جواهر الكلام - ج ٣٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

وبنات الابن يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميت ابن ولا وارث غيرهن ».

وكون الأبوين أقرب إلى الميت من ولد الولد لمساواتهما للأولاد الذين هم أقرب من أولادهم ، والأقرب يمنع الأبعد.

وفيه أنه يمكن إرادة نفي غير أب الابن من أولاد الصلب من‌ قوله عليه‌السلام : « ولا وارث غيرهن » على معنى إذا لم يكن للميت الابن الذي يتقرب به ابن الابن أو البنت التي يتقرب بها بنت البنت ولا وارث غيره من الأولاد للصلب.

أو أن المراد أن بنت البنت تقوم مقام البنت إذا لم يكن للميت بنت مطلقا ، سواء كان أم هذه البنت أو غيرها ، وكذا ابن الابن يقوم مقام الابن إذا لم يكن للميت ابن سواء كان أبا هذا الابن أو غيره.

« ولا وارث غيره » يريد الابن في الأول والبنت في الثاني أو أن المراد بالوارث فيهما أعم من ولد الصلب والأقرب من أولاد الأولاد ، فإن المراد ببنات الابن أو البنت ما يشمل السافلات ، والأقرب منهن ومن غيرهن يمنع الأبعد.

أو أن المراد من « لا » لنفي الجنس لا لتأكيد النفي على معنى أن بنات الابن أو البنت يرثن عند فقد الأولاد ولا وارث غيرهن حينئذ ، ويخص بما إذا لم يكن هناك أب أو أم أو زوج أو زوجة.

أو أن المراد أنها ترث المال كله إن لم يكن ولد ولا وارث آخر كالأبوين وإلا كانت مشاركة.

ولعل وجه الاجمال ـ كما في الوسائل ـ ملاحظة التقية ، فإن كثيرا من العامة وافقوا الصدوق كما عن الكليني والمجلسي وغيرهما حكايته ، وهو موهن آخر للخبرين وإن كان الاجمال السابق وغيره كافيا في عدم صلاحية ذلك لمعارضة ما تقدم من الأدلة الواضحة.

١٢١

وأما استدلاله بقاعدة الأقرب ففيه أنها في صورة اتحاد الصنف ، وأما مع التعدد كما في الفرض فالأقرب من أحد الصنفين لا يمنع الأبعد من الصنف الآخر ، ومن ثم شارك ابن الأخ الجد وأبو الجد الأخ ، حيث إنهما صنفان ، ومع التسليم فيكفي في تخصيصها ما دل (١) على قيامهم مقام أبيهم في المقام المرجح عليها من وجوه وإن كان التعارض من وجه.

كل ذلك مع أن الصدوق رحمه‌الله صرح في محكي الفقيه بمشاركة الجد لولد الولد ، وغلط ما حكاه عن ابن شاذان من أن الجد كالأخ يرث حيث يرث ويسقط حيث يسقط ، قال : « فان الجد يرث مع ولد الولد ولا يرث معه الأخ ».

ومقتضى كلامه هذا وما تقدم من عدم إرث ولد الولد مع الأبوين أن ولد الولد خارج عن الطبقة الأولى حيث لا يشاركها في الإرث ، فيدخل في الطبقة الثانية ويشاركه الجد دون الأخ ، مع أن من شأن الطبقة مشاركة جميع أصنافها بعضهم لبعض ، ولو جعل ولد الولد طبقة برأسها وجب أن لا يشارك أحدا من الطبقة الأولى ولا غيرها ، مع أن الصدوق رحمه‌الله شرك بينه وبين الجد ، وعلى هذا يختل نظام الطبقات التي استقر الإجماع عليها ، بل كاد يكون من ضروريات المذهب ، والله أعلم.

( و ) كيف كان فلا خلاف في أنه ( يمنع الأولاد من يتقرب بهم ومن يتقرب بالأبوين من الاخوة وأولادهم والأجداد وآبائهم والأعمام والأخوال وأولادهم ) بل الإجماع بقسميه عليه ، بل الكتاب (٢) ( و ) السنة (٣)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٢) سورة الأنفال : ٨ ـ الآية ٧٥ وسورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد والباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد وميراث الأعمام والأخوال.

١٢٢

دالان عليه أيضا ، نعم ( يترتبون الأقرب فالأقرب ، فلا يرث بطن مع من هو أقرب منه إلى الميت ) بلا خلاف أيضا ، لقاعدة الأقرب وغيرها ، وهذا كله في أصل إرثهم.

( و ) أما كيفيته فالمشهور أنه ( يرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به ، فيرث ولد البنت نصيب أمه ذكرا كان أو أنثى ، وهو النصف إن انفرد أو كان مع الأبوين ويرد عليه ) وإن كان ذكرا ( كما يرد على أمه لو كانت موجودة ).

