الثّاقب في المناقب

عماد الدين أبي جعفر محمّد بن علي الطوسي [ ابن حمزة ]

الثّاقب في المناقب

المؤلف:

عماد الدين أبي جعفر محمّد بن علي الطوسي [ ابن حمزة ]


المحقق: الشيخ نبيل رضا علوان
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٤
ISBN: 978-964-438-681-7
الصفحات: ٧٠١

ذلك (١) لعبرة .

وفي القصة طول ، قد اقتصرنا على الموضع المقصود منها .

وأمّا ما أنزل الله تعالى على عيسى عليه السلام المائدة من السماء ، فهو ما قال الله تعالى في كتابه العزيز : ( إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّـهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ) (٢)

فأنزل الله تعالى عليه سبعة أرغفة مع سمك وبقل وخل .

١٩٤ / ٢٣ ـ وفي رواية أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام : «وأكل منها خلق كثير» .

وقد ذكرت أمثال ذلك في الكتاب .

١٩٥ / ٢٤ ـ وقد حدّثت زينب بنت عليّ عليهما السلام ، قالت : صلّى أبي مع (٣) رسول الله (ص) صلاة الفجر ، ثمّ أقبل على عليّ عليه السلام فقال : «هل عندكم طعام ؟» فقال : «لم آكل منذ ثلاثة أيّام طعاماً» .

قال : «امض بنا إلى ابنتي فاطمة» فدخلا عليها ، وهي تتلوى من

___________________

(١) في ع : هذا .

(٢) سورة المائدة الآيات : ١١٢ ـ ١١٥ .

٢٣ ـ التفسير المنسوب للإِمام العسكري عليه السلام : ١٩٥ .

٢٤ ـ معالم الزلفى : ٤٠٦ ، مدينة المعاجز : ٥٤ ، كلاهما عن الثاقب .

(٣) في النسخ المخطوطة : عند ، وما أثبتناه من المصدرين .

٢٢١

الجوع ، وابناها معها ، فقال : «يا فاطمة ، فداك أبوك ، هل عندك طعام ؟» فاستحيت وقالت : «نعم» ثمّ قامت وصلّت ، ثمّ سمعت حسّاً ، فالتفت فإذا صحفة ملآنة ثريداً ولحماً ، فاحتملتها وجاءت بها ، ووضعتها بين يدي رسول الله (ص) ، فجمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وجعل عليّ يطيل النظر إلى فاطمة ويتعجب ، ويقول : «خرجت من عندها وليس عندها طعام ، فمن أين هذا ؟!» ثمّ أقبل عليها ، فقال : «يا بنت رسول الله ، ( أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا ) ؟» قالت : ( هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (١) .

فضحك النبيّ (ص) وقال : «الحمد لله الذي جعل في أهل بيتي نظير زكريا ومريم ، إذ قال لها : ( أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (١)

وما أخرج الله تعالى من الثمر من الشجر اليابس لأئمتنا عليهم السلام إن لم يزد على ذلك ، لم ينقص عنه ، فلا نطيل الكلام بإعادته .

___________________

(١) آل عمران الآية : ٣٧ .

٢٢٢

الباب الثالث

في ذكر معجزات أمير المؤمنين وسيّد الوصيين عليّ بن أبي طالب عليه السلام

وفيه تسعة فصول

٢٢٣

٢٢٤

١ ـ فصل :

في بيان ظهور آياته في إحياء الموتى

وفيه : أربعة أحاديث

١٩٦ / ١ ـ عن عبد الرحمن بن كثير الهاشميّ ، مولى أبي جعفر ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «خرج أمير المؤمنين عليه السلام بالناس يريد صفين حتىٰ عبر الفرات ، وكان قريباً من الجبل بصفين ، إذ حضرت صلاة المغرب ، فأمر بالنزول فنزلوا ، ثمّ توضَّأ وأذّن ، ولمّا فرغ من الأذان انفلق الجبل عن هامة بيضاء ، بلحية بيضاء ، ووجه أبيض ، فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، مرحباً بوصي خاتم النبيّين ، وقائد الغرّ المحجلين ، والعالم المؤمن ، والفاضل الفائق ميراث الصديقين ، وسيّد الوصيين» ، فقال : «وعليك السلام ، يا أخي شمعون بن حمون ، وصيّ عيسى بن مريم روح الله ، كيف حالك ؟!»

قال : بخير رحمك الله ، وأنا منتظر روح الله ينزل ، ولا أعلم أحداً أعظم بلاءً في الله ، ولا أحسن غداً ثواباً ، ولا أرفع مكاناً منك ، اصبر يا أخي علىٰ ما أنت فيه حتّى تلقى الحبيب غداً ، وقد رأيت

___________________

١ ـ بصائر الدرجات : ٢٨٠ / ١٦ ، أمالي المفيد : ١٠٤ / ٥ ، الخرائج والجرائح ٢ : ٧٤٣ / ٦٢ ، مناقب ابن شهراشوب ٢ : ٢٤٦ ، مدينة المعاجز : ٣٦ / ٥٦ .

