ترجمة الإمام الحسين عليه السلام

كمال الدّين عمر بن أحمد بن أبي جرادة الحلبي [ ابن العديم ]

ترجمة الإمام الحسين عليه السلام

المؤلف:

كمال الدّين عمر بن أحمد بن أبي جرادة الحلبي [ ابن العديم ]


المحقق: محمّد الطباطبائي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: منشورات دليل ما
المطبعة: نگارش
الطبعة: ١
ISBN: 964-7528-91-4
الصفحات: ٢٥٤

[ لقائه عليه السلام مع الفرزدق ]

[١٠٨] ـ أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي ـ إجازة أو سماعا ـ قال : أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمّد بن أحمد الحافظ قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن أحمد ابن البسري ـ قرأت عليه وقرئ عليه وأنا أسمع ـ قال : أخبرنا أبو محمّد عبد الله ابن محمّد بن عبد الله السكري قال : أخبرنا إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل الصفار قال : حدّثنا أحمد بن منصور الرمادي قال : حدّثنا عبد الرزاق ـ يعني ابن همام الصنعاني ـ قال : أخبرنا ابن عيينة قال : أخبرني لبطة بن الفرزدق عن أبيه.

قال : خرجت أريد الحجّ ، فلمّا أتيت الصفاح (١) إذا بقوم عليهم اليلامق وعليهم درق ،

__________________

(١٠٨) أخرجه ابن سعد في ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام من الطبقات برقم ٢٨٤ عن عبد الله بن الزبير الحميدي عن سفيان .. مع اختلاف في اللفظ ، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه عن ابن سعد : رقم ٢٥٧.

ورواه يعقوب بن سفيان البسوي في المعرفة والتاريخ : ٢ / ٦٧٣ ، وابن جرير الطبري في تاريخه : ٥ / ٣٨٦ باسناد آخر عن هشام ، عن عوانة بن الحكم عن لبطة بلفظ طويل قريب منه.

ورواه ابن كثير في البداية والنهاية : ٨ / ١٦٧ بهذا الاسناد وفي ٨ / ١٦٦ عن أبي مخنف.

وأورده ابن منظور في مختصر تاريخ دمشق : ٧ / ١٤٤ ، والخطيب الخوارزمي في مقتل الحسين عليه‌السلام : ١ / ٣١٩ رقم ٣ ، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمّة : ١٨٨.

(١) الصّفح : الجنب ، والجمع الصفاح ، والصفاح : موضع بين حنين وأنصاب الحرم على سيرة الداخل إلى مكّة من مشاش ، وهناك لقي الفرزدق الحسين بن علي رضي‌الله‌عنه لمّا عزم على قصد العراق ، قال :

لقيت الحسين بأرض الصفاح

عليه اليلامق والدرق

( معجم البلدان للياقوت الحموي : ٣ / ٤١٢ ).

١٢١

وإذا جماعة وإذا ركبان ، قال : فنزلت عن راحلتي فقلت لبعضهم : ما هذا؟ قالوا : الحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ يريد العراق ، قال : فسيّبت راحلتي ثمّ مشيت إليه حتّى أخذت بالخطام ـ أو قال بالزمام ـ فقلت : أبو عبد الله؟

قال : أبو عبد الله : فما وراءك؟ قال : قلت ـ وصوابه أنت ـ أحبّ الناس إلى الناس والسيوف مع بني أميّة ، والقضاء من السماء ، قال : فو الله لقد امتعض منها وما أعجبته.

قال : ثمّ مضى ومضيت ، فلمّا كان يوم النفر مررت بسرادق [ ٦٤ ـ ألف ] فإذا بفنائه صبيان سود فطس ، قال : فأخذت بقفا صبيّ منهم فقلت : لمن أنت؟ قال : لعبد الله بن عمرو ، قال : فقلت : فأين هو؟ قال : في السرادق قال : فدخلت فسلّمت فقلت : ما قولك في الحسين ابن علي ـ عليهما‌السلام ـ؟ قال : لا يحيك فيه سلاحهم! قال : فخرجت.

قال : فبينا أنا على ماء بين الكوفة ومكة إذا انسان يوضع على بعيرة قال : فقلت : من أين؟ قال : من الكوفة ، قال : قلت : ما فعل الحسين بن علي؟ قال : قتل ، قال : فرفعت يدي فقلت : اللهم افعل بعبد الله بن عمرو إن كان يسخر بي.

قال سفيان بن عيينة ـ في غير هذه الرواية ـ ذهب الفرزدق إلى غير المعنى ، أو قال : الوجه ، إنما هو لا يحيك فيه السلاح : لا يضرّه القتل مع ما قد سبق له.

[١٠٩] ـ أنبأنا أبو علي الحسن بن هبة الله بن الحسن بن علي الدوامي قال : أخبرنا القاضي محمّد بن عمر بن يوسف الأرموي قال : أخبرنا الشريف أبو الغنائم عبد الصمد بن عليّ بن المأمون قال : أخبرنا الشريف أبو الفضل محمّد بن الحسن بن الفضل بن المأمون قال : حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباري قال : حدّثنا محمّد بن يونس قال : حدّثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي قال : حدثني لبطة بن الفرزدق عن أبيه قال :

حججت فلمّا كنت بذات عراق لقيني الحسين بن علي يريد الكوفة ، فقصدته فسلّمت عليه ، فقال لي : ما خلفت لنا وراءك بالبصرة؟ فقلت : قلوب القوم معك وسيوفهم

__________________

(١٠٩) أورده ابن عبد ربّه في العقد الفريد : ٤ / ٣٥٢ مع اختلاف يسير ورواه الزمخشري في ربيع الابرار : ٢ / ١٤٢ وذكره الخوارزمي في المقتل : ١ / ٣٣٧ في ضمن خطبة له عليه‌السلام يوم الثاني من محرم الحرام.