( ويرث ولد الابن نصيب أبيه ذكرا كان أو أنثى جميع المال إن انفرد ، وما فضل عن حصص الفريضة إن كان معه وارث كالأبوين أو أحدهما والزوج أو الزوجة ).

( ولو انفرد أولاد الابن وأولاد البنت كان لأولاد الابن الثلثان ) اللذان هما نصيب أبيهم في نحو الفرض ( ولأولاد البنت الثلث ) الذي هو نصيب أمهم في الفرض أيضا ( على الأظهر ) الأشهر بل المشهور.

( ولو كان زوج أو زوجة كان له نصيبه الأدنى ) وهو الربع والثمن ( والباقي بينهم لأولاد البنت الثلث ولأولاد الابن الثلثان ).

بل في كنز العرفان انعقاد الإجماع عليه بعد المرتضى ، بل عن الغنية أن عليه إجماع الطائفة ، وهو الحجة.

مضافا إلى النصوص (١) المتقدمة المشتملة على قيام أولاد البنين مقامهم وأولاد البنات مقامهن الظاهرة في إرادة التنزيل في أصل الإرث وكيفيته لا الأول خاصة ، وإلا لاكتفي فيها بذكر أولاد الأولاد من دون تفصيل بين أولاد البنين وأولاد البنات في الذكر الذي هو مجرد تطويل مستغني عنه لا طائل تحته يجل عنه مثل كلام الامام عليه‌السلام خصوصا مع‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

١٢٣

اتفاق النصوص السابقة على ذلك ، ضرورة كونها بين مصرح بالتفصيل (١) وبين مكتف بأحد شقيه (٢).

نعم أجمل في خبر موسى بن بكير (٣) السابق منها أولا إلا أنه نص على التفصيل ثانيا ، بل هو كالصريح في المطلوب ، لقوله عليه‌السلام فيه : « يرثون ميراث البنين والبنات » ولم يقل كما يرثون ، مع أنه ظاهر أيضا لو عبر بذلك وإن لم يكن بتلك المرتبة.

ولو سلم احتمال هذا القيام والمنزلة لكل من الأمرين فلا ريب في ترجيح المختار بالشهرة العظيمة والإجماع المزبور ، بل تسليم الخصم ذلك في غير الفرض من الأرحام أقوى شاهد على ما هنا ، ضرورة اشتراك المقامين في الدليل الذي هو‌ قول أبي عبد الله عليه‌السلام (٤) : « إن في كتاب علي عليه‌السلام إن كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به إلا أن يكون وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه » وقوله عليه‌السلام أيضا في مرسل يونس (٥) : « إذا التفت القرابات فالسابق أحق بميراث قريبه ، فان استوت قام كل واحد مقام قريبه » فإنه خصوصا الأخير صريح في إرادة إرث نصيب من يتقرب به الذي يوافق الخصم عليه في غير المقام.

فما عن المرتضى رحمه‌الله ومن تبعه ـ من قسمة الميراث بينهم كأولاد الصلب من غير ملاحظة لمن يتقربون به ، لأنهم أولاد حقيقة ، فتشملهم الآية (٦) ولو لا قاعدة الأقرب لشاركوا آباءهم في الإرث ـ

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١.

(٣) راجع التعليقة (٤) في ص ١١٩.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب موجبات الإرث ـ الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب موجبات الإرث ـ الحديث ٣.

(٦) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١.

١٢٤

واضح الضعف.

ولو سلمنا له كونهم أولادا حقيقة إلا أنه لا تنافي بين ذلك وبين كون إرثهم على الوجه المزبور ، للأدلة السابقة ، كما أنه لا مانع من التزام تفضيل الأنثى على الذكر هنا في بعض الصور والتسوية في بعض ، للأدلة المزبورة ، فترث حينئذ بنت الابن الثلثين وأولاد البنت الذكور الثلث.

وعليه يحمل ما‌ في الموثق (١) « ابنة الابن أقرب من ابن البنت » على معنى كثرة النصيب لا القرب الحاجب ، بل لعل ذلك أولى من حمله على التقية ، وحينئذ يكون دليلا آخر على المطلوب ، على أنه لازم له في أولاد الاخوة والأخوات والأعمام والعمات وغيرهم.

بل المراد من عدم تفضيل الأنثى على الذكر أنها لا تزداد على نصيب ما لو فرضت هي ذكرا ، وذلك في المقام كذلك.

قال أبو جعفر عليه‌السلام في خبر بكير بن أعين (٢) : « لا تزاد الأنثى من الأخوات ولا من الولد على ما لو كان ذكرا لم يزد عليه ».

وفي‌ خبر موسى بن بكير (٣) « والمرأة تكون أبدا أكثر نصيبا من رجل لو كان مكانها ، قال موسى بن بكير : قال زرارة : هذا قائم عند أصحابنا لا يختلفون فيه ».

