جواهر الكلام - ج ٣٨

الشيخ محمّد حسن النّجفي

وجه لا يجزئ إذا لم يكن على هذا الترتيب ولا يجزئ الأقل منه بواحدة مثلا ، ويمكن أن لا يريدوا اعتباره على وجه لا يجزئ غيره ، كما يومئ إليه قوله : « بحيث لا ينسى » الذي لا وجه للتقييد به بعد النص على العدد ، فلا بد من كون المراد به أن الضابط ذلك.

ولذا في الدروس بعد أن ذكر ما سمعت قال : « والضابط أن يتابع بينهما بحيث لا ينسى اتصال الثاني بمتلوه » وفي المسالك « اعتبر العلماء فيه أن يقع على وجه لا ينسى أن الثاني تكرار لما مضى ». وفي الروضة « أن المعتبر ظهور أن الثاني تكرار لما سبق » وفي الكفاية « اعتبر الأصحاب أن يقع على وجه لا ينسى ».

وإن كان قد يناقش بعدم صلاحية ذلك ضابطا لأقل مصداق التعريف حولا ، فالتحقيق كون المدار على العرف الذي قد يشكل تحققه بنحو ذلك ، وإن علل التوالي المزبور ابتداء بشدة اهتمام المالك بأمرها أولا ، لكنه كما ترى ، مع أن في‌ صحيح يعقوب (١) « يعرفها سنة في كل مجتمع ».

والأولى أن يقال : إنه بعد انتفاء إرادة الاستيعاب يتعين إرادة أول الأفراد التي لا يقطع بعدمها كالتعريف بكل أسبوع مرة إلى تمام الحول.

وأولى من ذلك إيكال الأمر إلى العرف ، ولعله لذا ترك المصنف التعرض لذلك كله ، فقال بعد أن صرح بعدم اشتراط التوالي فيه : ( وإيقاعه عند اجتماع الناس وبروزهم كالغدوات والعشيات ) وغير ذلك مما يحصل به الاجتماع ، وقد سمعت‌ قول الصادق عليه‌السلام لسعيد بن عمر الجعفي (٢) : « اتق الله وعرفه في المشاهد » وقوله عليه‌السلام

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ١ من كتاب الحج.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ١.

٣٦١

في خبر أبي خديجة (١) : « يعرفها سنة في مجمع » مضافا إلى صحيح يعقوب بن شعيب (٢) ووجهه أيضا من حيث الاعتبار واضح.

ولا فرق فيه بين الليل والنهار وإن قال في القواعد : « إن وقته النهار دون الليل » بل قيل : إنه المتبادر من الأخبار ، وصرح به في المبسوط وغيره ولكنه كما ترى.

( وكيفيته أن يقول : من ضاع له ذهب أو فضة أو ثوب وما شاكل ذلك من الألفاظ ) المشتملة على الجنس التي يصدق بها اسم التعريف المأمور به.

وفي‌ خبر سعيد بن عمر (٣) الذي أمره الصادق عليه‌السلام بالتعريف في المشاهد « من يعرف الكيس » وقد حكى ذلك له وأقره عليه ، بل لا بأس بذكر بعض الأوصاف التي يتنبه منها المالك.

( و ) لكنه مع ذلك ( لو أوغل في الإبهام كان أحوط ، كأن يقول : من ضاع له مال أو شي‌ء فإنه أبعد أن يدخل عليه بالتخمين ) إلا أنه غير واجب ، بل لا يبعد ذكر جملة الأوصاف إذا لم يكن يدفعها بها ، بل بالبينة أو بما لم يذكره من الأوصاف ، ضرورة صدق اسم التعريف المأمور به ، بل قد يشمل تمكينه من النظر إليها مع عدم الدفع إلا بالبينة.

اللهم إلا أن يقال : إن‌ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) : « اعرف عقاصها ووكاءها ثم عرفها سنة » مشعر بوجوب الإخفاء ، وربما يؤيده أن ذلك هو المتعارف في كيفية التعريف لها ، ويمكن تعسر إقامة البينة‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ١ من كتاب الحج.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ١.

(٤) سنن البيهقي ـ ج ٦ ص ١٨٥.

٣٦٢

على المالك ، فلا يقطع الطريق عليه بحصر الأمر في البينة ، ولا ريب في أنه أحوط ، والله العالم.

( وزمانه أيام المواسم والمجتمعات ، كالأعياد وأيام الجمع ، ومواضعه مواطن الاجتماع ، كالمشاهد وأبواب المساجد والجوامع والأسواق ) وقد سمعت ما يدل على ذلك أو بعضه من النصوص (١) التي يشهد لها الاعتبار ، لأن الغرض إشاعة ذكرها وإظهارها ليظهر عليها مالكها.

بل لعل التعبير الذي سمعته في النصوص أولى مما في المتن الذي ذكر أولا أن إيقاعه عند اجتماع الناس وبروزهم وثانيا أن زمانه أيام المواسم إلى آخره.

