الثّاقب في المناقب

عماد الدين أبي جعفر محمّد بن علي الطوسي [ ابن حمزة ]

الثّاقب في المناقب

المؤلف:

عماد الدين أبي جعفر محمّد بن علي الطوسي [ ابن حمزة ]


المحقق: الشيخ نبيل رضا علوان
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٤
ISBN: 978-964-438-681-7
الصفحات: ٧٠١

الذراع منها وقال : يا رسول الله لا تأكلني ، فإنّي مسمومة» .

٦٥ / ٣ ـ عنه عليه السلام ، قال : «إنّ اليهود أتت امرأة منهم يقال لها : عبدة ، فقالوا : يا عبدة ، لقد علمت أنّ محمداً قد هدم ركن بني إسرائيل ، وهدم ركن اليهود ، وقد جاءك الملأ من بني إسرائيل بهذا السمّ له ، فهم جاعلون لك جعلاً على أن تسمّيه في هذه الشاة .

فعمدت عبدة إلى الشاة فشوتها ، ثمّ جمعت الرؤساء في بيتها ، وأتت رسول الله (ص) ، وقالت : يا محمّد قد علمت ما يجب لي ، وقد حضرني (١) رؤساء اليهود فزرني بأصحابك . فقام (ص) ، ومعه عليّ عليه السلام ، وأبو دجانة ، وأبو أيوب ، وسهل بن حُنيف ، وجماعة من المهاجرين والأنصار ، فلمّا دخلوا وأخرجوا الشاة شدّت اليهود آنافها بالصوف ، وقاموا على أرجلهم وتوكأوا على عصيهم ، فقال لهم رسول الله (ص) : اقعدوا ؛ فقالوا : إنّا إذا زارنا نبي لم يقعد منّا أحد ، وكرهنا أن يصل إليه من أنفاسنا ما يتأذَّى به . وكذبت اليهود عليها لعنة الله ، إنّما فعلت ذلك مخافة سورة السم ودخانه .

فلمّا وضعت الشاة بين يديه ، صلّ الله عليه وآله تكلّمت كتفها فقال : مه يا محمّد لا تأكلني ، فإنّي مسمومة ، فدعا النبي صلّ الله عليه وآله عبدة ، فقال لها : ما حملك على ما صنعت ؟ قالت : قلت : إن كان نبيّاً صادقاً لم يضرّه ، وإن كان كاذباً أرحت قومي منه .

فهبط جبرئيل عليه السلام ، فقال : الله يقرئك السلام ، يقول : قل : بسم الله الذي يسمّيه به كل مؤمن ، وبه عزّ كلّ مؤمن ، وبنوره الذي أضاءت به السماوات والأرضون ، وبقدرته التي خضع لها كلّ جبار عنيد ، وانتكس كلّ شيطان مريد ، من شرّ السمّ ، والسحر ،

___________________

٣ ـ أمالي الصدوق : ١٨٦ / ٢ ، روضة الواعظين : ٦١ ، مناقب ابن شهر أشوب ١ : ٩١ .

(١) في ع : حضرت .

٨١

واللمم ، بسم الله العليّ الملك الفرد ، الذي لا إله إلّا هو ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (١) ) .

فقال النبيّ (ص) ذلك ، وأمر أصحابه ، فتكلّموا به ، ثمّ قال : كلوا . ثم أمرهم أن يحتجموا» .

٦٦ / ٤ ـ عن يزيد بن أبي حبيب ، قال : أقبلت امرأة ومعها ابن لها ، وهو ابن شهر ، حتّى جاءت رسول الله (ص) فاكفهرّت عليه بوجهها ، فقال الغلام من حجرها : السلام عليك يا رسول الله ؛ السلام عليك يا محمّد بن عبد الله ، قال : فأنكرت الأم ذلك من ابنها ، فقال رسول الله (ص) : «فما يدريك أني رسول الله ، وأنّي محمّد بن عبد الله ؟» .

قال : علّمنيه ربّ العالمين ، والروح الأمين جبرئيل عليه السلام ، وهو قائم على رأسك ينظر إليك . فقال جبرئيل عليه السلام : يا محمّد هذا تصديق لك بالنبوة ، ودلالة لنبوتك كي يؤمن بك بقية قومك .

قال رسول الله (ص) : «ما اسمك يا غلام ؟» .

قال : سمّوني عبد العزى ، وأنا به كافر ، فسمّني يا رسول الله . قال : «أنت عبد الله» .

