جواهر الكلام - ج ٣٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

وبالتأمل فيما ذكرناه يسقط ما أطنب به في المسالك في تأييد القول الأول ، بل يظهر أن ذلك أقوى منه وإن قل القائل به فتأمل جيدا.

( و ) كيف كان فهذا كله في ميراث الأعمام ، وأما الأخوال فحكمهم كذلك في أكثر ما سمعته ، فـ ( ـلو انفرد الخال كان المال له ) لانحصار الأولوية فيه ( وكذا الخالان والأخوال ) في كون المال لهما أو لهم ( وكذا الخالة والخالتان والخالات ).

( ولو اجتمعوا ) ذكورا وإناثا وكان جهة قرابتهم متحدة ( فالذكر والأنثى سواء ) سواء كانوا جميعا لأب وأم أو لأب أو لأم بلا خلاف أجده فيه إلا ما عساه يشعر به ما عن المقنع من نسبته للفضل لأصالة التسوية ، وخصوصا في قرابة الأم ، وخصوصا في المقام الذي هو نحو الاخوة من الأم ، لأن تقربهم إلى الميت بالأخوة بالأم ، فلا فرق حينئذ بين كونهم لأبيها وأمها ( و ) بين كونهم لأمها.

نعم ( لو افترقوا ) بأن ( كان ) بعضهم لأب وأم وبعضهم لأم فـ ( ـلمن تقرب بالأم ) منهم ( السدس إن كان واحدا ، والثلث إن كان أكثر الذكر والأنثى فيه سواء ، والباقي للخؤولة من الأب والام بينهم للذكر مثل حظ الأنثى ) أيضا لما عرفت من أصالة التسوية والتقرب بالأم.

ولا يشكل ذلك بأن مقتضى الأخير قسمة الجميع بالسوية ، لا اختصاص قرابة الأم منهم بالسدس أو الثلث والباقي لقرابة الأبوين ، لأنه لا تلازم بين الأمرين ، على أن مقتضى‌ قوله عليه‌السلام (١) : « يرثون نصيب من يتقربون به » معاملتهم معاملة الوارث له ، ولا ريب في كون قسمتهم ذلك لو كانوا هم الورثة ، نعم كان قرابة الأب بالتفاوت ، لكن يمكن هنا ترجيح أصالة التسوية وقرابة الأم على خصوص ذلك ،

__________________

(١) لم يرد بهذا اللفظ حديث ، وانما هو اقتباس من خبر أبي أيوب الآتي في ص ١٨٢.

١٨١

فلا إشكال حينئذ من هذه الجهة ، كما أنهما رجحا معا في الأعمام للأم في صورة الاجتماع على الأصح والافتراق بلا خلاف ، كما عرفت.

فإشكال بعض متأخري المتأخرين في ذلك ـ حتى قال : إن الاولى الصلح بل قال : إنه يشكل ما ذكره المصنف ( و ) غيره من أنه ( يسقط الخؤولة من الأب إلا مع عدم الخؤولة من الأب والام ) فإنهم حينئذ يقومون مقامهم ، لتقرب الجميع بالأم وعدم مدخلية الأب ، ولذا اقتسموا بالسوية ـ في غير محله خصوصا في الأخير ، لعموم‌ قوله عليه‌السلام (١) : « أعيان بني الأم أقرب من بني العلات ».

بل لا ينكر استفادة ذلك على جهة القاعدة في جميع الأرحام من النص والفتوى ، مضافا إلى قاعدة الأقرب وإلى أنه من لوازم معاملتهم معاملة الورثة لنصيب من يتقربون به ، لأنه هو معنى‌ قوله عليه‌السلام (٢) : « يرثون نصيب من يتقربون به » كما أوضحناه سابقا.

( و ) كيف كان فـ ( ـلو اجتمع الأخوال والأعمام كان للأخوال الثلث وكذا لو كان واحدا ذكرا كان أو أنثى ) لأب وأم أو لأم ( وللأعمام الثلثان ، وكذا لو كان واحدا ذكرا أو أنثى ) على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة ، لاستفاضة النصوص أو تواترها في ذلك.

وقال الصادق عليه‌السلام في خبر أبي أيوب (٣) : « إن في كتاب علي عليه‌السلام أن العمة بمنزلة الأب والخالة بمنزلة الأم ، وبنت الأخ بمنزلة الأخ ، وكل ذي رحم فهو بمنزلة الرحم الذي يجر به إلا أن يكون هناك وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه ».

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ـ الحديث ٣.

(٢) لم يرد بهذا اللفظ خبر ، وانما يستفاد ذلك مما ورد في خبر أبي أيوب الآتي.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ـ الحديث ٩.

