جواهر الكلام - ج ٣٩

الشيخ محمّد حسن النّجفي

لاحتمال إرادته الزوج من الأزواج لا الزوجة ، بل عن ابن إدريس أنه قد رجع عنه في كتاب الإعلام ، للأصل والمعتبرة المستفيضة (١) الصريحة في ذلك وفي التفصيل بين الزوج والزوجة.

( والثالث : ) أنه ( يرد ) عليها ( مع عدم ) حضور ( الامام عليه‌السلام ) نحو هذا الزمان ( لا مع وجوده ) وهو المحكي عن الصدوق والشيخ في كتابي الأخبار ، بل في المحكي من نهايته أنه قريب من الصواب ، بل في المسالك حكايته عن نجيب الدين يحيى بن سعيد والعلامة في التحرير والتلخيص والإرشاد والشهيد في اللمعة محتجين له بأنه وجه جمع بين الأخبار ، بحمل نصوص عدم الرد (٢) على الحضور وصحيح الرد (٣) على الغيبة.

وهو كما ترى بل عن ابن إدريس أنه جمع بما هو أبعد مما بين المشرق والمغرب ، بل في المسالك « أن الخبر الصحيح مشتمل على سؤال الباقر عليه‌السلام وهو حي ظاهر ، فكيف يحمل ما فيه من الرد على زمن الغيبة الذي هو متأخر عن زمانه الذي قد أجاب بالرد فيه بمائة وخمسين سنة؟! ».

قلت : اللهم إلا أن يلحق زمانه باعتبار قصور يده بزمن الغيبة ، كما ألحق في غير ذلك مما يرجع إلى الامام عليه‌السلام كصلاة الجمعة وإقامة الحدود وغيرهما ، لكنه حينئذ معارض بخبر ابن نعيم الصحاف (٤) قال : « مات محمد بن أبي عمير وأوصى إلى وترك امرأة ولم يترك وارثا غيرها ، فكتبت إلى العبد الصالح عليه‌السلام فكتب إلى أعط المرأة الربع ، واحمل الباقي إلينا ».

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الأزواج.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الأزواج.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ٩.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ٢.

٨١

بل في هذا الجمع من أصله أنه لا شاهد له ، بل لا مكافأة لصحيح الرد المزبور لما دل على عدمه من النصوص المتعددة الموافقة للأصل وظاهر الكتاب وفتوى الأصحاب حتى يحتاج إلى الجمع.

ومن هنا قال ابن إدريس على ما حكي عنه : « إن الجمع إنما يكون مع التعارض وإمكان الجمع ، وهو منفي هنا ، لأن فتوى الأصحاب لا يعارضها خبر الواحد ، ومال الغير لا يحصل بغيبته ».

بل قد يظهر من كلامه هذا أن القائل بالرد عليها في زمن الغيبة إنما يريد إباحة ذلك من الامام عليه‌السلام لها ، إلا أنها تستحقه إرثا ، ضرورة استبعاد اختلاف حاليها بالإرث وعدمه بالحضور وعدمه.

ومنه ينقدح وجه الجمع بين النصوص بأنه لما كان راجعا إلى الامام عليه‌السلام أمر بنقله إليه تارة وبإعطائه إلى الامرأة أخرى وبالصدقة به ثالثة ، كما في‌ صحيح ابن مهزيار (١) قال : « كتب محمد بن حمزة العلوي إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام مولى لك أوصى إلى بمائة درهم ، وكنت أسمعه يقول كل شي‌ء لي فهو لمولاي ، فمات وتركها ولم يأمر فيها بشي‌ء ، وله امرأتان ، أما واحدة فلا أعرف لها موضعا الساعة وأما الأخرى بقم ، وما الذي تأمرني في هذه المائة درهم؟ فكتب : انظر أن تدفع هذه الدراهم إلى زوجتي الرجل ، وحقهما من ذلك الثمن إن كان له ولد ، فان لم يكن له ولد فالربع ، وتصدق بالباقي على من تعرف منه حاجة إنشاء الله » بناء على إرادة عدم الولد وغيره من الورثة بقرينة كلام السائل.

ويحمل صحيح الرد على كون المرأة مع ذلك قريبة للزوج ، فيوافق‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ١.

٨٢

حينئذ‌ خبر محمد بن فضيل (١) « سألت الرضا عليه‌السلام عن رجل مات وترك امرأة قرابة ليس له قرابة غيرها ، قال : يدفع المال كله إليها » أو يجمع بغير ذلك.

( و ) على كل حال فلا ريب في أن ( الحق أنه لا يرد ) عليها وإن كان هو الأحوط في هذا الزمان إذا فرض كونها مصرفا لماله عليه‌السلام هذا كله في حجب الولد.