١٢٢

مع بني اميّة!

فقال : ما أشكّ في أنّك صادق ، الناس عبيد الدنيا ، والدين لغو على ألسنتهم ، يحوطونه ما درّت به معايشهم ، فإذا استنبطوا قلّ الديّانون.

[١١٠] ـ وقال ابن المأمون : حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم الانباري قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا أبو سعيد الغاضري قال : حدّثنا أبو عثمان المازني قال : حدّثنا الأصمعي.

عن أعين بن لبطة بن الفرزدق ، عن أبيه [ ٦٤ ـ ب ] قال : رأيت أبي في النوم بعد موته ، فقلت له : ما فعل الله بك؟

فقال : غفر لي بقصدي الحسين وسلامي عليه.

* * *

١٢٣
١٢٤

[ الحسين عليه‌السلام في طريقه إلى الشهادة ]

[١١١] ـ أخبرنا أبو حفص الدارقزي ـ فيما أذن لنا فيه ـ قال : أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ـ إجازة إن لم يكن سماعا ـ قال : أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوسي قال : أخبرنا عبيد الله بن عثمان بن جنيقاء الدقاق قال : أخبرنا إسماعيل بن عليّ الخطبي.

قال : وكان مسير الحسين بن عليّ بن أبي طالب ـ ويكنّى بأبي عبد الله وأمّه فاطمة بنت رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من مكّة إلى العراق بعد أن بايع له من أهل الكوفة اثنا عشر ألفا على يدي مسلم بن عقيل بن أبي طالب ، وكتبوا إليه في القدوم عليهم ، فخرج من مكّة قاصدا إلى الكوفة.

وبلغ يزيد خروجه فكتب إلى عبيد الله بن زياد ـ وهو عامله على العراق ـ يأمره بمحاربته وحمله إليه إن ظفر به ، فوجّه اللّعين عبيد الله بن زياد الجيش إليه مع عمر بن سعد ابن أبي وقاص ، وعدل الحسين إلى كربلا ، فلقيه عمر بن سعد هناك فاقتتلوا ، فقتل الحسين رضوان الله عليه ورحمته وبركاته ، ولعنة الله على قاتله.

وكان قتله في اليوم العاشر من المحرّم يوم عاشورا ، من سنة إحدى وستّين.

[١١٢] ـ وقال أبو غالب : أخبرنا أبو الغنائم ابن المأمون قال : أخبرنا عبيد الله بن محمّد

__________________

(١١١) أخرجه ابن عساكر في ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام برقم ٢٥٩ بالإسناد واللفظ ، وأورده ابن منظور في مختصر تاريخ دمشق : ٧ / ١٤٤ ، ورواه الحافظ الكنجي في كفاية الطالب : ص ٤٣٠ عن ابن عساكر.

(١١٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق برقم ٢٦٠ بالاسناد واللفظ ، والحافظ الطبراني في المعجم الكبير :

١٢٥

ابن إسحاق قال : أخبرنا عبد الله بن محمّد قال : حدّثني عمّي قال : حدّثنا الزبير قال : حدثني محمّد بن الضحّاك ، عن أبيه ،

قال : خرج الحسين بن علي إلى الكوفة ساخطا لولاية يزيد فكتب يزيد إلى ابن زياد وهو واليه على العراق : إنّه قد بلغني أنّ حسينا قد صار إلى الكوفة [ ٦٥ ألف ] وقد ابتلى به زمانك من بين الأزمان وبلدك من بين البلدان ، وابتليت به أنت من بين العمّال.

وعندها تعتق أو تعود

عبدا كما يعتبد العبيد

فقتله ابن زياد وبعث برأسه إليه.

[١١٣] ـ أخبرنا عمر بن محمّد المكتب ـ إذنا ـ قال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ـ اجازة إن لم يكن سماعا ـ قال : أخبرنا أبو بكر ابن الطبري قال : أخبرنا أبو الحسين ابن الفضل قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر قال : حدّثنا يعقوب قال : حدّثنا أبو بكر الحميدي قال : حدّثني سفيان قال : حدثني رجل من بني أسد ـ يقال له بحير ـ بعد الخمسين والمائة ، وكان من أهل الثعلبيّة (١) ولم يكن في الطريق رجل أكبر منه.

__________________

رقم ٢٨٤٦ مع زيادة في اللفظ.

ورواه عن الطبراني بلفظه الهيثمي في مجمع الزوائد : ٩ / ١٩٣ ، والحافظ الكنجي في كفاية الطالب : ص ٤٣٢ وأضاف : وزاد الطبري في رواية : وكان عنده علي بن الحسين بن علي عليه‌السلام فقال : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتاب من قبل أن نبرأها انّ ذلك على الله يسير ).

ورواه البلاذري في أنساب الأشراف : ٣ / ١٦٠ رقم ١٨ مرسلا ، والذهبي في سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٠٥ ، وابن عبد ربّه في العقد الفريد : ٤ / ٣٤٨ ، بلفظ أطول ، وبلفظه الباعوني في جواهر المطالب : ٢ / ٢٧٠.

(١١٣) رواه ابن عساكر في ترجمة الحسين عليه‌السلام برقم ٢٦٢.

والفسوي في المعرفة والتاريخ : ٢ / ٦٧٢ إلاّ أنه سقط من الحديث جزء كما أشار إليه محقق الكتاب ـ الدكتور اكرم ضياء العمري ـ في الهامش.

ورواه الحافظ الذهبي في تاريخ اسلام ، وفي سير أعلام النبلاء : ٣ / ٢٠٥.

(١) الثعلبية ـ فتح أوّله ـ من منازل الحجّ من الكوفة بعد الشقوق. قال البكري : منسوبة إلى ثعلبة بن دودان بن أسد ، وهو أوّل من احتفرها.