١٨٢

ولا ريب في أن من تقرب به الخال والخالة الأم ، ونصيبها الثلث ومن تقرب به العم والعمة الأب ، ونصيبه الثلثان ، ولو لوحظ كون جهة القرب الاخوة من حيث هي ولو باعتبار كون العم أخا أب الميت والخال أخا أم الميت كان المتجه حينئذ تنزيل الأب منزلة الأخ والأم منزلة الأخت ونصيبهما أيضا الثلثان والثلث ، فتأمل جيدا فإنه لا يخلو من دقة.

وكيف كان فما عن ابن زهرة والكيدري والمصري وظاهر المفيد وسلار ـ من أن للخال والخالة السدس إن اتحد والثلث إن تعدد وأن للعمة النصف ، بل في الروضة والرياض أو العم حتى يكون الباقي ردا عليهم أجمع أو على خصوص قرابة الأب ـ واضح الفساد ، بل هو كالاجتهاد في مقابلة النص من دون داع حتى الاعتبار ، ضرورة كونهم إخوة لأب الميت وأمه لا له ، على أن تنزيل العم منزلة الأخ لا يقضي بأن له النصف ، لأنه ليس صاحب فرض ، فلا وجه للرد عليه ، ولعله اشتباه من الناقل وإلا ففي كشف اللثام اقتصر على العمة ، فلاحظ وتأمل.

وعلى كل حال ( فان كان الأخوال مجتمعين ) في جهة القرابة ( فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثى ، ولو كانوا متفرقين فلمن تقرب بالأم سدس الثلث إن كان واحدا ، وثلثه إن كان أكثر بينهم بالسوية ، والباقي لمن يتقرب بالأب والأم ) من الخؤولة بينهم بالسوية أيضا ، نحو ما سمعته في صورة الانفراد عن الأعمام ، لما عرفته من الأدلة السابقة المعتضدة بعدم الخلاف المعتد به في شي‌ء من ذلك هناك وهنا إلا ما حكاه الشيخ على ما قيل في خلافه عن بعض الأصحاب من قسمة المتقرب بالأبوين أو بالأب من الخؤولة هنا بالتفاوت للذكر مثل حظ الأنثيين.

بل في كشف اللثام حكايته عن القاضي أيضا ، لتقربهم بالأب ، ولأنهم لو كانوا وارثين لاقتسموا كذلك فيعاملون معاملتهم ، ولأنه كالقسمة‌

١٨٣

بالسوية في العمومة للأم.

لكن قد عرفت ما يدفع ذلك كله من قوة ملاحظة جانب الأمومة في المقامين وأصالة التساوي وغير ذلك.

( و ) على كل حال فـ ( ـللأعمام ما بقي ) وهو الثلثان وقسمتهما بينهم كالانفراد أيضا ( فإن كانوا من جهة واحدة فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ) مطلقا عند المصنف وجماعة ، والأصح القسمة بالتساوي إن كانوا لأم ، كما عرفت البحث فيه سابقا.

( ولو كانوا متفرقين فلمن تقرب منهم بالأم السدس إن كان واحدا والثلث إن كانوا أكثر بينهم بالسوية ، والباقي ) من خمسة أسداس الثلثين أو ثلثيه ( للأعمام من قبل الأب والأم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، ويسقط من يتقرب بالأب منفردا إلا مع عدم من يتقرب بالأب والأم ) كما عرفت ذلك كله ودليله فيما تقدم.

( ولو اجتمع عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الأم وعمتها وخالها وخالتها قال في النهاية ) ومحكي المهذب وتبعهما المشهور ( كان لمن يتقرب بالأم الثلث ) لأنه نصيب الأم التي يتقربون بها ( بينهم بالسوية ) لاشتراك الكل في التقرب بها ، ولأصالة التسوية ( ولمن تقرب بالأب الثلثان ، ثلثهما لخال الأب وخالته ) لإطلاق النص (١) بأن للخؤولة الثلث ( بينهما بالسوية ) لأصالتها والتقرب بالأم ( وثلثاهما بين العم والعمة بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ) إن كانا معا لأب إجماعا أو لأم عند المصنف لإطلاق النص (٢) وقاعدة التفضيل وغيرهما ، وفيه ما عرفته سابقا.

( فيكون أصل الفريضة ثلاثة ) لأنها أقل عدد ينقسم ثلثين وثلث ،

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.

١٨٤

إلا أن كلا من الثلثين والثلث ( ينكسر على الفريقين ) وإنما الذي يصح لقرابة الأب ثمانية عشر ، لأنه أقل عدد له ثلث له نصف ولثلثيه ثلث ( فتضرب ) عدد سهام أقرباء الأم وهي ( أربعة في تسعة ) التي هي نصف سهام أقرباء الأب أو بالعكس ( تصير ستة وثلاثين ، ثم تضربها ) أي الستة وثلاثين ( في ثلاثة ) التي هي أصل الفريضة ( فتصير مائة وثمانية ) تقسم عليهم جميعا صحيحة نحو الأجداد الثمانية.