( وأما حجب الاخوة فإنهم يمنعون الام عما زاد عن السدس ) كتابا (٢) وإجماعا بقسميه لكن ( بشروط أربعة ) : ( الأول : أن يكونوا رجلين فصاعدا أو رجلا وامرأتين أو أربع نساء ) فلا حجب إذا لم يكونوا كذلك بلا خلاف أجده بيننا ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل السنة مستفيضة أو متواترة (٣) فيه.

كما أنه يتحقق الحجب بذلك بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه عليه أيضا ، بل السنة (٤) وافية الدلالة عليه أيضا ، وعدم اكتفاء ابن عباس بالذكرين ـ لظاهر قوله تعالى (٥) ( إِخْوَةٌ ) بناء على أن أقل الجمع ثلاثة ـ يدفعه انعقاد الإجماع قبله وبعده على خلافه.

وقال الصادق عليه‌السلام في صحيح ابن مسلم (٦) : « لا يحجب الأم من الثلث إذا لم يكن ولد إلا أخوان أو أربع أخوات ».

وفي‌ حسن البقباق (٧) : « إذا ترك الميت أخوين فهم إخوة مع الميت‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الأزواج ـ الحديث ١.

(٢) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٥) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٤.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١.

٨٣

حجبا الأم ، فإن كان واحدا لم يحجب الأم ، وقال : إذا كن أربع أخوات حجبن الأم من الثلث ، لأنهن بمنزلة أخوين ، وإن كن ثلاثا لم يحجبن » ومن التعليل فيه يستفاد حكم الأخ والأختين.

مضافا إلى ما تسمعه من خبر أبي علي (١) الآتي : وفي خبره الآخر (٢) « لا يحجب الأم عن الثلث إلا أخوان أو أربع أخوات لأب وأم أو لأب ».

وفي‌ خبر أبي علي (٣) « لا يحجب عن الثلث الأخ والأخت حتى يكونا أخوين أو أخا وأختين ، فإن الله يقول ( فَإِنْ كانَ ) (٤) إلى آخرها ».

وفي‌ خبر العلاء بن فضيل المروي في الفقيه (٥) « ولا يحجبها إلا أخوان أو أخ وأختان أو أربع أخوات لأب أو لأب وأم وأكثر من ذلك والمملوك لا يحجب ولا يرث ».

وسأله البقباق (٦) أيضا « عن أبوين وأختين لأب وأم هل يحجبان الأم عن الثلث؟ قال : لا ، قلت : فثلاث ، قال : لا ، قلت : فأربع قال : نعم ».

وبذلك كله مضافا إلى الإجماع تم ما ذكره المصنف وغيره من الاجتزاء بالأخوين والأخ والأختين والأربع نساء.

فالمناقشة حينئذ بأن ظاهر الآية (٧) اعتبار الثلاثة ذكورا اجتهاد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٧ عن أبي العباس.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأبوين والأولاد ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٧ عن أبي العباس.

(٤) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأبوين والأولاد ـ الحديث ٢.

(٧) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١.

٨٤

في مقابلة النص ، حتى لو قلنا بأن أقل الجمع ثلاثة ، ضرورة استفادة الاثنين من السنة (١) أو أن المراد به هنا ذلك مجازا ، كإرادة ما يشمل الإناث من الاخوة أو استفيد حكمها من السنة ، لكن على تنزيل الاثنين منزلة الواحد من الذكور.

ولعله إليه أشار‌ الصادق عليه‌السلام في خبر الفضل بن عبد الملك (٢) قال : « سألته عن أم وأختين ، قال : للأم الثلث ، لأن الله يقول : ( فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ ) ولم يقل فان كان له أخوات » ونحوه خبر البقباق (٣) يعني وفي الفرض لا إخوة ولا من نزل منزلتهم ، أو أنه محمول على التقية أو غير ذلك.

وكذا المناقشة بأن مفهوم الحصر في بعض النصوص المذكورة يقتضي عدم الاجتزاء بالأخ والأختين ، ضرورة كون الحصر إضافيا ، بقرينة ما سمعته من الخبرين (٤) والتعليل والإجماع ، فلا إشكال في المسألة حينئذ من هذه الجهة ، والله العالم.

( الثاني : أن لا يكونوا كفرة ولا أرقاء ) للإجماع بقسميه على عدم حجبهما ، بل المحكي منهما مستفيض كالسنة (٥) المتضمنة لعدم إرث المملوك والكافر وعدم حجبهما.

والمناقشة بظهور النصوص في إرادة حجب الحرمان دون النقصان يدفعها منع ظهورها في ذلك ، بل إن لم تكن ظاهرة في الثاني فلا أقل‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد الحديث ٥.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٣ و ٤.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١ و ١٦ ـ من أبواب موانع الإرث والباب ـ ١٣ و ١٤ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

٨٥

من شمولها لهما ، وخصوصا مع ملاحظة ما في بعضها (١) من أن الكفار بمنزلة الموتى بالنسبة إلى ذلك ، كما أن خبر العلاء (٢) المتقدم كالصريح في إرادة الأخ المملوك.

