شرح الأصول من الحلقة الثانية - ج ٢

الشيخ محمّد صنقور علي البحراني

شرح الأصول من الحلقة الثانية - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد صنقور علي البحراني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: ثامن الحجج
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٨٠
الجزء ١ الجزء ٢

والجواب عن هذه المحاولة :

إنّ المانع الذي يكون عدمه جزء العلّة هو المانع الذي يمكن أن يجامع المقتضي ـ كما اتضح ممّا سبق ـ فالرطوبة التي افترضناها مانعا عن أن يؤثر المقتضي أثره يمكن افتراضها متحقّقة في وقت تحقّق المقتضي ، فالنار موجودة والرطوبة أيضا موجودة معها.

وهذا النحو من المانع لا يمكن افتراضه في المقام ؛ وذلك لأنّ المانع من الضدّ الآخر هو الضدّ الأول ومن المستحيل أن يجتمع الضدّان الأول والآخر ، فالضدّ الأوّل بالنسبة للضدّ الآخر ليس كالرطوبة التي يمكن أن تجتمع مع النار ، إذ أنّ الضدّ الأوّل افترضناه معاندا ومنافيا للضد الثاني فكيف يجتمع معه.

إذن الصلاة وان كانت مانعة عن الإنقاذ إلاّ أنّ عدمها ليس من أجزاء علّة الإنقاذ ؛ وذلك لأنّ المانع الذي يكون عدمه من أجزاء العلّة هو المانع الذي يمكن اجتماعه مع المقتضي والصلاة بالنسبة للإنقاذ ليس من هذا القبيل ، إذ أنّ من المستحيل أن يجتمع الإنقاذ والصلاة كما هو مقتضى الفرض.

ثمرة الخلاف في الضدّ الخاص :

وتظهر الثمرة لو كان أحّد الضدّين واجبا وكان أهمّ ملاكا من الضدّ الآخر فإنّه بناء على أنّ وجوب الشيء يقتضي النهي عن ضدّه الخاص فإنّ الضدّ الآخر يكون حراما ، وبهذا يستحيل أن يثبت له وجوب ؛ لاستحالة اجتماع حكمين متضادّين على متعلّق واحد ، فالضدّ الآخر لمّا كان حراما فيستحيل أن يكون واجبا.

أمّا لو بنينا على أنّ وجوب الشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ

١٤١

فوجوب الضدّ الأوّل مثلا لا يكون مانعا عن وجوب الضدّ الآخر ، ولمّا كان من المستحيل امتثالهما معا فهذا يقتضي أنّ وجوب الضدّ الآخر يكون مقيّدا بترك الضدّ الأوّل فتكون فعلية الوجوب الثاني منوطة بترك الضد الأول ، وبهذا يكون الضدّ الآخر واجبا ولكن بنحو الترتّب ، فلو عصى المكلّف الضدّ الأول فإنّه ملزم بالإتيان بالضد الآخر ، فيكون بذلك ممتثلا لإتيانه بالضدّ الثاني وعاصيا لتركه الضدّ الأوّل الأهمّ ملاكا والذي تكون فعليّة الضدّ الآخر منوطة بترك الضدّ الأوّل.

وإذا أردنا أن نطبّق ما ذكرناه على مثال الإنقاذ والصلاة نقول : إنّه لو افترضنا أنّ الإنقاذ واجب وأنّه أهمّ ملاكا من الصلاة فإنّه بناء على أنّ وجوب الشيء يقتضي النهي عن ضدّه الخاص فإنّ الصلاة تكون محرمة لأنّها الضدّ الخاص لفعل الإنقاذ ، ومع كونها محرمة فلا تكون واجبة لاستحالة اجتماع حكمين متضادّين على متعلّق واحد ، فلو أنّ المكلّف عصى ولم يأت بالإنقاذ وجاء بالصلاة فإنّ هذه الحصّة من الصلاة ـ وباعتبارها محرمة لمانعيّة وجودها من وجود الضدّ الواجب ـ لا تكون مجزية عن الأمر بطبيعي الصلاة لأنّ الحصّة المحرّمة لا تكون مصداقا للواجب.

وأمّا بناء على أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه الخاص فوجوب الإنقاذ لا يكون مانعا عن شمول وجوب الصلاة للحصّة المضادّة للإنقاذ ، ولمّا كان من المستحيل امتثالهما معا لعجز المكلّف عن الجمع بينهما ، فهذا يقتضي تقيّد شمول وجوب الصلاة للحصّة المضادة للإنقاذ بعدم الإتيان بالإنقاذ فيكون ثبوت الوجوب لهما على نحو الترتّب ، فلو لم يمتثل المكلّف وجوب الإنقاذ تكون الحصّة من الصلاة المضادة للإنقاذ مشمولة لوجوب الصلاة ، وبهذا يكون الإتيان بها مجزيا عن المأمور به.