٢٢٥

أصحابك بالأمس ما لقوا من بني إسرائيل ، نشروهم بالمناشير ، وحملوهم على الخشب فلو تعلم هذه الوجوه (المارقة المفارقة لك) (١) ما أُعدَّ لهم من عذاب ربّك وسوء نكاله لم يفروا ، ولو تعلم هذه الوجوه المبيّضة ما أعد الله لهم من الثواب الجزيل تمنّت لو أنها قرضت بالمقاريض ، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته .

ثمّ التأم الجبل ، وخرج أمير المؤمنين عليه السلام إلى قتال القوم ، فسأله عمّار بن ياسر ، وابن عبّاس ، ومالك الأشتر ، وهاشم بن عتبة ، وأبو أيّوب الأنصاريّ ، وقيس بن سعد ، وعمرو بن الحمق ، وعبادة بن الصامت ، وأبو الهيثم بن التيهان رضي الله عنهم عن الرجل ، فأخبرهم أنّه شمعون بن حمون وصي عيسى عليه السلام [ وكانوا قد ] سمعوا منه كلامه ، فازدادوا بصيرة ، فقال له عبادة بن الصامت وأبو أيّوب الأنصاري : لا يهلعن قلبك يا أمير المؤمنين ، بآبائنا وأمّهاتنا نفديك ، فوالله لننصرنك نصرة أخيك رسول الله (ص) ولا يتخلف عنك من المهاجرين والأنصار إلّا شقي . فقال لهما معروفاً وذكرهما بخير .

١٩٧ / ٢ ـ عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن سلمان رضي الله عنه ـ في حديث طويل ، ألخص لك فائدته ـ قال : إن امرأة من الأنصار قُتلت تجنياً بمحبة عليّ عليه السلام يقال لها : (أمّ فروة) وكان عليّ عليه السلام غائباً ، فلمّا وافى ، ذهب إلى قبرها ورفع رأسه إلى السماء وقال : «اللهمّ يا محيي النفوس بعد الموت ، ويا منشئ العظام الدراسات بعد الفوت ، أحي لنا أمّ فروة ، واجعلها عبرة لمن عصاك» .

___________________

(١) في ر ، ك ، ص ، ش : الغير الساهمة ، وفي م : الغبر الساهمة ، وما أثبتناه من الخرائج .

٢ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٥٤٨ / ٩ ، مفصلاً ، مصباح الأنوار ٢١٥ / ١٠٠ ، مدينة المعاجز : ٣٧ / ٦٠ ، اثبات الهداة ٢ : ٤٥٩ / ١٩٩ مختصراً .

٢٢٦

فإذا بهاتف يهتف : يا أمير المؤمنين ، إمضِ لما سألت . فرفس قبرها ، وقال : «يا أمة الله ، قومي بإذن الله تعالى» .

فخرجت أمّ فروة من القبر ، فبكت وقالت : أرادوا إطفاء نورك ، فأبى الله عزّ وجلّ لنورك إلَّا ضياءً ، ولذكرك إلَّا ارتفاعاً ، ولو كره الكافرون .

فردّها أمير المؤمنين عليه السلام إلى زوجها ، وولدت بعد ذلك (١) غلامين وعاشت بعد أمير المؤمنين ستة أشهر .

١٩٨ / ٣ ـ عن محمّد بن أبي عمير ، عن حنّان (٢) بن سدير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «لمّا صلّى أمير المؤمنين عليه السلام صلاة الظهر بأرض بابل ، التفت إلى جمجمة ملقاة ، وكلمها ، وقال : «أيّتها الجمجمة ، من أنت ؟» فقالت : أنا فلان بن فلان ، ملك بلد فلان .

قال عليّ : «أنا أمير المؤمنين ، فقصَّ عليَّ الخبر ، وما كنت ، وما كان في عمرك» فأقبلت الجمجمة وقصّت خبرها ، وما كان في عصرها من خير وشر» .

وقال مصنف هذا الكتاب رحمه الله : إنّ مسجد الجمجمة معروف بأرض بابل ، وقد بني مسجد على الموضع الذي كلّمته جمجمة فيه ، وهو إلى اليوم باق معروف (٣) ، يزوره أكثر من يمرّ به من الحجّاج وغيرهم .

___________________

(١) في ع ، ص زيادة : ولدين .

٣ ـ علل الشرايع : ٣٥١ / ١ ، مناقب ابن شهراشوب ٢ : ٣٣٦ ، مدينة المعاجز : ٣٥ / ٥٢ .