قال : يا رسول الله ، ادع الله عزّ وجل أن يجعلني من خدمك في الجنّة .

فقال جبرئيل عليه السلام : ادع الله عزّ وجلّ يعطيه ما سأل .

قال الغلام : السعيد من آمن بك ، والشقيّ من كذبك ، ثمّ شهق

___________________

(١) سورة الإِسراء / الآية : ٨٢ .

٤ ـ أورد قطعة منه ابن شهراشوب في مناقبه ١ : ١٠١ ، عن محمد بن إسحاق .

٨٢

شهقة فمات ، فأقبلت الأمّ عليه ، وقالت : يا رسول الله ، فداك أبي وأمي ، لقد كنت مكذّبة بك إلى لدن ما رأيت من آيات نبوّتك ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنّك رسول الله ، يا أسفي على ما فات منّي .

فقال لها : «أبشري ، فوالذي ألهمك الإِيمان ، إنِّي لأنظر إلى حنوطك وكفنك مع الملائكة» فما برحت حتّى شهقت وفاضت نفسها ، فصلَّى رسول الله صلّ الله عليه وآله ، عليهما ودفنها جميعاً .

٨٣

٩ ـ فصل :

في ظهور آياته من درور (*) اللبن من ضرع الشاة التي ما بها لبن

وفيه : ثلاثة أحاديث

٦٧ / ١ ـ عن زر بن حبيش (١) عن عبد الله بن مسعود ، قال : كنت أرعى غنماً لعقبة بن أبي معيط ، فمرّ بي رسول الله (ص) وأبو بكر ، فقال لي : «يا غلام هل من لبن ؟» قلت : نعم ، ولكن مؤتمن . فقال : «فهل من شاة لم يقربها الفحل ؟» (٢) .

قال : فأتيته بشاة فمسح ضرعها بيده الشريفة فنزل اللبن ، فحلبه في إناء ، فشرب ، وسقى أبا بكر ، ثمّ قال للضرع : «اقلص» فقلص .

قال : ثمّ لقيته بعد ذلك ، فقلت : يا رسول الله ، علّمني من هذا القول .

___________________

(*) في ش ، ص : درّ .

١ ـ الخصائص الكبرى ١ : ٢٠٣ .

(١) في ك ، م : ذر بن حبش ، وفي ش : ذرين بن حبش ، وما أثبتناه هو الصواب ، راجع «معجم رجال الحديث ٧ : ٢١٧ ، أسد الغابة ٢ : ٢٠٠ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٢٧٧ ، تقريب التهذيب ١ : ٢٥٩ / ٣٣ ، والاصابة في تمييز الصحابة ٢ : ٣٦٩ ضمن ترجمة عبد الله بن مسعود» .

(٢) في ع : الفحول .

٨٤

قال : فمسح رأسي وقال : «يرحمك الله ، إنّك عليم معلّم مكرّم» .

٦٨ / ٢ ـ عن محرز بن هديد ، قال إنّه سمع هشاماً ـ أخا معبد ـ قبل البطحاء ، أنّ النبيّ (ص) لمّا خرج مهاجراً من مكّة ، هو وأبو بكر وعامر ابن فهيرة (١) ، ودليلهما اللّيثي عبد الله بن أريقط (٢) مرّوا على خيمة أم معبد ، وكانت امرأة جلدة ، برزة تحتبي (٣) بفناء الخيمة ، تسقي وتطعم ، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروا منها ، فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك ، وكان القوم مرمّلين (٤) مسنتين فقالت : لو كان عندنا شيء ما أعوزناكم (٥) القرى .

فنظر رسول الله (ص) إلى شاة في كسر الخيمة ، فقال : «ما هذه الشاة يا أم معبد ؟» قالت : شاة خلفها الجاهد عن الغنم .

فقال : «هل بها من لبن ؟» قالت : هي أجهد من ذلك .

___________________

٢ ـ دلائل النبوة ٢ : ٤٣٦ / ٢٣٨ ، المستدرك للحاكم ٣ : ٩ ، مجمع الزوائد ٦ : ٥٨ ، الخصائص الكبرى ١ : ٤٤٦ ، سيرة ابن هشام ٢ : ١٣٢ ، الطبقات الكبرى ١ : ٢٣٠ . سيرة الحلبي ٢ : ٤٧ ، اعلام الورىٰ : ٣٢ ، كشف الغمة ١ : ٢٤ .

(١) في ك ، م : عامر بن مهيرة ، وما أثبتناه هو الصحيح ، راجع «الاصابة ٢ : ٢٥٦» .