لكن قد يشكل ذلك بأن المتجه أيضا قسمة الثلث سهم الأم على قرابتها أثلاثا ، نحو ثلثي الأب لعمها وعمتها ، ثلثا الثلث بالسوية ، وثلثه لخالها وخالتها كذلك ، لإطلاق النصوص (١) بالقسمة أثلاثا بين الأعمام والأخوال ، ومن هنا جزم به المحقق الطوسي ، فهي كمسألة الأجداد على مذهب معين الدين المصري ، وتصح حينئذ من أربعة وخمسين.

لكن فيه منع صدق عم الأم وعمتها على عم الميت وعمته ، والنصوص في الثاني لا الأول ، بخلاف عم الأب وعمته ، فإنهم يصدق عليهم أعمام الميت.

وبذلك يعرف ما في القول الثالث من أن للأخوال الأربعة الثلث بالسوية وللأعمام الأربعة الثلثان ، لنصوص (٢) الأعمام والأخوال ، ثم ثلث الثلثين لعم الأم وعمتها بالسوية ، وثلثاهما لعم الأب وعمته أثلاثا ، وتصح أيضا من مائة وثمانية وإن استظهره ما في كشف اللثام ، ضرورة ابتنائه على الصدق الذي قد عرفت منعه اللهم إلا أن يقال : إن حقيقة العمومة الإخوة للأب من طرف الأم أو الأب وحقيقة الخؤولة الاخوة للام من طرف الأب والأم أيضا ، وحينئذ يتجه الصدق على الجميع.

وفيه أنه مع التسليم معارض بقاعدة إرث كل ذي رحم نصيب من‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.

١٨٥

يتقرب به ، ولا ريب في تقرب أربعة الأب به والأم بها إن كان بعضهم أعماما وأخوالا ، فلا محيص عن شركة الخال والخالة للأب العم والعمة له ، كما لا محيص عن شركة عم الأم وعمتها لخالها وخالتها.

ومن هنا أفتى المشهور بما عرفت ، إلا أنهم لاحظوا التساوي في قرابة الأم لأصالته ، خصوصا فيهم بخلاف قرابة الأب ، فعاملوها معاملة الوارث لنصيب الأب ، فتأمل جيدا.

هذا والظاهر تقييد عبارة المصنف بما إذا اجتمع هؤلاء وكان جهة قرابتهم متحدة ، وإلا فلا ريب في اختلاف القسمة مع فرض اختلاف جهة العم والعمة وجهة الخال والخالة من الأب ، بل والأم أيضا في قول ، فيكون للعمة أو العم من قبل الأم السدس من ثلثي الثلثين والباقي للآخر ، وللخال أو الخالة من الأم ذلك أيضا من ثلث الثلثين والباقي للآخر ، وكذا في الأم.

ومنه يعلم الحال في حكم الستة عشر ، وهو ما لو اجتمع عم الأب وعمته من الأبوين ومثلهما من الأم ، وخاله وخالته من الأبوين ومثلهما من الأم ، وعم الأم وعمتها من الأبوين ومثلهما من الأم ، وخالها وخالتها من الأبوين ومثلهما من الأم ، فإنه يكون للثمانية من قبل الأم الثلث ثلثاه لأعمامها الأربعة ، ثلثهما لمن تقرب منهما بالأم بالسوية ، على المشهور ، وثلثاهما لمن تقرب بالأبوين بالتفاوت أو بالسوية ، وثلث الثلث للأخوال الأربعة ، ثلثه لمن تقرب منهما بالأم بالسوية ، والثلثان لمن تقرب بالأبوين بالتفاوت أو بالسوية ، ولعل هذا هو الأظهر.

ويحتمل قسمة الثلث أثمانا ، والذكر والأنثى سواء ، لتقرب الجميع بالأم ، ويحتمل أن يكون ثلث الثلث للأخوال بالسوية ، وثلثاه لأعمامها كذلك ، للتقرب بالأم ، ويحتمل قسمة الثلث نصفين اعتبارا بالسبب دون‌

١٨٦

الرؤوس ، نصفه للأخوال إما على التفاوت أو التسوية على الاحتمالين ، ونصفه لأعمامها كذلك على الاحتمالين.

وقد تحصل من ذلك أن الثلث الذي لقرابة الأم فيه احتمالات ثلاثة ( أحدها ) : قسمته بينهم على عدد الرؤوس بالسوية. و ( ثانيها ) : تنصيفه بين قبيلي العمومة والخؤولة. و ( ثالثها ) : قسمته بين القبيلين أثلاثا ، وكل من الاحتمالين الأخيرين يحتمل احتمالين : الأول : قسمة نصيب كل قبيل من النصف أو الثلث أو الثلثين على الرؤوس ، والثاني قسمته عليهم أثلاثا.

وأما الثلثان من أصل المال فلقرابة الأب ، ثلثهما لخؤولة الأب أثلاثا بينهم ، لتقربهم بالأب ، ثلثه للخال والخالة من قبل أمه بالسوية ، وثلثاه لخاله وخالته من الأبوين كذلك على المشهور ، وثلثا الثلثين للعمتين أثلاثا ثلثه للعم والعمة من قبل الأم بالسوية على المشهور ، وثلثاه للعم والعمة من قبل الأب أثلاثا قولا واحدا.