وتبعه الفاضل في القواعد ، وقال : « وإيقاعه عند اجتماع الناس وظهورهم كالغدوات والعشيات وأيام المواسم والمجتمعات كالأعياد وأيام الجمع ودخول القوافل ومكان الأسواق والجوامع ومجامع الناس ».

والأصل في ذلك ما عن المبسوط والسرائر من أن وقت التعريف الغداة والعشاء وقت بروز الناس بالليل لا عند الظهيرة والهاجرة ، وأما الزمان فالجماعات والجمعات وأن يقف على أبواب الجوامع.

والجميع كما ترى يغني عنها تعريفها في المشاهد والمجتمع حال اجتماع الناس فيها ، على أن ذلك حيث يكون في البلد محل اجتماع ، وإلا عرفها بما فيه ولو بأزقته على وجه يشيع أمرها فيه ، والأمر في ذلك سهل.

إنما الكلام في موضع التعريف ، ففي المسالك « ويجب إيقاعه عقيب الالتقاط مع الإمكان ، وفي مكانه إن كان بلدا أو مجتمعا ، ولو عرف فيه وأكمله في غيره جاز ، ولو كان في برية عرف من يجده فيها وأتمه في‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ١ والباب ـ ٢٨ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ١ من كتاب الحج.

٣٦٣

غيرها من البلاد ، وينبغي تعريفها في أقرب البلدان إليها فالأقرب ».

وفي القواعد « وينبغي أن يعرفها في موضع الالتقاط » ونحوه عن التحرير ، قيل : لكن ظاهر التذكرة والدروس الوجوب.

قلت : بل هو صريح ما سمعته من المسالك تبعا للكركي في جامعه محتجا عليه بموثق إسحاق بن عمار (١) السابق المشتمل على الدنانير المدفونة في بعض بيوت مكة ، وفيه أنه غير تعريف اللقطة ، نعم قد سمعت ما في خبر أبان (٢) المتقدم في صدر المسألة.

وفي القواعد أيضا بعد ما سمعت « ولا يجوز أن يسافر بها فيعرفها في بلد آخر » وفيها أيضا « ولو التقط في بلد الغربة جاز أن يسافر بها إلى بلده بعد التعريف في بلد اللقطة ثم يكمل الحول في بلده ». وتبعه عليه الكركي أيضا ، وقد سمعت ما في المسالك.

وفيه أن المتجه تمام الحول في موضع الالتقاط ، للخبر المزبور (٣) ولأنه المنساق من النصوص ، فلو أراد السفر فوضه إلى غيره ، كما عن التذكرة التصريح به ، نعم في الصحراء تتساوى البلدان إذا لم يكن شاهد حال على خصوص بعضها ، وربما جمع بين ما سمعته من الفاضل في القواعد بإرادة الوجوب من قوله : « ينبغي » وإرادة الإكمال في بلد آخر بعد الإعلان في بلد الالتقاط لا المرة ونحوها مما لا أثر لها ، ولكن مع ذلك لا يخلو من نظر أو منع لما عرفت ، والله العالم.

( و ) كيف كان فقد عرفت في أحكام المساجد (٤) أنه‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ٧.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ٧.

(٤) راجع ج ١٤ ص ١١١ و ١١٢.

٣٦٤

( يكره ) تعريفها ( داخل المساجد ) حتى‌ ورد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) أنه قال : « من سمع منشد ضالة في المسجد فليقل : لا أداها الله إليك ، فإنه لم يبن لهذا ».

( و ) لا خلاف في أنه ( يجوز أن يعرف بنفسه أو بمن يستنيبه أو ) من ( يستأجره ) بل الإجماع بقسميه عليه ، وما في النصوص (٢) من أن صاحبها يعرفها لا يراد منه وجوب المباشرة قطعا ، ضرورة عدم كونه عبادة ، والمراد إشاعة ذكرها الحاصل بتعريفه وتعريف غيره ولو بأمر غير بالغ بالإنشاد أو مجنون كذلك.

بل قد ينقدح من ذلك الاجتزاء بالمتبرع إلا أن التملك له لا يخلو من إشكال ، وهو أمر آخر غير اعتبار المباشرة في التعريف التي قد عرفت القطع بعدمها ، خصوصا إذا كان الملتقط أرفع شأنا من ذلك.

وفي‌ خبر زرارة (٣) « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن اللقطة ، فأراني خاتما في يده من فضة ، وقال : إن هذا مما جاء به السيل ، وأنا أريد أن أتصدق به » ولم يحك عنه مباشرة التعريف بنفسه وإن كان الخبر غير صريح في كونه الملتقط ، خصوصا مع كراهة الالتقاط التي لا تصدر منه عليه‌السلام إلا أن يفرض ما يقتضي الرجحان بالعارض. وعلى كل حال فالأمر سهل.

