خلافة الرسول صلّى الله عليه وآله بين الشورى والنصّ

الدكتور صائب عبد الحميد

خلافة الرسول صلّى الله عليه وآله بين الشورى والنصّ

المؤلف:

الدكتور صائب عبد الحميد


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٢
ISBN: 964-8629-50-1
الصفحات: ١٣٥
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

٣ ـ وعليٌّ جدّد التذكير أيضاً بما يبرز حقّه فوق أبي بكر خاصّة ، حين ذكّر الناس بقصة أخذه بسورة براءة من أبي بكر ! روىٰ النسائي بإسناد صحيح عن عليٍّ عليه‌السلام : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث ببراءة إلىٰ أهل مكّة مع أبي بكر ، ثمّ أتبعه بعليٍّ فقال له : « خذ الكتاب فامض به إلىٰ أهل مكّة » قال : فلحقته فأخذتُ الكتاب منه ، فانصرف أبو بكر وهو كئيب ، فقال : يا رسول الله ، أَنَزَلَ فيَّ شيء ؟! قال : « لا ، إنّي أُمرت أن أُبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي » (١).

وفي كلّ واحد من هذه الاحاديث ردٌّ علىٰ مَن يقول إنّ عليّاً لم يذكر شيئا يدلّ علىٰ أحقّيّته في الخلافة ! هذا ولمّا ندخل بعد رحاب ( نهج البلاغة ).

٤ ـ خطبته الشقشقيّة التي حظيت دائماً بمزيد من التوثيق (٢) ، وهي من أكثر كلماته المشهورة وضوحاً ودلالة وتفصيلاً :

__________________

(١) سنن النسائي ٥ : ١٢٨ / ٨٤٦١.

(٢) نقل ابن أبي الحديد عن بعض مشايخه قوله : واللّه لقد وقفتُ علىٰ هذه الخطبة في كتب صُنِّفت قبل أن يُخلق الرضي بمائتي سنة ( والشريف الرضي هو الذي جمع خطب الإمام علي عليه‌السلام ورسائله في نهج البلاغة ) ! ثمّ قال : وقد وجدت أنا كثيراً من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديّين من المعتزلة ( مولده سنة ٢٧٩ ه ووفاته سنة ٣١٧ ، علماً أنّ الشريف الرضي وُلد سنة ٣٦٠ ه‍ ). شرح نهج البلاغة ١ / ٦٩.

ونقلها سبط ابن الجوزي من مصادر غير التي اعتمدها الشريف الرضي ، فقال : خطبة أُخرىٰ وتعرف بالشقشقية ، ذكر بعضها صاحب ( نهج البلاغة ) وأخلَّ بالبعض ، وقد أتيتُ بها مستوفاة ، أخبرنا بها شيخنا أبو القاسم النفيس الأنباري بإسناده عن ابن عبّاس.. تذكرة الخواصّ : ١٢٤.

وأسندها الراوندي ( ٥٧٣ ه‍ ) في شرحه إلىٰ الحافظ ابن مردويه ، عن الطبراني؛ بإسناده إلىٰ ابن عبّاس. منهاج البراعة ١ : ١٣١ ـ ١٣٢.

١٢١

« أما والله لقد تقمّصها فلان ، وإنّه لَيعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى ، ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقىٰ إليَّ الطير..

فسدلتُ دونها ثوباً ، وطويت عنها كَشحاً ، وطفقتُ أرتئي بين : أن أصولَ بيدٍ جذّاء ، أو أصبر علىٰ طخيةٍ عمياء !... فرأيتُ أنّ الصبر علىٰ هاتا أحجىٰ ، فصبرتُ وفي العين قذىً ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نَهْبا !

حتّىٰ مضىٰ الأوّل لسبيله ، فأدلىٰ بها إلىٰ فلان بعده..

فيا عجباً ! بينا هو يستقيلها (١) في حياته ، إذ عقدها لآخر بعد وفاته !!

لشدَّ ما تشطّرا ضَرعيها !..

فصبرتُ علىٰ طول المدّة ، وشدّة المحنة.. حتّىٰ إذا مضى لسبيله جعلها في جماعةٍ زَعَم أنّي أحدهم ! فيالله وللشورىٰ ! متىٰ اعترضَ الريبُ فيَّ مع الأوّل منهم حتّىٰ صرتُ أُقرن إلىٰ هذه النظائر ؟!.. » (٢).

إذن أبو بكر أيضاً كان يعلم أنّ محلّ عليٍّ من الخلافة محلَّ القطب من الرحىٰ !