(٢) في م : جابر ، وفي ر ، ص ، ع ، ك : حماد ، وما أثبتناه هو الصحيح ، راجع «معجم» رجال الحديث ٦ : ٣٠٠» .

(٣) في م ، ك : معمور .

٢٢٧

١٩٩ / ٤ ـ عن عيسى شلقان (١) ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «إنّ أمير المؤمنين عليه السلام كانت له خئولة في بني مخزوم ، وإنّ شاباً منهم أتاه وقال : إنّ أخي وابن أبي فارق الدنيا ، وقد حزنت عليه حزناً شديداً . فقال له : أتشتهي أن تراه ؟ فقال : نعم . قال : فأرني قبره .

قال : فخرج وتقنّع ببرد (٢) رسول الله (ص) ودعا بدعائه المستجاب ، فلمّا انتهى إلى القبر تلملمت شفتاه ، ثمّ ركضه برجله ، فخرج من قبره ، وهو يقول : منكل (٣) بلسان الفرس ، فقال عليه السلام : ألم تمت وأنت رجل من العرب ؟! فقال : بلى ، ولكن متنا على غير سنّتكم (٤) ، فانقلبت ألسنتنا» .

___________________

٤ ـ بصائر الدرجات : ٢٧٣ / ٣ ، الكافي ١ : ٤٥٦ / ٧ ، الخرائج والجرائح ١ : ١٧٣ ، مناقب ابن شهرآشوب ٢ : ٣٤٠ ، ارشاد القلوب : ٢٨٤ ، الهداية الكبرى . ١٥٩ مثله ، مدينة المعاجز : ٣٦ / ٥٣ ، اثبات الهداة ٢ : ٤٢٦ / ٧٩ .

(١) هو عيسىٰ بن أبي منصور ، يلقب شلقان ، من أصحاب الإِمام الصادق عليه السلام ، انظر معجم رجال الحديث ١٣ : ٢١٠ .

(٢) في هامش ك ، ص : برداء .

(٣) في البصائر : رميكا ، وفي الخرائج : وفيه شالا ، وذكران معناها : لبيك لبيك سيدنا .

(٤) في م ، ك : سنتك .

٢٢٨

٢ ـ فصل :

في بيان ظهور آياته ممّا رؤي في المنام ثمّ ظهر حكمه في اليقظة من تغيير صور أعدائه وقتلهم

وفيه : ثمانية أحاديث

وفي ظهور آياته عليه السلام في تغيير صورة من أنكر عليه .

٢٠٠ / ١ ـ عن محمّد بن عمر الواقديّ ، قال : كان هارون الرشيد يقعد للعلماء في يوم عرفة ، فقعد ذات يوم وحضره الشافعيّ ، وكان هاشمياً يقعد إلى جنبه ، وحضر محمّد بن الحسن وأبو يوسف فقعدا بين يديه ، وغصَّ المجالس بأهله ، فيهم سبعون رجلاً من أهل العلم ، كلّ منهم يصلح أن يكون إمام صقع من الأصقاع .

قال الواقدي : فدخلت في آخر الناس ، فقال الرشيد : لِمَ تأخرت ؟ فقلت : ما كان لإِضاعة حق ، ولكني شغلت بشغل عاقني عمّا أحببت .

قال : فقرّبني حتّى أقعدني بين يديه ، وقد خاض الناس في كلّ فن من العلم ، فقال الرشيد للشافعي : يا ابن عمي ، كم تروي في فضائل عليّ بن أبي طالب ؟ فقال : أربعمائة حديث وأكثر . فقال له : قل

___________________

١ ـ عنه في مدينة المعاجز : ١٣٩ / ٣٩٤ .

٢٢٩

ولا تخف . قال : يبلغ خمسمائة أو يزيد .

ثمّ قال لمحمّد بن الحسن : كم تروي يا كوفي من فضائله ؟ قال : نحو ألف حديث أو أكثر .

فأقبل على أبي يوسف فقال : كم تروي أنت يا كوفي من فضائله ؟ أخبرني ولا تخشَ . قال : يا أمير المؤمنين ، لو لا الخوف لكانت روايتنا في فضائله أكثر من أن تحصى .

قال : ممّ تخاف ؟ قال : منك ومن عمالك وأصحابك . قال : أنت آمن ، فتكلم وأخبرني كم فضيلة تروي فيه ؟

قال : خمسة عشر ألف خبر مسند ، وخمسة عشر ألف حديث مرسل .

قال الواقدي : فأقبل عليّ وقال : ما تعرف في ذلك أنت ؟ فقلت مثل مقالة أبي يوسف ، قال الرشيد : لكني أعرف له فضيلة رأيتها بعيني ، وسمعتها بأذني ، أجلّ من كلّ فضيلة تروونها أنتم ، وإنّي لتائب إلى الله تعالى ممّا كان منّي من أمر الطالبية ونسلهم .