١٤٢

اقتضاء الحرمة للبطلان

ذكرنا فيما سبق أنّ الأحكام على قسمين أحكام تكليفيّة وأحكام وضعيّة ، وقلنا إنّ الأحكام التكليفيّة هي ما يكون لها اتّصال مباشر بأفعال المكلّفين ، فهي إمّا أن تبعث المكلّف نحو الفعل وإمّا أن تكون زاجرة له عن القيام بفعل وإمّا أن تكون مؤمّنة للمكلّف بحيث لا يكون المكلّف معها محجورا وممنوعا من فعلها أو من تركها بل هو في سعة من جهة فعلها أو تركها ، وهذه الأحكام كما تلاحظون متّصلة بفعل المكلّف مباشرة.

وأمّا الأحكام الوضعيّة فهي ما سوى ذلك ، فهي مجعولات شرعيّة تكشف عن رأي الشارع فيما يتّفق صدوره من المكلّف أو غير المكلّف كالبطلان والضمان والملكيّة والزوجيّة والشرطيّة ، وعادة ما تكون هذه الأحكام موضوعات لأحكام تكليفيّة ، فالملكيّة تكون موضوعا لجواز تصرّف المالك في المملوك وحرمة التصرّف في المملوك دون إذن المالك.

ومع اتّضاح هذه المقدّمة يقع البحث في مقامين :

المقام الأول : في اقتضاء الحرمة في العبادات للفساد :

ولأجل أن يتّضح العنوان نقول :

١٤٣

إنّ الحرمة وباعتبار كونها من سنخ الأحكام التي لها اتّصال مباشر بأفعال المكلّفين فهي إذن من الأحكام التكليفيّة والمقتضية لحجر المكلّف ومنعه عن متعلّقها.

والمراد من العبادات هنا الأعم من الواجبات والمستحبات التي اعتبر فيها قصد القربة وقصد امتثال الأمر ، فكلّ فعل وقع متعلّقا للأمر الأعم من الأمر اللزومي أو الأمر الاستحبابي إذا كان عباديا فهو داخل في محلّ البحث.

وأمّا المراد من الفساد المرادف للبطلان فهو حكم وضعي باعتباره لا يتّصل بفعل المكلّف واختياره ، نعم يكون مختارا للمكلّف باعتبار القدرة على إيجاد سببه.

والبطلان في مقابل الصحّة والتي تعني التماميّة ، فالبطلان يعني دائما عدم التماميّة ، غايته أنّ ما يقتضيه البطلان يختلف باختلاف متعلّقه ، فإن كان متعلّقه فعلا عباديا فبطلانه يقتضي عدم كفايته وعدم إجزائه عن المأمور به ، وهذا ما يستوجب الإعادة أو القضاء لو كان الفعل العبادي ممّا تجب فيه الإعادة أو القضاء فيكون الحكم بالبطلان منقحا لموضوع وجوب الإعادة أو القضاء.

وأمّا إذا كان متعلّق الحكم بالبطلان من سنخ المعاملات فالبطلان فيها يقتضي عدم ترتّب الأثر على المعاملة ، أي أنّ البطلان يكشف عن أنّ الشارع يعتبر هذه المعاملة كالعدم ، فحينما يحكم الشارع ببطلان بيع الغرر فهذا يعني أنّ البيع الغرري لا يترتّب عليه أثر البيع ـ والذي هو النقل والانتقال ـ فكأن البيع لم يكن.

١٤٤

إذا اتّضح ما ذكرناه فالبحث يقع عن أنّ ثبوت الحرمة للفعل العبادي هل يكون موجبا للبطلان؟

والجواب بالإيجاب ، أي أنّ الحرمة مقتضية لفساد العبادة ، ويمكن الاستدلال على ذلك بدليلين :

الدليل الأوّل : وهذا الدليل ـ لو تمّ ـ فإنّه لا يختص بالعبادات بل يشمل مطلق الأوامر حتى التوصليّة منها ، فكلّ حصّة من المأمور به إذا كانت محرّمة فهي مقتضية للبطلان أي لا يصحّ الاكتفاء والاجتزاء بها في مقام امتثال المأمور به.

وحاصل هذا الدليل : أنّ افتراض حرمة حصّة من طبيعي المأمور به يقتضي عدم كونها مشمولة للأمر الواقع على الطبيعة ؛ إذ أنّ افتراض شمول الأمر لهذه الحصّة ـ رغم تحريمها ـ يفضي للقول بجواز اجتماع الأمر والنهي ، وقد قلنا بامتناع اجتماع الأمر والنهي على متعلّق واحد.