(٢) في ر ، ك ، م : عبد الله بن أرهط ، وما أثبتناه هو الصحيح ، راجع «الاصابة ٢ : ٢٧٤» .

(٣) الاحتباء : هو أن يضم الانسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليها ، وقد يكون باليدين . «لسان العرب ـ حبا ـ ١٤ : ١٦١» .

(٤) وكان القوم مرمّلين : أي نفد زادهم . «النهاية ٢ : ٢٦٥» وفي ع : مزملين ، ومسنتين : أي مجدبتين .

(٥) في ر ، م ، ك ، ع : ما أعوزكم .

٨٥

قال : «أتأذنين لي أن أحلبها» . قالت : نعم بأبي أنت وأمي إن كان بها لبن فاحلبها .

فدعا رسول الله (ص) بالشاة ، فمسح بيده على ضرعها ، وسمّى الله تعالى ، ودعا لها في شأنها فتفاجَّت (١) عليه ، ودرّت .

فدعا بإناء يُربض الرهط (٢) ، فحلب فيها شخباً حتّى علاه الثمال ، ثمّ سقاها حتّى رويت ، وسقى أصحابه حتّى رووا ، ثمّ شرب آخرهم شرباً ، وقال (ص) «ساقي القوم آخرهم شرباً» ، فشربوا جميعاً عللاً بعد نهل ، حتّى أراضوا ثمّ حلب ثانياً عوداً على بدء ، حتّى امتلأ الإِناء ، فغادره عندها وارتحلوا عنها .

وفي الحديث طول مع اختلاف الروايات .

٦٩ / ٣ ـ عن قيس بن النعمان السكونيّ ، قال : لما انطلق النبيّ (ص) ، وأبو بكر مستخفيين في الغار ، مَرّا بعبد يرعى غنماً قال : واستسقياه من اللبن ، فقال : والله ما لي شاة تحلب ، غير أن هنا عناقاً (٣) حملت أوّل السنة ، وما بقي لها لبن .

فقال النبيّ (ص) : «ائتنا بها» ، فأتى بها ، فدعا لها بالبركة ، ثمّ حلب عساً (٤) وسقى أبا بكر ، ثمّ حلب أخرىٰ وسقا الراعي وشرب ، فقال العبد : بالله من أنت ؟! فو الله ما رأيت مثلك قط !

___________________

(١) تفاجّت الناقة : أي فرجت رجليها للحلب . «لسان العرب ـ فجج ـ ٢ : ٣٣٩» .

(٢) يربض الرهط : أي يرويهم حتى يثقلهم فيناموا لكثرة اللبن الذي شربوه . «لسان العرب ـ ربض ـ ٧ : ١٥١» .

٣ ـ البداية والنهاية ٣ : ١٩٢ .

(٣) العناق : الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها الحول . «مجمع البحرين ـ عنق ـ ٥ : ٢١٩» .

(٤) العُس : القدح الكبير الضخم . «لسان العرب ـ عسس ـ ٦ : ١٤٠» .

٨٦

فقال (ص) : «أتراك إن خبّرتك تكتم» . فقال : نعم .

فقال : «إنّي محمّد رسول الله» فقال : أنت الذي تزعم قريش أنّه صابئ (١) .

فقال : «إنّهم ليقولون ذلك» . قال : فإنِّي أشهد أنّك رسول الله ، وأنّ ما جئت به حقّ .

___________________

(١) الصابئ : هو الذي خرج من دين إلى دين آخر . «الصحاح ـ صبا ـ ١ : ٥٩» .

٨٧

١٠ ـ فصل :

في بيان ظهور آياته في الاستسقاء وإظلال السحاب عليه ، وغيره

وفيه : خمسة أحاديث

٧٠ / ١ ـ عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال لابنه إسماعيل : «يا بنيّ حدثنا» قال إسماعيل : كانت السماء تمطر بغير سحاب ، فتنبت الأرض من ساعتها ، فيرعى فيها رسول الله (ص) عناقه .

وفي ذلك آيتان .

٧١ / ٢ ـ وعن عليّ عليه السلام ، وروى أيضاً غيره أنّ النبيّ (ص) كان ذات يوم جالساً في المسجد ، إذ جاءه أعرابي ووقف عليه ، وقال : ما لنا بعير يربط (١) ولا صبي يصيح (٢) . ثمّ أنشأ يقول :

[ أتيناك يا خير البرية كلّها

لترحمنا مما لقينا من الأزل ]

أتيناك والعذراء يدمى لبانها

وقد شغلت (٤) أم الصبي عن الطفل

___________________

١ ـ . . .