فعلى تقدير قسمة نصيب قرابة الأم ثمانية تصح من ستمائة وثمانية وأربعين وكذلك على التنصيف على القبيلين ، وقسمة نصيب كل قبيل على عدد الرؤوس.

وأما على تقدير قسمته أثلاثا فتصح من ثلاثمائة وأربعة وعشرين ، وكذلك إن قسم الثلث على القبيلين أثلاثا ثم نصيب كل قبيل على عدد الرؤوس ، وأما لو قسمه أي نصيب كل قبيل أثلاثا أيضا فتصح من مائة واثنين وستين.

١٨٧

( مسائل خمس : )

( الأولى )

قد عرفت فيما تقدم ترتب الأرحام الذين هم من حواشي النسب فـ ( ـعمومة الميت وعماته وأولادهم وإن نزلوا وخؤوله وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أحق بالميراث من عمومة الأب وعماته وخؤوله وخالاته ، وأحق من عمومة الأم وعماتها وخؤولها وخالاتها ، لأن عمومة الميت وخؤولته أقرب ) اليه وكل أقرب أولى من الأبعد كتابا (١) وسنة (٢) وإجماعا.

( وأولادهم يقومون مقامهم ( والأولاد يقومون مقام آبائهم خ ل ) ) على أن ابنة الخالة مثلا من ولد الجدة ، وعمة الأم مثلا من ولد جدة الأم ، وولد جدة الميت أولى بالميراث من ولد جدة أم الميت ( فـ ) ـما عن الحسن من تشريك عمة الأم وابنة الخالة واضح البطلان.

نعم ( إذا عدم عمومة الميت وعماته وخؤوله وخالاته وأولادهم وإن نزلوا قام مقامهم عمومة الأب وعماته وخؤوله وخالاته وعمومة أمه وعماتها وخؤولتها وخالاتها وأولادهم وإن نزلوا ) يقومون مقامهم مرتبين أيضا على قاعدة أولوية الأقرب من الأبعد ، وكون الخؤولة والعمومة صنفا واحدا لأنهم أولى من عمومة الجد والجدة وخؤولتهما وأولادهم ( وهكذا ) الكلام في أب الجد وجده.

__________________

(١) سورة الأنفال : ٨ ـ الآية ٧٥ وسورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب موجبات الإرث.

١٨٨

وكذلك ( كل بطن منهم وإن نزل أولى من البطن الأعلى ) كما قدمنا ذلك كله ودليله مع أنه واضح ، والله العالم.

المسألة ( الثانية : )

قد عرفت أن ( أولاد العمومة ) والعمات يقومون مقام آبائهم عند عدمهم وعدم من هو في درجتهم من الأخوال ، وأنه لا يرث ابن عم مع خال وإن تقرب بسببين والخال بسبب ، ولا ابن خال مع عم وإن تقرب بهما فضلا عن العم والخال إلا في المسألة الإجماعية ، بل الأقرب إن اتحد سببه أولى بالميراث من الأبعد وإن تكثر سببه.

خلافا لما عساه يظهر من عبارتي المقنع والمقنعة السابقتين ، ولما عن أبي علي من التصريح بأن لابن الخال إذا اجتمع مع العم الثلث وللعم الثلثين ، ولعله بناء على أن العمومة والخؤولة صنفان ، وقد عرفت فساده فيما تقدم ، وعرفت أيضا أن لهم نصيب من يتقربون به كأولاد الاخوة والأخوات والبنين والبنات.

ولذا كان ( أولاد العمومة المتفرقين يأخذون نصيب آبائهم ، فبنوا العم للأم لهم السدس ، ولو كانوا بني عمين للأم كان لهم الثلث ) بالسوية وإن اختلفوا ذكورة وأنوثة ، لما عرفته سابقا ، خلافا لما عن الفضل والصدوق من إطلاق أن لولد العمة الثلث ولولد العم الثلثين ( والباقي لبني العم أو العمة أو لبني العمومة أو العمات للأب والأم ) أو للأب عند عدمهم للذكر ضعف الأنثى إذا كانوا أولاد عم واحد أو أكثر أو عمة كذلك ، لأنه إذا اجتمع ابن عم وابنة عم آخر كان لابن العم الثلثان‌

١٨٩

ولابنة العم الآخر الثلث بلا خلاف أجده فيه هنا ( وكذلك البحث في بني الخؤولة ).

ولو اجتمع أولاد العم وأولاد الخال فلأولاد الخال الثلث لواحد كانوا أو أكثر ، ولأولاد العم الباقي ، كما إذا اجتمع الأعمام والأخوال حتى أنه يأتي فيهم ما سمعته من القول هناك ، فيكون لولد الخال السدس إن اتحد الخال والثلث إن تعدد.