وقد يبدو هذا في منتهىٰ الغرابة لمن أَلِفَ التصوّر القدسي لتعاقب الخلافة ، ذاك التصوّر الذي صنعه التاريخ وفق المنهج الذي قرأناه في البحوث المتقدّمة ، ومن هنا استنكروه ، كما استنكروا سائر كلامه في الخلافة ، وقبله استنكروا جملة من الحديث النبوي الشريف الذي يصدم

__________________

(١) إشارة إلىٰ قول أبي بكر : أقيلوني ، أقيلوني.

(٢) نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : الخطبة ٣.

١٢٢

تلك القداسة !

لكنّ الحقيقة ، كلّ الحقيقة ، أنّك لو تلمّست لذلك التصوّر القدسي شاهداً من الواقع مصدّقاً له لعدت بلا شيء.

لم يألف التاريخ الإصغاء لعليّ !!

التاريخ الذي أثبت ، بما لا يدع مجالاً لشبهة ، أنّ عليّاً لم يبايع لأبي بكر إلاّ بعد ستّة أشهر ، صمّ آذانه عن سماع أيّ حجّةٍ لعليٍّ في هذا التأخّر !

تناقضٌ لم يستوقف أحدا من قارئي التأريخ !

وكيف يستوقفهم علىٰ عيوب نفسه ، وهو وحده الذي صاغ تصوّراتهم وثقافتهم ؟!

٥ ـ من كلام له بعد الشورىٰ ، وقد عزموا علىٰ البيعة لعثمان :

« لقد علمتم أنّي أحقّ بها من غيري ، ووالله لأُسلِّمنَّ ما سلمت أُمور المسلمين ولم يكن فيها جَورٌ إلاّ علَيَّ خاصّة ؛ التماساً لأجر ذلك وفضله ، وزهداً في ما تنافستموه من زخرفه وزبرجه » (١).

٦ ـ « وقد قال قائل : إنّك علىٰ هذا الأمر يابنَ أبي طالب لحريص.

فقلتُ : بل أنتم والله لأحرص وأبعد ، وأنا أخصّ وأقرب ، وإنّما طلبتُ حقّا لي ، وأنتم تحولون بيني وبينه ، وتضربون وجهي دونه !

فلمّا قرّعته بالحجّة في الملأ الحاضرين هبَّ كأنّه بُهِتَ لا يدري

__________________

(١) نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ١٠٢ الخطبة ٧٤.

١٢٣

مايجيبني به » (١) !!.

والقائل إمّا سعد بن أبي وقّاص يوم الشورىٰ علىٰ قول أهل السُنّة ، أو أبو عبيدة بعد يوم السقيفة علىٰ قول الشيعة ، وأيّاً كان فهذا الكلام مشهور يرويه الناس كافّة كما يقول المعتزلي السُنّي ابن أبي الحديد (٢).

٧ ـ « اللّهمّ إنّي أستعديك علىٰ قريش ومَن أعانهم ، فإنّهم قطعوا رحمي ، وصغّروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا علىٰ منازعتي أمراً هو لي ، ثمّ قالوا : ألا إنّ في الحقّ أن تأخذه وفي الحقّ أن تتركه » (٣) !.

٨ ـ « أمّا بعد.. فإنّه لمّا قبض الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قلنا : نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه دون الناس ، لا ينازعنا سلطانه أحد ، ولا يطمع في حقّنا طامع ، إذ انبرىٰ لنا قومنا فغصبونا سلطان نبيّنا ، فصارت الإمرة لغيرنا... ».

هذه هي مقدّمة خطبته في المدينة المنوّرة في أوّل إمارته ولمّا يمض علىٰ إمارته أكثر من شهر (٤) !.

في أهل البيت :

مثل ما ظهر هناك من وضوح وتركيز في استعراض حقّه خاصّة ، يظهر هنا في شأن أهل البيت في جملة من كلماته :

__________________

(١) نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : نهج البلاغة : ٢٤٦ الخطبة ١٧٢.

(٢) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٩ : ٣٠٥.

(٣) نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ٢٤٦ الخطبة ١٧٢.

(٤) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١ : ٣٠٧ عن المدائني.

١٢٤

١ ـ « لا يُقاسُ بآل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذه الأُمّة أحد.. هم أساس الدِين ، وعماد اليقين.. ولهم خصائص حقّ الولاية ، وفيهم الوصيّة والوراثة.. » (١).