٢ ـ أمالي المفيد : ٣٠١ / ٣ ، أمالي الطوسي ١ : ٧٢ ، وقطعة منه في إعلام الورى : ٣٧ .

(١) في م : نشط ، وفي ع : نيط .

(٢) في م : مصلح .

(٣) ما بين المعقوفتين اثبتناه من المصدرين .

(٤) في ر ، ك ، م : ذهلت .

٨٨

وألقى بكفّيه الفتى استكانة

من الجوع ضعفاً (١) ما يمرّ ولا يحل

ولا شيء مما يأكلُ الناس عندنا

سوىٰ الحنظل العامِى والعلهز (٢) والغسل(٣)

وليس لنا إلّا إليك فرارنا

وأين فرار الناس إلّا إلى الرّسل

فقام النبيّ (ص) يجرّ رداءه ، حتّى صعد المنبر ، وقلب الرداء ، وخطب وقال : «اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً ، هنيئاً مريئاً غدقاً غير رائث (٤) ولا لابث نافعاً غير ضار ، تملأ به الضرع ، وتنبت به الزرع ، وتحيي به الأرض بعد موتها» .

قال : فوالله ما ردّ يده إلى نحره ، حتّى ألقت السماء بأرواقها (٥) وجاء أهل البطحاء يصيحون : الغرق الغرق يا رسول الله ، فرفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم حوالينا ولا علينا ، اللّهم على الربا والآكام (٦) ، وبطون الأودية ، وأصول الشجر .

قال : فانجابت السحابة عن المدينة ، حتّى أحدق بها كالإكليل ، فتبسّم رسول الله (ص) حتّى بدت نواجذه .

وفي الحديث طول ، وفي ذلك أيضاً آيتان .

___________________

(١) في ر ، ك ، م : هوناً .

(٢) العِلْهِز : وبر يخلط بدماء الحَلَم . كانت العرب في الجاهلية تأكله في الجدب «لسان العرب ـ علهز ـ ٥ : ٣٨١» .

(٣) الغسل : الرديء والرذل من كل شيء «لسان العرب ـ غسل ـ ١١ : ٥١٩» . وفي جميع النسخ : الغمر ، وما في المتن أثبتناه من البحار .

(٤) غير رائث : غير بطيء «لسان العرب ـ ريث ـ ٢ : ١٥٧» .

(٥) أرواقها : أي الحت بالمطر والوبل وجدّت «لسان العرب ـ روق ـ ١٠ : ١٣٢» .

(٦) الإِكام : جمع أكمة وهي الرابية «لسان العرب ـ أكم ـ ١٢ : ٢١» ، وفي م ، ك ، ع ، ر : الاهضام .

٨٩

٧٢ / ٣ ـ عن ابن عبّاس ، قال : قالت حليمة : انفلت منّي رسول الله (ص) ، فغفلت عنه ، فذهب إلى البهم مع أخته الشيماء قبل البهم على الماء ، فخرجت أطلبه ، حتّى وجدته على الماء ، فقلت : أفي هذا الحرِّ ؟!

فقالت أخته : فما وجد أخي حرّاً ، رأيت غمامة تظلل عليه ، إذا وقف وقفت ، وإذا سار سارت ، حتّى انتهى إلى هذا الموضع . فقالت أمّها : أعوذ بالله من شرّ ما أحذر على ابني .

٧٣ / ٤ ـ [ عن ] عليّ عليه السلام ، قال : «إنّ الغمامة كانت تظلّله من يوم ولد ، إلى أن قبض في حضره وأسفاره» .

٧٤ / ٥ ـ عن سعيد بن المسيب ، عن أبي لبابة ، قال : استسقى رسول الله (ص) يوم الجمعة ، فقال : «اللَّهم اسقنا» فقلت : يا رسول الله ، إن التمر في المربد . وما في السماء سحابة نراها .

فقال رسول الله (ص) : «اللّهم اسقنا» ، قالها ثلاثاً ، وقال في الثالثة : «حتّى يقوم أبو لبابة عرياناً يسد ثعلب مربده (١) بإزاره» .

قال : فاستهلّت (٢) السماء ، وأمطرت مطراً شديداً ، وصلّى بنا رسول الله (ص) .

قال : فأطافت الأنصار بأبي لبابة يقولون : يا أبا لبابة ، والله لن تقلع حتّى تقوم أنت فتسد ثعلب مربدك بإزارك ، فأقلعت السحابة .

