عماد الدين أبي جعفر محمّد بن علي الطوسي [ ابن حمزة ]
المحقق: الشيخ نبيل رضا علوان
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٤
ISBN: 978-964-438-681-7
الصفحات: ٧٠١
الباب السادس
في بيان آيات السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين بن عليّ عليهما السلام
وفيه عشرة فصول
١ ـ فصل :
في ظهور آياته من إحضار النبي ومن ظهور آياته بعد موت رسول الله
وفيه : حديث واحد
٢٦٦ / ١ ـ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، قال : لمّا عزم الحسين بن عليّ عليهما السّلام ، على الخروج إلى العراق أتيته فقلت له : أنت ولد رسول الله (ص) ، وأحد سبطيه ، لا أرى إلّا أنّك تصالح كما صالح أخوك الحسن ، فإنّه كان موفقاً راشداً .
فقال لي : «يا جابر ، قد فعل أخي ذلك بأمر الله وأمر رسوله ، وإنّي أيضاً أفعل بأمر الله وأمر رسوله ، أتريد أن أستشهد لك رسول الله (ص) وعليّاً وأخي الحسن بذلك الآن ؟» ثمّ نظرت فإذا السّماء قد انفتح بابها ، وإذا رسول الله وعليّ والحسن وحمزة وجعفر وزيد نازلين عنها حتّى استقروا على الأرض ، فوثبت فزعاً مذعوراً .
فقال لي رسول الله (ص) : «يا جابر ، ألم أقل لك في أمر الحسن قبل الحسين : لا تكون مؤمناً حتّى تكون لأئمتك مسلّماً ، ولا تكن معترضاً ؟ أتريد أن ترى مقعد معاوية ومقعد الحسين ابني ومقعد يزيد قاتله لعنه الله ؟» قلت : بلى يا رسول الله .
فضرب برجله الأرض فانشقّت وظهر بحر فانفلق ، ثمّ ضرب
___________________
١ ـ عنه في معالم الزلفى : ٩٠ / ٤٨ .
فانشقت هكذا حتّى انشقت سبع أرضين وانفلقت سبعة أبحر ، فرأيت من تحت ذلك كله النار ، فيها سلسلة قرن فيها الوليد بن مغيرة وأبو جهل ومعاوية الطاغية ويزيد ، وقرن بهم مردة الشياطين ، فهم أشدّ أهل النّار عذاباً .
ثمّ قال (ص) : «ارفع رأسك» فرفعت ، فإذا أبواب السّماء متفتحة ، وإذا الجنّة أعلاها ، ثمّ صعد رسول الله (ص) ومن معه إلى السّماء ، فلمّا صار في الهواء صاح بالحسين : «يا بني الحقني» فلحقه الحسين عليه السّلام ، وصعدوا حتّى رأيتهم دخلوا الجنّة من أعلاها ، ثم نظر إليَّ من هناك رسول الله ، وقبض على يد الحسين ، وقال : «يا جابر ، هذا ولدي معي ها هنا ، فسلّم له أمره ، ولا تشك لتكون مؤمناً» (١) .
قال جابر : فعميت عيناي إن لم أكن رأيت ما قلت من رسول الله (ص) .
___________________
(١) في ر ، ك ، م : موقناً .
٢ ـ فصل :
في بيان ظهور آياته في إبراء الأبرص (*)
وفيه : حديث واحد
٢٦٧ / ١ ـ عن صالح بن ميثم ، قال : دخلت أنا وعباية بن ربعي على امرأة من بني والبة [ يقال لها : حبابة الوالبية ] (٢) قد احتز (٣) وجهها من السُّجود ، فقال عباية : يا حبابة ، هذا ابن أخيك .
قالت : أي أخ ؟ قال : صالح بن ميثم .
قالت : ابن أخي والله حقّاً ، يا ابن أخي ، ألا أحدّثك حديثاً سمعته من الحسين بن عليّ عليهما السلام ؟ قلت : بلى يا عمّة .
قالت : كنت زوّارة للحسين عليه السّلام فحدث بين عيني وضح (٤) ، فشق ذلك عليَّ ، واحتبست عنه أيّاماً ، فسأل عنّي : «ما
___________________
(*) في م : المريض .
١ ـ بصائر الدرجات : ٢٩٠ / ٦ ، بتفصيل ، دلائل الإِمامة : ٧٧ ، باختلاف فيه ، وعنه في مدينة المعاجز : ٢٣٩ / ٢١ .