قيل : ورد الإمام الحسين عليه‌السلام به يوم الثاني والعشرين من ذي حجّة الحرام.

١٢٦

فقلت : مثل من كنت حين مرّ بكم حسين بن علي؟ قال : غلام قد أيفعت.

قال : فقام إليه أخ لي كان أكبر منّي يقال له زهير قال : أي ابن بنت رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ إنّي أراك في قلّة من الناس ، فأشار بسوط في يده هكذا ، فضرب حقيبة وراءه ، فقال : ها ، إنّ هذه مملوءة كتبا ، فكأنّه شدّ من منة أخي.

قال سفيان : فقلت له : ابن كم أنت؟ قال : ابن ستّ عشرة ومائة.

قال سفيان : وكنّا استودعناه طعاما لنا ومتاعا ، فلمّا رجعنا طلبناه منه ، فقال : إن كان طعاما فلعلّ الحي قد أكلوه!

فقلنا : انّا لله! ذهب طعامنا! فإذا هو يمزح معي ، فأخرج إلينا طعامنا ومتاعنا.

[١١٤] ـ وقال : حدّثنا يعقوب قال : حدّثنا أبو بكر ـ يعني الحميدي ـ قال : حدّثنا سفيان قال : حدّثنا شهاب بن خراش ، عن رجل من قومه قال :

كنت في الجيش الذين بعثهم عبيد الله بن زياد إلى حسين بن علي وكانوا [ ٦٥ ـ ب ] أربعة آلاف يريدون الديلم ، فصرفهم عبيد الله بن زياد إلى حسين بن علي فلقيت حسينا فرأيته أسود الرأس واللحية.

فقلت له : السّلام عليك يا أبا عبد الله! فقال : وعليك السّلام ، وكانت فيه غنّة.

فقال : لقد باتت منكم فينا سلة منذ الليلة ـ يعني سرق ـ ، قال شهاب : فحدّثت به زيد بن علي فأعجبه وكانت فيه غنّة.

قال سفيان : وهي في الحسينيين.

[ بلغت إلى هنا في السادس عشر من شهر رمضان المبارك عام ١٣٩٨ وأنا الأقل عبد العزيز الطباطبائي اليزدي ].

* * *

__________________

(١١٤) أخرجه ابن عساكر برقم ٢٦٤ بالاسناد واللفظ.

ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٠٥ ، وابن كثير في البداية والنهاية : ٨ / ١٦٩.

١٢٧

[١١٥] ـ أخبرنا أبو محمّد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان ، قال : أخبرنا أبو عبد الرحمن محمّد بن محمّد بن عبد الرحمن.

وأخبرنا أبو الحسن عليّ بن أبي المعالي ابن الحدّاد ، قال : أخبرنا يوسف بن آدم المراغي ، قالا : أنبأنا أبو بكر محمّد بن منصور السمعاني ، قال : أخبرنا الشيخ أبو طالب محمّد بن الحسن بن أحمد قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان ، قال : أخبرنا عبد الخالق ابن الحسن ، قال : حدّثنا إسحاق بن الحسن الحربي ، قال : حدّثنا عفّان ، قال : حدّثنا جعفر ابن سليمان ، قال : حدثني يزيد الرشك ، قال : حدّثني من شافه الحسين بهذا الكلام ،

قال : حججت فأخذت ناحية الطريق اتعسّف الطريق ، فدفعت إلى أبنية وأخبية فأتيت أدناها فسطاطا ، فقلت : لمن هذا؟ فقالوا : للحسين بن علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ ، فقلت : ابن فاطمة بنت رسول الله؟ قالوا : نعم ، قلت : في أيّها هو؟ فأشاروا إلى فسطاط.

فأتيت الفسطاط ، فإذا هو قاعد عند عمود الفسطاط ، وإذا بين يديه كتب كثيرة يقرأها ، فقلت : بأبي أنت وأميّ! ما أجلسك في هذا الموضع الذي ليس فيه أنيس ولا منفعة؟!

قال : إنّ هؤلاء ـ يعني السلطان ـ أخافوني ، وهذه كتب أهل الكوفة إليّ [ ٦٦ ـ ألف ] وهم قاتليّ ، فإذا فعلوا ذلك لم يتركوا الله حرمة إلاّ انتهكوها ، فسلّط الله عليهم من يذلّهم حتّى يتركهم أذلّ من فرم (١) الأمة.

__________________

(١١٥) أخرجه ابن سعد في ترجمة الحسين عليه‌السلام من الطبقات برقم ٢٩٠ ، ومن طريقه رواه الحافظ ابن عساكر برقم ٢٦٦ ، وابن كثير في البداية والنهاية : ٨ / ١٦٩.

ورواه ابن جرير الطبري في تاريخه : ٥ / ٣٩٣ ، مع اختلاف يسير قال : حدّثني الحارث قال : حدّثنا ابن سعد قال : حدّثني علي بن محمّد عن جعفر بن سليمان ...

ورواه ابن الأثير في الكامل : ٤ / ٣٩ مرسلا ، والذهبي في سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٠٥ ، وعن الذهبي العصامي في سمط النجوم العوالي : ٣ / ٧٥.

(١) فرم ـ بتحريك الفاء والراء ـ قال ابن الأثير في النهاية : ومنه حديث الحسن! « حتّى تكونوا أذلّ من فرم الأمة » هو بالتحريك : ما تعالج به المرأة فرجها ليضيق وقيل : هو خرقة الحيض. النهاية : ٣ / ٤٤١.

١٢٨

قال جعفر : فسألت الأصمعي عن ذلك ، قال : هي خرقة الحيضة إذا ألقتها النساء.