ثم إن الظاهر كون مئونة التعريف على الملتقط ، لوجوبه عليه » نعم لو قلنا بعدم وجوبه إلا إذا قصد التملك ولم يقصده وأراد الحفظ لا تجب عليه الأجرة ، كما عن التذكرة وجامع المقاصد.

نعم في أولهما « أنه يرفع الأمر إلى الحاكم ليبذل الأجرة من بيت‌

__________________

(١) سنن البيهقي ـ ج ٦ ص ١٩٦.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ١ من كتاب الحج.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ٣.

٣٦٥

المال ، أو يستقرض عليه أو يأمر الملتقط أو غير ذلك مما يراه مصلحة له ، ولا ينافي ذلك تملك الملتقط له بعد ذلك » قلت : لا ريب في أن له ذلك.

هذا وعن التذكرة أيضا « ينبغي أن يتولى التعريف شخص أمين ثقة عاقل غير مشهور بالخلاعة واللعب ، ولا يتولاه الفاسق لئلا تفقد فائدة التعريف ؛ وهذا على الكراهة دون التحريم ».

وفي جامع المقاصد « لكن لا يركن إلى مجرد قول غير العدل ، بل لا بد من اطلاعه واطلاع من يعتمد على خبره ».

وفي المسالك والروضة « يشترط في النائب العدالة أو الاطلاع على تعريفه المعتبر شرعا » بل في الأخير « وفي اشتراط شاهدين اجراء له مجرى الشهادة أو الاكتفاء بواحد جعلا له من باب الخبر وجهان ، أحوطهما الأول ».

وفي القواعد « الأقرب الاكتفاء بقول العدل الواحد » ولعله لعموم قبول خبر العدل ، ولعسر إقامة البينة ، ولصيرورته أمينا على التعريف ، فيقبل قوله.

ثم قال : « وفي وجوب الأجرة نظر » ولعله ينشأ من أن الاكتفاء بقوله في التملك وسقوط التعريف يقتضي وقوع الفعل الذي هو متعلق الأجرة ، لترتبها على وقوعه ، لأنه معلول آخر ، والحكم بثبوت أحد. المعلولين يستلزم الحكم بثبوت الآخر ، ومن أنه إيجاب مال على الغير بمجرد الدعوى وإن قبل قوله في سقوط التكليف بالنسبة إلى الملتقط الذي لولاه لزم الحرج.

وعن الفخر أنه قوى عدم وجوب الأجرة بل في جامع المقاصد أنه الأصح.

٣٦٦

ثم قال : « إذا تقرر هذا فهل يكون الاكتفاء بقول العدل على كل تقدير سواء كان بأجرة أم لا ، بل يقتصر في قبوله على ما إذا كان متبرعا؟ يحتمل الثاني ، لأنه متهم في خبره ، إذ يلزم منه إثبات حق له على الغير ، ولأنه إذا رد بالنسبة إلى الأجرة كان مردودا في نظر الشارع فلا يسمع حينئذ في سقوط التكليف بالتعريف ، فيقتصر في الاكتفاء على قول العدل المتبرع ، ويحتمل عدم الفرق ، وعدم قبول خبره في بعض لا يقتضي رده ولا عدم قبوله مطلقا ».

قلت : لا ينبغي التأمل ـ بناء على عدم قبوله ـ في استحقاقه الأجرة ، ضرورة عدم التهمة حينئذ ، إنما الكلام في أصل القبول على وجه يثبت التعريف الذي هو عنوان التملك وغيره من الأحكام ، فإنه كغيره من الموضوعات التي يفتقر ثبوتها إلى البينة.

ودعوى عسر إقامة البينة على ذلك ممنوعة وصيرورته أمينا بالاستنابة يقتضي قبول خبر الفاسق ، لعموم حكم الأمانة وإن كان لا يخلو من وجه ، للسيرة وغيرها.

لكن يشكل التملك بدون البينة ، بل الانصاف ثبوت الإشكال في غيره من الأحكام المعلقة على ثبوت التعريف الذي لا يحصل إلا باليقين أو الحجة الشرعية ، فالأحوط إن لم يكن الأقوى مراعاتها ، بل الأحوط عدم كونه أحد جزئيها ، والله العالم.

٣٦٧

المسألة ( الثانية : )

( إذا دفع اللقطة إلى الحاكم ) لأن يبيعها أو لا لذلك ( أو لغير ذلك خ ل ) فإنه جائز له ، لأنه ولي الغائب في الحفظ ، بل في المسالك « يجب عليه القبول ، لأنه معد لمصالح المسلمين ، ومن أهمها حفظ أموالهم ، وهذا بخلاف الوديعة ، فإنه لا يجب عليه قبولها من الودعي ، بل لا يجوز له دفعها إليه مع التمكن من المالك ، لعموم الأمر برد الأمانات إلى أهلها » وإن كان فيه ما لا يخفى من اشتراك الدليل المقتضي لعدم الوجوب على الحاكم الموافق لمقتضى الأصل بعد أن كان المال بيد أمين يجب عليه الحفظ ، فليس هو ضائعا كي يجب عليه حفظه.