وبذلك كله ظهر لك أنه لا إشكال في المسألة بحمد الله كما لا إشكال في‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٨.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٢ عن موسى بن بكر عن بكير وفي الكافي ج ٧ ص ١٠٤ « عن موسى بن بكر قال : قلت لزرارة : إن بكيرا حدثني عن أبي جعفر ٧. ».

١٢٥

المسألة ( الثانية : )

وهي ( أولاد البنت يقتسمون نصيبهم للذكر مثل حظ الأنثيين كما يقتسم أولاد الابن ) على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة ، بل عن صريح التنقيح الإجماع عليه ، بل لعله ظاهر المصنف وغيره ، لصدق الأولاد حقيقة فيدخلون في عموم ( يُوصِيكُمُ اللهُ ) (١) ولكون المراد منهم هنا ما يشملهم ولو للإجماع المحكي عن جماعة على ذلك ، ولذا حجبوا باعتراف الخصم الأبوين عما زاد على السدسين والزوجين عن النصف والربع ( وقيل ) والقائل جماعة منهم القاضي والشيخ في المبسوط على ما في كشف اللثام ( يقتسمون بالسوية وهو متروك ) شاذ لا دليل له سوى دعوى أن التقرب بالأنثى يقتضي الاقتسام بالسوية.

وفيه ـ مع انتقاضها باعترافه بأولاد الأخت للأب ـ أنه لا دليل على كليتها بعد حرمة القياس على كلالة الأم ، ودعوى أصالة التسوية المنقطعة هنا بما عرفت من شمول آية الوصية لهم على تقديري الحقيقة والمجاز ، بل لعل الخصم يوافق على ذلك إلا أنه يدعي خروجهم عن ذلك بقاعدة التقرب بالأنثى ، وقد عرفت أنه لا معقد لها ، فحينئذ لا إشكال ، والحمد لله.

__________________

(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١.

١٢٦

المسألة ( الثالثة )

من متفردات الإمامية ومعلومات مذهبهم أنه ( يحبى الولد الأكبر من تركة أبيه بثياب بدنه وخاتمه وسيفه ومصحفه ) وبذلك تظافرت نصوصهم عن أئمتهم عليهم‌السلام.

ففي‌ صحيح ربعي بن عبد الله (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « إذا مات الرجل فلأكبر ولده سيفه ومصحفه وخاتمه ودرعه ».

وحسن حريز (٢) : « إذا هلك الرجل وترك بنين فللأكبر الدرع والسيف والخاتم والمصحف ، فان حدث به حدث فللأكبر منهم ».

وفي مرسل ابن أذينة (٣) عن أحدهما عليهما‌السلام : « إذا ترك الرجل سيفا وسلاحا فهو لابنه ، فان كان له بنون فهو لأكبرهم » ونحوه خبر آخر (٤).

وفي‌ صحيح ربعي الآخر (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أيضا « إذا مات الرجل فسيفه ومصحفه وخاتمه وكتبه ورحله وراحلته وكسوته لأكبر ولده ، فان كان الأكبر ابنة فللأكبر من الذكور ».

وفي‌ خبر أبي بصير (٦) عنه عليه‌السلام أيضا « إذا مات الميت فان لابنه الأكبر السيف والرحل والثياب ثياب جلده ».

وخبر شعيب العقرقوفي (٧) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يموت ما له من متاع بيته؟ قال : السيف ، وقال : الميت إذا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٤.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٦.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٥.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٧.

١٢٧

مات فان لابنه السيف والرحل والثياب ثياب جلده ».

وخبر سماعة (١) « سألته عن الرجل يموت ما له من متاع البيت؟ قال : السيف والسلاح والرحل وثياب جلده ».

وخبر أبي بصير (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « كم من انسان له حق لا يعلم به ، قلت : وما ذاك أصلحك الله؟ قال : إن صاحبي الجدار كان لهما كنز تحته لا يعلمان به أما أنه لم يكن بذهب ولا فضة ، قلت : وما كان؟ قال : كان علما ، قلت : فأيهما أحق به؟ قال : الكبير ، كذلك نقول نحن ».

وخبر علي بن أسباط (٣) عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : « سمعناه وذكر كنز اليتيمين ، فقال : كان لوحا من ذهب فيه بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله ، عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ وعجب لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟ وعجب لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يركن إليها؟ وينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئ الله في رزقه ولا يتهمه في قضائه ، فقال له حسين بن أسباط : فإلى من صار؟ إلى أكبرهما ، قال : نعم ».

لكن اختلفوا في أن ذلك على سبيل الوجوب أو الاستحباب ، فالأكثر كما في المسالك على الأول ، بل في غيرها المشهور ، بل في الرياض أنه ادعيت عليه الشهرة بحد الاستفاضة ولا ريب فيها.

قلت : بل الشهرة عليه محصلة ، بل عن الحلي الإجماع عليه ، بل في المحكي من سرائره أنه المجمع عليه عند أصحابنا المعمول به وفتاواهم في‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١٠.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٨.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٩.