وبيان ذلك : إنّ الصلاة في الأرض المغصوبة لمّا كان محرّما فهذا يقتضي عدم مشموليّة هذه الحصّة للأمر بطبيعي الصلاة وإلاّ للزم أن تكون هذه الحصّة في الوقت التي تكون منهيّا عنها تكون مأمورا بها ، وهذا مستحيل لاستحالة اجتماع الأمر والنهي. فإذا ثبت عدم شمول الأمر لهذه الحصّة فلا تكون مجزية عن المأمور به ؛ إذ أنّ غير المأمور به لا يكون مجزيا عن المأمور به فيكون المكلّف مسؤولا عن إيجاد حصّة أخرى من الصلاة ؛ لأنّ ما جاء به ليس مأمورا به وما هو مأمور به لم يأت به.

ودعوى أنّ سقوط الأمر عن الحصّة لا يقتضي سقوط الملاك عنها فقد يكون الملاك موجودا ، وإذا كانت الحصّة متوفّرة على ملاك الأمر فهو

١٤٥

كاف في صلاحيتها لأن تكون مصداقا للمأمور به ، وهذا ما يقتضي إجزائها عن المأمور به.

فنقول إنّ هذه الدعوى غير مسموعة ؛ وذلك لأنّ الكاشف عن ثبوت الملاك في فعل هو وقوعه متعلقا للأمر ولا طريق آخر للتعرّف على ثبوت الملاك ، وبسقوط الأمر عن الفعل أو بعدم شمول الأمر له لا وسيلة لنا لاستكشاف توفّر الفعل على الملاك.

الدليل الثاني : وهذا الدليل ـ لو تمّ ـ فإنّه لا يشمل التوصليّات ، وحاصله : إنّه لا يمكن التقرّب بما هو محرّم ؛ لأنّ كلّ محرّم فهو مبغوض للمولى ، والتقرّب للمولى يعني إيجاد ما يوجب القرب منه جلّ وعلا ، وما يوجب القرب هو إيجاد ما هو محبوب لا ما هو مبغوض ومكروه ، وعليه حتى لو كان الفعل واجدا لملاك الأمر فيستحيل قصد القربة بإتيانه ، والفعل العبادي إذا لم يكن مقصودا من فعله القربة لا يكون مجزيا عن المأمور به.

وبهذا اتّضح أنّ النهي في العبادات يقتضي الفساد والبطلان.

المقام الثاني : في اقتضاء الحرمة في المعاملات للفساد :

والبحث عنه يقع في جهتين :

الجهة الأولى : أن يكون مصبّ الحرمة في المعاملة هو السبب ، أي ما يسبّب ويقتضي بحدّ ذاته ـ وبقطع النظر عن الموانع ـ ترتّب الأثر ، كالإيجاب والقبول بالنسبة للعقود وكالإيقاع في مثل الطلاق والظهار والعتق ، وهذا الفرض معقول جدا ؛ إذ أنّ الايجاب والقبول وكذلك الإيقاع

١٤٦

لمّا كان من أفعال المكلّفين فلابدّ من أن يقع متعلّقا لحكم من الأحكام الشرعيّة ، إذ لا تخلو واقعة من حكم.

وكيف كان فعروض التحريم على السبب لا يستوجب فساد المعاملة وصيرورتها كالعدم من حيث عدم ترتّب الأثر عليها ، نعم التحريم لا يستوجب الصحّة أيضا كما توهّم البعض ، فالعقل يدرك إمكان التفكيك بين تحريم إجراء المعاملة وبين ترتيب الأثر عليها إذا اتّفق وقوعها خارجا ، فمبغوضيّة المولى للمعاملة لا تعبّر دائما عن إلغاء المولى لأثر المعاملة واعتبارها كالعدم.

ونقرّب هذه الدعوى بمثال وهو أنّه قد يكره الأب استقلال ابنه في التزويج إلاّ أنّه لو عصى واستقلّ في تزويج نفسه فإنّ الأب قد يقبل بذلك الزواج رغم كراهيته لاستقلال ابنه في تزويج نفسه ؛ إذ أنّ كراهيّته لذلك قد تكون ناشئة عن عدم ثقة الأب بنضوج ابنه وأهليّته للاختيار المناسب فإذا ما اطّلع على اتّفاق حسن اختياره فإنّه يقبل بذلك أو أنّه يقبل لاعتبارات أخرى يراها أهم ملاكا من الرفض.

وكذلك الحال في المقام ، إذ من المحتمل أن يكون هناك ملاك أهمّ بنظر الشارع المقدّس يقتضي إمضاء المعاملة التي حكم بحرمة إجرائها ، وما دام الاحتمال موجودا فالملازمة بين تحريم إجراء المعاملة وبطلانها منتفية.