مضافا إلى فهم الأصحاب وإلى عدم عموم في الإخوة ، بل أقصاه الإطلاق الذي يظن منه ـ ولو بقرينة ما عرفت ـ إرادة غيرهم من الاخوة.

( وهل يحجب ) الأخ ( القاتل ) لأخيه الموروث؟ ( فيه تردد ) وخلاف ( والظاهر أنه لا يحجب ) وفاقا للمشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة ، بل عن الخلاف إجماع الطائفة بل الأمة عليه ، لانقراض خلاف ابن مسعود.

وهو الحجة في تقييد إطلاق الإخوة الذي قد يشك في إرادة ما نحن فيه منه ولو للشهرة أو الإجماع المحكي وأولوية المقام من عدم حجب الولد وغيره ممن ( من خ ل ) هو أبعد منه عن الإرث ، وظهور مساواته للمملوك والكافر في عدم الإرث وعدم الحجب ، بل قد يدعى انسياق تلازمهما وغير ذلك مما هو مورث الشك أو الظن بعدم إرادة ذلك من المطلق وإن لم يكن هو حجة في نفسه.

ولعله إلى ذلك نظر من استدل هنا بما يشبه العلة المستنبطة وبالشهرة وغير ذلك مما علم عدم حجيته عندهم.

لكن ومع ذلك كله فالإنصاف كون الجميع عدا الإجماع المعتضد‌

__________________

(١) لم نجد هذا اللفظ في الروايات ، وانما ذكره الصدوق ( قده ) في الفقيه بعد مرسلة نقلها في ج ٤ ص ٢٤٣ الرقم ٧٧٨ كما تقدم نقله في الجواهر عنه في آخر ص ١٧ ثم نقل عن ابن الجنيد أنه قال : « روى هذه الرواية عن ابن فضال وابن يحيى ».

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١.

٨٦

بالشهرة العظيمة محلا المناقشة (١) خصوصا بعد أن كان المحكي عن الصدوق والعماني الحجب ، بل عن الفاضل في المختلف نفي البأس عنه ، لكنه كفى به بعد شهادة التتبع له ، وعدم قدح خلاف مثلهما في الانعقاد بعدهما فضلا عن سبق انعقاده لهما.

فلا محيص حينئذ عما عليه المشهور ، لما عرفت من الإجماع الذي يجب الخروج به عن الإطلاق المذكور وعن مقتضى تعليل حجب الإخوة الأم عما زاد من السدس بأنهم صاروا سببا لزيادة سهم أبيهم ، لكونهم عياله ونفقتهم عليه دون الأم ، ضرورة عدم سقوط نفقته بقتله ، فان ذلك كله لا يعارض ما سمعت ، والله العالم.

( الثالث : أن يكون الأب موجودا ) كما هو المشهور نقلا وتحصيلا ، بل قيل : إن عليه عامة من تأخر وتقدم إلا الصدوق مع تأمل في تحقق مخالفته ، لظهور الآية التي هي الأصل في هذا الحكم في حياة الأب لقوله تعالى (٢) فيها ( وَوَرِثَهُ أَبَواهُ ) فهي إن لم تدل على اعتبار الحياة فلا ريب في اختصاصها بها ، فيبقى غيره على إطلاق ما دل على أن لها الثلث.

مضافا إلى ظهور تعليل حجب الإخوة بزيادة الأب لانفاقه عليهم ، ولأنه معيل في ذلك أيضا.

وإلى‌ قول الصادق عليه‌السلام في خبر ابن بكير (٣) : « الأم لا تنقص عن الثلث أبدا إلا مع الولد والاخوة إذا كان الأب حيا ».

__________________

(١) هكذا في النسخة الأصلية المبيضة ، وفي المسودة بقلم المصنف ( قده ) « محلا للمناقشة » وهو الصحيح.

(٢) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١.

٨٧

و‌ الصحيح (١) عنه عليه‌السلام أيضا وعن أبي جعفر عليه‌السلام « إن مات رجل وترك أمه وإخوة وأخوات لأب أو إخوة وأخوات لأب وأم وإخوة وأخوات لأم وليس الأب حيا فإنهم لا يرثون ولا يحجبون ، لأنه لم يورث كلالة » وغير ذلك.

