الرّجعة

علي موسى الكعبي

الرّجعة

المؤلف:

علي موسى الكعبي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٢
ISBN: 964-8629-75-7
الصفحات: ١٠٧
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

٣ ـ إنَّ من طعن في الرجعة باعتبار أنها من التناسخ الباطل ، فلأنه لم يفرّق بين معنىٰ التناسخ وبين المعاد الجسماني ، والرجعة من نوع المعاد الجسماني ، فإنّ معنىٰ التناسخ هو انتقال النفس من بدن إلىٰ بدن آخر منفصل عن الأول ، وليس كذلك معنى المعاد الجسماني ، فإنَّ معناه رجوع نفس البدن الأول بمشخصاته النفسية ، فكذلك الرجعة.

وإذا كانت الرجعة تناسخا ، فإنَّ إحياء الموتىٰ علىٰ يد عيسى عليه‌السلام كان تناسخاً ، وإذا كانت الرجعة تناسخاً كان البعث والمعاد الجسماني تناسخاً (١).

وبعد هذا ليس لمتطفّل علىٰ العلم أن يقول : وفكرة الرجعة شبيهة مع فارق كبير إلىٰ الفكرة التناسخية التي جاء بها فيثاغورس... (٢).

الشبهة الخامسة : ظهور اليهودية في التشيع بالقول بالرجعة.

يقول أحمد أمين في كتابه ( فجر الإسلام ) : فاليهودية ظهرت في التشيع بالقول بالرجعة ! وقد أجاب أعلام الطائفة بما يفنّد مدّعاه الذي لا يقوله ذو مِسكة إذا أراد الانصاف.

يقول الشيخ المظفر : فأنا أقول علىٰ مدّعاه : فاليهودية أيضاً ظهرت في القرآن بالرجعة ، كما تقدم ذكر القرآن لها في الآيات المتقدمة (٣) ، ونزيده فنقول : والحقيقة أنه لا بدَّ أن تظهر اليهودية والنصرانية في كثير من

__________________

(١) عقائد الإمامية ، للمظفر : ١١٠. والالهيات ٢ : ٨٠٩. والملل والنحل ٦ : ٣٦٤.

(٢) الشيعة والتصحيح ، موسى الموسوي : ١٤٢ ـ ١٤٣.

(٣) ذكرنا الآيات التي آشار إليها في مقدمة البحث ، وهي تدل علىٰ وقوع الرجعة في الاُمم السابقة ، وقد صرّح القرآن الكريم بذكرها بما لا يقبل التأويل.

١٠١

المعتقدات والأحكام الإسلامية ، لأنَّ النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء مصدّقاً لما بين يديه من الشرائع السماوية ، وإنْ نسخ بعض أحكامها ، فظهور اليهودية أو النصرانية في بعض المعتقدات الإسلامية ليس عيباً في الإسلام ، علىٰ تقدير أنّ الرجعة من الآراء اليهودية كما يدّعيه هذه الكاتب (١).

ويقول الشيخ كاشف الغطاء قدس‌سره : ليت شعري هل القول بالرجعة أصل من أصول الشيعة وركن من أركان مذهبها حتىٰ يكون نبزا عليها ، ويقول القائل : ظهرت اليهودية فيها ! ومن يكون هذا مبلغ علمه عن طائفة ، أليس كان الأحرىٰ به السكوت وعدم التعرّض لها ؟ إذا لم تستطع أمراً فدعه.

وعلى فرض أنها أصل من أصولهم ، فهل اتّفاقهم مع اليهود بهذا يوجب كون اليهودية ظهرت في التشيع ، وهل يصحّ أن يقال إنّ اليهودية ظهرت في الإسلام ، لأنّ اليهود يقولون بعبادة إله واحد والمسلمون به قائلون ؟! وهل هذ إلاّ قول زائف واستنباط سخيف (٢).