ويمثّل عادة ـ لغرض رفع الاستيحاش ـ على ترتيب الأثر شرعا على المعاملة رغم تحريم إجرائها بإيقاع الظهار ، فإنّه لا إشكال في حرمته ، قال

١٤٧

الله تعالى ( وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ) (١) ومع ذلك فقد رتّب الشارع أثرا على ذلك وهو مذكور في كتب الفقه.

ويمكن أن يمثّل لذلك أيضا بحرمة البيع وقت النداء قال الله تعالى ( إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) (٢) ومع ذلك فإنّ البيع يقع صحيحا ويترتّب عليه النقل والانتقال.

والمتحصّل ممّا ذكرناه أنّه لا ملازمة بين حرمة إجراء المعاملة وبين بطلانها.

الجهة الثانية : أن يكون التحريم واقعا على أثر المعاملة والذي هو المسبّب عن إجراء المعاملة ، فقد لا يكون إجراء المعاملة « السبب » في حدّ نفسه مبغوضا إلاّ أنّ ما يترتّب عليه من آثار تكون مبغوضة للمولى.

ويمكن أن يمثل لذلك بقوله تعالى ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) (٣) فإن المستظهر من الآية الكريمة هو مبغوضيّة نفس الزوجيّة الواقعة بين المسلم والكافرة ، وليس لها تصد من جهة إجراء صيغة العقد ، فقد لا يكون إجراء الصيغة في حدّ ذاته مبغوضا للمولى.

ويمكن التمثيل لذلك أيضا بقوله عليه‌السلام « ثمن العذرة من السحت » (٤) فإنّ الرواية الشريفة متصدّية لبيان حكم أثر البيع وهو انتقال الثمن للبائع

__________________

(١) سورة المجادلة آية ٢.

(٢) سورة الجمعة آية ٩.

(٣) سورة الممتحنة آية ١٠.

(٤) الوسائل الباب ٤٠ من أبواب ما يكتسب ح ١.

١٤٨

وساكته عن حكم إجراء المعاملة على العذرة.

وهنا يمكن أن يقال بأن التحريم كاشف عن إمضاء الشارع لمضمون المعاملة ؛ وذلك لأنّ مضمون المعاملة لو لم يكن صحيحا فإن توجيه الخطاب بالنهي عن أثر المعاملة لا معنى له ؛ إذ أنّ المكلّف غير قادر على إيجاد مضمون المعاملة لو لم تكن المعاملة صحيحة ، فبأي وسيلة يتوسّل لتحقيق مضمون المعاملة بعد أن كان تحقّق مضمون المعاملة ـ وهو النقل والانتقال مثلا ـ منوطا بإمضاء الشارع؟ ومن الواضح أنّ إمضاء الشارع ليس اختياريا للمكلّف ، بل هو بيد الشارع فإن شاء أمضى المعاملة وإن شاء لم يمضها ، ومن هنا لا يمكن أن يتعقّل النهي عن مضمون المعاملة إلاّ أن تكون صحيحة ، وحينئذ يكون المكلّف قادرا على إيجاد مضمون المعاملة بواسطة إيجاد السبب ، فحينما يكون الزواج من المخالفة صحيحا بنظر الشارع فإنّه يمكن للشارع أن ينهى عن إيجاده ؛ إذ أنّ إيجاده مقدور للمكلّف لقدرته على سببه وهو الإيجاب والقبول ، وأمّا لو كان الزواج من المخالفة باطلا بنظر الشارع فالمكلّف غير قادر على إيجاد النكاح الصحيح.

والمتحصّل ممّا ذكرناه في هذه الجهة أنّ التحريم الواقع على المسبّب ـ والذي هو أثر المعاملة ـ يستوجب الصحّة وإلاّ كان التحريم تكليفا بغير المقدور ؛ وذلك لأنّ إمضاء أثر المعاملة من شؤون الشارع ، فإذا لم تكن ممضاة فإنّ المكلّف لا يكون قادرا على تحصيلها فلا يتعقّل النهي عن ايجادها لأنّه طلب لإعدام المعدوم.

والقول بقدرته على إيجاد السبب فيتعقّل النهي حينئذ خروج عن الفرض ، إذ الكلام إنّما هو في النهي عن المسبّب ، نعم لو كان المسبّب

١٤٩

ممضى من قبل الشارع فإنّ المكلّف قادر على إيجاده بواسطة السبب فيتعقّل النهي عن إيجاده ، فيقال يحرم عليك نكاح المخالفة ، فإنّ نكاح المخالفة يكون صحيحا ، غايته أن يكون مبغوضا للمولى ويكون المكلّف عاصيا بإيجاده.

