جواهر الكلام - ج ٣٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

الأخت للأب بالرد ( بل يرد على من يتقرب بالأم وعلى الأخت أو الأخوات للأب أرباعا ) في نحو الأخت للأم والأخت للأب ( أو أخماسا ) في نحو الأخت للأم والأختين للأب ، ضرورة كون السهام في الأول أربعة وفي الآخر خمسة ، والرد إنما هو بحسبها ، ولعل ( لل ) اتحاد في جهة القرابة أي الاخوة وال ( تساوي في الدرجة ).

( وهو أولى ) عند المصنف هنا وأشبه في النافع ، لكنه كالاجتهاد في مقابلة النص الذي قد سمعته في خبر بكير (١) ومحمد بن مسلم (٢) وزرارة (٣) وغيرهم ، مضافا إلى الخبر (٤) الذي قد رواه راميا له بالضعف الذي يكون به من الموثق ، بل هو من أعلى درجاته ، وقد فرغنا من حجيته في الأصول.

مضافا إلى انجباره بالشهرة بقسميها ، بل عن ظاهر الكليني في بيان باب الفرائض دعوى الإجماع عليه ، حيث قال : « والاخوة والأخوات من الأم لا يزادون على الثلث ولا ينقصون من السدس ، والذكر والأنثى فيه سواء ، وهذا كله مجمع عليه ».

وإلى ما‌ في بعض (٥) المعتبرة : « وأخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأمك » بناء على ما قيل في توجيهه من أن له ما بقي إن كان ذكرا ، ويرد عليه خاصة إن كان أنثى.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ـ الحديث ٢.

(٢) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ـ الحديث ٣ وذكره في الكافي ج ٧ ص ١٠٣ والتهذيب ج ٩ ص ٢٩٢ الرقم ١٠٤٧.

(٣) المتقدم في ضمن خبر موسى بن بكر المتقدم.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد الحديث ١١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب موجبات الإرث ـ الحديث ٢.

١٦١

وإلى‌ المرسل المروي عن مجمع البيان (١) فان فيه « ويصح اجتماع الكلالتين معا لتساوي قرابتهما ، وإذا فضلت التركة يرد الفاضل على كلالة الأب والأم أو الأب دون كلالة الأم » فلا ريب في أن الأول أقوى ، والله العالم.

( مسائل ثلاث : )

( الأولى )

لا خلاف بيننا في أن ( الجد وإن علا يقاسم الاخوة ) لصدق اسم الجد فضلا عن أولادهم ، بل عن بعض العامة سقوط كلالة الأبوين أو الأب مع الجد له وإن تواترت نصوصنا بخلافه.

نعم إنما يقاسمهم ( مع عدم ) وجود الجد ( الأدنى ) وإلا كان هو المشارك لهم دونه ، لقاعدة الأقرب ، ولا يشكل ذلك بأن الأخ أقرب من الجد الأعلى ، لما عرفت سابقا من أنهم صنفان ، والأقرب إنما يمنع الأبعد في الصنف الواحد كما مر تحقيقه سابقا.

( و ) على كل حال فـ ( ـلو اجتمعا ) أي الأدنى وإن بعد ( مع الاخوة شاركهم الأدنى وسقط الأبعد ) من غير فرق بين اتحاد الجهة واختلافها ، فلا يرث الأعلى للأب ولو كان ذكرا مع الأدنى للأم ولو كان أنثى وكذا العكس.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب موجبات الإرث ـ الحديث ٥.

١٦٢

المسألة ( الثانية )

قد عرفت أنه يرث الأبعد مع فقد الأدنى ذكرا وأنثى ، فلو عدم الأجداد الأدنون ورث أجداد الأب وأجداد الأم ثم أجداد الجد وأجداد الجدة وهكذا ، وهم في المرتبة الأولى أربعة ، وفي الثانية ثمانية ، وفي الثالثة ستة عشر ، وهكذا.

ف ( إذا ترك جد أبيه ) مثلا ( وجدته لأبيه وجده وجدته لام ) أبي ( ه‍ ومثلهم للأم ) بالنسبة إلى أبيها وأمها ( كان لأجدادها ) أي الأم ( الثلث بينهم أرباعا ) إذ الفرض أنهم أربعة وبمنزلة كلالة الأم التي قد عرفت اقتسامها بالسوية ( ولأجداد الأب ) الأربعة أيضا ( الثلثان ) ولكن لكونهم بمنزلة كلالة الأب يقسمان ( بينهم أثلاثا ثلثا ذلك لجده وجدته لأبيه بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين والثلث الآخر لجده وجدته لأمه أثلاثا ) أيضا للذكر مثل حظ الأنثيين ( على ما ذكره الشيخ ) رحمه‌الله وجماعته ، بل حكى غير واحد عليه الشهرة ( فيكون ) حينئذ ( أصل الفريضة ثلاثة : ) واحد للقبيل الأول الذين قد عرفت أن سهامهم أربعة ، واثنان للثاني ، وقد عرفت أن سهامهم تسعة ليكون لها ثلث ولثلثها ثلث.