(٢) من ر ، ك .
(٣) احتز : غلظ وصلب . «لسان العرب ـ حزز ـ ٥ : ٣٣٥» وفي المصادر : احترق .
(٤) الوَضح : هو بالتحريك البرص . «مجمع البحرين ـ وضح ـ ٢ : ٤٢٤» .
فعلت حبابة الوالبيّة ؟» فقالوا : إنّها حدث بها وضح (١) بين عينيها . فقال لأصحابه : «قوموا بنا» فقام حتّى دخل عليَّ وأنا في مسجدي هذا
فقال : «يا حبابة ، ما الَّذي أبطأ بك عليَّ ؟» فقلت : يا ابن رسول الله ، ما ذاك الَّذي منعني إلَّا وضح حدث بين عيني ، فكرهت إتيانك . فنظر إلي فكشفت القناع ، وتفل عليه ، فقال : «يا حبابة ، أحدثي (٢) لله شكراً ، فإنَّ الله قد درأه عنك» قالت : فخررت ساجدة لله تعالى .
وقال : «يا حبابة ، ارفعي رأسك وانظري في مرآتك» قالت فرفعت رأسي ونظرت في المرآة ، فلم أحس منه شيئاً ، فحمدت الله تعالى ، فنظر إليَّ وقال : «يا حبابة ، نحن وشيعتنا على الفطرة ، وسائر الناس منه براء» .
___________________
(١) في ش ، ص : حدث .
(٢) في ر : اسجدي .
٣ ـ فصل :
في بيان ظهور آياته في اسوداد الشعر بعد ما ابيض
وفيه : حديث واحد
٢٦٨ / ١ ـ عن أبي خالد الكابليّ ، قال : سمعت عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول : «دخلت نصرة الأزديّة على الحسين عليه السلام ، فقال لها : «يا نصرة ، ما الذي أبطأ بك عليَّ ؟ فقالت له : يا ابن رسول الله ، شيء عرض لي في مفرق رأسي ، وكثر منه غمّي ، وطال منه همّي .
فقال : أدني منّي . فدنت منه ، فوضع أصبعه على أصل البياض فصار كالقار ، فقال : إئتوها بمرآة . فأتيت بها ، فنظرت في المرآة ، فإذا البياض قد اسودَّ ، فسرّت بذلك ، وسرّ الحسين عليه السلام لسرورها» .
___________________
١ ـ بصائر الدرجات : ٢٩٠ / ٣ مع اختلاف فيه ، عنه مدينة المعاجر : ٢٤٦ ح ٦٥ .
٤ ـ فصل :
في ظهور آياته مع الماء
وفيه : ثلاثة أحاديث
٢٦٩ / ١ ـ عن محمّد بن سنان ، قال : سُئل عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام عن الحسين بن عليّ عليهما السلام ، وأنّه قتل عطشاناً ، قال : «مه ، من أين ذلك ؟! وقد بعث الله تعالى إليه أربعة أملاك من عظماء الملائكة ، هبطوا إليه وقالوا له : الله ورسوله يقرءان عليك السلام ، ويقولان : اختر إن شئت إمّا تختار الدنيا بأسرها وما فيها ونمكنك من كلّ عدو لك ، أو الرفع إلينا .
فقال الحسين عليه السلام : [ على الله ] وعلى رسول الله السلام ، بل الرفع إليه . ودفعوا إليه شربة من الماء فشربها ، فقالوا له : أما إنّك لا تظمأ بعدها أبداً» .
٢٧٠ / ٢ ـ وعنه ، عن الرضا عليه السلام ، قال : «هبط على الحسين عليه السلام ملك وقد شكا إليه أصحابه العطش ؛ فقال : إنّ الله تعالى يقرئك السلام ويقول : هل لك من حاجة ؟ فقال الحسين عليه السلام : هو السلام ومن ربّي السلام . وقال : قد شكا إليَّ أصحابي ـ ما هو أعلم به منّي ـ من العطش . فأوحى الله تعالى إلى
___________________
١ ـ عنه في معالم الزلفى : ٩١ ومدينة المعاجز : ٢٤٤ / ٤٩ .
٢ ـ عنه في مدينة المعاجز : ٢٤٤ / ٥٠ ، معالم الزلفى : ٩٢ .