فقلنا جميعاً : وفّق الله أمير المؤمنين وأصلحه ، إن رأيت أن تخبرنا بما عندك .

قال نعم ، ولّيت عاملي يوسف بن الحجّاج بدمشق ، وأمرته بالعدل في (١) الرعية ، والإِنصاف في القضية ، فاستعمل ما أمرته ، فرفع إليه أنّ الخطيب الذي يخطب بدمشق يشتم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في كلّ يوم وينتقصه ، قال : فأحضره وسأله عن ذلك ، فأقرّ له بذلك ، فقال له : وما حملك على ما أنت عليه ؟ قال : لأنه قتل آبائي وسبى الذراري ، فلذلك له الحقد في قلبي (٢) ، ولست

___________________

(١) في ع ، م : علىٰ .

(٢) في ر ، م ، ك : صدري .

٢٣٠

أفارق ما أنا عليه .

فقيّده وغلّه (١) وحبسه ، وكتب إليَّ بخبره ، فأمرته بحمله إليَّ على حالته من القيود ، فلمّا مثل بين يدي زبرته ، وصحت به ، وقلت : أنت الشاتم لعليّ بن أبي طالب ؟! فقال : نعم . قلت : ويلك قتل من قتل ، وسبى من سبى بأمر الله تعالى ، وأمر النبيّ (ص) . فقال : ما أفارق ما أنا عليه ، ولا تطيب نفسي إلّا به .

فدعوت بالسياط والعقابين (٢) ، فأقمته بحضرتي (٣) ها هنا ، وظهره إليّ ، فأمرت الجلّاد فجلده مائة سوط ، فأكثر الصياح والغياث ، فبال في مكانه ، فأمرت به فنحي عن العقابين ، وأدخل ذلك البيت ـ وأومى بيده إلى بيت في الإيوان ـ وأمرت أن يغلق الباب عليه وإقفاله ، ففعل ذلك ، ومضى النهار ، وأقبل الليل ، ولم أبرح من موضعي هذا حتّى صلّيت العتمة .

ثمّ بقيت ساهراً أفكر في قتله وفي عذابه ، وبأي شيء أعذبه ، مرّة أقول : أضرب على علاوته ؛ ومرّة أقول : أقطع أمعاءه ، ومرّة أفكّر في تفريقه ، أو قتله بالسوط ، فلم أتم (٤) الفكر في أمره حتّى غلبتني عيني فنمت في آخر الليل ، فإذا أنا بباب السماء وقد انفتح ، وإذا النبيّ (ص) قد هبط وعليه خمس حلل ، ثمّ هبط عليّ عليه السلام ، وعليه ثلاث حلل ، ثمّ هبط الحسن عليه السلام ، وعليه حلتان ، ثم هبط الحسين وعليه حلتان ، ثمّ هبط جبرئيل عليه السلام وعليه حلّة

___________________

(١) في ص ، ش ، ك : غلقه .

(٢) العقابان : أحد أدوات التعذيب وهما خشبتان يمدد الرجل بينهما ويعصر . وكانت سابقاً يمد الرجل عليها الجلد أو الحبل ، انظر «لسان العرب ـ عقب ـ ١ : ٦٢١» .

وفي م : المعاقبين .

(٣) في هامش ص : بين يدي .

(٤) في ص : واستمر .

٢٣١

واحدة ، فإذا هو من أحسن الخلق ، في نهاية الوصف ، ومعه كأس فيه ماء كأصفى ما يكون من الماء وأحسنه ، فقال النبيّ (ص) : «أعطني الكأس» فأعطاه ، فنادى بأعلى صوته : «يا شيعة محمّد وآله» فأجابوه من حاشيتي وغلماني وأهل الدار أربعون نفساً أعرفهم كلّهم ، وكان في داري أكثر من خمسة آلاف إنسان ، فسقاهم من الماء وصرفهم .

ثمّ قال : «أين الدمشقي» فكأنّ الباب قد انفتح ، فأخرج إليه ، فلمّا رآه عليّ عليه السلام أخذ بتلابيبه وقال عليه السلام : «يا رسول الله ، هذا يظلمني ويشتمني من غير سبب أوجب ذلك» فقال عليه السلام : «خله يا أبا الحسن» .

ثمّ قبض النبيّ (ص) على زنده بيده ، وقال : «أنت الشاتم لعليّ ابن أبي طالب ؟!» فقال : نعم فقال : «اللّهمّ امسخه ، وامحقه ، وانتقم منه» .

قال : فتحول ـ وأنا أراه ـ كلباً ، وردّ إلى البيت كما كان ، وصعد النبيّ (ص) ، وجبرئيل وعليّ عليه السلام ومن كان معهم .