ومن هنا بان لك أن الثلاثة التي هي أصل الفريضة ( تنكسر على الفريقين ) وبين عدد سهام كل فريق ونصيبه مباينة ، وكذا بين العددين ( فـ ) ـاحتجت إلى أن تطرح النصيب و ( تضرب ) أحد العددين وهو ( أربعة في ) الآخر وهو ( تسعة ثم تضرب

١٦٣

المجتمع ) منهما وهو ستة وثلاثون ( في ثلاثة ) التي هي أصل الفريضة ( فيكون ) الحاصل ( مائة وثمانية ) ستة وثلاثون منها للأجداد من قبل الام ، لكل واحد تسعة ، واثنان وسبعون للأجداد من قبل الأب أربعة وعشرون منها للجد والجدة من قبل أم الأب ستة عشر للجد وثمانية للجدة ، وثمانية وأربعون منها للجد والجدة من قبل أب الأب اثنان وثلاثون للجد وستة عشر للجدة.

خلافا لمعين الدين المصري فقال : يقسم ثلث الثلث لأبوي أم الأم بالسوية وثلثاه لأبوي أبيها بالسوية ، فسهامهم ستة ، ويقسم ثلث الثلثين لأبوي أم الأب بالسوية وثلثاهما لأبوي أبيه أثلاثا ، فسهامهم ثمانية عشر ليكون لها ثلث له نصف ولثلثيها ثلث ، ويدخل فيها الستة فتضربها في أصل المسألة وهو ثلاثة فتبلغ أربعة وخمسين.

قيل : ودليله أن نصيب الام ـ وهو الثلث ـ هو الذي ينتقل إلى أبويها ثم ينتقل منهما إلى أبويهما ، فهو بمنزلة تركة الام ينتقل منها إلى أبويها فثلثه لامها والباقي لأبيها ثم ينتقل كل من الثلث والباقي إلى الأجداد ، فإنما ينتقل إلى أبوي الأم ثلثها وينتقل الباقي إلى أبوي الأب ، وإنما يقسم بينهما بالسوية ، لأنه الأصل ، مع أنه إنما ورثاه لجدتيهما للميت ، وقد أطلق في الاخبار وكلام الأصحاب أن الجد للام ككلالتها ، والجدية تشمل الدنيا والعليا ، ثم نصيب الأب وهو الثلثان ينتقل إلى أبويه أثلاثا ثم منهما إلى أبويهما ، فثلث الام ينتقل إلى أبويهما ، وإنما يقسم بينهما بالسوية للأصل وصدق الجدية للام عليهما أيضا ولو بالنسبة إلى أبي الميت وثلثا الأب ينتقلان إلى أبويه أثلاثا ، لعدم صدق الجدية للام عليهما بوجه.

وللبرزهي من أصحابنا ، فقال : يقسم نصيب قرابة الأب بينهم كما قاله المشهور ، ولكن يقسم نصيب قرابة الأم أثلاثا : ثلثه لأبوي أم‌

١٦٤

الأم بالسوية ، وثلثاه لأبوي أبيها أثلاثا ، وتصح أيضا من أربعة وخمسين.

قيل : ودليله أن لغير أبوي أم الأم جدية للأب ، أما بالنسبة إلى الميت أو إلى أبيه أو أمه فللذكر مثل حظ الأنثيين ، وليس لها ذلك بوجه فيقسم بينهما بالسوية.

والجميع كما ترى ـ حتى المشهور ـ مجرد اعتبارات لا تصلح مدركا للحكم الشرعي ، بل ربما كان احتمال قسمة جدودة الأب الثلثين بالتفاوت مطلقا أولى منها ، ضرورة كونهم كالاخوة والأخوات للأب وإن كان التقرب إليه بأمه ، ومن ثم كان الاحتياط ولو بالصلح أو غيره لا ينبغي تركه ، ولقد كفانا مئونة ذلك ندرة وقوع الفرض.

ولو كان معهم زوج أو زوجة دخل النقص على أجداد الأب الأربعة دون أجداد الأم لما سمعته ، فيعطى سهمهما الأعلى ، وهو النصف أو الربع ، فالباقي حينئذ على المشهور لقرابة الأب ، ثمانية عشر من المائة والثمانية ، ثلثها ـ وهو ستة ـ للجدين من أمه أثلاثا ، وثلثاها ـ وهو اثنا عشر ـ لهما من أبيه كذلك ، وقد كان لهم قبل ذلك اثنان وسبعون كما عرفت ، وبملاحظته تعرف ما دخل كل واحد من النقصان.

وأما على القولين الآخرين فالباقي لهم تسعة ، لكن ينقسم عليهم على الثالث أثلاثا ، ثلاثة للجدين من الأم أثلاثا وستة لهما من الأب كذلك ، بخلاف قول المصري ، فإن الثلاثة لا تنقسم على الجدين من الأم بالسوية فيحتاج حينئذ إلى ضرب الاثنين في الأربعة والخمسين ، فتبلغ مائة وثمانية وتبقى لهم حينئذ ثمانية عشر ، كما في المشهور ، والله العالم.