خلافا للصدوق رحمه‌الله حيث قال : « إن خلفت زوجها وأمها وإخوة فللأم السدس والباقي يرد عليها » وظاهره الحجب ، لكنه شاذ يمكن دعوى الإجماع على خلافه ، بل لا دليل يعتد به له عدا خبرين مخالفين للمجمع عليه بين الإمامية : أحدهما : خبر زرارة (٢) قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : امرأة تركت زوجها وأمها وإخوتها لأمها وإخوة لأبيها وأمها ، فقال : لزوجها النصف ، ولأمها السدس ، وللاخوة من الأم الثلث وسقط الاخوة من الأم والأب ».

وثانيهما : خبره (٣) عنه عليه‌السلام أيضا « في أم وأخوات لأب وأم وأخوات لأم أن للأم السدس ، ولكلالة الأب الثلثين ، ولكلالة الأم السدس » وهما وإن دلا على حجب الأم عن الثلث إلا أنهما مخالفان للمجمع عليه بين الطائفة من عدم إرث الإخوة مع الأم.

ومن هنا حملهما الشيخ على التقية أو على إلزام الأم لو كانت ترى رأيهم بذلك ، لأنهم يلزمون بما ألزموا به أنفسهم.

وعلى كل حال فلا فائدة مهمة في هذا النزاع ، ضرورة اتفاق‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ـ الحديث ١٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ـ الحديث ١٢ وهو نقل بالمعنى.

٨٨

الأصحاب على كون المال جميعه لها فرضا وردا سواء قلنا فرضها في هذا الحال الثلث أو السدس ، كما هو واضح ، والله العالم.

( الرابع : أن يكونوا للأب والأم أو للأب ) فلا يحجب الاخوة للأم خاصة إجماعا بقسميه ونصوصا (١) مستفيضة.

( وفي اشتراط وجودهم ) أي الاخوة ( منفصلين ) حال موت الأخ ( لا حملا تردد ) من كونه المنساق نصا وفتوى ، بل قد يشك في تحقق الاخوة قبل ذلك ، وانتفاء العلة التي هي إنفاق الأب عليهم ، وخصوص‌ قول الصادق عليه‌السلام في خبر العلاء بن الفضيل (٢) المنجبر بالعمل : « إن الطفل والوليد لا يحجب ولا يرث إلا ما آذن بالصراخ ولا شي‌ء أكنه البطن وإن تحرك إلا ما اختلف عليه الليل والنهار ».

ومن حجب الحمل في غير المقام كما عرفت سابقا ، بل لعل المقام أولى منه ، بل ربما يجري بعض الأدلة السابقة هنا : من صدق الاخوة ولو في المتأخر عن زمان الموت ، بل قد يدعى صدق اسم الاخوة عليه حملا ، فيتجه حينئذ التمسك بأصالة عدم الاشتراط.

لكن لا يخفى عليك كون ( أظهره أنه شرط ) خصوصا بعد الشهرة العظيمة ، بل لم يعرف القائل بالعدم ، بل قيل : إنه لا خلاف فيه ، بل لم يعرف التردد فيه قبل المصنف رحمه‌الله لانسياق وجود الاخوة من الكتاب (٣) والسنة (٤) بل قد يمنع الصدق ، ومن هنا‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ـ الحديث ١.

(٣) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ و ١١ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

٨٩

لم يورث الحمل وإن عزل له نصيب إلا أنه لا يرثه إلا إذا ولد حيا ، كما عرفته سابقا.

على أنك قد عرفت غير مرة كون لفظ الاخوة مطلقا لا عموم فيه ولا أقل من الشك بإرادة مثل ذلك منه ، كما هو واضح.

ومن ذلك ونحوه يعلم اشتراط حياتهم عند موت الموروث ، فلا يكفي وجود الإخوة الأموات ، ضرورة انسياق ذلك من الكتاب والسنة ، بل الظاهر عدم حجبهم لو اقترن موتهم بموته ، بل وكذا لو اشتبه المتقدم والمتأخر منهما.

ومن هنا قال في الدروس : « ولو كان بعضهم ميتا أو كلهم عند موت الموروث لم يحجب ، وكذا لو اقترن موتاهما ، ولو اشتبه التقدم والتأخر فالظاهر عدم الحجب ».

لكن قال : « وفي الغرقى نظر ، كما لو مات أخوان غرقا ومعهما أبوان ولهما أخ آخر حيا أو غريقا ، فان فرض موت كل منهما يستدعي كون الآخر حيا ، فيتحقق الحجب ، ومن عدم القطع بوجوده ، والإرث حكم شرعي ، فلا يلزم منه اطراد الحكم بالحياة مع احتمال عدم تقدير السبق بينهما ، ولم أجد لهذا كلاما لمن سبق ».

قلت : لا يخفى عليك ظهور النص (١) والفتوى في أن المشروط حجب الأم عن الثلث إلى السدس لا أصل استحقاقها الثلث ، بل هو مقتضى إطلاق الآية (٢) فالشك حينئذ في الشرط شك في المشروط ، فتبقى الأم على أصل استحقاق الثلث ، وثبوت حكم خاص للغرقى في خصوص الإرث مخالف للأصل لا يقتضي التعدية إلى ما نحن فيه بعد‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد.