وعلى كل حال ( ف ) إذا ( باعها فان وجد مالكها دفع الثمن إليه ، وإلا ردها على ( إلى خ ل ) الملتقط ) إذا أراد تملكها أو الصدقة بها ( لأن له ولاية الصدقة أو التملك ) بلا إشكال ولا خلاف في الأخير ، بل وفي الأول الذي فيه نفع للمالك مع ذلك بالضمان إذا جاء ولم يرض بالصدقة.

بل قد يقال بعدم جواز التصدق بها للحاكم من دون الملتقط الذي هو المأمور بذلك.

إنما الكلام في وجوب ردها إليه للحفظ إذا أراده ، فقد يظهر من المصنف وغيره عدم سقوط ولايته عليه بعد دفعه إلى ولي الحفظ الذي هو ولي أصلي لا عارضي بسبب الالتقاط ، ولا فائدة فيه هنا بالضمان كالتملك والصدقة.

٣٦٨

وفيه منع سقوطه بعد إطلاق التخيير له ، ولعل ذلك مؤيد لما قلناه سابقا من عدم كون الحاكم ولي ذات كولي الصبي ، وإلا لم يكن للملتقط تسلط على أخذها منه ولو للتملك ، لوصولها إلى ولي المالك الذي هو كوكيله.

بل من ذلك ينقدح أيضا عدم سقوط خطاب التعريف عنه بالدفع إلى الحاكم ، كما أشرنا إليه سابقا ، وصرح به الفاضل في التذكرة.

هذا والظاهر أن المراد من هذه المسألة بيان عدم خروج الثمن عن حكم الالتقاط لو باعها الحاكم لمصلحة اقتضت ذلك ، والله العالم.

المسألة ( الثالثة : )

( قيل ) والقائل الشيخ في المحكي عن موضع من مبسوطة : ( لا يجب التعريف ) وجوبا شرطيا ( إلا مع نية التملك ) ولفظه « من وجد لقطة نظرت فإن أراد حفظها على صاحبها لا يلزمه أن يعرف لأن التعريف إنما يكون للتملك ».

( وفيه إشكال ينشأ من خفاء حالها عن المالك ) بعدم التعريف المأمور به في النصوص (١) على جهة الإطلاق.

بل عن الخلاف والمبسوط والغنية وظاهر التذكرة الإجماع عليه ، كما عن السرائر وكشف الرموز نفي الخلاف فيه ، وهو كذلك ، فإن المحكي عن المقنع إلى الرياض إطلاق التصريح بوجوبه.

بل عنه في موضع آخر من مبسوطة التصريح بذلك أيضا قال : « من‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة.

٣٦٩

وجد لقطة فإنها تكون في يده أمانة ، ويلزم أن يعرفها سنة ، فإذا عرفها سنة كان بعد ذلك بالخيار إن شاء حفظها على صاحبها وإن شاء تصدق بشرط الضمان وإن شاء تصرف فيها بالضمان ».

كل ذلك مضافا إلى إطلاق الأمر به ما في بعض النصوص (١) المستفيضة التي فيها الصحيح وغيره المؤيد بأنه مقدمة لإيصال المال إلى صاحبه ، بل لولاه لكان إبقاؤه في مكانه أصلح لمالكه من التقاطه ، لكونه أقرب إلى الإيصال منه ، لاحتمال رجوعه إليه. ومن هنا وجب في لقطة الحرم وإن لم يكن فيها تملك.

ودعوى كونه بعدم قصد التملك يكون مجهول المالك واضحة الفساد ، ضرورة صدق اسم اللقطة عليه باعتبار كونه مالا ضائعا لا يد عليه ، سواء قصد التملك أو لا ، بخلاف مجهول المالك الذي هو غير الضائع المزبور ، لكن يشترط في التملك التعريف ، وهو لا يقتضي اشتراط وجوبه بقصده بعد إطلاق الأمر كما عرفت ، إذ هو شرط لحصوله لا شرط لوجوبه المطلق.

( و ) لذا ( لا يجوز تملكها إلا بعد التعريف ولو بقيت في يده أحوالا ) لما عرفت من اتفاق النص (٢) والفتوى على اشتراطه به ، نعم قد يقال : بناء على فورية التعريف بعد الالتقاط عدم مشروعية التملك له لو فرض عدم وقوعه منه ولو عصيانا ، كما هو أحد القولين في المسألة على ما في المسالك وإن كنت لم أتحققه.

نعم في القواعد « ولو أخر الحول عرف في الثاني ، وله التملك بعده على إشكال » بل عن إيضاح ولده عدم الترجيح.

لكن ظاهر المتن أو صريحه كالإرشاد التملك وإن أخره أحوالا ولو‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة.