الشبهة السادسة : الظاهر من قوله تعالىٰ : ( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (٣) نفي الرجوع إلىٰ الدنيا بعد الموت ، فكيف يمكن التوفيق بين القول بالرجعة وبين ما يدلّ عليه ظاهر الآية ؟

__________________

(١) عقائد الإمامية ، للمظفر : ١١٢.

(٢) أصل الشيعة وأُصولها : ١٦٧ وللسيد محسن الأمين العاملي قدس‌سره ردٌّ علىٰ هذه المسألة أورده في مقدمة أعيان الشيعة ١ : ٥٦ ـ ٥٧.

(٣) سورة المؤمنون ٢٣ : ٩٩ ـ ١٠٠.

١٠٢

الجواب من عدّة وجوه :

أولاً : إنّه ليس في الآية شيءٌ من ألفاظ العموم ، فلعلَّ المشار إليهم لا يرجع أحد منهم ، لأنَّ الرجعة خاصّة كما تقدّم.

ثانياً : إنَّ الذي يفهم من الآية أنّ المذكورين طلبوا الرجعة قبل الموت لا بعده ، والذي نقول به ونعتقده هو الرجعة بعد الموت ، فالآية لا تنافي صحّة الرجعة بهذا المعنىٰ.

ثالثاً : إنَّ الظاهر من الآية هو إرادة الرجعة مع التكليف في دار الدنيا ، بل يكاد يكون صريح معناها ، ونحن لا نجزم بوقوع التكليف في الرجعة ، وأنّ الدواعي معها متردّدة ، وأنه أمر منوط بعلم الغيب ، ولا يفصح عنه إلاّ المستقبل (١).

الشبهة السابعة : أحاديث الرجعة موضوعة.

الجواب : هذه الدعوىٰ لا وجه لها ، ذلك لأنَّ الرجعة من الاُمور الضرورية فيما جاء عن آل البيت عليهم‌السلام من الأخبار المتواترة ، وعلىٰ تقدير صحّة هذه الدعوىٰ ، فإنه لا يعتبر الاعتقاد بها بهذه الدرجة من الشناعة التي هوّلها خصوم الشيعة ، وكم من معتقدات لباقي طوائف المسلمين لم يثبت فيها نصّ صحيح ، ولكنها لم توجب تكفيراً وخروجاً عن الإسلام ؟

ولذلك أمثلة كثيرة ، منها الاعتقاد بجواز سهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو عصيانه ، ومنها الاعتقاد بقدم القرآن ، ومنها القول بالوعيد ، ومنها الاعتقاد بأنّ

__________________

(١) راجع الايقاظ من الهجعة ، للحر العاملي : ٤٢٢.

١٠٣

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم ينصّ علىٰ خليفةٍ من بعده (٢).

وقد بيّنا في الدليل الثالث من الفصل الثاني ثبوت الاعتقاد بالرجعة عند أئمة الهدىٰ من عترة المصطفىٰ عليهم‌السلام وذلك لتواتر الروايات التي نقلها الثقات عنهم عليهم‌السلام.

الشبهة الثامنة : الرجعة محدودة في زمان النبوة.

قيل : إنَّ الرجعة لا تجوز إلاّ في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليكون معجزاً له ودلالة علىٰ نبوته.

قال الشيخ الطبرسي : وذلك باطل ، لأنَّ عندنا بل عند أكثر الاُمّة يجوز إظهار المعجزات علىٰ أيدي الأئمة والأولياء ، والأدلة علىٰ ذلك مذكورة في كتب الأُصول (١).

ولله الحمد والمِنّة أولاً وآخراً

وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين

__________________

(١) عقائد الإمامية ، للمظفر : ١١٠.

(٢) مجمع البيان ، للطبرسي ١ : ٢٤٢.