النهي الإرشادي :

كان الكلام عن أنّ النهي المولوي في العبادات أو في المعاملات هل يقتضي الفساد؟ والبحث في المقام عن أنّ النهي الإرشادي في العبادات أو المعاملات هل يقتضي الفساد أو لا؟

وهو بحث مختلف تماما عن البحث الأوّل لأنّ النهي الإرشادي ليس من سنخ الأحكام التكليفيّة والتي يترتّب على مخالفتها ـ لو كانت إلزاميّة ـ استحقاق الإدانة والعقوبة وإنّما هو نهي يكون الغرض منه الكشف عن حكم وضعي وهو مثلا مانعية متعلّق النهي للمركّب العبادي أو المعاملي أو الكشف عن جزئية أو شرطيّة نقيض متعلّق النهي.

ومثال النهي الكاشف عن مانعيّة متعلّقه للمركب العبادي هو قوله تعالى ( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) (١) فإنّ متعلّق النهي في الآية الكريمة هو الإتيان بالصلاة حال السكر وقد كشف النهي عن مانعيّة ذلك لصحّة المركّب العبادي « الصلاة ».

ومثال النهي الكاشف عن مانعيّة متعلّقه للمركب المعاملي ما ورد أنّ

__________________

(١) سورة النساء آية ٤٣.

١٥٠

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « نهى عن بيع الغرر » (١) ، فإنّ متعلّق النهي الإرشادي هو بيع الغرر وقد كشف هذا النهي عن مانعيّة الغرر لصحّة البيع والذي هو من المركّبات المعاملاتيّة.

ومثال ما يكون النهي الإرشادي كاشفا عن جزئيّة نقيض متعلّقه « لا تصلّ بغير فاتحة الكتاب » فإنّ متعلّق النهي هنا هو الصلاة بغير فاتحة الكتاب ، وقد كشف النهي عن أنّ نقيض متعلّقه جزء في المركب العبادي ، حيث إنّ نقيض الصلاة بغير فاتحة الكتاب هو الصلاة بفاتحة الكتاب.

ومثال ما يكون النهي الإرشادي كاشفا عن شرطيّة نقيض متعلّقه ما ورد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « لا تبع ما ليس عندك » (٢) ، فإنّ متعلّق النهي هو بيع غير المملوك وهذا يكشف عن اشتراط الملكيّة في المبيع كما هو مقتضى فهم البعض من الرواية الشريفة.

إذا اتّضح ما ذكرناه يتّضح أنّ النهي الإرشادي في المركّبات يكشف دائما عن البطلان ؛ وذلك لأنّ عدم الالتزام بما هو مقتضى النهي الإرشادي يعني أنّ المركّب مشتملا على المانع أو فاقدا للشرط أو الجزء ، وهذا ما يقتضي فساد المركّب ، فإن كان من سنخ المركّبات العباديّة فيكون المركّب الفاقد للجزء أو الشرط أو الواجد للمانع غير مأور به ، وغير المأمور به لا يجزي عن المأمور به ، وأمّا إذا كان من سنخ المركّبات المعاملاتيّة فالفاقد للشرط أو الجزء أو المشتمل على المانع لم يقع متعلقا للإمضاء الشرعي ،

__________________

(١) الوسائل باب ٤٠ من أبواب آداب التجارة ح ٣.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ٢٦٧.

١٥١

فحينما يقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « لا تبع ما ليس عندك » فهذا يعني عدم إمضاء الشارع لبيع ما لا يملك.

وبتعبير آخر : إنّ عدم الالتزام بالأجزاء والشروط المأخوذة في المركّب وعدم الالتزام بإعدام الموانع يعني أنّ المركّب المأتي به إمّا أن يكون غير مأمور به أو يكون غير ممضى من الشارع ، وهذا هو معنى فساد المركّب عند عدم الالتزام بمقتضى النهي الإرشادي.

١٥٢

مسقطات الحكم

إنّ سقوط الحكم على أنحاء ، فتارة يسقط الحكم بسبب استيفاء غرضه ، وهذا يتمّ إنّما بواسطة الإتيان بمتعلّق الحكم وإمّا عن طريق إيجاد ما يعادل متعلّق الحكم في الوفاء بالغرض وقد يتمّ بواسطة شيء آخر. وإمّا بواسطة إيجاد ما يفي بالجزء الأكبر من الغرض ويكون الباقي بعد ذلك متعذّر الاستيفاء ، وقد يسقط الحكم بسبب سقوط موضوعه وهذا قد يجتمع مع عصيان المكلّف وقد لا يجتمع مع العصيان.

