الإمامة في أهمّ الكتب الكلاميّة وعقيدة الشيعة الإماميّة

السيّد علي الحسيني الميلاني

الإمامة في أهمّ الكتب الكلاميّة وعقيدة الشيعة الإماميّة

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٧
٤٦١

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.

أمّا بعد ، فهذه صفحات يسيرة تتضمّن تحقيق حديث ( أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم ) اقتصرت فيها على البحث في هذا الحديث من النواحي التالية :

١ ـ كلمات كبار الأئمّة والحفّاظ من أهل السنة ورأيهم فيه.

٢ ـ نظرات في أسانيده على ضوء آراء علماء الجرح والتعديل منهم.

٣ ـ تأملات في متنه ومعناه ومؤدّاه.

ومن الله أستمد العون ... وهو ولي التوفيق.

٤٦٢

تمهيد

الصحبة في اللغة

الصحبة لغة : المعاشرة أو الملازمة (٢) ، يقال : صحبته أصحبه صحبة فأنا صاحب. والجمع : صحب ، وأصحاب ، وصحابة (٣).

قال الراغب : « ولا يقال في العرف إلاّ لمن كثرت ملازمته ... » (٤).

فصاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ على ما يقتضيه معنى الكلمة لغة ـ من عاشره ، أو لازمه ، سواء كان مسلماً أو كافراً ، برّاً أو فاجراً ، مؤمناً به أو منافقاً ... إذا الأصل في هذا الاطلاق ـ كما قال الفيومي ـ « لمن حصل له رؤية ومجالسة » (٥).

وإذا تبين معنى « الصحبة » في اللغة ، فلننتقل إلى الكلام حول « الصحابي » في الاصطلاح :

__________________

(١) القاموس المحيط « صحب ».

(٢) المفردات في غريب القرآن « صحب ».

(٣) قال ابن الأثير وغيره : إنه لم يجمع فاعل على فعالة إلاّ هذا.

(٤) المفردات « صحب ».

(٥) المصباح المنير « صحب ».

٤٦٣

١ ـ عند الأُصوليين

إشتراط الأُصوليّون والمحدّثون بالاجماع كونه مسلماً حتى يصحّ اطلاق اسم « اصحابي » عليه. ثمّ اختلفت كلماتهم في تعريفه :

فالمشهور عند الأُصوليين هو : « من طالت مجالسته مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على طريق التتبع له والأخذ عنه ، بخلاف من وفد إليه وانصرف بلا مصاحبة ولا متابعة » (١).

٢ ـ عند المحدّثين

والمعروف بين جمهور المحدّثين : إنّ الصحابي هو : « كلّ مسلم رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٢).

وقيل : « من أدرك زمنه صلى‌الله‌عليه‌وآله وإن لم يره » (٣).

وقال بعضهم : إنّه « من لقي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مؤمناً به ومات على الإيمان والاسلام وإنْ تخللت ردة » (٤).

وهناك أقوال أُخرى وصفت بالشذوذ.

حال الصحابة :

وأمّا النسبة إلى الصحابة وحالهم من حيث العدالة وعدمها ، فقد اختلف المسلمون على ثلاثة أقوال :

__________________

(١) مقباس الهداية ، الدرجات الرفيعة ١٠.

(٢) حكاه في المختصر ٢/٦٧.

(٣) حكاه في مقباس الهداية عن جماعة من المحدثين.

(٤) اختاره الشهيد الثاني/١٢٠ والسيد علي خان المدني/٩ وابن حجر العسقلاني ١/١٠ ونسبه شيخنا المامقاني وابن حجر إلى المحققين.

٤٦٤

الأول : كفر الجميع :

لقد ذهبت الفرقة « الكاملية » ومن كان في الغلوّ على شاكلتهم إلى القول بكفر الصّحابة جميعاً (١).

وهذا القول لا فائدة في البحث عن قائليه وأدلّتهم وردّها ...