ثم إن اتفقوا في الجهة تساووا في القسمة وإلا كان المنتسب إلى الأم بالنسبة إلى المنتسب إلى الأب أو الأبوين مثل كلالة الأم بالنسبة إلى كلالة الأب أو الأبوين.

ففي المثال حينئذ سدس الثلث لأولاد الخال أو الخالة للأم بالسوية إن اتحد الخال أو الخالة ، وثلثه لأولاد المتعدد ، لكل قبيل نصيب من يتقرب به بالسوية ، وباقي الثلث لولد الخال أو الخالة اتحد أو تعدد للأبوين أو للأب ، لكل نصيب من يتقرب به بالسوية ، وسدس الثلثين لأولاد العم أو العمة للأم ، للذكر مثل الأنثى إن اتحد من تقربوا به ، وثلثهما لأولاد المتعدد ، ولكل نصيب من يتقرب به للذكر مثل الأنثى ، والباقي لأولاد العم أو العمة أو لهما للأبوين أو للأب ، لكل نصيب من يتقرب به ، للذكر ضعف الأنثى.

ولو اجتمع أولاد خال وخالة وعم وعمة كان لأولاد الخال والخالة الثلث بالسوية ، ولأولاد العمة ثلث الثلثين. والباقي لأولاد العم ، وخالف الحسن ، فأعطى أولاد الخال والخالة الثلث بالسوية وأولاد العم الثلث ، للذكر ضعف ما للأنثى ، ولأولاد العمة الثلث الباقي أيضا للذكر ضعف ما للأنثى.

١٩٠

المسألة ( الثالثة : )

( إذا اجتمع للوارث ) بالنسب أو السبب ( سببان فان لم يمنع أحدهما الآخر ورث بهما ) اتحد النوع كما في جد لأب هو جد لأم أو تعدد كعم هو خال و ( مثل ابن عم لأب هو ابن خال لأم ) وذلك بأن يتزوج أخو الشخص من أبيه بأخته من أمه ، فهذا الشخص بالنسبة إلى ولد هذين الزوجين عم ، لأنه أخو أبيه ، وخال لأنه أخو أمه ، وابنه ابن عم لأب هو ابن خال لأم.

هذا ( و ) السببان إما أن يكونا نسبيين نحو ما ذكرنا أو سببيين كمعتق أو ضامن هو زوج أو زوجة أو مختلفين ( مثل زوج هو ابن عم ) أو ابن خال ( أو بنت عم هي زوجة ).

( و ) أما ( مثل عمة لأب هي خالة لأم ) فهو من تعدد النسبين ، نحو عم هو خال ، بل مثالهما متحد مع فرض تبديل الذكر بالأنثى.

وقد يتشعب النسب فتكثر جهات الاستحقاق ، كجد جد لأب هو جد جد لأم هو جد جدة له وجد جدة لها ، وكابن ابن عم هو ابن ابن خال هو ابن بنت عمة له وابن بنت خالة لها.

( و ) على كل حال فـ ( ـان منع أحدهما الآخر ورث من جهة المانع ، مثل ابن عم هو أخ ) لأم ، ومعتق هو ضامن أو إمام ، وابن ابن عم هو ابن ابن خال هو ابن بنت بنت عمة وابن بنت بنت خالة ( فإنه يرث بالأخوة خاصة ) مثلا في الأول ، وبولاء العتق في الثاني ، وببنوة العم والخال في الثالث ، إذ تعدد السبب كتعدد الوارث.

١٩١

ومن هنا لم يحجب المتوصل بالأكثر المتوصل بالأقل إذا كان في درجته ، بل يشاركه من حيث اتفقا وان لم يزاحمه من حيث افترقا ، فلو كان مع العم الذي هو خال خال فكخالين مع عم ، أو عم فكعمين مع خال ، أو هما فكعمين وخالين.

نعم خرج من ذلك المتقرب بالأب والأم بالنسبة إلى حجبه المتقرب بالأب خاصة في جميع الحواشي ولو واحدا أنثى مع الذكور المتعددين بشرط اتحاد القرابة وتساوي الدرج ، حتى في مثل المقام الذي لو فرض فيه عم للأبوين مع العم الذي هو الخال فإنه يمنعه أيضا من جهة العمومة وتبقى جهة الخؤولة خاصة.

وكأن ذلك كله للدليل ، لا لأن تعدد السبب يقتضي أقربيته كي يندرج تحت قاعدة الأقرب ، مع احتماله ، ويكون الخارج للدليل ، والأمر سهل ، والله العالم.

المسألة ( الرابعة : )

( إذا دخل الزوج ) أو الزوجة ( على الخؤولة والخالات والعمومة والعمات كان للزوج أو الزوجة النصيب الأعلى ) وهو النصف والربع بلا خلاف ولا إشكال.