الملك : قل للحسين : خطّ لهم بأصبعك خلف ظهرك يرووا . فخطّ الحسين بأصبعه السبابة فجرى نهر أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، فشرب منه هو وأصحابه ، فقال الملك : يا ابن رسول الله ، تأذن لي أن أشرب منه ، فإنّه لكم خاصَّة ، وهو الرحيق المختوم الذي ( خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) (١) .
فقال الحسين عليه السلام : إن كنت تحب أن تشرب منه فدونك» .
وقد كتبت الحديثين (٢) من الجزء السادس والثمانين من كتاب (البستان) (٣) من تصنيف محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان .
٢٧١ / ٣ ـ عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام ، قال : «خرج الحسن والحسين عليهما السلام من منزلهما إلى المسجد ، ثمّ قال الحسن للحسين : يا أخي ، اذهب بنا إلى الخلاء .
فانطلقا حتّى أتيا إلى العجوة (٤) ، وولّى كلّ واحد منهما ظهره إلى
___________________
(١) سورة المطففين / الآية : ٢٦ .
(٢) في ك ، م : الخبرين .
(٣) بستان الكرام : للشيخ أبي الحسن محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان الفقيه القميّ ، من أعلام القرن الرابع والخامس من مشايخ العلامة الكراجكي ، وهو صاحب كتاب «مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين ع» .
وقد ذكر هنا المؤلف ، فقال : وقد كتبت الحديثين من الجزء السادس والثمانين من كتاب «البستان» فيظهر أنه كتاب كبير والله العالم ببقية أجزاءه . «الذريعة ٣ : ١٠٧ / ٣٤٩» .
٣ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٨٤٥ / ٦١ ، مدينة المعاجز : ٢٤٦ / ٦٦ .
(٤) العجوة : هي ضرب من أجود التمر . «مجمع البحرين ـ عجا ـ ١ : ٢٨٣» وفي ر ، ك ، م : الفجوة ، والفجوة : هي الفرجة بين الشيئين . «مجمع البحرين ـ فجا ـ ١ : ٣٢٦» .
صاحبه فرمى الله تعالى بينهما جداراً يستتر به أحدهما عن صاحبه ، فلمّا قضيا حاجتهما ذهب الجدار ، وصار في موضعه عين ماء فتوضأ (١) ومضيا بعد الفراغ من الوضوء ـ في حديث طويل ـ
ثمّ قال الحسن عليه السلام للحسين عليه السلام : أتدري ما مثلنا الليلة ؟ إنّي سمعت رسول الله وهو يقول : إنّ مثلكما مثل يونس بن متى إذا أخرجه الله من بطن الحوت فألقاه الله على جنب البحر ، وأنبت عليه شجرة من يقطين ، وأخرج له عيناً من تحتها ، فكان يأكل من اليقطين ، ويشرب من ماء العين .
فأخرج الله تعالى لنا الليلة عيناً من ماء ؛ وسمعت جدِّي رسول الله (ص) وهو يقول : أمّا العين فهي لكم ، وأمّا اليقطين فأنتم عنه أغنياء .
وقال الله تعالى في يونس : ( وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ) (٢) وأمّا نحن فسيحتج الله بنا على أكثر من ذلك ، ويمتعون إلى حين» .
___________________
(١) زاد في ر : وقضيا ما أرادا من الوضوء .
(٢) سورة الصافات الآيتان : ١٤٧ ـ ١٤٨ .
٥ ـ فصل :
في بيان ظهور آياته في إظهار موضع قبره بكربلاء لأمّ سلمة
وفيه : حديث واحد
٢٧٢ / ١ ـ عن الباقر صلوات الله عليه قال : «لمّا أراد الحسين صلوات الله عليه الخروج إلى العراق بعثت إليه أمّ سلمة رضي الله عنها ، وهي التي كانت ربّته ، وكان أحبّ الناس إليها ، وكانت أرق الناس عليه ، وكانت تربة الحسين عندها في قارورة دفعها إليها رسول الله صلّ الله عليه وآله وسلّم .
فقالت : «يا بني ، أتريد أن تخرج ؟ فقال لها : يا أمه ، أريد أن أخرج إلى العراق .
فقالت : إنّي أذكّرك الله تعالى أن تخرج إلى العراق . قال : ولم ذلك يا أمه .
قالت : سمعت رسول الله (ص) يقول : «يقتل ابني الحسين بالعراق ، وعندي يا بني تربتك في قارورة مختومة دفعها إليَّ رسول الله صلّ الله عليه وآله وسلّم .