الثاني : عدالة الجميع :

واشتهر بين أهل السُنّة القول : بأنّ الصّحابة كلّهم عدول ثقات ، لا يتطرّق إليهم الجرح ، ولا يجوز تكذيبهم في شيء من رواياتهم ، والطّعن في الأقوال المنقولة عنهم ، فكأنّهم بمجرّد صحبتهم للرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصبحوا معصومين عن الخطأ ، ومحفوظين من الزلل ...

قال المزني : « كلّهم ثقة مؤتمن ... » (٢).

وقال الخطيب : « عدالة الصّحابة ثابتة معلومة ... » (٣).

وقال ابن حزم : « الصّحابة كلّهم من أهل الجنّة قطعاً » (٤).

وبهذا صرّح ابن عبدالبرّ (٥) وابن الأثير (٦) والغزالي (٧) وغيرهم ...

وأمّا دعوى الاجماع على ذلك من بعضهم كابن حجر العسقلاني (٨) وابن

__________________

(١) ذكره السيد عبدالحسين شرف الدين في أجوبة مسائل جار الله/١٢.

(٢) سيأتي نص كلامه في الكتاب.

(٣) نقل ذلك عنه ابن حجر في الإصابة ١/١٧ ـ ١٨.

(٤) الاصابة ١/١٩.

(٥) الاستيعاب ١/٨.

(٦) اسد الغابة ١/٣.

(٧) إحياء علوم الدين.

(٨) الاصابة ١/١٧ ـ ١٨.

٤٦٥

عبدالبر (١) فيكذبّها نسبة هذا القول إلى الأكثر في كلام جماعة من كبار أئمتهم :

قال ابن الحاجب : « الأكثر على عدالة الصّحابة ، وقيل كغيرهم ، وقيل إلى حين الفتن فلا يقبل الداخلون ، لأن الفاسق غير معيّن ، وقالت المعتزلة ، عدول إلاّ من قاتل عليّاً ... » (٢).

وكذا في جمع الجوامع وشرحه حيث قال : « والأكثر على عدالة الصحابة لا يبحث عنها في رواية ولا شهادة ... » ثم نقل الأقوال الأُخرى (٣).

بل صرّح جماعة منهم السعد التفتازاني (٤) والمارزي شارح البرهان (٥) وابن العماد الحنبلي (٦) والشوكاني (٧) وآخرون ، ومن المتأخرين الشيخ محمود أبو رية (٨) والشيخ محمد عبدة (٩) والسيد محمد بن عقيل العلوي (١٠) والسيد محمّد رشيد رضا (١١) والشيخ المقبلي (١٢) والشيخ مصطفى صادق الرافعي (١٣) وآخرون ... بأنّ الصحابة غير معصومين وفيهم العدول وغير العدول ... وهذا بعينه هو رأي الشيعة الامامية :

__________________

(١) الاستيعاب ١/٨.

(٢) المختصر ٢/٦٧ وكذا في شرحه.

(٣) النصائح الكافية/١٦٠.

(٤) شرح المقاصد ٥/٣١٠.

(٥) الاصابة ١/١٩ ، النصائح الكافية/١٦١.

(٦) النصائح الكافية/١٦٢ عن الآلوسي.

(٧) إرشاد الفحول.

(٨) شيخ المضيرة أبو هريرة/١٠١ وراجع أضواء على السنة المحمدية له أيضاً.

(٩) أضواء على السنة المحمدية.

(١٠) النصائح الكافية.

(١١) شيخ المضيرة.

(١٢) المصدر نفسه.

(١٣) إعجاز القرآن.

٤٦٦

الثالث : لا إفراط ولا تفريط :

فإنّهم أجمعوا على أن الصحابة كسائر الناس فيهم العادل والفاسق ، المؤمن والمنافق ، وأن الصحبة ليست بوحدها ـ وإن كانت شرفاً ـ مقتضية عصمتهم ونفي القبيح عنهم ، والقرآن مشحون بذكر المنافقين من الصحابة ، الذين آذوا الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأقوالهم وافعالهم في نفسه وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام ...

والأحاديث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذم بعضهم كثيرة ...

وكتب الحديث والآثار مشحونه بردّ بعضهم على بعض ، وتكذيب بعضهم بعضاً ، وطعن بعضهم في رواية بعض ...