فبعد ذِكر حقّ الولاية ، هذا واحد من مواضع يذكر فيها الوصيّة تصريحاً أو تلميحاً (٢) ، ثمّ هو الموضع الأكثر صراحةٍ في نسبة الوصيّة إلىٰ نفسه وأهل البيت ، مع هذا فهو الموضع الذي أهمله الدكتور محمّد عماره وهو يستقصي هذه المفردة في كلام عليٍّ ، أو غفل عنه ، لأجل أن يقول : ( إنّنا لا نجد في خطب عليٍّ وكلامه ومراسلاته ـ التي ضمّها نهج البلاغة ـ وصفه بهذا اللفظ ) !

هذا كلّه لأجل أن يدعم مقالةً حلّق فيها بدءا حين نسب كلمة ( وصيّ ) في الحديث النبوي « أنت أخي ووصيّي » إلىٰ صنع الشيعة الّذين وضعوها بدلاً من كلمة « وزيري » (٣) ! مع أنّ الرواية السُنّية للحديث لم تعرف غير كلمة « وصيّي » (٤) !.

٢ ـ « إنّ الأئمّة من قريش ، غُرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح علىٰ سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم » (٥).

__________________

(١) نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ٤٧ الخطبة ٢.

(٢) أُنظر : نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : الخطبة ٨٨ و ١٨٢.

(٣) د. محمّد عمارة ، الخلافة ونشأة المذاهب الإسلامية : ٣٣ و ١٥٧ ـ ١٥٨.

(٤) معالم التنزيل ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٧٨ ، تاريخ الطبري ٢ : ٢١٧ ، تفسير الخازن ٣ : ٣٧١ ـ ٣٧٢ ، مختصر تاريخ دمشق ١٧ : ٣١٠ ـ ٣١١ ، شرح نهج البلاغة ١٣ : ٢١٠ ، ٢٤٤ ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ٥ : ٤١ ـ ٤٢.

(٥) نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ٢٠١ الخطبة ١٤٤.

١٢٥

وقد وقفنا قبلُ علىٰ طائفة من النصوص الصحيحة التي اصطفت بني هاشم من قريش وقدّمتهم عليهم ، وطائفة من الوقائع وأحداث السيرة التي قدّمت بني هاشم علىٰ سواهم ، فلا تحتجّ قريش بحجّة إلاّ وكان بنو هاشم أوْلى بها.

٣ ـ « أين تذهبون ؟! وأنّىٰ تؤفكون ؟! والأعلام قائمة ، والآيات واضحة ، والمنار منصوبة ، فأين يُتاه بكم ؟!

وكيف تعمهون وبينكم عترة نبيّكم وهم أزمّة الحقّ ، وأعلام الدين ، وألسنة الصدق ؟!

فأنزِلوهم بأحسن منازل القرآن ، ورِدُوهم ورود الهيم العطاش.

أيّها الناس ، خذوها عن خاتم النبيين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّه يموت من مات منّا وليس بميّت ، ويبلىٰ من بلي منّا وليس ببالٍ » (١).

استنكار لاذع ، وأسف علىٰ هؤلاء الناس الّذين تركوا عترة نبيّهم ، رغم وضوح الدلائل علىٰ لزوم اتّباعهم !

٤ ـ « إنّا سنخُ أصلاب أصحاب السفينة ، وكما نجا في هاتيك من نجا ، ينجو في هذه مَن ينجو ، ويلٌ رهينٌ لمن تخلّف عنهم.. وإنّي فيكم كالكهف لأهل الكهف ، وإنّي فيكم باب حطّة ، مَن دخل منه نجا ومن تخلّف عنه هلك ، حجّةٌ من ذي الحجّة في حجّة الوداع : ( إنّي تركت بين أظهركم ما إنْ تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله وعترتي أهل

__________________

(١) نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ١١٩ الخطبة ٨٧.

١٢٦

بيتي ) » (١).

٥ ـ « انظروا أهل بيت نبيّكم ، فالزموا سَمْتَهم ، واتّبعوا أثَرهم ، فلن يخرجوكم من هدىً ، ولن يعيدوكم في ردىٰ .. فإنْ لَبَدوا فالبدوا ، وإنْ نهضوا فانهضوا.. ولا تسبقونهم فتضلّوا ، ولا تتأخّروا عنهم فتهلكوا » (٢).

٦ ـ « .. ألم أعمل فيكم بالثَقَل الأكبر ، وأتركَ فيكم الثَقَل الأصغر » (٣) ؟!.