___________________
١ ـ إثبات الوصية : ٢٦٢ ، الخرائج والجرائح ١ : ٢٥٣ ، اعلام الورى : ٢١٩ ، عيون المعجزات : ٦٩ ، قطعة منه ، الهداية الكبرى : ٢٠٢ ، الصراط المستقيم ٢ : ١٧٩ ، حلية الأبرار ١ : ٦٠٠ ، مدينة المعاجز : ٢٤٣ ، معالم الزلفى : ٩١ .
فقال : يا أمّاه ، والله إنّي لمقتول ، وإنّي لا أفرُّ من القدر والمقدور ، والقضاء المحتوم ، والأمر الواجب من الله تعالى .
فقالت : واعجباه ، فأين تذهب وأنت مقتول ؟
فقال : يا أمه ، إن (١) لم أذهب اليوم ذهبت غداً ، وإن لم أذهب غداً لذهبت بعد غد ، وما من الموت ـ والله يا أمه ـ بد ، وإنّي لأعرف اليوم والموضع الذي أقتل فيه ، والساعة التي أقتل فيها ، والحفرة التي أدفن فيها ، كما أعرفك ، وأنظر إليها كما أنظر إليك .
قالت : قد رأيتها ؟! قال : إن أحببت أن أريك مضجعي ومكاني ومكان أصحابي فعلت . فقالت : قد شئتها .
فما زاد أن تكلّم بسم الله ، فخفضت له الأرض حتّى أراها مضجعه ، ومكانه ومكان أصحابه ، وأعطاها من تلك التربة ، فخلطتها مع التربة التي كانت عندها ، ثمّ خرج الحسين صلوات الله عليه ، وقد قال لها : إنّي مقتول يوم عاشوراء .
فلمّا كانت تلك الليلة التي صبيحتها قُتِلَ الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما فيها أتاها رسول الله صلّ الله عليه وآله في المنام أشعث باكياً مغبراً ، فقالت : يا رسول الله ، مالي أراك باكياً مغبراً أشعث ؟! فقال : دفنت ابني الحسين عليه السلام وأصحابه الساعة .
فانتبهت أمّ سلمة رضي الله عنها فصرخت بأعلى صوتها ، فقالت : واإبناه . فاجتمع أهل المدينة وقالوا لها : ما الذي دهاك ؟ فقالت : قتل ابني الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما . فقالوا لها : وما علمك [ بذلك ] ؟
قالت : أتاني في المنام رسول الله صلوات الله عليه باكياً أشعث
___________________
(١) في ر : لئن .
أغبر ، فأخبرني أنّه دفن الحسين وأصحابه الساعة . فقالوا : أضغاث أحلام قالت : مكانكم ، فإنّ عندي تربة الحسين عليه السلام ، فأخرجت لهم القارورة فإذا هي دم عبيط» (١) .
___________________
(١) في ك ، زيادة : (لعن الله من قتله ومن عاون عليه ومن أشار ورضي ، لعنة يستغيث منها أهل النار وفي النار .
٦ ـ فصل :
في بيان ظهور آياته بعد الموت
وفيه : أحد عشر حديثاً
٢٧٣ / ١ ـ عن المنهال بن عمرو ، قال : أنا والله رأيت رأس الحسين صلوات الله عليه على قناة يقرأ القرآن بلسان ذلق ذرب يقرأ سورة الكهف حتّى بلغ : ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) (١) فقال رجل : ورأسك ـ والله ـ أعجب يا ابن رسول الله من العجب .
٢٧٤ / ٢ ـ وعنه ، قال : أدخل رأس الحسين صلوات الله عليه دمشق على قناة ، فمرّ برجل يقرأ سورة الكهف وقد بلغ هذه الآية ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) (٢) فأنطق الله تعالى الرأس ، فقال : أمري أعجب من أمر أصحاب الكهف والرقيم .
___________________
١ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٥٧٧ / ١ ، عوالم الإِمام الحسين عليه السلام : ٤١٢ / ٧ ، الخصائص للسيوطي ٢ : ٢١٦ ، مقتل الحسين عليه السلام للسيّد المقرم : ٣٣٣ ، اثبات الهداة ٢ : ٥٨١ / ٣٢ .
(١) سورة الكهف الآية : ٩ .