١٢٨

عصرنا هذا ـ وهو سنة ثمان وخمسمائة (١) ـ عليه بلا خلاف بينهم ، وهو الحجة بعد الاعتضاد بالشهرة العظيمة.

مضافا إلى ظهور اللام في الملك والاستحقاق ، بل في الرياض في الموثق (٢) التصريح بلفظ الأخير.

قال ما حاصله : « ولا ينافي الاستدلال به تضمنه كتب العلم التي ليست من الحبوة عند الأكثر إلا بدعوى شمول لفظ المصحف لها ، ولا ريب في بعده ، ضرورة انسياق القرآن المجيد منه ، ولم يكن المصحف ، فيحتمل كون ذلك الكتاب المكنوز بدلا عنه » وإن كان هو كما ترى خصوصا بعد ظهور القرآن المجيد في كون الكنز لهما معا لا لخصوص الأكبر ، فلا ريب في عدم صلاحيته والخبر الأخير للاستدلال على المختار الذي نحن في غنية عن إثباته بذلك ، ضرورة كفاية اللام ـ التي لم يتعارف التجوز بها عن الندب ـ في ذلك ، بل هي مستند أدلة الإرث في الكتاب (٣) والسنة (٤).

واختلاف النصوص المتقدمة في مقدار ما يحبى به ـ بل لم يتضمن شي‌ء منها الأربعة التي عند الأصحاب ، لأن أشملها لها الصحيحان (٥) وقد‌

__________________

(١) في السرائر المطبوعة وكذلك المخطوطة منها التي أوقفها الشيخ البهائي « قده » المحتفظ بها في مكتبة الروضة الرضوية في « مشهد » خراسان « كتابخانه آستانه قدس » هكذا : « وهو سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ».

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٨.

(٣) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٧.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥ و ٩ و ١٦ و ١٧ و ١٨ وغيرها ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١ و ٢.

١٢٩

تضمنا ثلاثة منها ولم يتضمنا الثياب ، بل تضمنا الدرع بدلها ، ولم يقل به أحد ـ غير قادح ولا صالح للدلالة على الاستحباب ، ضرورة عدم كون مطلق الاختلاف دالا على ذلك ، وإلا فأغلب الأخبار في غالب الأحكام مختلفة.

نعم لو بلغ درجة يحصل القطع به من جهته كما في أخبار البئر (١) اتجه الحكم به ، وليس المقام كذلك قطعا ، مع أنه قد يمنع عدم تضمن الصحيحين (٢) للأربع بناء على إرادة القميص من الدرع لا الحديد ، ويلحق به غيره من ثياب البدن بالإجماع ، بل لعل ذلك أولى.

كما أنه من الواضح عدم خروج الخبر عن الحجية باشتماله على ما لا يقول به أحد من الطائفة وإلا لكان ذلك لازما للقائلين بالندب هنا ، فإنه لم يحك عن أحد منهم الاستحباب فيما زاد على الأربعة إلا ما يحكى عن الإسكافي من إلحاق السلاح بها.

وأما الصدوق فإنه قد روى رواية الرحل والراحلة والكتب في الفقيه (٣) فان كان ذلك منه عملا بها بناء على ما ذكره في أول كتابه فهو على الوجوب دون الندب.

وبذلك كله يظهر لك أنه لا وجه للاستدلال على الندب بالنصوص المشتملة على غير الأربعة (٤) بناء على معلومية عدم الوجوب في غيرها‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ و ١٦ و ١٧ و ١٨ و ١٩ و ٢٠ و ٢١ و ٢٢ ـ من أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١ و ٢.

(٣) أشار إليه في الوسائل في الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١ وذكره في الفقيه ـ ج ٤ ص ٢٥١ الرقم ٨٠٥. الا أنه ليس فيه الراحلة.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

١٣٠

واتحاد المساق فيها أجمع ، فيتجه كونها للندب في الجميع ، ضرورة أن القائلين بالندب لم يزيدوا على الأربع كي يتجه حينئذ ذلك ، فهي مطرحة بالنسبة إليها عند الجميع ، فيكون اشتباها من الراوي أو غيره من آفات الأخبار.

كما أنه يظهر عدم الوجه في الاستدلال بها أيضا من حيث اختلافها اختلافا منافيا للوجوب دون الندب الذي يتسامح فيه بخلافه ، نحو أخبار النزح في البئر (١) ضرورة منع مثل هذا الاختلاف فيها أولا وإلا لنافى الاستحباب أيضا ، لمنع التسامح في مثل هذا الندب المعارض بقاعدة حرمة التصرف في مال الغير ، وخصوصا اليتيم ، إذ القائل بالندب يجوز إخراجها ولو كان الوارث غير الكبير طفلا صغيرا ، إذ هي من المستحب المالي كزكاة مال الطفل ، ومثل هذا الاستحباب لا بد له من دليل صالح لتخصيص القاعدة القاضية بالحرمة ، ومتى كان في نصوص المقام صلاحية لذلك صلحت لإفادة الوجوب حينئذ لعدم التسامح في هذا الندب ، كما هو واضح.