١٦٥

المسألة ( الثالثة )

المعروف بين الأصحاب بل هو كالمجمع عليه بينهم أنه لو اجتمع ( أخ من أم مع ابن أخ لأب وأم فالميراث كله للأخ من الأم ، لأنه أقرب و ) لكن ( قال ابن شاذان : له السدس والباقي لابن الأخ للأب والأم ).

بل في الكافي عنه أن ابن الأخ للأب أو بنته كذلك أيضا ، وابن ابن الأخ للأب أو لهما فنازلا مع ابن الأخ للأم كذلك أيضا ، وكذا ابن الأخت وبني الأخوات لهما مع أخت لها ، لاختلاف جهة القرابة ، قال : « ولا يشبه هذا ولد الولد ، لأن ولد الولد هم ولد يرثون ما يرث الولد ويحجبون ما يحجب الولد ، فحكمهم حكم الولد ، وولد الاخوة والأخوات ليسوا بإخوة ولا يرثون ما يرث الاخوة ولا يحجبون ما يحجب الإخوة ، لأنه لا يرث مع الحصة أخ لأب ، ولا يحجبون الام ، وليس سهمهم بالتسمية كسهم الولد من طريق سبب الأرحام ، ولا يشبهون أمر الولد ».

وفي كشف اللثام « يعني أن أولاد الاخوة لا يرثون لكونهم إخوة ، كما أن أولاد الأولاد إنما يرثون لكونهم أولادا ، بل لدخولهم في أولي الأرحام ، فلا يحجب الأخ من الام ولد الأخ من الأب وإن كان أقرب منه ، كما أن الجد الأدنى لا يحجبه ، لأن الأقرب إنما يحجب الأبعد مع اتحاد الجهة ، أي لا مع اختلافها كما في الفرض ، لأن القرب بالأمومة غيره بالأبوة ، فهما حينئذ كالصنفين الذين لا يمنع القريب في أحدهما البعيد في الآخر ، كالأب مع ولد الولد ، والجد الأدنى مع ابن الأخ النازل ».

١٦٦

وعلى كل حال فهذا خلاف ما ذكره المصنف وغيره عنه من التعليل بقوله ( لأنه يجمع السببين ) ثم قالوا ( وهو ضعيف لأن كثرة الأسباب أثرها مع التساوي في الدرجة لا مع التفاوت ) إذ قد عرفت صراحة كلامه بأن القرب بالأب وحده كالقرب بالأبوين في الحكم المزبور مع عدم كثرة الأسباب فيه.

نعم يرد عليه أن ذلك إن تم أدى إلى أن الأخ للأب لا يحجب أولاد الأخ للأم ، وقد حكي عنه التصريح بموافقته للمشهور معللا له بأنه أقرب ببطن وقرابتهما من جهة واحدة ، والفرق غير ظاهر.

كما أنه يرد عليه أيضا أنه المفهوم لغة وعرفا ، بل في المسالك نسبته إلى النص الصحيح أن الاخوة صنف واحد ، وأن الأقرب منهم يمنع الأبعد اتحدت الجهة أو اختلفت ، بل سمعت‌ قول الصادق عليه‌السلام فيما مضى في مرسل يونس (١) : « إذا التفت القرابات فالسابق أحق بميراث قريبه ، فان استوت قام كل واحد منهم مقام قريبه » وفي المحكي‌ عن فقه الرضا (٢) : « من ترك واحدا ممن له سهم ينظر فان كان من بقي من درجته ممن سفل وهو أن ترك الرجل أخاه وابن أخيه فالأخ أولى من ابن أخيه » والله العالم.

( خاتمة )

( أولاد الاخوة والأخوات ) من الأبوين ومن أحدهما ( يقومون

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب موجبات الإرث ـ الحديث ٣.

(٢) المستدرك ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ـ الحديث ٤.

١٦٧

مقام آبائهم عند عدمهم ) بلا خلاف نصا (١) وفتوى ولا إشكال فيه ، بل ( و ) في أنه ( يرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به ) لقيامه مقامه وتنزيله منزلته.

وحينئذ ( فإن كان واحدا كان النصيب له وإن كانوا جماعة اقتسموا ذلك النصيب بينهم بالسوية إن كانوا ذكرانا أو إناثا ، وإن اجتمعوا فللذكر مثل حظ الأنثيين ) إن كانوا أولاد إخوة للأبوين أو للأب على حسب من قاموا مقامهم.

وخبر محمد بن مسلم (٢) عن الباقر عليه‌السلام قال : « له بنات أخ وابن أخ ، قال : المال لابن الأخ ، قال : قرابتهم واحدة ، قال العاقلة والدية عليهم ، وليس على النساء شي‌ء » مع ضعفه محتمل الإرث بالولاء ، وحكاية ما عند العامة على ما قيل وكون ابن الأخ للأبوين وبنات الأخ من الأب وحده وغير ذلك.