٣٧٠

عصيانا ، بل هو صريح الفاضل في التذكرة والتحرير والشهيدين والكركي والصيمري وغيرهم على ما حكي عن بعضهم ، لإطلاق النصوص الذي لا يقيده ما في‌ صحيح ابن مسلم (١) من قوله عليه‌السلام : « فان ابتليت بها فعرفها سنة ، فان جاء طالبها وإلا فاجعلها في عرض مالك » بناء على إرادة الكناية به عن التملك ، إذ أقصاه بعد التسليم الفورية لا اشتراط التملك بها ، بل قد يمنع دلالته عليها أيضا ، ضرورة كونها فاء ربط لا عطف.

مضافا إلى‌ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في النبوي (٢) المروي في طرق العامة : « اعرف عقاصها ووكاءها ثم عرفها سنة ، فان جاء صاحبها وإلا فشأنك بها » وإن لم أجده في شي‌ء من نصوصنا ، نعم أكثرها « يعرفها » من دون فاء أو « ثم » إلا أنه لا ريب في كونه أحوط إن لم يكن هو المنساق من النصوص ولو على جهة الشرطية.

نعم قد يقال : إن التملك على خلاف الأصل ، فإذا فرض كون الثابت منها حال الفورية يبقى غيره على مقتضى أصالة عدم التملك ، بل إن لم يكن إجماعا لم يجب التعريف.

إلا أن الأخير كما ترى ، خصوصا بعد ملاحظة كون التعريف وسيلة إلى إيصال المال إلى مالكه ، فلا يسقط بالتأخير ولو عصيانا ، وأما الأول فلا يصلح مقيدا لإطلاق الأدلة الذي منه‌ قوله عليه‌السلام (٣) : « من وجد شيئا فهو له ، يتمتع به حتى يجي‌ء طالبه » الذي لم يعلم تقييده بغير التعريف ولو المتأخر عن حول الالتقاط لعذر أو لغير عذر ، بل ينبغي‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ٣.

(٢) سنن البيهقي ـ ج ٦ ص ١٨٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ٢.

٣٧١

القطع بالأول منهما.

نعم بقي شي‌ء : وهو أن الظاهر المستفاد من النص والفتوى كون التعريف لرجاء حصول المالك ، أما مع اليأس منه ولو للتأخير أحوالا عصيانا فالظاهر سقوطه ، ولكن هل يجوز التملك حينئذ؟ وجهان ، أقواهما ذلك أيضا ، لإطلاق الصحيح (١) المزبور.

( و ) كيف كان ف ( هي ) ولو كانت لقطة حرم عندنا ( أمانة ) شرعية ( في يد الملتقط في مدة الحول ، لا يضمنها إلا بالتفريط أو التعدي ، فتلفها من المالك ) وكذا بعد الحول إذا لم يقصد تملكها عندنا بلا خلاف ولا إشكال في شي‌ء من ذلك ، نعم من الأخير نية التملك بها قبله ، لما عرفته مكررا من عدم الاذن شرعا ولا من المالك في هذا الحال.

اللهم إلا أن يقال : إن الاذن الشرعية الحاصلة من الاذن بالالتقاط لا ينافيها النهي عن التملك قبل التعريف ، فمع فرض عدم تقصيره به يبقى وضع يده عليها بالإذن السابقة وإن أثم بالنية المزبورة لو قلنا به ، إلا أن الحكم مفروغ منه بين الأصحاب ، سواء قصد ذلك من أول الالتقاط أو في أثناء الحول. بل في الرياض الإجماع عليه ، بل لا تعود الامانة بعدوله.

كالمفروغية من عدم ضمانها مع أخذها للحفظ أبدا وإن وجب عليه تعريفها عندنا كما عرفت ، بل في المسالك يضمن بتركه لأنه عدوان وإن نوى الحفظ ويستمر الضمان حينئذ وإن ابتدأ بالتعريف فتلف في سنته لتحقق العدوان ، فلا يزول إلا بقبض المالك أو ما يقوم مقامه كالوديعة ، بل قد يظهر من الرياض الإجماع عليه.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ٣.

٣٧٢

ولكن قد يشكل بمثله تحقق العدوان فيها ، بمعنى فعل ما لا يجوز شرعا فيه والتفريط الذي هو إهمال حفظها وإن أثم بترك التعريف الذي كان يحتمل معه حصول المالك لو وقع منه.

ولعله لذا قال في الدروس : « ولو أخر التعريف عن الالتقاط فابتداء الحول من حين التعريف ، وله التملك بعده على الأقوى ، ولا ضمان بالتأخير إن كان لضرورة ، وإن كان لا لها ففيه وجهان ، أقربهما عدم الضمان ».

ثم إنه حيث يضمنها للخيانة أو غيرها فهل يبرأ بالدفع إلى الحاكم؟ وجهان ، وفي المسالك أصحهما ذلك ، وقد عرفت سابقا أن الأصح بقاء الضمان ، للأصل وكونه ولي حفظ لا ولي ذات ، كما تقدم الكلام فيه سابقا.