٢ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٥٧٧ / ١ . الصراط المستقيم ٢ : ١٧٩ / ٧ ، عوالم الإِمام الحسين عليه السلام : ٤١٢ / ٧ ، عنه مدينة المعاجز : ٢٧٤ / ٧٢ .
(٢) سورة الكهف الآية : ٩ .
٢٧٥ / ٣ ـ عن مصقلة الطحّان ، قال : سمعت أبا عبد الله صلوات الله عليه يقول : «لمّا قتل الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما أقامت امرأته الكلبيّة مأتماً ، وبكت وأبكت عليه النساء والخدم ، حتّى جفّت دموعهنّ ، وذهبت ، فبينما هي كذلك إذ رأت جارية من جواريها تبكي وتسيل دموعها ، فدعتها وقالت لها : مالكِ أنت من بيننا تسيل دموعك ؟ قالت : إنّي لمّا أصابني الجهد شربت شربة سويق» .
قال : «فأمرت ، فأتيت بالطعام والأسوقة ، فأكلت ، وشربت ، وأطعمت ، وسقت ، وقالت : إنّما نريد نتقوى بذلك على البكاء على الحسين صلوات الله عليه» .
قال : «وأهدي إلى الكلبيّة جزر (١) لتستعين بها على مأتم الحسين صلوات الله عليه وآله ، فقالت : لسنا في عرس ، فما نصنع بها ؟ فأخرجت من الدار ، فلمّا خرجت من الدار لم يحسَّ لها بحسٍ كأنّما طرن بين السماء والأرض ، ولم يرَ لهن بعد خروجهن من الدار أثر» .
٢٧٦ / ٤ ـ عن أحمد بن الحسين (٢) : قال كنت بنينوى ، فإذا أنا ببقرة شاردة على وجهها ، والناس خلفها يعدون حتّى جاءت إلى القبر ، فبركت عليه ، والتزمته ثمّ رجعت مبادرة حتّى جاءت إلى باب مغلق فنطحته ففتحته ، فخرج منها ولدها ـ أي عجلها ـ فقيل : إن عجلها (٣) سرق ، ولم يدر أصحابه أين هو ، حتّى وقفت هي عليه .
___________________
٣ ـ الكافي ١ : ٤٦٦ ح ٩ ، مدينة المعاجز : ٢٤٠ عنه .
(١) في بعض النسخ والكافي : جواري ، وأبدل وما يتعلق بها من الضمائر ، وما في المتن من ر ، والجزر : ما يصلح لأن يذبح من الشاء . انظر المعجم الوسيط ١ : ١٢٠ (جزر) .
٤ ـ
(٢) في ر : الحسن .
(٣) في ر : العجل .
٢٧٧ / ٥ ـ عن يعقوب بن سليمان ، قال : سمرت ذات ليلة أنا ونفر ، فتذاكرنا مقتل الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما ، فقال رجل من القوم : ما تلبّس أحد بقتله إلّا أصابه بلاء في أهله وماله ونفسه .
قال شيخ من القوم : والله أنا ممّن شهد قتله ، وأعان عليه ، فما أصابني (١) إلى الساعة أمر أكرهه (٢) . فمقته القوم ، وتغيّر السراج وكاد دهنه يطفأ ، فقام الرجل إليه ليصلحه ، فأخذت النار بأصبعه ، فنفخها فأخذت بلحيته ، فخرج يبادر إلى الماء وألقى بنفسه في النهر ، وجعلت النار ترفرف على رأسه فإذا أخرجه أحرقته (٣) حتّى مات لعنه الله .
٢٧٨ / ٦ ـ عن السديّ ، قال كنا عنده إذ جاءه رجل ريحه ريح القطران (٤) ، فقال السديّ : تبيع القطران ؟ قال : لا . قال : فما هذه الريح (٥) ؟ .
قال : أخبركم (٦) ، لا والله لا أبيع القطران ، إلّا أنّي كنت مع عمر بن سعد لعنه الله في عسكره أبيعهم (٧) الحديد ، فلمّا أصيب الحسين صلوات الله عليه كنت في العسكر قريباً فرأيت في المنام إذا جاء رسول الله (ص) وعليّ صلوات الله عليه كان معه ، وهو يسقي أصحاب الحسين ، فقلت : أسقني يا عليّ ، فأبى ، فقلت : يا رسول
___________________
٥ ـ عقاب الأعمال : ٢٥٩ / ٧ ، أمالي الطوسيّ ١ : ١٦٤ ، عنه في مدينة المعاجز . ٢٦٥ / ١٤١ .