وأمّا أئمّة الحديث وكبار التابعين فتلك آراؤهم بالنسبة إلى بعض الصحابة مسجلة في كتب الرجال والتاريخ :

فقد سئل مالك بن أنس : « عمن أخذ بحديثين مختلفين حدّثه بهما ثقة عن رسول الله عليه وآله وسلّم أتراه من ذلك في سعة؟

فقال : لا والله حتى يصيب الحق ، ما الحق إلاّ في واحد ، قولان يكونان صواباً؟ ما الحق وما الصواب إلاّ في واحد » (١).

وعنه أنه سئل عن اختلاف الصحابة فقال :

« خطأ وصواب ، فانظر في ذلك » (٢).

وعن أبي حنيفة :

« الصّحابة كلهم عدول ما عدا رجالاً ، ثم عدّ منهم أبا هريرة وأنس بن مالك (٣).

وعن الشافعي :

__________________

(١) احكام الاحكام لابن حزم.

(٢) جامع بيان العلم لابن عبدالبر.

(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.

٤٦٧

« إنّه سرّ إلى الربيع : لا يقبل شهادة أربعة من الصحابة وهم : معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة وزياد » (١).

وقال شعبة :

« كان أبو هريرة يدلّس » (٢).

وعن الليث :

« إذا جاء الاختلاف أخذنا بالأحوط » (٣).

* * *

وإلى هذا كلّه استند الإمامية فيما ذهبوا إليه ...

وأمّا أهل السنة فزعموا أن الله سبحانه ورسوله عليه وعلى آله الصلاة والسلام قد زكيّا الصّحابة وعدّلاهم جميعاً ، فوجب المصير إلى ذلك ، وتأويل كلّ ما يؤثر عنهم من المخالفات والمنافيات للنصوص الصريحة من القرآن والسنة ، واستدلوا في دعواهم تلك بآيات من القرآن الحكيم ، وأحاديث رووها في كتبهم عن الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فضل الصحابة ...

وإنّ أشهر هذه الأحاديث المشار إليها هو : حديث « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم » وهو موضوع هذا البحث الوجيز ...

فلنرجع ـ أولاً ـ إلى كتبهم لنرى ما هو رأى كبار أئمتهم وحفّاظهم في هذا الحديث :

__________________

(١) المختصر في اخبار البشر لأبي الفداء.

(٢) البداية والنهاية لابن كثير.

(٣) عن جامع بيان العلم.

٤٦٨

(١)

كلمات كبار الأئمّة والحفّاظ في حديث النجوم

لقد صرّح جماعة كبيرة من علماء أهل السنة وأئمّتهم في الحديث والتفسير والأصول والرّجال ، بضعف حديث النجوم بألفاظه وطرقه ، وبحيث لا يبقى مجال للريب في سقوط هذا الحديث عن درجة الاعتبار والاستناد إليه ، وإليك البيان :

١ ـ أحمد بن حنبل إمام الحنابلة (٢٤١).

إنّ الحديث النجوم غير صحيح عند أحمد بن حنبل ، نقل عنه ذلك جماعة منهم :

ابن أمير الحجاج في كتابه ( التقرير والتحبير ).

وابن قدامة في ( المنتخب ).

وصاحب ( التيسير في شرح التحرير ) (١).

ترجمة أحمد بن حنبل

وتوجد ترجمة أحمد بن حنبل في كافة المعاجم الرجالية كتاريخ بغداد ٤/٤١٢ وحلية الأولياء ٩/١٦١ وطبقات الشافعية ٢/٢٧ ـ ٦٣ وتذكره الحفاظ ٢/١٧ ووفيات الأعيان ١/٤٧ وشذرات الذهب ٢/٩٦ والنجوم الزاهرة ٢/٣٠٤ ...

قال الذهبي :

__________________

(١) التقرير والتحبير لابن أمير الحاج ، التيسير ٣/٢٤٣ ، وسيأتي أيضاً ، سلسلة الأحاديث ١/٧٩.