( وإن كانوا أولاد إخوة من أم كانت القسمة بينهم بالسوية ) كمن قاموا مقامهم ، من غير فرق بين كونهم أولاد أخ واحد أو أخت وبين كونهم أولاد إخوة متعددين.

وإن كان مع النسبة إلى المتعدد يأخذ كل واحد نصيب من يتقرب به إلا أنه يقسم أيضا بالسوية ، فلو كان أولاد الاخوة للام ثلاثة مثلا واحد منهم ولد أخ والآخران ولدا واحد فلولد الولد السدس (٣) الذي هو نصف الثلث وللآخرين السدس الآخر بينهما بالسوية ، ومن هنا أطلق المصنف رحمه‌الله القسمة بالسوية وإن كانت قد تقتضي اختلافا من‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ـ الحديث ١٣.

(٣) هكذا في النسخة الأصلية ، والاولى أن تكون العبارة هكذا : « فلولد الواحد السدس ».

١٦٨

وجه آخر ، والأمر سهل.

( و ) كيف كان فـ ( ـيأخذ أولاد الأخ ) للأبوين أو للأب ذكورا أو إناثا أو متفرقين المال و ( الباقي ) بعد الفرض إن كان معهم صاحبه ( كأبيهم ) الذي لا فرض له.

( و ) أما ( أولاد الأخت للأب والأم ) أو للأب فيأخذون ( النصف ) خاصة ( نصيب أمهم ، إلا على سبيل الرد ) كما إذا لم يكن سواهم في درجتهم ، فإنه يرد النصف الآخر عليهم أيضا ولو كان معهم أولاد أخ للأم أو إخوة رد عليهم السدس أو السدسان دون أولاد كلالة الأم على الأصح كما عرفته سابقا فيمن قاموا مقامه.

( و ) يأخذ ( أولاد الأختين ) للأبوين أو للأب ( فصاعدا الثلثين ) فرضا والباقي ردا إذا فرض عدم المساوي ، بل هو كذلك حتى لو كان واحدا ، لجواز اتفاقه عند تباعد الدرجات. والحاصل هم كمن قاموا مقامهما ( إلا أن يقصر المال بدخول الزوج أو الزوجة فيكون لهم الباقي كما يكون لمن يتقربون به ).

( ولو لم يكن أولاد كلالة الأب والأم قام مقامهم أولاد كلالة الأب ) في جميع ما ذكرناه ، نعم لا يرث أحد منهم مع وجود المتقرب بالأبوين ، لقول الصادق عليه‌السلام في خبر الكناسي (١) : « وابن أخيك لأبيك وأمك أولى بك من ابن أخيك لأبيك ».

( ولأولاد الأخ أو الأخت من الأم السدس ) بالسوية وإن تعددوا واختلفوا ذكورة وأنوثة.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ـ الحديث ١ هذا وفي النسخة الأصلية المبيضة « خبر العياشي » والصحيح ما أثبتناه ، كما هو كذلك في النسخة المخطوطة بقلمه الشريف « قده ».

١٦٩

( ولو كانوا أولاد اثنين ) ذكرين أو أنثيين أو متفرقين من كلالة الأم ( كان لهم الثلث ، لكل فريق نصيب من يتقرب به بينهم بالسوية ) مع التعدد على حسب ما عرفت ، فلأولاد الأخ مثلا السدس وإن كان واحدا ، ولأولاد الأخت مثلا سدس وإن كانوا مائة وبالعكس.

وإن اجتمع ابن ابنة أخ لأب أو لهما وابنة ابن أخ كذلك فان اتحد الأخ كان للأنثى ضعف ما للذكر ، لأن نصيب من تقرب به وهو الابن كذلك ، فيبقى الثلث للتي تقرب بها الذكر وهو البنت ، وإن تعدد أي الأخ كان المال بينهما نصفين ، لكل منهما نصيب أحد الأخوين.

وإن اجتمع ابن ابنة أخ لأب أو لهما وابنة ابنة أخ كذلك واتحدت أمهما كان للذكر ضعف الأنثى وإلا فبالسوية ، لما ذكرناه أيضا ، كما هو واضح بأدنى تأمل.

( ولو اجتمع أولاد الكلالات ) الثلاثة ( كان لأولاد كلالة الأم الثلث ) إن كان قد تعدد من تقربوا به وإلا فالسدس ( و ) كان ( لأولاد كلالة الأب والأم الثلثان ) في الأول فرضا أو قرابة أو وفرضا والباقي في الثاني قرابة أو وفرضا ( وسقط أولاد كلالة الأب ) بأولاد كلالة الأبوين كمن تقربوا به.

( ولو دخل عليهم زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى ) النصف والربع ( ولمن تقرب بالأم ثلث الأصل إن كانوا لأكثر من واحد ) : أخ أو أخت (١) أو أخوين أو أختين أو نحو ذلك ( والسدس إن كانوا لواحد ) : أخ أو أخت ( والباقي لأولاد كلالة الأب والأم زائدا كان أو ناقصا ، ولو لم يكونوا فلأولاد كلالة الأب خاصة ) لقيامهم‌

__________________

(١) هكذا في النسخة الأصلية المبيضة ، والصحيح « أخ وأخت » كما في النسخة الأصلية المخطوطة بقلمه الشريف « قده ».