___________________

٣ ـ الفضائل لشاذان بن جبرائيل : ٣٠ ، نحوه .

٤ ـ مناقب ابن شهراشوب ١ : ١٢٤ ، مرسلاً .

٥ ـ زاد المعاد ١ : ١٢٦ ، دلائل النبوة ٢ : ٥٧٨ .

(١) المربد : موضع يجفف فيه التمر ، والثعلب : ثقبه الذي يسيل منه ماء المطر «النهاية ١ : ٢١٣» .

(٢) في ك : فانهلت .

٩٠

١١ ـ فصل :

في ظهور آياته في طاعة الشجر والحجر له

وفيه : ثمانية أحاديث

٧٥ / ١ ـ حمّاد بن عثمان ومخلد (١) بن عبد الله جميعاً ، قالا : سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول : «إن من الناس من يؤمن بالكلام ، ومنهم من لا يؤمن إلّا بالنظر ، إنّ رسول الله (ص) أتاه رجل ، فقال له : أرني آية . فقال (ص) لشجرتين : اجتمعا ، فاجتمعتا ، ثمّ قال : تفرقا . فافترقتا ، فرجعت كلّ واحدة منهما إلى مكانها» .

٧٦ / ٢ ـ وعنه عليه السلام ، قال : «لمّا سار رسول الله (ص) إلى حصن بني قريظة ، حال النخل بينه وبين الحصن ، فقال (ص) للنخل بيده كذا ، فذهبت النخل يميناً وشمالاً ، حتّى بدا له الحصن» .

٧٧ / ٣ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «لقد بعث رسول الله (ص) يوم بطحاء إلى شجرة (٢) فأجابت ، ولكلّ غصن منها تسبيح ، وتهليل ، وتقديس .

___________________

١ ـ بصائر الدرجات : ٢٧٣ / ١ .

(١) في ص ، ع ، وهامش ك ، ر : مجالد ، وما أثبتناه هو الصحيح ، راجع «معجم رجال الحديث ١٨ : ١٠٥ ، ١٠٦» .

٢ ـ تفسير القمي ٢ : ١٩٠ .

٣ ـ الاحتجاج : ٢٢٥ .

(٢) في شن زيادة : قاصداً .

٩١

ثمّ قال لها : انشقّي . فانشقّت نصفين ، ثمّ قال لها : التزقي ، فالتزقت ، ثمّ قال لها : اشهدي . فشهدت له بالنبوّة ، ثمّ قال لها : ارجعي إلى مكانك بالتسبيح ، والتهليل ، والتقديس . ففعلت .

وكان موضعها جنب الجزّارين بمكّة .

وفي ذلك عدّة آيات من الذهاب ، والمجيء ، والانشقاق ، والالتزاق ، والتسبيح ، والشهادة بالنبوة .

٧٨ / ٤ ـ عن أبي بكر قال لعمر : أما تذكر ونحن منصرفون من الغزوة الفلانية ، وقد أراد النبيّ (ص) أن يقضي حاجته ، وكان مكشوفاً ، فدعا بشجرة وكانت بالبعد ، فانقلعت بأصولها وعروقها ، فأقبلت إليه (ص) فوقفت في وجهه ، فقام خلفها حتّى عمل ما أراد ، ثمّ قال لها : «ارجعي إلى موضعك» . فرجعت إلى موضعها ؟! .

٧٩ / ٥ ـ وروي أنّه (ص) في غزوة الطائف مرّ بين طلح (١) وهو وَسِنٌ (٢) من النوم ، فاعترضته سدرة ، فانشقّت له نصفين ، فمرّ بين نصفيها ، وبقيت السدرة على ساقين إلى زماننا هذا ، تسمى سدرة النبيّ (ص) .

٨٠ / ٦ ـ عن الصادق عليه السلام ، قال : «كان رسول الله (ص) في موضع ، ومعه رجل من الصحابة ، فأراد قضاء حاجته ، فقال للرجل : ائت الاثنتين ـ يعني النخلتين ـ فقل لهما : اجتمعا فاجتمعتا ، فاستتر رسول الله (ص) بهما ، فقضى حاجته ، فجاء الرجل إلى ذلك

___________________

٤ ـ بصائر الدرجات : ٢٧٤ / ٤ .

٥ ـ الخرائج والجرائح ١ : ٢٦ ، وابن شهراشوب في مناقبه ١ : ١٣٤ .