وبيان ذلك :

إنّ الحكم الذي هو الجعل الشرعي إذا بلغ مرحلة الفعليّة فإنّ سقوطه يتمّ بأحد أمور :

منها : الإتيان بمتعلّق الحكم ، فحينما يكون الحكم هو وجوب الصلاة مثلا فإنّ الإتيان بمتعلّق الوجوب يكون موجبا لسقوط الحكم بالوجوب ، وكذلك لو كان الحكم هو استحباب الصلاة فإنّ الإتيان بالصلاة يكون موجبا لسقوط الحكم بالاستحباب ، وهكذا لو كان الحكم هو حرمة شرب الخمر فإن ترك متعلّق الحرمة وهو شرب السائل الخمري موجب لسقوط شخص هذه الحرمة.

ومنها : الإتيان بما يعادل متعلّق الحكم في الوفاء بملاك الحكم.

١٥٣

والتعرّف على ما يعادل متعلّق الحكم لا يكون إلاّ بواسطة الشارع المقدّس. ويمكن التمثيل لذلك بخصال الكفّارة التخييريّة بناء على أنّ الوجوب التخييري ينحلّ إلى وجوبات مشروطة ، فإنّ وجوب العتق يكون متعلّقه إعتاق الرقبة إلاّ انّ العتق له ما يعادله في الوفاء بملاك الحكم بوجوب الإعتاق وهو الإطعام ، وبالإتيان بالإطعام يسقط الحكم بوجوب العتق.

وهكذا الحال لو ثبت أنّ التصدّق على الفقير يجزي عن صلاة الليل أي يقوم مقام صلاة الليل ـ والتي هي متعلّق الاستحباب ـ من جهة استيفاء التصدّق لملاك استحباب صلاة الليل.

وبتعبير آخر : إنّ من موجبات سقوط الحكم هو الإتيان بفعل جعله الشارع قيدا في سقوط فعليّة الحكم في ظرف عدم الإتيان بمتعلّق الحكم أو الإتيان بالفعل الذي قيّد الشارع بقاء فعليّة الحكم بعدم إيجاده في ظرف عدم الإتيان بمتعلّق الحكم. فسقوط وجوب العتق في مثالنا مقيّد بالإتيان بالإطعام في ظرف عدم الإتيان بالعتق ، أو أنّ الشارع جعل عدم الإتيان بالإطعام ـ في ظرف عدم الإتيان بالعتق ـ قيدا في بقاء فعليّة وجوب العتق.

ومن الواضح أنّ المكلّف إذا أتى بالإطعام فقد حقّق قيد سقوط فعليّة الوجوب ، وهذا ما يقتضي سقوط الوجوب للعتق ، وكذلك حينما يأتي بالإطعام فإنّه نفى قيد بقاء الفعليّة لوجوب العتق ، حيث إنّ قيد بقاء الفعليّة هو عدم الإطعام ، وبإتيانه للإطعام ينتفي بقاء الفعليّة للوجوب لانتفاء قيده.

ومنها : إيجاد ما يفي بالجزء الأكبر من ملاك الحكم ، وذلك لتعذّر استيفاء تمام الملاك للحكم ، ومثاله الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري

١٥٤

عن الأمر الأولي. وهذا ما سيأتي الحديث عنه.

والجامع بين هذه الأنحاء الثلاثة من مسقطات الحكم هو أنّ منشأ السقوط فيها استيفاء ملاك الحكم.

ومنها : عصيان التكليف إلى حين سقوط موضوعه ، فإنّ ترك الصلاة اختيارا إلى حين انتهاء وقتها يوجب سقوط الوجوب لأداء الصلاة ؛ لأنّ الوقت أخذ في موضوع فعليّة الوجوب فإذا ما انتهى الوقت انتهت معه الفعليّة ، فالإتيان بالصلاة في خارج الوقت إتيان بغير المأمور به ، وكذلك الحال في ترك المكلّف الصيام في شهر رمضان فإنّه يوجب سقوط فعليّة الوجوب لصيام شهر رمضان ، وهكذا لو شرب المكلّف الخمر فإنّ التكليف بشخص الحرمة المتعلّقة بالسائل الخمري الذي شربه لا معنى له لعدم قدرته على الامتثال بعد أن كان متعلّقه ضروري الوقوع ؛ ولهذا يسقط شخص الحكم بالحرمة المتعلّقة بشرب الخمر الذي وقع من المكلّف.

والمراد من سقوط الحكم هنا ـ وكذلك في فرض الإتيان بمتعلّق الوجوب ـ هو انتهاء محركيّة الحكم ؛ وذلك لعدم صلوحه للتحريك بعد العصيان وسقوط الموضوع أو بعد الإتيان بالمتعلّق.

