السيد تقي يوسف الحكيم
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٢
ISBN: 964-8629-78-1
الصفحات: ١٤٠
لماذا نحبُّ عليا عليهالسلام؟
إنّ حبّنا لأمير المؤمنين عليهالسلام لم يكن اعتباطيا ، بل هو من صميم العقيدة الإسلامية ومن أهم مسلماتها ، وقد وردت نصوص الحديث وهي تحمل دلالات هذا المبدأ وأبعاده وأسبابه ، ولو تأملنا هذه النصوص لتبين لنا صدق هذه المحبّة وعمق أساسها وذلك للأسباب التالية :
أولاً : حبّه عليهالسلام أمر إلهي :
أمر اللّه تعالى رسوله الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بمحبة أمير المؤمنين عليهالسلام ، لذلك يتوجب علينا العمل بما أمر به تعالى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
روى بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ اللّه أمرني أن أحبُّ أربعة ، وأخبرني أنه يحبهم » فقالوا : من هم يا رسول اللّه؟ فقال : « علي منهم ، علي منهم » يكررها ثلاثا « وأبو ذرّ ، والمقداد ، وسلمان أمرني بحبّهم (١) وتكرار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لاسم أمير المؤمنين عليهالسلام ثلاث مرات يعرب عن مدى اهتمامه بهذا الأمر ، والأمر بمحبة أبي ذر والمقداد وسلمان هي فرع من محبة أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ ذلك لأنّ هؤلاء الصحابة رضياللهعنه كانوا المصداق الحقيقي لشيعة أمير المؤمنين عليهالسلام ومحبيه والسائرين على منهجه ، وسيرتهم تكشف عمق اخلاصهم وولائهم له.
__________________
بغداد ٩ : ٧١. والبداية والنهاية ٧ : ٣٥٥. ومجمع الزوائد ٩ : ١٣٢. وذخائر العقبى : ٩١.
١) سنن الترمذي ٥ : ٦٣٦ / ٣٧١٨. وسنن ابن ماجة ١ : ٥٣ / ١٤٩. والمستدرك على الصحيحين ٣ : ١٣٠. ومسند أحمد ٥ : ٣٥١. وأُسد الغابة ٥ : ٢٥٣. والترجمة من تاريخ ابن عساكر ٢ : ١٧٢ / ٦٦٦. والاصابة ٦ : ١٣٤. والصواعق المحرقة : ١٢٢ باب ٩. وتاريخ الخلفاء / السيوطي : ١٨٧. وسير أعلام النبلاء ٢ : ٦١. والرياض النضرة ٣ : ١٨٨. ومناقب الخوارزمي : ٣٤.
ثانيا : إنّ اللّه تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحبان أمير المؤمنين عليهالسلام :
والنصوص الدالة على هذا المعنى كثيرة جدا نكتفي منها بحديثين :
١ ـ حديث الطائر :
وهو يثبت أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام أحبُّ الخلق إلى اللّه ، فقد روي بالاسناد عن أنس بن مالك ، قال : كان عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم طير أُهدي إليه ، فقال : « اللهمَّ ائتني بأحبّ الخلق إليك ليأكل معي هذا الطير » فجاء علي فرددته ، ثم جاء فرددته ، فدخل في الثالثة ، أو في الرابعة ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما حبسك عني؟ » ، قال : « والذي بعثك بالحق نبيا ، إني لأضرب الباب ثلاث مرات ويردني أنس ».
فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لِمَ رددته؟ » قلت : كنت أحبّ أن يكون رجلاً من الأنصار ، فتبسّم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
٢ ـ حديث الراية :
وهو دليلنا الآخر على محبة اللّه تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأمير المؤمنين
__________________
١) سنن الترمذي ٥ : ٦٣٦ / ٣٧٢١. والخصائص / النسائي : ٥. وفضائل الصحابة / أحمد بن حنبل ٢ : ٥٦٠ / ٩٤٥. والمستدرك على الصحيحين ٣ : ١٣٠ ـ ١٣٢ وصححه وقال : رواه عن أنس أكثر من ثلاثين نفسا. ومصابيح السُنّة ٤ : ١٧٣ / ٤٧٧٠. وأُسد الغابة ٤ : ١١٠ ـ ١١١. وتأريخ الإسلام ٣ : ٦٣٣. والبداية والنهاية ٧ : ٣٥٠ ـ ٣٥٣. وجامع الاُصول ٨ : ٦٥٣ / ٦٤٩٤. وأخرجه ابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام ٢ : ١٠٦ ـ ١٣٤ من أربعة وأربعين طريقا. والرياض النضرة ٣ : ١١٤ ـ ١١٥. وذخائر العقبى : ٦١. وكفاية الطالب : ١٤٤ ـ ١٥٦ وأحصى ٨٦ رجلاً كلهم رووه عن أنس. وفي مقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي ٢ : ٤٦ ، قال : أخرج ابن مردويه هذا الحديث بمائة وعشرين اسنادا.