١٧٠

مقامهم مع عدمهم ، فهم الذين يزادون وينقصون دون أولاد كلالة الأم كما نطقت به النصوص على ما سمعت من قول الصادقين عليهما‌السلام في خبري بكر (١) ومحمد بن مسلم (٢).

( و ) حينئذ فـ ( ـفي طرف الزيادة ) لا ( يحصل التردد ) في اختصاصهم بردها عليهم ، كأولاد كلالة الأبوين ، ولا يشاركهم فيها أولاد كلالة الأم ، وإن مال إليه المصنف سابقا ، فالبحث حينئذ ( على ) حسب ( ما مضى ) آنفا ، فلاحظ وتأمل.

( ولو اجتمع معهم ) أي الأولاد ( الأجداد قاسموهم كما يقاسموهم الاخوة ) بلا خلاف فيه بيننا ، ضرورة قيامهم مقام آبائهم في ذلك ، ولا ينافيه تنزيل الأجداد منزلة الإخوة المراد منه بيان كيفية استحقاقهم الإرث لا ما يشمل حجبهم ، خصوصا بعد استفاضة النصوص (٣) أو تواترها في شركة الجد وابن الأخ ، وكون المال بينهما نصفين.

( و ) أما كيفية مقاسمة الإخوة للأجداد فـ ( ـقد بيناه ) فيما مضى سابقا فلا حاجة إلى إعادته.

ولو خلف ابن أخ وبنت ذلك الأخ وكان الأخ لأب وابن أخت وبنت تلك الأخت له وابن أخ وبنت ذلك الأخ لأم وابن أخت وبنت تلك الأخت لأم مع الأجداد الثمانية أخذ الثلثين الأجداد من قبل الأب مع أولاد الأخ والأخت للأب الأربعة ، ولانتسابهم إلى الأب يقسم بينهم‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ـ الحديث ٢ عن بكير ابن أعين.

(٢) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ـ الحديث ٣ وذكره في الكافي ج ٧ ص ١٠٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد.

١٧١

أثلاثا ، فللجد والجدة من قبل أب الأب وأولاد الأخت والأخ للأب ثلثا الثلثين ، ثم ثلثا الثلثين أيضا يقسم بينهم أثلاثا ، للجد وأولاد الأخ ثلثا ذلك ، نصفه للجد ونصفه لأولاد الأخ أثلاثا ، والثلث ـ أي ثلث ثلثي الثلثين ـ للجدة وأولاد الأخت ، نصفه للجدة ونصفه لأولاد الأخت يقسم بينهم أثلاثا ، وثلثهما ـ أي الثلثين ـ للجد والجدة من قبل أم الأب أثلاثا ، والثلث ـ أي ثلث الأصل ـ للأجداد الأربعة من الأم ولأولاد الاخوة من قبلها أسداسا على المشهور ، لكل واحد سدس ، ولأولاد الأخ للأم سدس بالسوية ، ولأولاد الأخت لها سدس آخر بالسوية ، ويصح من ثلاثمائة وأربعة وعشرين.

( المرتبة الثالثة )

( الأعمام والأخوال ) ولا يرث أحد منهم مع وجود أحد من الطبقة السابقة بلا خلاف يعتد به أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى النصوص الدالة عليه (١) وقاعدة الأقرب.

خلافا للمحكي عن الفضل من قسمة المال نصفين بين الخال والجدة للأم ، لكن في الدروس « أن الذي في كتابه : لو ترك جدته وعمته وخالته فالمال للجدة ».

وفي كشف اللثام « أنه غلط يونس في تشريكه بين العمة والخالة وأم الأب وتشريكه بين العم وابن الأخ ».

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب موجبات الإرث ـ الحديث ٢ والباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.

١٧٢

وقال كما في الأخير : « إنه لما رأى أن بين العم والميت ثلاث بطون وكذلك بين ابن الأخ وابن الميت ثلاث بطون وهما جميعا من طريق الأب جعل المال بينهما نصفين وهذا غلط ، لأنهما وإن كانا جميعا كما وصف ، فان ابن الأخ من ولد الأب والعم من ولد الجد وولد الأب أحق وأولى من ولد الجد وإن سفلوا ، كما أن ابن الابن أحق من الأخ ، لأن ابن الابن من ولد الميت والأخ من ولد الأب وولد الميت أحق من ولد الأب وإن كان في البطون سواء ، وكذلك ابن ابن ابن أحق من الأخ لأن هذا من ولد الميت نفسه وإن سفل وليس الأخ من ولد الميت ، وكذلك ولد الأب أحق وأولى من ولد الجد ».