( ولمن تقرب بالأم ) من الخؤولة اتحد أو تعدد ذكرا أو أنثى اجتمعوا أو افترقوا ( نصيبه الأعلى من أصل التركة ) وهو الثلث الذي هو نصيب الام لو لم يكن زوج أو زوجة أو كان ، لانه انتقل إلى من تقرب بها ولم يدخل نقص عليها بالزوج أو الزوجة فكذا من تقرب بها.

١٩٢

نعم قسمتهم مع الافتراق سدس الثلث لقرابة الأم إن اتحد ، والثلث إن تعدد ، والباقي لقرابتها من الأبوين أو الأب مع عدمها منهما ، والكل يقسمون مالهم بالسوية على الأصح.

( و ) على كل حال فـ ( ـما يبقى ) بعد أخذ الزوج أو الزوجة وقرابة الأم استحقاقهم الذي عرفت ( فهو لقرابة الأب والأم ) من الأعمام والعمات اتحد أو تعدد ، ذكرا كان أو أنثى ، اجتمعوا في جهة القرابة أو افترقوا.

( وإن لم يكن ) قرابة الأب والأم ( فلقرابة الأب ) لأنهم يقومون مقامهم عند عدمهم ، وذلك لأن النص يدخل عليهم بدخول الزوج والزوجة كمن تقربوا به وهو الأب ، فإن نصيبه في الفرض ذلك وهو الذي ينتقل إلى من يجرون به.

فإذا كانت الفريضة ستة وماتت المرأة عن زوج وخؤولة وأعمام فثلاثة منها للزوج ، واثنان لقرابة الأم ، وواحد لقرابة الأب ، وهو سدس الكل ، فإذا فرض تعددهم وافتراقهم بجهة القرابة كان لمن تقرب بالأم منهم سدس السدس إن كان متحدا ، وثلثه إن كان متعددا ، والباقي لمن تقرب بالأبوين أو الأب منهم يقسمونه بالتفاوت.

إنما الكلام فيما لو اجتمع أحد الزوجين مع أحد الفريقين مختلفا في جهة القرابة ، كما لو ترك زوجا وخالا من الأم وخالا من الأبوين مثلا ففي الدروس « قد يفهم من كلام الأصحاب أن للخال للأم سدس الأصل إن اتحد. وثلثه إن تعدد ، كما لو لم يكن هناك زوج ولا زوجة » بل في المسالك « أنه ظاهر كلام الأصحاب ، وعليه ينبغي أن يكون العمل ، ولعله لأن الزوج لا ينقص المتقرب بالأم شيئا حيث وجد المتقرب بالأب ولو من الخؤولة.

١٩٣

وفي قواعد الفاضل والمحكي عن ولده والشهيد أن له سدس الثلث مع اتحاده ، وثلثه مع تعدده ، لأنه هو نصيب الأم المنتقل إلى الخالين ، فيستحق المتقرب منهما بالأم منه سدسه أو ثلثه ، والباقي منه ومن الفريضة للمتقرب بالأبوين منهما ، ومرجعه إلى تنزيل الخالين منزلة الأخوين المتفرقين فيكون للخال من الأم السدس ، والباقي من الثلث ومن الفريضة للمتقرب بالأبوين من الخؤولة.

وفيه أن جهة تقربهم بالأم واحدة ، فليس لهم إلا نصيبها الذي هو قد يكون المال كله ـ كما إذا لم يكن وارث غيرها ـ وقد يكون نصف المال ـ كما إذا كان معها زوج ـ وقد يكون ثلث المال ـ كما إذا كان معها أب ـ فمن تقرب بها يأخذ نصيبها الذي يكون لها لو كانت موجودة في كل فرض ، وما نحن فيه لا ريب في أن نصيبها فيه النصف لو كانت هي الوارثة ، فينتقل إلى من تقرب بها ، ثم هم يقسمونه بينهم على حسب تقربهم إليها ، فمن كان تقربه إليها بالأم أيضا نزل منزلة كلالتها ، فيأخذ من ذلك النصيب السدس أو الثلث ، والباقي يكون لمن تقرب إليها بالأبوين.

وبذلك يظهر أن المتجه في المفروض أن للخال من الأم سدس ما بقي بعد نصيب الزوج ، لأنه هو نصيب الأم المنتقل إلى الخؤولة جميعهم لا سدس الأصل.

وهذا القول وإن اعترف في كشف اللثام بعدم معرفة قائله وحكاه الفاضل في جملة من كتبه وغيره بلفظ القيل لكن لا وحشة مع الحق وإن قل القائل به ، كما لا أنس مع غيره وإن كثر القائل به.

بل المتجه ذلك أيضا في الأعمام ، فيكون للمتقرب منهم بالأم سدس‌

١٩٤

ما بقي بعد نصيب الزوج أو ثلثه ، لا سدس الأصل أو ثلثه وإن قال في الرياض : إنه لا خلاف فيه يظهر ، وبه صرح في المسالك والروضة وغيرهما من كتب الجماعة.