٤٦٩

« شيخ الإسلام وسيّد المسلمين في عصره ، الحافظ الحجة.

قال علي بن المديني : إنّ الله أيّد هذا الدين بأبي بكر الصدّيق يوم الردّة ، وأحمد بن حنبل يوم المحنة.

وقال أبو عبيد : إنتهى العلم إلى أربعة أفقههم أحمد.

وقال ابن معين من طريق ابن عياش عنه : أرادوا أن أكون مثل أحمد والله لا أكون مثله.

وقال همام السكوني : ما رأى أحمد بن حنبل مثل نفسه.

وقال محمد بن حماد الطهراني : إني سمعت أبا ثور يقول : أحمد أعلم ـ أو قال أفقه ـ من الثوري ».

٢ ـ المزني ، تلميذ الشافعي وصاحبه (٢٦٤).

لم يصحّح أبو إبراهيم المزني حديث النجوم ، فقد قال الحافظ ابن عبدالبرّ ما نصه :

« قال المزني ـ رحمة الله ـ في قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أصحابي كالنجوم ، قال : ـ إنْ صح هذا الخبر ـ فمعناه فيما نقلوا عنه وشهدوا به عليه : فكلّهم ثقة مؤتمن على ما جاء به ، لا يجوز عندي غير هذا.

وأمّا ما قالوا فيه برأيهم فلو كان عند أنفسهم كذلك ما خطّأ بعضهم بعضاً ، ولا أنكر بعضهم على بعض ، ولا رجع منهم أحد إلى قول صاحبه ... فتدبر » (١).

فقوله « إن صح » يفيد ما نحن بصدده ... وأما ما ذكره من معنى الحديث فنترك الحكم فيه إلى المحقّقين من أهل الحديث ... (٢).

__________________

(١) جامع بيان العلم لابن عبدالبر ٢/٨٩ ـ ٩٠.

(٢) قال الألباني المعاصر « الظاهر من ألفاظ الحديث خلاف المعنى الذي حمله عليه المزني رحمه‌الله ، بل المراد ما قالوه برأيهم ، وعليه يكون معنى الحديث دليلاً آخر على أن الحديث موضوع ليس من

٤٧٠

ترجمة المزني

أثنى عليه كافّة أرباب المعاجم بما لا مزيد عليه راجع : وفيات الأعيان ١/١٩٦ ومرآة الجنان ٢/١٧٧ ـ ١٧٨ وطبقات الشافعية ٢/٩٣ ـ ١٠٩ والعبر ٢/٢٨ وحسن المحاضرة ١/٣٠٧.

قال اليافعي :

« الفقيه الامام أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني المصري الشافعي. وكان زاهداً عابداً مجتهداً غوّاصاً على المعاني الدقيقة ، اشتغل عليه خلق كثير.

قال الشافعي في صفة المزني : ناصر مذهبي.

وهو إمام الشافعيين وأعرفهم بطريق الشافعي وفتاواه وما ينقل عنه ، صنف كتباً كثيرة ، وكان في غاية من الورع ، وكان من الزهد على طريقة صعبة شديدة ، وكان مجاب الدعوة ، ولم يكن أحد من أصحاب الشافعي يحدّث نفسه بالتقدّم عليه في شيء من الأشياء ، وهو الذي تولّى غسل الشافعي ».

٣ ـ أبوبكر البزّار (٢٩٢)

ولقد قدح الحافظ أبوبكر البزار في حديث النجوم وبيّن وجوه ضعفه ، فقد قال الحافظ ابن عبدالبر ما لفظه :

« حدّثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن أبوب الرقي قال : قال لنا أبوبكر أحمد

__________________

كلامه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذا كيف يسوغ لنا أن نتصوّر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجيز لنا أن نقتدي بكلّ رجل من الصحابة ، مع أن فيهم العالم والمتوسط في العلم ومن هو دون ذلك ... ».

٤٧١

ابن عمرو بن عبدالخالق البزار : سألتم عمّا يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ممّا في أيدي العامة يروونه عن النبي صلّ الله عليه وسلّم أنه قال : أصحابي كمثل النجوم ـ أو أصحابي كالنجوم ـ فبأيّها اقتدوا اهتدوا.