كما أن الظاهر بقاء حكم التملك له بعد التعريف حولا وإن أثم وخان في أثنائه بنية التملك ، لإطلاق ما دل عليه من الالتقاط والتعريف ، كما صرح به الفاضل وولده والشهيدان والكركي وغيرهم ، بل لا أجد فيه خلافا. نعم فيه احتمال باعتبار كون التملك على خلاف الأصل والمتيقن منه غير المفروض ، وفيه أن ظاهر الدليل حجة شرعية.

وعلى كل حال فقد ظهر لك مما ذكرناه هنا وسابقا في نية التملك الحال في جميع الصور المذكورة في المقام ، وهي أخذها بقصد الحفظ دائما ، وبقصده في الحول ، والتملك بعده ، وبقصد الخيانة في الابتداء وفي الأثناء ، وأنه لو نوى التملك بعد تعريفها حولا من أول الأمر فهل يحتاج إلى تجديد النية أو تكفي النية الأولى ، وقلنا إن الأحوط والأقوى التجديد إلا مع استمرار العزم على وجه يقوم مقام تجديده.

( و ) كيف كان ف ( زيادتها له ) أي المالك ما دامت‌

٣٧٣

على ملكه ، لمعلومية تبعية النماء للملك ( متصلة كانت الزيادة ) كالسمن ( أو منفصلة ) كالولد ، نعم في القواعد في تبعية اللقطة نظر ، أقربه ذلك ، وتبعه ولده والكركي وثاني الشهيدين ، لأن الملتقط إذا استحق ملك العين استحق ملك النماء بالتبعية ، لأن الفرع لا يزيد على أصله ، واستحقاق التملك يحصل بمجرد الالتقاط وإن كان التعريف شرطا ، فقد وجد النماء بعد الاستحقاق ، فيتبع العين ، بل لا يشترط لتملكه حول بانفراده إذا كمل حول الأصل.

وفيه منع التبعية في المنفصل بعد عدم صدق اسم الالتقاط عليه ، فيبقى على حكم مجهول المالك ، خصوصا بعد ما عرفت من كون التملك على خلاف الأصل ، فيقتصر فيه على المتيقن ، ودعوى وجود النماء مستحقا فيه ذلك واضحة المنع ، ولذا لو تملكها ثم حصل منها نماء فجاء المالك كان له العين دون النماء المنفصل الذي حصل في ملك الملتقط بلا خلاف أجده فيه وإن قلنا بانفساخ ملكه عن الأصل لكن من حينه كالمبيع بالخيار ، أما المتصل فالظاهر تبعيته.

( و ) كيف كان فقد ظهر لك أنه ( بعد التعريف يضمن ) الملتقط على الوجه السابق ( إن نوى التملك ، ولا يضمن إن نوى الأمانة ) والحفظ ، كما هو واضح.

( ولو نوى التملك ) بعد الحول مثلا ( فجاء المالك ) والعين قائمة بحالها ( لم يكن له الانتزاع ، وطالب بالمثل أو القيمة إن لم تكن مثلية ) وفاقا للفاضل وولده وأول الشهيدين ، بل في المسالك أنه الأشهر ، بل في موضع آخر أنه المشهور ، بل قد سمعت إجماع الإيضاح والتنقيح على وجوب رد العوض فيما دون الدرهم دون العين ، لأصالة اللزوم.

٣٧٤

لكن قد ذكرنا سابقا أن الأقوى خلافه ، كما هو صريح الكركي والأردبيلي وغيرهما ، بل قيل : إنه ظاهر المبسوط والمراسم والسرائر بل والمقنعة والوسيلة ، ولذا قال في الدروس : « إنه قد يظهر من الروايات وكلام القدماء ».

وفي المسالك أنه لا يخلو من قرب وإن كان المشهور خلافه بعد أن ذكر الاستدلال عليه بظواهر النصوص ، قال : « بل في بعضها تصريح به كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث الجهني (١) : « اعرف وكاءها وعقاصها ثم عرفها سنة ، فان جاء صاحبها وإلا فشأنك بها » وفي‌ رواية أخرى (٢) « ثم عرفها سنة فان لم يعرف فاستنفع بها ، ولتكن وديعة عندك ، فان جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه » وفي‌ صحيح الحلبي عن الصادق عليه‌السلام (٣) « يعرفها سنة ، فان جاء طالبها وإلا فهي كسبيل ماله » وقريب منها‌ صحيح ابن مسلم (٤) حيث قال (ع) : « فان جاء طالبها وإلا فاجعلها في عرض مالك ».

ونوقش بأن الأول والأخيرين محتملان أو ظاهران فيما إذا جاء قبل التملك ، والمرسل ليس من طرقنا.

وفيه أن تتمه‌ صحيح ابن مسلم « يجرى عليها ما يجري على مالك حتى يجي‌ء لها طالب ، فان لم يجي‌ء لها طالب فأوص بها في وصيتك » نعم قد يقال : إنه وما شابهه ظاهر في الحفظ أمانة على ما عرفت الكلام فيه سابقا.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ١٨٥.