وأما دعوى خلوها عن خبر جامع لهذه الأربعة التي ذكرها الأصحاب وإنما هي مستفادة من مجموعها فهي غير قادحة بعد تمييزها عن غيرها بكلام الأصحاب القائلين بالوجوب والندب ، مع ضرورة اشتراكهما معا في ذلك كما عرفت.

على أنه قد يمنع ذلك بإرادة القميص في صحيح الدرع ، وحينئذ يكون الجامع لها موجودا بعد إلحاق غيره من الثياب به بالإجماع وغيره من النصوص ، بل لعل ذلك أولى من حمله على درع الحديد الذي هو ليس‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ و ١٦ و ١٧ و ١٨ و ١٩ و ٢٠ و ٢١ و ٢٢ ـ من أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة.

١٣١

منها عند معظم القائلين بالوجوب أو الندب ، بل على تقديره فما هو إلا لأنه من قبيل ثياب الميت وملبوساته ، فتأمل جيدا.

وقد ظهر لك من ذلك أن القول بالوجوب هو الأقوى ، بل لعل ذلك هو المعروف من الشيعة حتى أن مخالفيهم يعرفونه منهم باعتبار كونه من متفرداتهم فضلا عنهم.

وكيف كان فالظاهر مجانية هذا الحباء عملا بظاهر النصوص المزبورة ، فما عن المرتضى وغيره ـ من كونه بالقيمة فتكون ثمرة خصوصية الأكبر الاختصاص بالعين من بين الورثة ـ واضح الضعف.

ومن الغريب ما في الكشف من الاستدلال عليه بعموم أدلة الإرث السالم عن المعارض ، قال : « فان اختصاص الأعيان به على ما في الأخبار والفتاوى لا ينافي الاحتساب » وب‌ قول (١) الصادق عليه‌السلام في حسن حريز (٢) السابق : « إذا هلك الرجل فترك بنيه فللأكبر السيف والدرع والخاتم والمصحف ، فان حدث به حدث فللأكبر منهم ».

ضرورة وجوب الخروج عن ذلك العموم بظهور المجانية من اللام في النص والفتوى التي بها خرج عما يقتضيه عموم الإرث من الاشتراك ، وعدم الدلالة في حسن حريز المحمول ما فيه من‌ قوله عليه‌السلام : « فان حدث به حدث » إلى آخره على إرادة فإن كان قد حدث بالأكبر حدث قبل هلاك الرجل فللأكبر الباقي ، لا على ارادة الاحتساب بالقيمة إذ هو مع أنه تأول في ذلك لا يقول به أحد.

كما أن الاستيناس لذلك بما تسمعه من خبر الزوجة عما فاتها من إرث الفرس والبناء بالقيمة لا وجه له أيضا بعد حرمة القياس.

__________________

(١) عطف على قوله : « بعموم أدلة الإرث ».

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد الحديث ٣.

١٣٢

( و ) على كل حال فـ ( ـعليه قضاء ما عليه من صلاة وصيام ) كما عرفت تفصيل ذلك في كتاب الصوم (١) فلاحظ.

( ومن شرط اختصاصه ) بالحباء عند ابني حمزة وإدريس على ما حكي عنهما ( ألا يكون سفيها ولا فاسد الرأي ) مخالفا في المذهب بل في المتن ( على قول مشهور ) وإن كنا لم نتحققه ، ولعله لكونهما ليسا أهلا للكرامة الظاهرة في حكمة الحباء الذي هو كالعوض عما يؤديه من قضاء الصوم والصلاة. وما قيل من أن المخالف لا يرى استحقاقها فيجوز إلزامه بمذهبه كما جاء (٢) مثله في منعه عن الإرث أو بعضه حيث يقول به إدانة بمعتقده.

وإن كان قد يناقش ـ بعد تسليم إرث المخالف للمؤمن ـ بأن فساد الرأي لا يخص المخالف ، بل هو شامل للواقفي ونحوه ممن يرى الحباء وبأن ذلك ليس من باب الشرطية ، ولذا لم يشترط أحد في إبطال العول والعصبة عدم فساد الرأي ، بل حكموا به مطلقا مع تصريحهم كجملة من الأخبار (٣) بجواز إدانة المخالف بمعتقده فيهما.

كما أنه قد يناقش في أصل الاستدلال بمنع كون الحكمة ذلك ، وعدم وجوب اطرادها ، ومن هنا مال جماعة من متأخري المتأخرين إلى عدم الشرط المذكور ، بل لعله ظاهر نسبة المصنف هنا والنافع له إلى القول بل في الرياض أن ذلك هو الأصح ، لإطلاق النصوص ، ولعله كذلك.