والتي توجب علينا محبته والتمسك بولايته والسير على هديه ، والراية هي راية خيبر ، إذ بعث بها رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا بكر ، فعاد ولم يصنع شيئا ، فأرسل بعده عمر ، فعاد ولم يفتح (١) ، وفي رواية الطبري : فعاد يجبّن أصحابه ويجبّنونه (٢).
فقام رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم ، فقال : « لأعطين الراية غدا رجلاً يحبُّ اللّه ورسوله ، ويحبّه اللّه ورسوله ، كرار غير فرار » وفي رواية : « لا يخزيه اللّه أبدا ، ولا يرجع حتى يفتح عليه » (٣).
ثالثا : حبّه حبٌ للّه ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
١ ـ قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من أحبَّ عليا فقد أحبني ، ومن أبغض عليا فقد أبغضني » (٤).
__________________
١) الكامل في التاريخ ٢ : ٢١٩. وأُسد الغابة ٤ : ١٠٤ و ١٠٨. والخصائص / النسائي : ٥. والبداية والنهاية ٧ : ٣٣٦. وحلية الأولياء ١ : ٦٢. ودلائل النبوة / البيهقي ٤ : ٢٠٩ ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ط١.
٢) تاريخ الطبري ٣ : ٩٣. وصححه الحاكم في المستدرك ٣ : ٣٧ ووافقه الذهبي.
٣) صحيح البخاري ٥ : ٨٧ / ١٩٧ ـ ١٩٨ و ٢٧٩ / ٢٣١ باب فضائل الصحابة. وصحيح مسلم ٤ : ١٨٧١ / ٣٢ ـ ٣٤. وسنن الترمذي ٥ : ٦٣٨ / ٣٧٢٤. وسنن ابن ماجة ١ : ٤٣ / ١١٧. ومسند أحمد ١ : ١٨٥ و ٥ : ٣٥٨. والمستدرك على الصحيحين ٣ : ٣٧ و ١٠٩. ومصابيح السُنّة ٤ : ٩٣ / ٤٦٠١. وخصائص النسائي : ٤ ـ ٨. ودلائل النبوة / البيهقي ٤ : ٢٠٥ ـ ٢٠٦. والاستيعاب ٣ : ٣٦. وفضائل الصحابة / أحمد بن حنبل ٢ : ٥٨٤ / ٩٨٧ و ٩٨٨ وغيرهما. وتاريخ الطبري ٣ : ٩٣. والكامل في التاريخ ٢ : ٢١٩. وأُسد الغابة ٤ : ١٠٤ و ١٠٨. والبداية والنهاية ٧ : ٢٢٤ و ٣٣٦. وحلية الأولياء ١ : ٦٢. وجامع الاُصول ٨ : ٦٥٠ / ٦٤٩١ و ٦٤٩٥ و ٦٤٩٧ وغيرها كثير.
٤) المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٣٠. ومناقب الخوارزمي : ٤١. والجامع الصغير ٢ : ٥٥٤ /
٢ ـ وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من أحبني فليحبُّ عليا ، ومن أبغض عليّا فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه عزَّ وجلّ ، ومن أبغض اللّه أدخله النار » (١).
٣ ـ وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من أحبّ عليا فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب اللّه ، ومن أبغض عليا فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه عزَّ وجلّ » (٢).
وممّا تقدم تبين أن محبة أمير المؤمنين عليهالسلام تفضي إلى محبة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ومحبة اللّه سبحانه ، وذلك غاية ما يصبو إليه المؤمنون باللّه ، ومنتهى أمل الآملين.
رابعا : حبّه إيمان وبغضه نفاق :
١ ـ روي بالاسناد عن أُمّ سلمة ، قالت : كان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « لا يحبُّ عليّا منافق ، ولا يبغضه مؤمن » (٣).
٢ ـ وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إنّه لعهد النبي الاُمي إليَّ أنه لا يحبني إلاّ مؤمن ، ولا يبغضني إلاّ منافق » (٤).
__________________
٨٣١٩. وأُسد الغابة ٤ : ٣٨٣. والاصابة ٣ : ٤٩٧. وذخائر العقبى : ٦٥. والرياض النضرة ١ : ١٦٥. ومجمع الزوائد ٩ : ١٠٨ و ١٢٩. وكنز العمال ٦ : ١٥٤.
١) تاريخ بغداد ١٣ : ٣٢.
٢) الرياض النضرة ٣ : ١٢٢. والصواعق المحرقة : ١٢٣. والاستيعاب ٣ : ١١٠٠.
٣) سنن الترمذي ٥ : ٦٣٥ / ٣٧١٧. وجامع الاصول ٨ : ٦٥٦ / ٦٤٩٩. ومجمع الزوائد ٩ : ١٣٣.