قال : وهذا الكلام لا يصحّ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، رواه عبدالرحيم بن زيد العمّي عن أبيه عن سعد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وربّما رواه عبدالرحيم عن أبيه عن ابن عمر.

وإنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبدالرحيم بن زيد ، لأن أهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه.

والكلام أيضاً عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وقد روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بإسناد صحيح : عليكم بسنّتي وسنة الخلفاء الرّاشدين المهدّيين بعدي فعضّوا عليها بالنواجد وهذا الكلام يعارض حديث عبدالرحيم لو ثبت فكيف ولم يثبت.

والنبي لا يبيح الاختلاف من بعده من أصحابه. والله أعلم. هذا آخر كلام البزار» (١).

وفي هذا الكلام وجوه عديدة في قدح حيث النجوم ، وأمّا حديث « عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الرّاشدين المهديين » فللبحث فيه مجال آخر (٢).

ترجمة البزار

ترجم له في المعاجم الرجالية بكل إطراء ، منها : تاريخ الخطيب ٤/٣٣٤ وتذكرة الحفاظ ٢/٢٢٨ وشذرات الذهب ٢/٢٠٩ وتاريخ إصبهان ١/١٠٤ وميزان الاعتدال ١/٥٩ والعبر ٢/٩٢.

__________________

(١) جامع بيان العلم ٢/٩٠. وانظر إعلام الموقعين ٢/٢٢٣ ، والبحر المحيط ٥/٥٢٨ وغيرها.

(٢) هو من أحاديث سلسلتنا ، وقد نشرت رسالتنا فيه في « ثراثنا » العدد : ٢٦.

٤٧٢

قال الذهبي في تذكرة الحفاظ :

« الحافظ العلامة أبوبكر أحمد بن عمرو بن عبدالخالق البصري صاحب المسند الكبير والمعلّل.

سمع : هدبة بن خآلد ، وعبدالأعلى بن حماد ، والحسن بن علي بن راشد ، وعبدالله بن معاوية الجمحي ، ومحمد بن يحيى بن فياض الزماني وطبقتهم.

روى عنه : عبدالباقي بن قانع ، ومحمد بن العباس بن نجيح ، وأبوبكر الختلي ، وعبدالله بن الحسن ، وأبو الشيخ وخلق كثير.

إرتحل في آخر عمره إلى إصبهان وإلى الشام والنواحي ينشر علمه.

ذكره الدار قطني فأثنى عليه وقال : ثقة يخطأ ويتّكل على حفظه ».

٤ ـ ابن عدي (٣٦٥)

لقد أورد الحافظ أبو أحمد عبدالله بن عدي المعروف بابن القطّان حديث النجوم في كتابه المسمى بـ ( الكامل ) ـ وموضوعه الضعفاء والمقدوحون وموضوعاتهم ـ في ترجمة ( جعفر بن عبدالواحد الهاشمي القاضي ) و ( حمزة النصيبي ) كما سيأتي إن شاء الله من كلام الزين العراقي الحافظ.

ترجمة ابن عدي

يوجد الثناء البالغ عليه في الأنساب ـ في نسبة الجرجاني وتذكرة الحفاظ ٣/١٦١ وشذرات الذهب ٣/٥١ ومرآة الجنان ٢/٣٨١ والعبر ٢/٣٣٧ وغيرها.

قال السمعاني :

« أبو أحمد عبدالله بن علي بن محمد الجرجاني المعروف بابن القطّان الحافظ من أهل جرجان : كان حافظ عصره ، رحل إلى الإسكندرية وسمرقند ، ودخل البلاد ، وأدرك الشيوخ.

كان حافظاً متقناً لم يكن في زمنه مثله.

٤٧٣

قال حمزة بن يوسف السهمي : سألت الدار قطني أن يصنّف كتاباً في ضعفاء المحدّثين ، قال : أليس عندك كتاب ابن عدي؟ فقلت : نعم. فقال : فيه كفاية لا يزاد عليه ».