اللهم إلا أن يشك في إرادة هذا الفرد من هذا الإطلاق ، فيبقى عموم الإرث حينئذ سالما من المعارض ، فتأمل جيدا ، والله العالم.

__________________

(١) راجع ج ١٧ ص ٣٩ ـ ٤٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد والباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث المجوس.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد والباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث المجوس.

١٣٣

( و ) من شرطه أيضا ( أن يخلف الميت مالا غير ذلك ، فلو لم يخلف ) مالا ( سواه ) أي مال الحباء ( لم يخص ) الأكبر ( بشي‌ء منه ) وفاقا لصريح جماعة ، بل المشهور كما في المسالك وغيرها ، للأصل السالم عن معارضة إطلاق الأدلة المنساق إلى المفروض الذي هو الغالب ، بل قد سمعت مضمر سماعة (١) المشتمل على أن ذلك للميت من متاع بيته ، مضافا إلى استلزام ما عداه الإجحاف بالورثة والإضرار بهم ، فما عن بعضهم ـ من عدم اشتراط ذلك للإطلاق ـ في غير محله.

نعم في اشتراط كون الغبر كثيرا بحيث يعادل نصيب كل من الورثة مقدار الحبوة. أو نصيب الكل مقدارها ، أو عدمه مطلقا ، وكفاية ما قل منه ولو كان درهما وهي تساوي دنانير ، أوجه.

وفي الرياض مقتضى الأدلة الدالة ـ ولا سيما التعليل على اعتباره ـ الأول.

وفي المسالك « وعليه ينبغي اعتبار نصيب الولد المساوي له في الذكورية ، أما غيره فلا ، لعدم المناسبة سيما الزوجة ».

قلت : هو كذلك ، لكن لا يخفى عليك ما في أصل اعتبار ذلك من الاشكال ، بل هو من التهجس في الحكم الشرعي والقول به من غير دليل. ولعل المتجه دوران الحكم على صدق كون الحبوة من متاع بيته وبعض تركته.

ومن شرطه عند جماعة أيضا خلو الميت من دين مستغرق للتركة ، لعدم الإرث حينئذ ، والحباء نوع منه ، بل ربما اشترط خلوه من مطلق الدين باعتبار اختصاص الحبوة بما يخصها من توزيعه على مجموع التركة فتبطل حينئذ بالنسبة.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١٠.

١٣٤

لكن قد يناقش بإطلاق النص ، وبما عرفت من أن الأصح انتقال التركة إلى الوارث وإن لزم المحبو ما قابلها من الدين إن أراد فكها ، وليس هذا إبطالا لها ، مع احتمال وجود المتبرع والإبراء ونحو ذلك.

ودعوى بطلانها بمجرد وجود الدين المستغرق المقتضي عدمها حال الوفاة كما ترى ، ضرورة كون ذلك بطلانا مراعى لا مطلقا ، بل يلزم على المنع من مقابل الدين إن لم يفكه المنع من مقابل الوصية النافذة إن لم يكن بعين مخصوصة خارجة عنها ومن مقابل الكفن الواجب وما في معناه ، لعين ما ذكر ، ولا ريب في بعده لإطلاق النص والفتوى بثبوتها مع عدم انفكاك الميت عن ذلك غالبا خصوصا الكفن.

لكن في الرياض تبعا للروضة أن الموافق للأصول الشرعية البطلان في مقابلة ذلك كله إن لم يفك المحبو بما يخصه ، لأن الحبوة نوع من الإرث واختصاص فيه ، والدين والوصية والكفن ونحوها تخرج من جميع التركة ، ونسبة الورثة إليه على السواء ، نعم لو كانت الوصية بعين من أعيان التركة خارجة عن الحبوة فلا منع ، كما لو كانت تلك العين معدومة ، ولو كانت الوصية ببعض الحبوة اعتبرت من الثلث كغيرها من ضروب الإرث ، إلا أنها تتوقف على إجازة المحبو خاصة أي مع فرض زيادتها على الثلث.

وفيه ما لا يخفى بعد ما عرفت ، وإنما المتجه عدم مزاحمة غير المستغرق من الدين والوصية بالمائة مثلا والكفن للحبوة مع فرض إمكان خروجها من غيرها ، بل تخرج هذه أجمع من غير أعيان الحبوة ، ترجيحا لإطلاق أدلتها ، ولأن تنفيذها من غيرها مشترك أيضا بين المحبو وغيره من الورثة بخلاف تنفيذها منها ، فان الضرر خاص بالمحبو.

أما المستغرق فالظاهر تقديمه عليها ترجيحا لإطلاق أدلته عليها ،

١٣٥

فلا يختص بها إلا مع القضاء من غيرها ولو بفكها بما يخصها ، والوصية بالعين من غيرها إنما تكون بمنزلة المعدومة مع فرض سعة ثلث غير الحبوة.