(٢) سنن البيهقي ج ٦ ص ١٨٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ٢.

٣٧٥

فالأولى الاستدلال بقول أبي جعفر عليه‌السلام في الصحيح (١) : « من وجد شيئا فهو له ، فليتمتع به حتى يأتي طالبه ، فإذا جاء طالبه رده إليه ».

وقول الصادق عليه‌السلام في خبر أبي خديجة (٢) : « ينبغي له أن يعرفها سنة في مجمع فان جاء طالبها دفعها إليه ، وإلا كانت في ماله ، فان مات كانت مراثا لولده ولمن ورثه ، فان لم يجي‌ء لها طالب كانت في أموالهم ، هي لهم إن جاء طالبوها دفعوها إليه ( إليهم خ ل ) » إلى غير ذلك من النصوص الدالة على ذلك التي من أجلها قلنا إن الملك فيها متزلزل ، كما تقدم الكلام فيه سابقا.

( و ) لكن على الأول ( لو رد الملتقط العين جاز ) بل قيل : إنه يجب على المالك القبول ، لأنها أولى من رد العوض مثلا أو قيمة.

وفيه إشكال باعتبار ثبوت القيمة له في ذمة الملتقط بنية التملك ، والأصل لزوم الملك ، وليست العين من أفراد الحق الذي اشتغلت به الذمة ، نعم لو فرض ما في الذمة مثليا وكانت هي من أفراده ودفعها اتجه وجوب القبول.

بل من ذلك قد ينقدح إشكال في عبارة المتن التي ذكر فيها المطالبة بالمثل أو القيمة إن لم تكن مثلية ، وذلك لما عرفت من أن التحقيق الملك بنية التملك بالعوض في الذمة ، فمع فرض كونها مثلية ونوى التملك بالقيمة لا يستحق المالك المثل ، نعم يتم ما ذكره المصنف لو كان المقام من الغرامات أو نوى تملكها بعوضها مثلا أو قيمة وقلنا بصحته.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ١.

٣٧٦

وربما يؤيد ذلك ما تقدم في القرض من عدم وجوب قبول المالك العين لو دفعها إذا كانت قيمة واستقرضها ، كما عن الفخر والكركي والمقداد التصريح به. خلافا للمحكي عن الخلاف والشهيدين وغيرهم من وجوب القبول ، بل عن الخلاف الإجماع عليه.

وقولهم : الواجب في القيمي القيمة ، أي مع عدم دفع العين ، وقد تقدم تحقيق الحال ، فلا حظ وتأمل ، فإن المقام شبيه بالقرض على المختار.

( و ) على كل حال ف ( له ) أي الملتقط ( النماء المنفصل ) الذي هو نماء ملكه وإن كان متزلزلا كالمبيع بالخيار ، لكنه لا يقتضي تزلزل النماء الذي سبب ملكه قاعدة تبعية النماء ، كما عرفت الكلام فيه وفي النماء المتصل أيضا ، والله العالم.

( ولو عابت بعد التملك فأراد ردها مع الأرش جاز ) بل وجب على المالك القبول على المختار ، لإطلاق ما دل على الرد المقتضي لتزلزل الملك ( و ) لا دليل على لزومه بطرو العيب الذي يمكن جبر الضرر الناشئ منه بالأرش.

نعم ( فيه إشكال ) على مختار المصنف ( لأن الحق تعلق بغير العين ) وهو العوض المترتب على ضمانها بنية التملك له سواء كان مثلا أو قيمة ( فلم يلزمه أخذها معيبة ) بل الأصح عدم وجوب القبول ، كما عن الفخر ، إذ هو أشبه شي‌ء بمن استقرض قيميا وأراد رد عينه معيبا مع الأرش الذي قد حكي عنهم التصريح بعدم وجوب القبول فيه ، والله العالم.

٣٧٧

المسألة ( الرابعة : )

( إذا التقط العبد ولم يعلم المولى ) ولا أذن له فيه ( فعرف حولا ) أو لم يعرف ( ثم أتلفها ) مع نية التملك الممتنع بالنسبة إليه وعدمها ( تعلق الضمان برقبته ) أي ذمته ( يتبع بذلك إذا أعتق كالقرض الفاسد ) بلا خلاف ولا إشكال فيه عندنا ، سواء قلنا بجواز التقاطه وعدمه ، بل الظاهر على التقديرين إثمه بالتصرف فيها.

لكن في القواعد « ولو نوى التملك دون المولى لم يملك ، نعم له التصرف ويتبع به بعد العتق » ولم أجده لغيره.

وربما وجه بأن له التصرف في المباحات إذا حازها كلحوم الصيود وأكل الأعشاب ونحو ذلك من غير توقفه على إذن السيد ، واللقطة مثلها ، ورد بأنه لا يتم إلا فيما كان منها كالمباح ، نحو دون الدرهم ، بخلاف مفروض المسألة الذي هو فيما يعرف منها.