٤) صحيح مسلم ١ : ٨٦ / ١٣١. وسنن الترمذي ٥ : ٦٤٣ / ٣٧٣٦. وسنن النسائي ٨ : ١١٦ و ١١٧. وسنن ابن ماجة ١ : ٤٢ / ١١٤. ومصابيح السُنّة ٤ : ١٧١ / ٤٧٦٣. وترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام من تاريخ مدينة دمشق ٢ : ١٩٠ / ٦٨٢ ـ ٦٨٥. والبداية والنهاية ٧ : ٥٤. والاصابة ٤ : ٢٧١. ومسند أحمد ١ : ٨٤ و ٩٥ و ١٢٨. وتأريخ الخلفاء : ١٨٧.
٣ ـ وقال عليهالسلام : « لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا بجمّاتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني ، وذلك أنه قضي فانقضى على لسان النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : يا علي ، لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبك منافق » (١).
٤ ـ وعن أبي سعيد الخدري ، قال : (إنّا كنا نعرف المنافقين ـ نحن معاشر الأنصار ـ ببغضهم علي بن أبي طالب) (٢).
٥ ـ وعن أبي ذر ، قال : ما كنا نعرف المنافقين إلاّ بتكذيبهم اللّه ورسوله ، والتخلف عن الصلاة ، والبغض لعلي (٣).
وعليه فان حبّ أمير المؤمنين علي عليهالسلام من علامات الايمان ، وليس أحد ممن آمن باللّه تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ ويودُّ التحلي بصفات الايمان والتي من أهم مصاديقها مودّة من أمر اللّه تعالى بمودته ومحبة من يحبه اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وبغض الإمام علي عليهالسلام من علامات النفاق ، ولا يبغضه إلاّ منافق ، كما هو صريح الاحاديث المتقدمة ، وفي هذا المضمون قال أحمد بن حنبل :
__________________
١) نهج البلاغة : الحكمة (٤٥). ومجمع البيان ٣ : ٥٣٢. والكافي ٨ : ٢٢٤ / ٣٩٦. وروضة الواعظين / الفتّال النيسابوري : ٣٢٣ ، منشورات الرضي ـ قم.
٢) سنن الترمذي ٥ : ٦٣٥ / ٣٧١٧. واسعاف الراغبين : ١١٣. ونور الأبصار : ٨٨. ومجمع الزوائد ٩ : ١٣٢. والرياض النضرة ٣ : ٢٤٢. والصواعق المحرقة : ١٢٢. وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ٢ : ٣٩١ / ٢١٤٦ عن جابر.
٣) المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢٩ وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه. وأسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب / الجزري الشافعي : ٥٧ ، مؤسسة المحمودي ـ بيروت. وكنز العمال ١٣ : ١٠٦.
(ولكن الحديث الذي ليس عليه لبس قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا يحبك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق » ، وقال اللّه عزّ وجلّ ( إنَّ المنَافِقينَ في الدَّركِ الأسفَلِ مِنَ النَّارِ ) (١) ، فمن أبغض عليا فهو في الدرك الاسفل من النار) (٢).
__________________
١) سورة النساء : ٤ / ١٤٥.
٢) مختصر تاريخ مدينة دمشق / ابن منظور ١٧ : ٣٧٥ ، دار الفكر ـ دمشق ط١.
حب فاطمة الزهراء عليهاالسلام :
فاطمة الزهراء عليهاالسلام من أهل البيت الذين وجبت علينا محبّتهم ، وحبّ الزهراء عليهاالسلام نابع من حب رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لها ، فهي أُمّ أبيها وبضعته وروحه التي بين جنبيه ، وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يحبّها حبا لا يشبه محبة الآباء لبناتهم ، تلك المحبة التي تنبعث من العاطفة الأبوية وحسب ، بل كان حبه صلىاللهعليهوآلهوسلم لها مشوبا بالاحترام والتبجيل ، وذلك لما تتمتع به الزهراء عليهاالسلام من الفضائل الفريدة والمواهب والمزايا الفذّة ، فهي ابنة الإسلام الاُولى التي درجت وترعرعت في أحضان النبوة وشبّت في كنف الإمامة ، وهي المعصومة من كل دنسٍ وعيب ، فكانت المرأة المثلى في الإسلام ، والجديرة بالاقتداء بها في كل عصر ومصر.
وما كان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يدع فرصة أو مناسبة تمرُّ إلاّ ونوّه بعظمة الزهراء عليهاالسلام وإظهار فضلها وبيان مكانتها عند اللّه تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلك لكي يحثُّ المسلمين على مودتها والتقدير لها من بعده ؛ لأنّها بقيته الباقية وأُمّ الأئمة المعصومين وقادة المسلمين المحافظين على رسالة الإسلام وسنة جدهم المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وفيما يلي بعض ما جاء عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وما حكي من سيرته صلىاللهعليهوآلهوسلم في محبة الزهراء عليهاالسلام :
١ ـ قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فاطمة بضعة مني ، من أغضبها أغضبني » (١).
__________________
١) صحيح البخاري ٥ : ٩٢ / ٢٠٩ و ١٥٠ / ٢٥٥. وصحيح مسلم ٤ : ١٩٠٢ / ٩٣ ـ ٢٤٤٩.