(١) الطلح : شجر الموز أو شجر عظيم كثير الشوك . «مجمع البحرين ـ طلح ـ ٢ : ٣٩٢» .

(٢) أي نعسان «مجمع البحرين ـ وسن ـ ٦ : ٣٢٦» .

٦ ـ بصائر الدرجات : ٢٧٦ / ٩ .

٩٢

الموضع ، فلم ير شيئاً» .

٨١ / ٧ ـ وروى أبو الجارود العبدي ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام ، قال : «لمّا صعد النبي (ص) الغار ، فطلبه عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، خشية أن يغتاله المشركون ، وكان النبيّ (ص) في حراء ، وعليّ على ثبير فبصر به النبيّ (ص) فقال : مالك يا عليّ ؟

فقال : بأبي أنت وأمّي ، إنّي خشيت أن يغتالك المشركون .

فقال النبيّ (ص) : ناولني يدك يا علي . فزحف الجبل حتّى تخطى عليّ عليه السلام برجله الجبل الآخر ، ثمّ رجع إلى قراره ، والمنّة لله» .

٨٢ / ٨ ـ عن أبي بكر ، قال : كنت مع النبيّ (ص) في الغار ، وسمعت أصوات قريش ، فخفت وقلت : قد جاءوا ليقتلوك ويقتلوني معك . فرفس جانب الغار (١) رفسة ، فانفجر عن بحر عجاج فيه سفاين من فضة ، فرأيت جعفر بن أبي طالب يقوم في سفينة وقال لي : «قد قربت سفاين الفضة (٢) إن جاؤوا من ها هنا خرجنا من ها هنا» .

___________________

٧ ـ بصائر الدرجات : ٤٢٧ / ٩ .

٨ ـ بصائر الدرجات : ٤٤٢ / ١٣ ، ١٤ مثله .

(١) في ر زيادة : فسمعت .

(٢) في ع زيادة : قال .

٩٣

١٢ ـ فصل :

في ظهور آياته في إحياء الموتى

وفيه : ثلاثة أحاديث

٨٣ / ١ ـ عن عليّ عليه السلام ، قال : «ولقد سألته قريش إحياء ميت ، كفعل عيسى عليه السلام ، فدعاني ثمّ وشّحني ببردة السحاب ، ثمّ قال : إنطلق يا عليّ مع القوم إلى المقابر ، فأحى لهم بإذن الله ، من سألوك من آبائهم ، وأمّهاتهم ، وأجدادهم ، وعشائرهم .

فانطلقت معهم ، فدعوت الله تبارك وتعالى باسمه الأعظم ، فقاموا من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم بإذن الله تعالى ، جلّت عظمته» .

٨٤ / ٢ ـ عن مسمع بن عبد الملك كردين ، وابن عمرويه (١) ، قال : إنّ رسول الله (ص) كان قاعداً ، وهو يذكر اللّحم وقرمه (٢) ، إليه ، فقام رجل من الأنصار وله عناق ، فانتهى إلى امرأته ، فقال لها : هل لك من غنيمة باردة ؟ قالت : وما ذلك ؟

قال : إنّي سمعت رسول الله (ص) يذكر اللّحم ويشتهيه .

___________________

١ ـ رواه ابن شهراشوب في مناقبه ١ : ٢٢٦ ، مثله .

٢ ـ بصائر الدرجات : ٢٩٣ / ٤ .

(١) الظاهر أنه تصحيف : سمعت من يرويه ، كما في بصائر الدرجات .

(٢) القرم : شدة شهوة اللحم حتّى لا يصبر عنه : «مجمع البحرين ـ قرم ـ ٦ : ١٣٧» .

٩٤

قالت : خذها ، ولم يكن عندهم غيرها ، وكان رسول الله (ص) يعرفها ، فلمّا جاء بها ذبحت وشويت ، ثم وضعها (ص) بين يدي أصحابه ، ثمّ قال : «كلوا ولا تكسروا عظماً» فأكل وأكلوا ، ورجع الأنصاري ، وإذا هي على بابه تلعب .

٨٥ / ٣ ـ عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت كنت عند رسول الله (ص) في نصف النهار إذ أقبل ثلاثة من أصحابه ، فقالوا : ندخل يا رسول الله ؟ فصير ظهري إلى ظهره ، ووجهه إليهم .