أمّا بعد العصيان فقد اتّضح وجهه ، وأمّا بالإتيان بالمتعلّق فلاستيفاء الغرض من الحكم ؛ ولأنّ التكليف بالجامع بعد أن أتى المكلّف بمنطبق الجامع تحصيل للحاصل إلاّ أن يأمر المولى بإيجاد فرد آخر للجامع وهذا خروج عن الفرض ؛ لأنّ الإتيان بالفرد الآخر يكون بأمر وحكم جديد غير الحكم الذي سقط بواسطة الامتثال الأول.

إذن المراد من سقوط التكليف هو سقوط فاعليّته ومحركيّته لا سقوط

١٥٥

أصل الحكم ، فإنّ وجوب الصلاة واستحباب التصدّق وحرمة شرب الخمر تبقى ثابتة حتى بعد الامتثال أو العصيان.

إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري عن المأمور به بالأمر الأولي :

لا إشكال في إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري عن المأمور به بالأمر الأولي في الجملة.

وبيان ذلك :

إنّ قيام المأمور به بالأمر الاضطراري مقام المأمور به بالأمر الأولي يكون تابعا للسان دليل الأمر الاضطراري ، وسنذكر احتمالين ثبوتيين لما يمكن أن يدل عليه دليل الأمر الاضطراري :

الاحتمال الأول : أن يكون الأمر الاضطراري دالا على صحّة العمل بمقتضاه في ظرف استمرار الاضطرار إلى حين انتهاء الوقت ، كأن يكون مفاد الدليل هكذا « إذا عجز المكلّف عن الطهارة المائية وكان عجزه مستوعبا للوقت صحّ له الانتقال إلى الطهارة الترابيّة ».

فهنا يكون العجز عن الطهارة المائية ـ والتي هي الحكم الأولي ـ مصححا للانتقال إلى الطهارة الترابية ـ والتي هي الحكم الاضطراري ـ إلاّ أنّ صحّة الانتقال إلى الطهارة الترابية إنّما هو في ظرف استمرار العجز واستيعابه لتمام الوقت ، وهذا يعني عدم شمول دليل الأمر الاضطراري لحالة ارتفاع العجز في أثناء الوقت.

فإذا كان هذا هو مفاد دليل الأمر الاضطراري فإنّ الإتيان بالطهارة الترابية يكون في حالة موجبا لسقوط الأمر الأولي وفي حالة لا يكون موجبا للسقوط.

١٥٦

أمّا الحالة الأولى فهي ما لو كان عجز المكلّف عن الطهارة المائيّة مستوعبا لتمام الوقت ، إذ أنّ هذا هو مقتضى مفاد دليل الأمر الاضطراري ـ كما هو الفرض ـ وعليه لا يكون المكلّف مسؤولا عن القضاء لو كان المأمور به بالأمر الأولي مما يوجب فواته القضاء ؛ وذلك لإجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري عنه.

وأمّا الحالة الثانية فهي ما لو كان عجز المكلّف غير مستوعب للوقت بل إنّه يزول في أثناء الوقت ، وعدم السقوط ناشئ عن أن مفاد الدليل هو اختصاص الإجزاء بحالة استمرار العجز فلا يكون شاملا لمثل هذه الحالة ، وعليه لو جاء المكلّف بالطهارة الترابية ثم ارتفع عجزه قبل انتهاء الوقت فإنّه ملزم بالطهارة المائيّة ويكون إتيانه بالطهارة الترابيّة كالعدم ، إذ لا مبرّر لسقوط الأمر الأولي بعد عدم شمول الأمر الاضطراري لهذه الحالة ، وبعد أن كان دليل الأمر الأولي شاملا لمثل هذه الحالة.

الاحتمال الثاني : أن يكون الأمر الاضطراري دالا على صحة العمل بمقتضاه في ظرف العجز مطلقا ، أي سواء كان العجز مستوعبا للوقت أو لم يكن مستوعبا للوقت ، وذلك كأن يكون مفاد دليل الأمر الاضطراري هكذا « إذا عجز المكلّف عن الطهارة المائيّة صحّ له الانتقال إلى الطهارة الترابيّة ».

وهنا يمكن تصنيف حالة المكلّف إلى حالتين :

الحالة الأولى : أن يفترض استيعاب عجزه للوقت ، وهنا لا إشكال في الإجزاء وسقوط الأمر الأولي بالإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري ؛ وذلك لأنّه القدر المتيقّن من إطلاق دليل إجزاء المأمور بالأمر الاضطراري

١٥٧

عن الأمر الأولي.