أما لو فرض عدم سعة ذلك إلا بملاحظة الحبوة فالمتجه بناؤه على ما لو أوصى بثلث ماله مثلا ، فهل يخرج من أعيان الحبوة أو يلحظ ثلثه من غيرها؟ يحتمل الأول ، لإطلاق جواز الوصية بالثلث ، والفرض شمول لفظ الوصية لذلك ، فهو كما لو صرح بإرادة الثلث بإرادة الثلث منها ، والحباء إنما يزاحم الوارث لا الوصية ، والثاني حملا لوصيته على الثلث من غيرها باعتبار ظهور وصيته به في إرادة ثلثه من المال الذي له فيه ثلثه ، وأما أعيان الحبوة فهي جميعها له ، كما هو مقتضى خبر سماعة (١) فيكون له حينئذ من ماله هذه الأعيان والثلث من غيرها.

وإن حبي بها ولده الأكبر فلا ينصرف الوصية بالثلث إلى ما يشمل الثلث منها. وبذلك يفرق بين التصريح والإطلاق ، إلا أن المتجه عليه حينئذ أنه لو أوصى بعين من أعيانها لغير المحبو نفذت وصيته بها من غير الثلث لأن الفرض كونها له مع الثلث ، وهو خلاف ما صرح به بعضهم.

وأما احتمال أنه ليس له الوصية بها للغير لتعلق حق المحبو بها تعلقا شرعيا فظاهر الأصحاب خلافه.

والذي يقوى في النظر مزاحمة الدين والكفن والوصية لها مع فرض توقفها عليها لا مع عدم ذلك ، بأن أمكن الوفاء والكفن وتنفيذ الوصية من غيرها ، والظاهر اعتبار الثلث منها مع فرض إطلاق الوصية به لتوقف تنفيذ تمام الوصية على ذلك.

نعم الأولى بل الأحوط أخذ قيمة ثلثها من المحبو ودفع نفس الأعيان إليه ، كما أنه لو أوصى بعين من أعيانها أعطي للمحبو خاصة ما قابل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١٠.

١٣٦

ثلثيها من الثلث ، لأن الوصية إنما كانت بما له دون باقي الورثة ، فتأمل جيدا ، والله العالم.

( و ) كيف كان فـ ( ـلو كان الأكبر أنثى لم تحب وأعطي الأكبر من الذكور ) بلا خلاف أجده ، بل في المسالك الإجماع عليه لما سمعته من الصحيح (١) المعتضد بإناطة الحكم في غيره من النصوص (٢) بالأكبر من الذكور أو بالذكر سواء كانت أنثى أكبر منه أو لا.

نعم لو فرض تعدد الأكبر كما لو ولد له ولدان من زوجتين على وجه لا يزيد أحدهما على الآخر بما يتحقق به الأكبرية فالظاهر قسمتها بينهم بالسوية على ما صرح به غير واحد ، بل لعله المشهور.

خلافا للمحكي عن ابن حمزة ، فاشترط في ثبوتها للأكبر فقد آخر في سنه ، وأسقطها مع وجوده ، نظرا إلى تبادر الواحد من الأكبر دون المتعدد.

وفيه أنه لا تفاوت في صدق أفعل التفضيل بين الواحد والمتعدد وإن انساق أولا الواحد ، كما أن الظاهر من ادفع الحباء للذكر الواحد وإن لم يكن ذكر آخر غيره ، ضرورة كون المراد الأكبر إن وجد المتعدد وإلا فهو له ، خصوصا بعد التصريح بذلك فيما سمعته من النص المعتبر (٣) المشتمل على أنه لابنه وإن كانوا أكثر فهو لأكبرهم ، مضافا إلى ظهور الاتفاق عليه.

نعم في اشتراط بلوغه قولان من إطلاق النصوص ، ومن أنها في مقابلة قضاء ما تركه من صوم وصلاة ، ولا يكلف به إلا البالغ ، وإن كان قد يمنع كون ذلك في مقابلتها وإن اشترطه في ثبوتها ابن حمزة ، بل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٤.

١٣٧

لعله ظاهر غيره أيضا إلا أن إطلاق الأدلة يدفعه. على أنه يمكن مراعاة ذلك منه بعد البلوغ ، فلا ريب في أن الأقوى الأول.

بل الظاهر عدم اشتراط انفصاله حيا حال موت أبيه ـ وإن كان لم يصدق عليه الولد الذكر حينئذ ـ لكونه متحققا في نفس الأمر ، وكون الحبوة قسما من الميراث وقد عرفت أنه يعزل نصيبه منه ، بل قلنا هناك إنه يكفي فيه صدق الولدية المتأخرة ، وحينئذ لا فرق بين كونه علقة ومضغة وغيرهما على حسب ما سمعته في الإرث.

لكن في الروضة أنه يمكن الفرق بين كونه جنينا تاما فتحقق الذكورية في الواقع حين الموت وبين كونه مضغة وعلقة ، وفيه ما عرفت.