(٢) سورة النساء ٤ ـ الآية ١١.

٩٠

حرمة القياس ، فلا ريب في أن المتجه الحكم باستحقاقها الثلث في جميع ذلك من غير فرق بين الغرقى وغيرهم.

وأما اشتراط المغايرة فلا ريب فيه ، ضرورة كونه المنساق أيضا من الكتاب والسنة ، بل لظهوره لم يتعرض له المصنف رحمه‌الله وغيره ، نعم في الدروس « الخامس : المغايرة ، فلو كانت الأم أختا لأب فلا حجب ، كما يتفق في المجوس أو الشبهة بوطء الرجل ابنته ، فولدها أخوها لأبيها » وكأنه من النص على الواضحات. والله العالم.

وكيف كان فقد ظهر لك أن حجب الأم منحصر بالولد وإن نزل والاخوة ( و ) حينئذ فـ ( ـلا يحجبها أولاد الاخوة ) لعدم الصدق وإن قاموا مقام آبائهم في الميراث ، لكن حرمة القياس تمنع من تعدية ذلك إلى ما نحن فيه.

( و ) كذا ( لا ) يحجبها ( من الخناثى ) المشكلة ( أقل من أربعة ، لاحتمال أن يكونوا إناثا ) والشك في الشرط شك في المشروط أما إذا كن أربعة تحقق قطعا ، كما هو واضح ، والله العالم.

٩١

( المقدمة الرابعة )

في مقادير السهام و ) كيفية ( اجتماعها )

( السهام ) المنصوصة في كتاب الله عز وجل (١) ( ستة : ) ( النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس ) أي النصف ونصفه ونصف نصفه والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما.

( فالنصف نصيب الزوج مع عدم الولد وإن نزل ) اتفاقا ، نعم في تنزيل عدم إرث الولد لرق ونحوه منزلة عدمه وجهان أقواهما ذلك.

( وسهم البنت ) الواحدة ( والأخت للأب والأم أو الأخت للأب ) إذا انفردتا عن ذكر مساو في القرب ، وإلا فللذكر مثل حظ الأنثيين.

( والربع سهم الزوج مع الولد ) الوارث أو مطلقا ( وإن نزل ، والزوجة مع عدمه ) واحدة كانت أو متعددة.

( والثمن سهم الزوجة ) وإن تعددت ( مع الولد وإن نزل ) قال الله تعالى (٢) ( وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ، فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْنَ ). ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ، فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ ) » فقد جعل الله‌

__________________

(١) سورة النساء ٤ ـ الآية ١١ و ١٧٦.

(٢) سورة النساء ٤ ـ الآية ١٢.

٩٢

للزوج في حالتيه ضعف ما للزوجة في حالتيها ، لما فيه من الذكورة التي يستحق بسببها ضعف الأنثى كالابن والبنت.

( والثلثان سهم البنتين فصاعدا ) مع عدم مشاركة الذكر المساوي إجماعا بقسميه ونصوصا (١) مستفيضة أو متواترة ، وأولويتهما من الأختين بذلك لكونهما أمس رحما ، ولأن للبنت مع الابن الثلث فأولى أن يكون لها مع بنت أخرى ذلك.

بل لعل المراد من قوله تعالى (٢) ( فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ) اثنتين فما فوق ، نحو‌ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) : « لا تسافر المرأة سفرا فوق ثلاثة أيام إلا ومعها زوجها أو ذو محرم لها » إذ لو أريد التقييد بالزيادة على اثنتين لم يكن إلا تأكيدا ، ضرورة استفادة ذلك من لفظ الجمع ، بل يخلو الكلام حينئذ عن حكم الاثنتين ، فالمراد حينئذ فإن كن نساء فوق اثنتين فلهما الثلثان فضلا عن الثنتين ، ولقوله تعالى (٤) : ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) فإن أقل عدد يراد بيانه بهذه الآية اجتماع ذكر وأنثى ، فلو لم يكن الثلثان حظا للانثيين في حال من الأحوال لم تصدق الآية ، وليس إلا حال انفرادهما ، ضرورة عدم صدقه في حال اجتماعهما مع الذكر ، إذ أقصاه اجتماعهما مع الذكر الواحد ، وحينئذ لهما النصف وله النصف.

وما عساه يقال إنه يمكن في الصورة المفروضة ـ وهي اجتماع ذكر وأنثى ـ أن لها الثلث والبنت لا تفضل عن البنت إجماعا ، فيكون الثلثان في قوة نصيب الأنثيين ليصح إطلاق حظهما لذلك ، وهو في حال الاجتماع‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب موجبات الإرث ـ الحديث ٦.