[١١٦] ـ أنبأنا أبو حفص ابن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ـ إجازة إن لم يكن سماعا ـ قال : أخبرنا عبد الصمد بن علي قال : أخبرنا عبيد الله بن محمّد بن إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن عيسى قال : حدّثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا خالد ، عن الجريري.

عن عبد ربّه أو غيره : أنّ الحسين بن علي لمّا أرهقه السلاح وأخذ له السلاح قال : ألا تقبلون منّي ما كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يقبله من المشركين؟!

قالوا : وما كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يقبله من المشركين؟!

قال : كان إذا جنح أحدهم قبل منه ، قالوا : لا! قال : فدعوني أرجع ، قالوا : لا!

قال : فدعوني اتي أمير المؤمنين فأخذ له رجل السلاح ، فقال له : أبشر بالنار! فقال : بل إن شاء الله برحمة ربي عزّ وجلّ وشفاعة نبيي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ.

فقتل وجيء برأسه حتّى وضع في طست بين يدي ابن زياد ، فنكته بقضيب وقال : لقد كان غلاما صبيحا.

ثمّ قال : أيّكم قاتله؟ فقام رجل فقال : أنا قتلته ، فقال : ما قال لك؟ فأعاد الحديث فاسودّ وجهه.

[١١٧] ـ قال عبد الله بن محمّد : وحدّثني عمّي قال : حدّثني القاسم بن سلام ، قال :

__________________

(١١٦) أخرجه ابن عساكر في ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام برقم ٢٧٤ ، ورواه الذهبي في سير اعلام النبلاء : ٣ / ٣١٠ ، والعصامي في سمط النجوم العوالي : ٣ / ٧٥ ، والمحب الطبري في ذخائر العقبى : ١٤٩ بحذف السند.

والحافظ الكنجي في كفاية الطالب : ٤٣٠ وقال : رواه البخاري في تاريخه وذكره في صحيحه عن أنس بن مالك.

وفي تهذيب تاريخ دمشق : ٧ / ١٤٦.

(١١٧) أخرجه ابن عساكر في ترجمة الحسين عليه‌السلام برقم ٢٧٥ ، ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣١١ ،

١٢٩

حدّثني حجّاج بن محمّد ، عن أبي معشر ، عن بعض مشيخته قال :

قال الحسين بن علي حين نزلوا كربلاء : ما اسم هذه الأرض؟

قالوا : كربلاء ، قال : كرب وبلاء.

وبعث [ ٦٦ ـ ب ] عبيد الله بن زياد عمر بن سعد فقاتلهم ، فقال الحسين : يا عمر ، اختر منّي أحد ثلاث خصال ؛ إمّا أن تتركني أرجع كما جئت ، فإن أبيت هذه فسيرني إلى يزيد فأضع يدي في يده فيحكم فيّ ما رأى! فإن أبيت هذه فسيرني إلى الترك فاقاتلهم حتّى أموت.

فأرسل إلى ابن زياد بذلك ، فهمّ أن يسيره إلى يزيد ، فقال له شمر بن جوشن : لا إلاّ أن ينزل على حكمك ، فأرسل إليه بذلك ، فقال الحسين : والله لا أفعل.

وأبطأ عمر عن قتاله ، فأرسل إليه ابن زياد شمر بن جوشن ، فقال : إن تقدّم عمر يقاتل وإلاّ فاقتله وكن أنت مكانه ، وكان مع عمر قريب من ثلاثين رجلا من أهل الكوفة.

فقالوا : يعرض عليكم ابن بنت رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ثلاث خصال فلا تقبلون منها شيئا؟! فتحوّلوا مع الحسين فقاتلوا.

[١١٨] ـ وقال : أخبرنا أبو القاسم البغوي ، قال : حدّثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني

__________________

والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى : ص ١٤٩ ( وفيه : عن أبي جعفر بدل أبي معشر ) ، وابن كثير في البداية والنهاية : ٨ / ١٧٠.

وفي مختصر تاريخ دمشق لابن منظور : ٧ / ١٤٧ ، سمط النجوم العوالي : ٣ / ٧٧.

وإلى قوله : قال : كرب وبلاء ، رواه الطبراني في المعجم الكبير : رقم ٢٨١٢ و ٢٩٠٢ باسناد آخر عن المطلب بن عبد الله بن الحنطب ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني : ١ / ٣٠٧ رقم ٤٢٤ ، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد : ٩ / ١٩٢ عن الطبراني.

(١١٨) أخرجه ابن عساكر في ترجمة الحسين عليه‌السلام برقم ٢٧٧ ، والحافظ الطبراني في المعجم الكبير : ٣ / ١٢٥ رقم ٢٨٥٠ ، ورواه عن الطبراني الحافظ الكنجي في كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ص ٤٣٤.

ورواه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد : ٩ / ١٩٣ وقال : رواه الطبراني ورجاله إلى قائله ثقات.

وأورده ابن منظور في مختصر تاريخ دمشق : ٧ / ١٤٧.

١٣٠

سنة خمس وعشرين قال : حدّثنا جرير عن ابن أبي ليلى ، قال :

قال الحسين بن علي حين أحسّ بالقتل : ابغوني ثوبا لا يرغب فيه أحد اجعله تحت ثيابي لا اجرّد ، فقيل له : تبان؟

فقال : ذاك لباس من ضربت عليه الذلّة! فأخذ ثوبا ، فخرقه فجعله تحت ثيابه ، فلمّا قتل جرّد صلوات الله عليه ورضوانه!

[١١٩] ـ أنبأنا أبو نصر القاضي ، قال : أخبرنا أبو القاسم ، قال : أخبرنا أبو محمّد ابن الأكفاني ، قال : حدّثنا عبد العزيز الكتاني ، قال : أخبرنا أبو محمّد ابن أبي نصر ، قال : أخبرنا أبو الميمون ابن راشد ، قال : حدّثنا أبو زرعة ، قال حدّثنا سعد بن سليمان ، عن عباد بن العوام.