(١) في ر : أصابه .
(٢) في ر : يكرهه .
(٣) زاد في ر : فلمّا خرج أحرقته .
٦ ـ مناقب ابن شهراشوب ٤ : ٥٩ ، مدينة المعاجز : ٢٦٥ / ١٤٠ .
(٤) زاد في ر : فإذا أنا برجليه ؟
(٥) في ر : فما هذا القطران .
(٦) في ر : أخبرك .
(٧) في ر : أبيع .
الله ، قل لعليّ يسقيني ، فقال : «اسقه يا عليّ» .
فقال : «يا رسول الله ، إنّ هذا ممّن أعان علينا» . فقال : «ما فعلت ؟» فقلت : بلى ، قد كنت أبيعهم الحديد .
فقال لي رسول الله (ص) : «فعلت» ؟ قلت : نعم .
قال : «يا عليّ اسقه قطراناً» . فناولني قدحاً ملء قطراناً فشربته ، فمكثت ثلاثة أيّام أبول القطران ، وهذه ريحه قد بقيت .
فقال السديّ : اشرب من ماء الفرات ، وكل من خبز البر ، فما أراك تلقى محمّداً (ص) .
٢٧٩ / ٧ ـ عن إدريس بن عبد الله الأزديّ ، قال : لمّا قتل الحسين صلوات الله عليه أراد القوم أن يوطئوه الخيل ، فقالت فضّة لزينب عليها السلام : يا سيّدتي ، إنّ سفينة مولى رسول الله (ص) ركب البحر ، فانكسرت السفينة ، فوقع إلى الجزيرة ، فإذا هو بأسد ، فقال : يا أبا الحارث ، أنا مولى رسول الله (ص) . فهمهم السبع بين يديه حتّى أوقفه على الطريق ، وأسد رابض في ناحية ، فدعيني أمضي إليه ، فأعلمه ما هم صانعون .
فمضت إليه فقالت : يا أبا الحارث . فرفع رأسه ثمّ قالت له : أتدري ما يريدون أن يصنعوا بأبي عبد الله صلوات الله عليه ؟! يريدون أن يوطئوا الخيل ظهره .
فمشى الأسد حتّى وضع يده على جسمه ، فأقبلت الخيل ، فلمّا نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد لعنه الله : فتنة ، فلا تثيروها . فانصرفوا .
٢٨٠ / ٨ ـ عن أبي رجاء العطارديّ ، قال : كان لي جار من بني
___________________
٧ ـ الكافي ١ : ٣٨٧ / ٧ ، مدينة المعاجز : ٢٤٠ عنه .
٨ ـ مناقب ابن شهراشوب ٤ : ٥٨ ، نحوه ، عنه مدينة المعاجز : ٢٦٥ / ١٣٨ .
الجهم ، فلمّا قتل الحسين صلوات الله عليه قال : أترون الفاسق بن الفاسق ؟ فرماه الله عزّ وجلّ بكوكبين من نار ، فطمسا بصره .
٢٨١ / ٩ ـ عن سيّار بن الحكم ، قال : انتهبت الناس ورساً (١) من عسكر الحسين ، يوم قتل الحسين ، فما تطيّبت به امرأة إلّا برصت .
٢٨٢ / ١٠ ـ وروي أنّ إسحاق الحضرميّ الملعون الزنديق لعنه الله أخذ قميصه صلوات الله عليه فلبسه فبرص .
٢٨٣ / ١١ ـ عن سفيان بن عُيينة ، قال : حدَّثتني جدّتي ، قالت : لمّا قتل الحسين بن عليّ صلوات الله عليه ساقوا إبلاً عليها ورس ، فلمّا نُحِرت رأين لحومها مثل العلقم ، ورأينا الورس رماداً ، وما رفعنا حجراً إلَّا وجدنا تحته دماً عبيطاً .
وليس بين الخبرين تناقض فإنّه ذكر في الأوّل : أن الورس إذا استعملته امرأة برصت ، وذكر في الثاني : أنّه صار رماداً لأن ما وقع إلى قومها صار رماداً ، وما وقع إلى قوم سيّار من استعمله برص .
___________________
٩ ـ مناقب ابن شهراشوب ٤ : ٥٦ ، عنه مدينة المعاجز : ٢٦٤ ح ٣١ .