الحالة الثانية : أن يفترض عدم استيعاب العجز للوقت ، وهنا نقول :

إنّ المكلّف لو جاء بالطهارة الترابيّة ثم ارتفع عجزه وصار قادرا على الإتيان بالطهارة المائيّة فهل يكون ملزما بها؟ أو أنّ إتيانه بالطهارة الترابيّة قد أسقط وجوب الطهارة المائيّة « الحكم الأولي »؟

والجواب هو الإجزاء وسقوط الأمر الأولي ؛ وذلك لأنّ الإتيان بالطهارة الترابية كان مأمورا به ـ كما هو مقتضى الفرض ـ إذ قلنا بأن دليل الأمر الاضطراري شامل لحالتي استيعاب العجز وعدم استيعابه للوقت ، ولهذا كان الإتيان بالطهارة الترابيّة في هذه الحالة مشمولا لما هو المأمور به وهذا ما برّر الإجزاء وسقوط الأمر الأولي.

وهنا لا بدّ من التنبّه لأمر وهو أنّ الإتيان بالطهارة الترابيّة حال العجز ـ وقبل ارتفاعه ـ ليس متعينا على المكلّف بل له أن ينتظر إلى حين ارتفاع العجز ويأتي بعد ذلك بالطهارة المائيّة ، فالإتيان بالطهارة الترابيّة إذن واجب تخييري لا تعييني ، وطرفا التخيير هما الطهارة الترابيّة حين العجز أو الطهارة المائيّة حين ارتفاع العجز في الوقت.

وهذا الوجوب التخييري استفدناه من الجمع بين دليل الأمر الاضطراري ودليل الأمر الأولي ، إذ أنّ مقتضى دليل الأمر الاضطراري هو كفاية الإتيان بالطهارة الترابيّة حين العجز ومقتضى إطلاق دليل الأمر الأولي هو لزوم الإتيان بالطهارة المائيّة حين ارتفاع العجز فينتج عن ذلك أنّ المكلّف مخيّر بين الطهارة الترابيّة ـ ولكن في ظرف العجز ـ وبين الطهارة المائيّة حين ارتفاع العجز.

١٥٨

أمّا لو قلنا بعدم كفاية المأمور به بالأمر الاضطراري في ظرف العجز ، وإن المكلّف ملزم بالإتيان بالطهارة المائيّة بعد ارتفاع العجز لكان ذلك موجبا للتخيير بين الإتيان بالطهارة الترابيّة في ظرف العجز والإتيان بالطهارة المائيّة حين ارتفاع العجز وبين الإتيان بالطهارة المائيّة حين ارتفاع العجز ، أي أنّ المكلّف مخيّر بين أن يبادر حين العجز ويأتي بالطهارة الترابيّة ثمّ يأتي بالطهارة المائيّة حين ارتفاع العجز ـ لعدم كفاية الطهارة الترابيّة وحدها ـ ، وإمّا أن يأتي بالطهارة المائيّة وحدها حين ارتفاع العجز.

وهذا من التخيير بين الأقلّ والأكثر والذي قلنا باستحالته.

ومنشأ الملازمة بين القول بإعادة الطهارة وعدم كفاية الطهارة الترابيّة وبين الوجوب التخييري بين الأقل والأكثر هو أنّ مقتضى دليل الأمر الاضطراري في الاحتمال الثاني هو تصحيح الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضراري في ظرف العجز فإذا لم يكن المأمور به بالأمر الاضطراري مجزيا عن المأمور به بالأمر الأولي ويلزم الإتيان به بعد ارتفاع العجز مع أنّ له أن ينتظر حتى يرتفع العجز ويأتي بالمأمور به بالأمر الأولي وحده ، فهذا يعني أنّه مخيّر بين الجمع بين المأمور به بالأمر الاضطراري والمأمور به بالأمر الأولي وبين انتظار ارتفاع العجز والإتيان بالمأمور به بالأمر الأولي وحده ، ولمّا كان التخيير بين الأقلّ والأكثر مستحيلا فهذا يكشف عن أنّ المأمور به بالأمر الاضطراري كافيا في سقوط الأمر الأولي ومجزيا عنه ، إذ أنّ دليل الأمر الاضطراري لمّا كان مصححا للإتيان بالطهارة الترابيّة فهذا يستلزم إمّا الإجزاء وسقوط الأمر الأولي وإمّا الجمع بينه وبين امتثال الأمر الأولي وهذا يقتضي التخيير بين الأقل والأكثر ـ إذ لا إشكال في كفاية الاقتصار

١٥٩

على امتثال الأمر الأولي حين ارتفاع العجز ـ.

والثاني مستحيل لاستحالة التخيير بين الأقل والأكثر فيتعيّن الأول وهو سقوط الأمر الأولي بامتثال الأمر الاضطراري.

وبهذا تظهر ثمرة القول باستحالة التخيير بين الأقلّ والأكثر ، إذ أنّ القول باستحالة التخيير بين الأقل والأكثر أوجب تعيّن الإجزاء وسقوط الأمر الأولي بامتثال الأمر الاضطراري.

١٦٠