فقال الأوّل منهم : يا محمّد ، زعمت أنّك خير من إبراهيم ، وإبراهيم عليه السلام اتَّخذه الله خليلاً ، فأي شيء اتّخذك ؟

وقال الثاني : زعمت أنّك خير من موسى ، وموسىٰ كلّمه الله عزّ وجل تكليماً ، فمتى كلّمك ؟

وقال الثالث : زعمت أنّك خير من عيسى ، وعيسى أحيا الموتى ، فمتى أحييت ميتاً ؟

وفي الحديث طول وجواب . . . ثمّ قال لعليّ عليه السلام : «قم يا حبيبي ، فالبس قميصي هذا ، فانطلق بهم إلى قبر يوسف بن كعب ، فأحيه لهم بإذن الله تعالى محيي الموتى» .

فأتى بهم إلى البقيع ، حتّى أتى إلى قبرٍ دارس ، فدنا منه ، ثمّ تكلّم بكلمات فتصدّع القبر ، ثم ركله برجله وقال : «قم بإذن الله تعالى محيي الموتى» ، فإذا شيخ ينفض التراب عن رأسه ولحيته ، وهو يقول : يا أرحم الراحمين . ثمّ التفت إلى القوم كأنّه عارف بهم ، وهو يقول : أكفر بعد الإِيمان ! أنا يوسف بن كعب ، صاحب الأخدود ، أماتني الله منذ ثلاثمائة عام .

وفي الحديث طول ، اقتصرت على الموضع المقصود .

___________________

٣ ـ مدينة المعاجز : ٩٨ : ٢٥٢ ، اثبات الهداة ١ : ٢٦٢ / ٩٢ نحوه ، وبإسناده عن الرضا عليه السلام .

٩٥
٩٦

١٣ ـ فصل :

في ظهور آياته في ظهور النور

وفيه : ستة أحاديث

٨٦ / ١ ـ عن حيان بن عمير (١) عن قتادة بن ملحان ، قال : «أتيت رسول الله (ص) لأبايعه ، فمسح يده على وجهي ، فكان لوجهي بريق ، حتّى أن المارّ ليمرّ في الطريق ، فينظر في وجهي كأنّما ينظر في مرآةٍ ، فأقول : هذه من بركة يد رسول الله (ص) .

٨٧ / ٢ ـ عن أبي عون الدوسي قال : لمّا أسلم طفيل بن عمرو الدوسي ، قال : يا رسول الله ، إنّي أمرؤ مطاع في قومي ، وأنا راجع إليهم ، وداعيهم إليك ، فقال (ص) : «اللّهم اجعل له آية» .

قال : فخرج إلى قومه ، حتّى إذا كان بثنية (٢) تطلعه على

___________________

١ ـ الاصابة ٥ : ٢٢٩ ، تهذيب التهذيب ٨ : ٣٥٧ ،

(١) في ر : أمير بن حيان . وفي ش ، م : أمير بن حنان ، وفي ص ، ع : عمير بن حيان ، وفي ك : أمير بن بصيان ، وما أثبتناه هو الصحيح ، راجع «تهذيب الكمال ٧ : ٤٧٢ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٦٧» وانظر مصادر التخريج .

٢ ـ أسد الغابة ٣ : ٥٤ ، ابن الجوزي في الوفا ١ : ٢٠٤ ، سيرة الحلبي ١ : ٣٦٤ ، ومضمونه في الاصابة ٢ : ٢٢٥ ، مناقب ابن شهراشوب ١ : ١١٨ .

(٢) الثنية : الطريق العالي في الجبل . «مجمع البحرين ـ ثنا ـ ١ : ٧٧» .

٩٧

الحاضر ، وقع نور بين عينيه مثل المصباح ، فقال : اللّهم في غير وجهي ، فإنّي أخشى أن يظنّوا بي أنّها مثله وقعت في وجهي لفراق دينهم . فتحول النور إلى وسطه كالقنديل المعلّق .

٨٨ / ٣ ـ عن أنس بن مالك ، قال : إن عبّاد بن بشر ، وأسيداً (١) كانا عند النبيّ (ص) في ليلة ظلماء حندس (٢) ، فخرجا من عنده فأضاءت عصا أحدهما مثل السراج ، فكانا يمشيان بضوئها ، فلمّا أرادا أن يفترقا إلى منازلهما ، أضاءت عصا هذا وعصا هذا .

٨٩ / ٤ ـ عن محمد بن حمزة الأسلمي (٣) عن أبيه ، قال : كنّا مع النبيّ (ص) في سفر ، فتفرقنا في ليلة ظلماء ؛ فأضاءت أصابعي حتّى جمعوا عليها ظهورهم (٤) ، وما هلك منهم أحد ، وإنّ أصابعي لتنير (٥) .