الثَقل الأكبر : القرآن الكريم ، والثَقل الأصغر : الحسن والحسين عليهما‌السلام.

٧ ـ « المهديّ منّا أهل البيت ، يصلحه الله في ليلة » ، مسند أحمد ، عن عليٍّ عليه‌السلام (٤).

٨ ـ « المهديّ منّا ، من وُلْد فاطمة » ، السيوطي عن عليٍّ عليه‌السلام (٥).

وهكذا تقسّمت كلمات عليٍّ هذه بين حديث نبويّ بحرفه أو بمضمونه ، وبين وصف أو تقييم لحدثٍ تاريخيّ حاسم ، وليس في هذا كلّه علىٰ الإطلاق ما يشذّ عن وقائع التاريخ في صغيرة ولا كبيرة.

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١١ ـ ٢١٢.

(٢) نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ١٤٣ الخطبة ٩٧.

(٣) نهج البلاغة ـ تحقيق د. صبحي الصالح ـ : ١١٩ الخطبة ٨٧.

(٤) مسند أحمد ١ : ٨٤.

(٥) السيوطي ، مسند فاطمة : ٩٤ / ٢٢٤. المطبعة العزيزية ـ حيدر آباد ـ الهند ـ ط ١ ـ ١٤٠٦ ه‍ ، ١٩٨٦ م ، تصحيح الحافظ عزيز بيك مدير لجنة أنوار المعارف بحيدر آباد.

١٢٧
خلاصة اليقين بحق علي :

وإنّ تلك الكثرة من الأدلة الرصينة لا تدع للناظر اليها بعين الانصاف مجالاً للريب في حقّ علي في الخلافة...

لقد أيقن جميع المنصفين بحقّه في الخلافة يقيناً من موقعه الممتاز عند الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن حياته الخالصة في الإسلام ، وكذلك كان هو.. فلقد كان في حياة الرسول يقول : « إنّ الله يقول : ( أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ) (١) واللهِ لا ننقلب علىٰ أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، واللهِ لئن مات أو قُتل لأُقاتِلنَّ علىٰ ما قاتل عليه حتّىٰ أموت ، والله إنّي لأخوه ووليّه وابن عمّه ووارث علمه ، فمن أحقّ به منّي » (٢) ؟!.

لكنّه ( أراده حقّاً يطلبه الناس ، ولا يسبقهم إلىٰ طلبه ) (٣).

__________________

(١) آل عمران ٣ : ١٤٤.

(٢) المستدرك ٣ : ١٢٦ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٣٤ وقال : رجاله رجال الصحيح.

(٣) العقّاد ، فاطمة الزهراء والفاطميّون.

١٢٨



الخاتمة

هذه هي خلاصة قصّة الإمامة في الإسلام :

ـ هي شرط لازم لقيام النظام ؛ نظام الدين أو نظام الدنيا ، وشرط لازم لحفظه أيضاً..

ـ وهي قضيّة شرعية ، تولّىٰ الله تعالىٰ بذاته أمرها ، فنصب لعباده أئمّة يهدون إلىٰ سبيله :

( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ).. (١).

( إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالحَقِّ ).. (٢).

( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ).. (٣).

وأمر عباده بطاعتهم :

( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ ).. (٤).

__________________

(١) البقرة ٢ : ١٢٤.

(٢) ص ٣٨ : ٢٦.

(٣) السجدة ٣٢ : ٢٤.

(٤) النساء ٤ : ٦٤.

١٢٩

( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ).. (١).

ـ واختار جلّ جلاله لهذه الأُمّة بعد نبيّه أئمّةً يهدون بهديه ..

أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا..

وجعل الصلاة عليهم واجبةً مع الصلاة علىٰ سيّد رسله وخاتم أنبيائه ، بل جعلها جزءاً من شعيرة الصلاة ، فرضا كانت أو نفلاً ، فلا تقبل الصلاة لمن ترك الصلاة عليهم عامداً..

وجعل الحق معهم ، يدور حيثُ داروا..

وجعلهم مع القرآن ، لا يفارقهم ولا يفارقونه..

وجعل الهداية منوطة باتّباعهم..