ثم إن الظاهر كون المدار في الأعيان المحبوة صدق أسمائها كما في غيرها من موضوعات الأحكام.

نعم لو تعددت هذه الأجناس فما كان منها بلفظ الجمع كالثياب يدخل أجمع وما كان بلفظ الواحد كالسيف والمصحف فواحد ، إلا أنه يرجح ما يغلب نسبته إليه ، فإن تساوت تخير الوارث واحدا منها ، ويحتمل القرعة ، بل يحتمل إعطاء الجميع مطلقا كالثياب بدعوى إرادة إعطاء جنس ذلك وأن مثل هذه الإضافة تفيد العموم ، إلا أن الأقوى الأول.

والعمامة والمنطقة من الثياب ، بل الظاهر دخول حلية السيف وجفنه وسيوره وبيت المصحف للتبعية عرفا ، والقلنسوة والثوب من اللبد والفراء ونحوها من المراد بالثياب والكسوة هنا.

لكن في الروضة في دخول القلنسوة والثوب من اللبد نظر من عدم دخولهما في مفهوم الثياب ، وتناول الكسوة المذكورة لهما ، ويمكن الفرق ودخول الثاني دون الأول ، لمنع كون القلنسوة من الكسوة ، ومن ثم‌

١٣٨

لم تجز في كفارة اليمين المجزئ فيها ما يعد كسوة.

وفيه ما لا يخفى بعد ظهور كون المراد هنا ما يشمل ذلك كله ، كما هو واضح.

نعم لا يندرج فيه ما أعده للبسه ولم يلبسه على الظاهر بل فيما لبسه معدا له للتجارة إشكال ، كالإشكال في المصحف المعد للحفظ والبركة والحرز ونحوها مما يستعمله من لم يحسن القراءة.

هذا وقد بقي في المسألة فروع كثيرة لكن يسهل الخطب فيها معلومية قضاء الأصل وغيره فيها ، والله العالم.

المسألة ( الرابعة : )

( لا يرث الجد ولا الجدة ) لأب كان أم لأم ( مع أحد الأبوين شيئا ) على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة ، بل في محكي الانتصار والخلاف والتنقيح وظاهر المبسوط والغنية والمفاتيح والكفاية وغيرها الإجماع عليه ، بل في الروضة هو موضع وفاق إلا من ابن الجنيد في بعض الموارد.

قلت : لعل ذلك البعض هو خصوص ما في المحكي في عبارته من أنه « إذا حضر جميع الأبوين أو أحدهما مع الجد أو الجدة مع الولد للميت ممن لا يستوعب بما سمي له وللوالدين جميع المال ـ كابنة وأبوين وجد ـ كان ما يبقى بعد حق الأبوين والابنة ميراثا لمن حضر من الجدين أو الجدتين ، لمشاركتهم أحد الأبوين في التسمية التي أخذوا بها الميراث الذي عين لهم دون غيره من الموارد ».

١٣٩

نعم حكي عنه عبارة أخرى ، وهي « وإن كان ما يأخذه ولد الحاضر أي من الأجداد من الميراث بالتسمية ما يتجاوز السدس كان السدس للحاضر طعمة من سهم ولده الذي تقرب إلى الميت به لا من أصل المال ».

ولعل ظاهرها الندب ، ومن هنا اختلف النقل عنه في الوجوب والندب ، وفي السدس أنه من الأصل أو من نصيب المطعم ، فلم يتحقق خلافه كالمحكي عن الصدوق رحمه‌الله بل لعل آخر كلامه في الفقيه صريح في الندب ، كما اعترف به في كشف اللثام وغيره.

وكذا المحكي عن الكليني رحمه‌الله فإن التأمل في كلامه ـ بعد اعترافه بأن إجماع العصابة على تنزيل الجد منزلة الأخ المعلوم عدم مشاركته الأبوين ـ يقضي بإرادة الندب له.

وبذلك يظهر لك أن لا مخالف محقق في المسألة ، وعلى تقديره فلا ريب في ضعفه ، لما عرفت ولآية أولي الأرحام (١) وغيرها من السنة (٢) الدالة على حجب الأبعد بالأقرب المعلوم كونه في المقام الأب الذي يتقرب به الجد إلى الميت.

مضافا إلى ما دل من الكتاب (٣) والسنة (٤) على فريضة الأبوين مع الولد وعدمه ، على أنه يقضي باختصاص قسمة التركة بينهما وبينه وبينهما خاصة من دون إشارة إلى الجد أصلا ، ودعوى إرادة ما يشمل الجد‌

__________________

(١) سورة الأنفال : ٨ ـ الآية ٧٥ وسورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب موجبات الإرث ـ الحديث ١ و ٣ والباب ـ ٢ ـ منها ـ الحديث ١ و ٣ والباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٦ والباب ـ ٨ ـ منها ـ الحديث ١.

(٣) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٩ و ١٧ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

١٤٠