قلت : وبالتأمل في هذا وفيما سلف منا تعرف الوجه في ترتيب الطبقات جميعها على قاعدة الأقرب ، ضرورة معلومية أولوية من ولد الميت ومن ولده الميت به من كل أحد ، وهم الأبوان والأبناء وإن سفلوا أهل الطبقة الأولى التي هي عمود النسب ، ثم من بعدهم من ولد أب الميت ومن ولده أبو الميت ، وهم الاخوة وأولادهم والأجداد وإن علوا أهل الطبقة الثانية بعضها من العمود وبعضها من حاشية النسب ، ثم من بعدهم من ولده الأجداد ، وهم الأعمام والأخوال أهل الطبقة الثالثة الذين جميعهم من حاشية النسب ، ويترتبون فيما بينهم كترتب الأجداد والاخوة وأولادهم.

فعم الميت وخاله أولى به من عم أبيه وخاله ، وهما أولى من عم جد الميت وخاله ، وهكذا ، كما أن الجد الأدنى أولى من الجد الأبعد ، والأخ أولى من ابن الأخ ، فان أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله (١) أي الأقرب منهم يمنع الأبعد ، كما تقدم تفسيرها بذلك‌

__________________

(١) سورة الأنفال : ٨ ـ الآية ٧٥ وسورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٦.

١٧٣

في النصوص (١).

وعلى كل حال فـ ( ـالعلم يرث المال إذا انفرد وكذا العمان والأعمام ويقسمون المال بالسوية ) إن تساووا في المرتبة بأن لا يكون بعضهم أقرب من بعض ولا يتقرب بعضهم بالأب وبعضهم بالأم أو وبعضهم بالأبوين.

( وكذا العمة والعمتان والعمات ) بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك بل ولا إشكال.

( وإن اجتمعوا ) أي الأعمام والعمات وتساووا في جهة القرابة بأن كانوا جميعا للأب والأم أو لأحدهما بمعنى كونهم إخوة للميت لأبيه وأمه أو لأبيه أو لأمه ( فللذكر مثل حظ الأنثيين ) بلا خلاف أجده فيه إن كانوا لهما أو للأب ، بل عن الغنية الإجماع عليه ، وهو الحجة.

مضافا إلى‌ قول الصادق عليه‌السلام في خبر سلمة (٢) « في عم وعمة للعم الثلثان وللعمة الثلث » وقاعدة تفضيل الذكر على الأنثى في باب الإرث المستفادة من الكتاب (٣) والسنة (٤) خصوصا النصوص (٥) المشتملة على بيان الحكمة في ذلك ، فإنها على كثرتها دالة على ذلك بأنواع الدلالات ، كما لا يخفى على من لاحظها.

بل لعله لذلك كله كان ظاهر المصنف هنا والنافع والمحكي عن ابن زهرة والصدوق والفضل والمفيد القسمة كذلك حتى لو كان تقربهم إليه بالأم بأن كانوا إخوة لأبيه من أمه ، بل حكى الأول منهم في الغنية‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب موجبات الإرث ـ الحديث ٩ و ١٠ و ١١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ـ الحديث ٩.

(٣) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١ و ١٧٦.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

١٧٤

الإجماع على ذلك.

لكن صريح الفاضل في القواعد وغيرها من كتبه والشهيد في الدروس واللمعتين وغيرهم القسمة بالسوية ، بل في الكفاية أنه لا نعرف فيه خلافا بل في الرياض أنه نفى الخلاف عنه جملة ، منهم صاحب الكفاية ، لأصالة التسوية في إطلاق الشركة المقتصر في الخروج منها على المتقرب بالأبوين أو بالأب للأدلة السابقة.

وفيه بعد وضوح المنع في الأخير أنها مقطوعة بما عرفت من إطلاق معقد الإجماع والرواية وبقاعدة التفضيل ، اللهم إلا أن ترجح بالشهرة العظيمة المعتضدة بما تسمعه ممن ظاهره المخالفة ، كالمصنف من القسمة بالسوية في صورة كونهم متفرقين التي لم يظهر لنا الفرق بينها وبين المقام.

بل ظاهر الرياض أو صريحه انحصار الخلاف في غير المتفرقين وإن كان الذي حكاه في كشف اللثام عن الفضل والصدوق والمفيد إطلاق القسمة بالتفاوت من غير تفضيل بين المجتمعين والمتفرقين.

نعم ظاهر المصنف هنا والنافع ذلك ، حيث إنه بعد أن ذكر حكم المجتمعين بما عرفت قال ( ولو كانوا متفرقين ) في جهة القرابة بأن كان بعضهم لأم وبعضهم للأبوين أو لأب ( فللعمة أو العم من ) جهة ( الأم السدس ، ولما زاد على الواحد الثلث ، ويستوي فيه الذكر والأنثى ، والباقي للعم أو العمين أو الأعمام ) أو العمة أو العمتين أو العمات أو المختلطين ( من الأب والام بينهم ) على السوية إلا في الأخير ، فإن ( للذكر ) منهم ( مثل حظ الأنثيين ) نحو كلالة الأبوين والام في ذلك كله ( و ) في أنه ( يسقط الأعمام للأب بالأعمام للأب والأم و ) في أنه ( يقومون مقامهم عند عدمهم ) من دون خلاف يعرف فيه بينهم كما عن جماعة الاعتراف به ، بل عن الغنية والسرائر الإجماع عليه ، مضافا‌

١٧٥

إلى‌ قوله عليه‌السلام (١) : « وعمك أخو أبيك لأبيه وأمه أولى بك من عمك أخي أبيك لأبيه ».