فانتبهت فزعاً مرعوباً مذعوراً ، فدعوت الغلام وأمرت بإخراجه إليَّ ، فأخرج وهو كلب ، فقلت له : كيف رأيت عقوبة ربّك ؟ فأومى برأسه كالمعتذر ، وأمرت بردّه . فها هو ذا في البيت

ثمّ نادى وأمر بإخراجه ، فأخرج وقد خذ الغلام بإذنه ، فإذا أذناه كآذان الناس ، وهو في صورة الكلب ، فوقف بين أيدينا يلوك بلسانه ، ويحرك شفتيه كالمعتذر ، فقال الشافعي للرشيد : هذا مسخ ، ولست آمن أن تعجّله العقوبة .

فأمر به فردّ إلى بيته ، كما كان بأسرع من أن سمعنا وجبة وصيحة ، فإذا صاعقة قد سقطت على سطح البيت فأحرقته وأحرقت

٢٣٢

الكلب (١) ، فصار رماداً ، وعجّل الله بروحه إلى نار جهنّم (٢) .

قال الواقدي : فقلت للرشيد : يا أمير المؤمنين ، هذه معجزة وعِظة وُعِظتَ بها ، فاتق الله في ذريّة هذا الرجل . فقال الرشيد : أنا تائب إلى الله تعالى ممّا كان منّي ، وأحسنتُ توبتي .

٢٠١ / ٢ ـ عن محمّد بن كثير ، ومندل بن عليّ العنزيّ ، وجرير بن عبد الحميد ـ وزاد بعضهم على بعض في اللفظ ، وقال بعضهم ما لم يقل البعض ، وسياق الحديث لمندل ـ عن الأعمش ، قال : بعث إليّ أبو جعفر الدوانيقي في جوف الليل أن أجب ، فبقيت متفكراً فيما بيني وبين نفسي ، فقلت : ما بعث إليَّ أمير المؤمنين في هذه الساعة إلّا ليسألني عن فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السلام ولعلني إن أخبرته قتلني .

قال : فكتبت وصيّتي ، ولبست كفني ، ودخلت عليه ، فقال : ادن منّي . فدنوت منه ، وعنده عمرو بن عبيد ، فلمّا رأيته طابت نفسي شيئاً ، ثمّ قال : أدن . فدنوت حتّى كادت تمس ركبتي ركبته .

قال : فوجد رائحة الحنوط منّي ، فقال : والله لتصدقني وإلّا صلبتك . قلت : ما حاجتك يا أمير المؤمنين ؟

قال : ما شأنك متحنطاً ؟

قلت : أتاني رسولك في جوف الليل أن أجب ، فقلت في نفسي : عسى أن يكون أمير المؤمنين بعث إليَّ في هذه الساعة ليسألني عن فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، ولعلي إن أخبرته قتلني ، فكتبت

___________________

(١) في ر ، ك ، ص : البيت .

(٢) في ك : الى النار وبئس القرار .

٢ ـ مناقب الخوارزمي : ٢٠٠ ، فضائل شاذان : ١١٦ ، ارشاد القلوب : ٤٢٧ ـ ٤٣١ ، باختلاف ، بشارة المصطفى : ١٧٠ مفصلاً .

٢٣٣

وصيتي ، ولبست كفني .

قال : فكان متكئاً فاستوى جالساً . وقال : لا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم ، أسألك الله يا سليمان ، كم حديثاً تروي في فضائل عليّ أمير المؤمنين عليه السلام ؟ فقلت : يسيراً يا أمير المؤمنين .

فقال : كم ؟ قلت : عشرة آلاف حديث فما زاد .

فقال لي : يا سليمان والله لأحدّثك بحديث في فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السلام تنسى كلّ حديث سمعته . فقلت : حدّثني يا أمير المؤمنين .

قال : نعم ، كنت هارباً من بني أميّة ، وكنت أتردّد في البلدان ، فأتقرب إلى الناس بفضائل عليّ بن أبي طالب ـ في حديث طويل ـ حتّى وردت بعض البلاد ، فدخلت مسجداً ، وحدثت بين يدي إمام المسجد بفضائل عليّ عليه السلام ، فقال : ممّن أنت يا فتى ؟ قلت : من أهل الكوفة . قال : عربي أم مولى ؟ قلت : بل عربي .

فكساني وحملني وأرشدني إلى أخوين له ، أحدهما إمام ، والآخر مؤذن ، وأخذ بيدي حتّى أتى الإِمام ، ورجع ، فإذا أنا برجل قد خرج إليَّ ، فقال : أمّا البغلة والكسوة فأعرفهما ، والله ما كان فلان يحملك ويكسوك إلّا أنّك تحبّ الله عزّ وجلّ ورسوله (ص) ، فحدثني بحديث في فضائل عليّ صلوات الله عليه فحدّثته ، وذكرت الحديث .