٢ ـ وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فاطمة بضعة مني ، يريبني ما أرابها ، ويؤذيني ما آذاها » (١).
٣ ـ وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يافاطمة ، إنّ اللّه يغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك (٢) ».
٤ ـ روي عن عائشة أنّها قالت : ما رأيت أحدا أشبه حديثا وكلاما برسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من فاطمة ، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها (٣).
٥ ـ وروي أنّ عائشة سُئلت : أي الناس كان أحبُّ إلى رسول اللّه؟ قالت : فاطمة. قيل : ومن الرجال؟ قالت : زوجها (٤).
٦ ـ وعن بريدة ، قال : كان أحب النساء إلى رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فاطمة ،
__________________
وسنن الترمذي ٥ : ٦٩٨ / ٣٨٦٧. ومصابيح السُنّة ٤ : ١٨٥ / ٤٧٩٩. والمستدرك للحاكم ٣ : ١٥٨. ومجمع الزوائد ٩ : ٢٠٣. والجامع الصغير ٢ : ٢٠٨ / ٥٨٣٣.
١) صحيح البخاري ٧ : ٦٥ ـ ٦٦ / ١٥٩ كتاب النكاح. ونحوه في مسند أحمد ٤ : ٥ و ٣٢٣ و ٣٢٨ و ٣٣٢. وسنن الترمذي ٥ : ٦٩٨ / ٣٨٦٩. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥٤ و ١٥٨ و ١٥٩. وخصائص النسائي : ٣٦. وحلية الأولياء ٢ : ٢٤٠. وكنز العمال ٦ : ٢١٩ و ٨ : ٣١٥. والصواعق المحرقة : ١٩٠. والإمامة والسياسة ١ : ١٤.
٢) مستدرك الحاكم ٣ : ٥١٣. وأُسد الغابة ٧ : ٢٢٤. والاصابة ٨ : ١٥٩. والصواعق المحرقة : ١٧٥ باب ١١ فصل ١ المقصد الثالث. والخصائص الكبرى ٢ : ٢٦٥. وتهذيب التهذيب ١٢ : ٤٤١. وكنز العمال ٦ : ٢١٩ و ٧ : ١١١. وذخائر العقبى : ٣٩.
٣) سنن الترمذي ٥ : ٧٠٠ / ٣٨٧٢. وفضائل الصحابة / النسائي : ٦٨.
٤) سنن الترمذي ٥ : ٧٠١ / ٣٨٧٤. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥٧ وصححه. وأُسد الغابة ٧ : ٢٢٣. والبداية والنهاية ٧ : ٢٥٤.
ومن الرجال علي (١).
ورغم ثبوت محبّة الزهراء عليهاالسلام قرآنا وسُنّةً كما تقدم ، فإنّها تعرضت عقيب وفاة أبيها صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبشع أنواع التعسف والظلم ، فقد سلبوها ميراث أبيها ، وأغضبوها وآذوها حتى اضطرت إلى المواجهة والاحتجاج بما جاء على لسان أبيها المصطفى عليهاالسلام من فرض محبتها ومودتها على المسلمين حيث قالت : « نشدتكما اللّه ، ألم تسمعا رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني؟ » قالا : نعم .. (٢).
وكأنّ القوم لم يسمعوا بذلك ، بل لم يسمعوا أن اللّه يغضب لغضبها ويرضى لرضاها!! وأنّ اللّه تعالى قال : ( إنَّ الَّذينَ يُؤذُونَ اللّه ورَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّه في الدُّنيَا والآخِرَةِ وأعدَّ لَهُم عَذَابا مُّهِينا ) (٣) فباءوا بهذا الخطر العظيم حينما ودّعت الزهراء عليهاالسلام هذه الحياة وهي غضبى عليهم غير راضية عنهم.
__________________
١) سنن الترمذي ٥ : ٦٩٨ / ٣٨٦٨. ومستدرك الحاكم وصححه.
٢) الإمامة والسياسة / ابن قتيبة ١ : ١٣ ـ ١٤ ، مؤسسة الوفاء ـ بيروت.
٣) سورة الاحزاب : ٣٣ / ٥٧.
حبّ السبطين الحسن والحسين عليهماالسلام :
الحسن والحسين عليهماالسلام سبطا رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وريحانتاه ، وسيدا شباب أهل الجنة ، ومن أهل الكساء الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وقد ثبتت محبتهما بنصّ القرآن الكريم في آية المودة المتقدمة في أول هذا الفصل ، ونضيف هنا طرفا من الحديث الصحيح الوارد في محبة رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لهما وتأكيده على حبّهما والتمسك بهما ، وذلك لأنهما يمثلان الخطّ الرسالي الصحيح الذي يدعو إلى التمسك بمبادئ الإسلام الأصيل ومنهج الكتاب الكريم والسُنّة المحمدية الغرّاء قولاً وعملاً.