وفيه منع ذلك أيضا فيما دون الدرهم ، ضرورة ظهور الأدلة في ملك الواجد له ، ويتبعه التصرف ، والفرض استحالته في العبد ، ولا دليل على جواز التصرف فيه بدون ذلك ، وكذا الكلام فيما زاد بعد تعريف الحول.

وحمل العبارة على إذن السيد له في ذلك لا يجدي ، إذ هو إن اقتضى تملك السيد له فالضمان حينئذ عليه ، وإلا لم تفد إذنه في التصرف في مال الغير إباحة له.

كما أن حمل العبارة على إرادة إباحة الانتفاع الذي يجوز لكل ملتقط في مثل الدابة عوض النفقة التي قد عرفت أن الأصح المقاصة فيها لا يتم‌

٣٧٨

أيضا ، كما هو واضح. والله العالم.

( ولو علم المولى قبل التعريف ) أو بعده ولم يكن قد أذن له في الالتقاط ( ولم ينتزعها منه ) وكان غير أمين ففي محكي المبسوط ( ضمن ، لتفريطه بالإهمال إذا لم يكن أمينا ) فصار كما لو وجدها وسلمها إلى فاسق ، فإنه يضمنها.

وهو متجه مع إذنه له إذن استنابة ، كما يومئ إليه قوله : « كما لو وجدها » إلى آخره ، والفرض تقصيره في الانتزاع وكونه غير أمين ( و ) إلا فمع فرض عدم الاذن له في الالتقاط ف ( فيه ) أي الضمان ( تردد ) كما اعترف به الفاضل والشهيدان والكركي ، بل منع ، كما في المسالك وغيرها ، لأصالة براءة ذمته منه ، بل ومن وجوب انتزاع مال الغير الذي في يد العبد وإن رآه يتلفه.

بل قد يقال : بعدم ضمانه وإن أوجبنا عليه الانتزاع ، إذ هو على تقدير وجوبه تعبدي لا يقتضي الضمان. نعم في الدروس « ولو كان العبد غير مميز اتجه ضمان السيد » وكأنه نزله منزلة دابته حيث يجب منعها من إتلاف مال الغير ، مع أنه لا يخلو من نظر بناء على عدم وجوب حفظ مال الغير ، وعدم دليل على التنزيل المزبور.

ولو قبضها المولى ثم ردها إليه والفرض كونه غير أمين ففي التذكرة التصريح بضمانه ، بل قيل : الظاهر أنه لا خلاف فيه ، وقد يشكل بناء على جواز التقاطه ، ضرورة كونه كالملتقط الفاسق ، اللهم إلا أن يلتزم بالضمان فيه أيضا ، نعم لو قلنا بعدم جواز التقاطه اتجه ذلك ، لصيرورته في يده لقطة مكلفا بها ، ولا فرق بين المولى وغيره على التقديرين.

ولو كان العبد أمينا فلا إشكال ولا خلاف في عدم الضمان حتى مع إذن الاستنابة.

٣٧٩

ولو أذن المولى للعبد في التملك بعد تعريف الحول ففي القواعد ضمن السيد ، وظاهره الضمان بذلك وإن لم يجر العبد صيغة التملك.

وعنه في التذكرة وإن تلفت بعد مدة التعريف فان أذن له السيد في التملك وأجرى التملك ضمن وإن لم يجر التملك بعد فالأقوى تعلق الضمان بالسيد ، لأنه أذن في سبب الضمان ، فأشبه ما إذا أذن له أن يسوم شيئا فأخذه وتلف في يده.

وعلى كل حال فهو متجه مع إرادة التملك للسيد ، ضرورة كونه حينئذ مضمونا عليه ، أما لو كان المراد الاذن له في تملكه والفرض عدم ملكه فيشكل ضمان السيد بذلك.

ولعله لذا قال في محكي التحرير : « ومن جوز تمليك العبد مع إذن المولى لو أذن له مولاه ملك العبد وضمن السيد » اللهم إلا أن يكون ذلك منه إذنا في التصرف بمال الغير ، فيكون ضمانه عليه ، والله العالم.

( ولو عرفها العبد ) وهي في يد السيد أو العبد لكونه أمينا أو مطلقا ( ملكها المولى إن شاء وضمن ) بناء على أن ثمرة التقاطه للمولى وإن كان بغير إذنه وقلنا بصحته ، فحينئذ له التملك مع الضمان والصدقة والحفظ.

( ولو نزعها المولى ) منه قبل التعريف أو قبل إكماله ففي المتن وغيره ( لزمه التعريف ) بتمامه أو ما بقي منه ( وله التملك ) أيضا ( بعد الحول أو الصدقة مع الضمان أو إبقاؤها ( في يده خ ) أمانة ).

ولكن قد سلف منا ما يفهم منه الإشكال في ذلك إن لم يكن إجماعا كما عساه يظهر من المتن والقواعد والمسالك وغيرها ، حيث أرسلوه إرسال المسلمات.

٣٨٠