فلمّا قلت ذلك قال لي : يا بني ، من أين أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة . قال : عربي أم مولى ؟ قلت : بل عربي . فكساني ثلاثين ثوباً وأعطاني عشرة آلاف دينار ـ أو درهم ـ ثمّ قال : يا شاب ، وقد أقررت عيني ولي إليك حاجة . قلت : قضيت إن شاء الله .

قال : إذا كان غداً فأت مسجد آل فلان ، كي ترى أخي المبغض لعليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه .

٢٣٤

قال : فطالت عليَّ تلك الليلة ، فلمّا أصبحت أتيت المسجد الذي وصف لي ، فقمت للصلاة (١) فإذا إلى جنبي شاب متعمّم ، فذهب ليركع فإذا قد سقطت عمامته من رأسه ، فنظرت في وجهه فإذا رأسه رأس خنزير ، ووجهه وجه خنزير ، فوالله ما علمت ما تكلمت به في صلاتي حتّى سلّم الإِمام ، فقلت : يا ويحك ، ما الذي أرى بك ؟! فبكى ، وقال لي : انظر إلى هذه الدار . فنظرت ، فقال لي : ادخل . فدخلت .

فقال : كنت مؤذناً لآل فلان ، كلّما أصبحت لعنت عليّاً بين الأذان والإِقامة ألف مرّة ، وكلّما كان يوم الجمعة لعنته أربعة آلاف مرة فخرجت من منزلي ، فأتيت داري فاتكأت على هذا الدكان الذي ترى ، فنمت ، فرأيت في المنام كأنّي بالجنّة وفيها رسول الله (ص) وعليّ فرحين ، ورأيت كأنّ النبيّ (ص) عن يمينه الحسن عليه السلام ، وعن يساره الحسين عليه السلام ، ومعه كأس وقال : «يا حسين اسقني» فسقاه فقال : «اسق الجماعة» فشربوا .

ثمّ رأيت كأنّه قال : «اسق المتكئ على هذا الدكان» فقال له الحسين : «يا جدّاه ، أتأمرني أن أسقي هذا ، وهو يلعن والدي في كل يوم ألف مرة بين الأذان والإِقامة ، وقد لعنه في هذا اليوم أربعة آلاف مرّة ؟!» .

فأتاني النبيّ (ص) وقال لي : «مالك عليك لعنة الله تلعن عليّاً وعليّ منّي ، وتشتم عليّاً وعليّ منّي ؟!» فرأيته كأنّه قد تفل في وجهي ، وضربني برجله ، وقال : «قم غيّر الله ما بك من نعمة» فانتبهت من نومي فإذا رأسي رأس خنزير ، ووجهي وجه خنزير .

ثمّ قال لي أبو جعفر الدوانيقي : أهذان الحديثان في يدك ؟ قلت : لا .

___________________

(١) في ر ، ك ، م : في الصف .

٢٣٥

فقال : يا سليمان ، حبّ عليّ إيمان ، وبغضه كفر (١) ، والله لا يحبّه إلّا مؤمن ، ولا يبغضه إلّا منافق .

٢٠٢ / ٣ ـ عن جعفر بن محمّد الدوريستي ، قال : حضرت بغداد في سنة إحدى وأربعمائة في مجلس المفيد أبي عبد الله رضي الله عنه ، فجاءه علوي وسأله عن تأويل رؤيا رآها ، فأجاب ، فقال : أطال الله بقاء سيّدنا ، أقرأت علم التأويل ؟ قال : إنّي قد بقيت في هذا العلم مدّة ، ولي فيه كتب جمّة .

ثمّ قال : خذ القرطاس واكتب ما أملي عليك .

قال : كان ببغداد رجل عالم من أصحاب الشافعي ، وكان له كتب كثيرة ، ولم يكن له ولد ، فلمّا حضرته الوفاة دعا رجلاً يقال له جعفر الدقّاق وأوصى إليه ، وقال : إذا فرغت من دفني فاذهب بكتبي إلى سوق البيع (٢) وبعها ، واصرف ما حصل من ثمنها في وجوه المصالح التي فصّلتها . وسلّم إليه التفصيل .

ثمّ نودي في البلد : من أراد أن يشتري الكتب فليحضر السوق (٣) الفلاني فإنّه يباع فيه الكتب من تركة فلان .

فذهبت إليه لأبتاع كتباً ، وقد اجتمع هناك خلق كثير ، ومن اشترى شيئاً من كتبه كتب عليه جعفر الدقّاق للوصي ثمنه ، وأنا قد اشتريت أربعة كتب في علم التعبير ، وكتبت ثمنها على نفسي ، وهو يشترط على من ابتاع توفية الثمن في الأسبوع ، فلمّا هممت بالقيام قال لي

___________________

(١) في م ، ك : نفاق .