عن حصين قال : أدركت ذاك حين مقتل الحسين ، قال : فحدّثني سعيد بن عبيدة قال : [ ٦٧ ـ ألف ] فرأيت الحسين وعليه جبّة برود ورماه رجل يقال له عمرو بن خالد الطهويّ بسهم ، فنظرت إلى السّهم معلّقا بجبّته.

[١٢٠] ـ أخبرنا أبو الفضل مرجا بن أبي الحسن بن هبة الله بن غزال التاجر الواسطي ، قال : أخبرنا العدل أبو طالب محمّد بن علي بن أحمد الكناني ـ قراءة عليه ـ قال : أخبرنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن عبد الله العجمي ـ قراءة عليه ـ قال : أخبرنا أبو الحسن محمّد بن محمّد بن مخلد البزاز ـ قراءة عليه ـ قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن الحسن الصلحي ، قال : أخبرنا أبو بكر محمّد بن عثمان بن سمعان الحافظ ، قال : حدّثنا أسلم بن سهل بن أسلم بن حبيب الرزاز الواسطي المعروف بحشل ، قال : حدّثنا زكريا بن يحيى ، قال :

حدّثنا الهيثم بن غالب الشيباني ، قال : سمعت أبا إسحاق الشيباني وأتاه رجل من آل حوشب بن يزيد فقال له : انّ مالك بن حوشب أخا حوشب بن يزيد قتل وعليه جبة خزّ.

فقال له أبو إسحاق الشيباني : وانّ الحسين بن علي ـ رضوان الله عليهما ـ قتل وعليه جبّة

__________________

(١١٩) أخرجه ابن عساكر في ترجمة الحسين عليه‌السلام برقم ٢٧٦.

ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣١١ ، وابن كثير في البداية والنهاية : ٨ / ١٧٠.

١٣١

خزّ وقد نصل خضابه ، وكان يخضب بالسواد فدفن في ثيابه.

[١٢١] ـ وقال : حدّثنا بحشل ، قال : حدّثنا زكريا بن يحيى بن صبح ، قال : حدّثنا هشيم ، قال : أخبرنا زاذان أبو منصور ، قال :

رأيت الحسين بن علي ـ رضوان الله عليه ـ مخضوب الرأس واللحية بالوسمة (١).

[١٢٢] ـ أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمّد ابن حمد بن حامد الارتاحي ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء ـ إجازة لي ـ قال : أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال ، وستّ الموفق خديجة مولاة أبي حفص عمر بن محمّد الصقلي [ ٦٧ ـ ب ] المرابطة ، قال أبو إسحاق : أخبرنا أبو القاسم عبد الجبّار ابن أحمد بن عمر بن الحسن الطرسوسي ـ قراءة عليه وأنا أسمع ـ قال أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار الأنطاكي ـ قراءة عليه ـ وقالت خديجة : قرأ على أبي القاسم يحيى بن أحمد بن عليّ بن الحسين بن بندار بن عبد الله بن خير الأذني الأنطاكي ـ وأنا شاهدة أسمع ـ قال : أخبرني جدّي القاضي أبو الحسن عليّ بن الحسين بن بندار ، قالا : حدّثنا أبو العباس محمود بن محمّد بن الفضل الأديب ، قال : حدّثنا عبيد الله بن محمّد ، قال : حدّثنا محمّد بن خلف ، قال : حدّثنا نصر بن مزاحم العطّار ، عن أبي مخنف ، قال : حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال :

سمعت الحسين بن علي وقد أحاطوا به يقول : اللهمّ احبس عنهم قطر السماء ، وامنعهم بركات الأرض وان متعتهم إلى حين ، ففرّقهم فرقا ومزّقهم مزقا ، واجعلهم طرائق قددا ، ولا ترض عنهم الولاة أبدا ، فإنّهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا!

__________________

(١٢١) رواه ابن المغازلي في مناقب علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ص ٣٨٣ رقم ٤٣٢ بالإسناد واللفظ ، وجاء في توضيح المشتبه : ١ / ٣٥٠.

عن عبد الله بن بحير الحضرمي قال : رأيت الحسين عليه‌السلام يوم قتل وهو مخضوب بوسمة وعليه جبّة خزّ.

(١) الوسمة ـ كما تقدّم ـ وقيل شجر باليمن يخضب بورقه الشعر ، أسود.

(١٢٢) تاريخ الطبري : ٥ / ٤٥١ ، مختصر اتحاف السادة المهرة للزبيدي الحنفي : ١٠ / ٣٢٠.

١٣٢

وضارب حتّى كفّهم عنه ، ثمّ تعاووا عليه فقتلوه (١).

[١٢٣] ـ أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي ، عن أبي بكر محمّد بن عبد الباقي

__________________

(١) وفي مقتل الحسين عليه‌السلام للخوارزمي : ٢ / ١٠ في ضمن خطبة طويلة له عليه‌السلام :

« اللهم احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسني يوسف ، وسلّط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة ، فلا يدع فيهم أحدا ، قتلة بقتلة ، وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم ، فإنّهم غدونا وكذبونا وخذلونا ، وأنت ربّنا ، وعليك توكّلنا ، وإليك أنبنا ، وإليك المصير ».

(١٢٣) أخرجه ابن سعد في ترجمة الامام الحسين عليه‌السلام من الطبقات برقم ٢٨١.

( ورواه الحافظ ابن عساكر برقم ٢٦٩ باسناده عن ابن سعد.

كان أبي يتبدى ، أي : يخرج إلى البادية ، والرجل من بني أسد هو أنس بن الحارث بن نبيه الصحابي.

قال البخاري في التاريخ الكبير ٢ / ٣٠ : أنس بن الحارث ، قتل مع الحسين بن علي ، سمع النبي صلى الله عليه وسلّم.