٩٠ / ٥ ـ عن قتادة بن النعمان ، قال : أتيت النبيّ (ص) في ليلة مطيرة ، أحببت أن أصلّي معه ، فأعطاني (ص) عرجوناً ، وقال : «خذه فإنّه سيضيء لك أمامك عشراً ، فإذا أتيت بيتك فإنّ الشيطان قد

___________________

٣ ـ اسد الغابة ٣ : ١٥١ ، مستدرك الحاكم ٣ : ٢٨٨ ، مسند أحمد بن حنبل ٣ : ١٣٨ ، ١٩٠ ، ٢٧٢ .

(١) في جميع النسخ : أسد ، وما أثبتناه هو الصحيح ، انظر مصادر تخريج الحديث .

(٢) الحندس : الليل الشديد الظلمة . «الصحاح ـ حندس ـ ٣ : ٩١٦» ، وفي م : حدس .

٤ ـ تاريخ البخاري ٢ : ٤٦ / ١٧٣ ، تهذيب تاريخ دمشق ٤ : ٤٥١ .

(٣) زاد في ر : ابن سليمان ، والظاهر أنّه تصحيف (سلامان) جدَّه الأعلى . انظر تهذيب الكمال : ٧ / ٣٣٣ .

(٤) في ش ، ص ، ع ، ك : ظهرهم وأراد بالظهور ما يركب عليه .

(٥) في ص ، ع ، وهامش ك : لتبين .

٥ ـ الخرائج والجرائح ١ : ٣٤ / ٣٥ .

٩٨

خلَفَكَ ، فانظر في الزاوية عن يسارك حتّى تدخل ، فأَعْلِهِ به حتّى يسبقك» .

فدخلت ، فنظرت حيث قال النبيّ (ص) ، فإذا سواد ، فعلوته به حتّى سبقني به ، فقالت أهلي : ما تصنع ؟! فإذا بضبع .

٩١ / ٦ ـ عن أبي هريرة ، قال : بينما نحن نصلّي مع رسول الله (ص) العشاء ، وكان إذا سجد وثب الحسن والحسين عليهما السلام على ظهره فإذا أراد أن يركع أخذهما أخذاً رفيقاً ، حتّى يضعهما على الأرض ، فإذا عاد عادا ، حتّى قضى رسول الله (ص) صلاته فانصرف ، ووضعهما على فخذيه .

قال : فقمت إليه وقلت : يا رسول الله ، ألا أذهب بهما ؟ فقال : «لا» .

قال : فبرقت لهما برقة ، فقال : «الحقا بأمّكما» فما زالا في ضوئها حتّى دخلا .

___________________

٦ ـ مسند أحمد بن حنبل ٢ : ٥١٣ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٧ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٨١ .

٩٩

١٤ ـ فصل :

في بيان ظهور آياته من الإِخبار بالغائبات

وفيه : ستة أحاديث

إعلم أنّ هذا الباب لو استقصيناه ، لاحتاج إلى مجلّدة ضخمة ، ولكن اقتصرنا على طرف منه .

٩٢ / ١ ـ عن محمّد بن عليّ بن عتاب ، قال : خرجت في الهزيمة مع عبد الله بن عزيز ، فلمّا صرت بطوس أتيت قبر أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام ، فإذا أنا بشيخ كبير هرم ، فسألني عن أهل الري ، فأخبرته بما نالهم وبما رأيت فيهم ، وبهدم السور ، فقال : حدّثني صاحب هذا القبر ، عن أبيه عن ، جدّه ، عن آبائه ، عن النبيّ (ص) أنه قال : «كأنّي بأهل الري وقد وليهم رجل يقال له (عبد الله بن عزيز) فيؤسر ، فيؤتىٰ به طبرستان ، فيضرب عنقه في يوم النحر ، ويرفع رأسه على خشبة ويطرح بدنه في بئر» .

قال : فرجعت إلى الري وابن عزيز في البلد ، فحدّثته الحديث فتغير لون وجهه ، وقال لي : قد يكون اسم يوافق اسماً ، وأرجو أن يكفيني الله ذلك ، ولا بدّ من مناصحة من استكفانا أمره .

قال : فكرهت ذلك وندمت على قولي حتّى تبيّن ذلك في

___________________

١ ـ مسند الإِمام الرضا عليه السلام ١ : ٢٤٧ / ٤٦٩ .

١٠٠