وفيما يلي بعض ما ورد في محبة الحسنين عليهماالسلام من صحيح الأثر ومتواتر الخبر :
١ ـ قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الحسن والحسين ابناي ، من أحبهما أحبني ، ومن أحبني أحبّه اللّه ، ومن أحبّه اللّه أدخله الجنة ، ومن أبغضهما أبغضني ، ومن أبغضني أبغضه اللّه ، ومن أبغضه اللّه أدخله النار » (١).
٢ ـ وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « هذان ابناي ، الحسن والحسين ، اللهمّ إني أُحبّهما ، اللهمّ فأحبهما وأحبّ من يُحبّهما » (٢).
__________________
١) المستدرك على الصحيحين للحاكم ٣ : ١٦٦ وقال : صحيح على شرط الشيخين. ومسند أحمد ٢ : ٢٨٨. وسنن الترمذي ٥ : ٦٥٦ ـ ٦٦٠. وكنز العمال ١٣ : ١٠٥. ومجمع الزوائد ٩ : ١٧٩ و ١٨١. الصواعق المحرقة : ١٩١ ـ ١٩٢ باب ١١. ذخائر العقبى : ١٢٣.
٢) صحيح البخاري ٥ : ١٠٠ ـ ١٠١ / ٢٣٥. وسنن الترمذي ٥ : ٦٥٦ و ٣٧٦٩ و ٣٧٧٢. ومسند
٣ ـ وفي حديث أبي هريرة ، قال : سمعت رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول في الحسن والحسين : « من أحبني فليحبّ هذين (١).
٤ ـ وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ذروهما بأبي وأمي ، من أحبني فليحبّ هذين (٢).
٥ ـ وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : وقد اعتنق الحسن عليهالسلام : « اللهمَّ إنّي أحبه فأحبه وأحب من يحبه (٣).
٦ ـ وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « حسين مني وأنا من حسين ، أحبّ اللّه من أحبّ حسينا ، حسين سبط من الأسباط (٤).
٧ ـ وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الحسن والحسين ريحانتاي (٥).
٨ ـ وعن أبي أيوب الانصاري ، قال : دخلت على رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
أحمد ٢ : ٤٤٦ و ٥ : ٣٦٩. ومسند الطيالسي ١٠ : ٣٣٢ ، دار المعرفة ـ بيروت. والتاريخ الكبير / البخاري ٢ : ٢٨٦. ومجمع الزوائد ٩ : ١٨٠. وكنز العمال ٦ : ٢٢٠. وأُسد الغابة ٢ : ١٢.
١) مسند الطيالسي ١٠ : ٣٢٧. وتاريخ الإسلام / الذهبي ٥ : ١٠٠.
٢) حلية الأولياء ٨ : ٣٠٥. والمعجم الكبير ٣ : ٤٠ / ٢٦٤٤. وذخائر العقبى : ١٢٣. وكنز العمال ١٣ : ١٠٧. والجامع الصغير ٢ : ٣٢٨. والاصابة ١ : ٣٢٩. ومجمع الزوائد ٩ : ١٧٩.
٣) سنن الترمذي ٥ : ٦٦١ / ٣٧٨٣.
٤) التاريخ الكبير / البخاري ٨ : ٤١٥ / ٣٥٣٦. وسنن الترمذي ٥ : ٦٥٨ / ٣٧٧٥. وسنن ابن ماجة ١ : ١٥١ / ١٤٤. ومسند أحمد ٤ : ١٧٢. والمستدرك / الحاكم ٣ : ١٧٧. ومصابيح السُنّة ٤ : ١٩٥ / ٤٨٣٣. وأُسد الغابة ٢ : ١٩. والجامع الصغير ١ : ٥٧٥ / ٣٧٢٧. وجامع الاصول ١٠ : ٢١ وغيرها كثير.
٥) صحيح البخاري ٥ : ١٠٢ / ٢٤١ و ٨ : ١١ / ٢٣ كتاب الأدب. وسنن الترمذي ٥ : ٦٥٧ / ٣٧٧٠. ومسند أحمد ٢ : ٨٥ و ٩٣ و ١١٤ و ١٥٣. ومسند الطيالسي ٨ : ٢٦٠ ـ ٢٦١. وحلية الأولياء ٥ : ٧٠. وفتح الباري ٨ : ١٠٠. وأُسد الغابة ٢ : ٢٠.
والحسن والحسين يلعبان بين يديه ، فقلت : يا رسول اللّه أتحبهما؟ فقال : « وكيف لا أُحبهما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمّهما » (١).
وممّا تقدم يتبين أنّ حب الحسن والحسين عليهماالسلام واجب على كل مسلم ومسلمة لقوله تعالى : ( لقَد كانَ لَكُم في رَسُولِ اللّه أُسوَةٌ حَسَنةٌ ) (٢) ، وهذا الحبّ جزء لا يتجزأ من مودة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين والزهراء عليهماالسلام والذي يقتضي الرضوان ونيل أرفع الدرجات ، وقد روي عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه أخذ بيد الحسن والحسين فقال : « من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأُمهما كان معي في درجتي يوم القيامة » (٣).