لكن فيه أنه لا يخفى على من لاحظ المقام عدم تحقق إجماع في المسألة لقلة من تعرض لها ، بل في المسالك بعد أن ذكر ما سمعت في الأخوال من الأقوال الثلاثة قال : « ولو كان مع أحد الزوجين أعمام متفرقون فلمن تقرب منهم بالأم سدس الأصل مع اتحاده ، وثلثه مع تعدده ، والباقي للمتقرب بالأب ، وينبغي مجي‌ء القولين الآخرين هنا ، لكنهم لم يذكروا هنا خلافا » وظاهره عدم الإجماع في المسألة ، إذ عدم ذكر الخلاف أعم منه ، كما هو واضح.

( الخامسة : )

( حكم أولاد الخؤولة مع الزوج والزوجة حكم الخؤولة ، فان كان زوج أو زوجة وبنوا أخوال مع بني أعمام فللزوج أو الزوجة نصيب الزوجية ولبني الأخوال ثلث الأصل والباقي لبني الأعمام ) كما لو كان أخوال وأعمام ، لما عرفت من قيام الأولاد مقام آبائهم ، والله العالم.

١٩٥

( المقصد الثاني )

( في مسائل من أحكام الأزواج )

مضافا إلى ما تقدم منها سابقا.

( الأولى : )

( الزوجة ترث ما دامت في حبال الزوج ) وكانت خالية من موانع الإرث السابقة ( وإن لم يدخل بها ) ضرورة صدق اسمها بدونه فيندرج فيما دل على إرثها من الكتاب (١) والسنة (٢) ( وكذا يرثها الزوج ) وإن لم يدخل بها كذلك أيضا ، مضافا إلى الإجماع بقسميه فيهما والنصوص المستفيضة (٣) بالخصوص فيهما ، فالحكم فيهما معا واضح.

نعم يستثنى من ذلك ما لو تزوج المريض ومات في مرضه قبل الدخول بها فإنها لا ترثه كما يأتي الكلام فيه. ( و ) أما في غير ذلك فلا إشكال في التوارث بينهما.

بل ( لو طلقت رجعية توارثا إذا مات أحدهما في العدة ، لأنها

__________________

(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ وغيره ـ من أبواب ميراث الأزواج.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ وغيره ـ من أبواب ميراث الأزواج.

١٩٦

بحكم الزوجة ) بلا خلاف ، بل الإجماع بقسميه عليه ( و ) على أنه ( لا ترث ) المطلقة ( البائن ولا تورث كالمطلقة ) طلقة ( ثالثة والتي لم يدخل بها واليائسة وليس في سنها من تحيض ) لليأس ( والمختلعة والمبارأة ) لانتفاء صدق الزوجة والزوج عليهما فعلا ، مضافا إلى النصوص المستفيضة أو المتواترة فيهما معا.

قال الباقر عليه‌السلام في حسن محمد بن قيس (١) : « فان طلقها الثالثة فإنها لا ترث من زوجها شيئا ولا يرث منها » ولزرارة (٢) : « يرثها وترثه ما دام له عليها رجعة » والصادق عليه‌السلام في حسن الحلبي (٣) : « إذا طلق الرجل وهو صحيح لا رجعة له عليها لم يرثها ولم ترثه ».

نعم قد تقدم في كتاب الطلاق (٤) أنه لو طلقها مريضا ولو بائنا ومات في ذلك المرض ولم تتزوج ورثته هي دونه ما بين الطلاق وفوته في ذلك المرض إلى سنة. وعن النهاية والوسيلة التوارث في العدة إذا كان الطلاق في المرض ، وقد تقدم الكلام فيه هناك.

ولو رجعت المختلعة والمبارأة في البذل في العدة ففي القواعد : « توارثا على إشكال إذا كان يمكنه الرجوع » أي بأن لم يكن تزوج بأختها أو بخامسة ينشأ من ثبوت أحكام البينونة أولا ، فتستصحب إلى ظهور المعارض ، ومن انقلابه رجعيا ، فتثبت له أحكامه التي منها ذلك ، بل لعله كذلك وإن لم يكن له الرجوع للتزويج بالأخت أو الخامسة.

ومنه ينقدح الكلام في الرجعي إذا صار بائنا بالعارض بإسقاط حق‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ٢.

(٤) راجع ج ٣٢ ص ١٥٢.

١٩٧

الرجوع أو غير ذلك ، وكأن دوران الإرث وعدمه على استحقاق الرجوع فعلا وعدمه لا يخلو من قوة ، لكن قد تقدم تحقيق الحال في كتاب الخلع ، فلاحظ وتأمل.

( و ) على كل حال فقد ظهر لك أنه لا مدخلية للموت في العدة وعدمه في الإرث وعدمه ، ضرورة كون ( المعتدة عن وطء الشبهة أو الفسخ ) في عدة ، ولا توارث بينهما قطعا ، خصوصا في الأولى التي هي أجنبية وليست بزوجة ، كما هو واضح.