(٢) سورة النساء ٤ ـ الآية ١١.

(٣) سنن البيهقي ج ٧ ص ٩٨ مع اختلاف في اللفظ.

(٤) سورة النساء ٤ ـ الآية ١١.

٩٣

فلا يدل على كون الثلثين لهما في حال الانفراد الذي هو المتنازع.

يدفعه أن عدم تفضيل الأنثى على مثلها لا يستلزم كون الثلثين حظا لهما ، بل ولا يجامعه ، لأنهما (١) حالة الاجتماع لا يكون أزيد من النصف قطعا كما ذكرناه ، وإنما تقتضي المماثلة كونهما مع الاجتماع متساويين في النصيب وهو كذلك ، فإن الواحدة حينئذ لا يكون لها ثلث ، فلا يكون لهما ثلثان لامتناعه حالة الاجتماع ، إذ لا بد أن يفضل للذكر بقدر النصيبين فيتعين أن يكون ذلك في حالة الانفراد.

كل ذلك مضافا إلى ما يظهر من إضافة الحظ إليهما من العهدية ومعروفية استحقاقهما ذلك ، وليس هو إلا حال الانفراد ، أي للذكر حال اجتماعه مع الأنثى حظ الأنثيين حال انفرادهما ، فينبغي أن يكون الثلثان.

والأمر في ذلك سهل بعد تطابق السنة والإجماع عليه ، بل لعله بين المسلمين ، وخلاف ابن عباس بعد أن سبقه الإجماع ولحقه غير قادح.

( و ) كذلك سهم ( الأختين فصاعدا للأب والأم أو للأب ) الثلثان كتابا (٢) وسنة (٣) وإجماعا بقسميه ، نعم ليس في الأول إلا بيان حكم الأختين دون ما زاد عليهما لكن الأخيرين كافيان بذلك.

( والثلث سهم الأم مع عدم من يحجبها من الولد وإن نزل والاخوة ) كتابا (٤) وسنة (٥) وإجماعا بقسميه ( وسهم الاثنين فصاعدا من ولد الأم ) كتابا (٦) وسنة (٧) وإجماعا بقسميه وإن كان‌

__________________

(١) هكذا في النسختين الأصليتين : المسودة والمبيضة ، والصحيح « لأن حظهما ».

(٢) سورة النساء ٤ ـ الآية ١٧٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد ـ الحديث ٥.

(٤) سورة النساء ٤ ـ الآية ١١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٦) سورة النساء ٤ ـ الآية ١٢.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد.

٩٤

الأول لا صراحة فيه بالاخوة من الأم لكن يكفي فيه النقل ، مضافا إلى ما عن ابن مسعود من قراءة « وله أخ أو أخت من أم » بناء على أن القراءة وإن كانت شاذة كالخبر الصحيح.

( والسدس سهم كل واحد من الأبوين مع الولد وإن نزل ، وسهم الأم مع الاخوة للأب والأم أو للأب مع وجود الأب ، وسهم الواحد من ولد الأم ذكرا كان أو أنثى ) بلا خلاف أجده في شي‌ء من المواضع الثلاثة ، بل الكتاب (١) والسنة (٢) والإجماع بقسميه عليه.

( وهذه الفروض ) جملة صور اجتماعها ست وثلاثون حاصلة من ضرب الستة في مثلها ، إلا أنه يتكرر فيه خمس عشرة صورة ، لأنك إذا اعتبرت واحدة منها تحصل ستة أقسام سالمة عن التكرار ، ولكن إذا اعتبرت أخرى من الستة تحصل أيضا ست صور إلا أن صورة منها كانت حاصلة في الست الأولى ، وإذا اعتبرت الثالثة يتكرر صورتان ، وفي الرابعة يتكرر ثلاث ، وفي الخامسة أربع ، وفي السادسة خمس ، فإذا جمعت الصور المكررة على النظم الطبيعي تحصل خمس عشرة صورة مكررة ، فتحذف من الست وثلاثين وتبقى إحدى وعشرون صورة.

لكن ( منها ما يصح أن يجتمع ، ومنها ما يمتنع ) ولو للعول ، وجملته ثمانية : وهي اجتماع النصف مع الثلثين والربع مع مثله ومع الثمن والثمن مع مثله ومع الثلث ، والثلثين مع مثلهما ، والثلث مع مثله ومع السدس ( فـ ) ـيكون الباقي ثلاث عشرة صورة.

خمس صور ( النصف ) فإنه ( يجتمع مع مثله ) كزوج‌

__________________

(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١١ و ١٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ و ١٠ و ١٢ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد والباب ـ ٨ ـ من أبواب ميراث الاخوة والأجداد.