وكذا لا خلاف فيما ذكره من حكم المتفرقين عدا الإطلاق السابق في الرياض أنه حكاه ـ أي نفي الخلاف ـ جماعة.

ولعل الوجه في ذلك أنه لما كان تقربهم إلى الميت بالاخوة قاموا مقام كلالة الميت التي قد عرفت أن إرثها كذلك ، أو لأنه لما انتقل إليهم إرث من تقربوا به عوملوا معاملة الورثة له.

بل لعله هو معنى أنه يرثون نصيب من يتقربون به أي يعاملون معاملة الوارث له ، وبذلك يقيد إطلاق الخبر المزبور بالعمة أو العم للأبوين أو للأب.

بل لعل إطلاق عبارة الفضل والمفيد والصدوق منزل على ذلك أيضا ، وقاعدة التفضيل غير متحقق إقعادها بحيث يشمل ما نحن فيه. وعلى تقديره تقيد أيضا بما عرفت خصوصا بعد الاتفاق ظاهرا على الحكم المزبور ، والله العالم.

( ولا يرث ابن عم مع عم ) ولا ابن خال مع خال ولا ابن عم مع خال ولا ابن خال مع عم بل ( ولا من هو أبعد مع الأقرب إلا في مسألة واحدة ) إجماعية ( وهي ابن عم لاب وأم مع عم لاب فابن العم أولى ) بلا خلاف فيه بيننا ، بل الإجماع بقسميه عليه.

وفي محكي الفقيه نسبته إلى الخبر الصحيح (٢) الوارد عن الأئمة عليهم‌السلام وفي غيره إلى الاخبار ، وعن المقنع تعليله مع ذلك بأنه قد جمع الكلالتين كلالة الأب وكلالة الأم ، ونحوه عن المفيد ، لأن ابن العم‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب موجبات الإرث ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ـ الحديث ٥.

١٧٦

يتقرب إلى الميت بسببين والعم بسبب واحد ، وليس كذلك حكم الأخ للأب وابن الأخ للأب والأم ، لأن الأخ وارث بالتسمية الصريحة وابن الأخ وارث بالرحم دون التسمية ، ومن ورث بالتسمية حجب من يستحق الميراث بالرحم دون التسمية ، والعم وابن العم إنما يرثان بالقربى دون التسمية ، فمن تقرب بسببين منهما كان أحق ممن تقرب بسبب واحد على ما بيناه ، لقول الله عز وجل (١) ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ ) ومقتضى ذلك التعدية إلى الخال وابن الخال ، بل وإلى غير ذلك.

ولكن لم نعثر في النصوص إلا على‌ قول الصادق عليه‌السلام للحسن بن عمار (٢) : « أيما أقرب ابن عم لاب وأم أو عم لاب؟ فقال : حدثنا أبو إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنه كان يقول : أعيان بني الأم أقرب من بني العلات ، فاستوى عليه‌السلام جالسا ، ثم قال : جئت بها من عين صافية ، إن عبد الله أبا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخو أبي طالب لأبيه وأمه » وهو ـ بعد انجباره بما عرفت ـ الحجة مع الإجماع إلا أنهما معا خاصان في ابن العم والعم.

ومن هنا قيد المصنف وجماعة ذلك بـ ( ما دامت الصورة على حالها ) باقية ( فلو انضم إليهما ولو خال تغيرت الحال وسقط ابن العم ) ويرجع الحكم إلى القاعدة ، بل ظاهر بعضهم الجمود على خصوص الفرض المزبور حتى لو تغير بانضمام الزوج أو الزوجة أو التعدد في ابن العم أو العم أو بالذكورة والأنوثة أو ببعد الدرجة كابن عم لأب وابن ابن عم‌

__________________

(١) سورة الأنفال : ٨ ـ الآية ٧٥ وسورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ـ الحديث ٢ عن الحسن بن عمارة كما في التهذيب ج ٩ ص ٣٢٦ الرقم ١١٧٢.

١٧٧

لأب وأم أو بهما في الابن خاصة مع العم للأب أو بالنسبة إلى عم الأب لأبيه وابن عمه لأبيه وأمه فضلا عن انضمام الخال والخالة أو العم أو العمة للأم أو نحو ذلك.

لكن لا يخفى عليك ما في دعوى تغيرها بالأولين ، ضرورة تحقق الصدق وأولوية المتعدد من ابن العم من المتحد ، كضرورة مانعيته للعمية عن السببية للإرث ، فلا فرق بين العم المتحد والمتعدد.

ومن هنا جزم في الدروس بعدم تغيرها بذلك ، بل عن الشيخ أن العمة كالعم ، لاشتراكهما في التقرب بالعمومة الممنوعة بابن العم المزبور ، بل لعلها هي أولى بذلك.

