغارا » وكأنه غير ما نحن فيه.

بل لم نجد تصريحا من أحد بجريان الإقالة فيه كغيره من العقود ولا باشتراط الخيار ولا بغير ذلك مما يجري في العقود اللازمة ، فلا يبعد إرادة من أطلق العقد عليه كونه كالعقد في الإنشائية المشتركة من شخصين ، وإلا فهو أشبه شي‌ء في الأسباب والمسببات وإن كانت كيفية السبب فيه مركبة من رضا الطرفين.

ولعله لذا لم يذكر المصنف رحمه‌الله وجماعة كونه من العقود بل اكتفى بما سمعته من العبارة الظاهرة في تحققه بكل ما يتحقق به التوالي المخصوص من غير اعتبار لفظ فضلا عن أن يكون مخصوصا ، فيكفي‌

__________________

(١) سورة المائدة : ٥ ـ الآية ١.

٢٥٧

فيه حينئذ العقل المقترن بما يدل على ذلك ، ولا يكون حكمه حكم المعاطاة في غيره من العقود.

وعلى كل حال فالظاهر جريان الوكالة فيه ، بل الظاهر جواز اتحاد الموجب والقابل فيه مع الوكالة أو الولاية بوصاية أو حكومة فضلا عن جواز إيقاعه من الوصي والحاكم عمن لهم الولاية عليه ضامنية أو مضمونية مع مراعاة المصلحة ، بل الظاهر جريان الفضولية فيه وإن لم نقل بكونه عقدا بناء على جريانها في الأعم منه.

وهل يجري بين المسلم والكافر على أن يكون المسلم الضامن والكافر المضمون؟ إشكال من إطلاق الأدلة ، ومن كونه موادة ومن نفي الموالاة بينهما وغير ذلك.

أما العكس فالظاهر عدم جوازه ، لكونه سبيلا ، ولعموم ما دل (١) على عدم إرثه المسلم ونفي التوالي بينهما. نعم لا بأس به بين الكافرين.

وعلى كل حال فقد ظهر لك أن حكم التوالي المزبور الإرث والعقل ( لكن لا يتعدى ) ذلك ( الضامن ) إلى أولاده وغيرهم ، كما أنه لا يرث المضمون الضامن إلا إذا كانا متضامنين بلا خلاف يعتد به أجده في شي‌ء من ذلك ، بل عن الغنية الإجماع عليه في الأول.

وما عن المقنعة من أنه « إذا أسلم الذمي وتولى رجلا مسلما على أن يضمن جريرته ويكون ناصره كان ميراثه له ، وحكمه حكم السيد مع عبده إذا أعتقه » لا صراحة فيه بالانتقال ، بل ولا ظهور وإنما مراده حكمه بالنسبة إليه نفسه في الإرث والعقل لا مطلقا ، ضرورة كون الإرث والضمان أمرين التزمهما شخص على نفسه ، فلا ينتقلان إلى غيره بغير رضا ولا عقد ، كما هو الشأن في الإرث بالإمامة والزوجية ، فإنه لا يتعدى‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب موانع الإرث.

٢٥٨

عنهما إلى غيرهما من ورثتهما ، كما هو واضح.

ودعوى كونه حقا له فينتقل إلى وارثه يدفعها منه كونه كذلك ، خصوصا وإرثه مشروط بعقله الذي لا يكلف به إلا من التزم به لا غيره من ورثته ، وقياسه على ولاء العتق محرم عندنا.

( و ) كيف كان فـ ( ـلا ) يصح أن ( يضمن إلا سائبة لا ولاء عليه ، كالمعتق في الكفارات والنذور ) أو المتبرئ من ضمانه ( أو حر ) بالأصل ( لا وارث له ) مناسب ( أصلا ) بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل النصوص دالة عليه أيضا ، ضرورة ظهورها أو صراحتها في تأخر هذه المرتبة من الإرث عن الإرث بالنسب وولاء العتق ، فان ضمن حينئذ ذا الوارث وله مولى كان ضمانه باطلا وإن فقده بعد ذلك ، أما لو ضمنه مجردا كما لو لم يكن للمضمون ولد مثلا حال الضمان ثم ولد له بعد ذلك ففي بطلان العقد أو بقائه مراعى وجهان من استصحاب صحته ، ومن دعوى ظهور الدليل في شرطية عدم الوارث ابتداء واستدامة.

ولعل قول المصنف وغيره ( ولا يرث هذا إلا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق ) مشعر بذلك ، ضرورة ظهوره في ترتب الاستحقاق المقتضي لتحقق الأسباب ، بل قيل : إنهم قد صرحوا في العقل أنه لو فضل على المنعم شي‌ء كان على ضامن الجريرة ، إلا أن الانصاف عدم خلو الأول من قوة.

( و ) على كل حال فـ ( ـهو ) أي الضامن بعد إحراز ما عرفت ( أولى من الامام عليه‌السلام ) بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه عليه ، بل ( و ) المعتبرة (١) صريحة فيه. نعم‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة.

٢٥٩

( يرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الأعلى ) لعموم الأدلة وخصوصها.

( فإذا عدم الضامن ) أو لم يكن له ضامن ولا زوج أو زوجة بناء على الرد عليهما ( كان ) ميراثه من الأنفال التي هي ( للإمام عليه‌السلام ) (١) الذي هو ( وارث من لا وارث له ) نصا (٢) وإجماعا بقسميه.

وقول الصادق عليه‌السلام في خبر أبي بصير (٣) : « السائبة ليس لأحد عليها سبيل ، فان والى أحدا فميراثه وجريرته عليه ، وإن لم يوال أحدا فهو لأقرب الناس ، لمولاه الذي أعتقه » غير ثابت أو محمول على تبرعه عليه‌السلام بحقه أو غير ذلك ، لقصوره عن معارضة غيره ، بل لم نعثر على عامل به.

كما أنه لم نعثر على عامل بالنصوص القاصر أكثر أسانيدها المشتملة على أن إرثه لبيت المال (٤) وفي بعضها لبيت مال المسلمين (٥) الموافقة للعامة إلا الإسكافي والشيخ في محكي الإستبصار ، فلتطرح أو تحمل على التقية ، أو على أن المراد ببيت المال وإن أضيف إلى المسلمين مال الامام عليه‌السلام بقرينة الأخبار الأخر (٦) وما عن جماعة من شيوع إطلاق بيت المال وإرادة بيت مال الامام عليه‌السلام.

قيل : ويشير إليه ما عن الخلاف هنا « ميراث من لا وارث له ينتقل إلى بيت المال ، وهو للإمام عليه‌السلام خاصة ، وعند جميع الفقهاء‌

__________________

(١) وفي الشرائع « كان الامام وارث. ».

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ـ الحديث ٦.

(٤) المستدرك ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة ـ الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة الحديث ٩.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة.

٢٦٠