٣ ـ عنه في مدينة المعاجز : ١٤٠ / ٣٩٥ .

(٢) في جميع النسخ : سوق الفروش ، وهي كلمة فارسية وترجمتها : سوق البيع .

(٣) في م : الخان ، وفي هامش ر ، ك : المكان .

٢٣٦

جعفر : مكانك يا شيخ ، فإنّه جرى على يدي أمر لأذكره لك ، فإنّه نصرة لمذهبك .

ثمّ قال لي : إنّه كان لي رفيق يتعلّم معي ، وكان في محلة باب البصرة رجل يروي الأحاديث ، والناس يسمعون منه ، يقال له : (أبو عبد الله المحدث) وكنت ورفيقي نذهب إليه برهة من الزمان ، ونكتب عنه الأحاديث ، وكلّما أملى حديثاً من فضائل أهل البيت عليهم السلام طعن فيه وفي روايته ، حتّى كان يوماً من الأيّام فأملى في فضائل البتول الزهراء وعليّاً صلوات الله عليهما ، ثمّ قال : وما تنفع هذه الفضائل عليّاً وفاطمة ، فإنّ عليا يقتل المسلمين . وطعن في فاطمة ، وقال فيها كلمات منكرة .

قال جعفر فقلت لرفيقي : لا ينبغي لنا أن نأتي (١) هذا الرجل ، فإنّه رجل لا دين له ولا ديانة ، وإنّه لا يزال يطوّل لسانه في عليّ وفاطمة ، وهذا ليس بمذهب المسلمين .

قال رفيقي : إنّك لصادق ، فمن حقنا أن نذهب إلى غيره [ فإنه رجل ضال . فعزمنا أن نذهب إلى غيره ] ولا نعود إليه .

فرأيت من الليلة كأنّي أمشي إلى المسجد الجامع ، فالتفت فرأيت أبا عبد الله المحدّث ، ورأيت أمير المؤمنين راكباً حماراً مصرياً ، يمشي إلى المسجد الجامع ، فقلت في نفسي : واويلاه أخاف أن يضرب عنقه بسيفه . فلمّا قرب منه ضرب بقضيبه عينه اليمنى ، وقال له : «يا ملعون ، لم تسبني وفاطمة ؟!» فوضع المحدّث يده على عينه اليمنى ، وقال : أو أعميتني .

قال جعفر : فانتبهت وهممت أن أذهب إلى رفيقي وأحكي له ما رأيت ، فإذا هو قد جاءني متغير اللون ، فقال : أتدري ما وقع ؟! فقلت

___________________

(١) في ر ، ع ، ص : نأخذ من .

٢٣٧

له : قل . فقال : رأيت البارحة رؤيا في أبي عبد الله المحدّث . فذكر ، فكان كما ذكرته من غير زيادة ولا نقصان ، فقلت له : أنا رأيت مثل ذلك ، وكنت هممت بإتيانك لأذكره لك ، فاذهب بنا الآن مع المصحف لنحلف له أنّا رأينا ذلك ، ولم نتواطأ عليه ، وننصح له ليرجع عن هذا الاعتقاد .

فقمنا ومشينا إلى باب داره ، فإذا الباب مغلق ، فقرعنا ، فجاءت جارية وقالت : لا يمكن أن يرى الآن . فرجعت ، ثمّ قرعنا الباب ثانية فجاءت وقالت : لا يمكن ذلك . فقلنا ما وقع له ؟ فقالت : إنّه قد وضع يده على عينه ، ويصيح من نصف الليل ، ويقول : إنّ عليّ بن أبي طالب قد أعماني . ويستغيث من وجع العين فقلنا لها : افتحي الباب فإنّا قد جئناه لهذا الأمر . ففتحت ، فدخلنا ، فرأيناه على أقبح هيئة ، ويستغيث ويقول : مالي ولعليّ بن أبي طالب ، ما فعلت به ، فإنّه قد ضرب بقضيب على عيني البارحة وأعماني .

قال جعفر : وذكرنا له ما رأينا في المنام ، وقلنا له : إرجع عن اعتقادك الذي أنت عليه ، ولا تطوّل لسانك فيه . فأجاب وقال : لا جزاكما الله خيراً ، لو كان عليّ بن أبي طالب أعمى عيني الأخرى لما قدّمته على أبي بكر وعمر . فقمنا من عنده ، وقلنا : ليس في هذا الرجل خير .

ثمّ رجعنا إليه بعد ثلاثة أيّام لنعلم ما حاله فلمّا دخلنا عليه وجدناه أعمى بالعين الأخرى ، فقلنا له : أما تغيرت ؟! فقال : لا والله ، لا أرجع عن هذا الاعتقاد ، فليفعل عليّ بن أبي طالب ما أراد . فقمنا ورجعنا .