لكن فيه أن عدم الصدق والإلحاق لا بد له من إجماع أو نحوه وليس ، ودعوى الأولوية في العمة وابن العم على وجه يحصل القطع يمكن منعها ، اللهم إلا أن يكون المدرك فيها وفي غيرها مما سمعت ما يظهر من الصادق عليه‌السلام من إقرار الحسن بن عمار على ما استفاده مما رواه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (١) وما يظهر أيضا من كون السبب في ذلك جمع السببين.

بل قد يعطي ما عن المفيد العموم أيضا ، حيث قال مضافا إلى ما سمعت : « ولا يرث ابن العم مع العم ولا ابن الخال مع الخال إلا أن يختلف أسبابهما في النسب ، ككون العم لأب وابن العم لأب وأم ».

بل ما سمعته من تعليل الصدوق رحمه‌الله يعطي ذلك.

لكن لا جابر للرواية بالنسبة إلى ذلك ، ولا تصريح فيها بالعلية‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ـ الحديث ٢ عن الحسن بن عمارة.

١٧٨

المزبورة كي يجري على التعميم المذكور حتى في حجب بنت العمة ولو نازلا للعم.

وأما إذا انضم الخال مثلا فالمحكي عن القمي وابن إدريس وأكثر المحققين سقوط ابن العم ، ومشاركة الخال والعم لتغير الصورة ، ولأن الخال يحجب ابن العم ، لكونه أقرب ، ول‌ قول الصادق عليه‌السلام في خبر سلمة بن محرر (١) « في ابن عم وخالة : المال للخالة ، وفي ابن عم وخال : المال للخال » والعم إنما يحجب بابن العم إذا ورث ، ويؤيده إطلاق ما دل من النصوص (٢) على شركة العم والخال.

فما عن الحمصي ـ من اختصاص الخال بالمال باعتبار حجب العم بابن العم وحجب ابن العم بالخال ولإطلاق خبر سلمة ـ واضح الضعف ضرورة استلزام حجب ابن العم بالخال عدم حجبه للعم ، لما عرفت من أنه يحجب إذا كان وارثا ، وإلا فهو كالقاتل لا يحجب العم.

وأضعف منه احتمال اختصاص ابن العم بالمال ، لأن العم محجوب بابن العم فكذا الخال للتساوي في الدرجة ، إذ هو كما ترى يمكن دعوى منافاته الإجماع فضلا عن النص (٣) فيما لو انفرد ابن العم مع الخال.

نعم ما عن المصري والراوندي من شركة ابن العم للخال لا يخلو من قوة ، لوجود المقتضي لحرمان العم وهو ابن العم ، وانتفاء المانع عنه ، وانتفاء المقتضي لحرمان الخال أو ابن العم ، فان العم لا يحجب الخال ، فابن العم أولى وإن كان هو هنا أولى من العم ، والخال إنما‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ـ الحديث ٤ عن سلمة بن محرز.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ـ الحديث ٤.

١٧٩

يحجب ابن عم لا يكون أولى من العم كما في مفروض الخبر (١) المزبور فإنه إذا لم يحجب العم فأولى أن لا يحجب من هو أدنى منه.

بل قد يقال : إن حجب القريب للبعيد في أولى الأرحام إنما هو إذا زاحمه على وجه يكون المال له لولاه ، أما إذا لم يزاحمه فلا دليل على حجبه إياه ، ضرورة اختصاص الأدلة بأولوية الأقرب من الأبعد بالميراث ، ومفروضها ما ذكرناه.

ومن هنا أمكن شركة الاخوة للام مع الجد البعيد لها وإن كان هناك جد قريب للأب مع الاخوة له أيضا أو بدونهم ، لعدم مزاحمة الجد البعيد للجد القريب ، ضرورة اشتراكه مع الاخوة للام الذين لا يحجبونه وعدم مزاحمته للجد القريب ، وكذا لو ترك جدا قريبا لأم مع إخوة لها وجدا بعيدا لأب مع الاخوة له أيضا.

بل يتجه التشريك أيضا فيما لو ترك جدا لأم وابن أخ لأم مع أخ لأب ، فإن ابن الأخ لا يحجبه الجد للام ، ولا يزاحم الأخ للأب ، فيرث مع الجد للام ، وقد تقدم الكلام في نحو ذلك ، وهو مؤيد لما عرفت.

بل قد يؤيده أيضا إطلاق أولوية ابن العم من العم المراد منها أنه أولى بما يكون للعم لولا ابن العم من غير فرق بين جميع المال أو بعضه بخلاف ما دل على أولوية الخال من ابن العم ، فإنه ظاهر أو صريح فيما لو اجتمعا من دون عم ، ولذلك حكم بأن المال كله للخال.

بل لعل المفهوم من الأولوية الأولى أنه يقوم مقامه مع وجوده ويأخذ نصيبه الذي يكون له لو لا ابن العم ، من غير فرق بين انفراده وبين مشاركة غيره له ممن هو في درجته.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ـ الحديث ٤.

١٨٠