قال محمّد : حدّثنا سعيد بن عبد الملك بن واقد الحراني ، حدّثنا عطاء بن مسلم الخفاف ، عن الأشعث بن سحيم ، عن أبيه ، عن أنس.

وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٢ / ٢٨٧ : أنس بن الحارث ، له صحبة ، قتل مع الحسين بن علي عليه‌السلام.

وأخرج ابن عساكر ٢٨٣ من طريق الحافظ البغوي باسناده عن أنس بن الحارث يقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول :

انّ ابني هذا ـ يعني الحسين ـ يقتل بأرض يقال لها : كربلاء ، فمن شهد ذلك منكم فلينصره ( انظر تهذيب تاريخ ابن عساكر لبدران ٤ / ٣٣٨ ).

قال : فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء ، فقتل مع الحسين.

وأخرجه الحافظ أبو نعيم في دلائل النبوة : ٤٨٦ ، وابن كثير في البداية والنهاية : ٨ / ١٩٩ ، عن البغوي بإسناده ، والخوارزمي في مقتل الحسين عليه‌السلام : ١ / ١٥٩ من طريق البيهقي عن الحاكم باسناده عن أنس ...

قال : فقتل أنس بن الحارث مع الحسين بن علي عليه‌السلام.

وذكره ابن الأثير في اسد الغابة : ١ / ١٤٦ وذكر أنّه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول : إنّ ابني هذا يقتل بأرض من أرض العراق فمن أدركه منكم فلينصره ، فقتل مع الحسين رضي‌الله‌عنه.

أخرجه الثلاثة ( أي : ابن عبد البر وابن منده وأبو نعيم ).

وترجم لأبيه أيضا : ١ / ٤١٧ وقال : روى أنس بن الحارث بن نبيه ، عن أبيه الحارث ابن نبيه وكان من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم من أهل الصفّة ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ

١٣٣

الأنصاري ، قال : أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال : أخبرنا محمّد بن العباس ، قال : أخبرنا أحمد بن معروف ، قال : حدّثنا الحسين بن الفهم ، قال : حدّثنا محمّد بن سعد ، قال : أخبرنا عليّ بن محمّد ، عن عامر بن أبي محمّد ، عن الهيثم بن موسى ، قال :

قال العربان بن الهيثم : كان أبي يتبدّى ، فنزل قريبا من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين ، فكنّا لا نبدوا إلاّ وجدنا رجلا من بني أسد هناك ، فقال له أبي : أراك ملازما هذا المكان؟! قال : بلغني أنّ حسينا يقتل هاهنا ، فأنا أخرج لعلّي أصادفه ، فأقتل معه!

فلمّا قتل الحسين قال أبي : انطلقوا ننظر : هل الأسدي في من قتل؟

فأتينا المعركة فطوّفنا ، فإذا الأسدي مقتول!

[١٢٤] ـ أنبأنا أبو الحسن ابن المقير ، عن الفضل بن سهل الحلبي ، قال : أخبرنا

__________________

والحسين في حجره ـ يقول : إنّ ابني هذا يقتل في أرض يقال لها : العراق ، فمن أدركه منكم فلينصره ، فقتل أنس بن الحارث مع الحسين.

وقد روي عن أنس بن الحارث ، قال : سمعت رسول صلّى الله عليه وسلّم ولم يقل عن أبيه ، أخرجه أبو موسى انتهى.

وذكره ابن حجر في الإصابة في القسم الأوّل من حرف الألف : ١ / ٦٨ وحكى الأقوال فيه ـ إلى أن قال ـ : ووقع في التجريد للذهبي : لا صحبة له وحديثه مرسل! ...

فردّ عليه ابن حجر وقال : وكيف يكون حديثه مرسلا! وقد قال : سمعت ، وقد ذكره في الصحابة البغوي وابن السكن وابن شاهين والدغولي وابن زبر والبارودي وابن مندة وأبو نعيم وغيرهم ، انتهى.

وخرّج السيوطي حديثه هذا في الخصائص الكبرى : ٢ / ١٢٥ ، وفي جمع الجوامع ، وخرّجه تلميذه شمس الدين الدمشقي في سبل الهدى والرشاد : الورقة ٥٤٧ عن البغوي ، والمتّقي في كنز العمال : ١٢ / ١٢٦ عن البغوي وابن السكن والبارودي وابن منده وابن عساكر ».

(١٢٤) أخرجه ابن عساكر في ترجمة الحسين عليه‌السلام برقم ٢٨٠ من طريق أبي بكر الخطيب.

ورواه الحافظ المزي في تهذيب الكمال : ٦ / ٤١١ من طريق الحافظ الدارقطني ، وابن حجر في تهذيب التهذيب : ٢ / ٣٤٨.

ورواه ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه على نهج البلاغة : ٣ / ١٦٩ في بيان كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام حين نزل بكربلاء ، وفيه : عن هرثمة بن سليم!

١٣٤

أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ـ إذنا ـ قال : أخبرنا عبد الكريم بن محمّد بن أحمد الضبي ، قال : أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، قال : حدّثنا محمّد بن نوح الجنديسابوري ، قال : حدّثنا عليّ بن حرب الجنديسابوري قال : حدّثنا إسحاق بن سليمان ، قال : حدّثنا عمرو بن أبي قيس ، عن يحيى بن سعيد أبي حيان ، عن قدامة الضبي ،

عن جرداء بنت سمير ، عن زوجها هرثمة بن سلمى ، قال : خرجنا مع علي في بعض غزوه ، فصار حتّى انتهى إلى كربلاء ، فنزل إلى شجرة يصلّي إليها ، فأخذ تربة من الأرض

__________________

وأخرجه ابن أبي شيبه في المصنّف : ١٥ / ٩٨ رقم [١٩٢١٥] بطريقه عن الأعمش عن سلام أبي شرحبيل عن أبي هرثمة إلى قوله : بغير حساب.