على أن المراد من إيجاب مودّة أهل البيت عليهمالسلام ليس مجرد المحبة وحسب ، بل العمل بما تقتضيه من الاقتداء بهديهم والتولّي لهم والبراءة من أعدائهم ، قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من سره أن يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوالِ عليا من بعدي ، وليوالِ وليّه ، وليقتدِ بأهل بيتي من بعدي ، فإنّهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أُمتي ، القاطعين بهم صلتي ، لا أنالهم اللّه شفاعتي » (٤).
__________________
١) كنز العمال ٦ : ٢٢٢ و ٧ : ١١٠. ومجمع الزوائد ٩ : ١٨١. وبنحوه في سنن الترمذي ٥ : ٦٥٧ / ٣٧٧٠ و ٣٧٧٢.
٢) سورة الاحزاب : ٣٣ / ٢١.
٣) صحيح الترمذي ٥ : ٦٤١ ـ ٦٤٢ / ٣٧٣٣. ومسند أحمد ١ : ٧٧. جامع الاصول ٩ : ١٥٧ / ٦٧٠٦.
٤) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٧٠ / ١٢. وحلية الأولياء ١ : ٨٦. وكنز العمال ١٢ : ١٠٣ / ٢٤١٩٨.
المبحث الثالث
حب أهل البيت عليهمالسلام في الشعر العربي
لا يخفى أن بعض الشعر مستودع للحكمة والفصاحة فضلاً عن أنّه ديوان حافل بالأحداث والوقائع التاريخية المهمة.
وقد سجّل شعراء الإسلام منذ عهد الرعيل الأول وإلى اليوم آيات الولاء والحبّ التي تكنّها قلوبهم وضمائرهم وتعتلج في صدورهم تجاه النبي المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم وعترته الأطهار عليهمالسلام ، مؤكدين أصالة هذا المبدأ العقائدي وإلهيته ومبينين أهم آثاره ومعطياته.
ولا ريب أنّ أول شعراء الإسلام شيخ البطحاء وعمّ سيد الأنبياء أبا طالب رضياللهعنه كان في طليعة الشعراء الذين أكّدوا إلهية هذا الحبّ وأصالته حيث قال :
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمدا |
|
نبيا كموسى خطّ في أول الكتبِ |
وأن عليه في العباد محبّةً |
|
ولا شكّ فيمن خصّه اللّه بالحبِّ(١) |
__________________
وكفاية الطالب : ٢١٤. ومجمع الزوائد ٩ : ١٠٨. وترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام من تاريخ مدينة دمشق ٢ : ٩٥.
١) السيرة النبوية / ابن هشام ١ : ٣٧٧ مطبعة البابي ـ مصر. والبداية والنهاية ٣ : ٨٤. وخزانة الأدب / البغدادي ١ : ٢٦١ ، دار صادر ـ بيروت. وشرح ابن أبي الحديد ١٤ : ٧٣. والفصول المختارة : ٢٣٠.
ومن هنا جاء اعترافه بالنبوة وإقراره بالرسالة ، وصدق ولائه ونصرته وعمق محبّته التي تصل إلى حدّ الجود بالنفس وهو أقصى غاية الجود ، وقد عبّر عن ذلك بقوله :
لعمري لقد كُلِّفتُ وجدا بأحمدٍ |
|
وأحببته حُبّ الحبيب المواصلِ(١) |
وَجُدتُ بنفسي دونه وحميته |
|
ودارأت عنه بالذرى والكلاكلِ |
كذبتم وبيت اللّه نُسلِمُ أحمدا |
|
ولمّا نطاعن دونه ونقاتلِ |
ونُسلمه حتى نُصرّعَ حوله |
|
ونَذْهَل عن أبنائنا والحلائلِ |
إنّ شعر الولاء والحبّ لعترة النبي المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم يعتبر من الاغراض السامية الخالدة التي تؤكّد عمق الولاء لرسالة الإسلام وشدّة الارتباط بالقادة الرساليين ، وتكشف عن إلتزام الشاعر بواحدٍ من أهم المبادى ء الإسلامية ، ألا وهو مودّة ذوي القربى أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، التي تضمن سعادة الدارين.
وفيما يلي بعض النماذج المختارة التي تؤكّد الولاء والمحبّة لأهل البيت عليهمالسلام مرتبة وفقا لوفيات الشعراء :
__________________
١) ديوان شيخ الأباطح أبي طالب : ٣ ـ ١٢ ، مكتبة نينوى الحديثة ـ طهران. والسيرة النبوية / ابن هشام ١ : ٢٩١ ـ ٢٩٩. والسنن الكبرى ٣ : ٣٥٢. ودلائل النبوة / البيهقي ٦ : ١٤١. والخصائص الكبرى ١ : ١٤٦. وأعلام النبوة / الماوردي : ١٧٢ دار الكتاب العربي ـ بيروت. وشرح ابن أبي الحديد ١٤ : ٧٩. وخزانة الأدب ١ : ٢٥٢ ـ ٢٦١.