١٠٤

المحتويات

مقدمة المركز .......................................................................  ٥

المقدِّمة ..............................................................................  ٧

الفصل الأول

تعريف الرجعة

الرجعة في اللغة : ..................................................................  ١٣

الرجعة عند الشيعة الإمامية : ......................................................  ١٤

الفصل الثاني

إمكان الرجعة وأدلتها

إمكان الرجعة : ...................................................................  ١٥

أدلة الرجعة : .....................................................................  ١٧

أولاً : وقوعها في الاُمم السابقة ................................................  ١٨

إحياء قوم من بني إسرائيل ..................................................  ١٩

إحياء عزير أو أرميا .........................................................  ٢٠

إحياء سبعين رجلاً من قوم موسىٰ عليه‌السلام ....................................  ٢١

المسيح عليه‌السلام يحيي الموتىٰ ....................................................  ٢٢

إحياء أصحاب الكهف .....................................................  ٢٣

إحياء قتيل بني إسرائيل ......................................................  ٢٤

إحياء الطيور لإبراهيم عليه‌السلام بإذن الله ........................................  ٢٤

إحياء ذي القرنين ...........................................................  ٢٥

إحياء أهل أيوب عليه‌السلام ......................................................  ٢٥

١٠٥

ثانياً : الآيات الدالة علىٰ وقوعها قبل القيامة ...................................  ٢٧

ما هي دابة الأرض ..........................................................  ٢٨

استدلال الأئمة عليهم‌السلام .......................................................  ٣٣

استدلال أعلام الشيعة .......................................................  ٣٤

أقوال المفسرين ..............................................................  ٣٥

ثالثاً : الحديث ..............................................................  ٤٤

المصنفون في الرجعة .........................................................  ٤٦

رابعاً : الاجماع .............................................................  ٤٨

خامساً : الضرورة ..........................................................  ٥٠

الفصل الثالث

أحكام في الرجعة

الرجعة خاصة .....................................................................  ٥٣

من هم الراجعون ..............................................................  ٥٣

هل ثمة رجعة بعد عصر الظهور .................................................  ٥٥

حكم الرجعة ......................................................................  ٥٦

الرجعة وأُصول الإسلام ........................................................  ٥٦

الاختلاف في معنىٰ الرجعة ........................................................  ٥٧

حكم متأولي الرجعة ..............................................................  ٥٩

الهدف من الرجعة .................................................................  ٥٩

الفصل الرابع

الرجعة عند العامّة

إحياء الموتىٰ .......................................................................  ٦٥

السيوطي والصبّان .................................................................  ٦٨

١٠٦

أشراط الساعة .....................................................................  ٦٨

موقف العامّة من الرجعة ..........................................................  ٧٠

الفصل الخامس

مناظرات واحتجاجات

١ ـ احتجاج أمير المؤمنين عليه‌السلام .................................................  ٨٠

٢ ـ احتجاج الشيخ أبي محمد الفضل بن شاذان ..................................  ٨٢

٣ ـ احتجاج السيد الحميري .....................................................  ٨٦

٤ ـ احتجاج الشيخ المفيد .......................................................  ٨٨

٥ ـ احتجاج السيد محسن الأمين العاملي ........................................  ٩٣

الفصل السادس

شبهات وردود

الشبهة الاُولى : الرجعة تنافي التكليف .............................................  ٩٥

الشبهة الثانية : الرجعة تؤدي إلىٰ الاغراء بالمعاصي .................................  ٩٨

الشبهة الثالثة : كيف يعود الكفار إلىٰ الطغيان بعد مشاهدة العذاب ؟ .............  ٩٨

الشبهة الرابعة : الرجعة تفضي إلىٰ القول بالتناسخ .................................  ٩٩

الشبهة الخامسة : ظهور اليهودية في التشيع بالقول بالرجعة ......................  ١٠١

الشبهة السادسة : الرجعة تنافي ظاهر بعض الآيات ..............................  ١٠٢

الشبهة السابعة : أحاديث الرجعة موضوعة ......................................  ١٠٣

الشبهة الثامنة : الرجعة محدودة في زمان النبوة ...................................  ١٠٤

المحتويات ........................................................................  ١٠٥

١٠٧