المسألة ( الثانية )

قد عرفت فيما تقدم أن ( للزوجة مع عدم الولد ) منها ومن غيرها ( الربع ، ولو كن أكثر من واحدة كن شركاء فيه بالسوية ) لأصالتها ( ولو كان له ولد ) منها أو من غيرها ( كان لهن الثمن بالسوية ، وكذا لو كانت واحدة ، لا يزدن عليه ) أو على الربع ( شيئا ) ولو بالرد على الأصح كما تقدم ، من غير فرق في ذلك بين الواحدة والأزيد ، حتى لو كن ثمانيا أو أزيد.

كما لو طلق المريض أربعا وخرجن من العدة ثم تزوج أربعا ودخل بهن ثم طلقهن وخرجت عدتهن ثم تزوج أربعا وفعل كالأول وهكذا إلى آخر السنة ومات قبل بلوغ السنة في ذلك المرض من غير برء ولم تتزوج واحدة من النساء المطلقات ورث الجميع : المطلقات وغيرهن الربع أو الثمن بينهن بالسوية.

١٩٨

المسألة ( الثالثة )

إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخرى ثم ) مات و ( اشتبهت المطلقة في ) الزوجات ( الأول كان للأخيرة ربع الثمن مع الولد ) لمعلومية استحقاقها ذلك ، إذ الفرض كون الاشتباه في غيرها ( والباقي من الثمن بين الأربع بالسوية ) بلا خلاف أجده مما عدا ابن إدريس ، لتعارض الاحتمالين في كل منهن ، فهو كما لو تداعياه اثنان خارجان مع تعارض بينتهما.

ول‌ صحيح أبي بصير (١) سأل الباقر عليه‌السلام « عن رجل تزوج أربع نسوة في عقد واحد أو قال : في مجلس واحد ومهورهن مختلفة ، قال : جائز له ولهن ، قال : أرأيت إن هو خرج إلى بعض البلدان فطلق واحدة من الأربع وأشهد على طلاقها قوما من أهل تلك البلاد وهم لا يعرفون المرأة ثم تزوج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدة التي طلق ثم مات بعد ما دخل بها كيف يقسم ميراثه؟ قال : إن كان له ولد فإن للمرأة التي تزوجها أخيرا من أهل تلك البلاد ربع ثمن ما ترك ، وإن عرفت التي طلق من الأربع نفسها ونسبها فلا شي‌ء لها من الميراث ، وعليها العدة ، وإن لم يعرف التي طلق من الأربع نسوة اقتسمن الأربع نسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهن جميعا ، وعليهن العدة جميعا ».

لكن ابن إدريس على أصله من عدم العمل بخبر الواحد أقرع في‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ١.

١٩٩

المقام ، واستخرج المطلقة بها ، لأنها لكل أمر مشتبه مطلقا أو مشتبه في الظاهر دون الواقع ، فالفرض على كل من مواردها.

بل المتجه حينئذ سقوط الاعتداد عنها ، لأن الفرض تزويجه بالخامسة بعد خروج المطلقة من العدة ، وهو جيد بناء على كون الحكم كذلك مع قطع النظر عن الصحيح المزبور ، وإلا فبناء على تعين الصلح ولو القهري منه القاطع للنزاع الذي يقع من الحاكم لذلك يتجه حينئذ الاشتراك المزبور الموافق لمسألة التداعي ولقيام تعدد الاحتمال مقام امتزاج المال ولأنه كالدرهم لشخص المختلط في الدرهمين لآخر ثم تلف أحدهما فيشكل تعين القرعة.

ولعل المتجه تخيير الحاكم بينها وبين الصلح بما عرفت الذي يمكن إرجاع النص (١) والفتوى إليه ، بمعنى أن الحكم فيهما باشتراك الأربعة بثلاثة أرباع الثمن من الصلح بأمر الحاكم قطعا للنزاع ومراعاة للاحتياط.

ومنه ينقدح التعدية في غير مورد النص ، كما لو اشتبهت المطلقة في اثنتين أو ثلاث خاصة ، أو في جملة الخمس ، أو كان للمطلق دون الأربع فطلق واحدة وتزوج بأخرى وحصل الاشتباه بواحدة أو أكثر ، أو لم يتزوج فاشتبهت المطلقات بالباقيات أو بعضهن ، أو طلق أزيد من واحدة وتزوج كذلك ، حتى لو طلق الأربع وتزوج الأربع واشتبهن ، أو فسخ نكاح واحدة لعيب أو غيره أو أزيد وتزوج غيرها أو لم يتزوج.

لكن في القواعد في التعدية إشكال ، وفي الروضة وجهان : من كونها غير المنصوص ، ومن المشاركة في المقتضي ، وهو اشتباه المطلقة بغيرها من الزوجات وتساوي الكل في الاستحقاق فلا ترجيح ، ولأنه لا خصوصية ظاهرة في قلة الاشتباه وكثرته ، فالنص على عين لا يفيد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ١.

٢٠٠