ومن طريق ابن أبي شيبه رواه المتقي الهندي في كنز العمال : رقم ٣٧٧٢١.

ورواه الحافظ الكنجي في كفاية الطالب : ٤٢٧ عن الطبراني في معجمة الكبير ( ولكن لم اعثر عليه في مراجعة خاطفة ) ، والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد : ٩ / ١٩١ عن الطبراني أيضا وقال : رجاله ثقات.

وفي لفظ الكنجي والهيثمي : ( يحشر من هذا الظهر سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ).

ورواه قريبا منه ابن سعد في ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام من الطبقات برقم ٢٧٧ قال :

أخبرنا يحيى بن حماد ، قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن سليمان قال : حدّثنا أبو عبيد الضبي قال :

دخلنا على أبي هرثم الضبي حين أقبل من صفين وهو مع علي وهو جالس على دكان وله امرأة يقال لها حرداء ، هي أشد حبّا لعلي وأشدّ لقوله تصديقا.

فجاءت شاة فبعرت ، فقال : لقد ذكرني بعر هذه الشاة حديثا لعلي ، قالوا : وما علم علي بهذا؟

قال : أقبلنا مرجعنا من صفين ، فنزلنا كربلاء ، فصلّى بنا علي صلاة الفجر بين شجرات ودوحات حرمل ، ثمّ أخذ كفّا من بعر الغزلان فشمّه ، ثمّ قال : اوه ، اوه ، يقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجنّة بغير حساب.

قال : قالت حرداء : وما تنكر من هذا؟ هو أعلم بما قال منك ، نادت بذلك وهو في جوف البيت. انتهى.

رواه عن ابن سعد المزيّ في تهذيب الكمال : ٦ / ٤١٠ ، وابن حجر ملخصا في تهذيب التهذيب : ٢ / ٣٤٨.

وبإسناد آخر رواه الخطيب الخوارزمي في مقتل الحسين عليه‌السلام : ١ / ٢٤١ رقم ١٥ قال :

حدّثنا عيسى بن يونس السبيعي عن الأعمش عن نشيط أبي فاطمة قال :

جاء مولاي أبو هرثمة من صفين فأتيناه فسلّمنا عليه ، فمرت شاة وبعرت فقال : لقد ذكرتني هذه الشاة حديثا ، أقبلنا مع علي ونحن راجعون من صفين ، فنزلنا ( كربلاء ) فصلّى بنا الفجر بين شجرات ، ثمّ أخذ بعرات من بعر الغزال ، ففتّها في يده ثمّ شمّها فالتفت إلينا وقال : ( يقتل في هذا المكان قوم يدخلون الجنة بغير حساب ).

١٣٥

فشمّها ، ثمّ قال : واها (١) لك تربة ، ليقتلنّ بك قوم يدخلون الجنّة بغير حساب (٢).

قال : [ ٦٩ ـ ألف ] فقفلنا من غزاتنا وقتل علي ونسيت الحديث ، فكنت في الجيش الذين ساروا إلى الحسين ، فلمّا انتهيت إليه نظرت إلى الشجرة فذكرت الحديث ، فتقدّمت على فرس لي ، فقلت : أبشرك ابن بنت رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وحدّثته الحديث.

قال : معنا أو علينا؟ قلت : لا معك ولا عليك! تركت عيالا وتركت ، قال : اما لا فولّ في الأرض ، فو الذي نفس حسين بيده لا يشهد قتلنا اليوم رجل إلاّ دخل جهنّم! فانطلقت هاربا مواليا في الأرض حتّى خفي عليّ مقتله.

* * *

__________________

(١) قال الجوهري : إذا تعجّبت من طيب الشيء قلت : واها له ما أطيبه!

(٢) وقد تقدّم نظيره عن كدير الضبّي برقم ٩٩.

١٣٦

[ ما عجّل الله به قتلة الحسين

عليه السلام من العذاب في الدنيا ]

[١٢٥] ـ أخبرنا مرجي بن أبي الحسن التاجر ، قال : أخبرنا محمّد بن علي ، قال : أخبرنا أبو الفضل بن أحمد بن عبد الله ، قال : أخبرنا محمّد بن محمّد بن مخلد ، قال : أخبرنا عليّ بن الحسن ، قال : أخبرنا أبو بكر ابن عثمان الحافظ ، قال : أخبرنا أبو الحسن ابن سهل الواسطي ، قال : حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، قال :

حدّثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرتني أميّ عن جدّتها قالت : أدركت قتل الحسين بن علي ـ رضوان الله عليه ـ ، فلمّا قتل خرج ناس إلى إبل كانت معه فانتبهوها ، فلمّا كان الليل رأيت فيها النيران تلتهب ، فاحترق كلّ ما اخذ من عسكره.

[١٢٦] ـ أخبرنا أبو محمّد عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي بنابلس ، وأبو

__________________

(١٢٥) رواه ابن المغازلي في المناقب : رقم ٤٣٣ ، وسيأتي اسنادا ومتنا برقم ١٦١.

(١٢٦) وأخرجه عن ابن أبي الدنيا أيضا ابن عساكر في ترجمة الحسين عليه‌السلام برقم ٢٨٢ ، والحافظ المزي في تهذيب الكمال : ٦ / ٤٣٠ ، والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى : ١٤٤ ، ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣١١.

والحافظ الكنجي في كفاية الطالب : ٤٣٤ وقال : رواه ابن أبي الدنيا في كتابه وابن عساكر في تاريخه.

ورواه ابن جرير الطبري في تاريخه : ٥ / ٤٤٩ بسند آخر عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة بلفظ أطول من هذا.