١ ـ حرب بن المنذر بن الجارود (من أعلام القرن الأول) :
قال في حبّهم عليهمالسلام :
فحسبي من الدنيا كَفافٌ يُقيمني |
|
وأثواب كَتّانٍ أزور بها قبري |
وحبّي ذوي قربى النبي محمد |
|
فما سُؤلنا إلاّ المودّة من أجرِ(١) |
٢ ـ الفرزدق ، همام بن غالب التميمي الدارمي ، أبو فراس (ت / ١١٠ هـ) :
قال في مطلع قصيدته الميمية التي أنشدها بمحضر هشام بن عبدالملك مادحا الإمام زين العابدين عليهالسلام :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته |
|
والبيتُ يعرفه والحلُّ والحرمُ |
إلى أن قال :
مشتقة من رسول اللّه نبعته |
|
طابت مغارسُهُ والخِيمُ والشيمُ |
من معشرٍ حُبّهم دينٌ ، وبغضهمُ |
|
كفرٌ ، وقربهم منجىً ومعتصمُ |
مقدّم بعد ذكر اللّه ذكرهمُ |
|
في كلِّ بدءٍ ومختوم به الكلمُ |
يستدفع الشرّ والبلوى بحبّهم |
|
ويُستربُّ به الإحسان والنِّعمُ(٢) |
٣ ـ الكميت بن زيد الأسدي (ت / ١٢٦ هـ) :
قال في مطلع قصيدته البائية من (الهاشميات) :
__________________
١) البيان والتبيين / الجاحظ ٣ : ٢٠٥ ، دار ومكتبة الهلال ط١.
٢) ديوان الفرزدق ٢ : ١٧٨ ـ ١٨١ ، دار صادر ـ بيروت. وشرح الديوان / ايليا حاوي ٢ : ٣٥٣. ورجال الكشي : ١٣ / ٢٠٧. وحلية الأولياء ٣ : ١٣٩.
طربتُ وما شوقا إلى البيض أطربُ |
|
ولا لعبا منّي وذو الشيب يلعبُ |
إلى أن قال :
ولكن إلى النفر البيض الذين بحُبّهم |
|
إلى اللّه فيما نالني أتقرّبُ |
خفضتُ لهم منّي جَنَاحي مودّةٍ |
|
إلى كنفٍ عطفاه أهلٌ ومرحبُ |
فقل للذي في ظلِّ عمياء جونةٍ(١) |
|
ترى الجور عدلاً أين لا أين تذهبُ |
بأيِّ كتابٍ أم بأية سُنّةٍ |
|
ترى حبّهم عارا عليَّ وتحسبُ |
فمالي إلاّ آل أحمد شيعة |
|
ومالي إلاّ مشعب الحق مشعبُ |
ومَن غيرهم أرضى لنفسي شيعة |
|
ومن بعدهم لا مَن أُجلّ وأرجبُ(٢) |
فإنّي عن الأمر الذي تكرهونه |
|
بقولي وفعلي ما استطعت لأجنبُ |
يشيرون بالأيدي إليَّ وقولهم |
|
ألا خاب هذا والمشيرون أخيبُ |
فطائفة قد كفّرتني بحبّكم |
|
وطائفة قالوا مسيء ومذنبُ |
فما ساءني تكفير هاتيك منهم |
|
ولا عيب هاتيك التي هي أعيبُ |
وجدنا لكم في آل حاميم آية |
|
تأوّلها منّا تقيّ ومُعربُ(٣) |
أُناسٌ بهم عزّت قريش فأصبحوا |
|
وفيهم خِباء المكرمات المطنّبُ(٤) |
__________________
١) الجونة : السوداء ، أي الفتنة المظلمة.
٢) أرجب : أهاب وأعظّم.
٣) الآية هي آية المودة ، والتقي : الذي يتقي الخوض في الامور ويلتزم السكوت ، والمعرب : المبين.
٤) الهاشميات / الكميت : ٢٥ ـ ٣٨ ، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.
٤ ـ السيد الحميري (ت / ١٧٣ هـ) :
قال في ولاء أهل البيت عليهمالسلام وحبّهم :
إنّا ندين بحبّ آل محمدٍ |
|
دينا ومن يحبّهم يستوجبِ |
منّا المودّة والولاء ومن يُرد |
|
بدلاً بآل محمد لا يُحببِ |
ومتى يمت يرد الجحيم ولا يرد |
|
حوض الرسول وإن يرده يُضربِ(١) |
وقال أيضا :
تتمّ صلاتي بالصلاة عليهم |
|
وليست صلاتي بعد أن أتشهّدا |
بكاملةٍ إن لم أصلِّ عليهم |
|
وأدعو لهم ربا كريما ممجّدا |
بذلتُ لهم ودّي ونصحي ونصرتي |
|
مدى الدهر ما سُمّيت يا صاح سيدا |
وإنّ امرءا يلحى (٢) على صدق ودّهم |
|
أحقُّ وأولى فيهم أن يُفنّدا(٣) |
وقال مبيّنا أحد آثار مودّة أمير المؤمنين عليهالسلام :
أحبُّ الذي من مات من أهل ودّه |
|
تلقّاه بالبشرى لدى الموت يضحكُ |
ومن مات يهوى غيره من عدوه |
|
فليس له إلاّ إلى النار مسلكُ |
أبا حسن إنّي بفضلك عارفٌ |
|
وإنّي بحبلٍ من هواك لمُمسكُ |
__________________
١) الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب / العلاّمة الأميني ٢ : ٢١٣ ـ ٢١٤ ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ط٥.