(١) نبات يشبه الزعفران ينفع الكلف والبهق والحكة . «لسان العرب ـ ورس ـ ٦ : ٢٥٤ . جامع مفردات الأدوية ٤ : ١٩١» .
١٠ ـ مناقب ابن شهراشوب ٤ : ٥٧ .
١١ ـ مناقب ابن شهراشوب ٤ : ٥٦ ، ٦١ . مقتل الخوارزمي : ٩٠ .
٧ ـ فصل :
في بيان آياته مع فطرس الملك
وفيه : حديث واحد
٢٨٤ / ١ ـ عن إبراهيم بن شعيب الميثميّ ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : «إنّ الحسين صلوات الله عليه لمّا ولد أمر الله تعالى جبرئيل عليه السلام أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنء رسول الله (ص) ببشارة من الله تعالى ومن جبرئيل» .
قال : «فهبط جبرئيل عليه السلام ، فمرَّ على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له : (فطرس) وكان من الحملة ، بعثه الله تعالى في شيء فأبطأ عليه ، فكسر جناحيه وألقاه في تلك الجزيرة ، فعبد الله تعالى فيها سبع مائة عام حتّى ولد الحسين عليه السلام ، فقال الملك لجبرئيل : يا جبرئيل ، أين تريد ؟ قال : إنّ الله تعالى أنعم على محمّد (ص) نعمة فبعثني (١) أهنيه من الله عزّ وجلّ ومني . قال : يا جبرئيل ، احملني معك لعلّ محمّداً يدعو لي ، فحمله جبرئيل» .
___________________
١ ـ بصائر الدرجات : ٦٨ ، كامل الزيارات : ٦٦ ، أمالي الصدوق : ١١٨ / ٨ ، الخرائج والجرائح ١ : ٢٥٢ ، اثبات الوصيّة ، ١٦١ ، مناقب ابن شهراشوب ٣ : ٢٢٨ ، بشارة المصطفى : ٢١٨ ، روضة الواعظين : ١٨٦ ، مدينة المعاجز : ٢٦٤ / ١٣٢ .
(١) في ر : فبُعثتُ .
قال : «فلما دخل جبرئيل على النبيّ (ص) هنّاه من الله تعالى ومن نفسه ، وأخبره بحال فطرس ، فقال النبيّ (ص) : «تمسّح بهذا المولود ، وعد إلى مكانك .
فتمسّح فطرس بالحسين عليه السلام وارتفع وقال : يا رسول الله ، أما إنّ أمّتك ستقتله ، وله عليَّ مكافأة ألّا يزوره زائر إلّا أبلغته عنه ، ولا يسلّم عليه مسلّم إلا بلّغته عنه ، سلامه ، ولا يصلّي عليه مصلّ إلّا أبلغته صلاته . ثمّ ارتفع» .
٨ ـ فصل :
في بيان ظهور آياته في إجابة الدعاء
وفيه : ثلاثة أحاديث
٢٨٥ / ١ ـ عن الصادق صلوات الله عليه ، قال : «لمّا تهيّأ الحسين عليه السلام للقتال أمر بإضرام النار في الخندق (١) الذي حول عسكره ، ليقاتل القوم من وجه واحد ، فأقبل رجل من عسكر ابن سعد لعنه الله ، يقال له : (ابن أبي جويرية المزنيّ) (٢) فلمّا نظر إلى النار تتقد صفق بيده ونادى : يا حسين ، ويا أصحاب الحسين ، أبشروا بالنار ، فقد تعجّلتموها في الدنيا .
فقال الحسين صلوات الله عليه : مَن الرجل ؟ فقيل : ابن أبي جويرية المزني (٣) .
فقال صلوات الله عليه : اللّهمّ أذقه عذاب النار في الدنيا قبل الآخرة . فنفر به فرسه ، فألقاه في تلك النار فاحترق» .
٢٨٦ / ٢ ـ وعنه صلوات الله عليه ، قال : «ثمّ برز من عسكر
___________________
١ ـ مناقب ابن شهراشوب ٤ : ٥٦ ، قطعة منه ، روضة الواعظين : ١٨٥ ، عيون المعجزات : ٦٥ ، مدينة المعاجز : ٢٤١ ح ٣١ باختلاف .
(١) في ر ، ك ، م : الحفيرة .
(٢ ، ٣) في م : ابن أبي حويرثة المري .
٢ ـ مناقب ابن شهراشوب ٤ : ٥٦ ، عنه مدينة المعاجز : ٢٤١ ح ٣٣ .