ورواه الخطيب الخوارزمي في مقتل الحسين عليه‌السلام : ٢ / ١٠٤ رقم ٢٥ وقال : وذكر أعثم الكوفي هذا

١٣٧

المظفر حامد بن العميد بن أميري القزويني بحلب ، قالا : أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج الابريّ ، قالت : أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمّد بن علي الزينبي ، قال : أخبرنا أبو الحسين علي بن محمّد بن بشران ، قال : أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عبيد بن أبي الدنيا [ ٦٩ ـ ب ] القرشي ، قال : أخبرني العباس ابن هشام بن محمّد الكوفي ، عن أبيه ، عن جدّه قال :

كان رجل من بني أبان ابن دارم يقال له : زرعة ، شهد قتل الحسين ـ رضي‌الله‌عنه ـ ، فرمى الحسين بسهم فأصاب حنكه ، فجعل يلتقي الدم ثمّ يقول هكذا إلى السماء فيرمي به ، وذلك أنّ الحسين ـ رضي‌الله‌عنه ـ دعا بماء ليشرب ، فلمّا رماه حال بينه وبين الماء فقال : اللهم ظمّئه!

قال : فحدّثني من شهده وهو يموت وهو يصيح من الحرّ في بطنه والبرد في ظهره وبين يديه المراوح والثلج ومن خلفه الكانون وهو يقول : اسقوني أهلكني العطش ، فيؤتى بالعسّ العظيم فيه السويق أو الماء واللبن لو شربه خمسة لكفاهم.

قال : فيشربه ثمّ يعود فيقول : اسقوني أهلكني العطش!

قال : فانقد بطنه كانقداد البعير.

[١٢٧] ـ أخبرنا أبو العباس أحمد بن مسعود بن شداد الصفار الموصلي بحلب قال : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن أحمد بن عبد العزيز القاص بالموصل ، قال : أخبرنا الرئيس أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، قال : أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمّد بن عبد الله بن

__________________

الحديث مختصرا ، وسمّى الرامي عبد الرحمن الأزدي وقال : فقال الحسين ( اللهم اقتله عطشا ، ولا تغفر له أبدا ).

قال القاسم بن الأصبغ : لقد رأيتني عند ذلك الرجل وهو يصيح : العطش! والماء يبرد له فيه السكر ، والاعساس فيها اللبن ، وهو يقول : ويلكم! اسقوني قد قتلني العطش! فيعطى القلة والعس ، فإذا نزعه من فيه يصيح : اسقوني ، وما زال حتى انقد بطنه ومات أشرّ ميتة!

وفي مجمع الزوائد : ٩ / ١٩٣ : عن الكلبي قال : رمى رجل الحسين وهو يشرب فشل شدقيه فقال : لا أرواك الله فشرب حتى تفطر ، ثم قال : رواه الطبراني ورجاله إلى قائله ثقات.

١٣٨

زياد ، قال : حدثني أبو يوسف يعقوب بن الخضر المتطبب ، قال : حدّثنا أبو نعيم ، قال :

حدّثنا ابن عيينة ، عن أبيه قال : أدركت من قتلة الحسين ـ رضي‌الله‌عنه ـ رجلين : أما أحد فإنّ الله طوّل ذكره ، فكان يحمله على عاتقه! وأمّا الآخر فكان يأتي عزلا الراوية ، فيضعها على فيه حتّى يستفرغها [ ٧٠ ـ ألف ] ويصيح العطش العطش ، ويدور إلى جانب الآخر من الراوية فيستفرغها ولا يروي.

وذلك أنّه نظر إلى الحسين وقد اهوى إلى فيه وهو يشرب فرماه بسهم ، فقال الحسين : مالك ولا ارواك الله من الماء في دنياك ولا آخرتك.

[١٢٨] ـ أخبرنا أبو المظفّر حامد بن العميد بحلب ، وأبو محمّد عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي بنابلس ، ومحفوظ بن هلال الرسعني برأس العين قالوا : أخبرتنا شهدة بنت أحمد ابن الفرج الكاتبة قال محفوظ اجازة قالت : أخبرنا طراد بن محمّد الزينبي ، قال : أخبرنا أبو الحسين ابن بشران ، قال : أخبرنا أبو علي ابن صفوان ، قال : حدّثنا أبو بكر ابن أبي الدنيا ، قال : حدّثنا إسحاق بن إسماعيل ، قال : أخبرنا سفيان ،

قال : حدّثتني جدّتي أمّ أبي قالت : أدركت رجلين ممن شهد قتل الحسين ، فأمّا أحدهما : فطال ذكره حتى كان يلفّه ، وأمّا الآخر : فكان يستقبل الراوية فيشربها حتّى يأتي على آخرها.

قال سفيان : أدركت ابن ابن أحدهما ، به خبل أو نحو هذا.

__________________

(١٢٨) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ٣ / ١٢٨ رقم ٢٨٥٧ باسناده عن علي بن عبد العزيز عن إسحاق بن إسماعيل ... ، والحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسين عليه‌السلام : رقم ٣١٦ من طريق ابن أبي الدنيا بهذا الاسناد.

وخرّجه الملاّ في سيرته كما في ذخائر العقبى : ١٤٤.

ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣١٤ ، والمزّي في تهذيب الكمال : ٦ / ٤٣٨ ، وابن حجر في تهذيب التهذيب : ٢ / ٣٥٤.

ورواه السيوطي في الخصائص الكبرى : ٢ / ١٢٧ عن أبي نعيم.

والهيثمي في مجمع الزوائد : ٩ / ١٩٧ وقال : رواه الطبراني ورجاله إلى جدّه سفيان ثقات.

مقتل الحسين عليه‌السلام للخوارزمي : ٢ / ١٠٤ رقم ٢٦.

١٣٩
١٤٠