٩٥

وأخت لأب ( ومع الربع ) كزوج وبنت ( ومع الثمن ) كزوجة وبنت.

( ولا يجتمع مع الثلثين ، لبطلان العول ) خلافا للعامة فجوزوه وأدخلوا النقص على الجميع ، وستعرف فساده ، ففي مثل اجتماع الزوج والأختين للأب مثلا لا يستحق كل منهما فرضه ( بل يكون النقص داخلا على الأختين دون الزوج ) ومرجعه إلى أن الأختين ليستا من ذوي الفروض في هذا الحال ، بل تردان بالقرابة ، فيكون الباقي لهما ( و ) حينئذ لا عول كما سيظهر لك تحقيقه.

نعم ( يجتمع ) أي ( النصف مع الثلث ) كزوج وأم مع عدم الحاجب ( ومع السدس ) كزوج وواحد من كلالة الأم ، فلم يمتنع من صور النصف الست إلا اجتماعه مع الثلثين ، وقد عرفت بطلانه للعول ، وأنها أولى الصور الثمان الممتنعة.

( و ) الثانية والثالثة : أنه ( لا يجتمع الربع ) مع مثله ، لأنه سهم الزوج مع الولد ، والزوجة مع عدم الولد ، فلا يتصور اجتماعهما ( و ) لا مع ( الثمن ) الذي هو نصيب الزوجة خاصة مع الولد فكيف يتصور اجتماعه مع الربع الذي قد عرفت أنه سهمهما مع عدم الولد وسهم الزوج مع الولد.

( و ) ثلاث صور الربع ، فإنه ( يجتمع ) أي ( الربع مع الثلثين ) كزوج وابنتين ( ومع الثلث ) كزوجة والمتعدد من كلالة الأم ( ومع السدس ) كالزوجة والمتحد من كلالة الأم.

والباقي من صوره ثلاث : واحدة منها داخلة في صور النصف ، وهي اجتماعه معه ، واثنتان ممتنعتان ، وهما الربع مع مثله ومع الثمن كما عرفت.

٩٦

( و ) صورتان من صور الثمن ، فإنه ( يجتمع ) أي ( الثمن مع الثلثين ) كزوجة وابنتين ( و ) مع ( السدس ) كزوجة وأحد الأبوين مع الولد.

والباقي من صوره أربع : اثنتان داخلتان في صور النصف والربع وهما الثمن مع النصف والربع ، واثنتان ممتنعتان ، وهما الثمن مع مثله ، لأنه نصيب الزوجة خاصة وإن تعددت فلا يتعدد ، ومع الثلث الذي هو نصيب الام لا مع الولد والمتعدد من كلالتها ، فكيف يتصور اجتماعه مع الثمن الذي هو نصيب الزوجة مع الولد ، ولذا قال المصنف ( ولا يجتمع ) أي الثمن ( مع الثلث ).

وقد ظهر لك من ذلك الوجه في امتناع الخمس من الثمان.

وأما الثلثان مع مثلهما فامتناعه للعول ولعدم اجتماع مستحقهما في مرتبة واحدة ، لأنه البنتان والأختان.

والثلث مع مثله ومع السدس ، لأنه نصيب الأم مع عدم الحاجب والسدس نصيبها معه ومع الولد.

كما أنه ظهر لك الوجه في عشرة من صور الاجتماع الجائزة ، وهي التي ذكرها المصنف رحمه‌الله صريحا.

الحادية عشر : اجتماع الثلثين مع الثلث في أختين فصاعدا لأب مع إخوة لأم مثلا.

الثانية عشر : اجتماعهما مع السدس كبنتين وأحد الأبوين ، وباقي صوره بين مكرر وبين ممتنع كما عرفت.

الثالثة عشر : اجتماع السدس مع السدس في الأبوين مع الولد.

وباقي صوره مكررة إلا واحدة ممتنعة ، وهي اجتماعه مع الثلث كما عرفت ، وقد أشار إليها المصنف بقوله ( ولا يجتمع الثلث مع السدس ) ‌

٩٧

لكن قال ( تسمية ) احترازا عن اجتماعه معه قرابة كزوج وأبوين ، فإن للزوج النصف وللأم مع عدم الحاجب الثلث وللأب السدس ومع الحاجب بالعكس ، وعلى التقديرين فسهم الأب هنا بالقرابة لا بالفرض كما عرفته سابقا.

لكن فيه أنه لو لاحظنا هذا المعنى لأمكن اجتماع كل ما ذكرنا امتناعه بغير العول فيجتمع الربع مع مثله في بنتين وابن ، ومع الثمن في زوجة وثلاث بنين وبنت وهكذا ، إلا أنه كما ترى خارج عن الفرض.