ثم عدنا إليه بعد أسبوع لنعلم إلى ما وصل حاله ، فقيل : إنّه قد دفن (٥) وارتدّ ابنه ، ولحق بالروم تعصباً على عليّ بن أبي طالب

___________________

(٥) في ر : فقيل لنا : قد دفناه .

٢٣٨

صلوات الله عليه ، فرجعنا وقرأنا : ( فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) (١) .

وقد نقلت ذلك من النسخة التي انتسخها (٢) جعفر الدوريستي بخطه ، ونقلها إلى الفارسية في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ، ونحن نقلناها إلى العربية من الفارسية ثانياً ببلدة كاشان ، والله الموفق في مثل هذه السنة : سنة ستين وخمسمائة .

٢٠٣ / ٤ ـ عن عثمان بن عفّان الشجري ، قال : خرجت في طلب العلم ، ودخلت البصرة ، فصرت إلى محمّد بن عبّاد صاحب عبادان ، فقلت : إنّي رجل غريب أتيتك من بلد بعيد لأقتبس من علمك شيئاً . فقال لي : من أين أنت ؟ ؟ فقلت من سجستان .

قال : من بلد الخوارج . فقلت : لو كنت خارجياً ما طلبت علمك .

فقال : ألا أخبرك بحديث حسن ، حتّى إذا أنت دخلت بلادك تحدّث به الناس ؟ فقلت : بلى .

قال : اكتب عنّي : كان لي جار ، وكان من المتعبدين ، فرأى في منامه كأنّه قد مات ، ودفن ، وحشر ، وحوسب ، وعبر على الصراط ، قال : فمررت بحوض النبيّ (ص) فإذا النبيّ (ص) جالس على شفير الحوض ، والحسن والحسين يسقيان الأمّة ، فصرت إلى الحسن صلوات الله عليه فاستقيته ، فأبى أن يسقيني ، فصرت إلى الحسين عليه الصلاة والسلام فاستسقيته ، فأبى أن يسقيني ، فصرت إلى

___________________

(١) سورة الأنعام الآية : ٤٥ .

(٢) في ص : نسخها .

٤ ـ أمالي الطوسي ٢ : ٣٤٦ ، الخرائج والجرائح ١ : ٢٢٣ ، مثله ، مناقب ابن شهراشوب ٢ : ٣٤٥ ، باختصار ، ومدينة المعاجز : ١٣٩ و ٣٩١ ، عن ابن شهراشوب .

٢٣٩

النبيّ (ص) فقلت : يا رسول الله ، إنّي رجل من أمّتك ، صرت إلى الحسن فاستسقيته فلم يسقني وأبى ، فصرت إلى الحسين فاستسقيته فأبى !

قال (ص) : «وإن قصدت أمير المؤمنين لا يسقيك» فبكيت ، وقلت : يا رسول الله ، إنّي رجل من أمّتك ومن شيعة عليّ .

قال : «لك جارٌ يلعن عليّاً ـ صلوات الله عليه ـ فلم تنهه» قلت : يا رسول الله ، إنّي رجل ضعيف ، ليس لي قوة ، وهو من حاشية السلطان .

قال : فأخرج النبيّ (ص) سكّيناً وقال : «امض واذبحه» فأخذت السكّين من يد النبيّ (ص) وصرت إلى داره ، ووجدت الباب مفتوحاً فدخلت (١) ، فأصبته نائماً على فراشه فذبحته ، ورجعت إلى النبيّ (ص) فقلت : يا رسول الله ، لقد ذبحته ، وهذه السكّين ملطخة بدمه . فقال : «هاتها» فدفعتها إليه ، ثمّ قال للحسن صلوات الله عليه : «اسقه» فناولني الكأس فما أدري شربت أم لا ثمّ انتبهت فزعاً مذعوراً (٢) فقمت إلى الصلاة .

فلمّا انتشر عمود الصبح سمعت صراخ النساء ، فقلت لجاريتي : ما هذا الصراخ ؟ قالت : يا مولاي ، إنّ فلاناً وجد على فراشه مذبوحاً . فما كان إلّا ساعة يسيرة حتّى جاء الحاجب وأعوانه يأخذون الجيران ، فصرت إلى الأمير وقلت : أيّها الأمير ، اتق الله عزّ وجلّ ، إنّ القوم براء ، وأنا ذبحته . فقال الأمير : ويحك ، ماذا تقول ؟ لست عندنا بمتهم على مثل هذا ! فقلت : أيّها الأمير ، هذا شيء في المنام وحكيت الحكاية بأسرها ، قال الأمير : جزاك الله خيراً ، أنت بريء ، والقوم براء .

___________________

(١) في ص زيادة : فقصدت الغرفة ، وفي ر ، ك ، م : وأصبت الغرفة .

(٢) في ك : مرعوباً .

٢٤٠