فهم الأئمّة ، سواء أجمع الناس علىٰ طاعتهم ، أو أجمعوا علىٰ خلافهم ، فالإجماع لا يغيّر من واقع الأمر شيئاً.. فهذه قمّة إفِرِستْ أعلىٰ القمم ، فهل صارت أعلىٰ القمم بالإجماع ، أم لأن واقعها كذلك ؟ وهل سيغيّر من حقيقة علوّها إجماع أهل الأرض علىٰ أنّ هضبة الجولان هي أعلىٰ القمم ؟

إذا كان ذلك يغيّر من الواقع شيئاً ، فماذا يقال في أنبياء الله الذين أجمعت أقوامهم علىٰ تكذيبهم وقتلهم أو إقصائهم ؟!

أمّا « الشورىٰ » في الإمامة : فقد ثبتت صحّة ما صرّح به القرطبي وابن

__________________

(١) النساء ٤ : ٥٩.

١٣٠

كثير من أنّها اُطروحة ابتكرها عمر بن الخطاب قبل وفاته ، وأمر بها ، ولم تكن معروفة قبل ذلك..

كما أثبت البحث التاريخي أنّ عمر إنّما أمر بها ليقطع الطريق علىٰ الصحابة الذين عزموا علىٰ المبايعة لعليّ عليه‌السلام بعد وفاة عمر ، فلم يكتف عمر بتقديم اُطروحة الشورىٰ حتّىٰ دعّمها بالتحريض علىٰ قتل من بايع لرجل علىٰ الطريقة التي تمّت فيها البيعة لأبي بكر ! بل قتل مَن تتمّ له البيعة كذلك !!

( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا )

١٣١

١٣٢



المحتويات

مُقدِّمة المركز ................................................................  ٥

تمهيد .......................................................................  ٩

الشورىٰ ..................................................................  ١٣

الشورىٰ في الكتاب والسُنّة ................................................  ١٥

النصّ الأول ...........................................................  ١٥

النصّ الثاني ...........................................................  ١٦

موضوع الشورىٰ وأهدافها ...........................................  ١٧

البُعد الأول للشورىٰ .................................................  ١٩

البُعد الثاني .........................................................  ٢٦

النص الثالث ..........................................................  ٢٧

شورىٰ الحاكم أيضاً .................................................  ٢٩

الشورىٰ في التاريخ والفقه السياسي .........................................  ٣١

أول ظهور لمبدأ الشورىٰ ................................................  ٣١

الشورىٰ في إطارها النظري .................................................  ٣٥

الشورىٰ أم السيف .....................................................  ٣٩

مصير شروط الإمامة ...................................................  ٤١

١٣٣

التبرير .............................................................  ٤٣

صورتان : الصورة الأُولىٰ : مذهب عظماء السلف .......................  ٤٦

الصورة الثانية : الخارج المأجور .......................................  ٤٨

النصّ .....................................................................  ٥١

ضرورة النصّ بين الخليفة والنبيّ ............................................  ٥٣

إقرار بقدر من النص ...................................................  ٥٦

وقفة مع هذا النص ..................................................  ٥٨

ضرورة التخصيص في النص ..........................................  ٦٠

نوعان من التخصيص ................................................  ٦٢

تخصيص السلب ....................................................  ٦٣

تخصيص الايجاب ....................................................  ٦٣

نتيجة البحث ............................................................  ٦٤

الرجوع إلىٰ النصوص المباشرة في تعيين الخليفة ................................  ٦٧

الاتجاه الأوّل : النصوص الدالّة علىٰ خلافة أبي بكر ............................  ٦٩

أوّلاً : نصوص من السُنّة ................................................  ٦٩

النصّ الأوّل ........................................................  ٦٩

الاثارة الأُولىٰ ....................................................  ٦٩

الاثارة الثانية ....................................................  ٧١

الاثارة الثالثة .....................................................  ٧١

الاثارة الرابعة ....................................................  ٧١

١٣٤

الاثارة الخامسة ...................................................  ٧٢

الاثارة السادسة ..................................................  ٧٤

نصوص اُخر .......................................................  ٧٥

ثانياً : نصوص من القرآن الكريم .........................................  ٨٣

الاتجاه الثاني : النصوص الصحيحة الحاكمة ..................................  ٩١

الخطاب الجامع.. مفترق الطرق ..........................................  ٩٩

أهل البيت أوّلاً ....................................................  ١٠٤

سلوك النبيّ في ابلاغ إمامة عليّ ...........................................  ١٠٧

الصحابة والمعرفة بالتعيين ..............................................  ١١٢

النصّ في حديث عليّ .................................................  ١١٩

في حقّه خاصّة .................................................  ١٢٠

في أهل البيت ..................................................  ١٢٤

الخاتمة ...................................................................  ١٢٩

١٣٥