نعم قد يقال : إنه أشار بنصه على صورة عدم اجتماع الثلث مع السدس إلى جواز ما عداها من صوره ، فتستفاد حينئذ الصورة الأخيرة من عبارته.

بل قد يستفاد الصورتان السابقتان عليها من تخصيص الامتناع بغيرها ، فان الظاهر استيعابه للصور الثمان ولو بالمفهوم ، ضرورة ظهور تصريحه بعدم اجتماع النصف مع الثلثين للعول في عدم اجتماع الثلثين مع مثلهما بالأولى ، مضافا إلى عدم اجتماع مستحقهما في مرتبة واحدة.

وأما الثلث مع مثله فلعدم تعدد مستحقه في مرتبة ، وكذا الثمن مع الثمن.

وبذلك يستفاد من المصنف رحمه‌الله أن كل ما لم ينص على امتناعه جائز ، فتدخل الصورتان حينئذ ، وتكون العبارة دالة على جميع الصور الجائزة والممتنعة ، فتأمل جيدا ، فإنه دقيق ، والله العالم.

٩٨

هذا ( ويلحق بذلك مسألتان : )

( الأولى )

أجمع أصحابنا وتواترت أخبارنا عن ساداتنا عليهم‌السلام (١) بل هو من ضروريات مذهبنا أنه ( لا يثبت الميراث عندنا بالتعصيب ) وهو توريث ما فضل عن السهام من كان من العصبة ، وهم الابن والأب ومن تدلى بهما من غير رد على ذي السهام.

وإلى ذلك يرجع ما في المسالك من « أنه توريث العصبة مع ذي الفرض القريب إذا لم يحط الفرض بمجموع التركة ، كما لو خلف بنتا واحدة أو بنتين فصاعدا مع أخ أو أختا أو أختين فصاعدا مع عم ، ونحو ذلك ».

وعلى كل حال فالعصبة عندهم قسمان كما في كشف اللثام : أولهما عصبة بنفسه ، وهو كل ذكر تدلى إلى الميت بغير واسطة أو بتوسط الذكور وهو يرث المال كله إن انفرد والباقي إن اجتمع مع ذي سهم ، فلو خلف بنتا وابن ابن أو أخا أو عما أو ابن عم كان النصف للبنت والباقي لأحد الباقين.

والثاني عصبة بغيره ، وهن البنات وبنات الابن والأخوات من الأبوين ومن الأب فإنهن لا يرثن بالتعصيب إلا بالذكور في درجتهن أو فيما دونهن ، ولذا لو خلف مثلا بنتين وبنت ابن كان للبنتين الثلثان ولم يكن لبنت الابن شي‌ء إلا إذا كان لها أخ أو كان هناك ابن ابن مثلا.

( و ) المعلوم من دين آل محمد ( صلوات الله عليهم ) أنه‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب موجبات الإرث.

٩٩

( إذا أبقت الفريضة ) شيئا ( فإن كان هناك مساو لا فرض له فالفاضل له بالقرابة ، مثل أبوين وزوج أو زوجة ، للأم ثلث الأصل ، وللزوج أو الزوجة نصيبه ( نصيبهما خ ل ) ) الأعلى ( وللأب الباقي ) لأنه مساو ولا فرض له في هذا الحال.

( ولو كان إخوة ) حاجبون ( كان للأم السدس وللزوج ) مثلا ( النصف وللأب الباقي ، وكذا أبوان وابن وزوج ) فان للزوج ربعه وللأبوين لكل واحد منهما السدس وللابن الباقي ، لأنه ممن يرث بالقرابة.

( وكذا زوج وأخوان من أم وأخ أو إخوة من أب وأم أو من أب ) فإن للزوج النصف وللأخ من الأم الثلث والباقي للأخ أو الاخوة من الأب والأم أو من الأب ، لأنهم لا فرض لهم.

( وإن ) لم يكن قريب مساو بل ( كان بعيدا لم يرث ، ورد الفاضل ) من السهام ( على ذوي الفروض عدا الزوج والزوجة ) فإنهما لا يرد عليهما في هذا الحال ، كما عرفته سابقا ( مثل أبوين أو أحدهما وبنت وأخ أو عم ) فان للبنت النصف وللأبوين لكل واحد منهما السدس ويبقى سدس يرد عليهم أخماسا على نسبة سهامهم ، ولا يعطى الأخ ولا العم شيئا بل بفيهما وغيرهما من العصبة التراب كما تواترت به نصوصنا (١) لقاعدة منع الأقرب الأبعد المستفادة من الكتاب (٢) والسنة (٣) والإجماع من المؤالف والمخالف.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب موجبات الإرث.

(٢) سورة الأنفال : ٨ ـ الآية ٧٥ وسورة الأحزاب : ٣٣ ـ الآية ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب موجبات الإرث.

١٠٠