٢) أي يلوم ويعذل ، أو يقبّح ويلعن.
٣) الغدير ٢ : ٢١٥.
وأنت وصيّ المصطفى وابن عمّه |
|
فإنّا نعادي مبغضيك ونتركُ |
مواليك ناجٍ مؤمن بيّن الهدى |
|
وقاليك معروف الضلالة مشرك(١)ُ |
٥ ـ سفيان بن مصعب العبدي ، (من أعلام القرن الثاني) :
قال مؤكدا ولاء أهل البيت عليهمالسلام :
آل النبي محمدٍ |
|
أهل الفضائل والمناقبْ |
المرشدون من العمى |
|
والمنقذون من اللوازبْ |
الصادقون الناطقون |
|
السابقون إلى الرغائبْ |
فولاهمُ فرضٌ من الر |
|
حمن في القرآن واجب |
وهم الصراط فمستقيم |
|
فوقه ناجٍ وناكب(٢) |
وقال أيضا :
ِ يا سادتي يا بني علي |
|
يا آل طه وآل صاد |
من ذا يوازيكم وأنتم |
|
خلائف اللّه في البلادِ |
أنتم نجوم الهدى اللواتي |
|
يهدي بها اللّه كلّ هادِ |
لازلت في حبّكم أُوالي |
|
عمري وفي بغضكم أُعادي |
وما تزوّدت غير حبّي |
|
إياكم وهو خير زادِ |
_________________
١) أمالي الطوسي ١ : ٤٨. ورجال الكشي : ٢٨٧ / ٥٠٦. وكشف الغمة ١ : ١٤١.
٢) الغدير ٢ : ٣٠٥.
وذاك ذخري الذي عليه |
|
في عرصة الحشر اعتمادي |
ولاكم والبراء ممّن |
|
يشنأكم اعتقادي(١) |
٦ ـ أبو عبداللّه محمد بن إدريس الشافعي (ت / ٢٠٤ هـ) :
قال في مودة أهل البيت عليهمالسلام :
يا آل بيت رسول اللّه حُبّكم |
|
فرضٌ من اللّه في القرآن أنزلهُ |
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم |
|
من لم يصلِّ عليكم لا صلاة له(٢) |
وقال :
قالوا ترفّضت قلت كلا |
|
ما الرفض ديني ولا اعتقادي |
لكن توليت غير شكّ |
|
خير إمامٍ وخير هادِ |
إن كان حبّ الولي رفضا |
|
فإنّ رفضي إلى العباد(٣) |
وقال أيضا :
يا راكبا قف بالمحصّب من منى |
|
واهتف بقاعد خيفها والناهضِ |
سَحَرا إذا فاض الحجيج إلى منى |
|
فيضا كمُلتطم الفرات الفائضِ |
إن كان رفضا حبّ آل محمد |
|
فليشهد الثقلان أنّي رافضي(٤) |
__________________
١) الغدير ٢ : ٣١٧.
٢) ديوان الشافعي : ٧٢ ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
٣) ديوان الشافعي : ٣٥.
٤) ديوان الشافعي : ٥٥.
وقال :
لو فتّشوا قلبي لألفوا به |
|
سطرين قد خطّا بلا كاتبِ |
العدل والتوحيد في جانبٍ |
|
وحبّ أهل البيت في جانبِ(١) |
وقال :
لئن كان ذنبي حبّ آل محمد |
|
فذلك ذنبٌ لست عنه أتوبُ |
هم شفعائي يوم حشري وموقفي |
|
وبغضهم للشافعيّ ذنوبُ(٢) |
٧ ـ دعبل بن علي الخزاعي (ت / ٢٤٦ هـ) :
قال في تائيته المشهورة التي أنشدها بمحضر الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام ومطلعها :
تجاوبن بالإرنان والزفراتِ |
|
نوائحُ عُجم اللفظ والنطقاتِ |
إلى أن قال :
فيا وارثي علم النبي وآله |
|
عليكم سلام دائم النفحاتِ |
ملامكَ في آل النبي فإنّهم |
|
أحبّاي ما عاشوا وأهل ثقاتِ |
تخيرتهم رشدا لأمري فإنّهم |
|
على كلِّ حالٍ خيرة الخيراتِ |
نبذتُ إليهم بالمودة صادقا |
|
وسلّمت نفسي طائعا لولاتي |
فياربّ زدني من يقيني بصيرةً |
|
وزد حبّهم ياربِّ في حسناتي |
__________________
١) ينابيع المودة ٣ : ٣٥١.
٢) ينابيع المودة ٣ : ٤٨ ـ ٤٩ / ٦٤.