٥ ـ أبو الحسن الدار قطني (٣٨٥)

ولقد ضعّف الحافظ الدار قطني حديث النجوم إذ أخرجه في كتابه ( غرائب مالك ) ، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني (١).

ترجمة الدار قطني

جاءت ترجمته بكل تعظيم وتبجيل في : تذكرة الحفاظ ٣/١٨٦ ووفيات الأعيان ٢/٤٥٩ والمختصر ٢/١٣٠ وتاريخ الخطيب ١٢/٣٤ وتاريخ ابن كثير ١١/٣١٧ وشذرات الذهب ٣/١١٦ والنجوم الزاهرة ٤/١٧٢ وغيرها.

قال ابن كثير :

« علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن دينار بن عبدالله : الحافظ الكبير ، استاذ هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا ، سمع الكثير ، وجمع وصنف وألف وأجاد وأفاد ، وأحسن النظر والتعليل والإنقياد والإعتقاد.

وكان فريد عصره ونسيج وحده وإمام دهره في أسماء الرّجال وصناعة التّعليل والجرح والتّعديل ، وحسن التصنيف والتأليف ، واتساع الرواية والاطلاع التام في الدراية. له كتابه المشهور من أحسن المصنّفات في بابه ، لم يسبق إلى مثله ولا يلحق في شكله إلاّ من استمد من بحره وعمل كعمله ، وله كتاب العلل ، بينّ فيه الصواب من الدخل والمتصل من المرسل والمنقطع والمعضل ، وكتاب الأفراد الذي لا يفهمه فضلاً عن أن ينظمه إلاّ من هو من الحفاظ الأفراد والأئمّة النقّاد

__________________

(١) تخريج أحاديث الكشاف ٢/٦٢٨ وسيأتي نصه.

٤٧٤

والجهابذة الجياد ، وله غير ذلك من المصنّفات التي هي كالعقود في الأجياد.

وكان من صغره موصوفاً بالحفظ الباهر والفهم الثاقب والبحر الزاخر.

وقال الحكم أبو عبدالله النيسابوري : لم ير الدار قطني مثل نفسه.

وقال ابن الجوزي : وقد اجتمع له مع معرفة الحديث والعلم بالقراءات والنحو والفقه والشعر مع الامامة والعدالة وصحة العقيدة.

وسئل الدار قطني : هل رأى مثل نفسه؟ قال : أمّا في فن واحد فربما رأيت من هو أفضل مني ، وأما فيما اجتمع لي من الفنون فلا ».

٦ ـ ابن حزم (٤٥٦)

كذّب الحافظ ابن حزم أيضاُ حديث النجوم وحكم ببطلانه وكونه موضوعاً ، ذكر ذلك جماعة منهم أبو حيّان حيث قال عند ذكره هذا الحديث :

« قال الحافظ أبو محمد علي بن أحمد بن حزم في رسالته في ( إبطال الرأي والقياس والاستحسان والتعليل والتقليد ) ما نصه : « وهذا خبر مكذوب موضوع باطل لم يصح قط » (١).

ترجمة ابن حزم

تجد ترجمته في الكتب التالية : نفح الطيب ١/٣٦٤ والعبر ٣/٢٣٩ ووفيات الأعيان ٣/١٣ ـ ٧ وتاج العروس ٨/٢٤٥ ولسان الميزان ٤/١٩٨ وغيرها.

قال ابن حجر :

« الفقيه الحافظ الظاهري صاحب التصانيف ، كان واسع الحفظ جداً ، إلاّ

__________________

(١) البحر المحيط ٥/٥٢٨ ، وانظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ١/٧٨.

٤٧٥

أنّه لثقة حافظته ، كان يهجم ، كالقول في التعديل والتجريح وتبيين أسماء الرواة ، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة.

قال صاعد بن أحمد الربعي : كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس كلهم لعلوم الاسلام ، وأشبعهم معرفة ، وله مع ذلك توسّع في علم البيان وحظ من البلاغة ومعرفة بالسير والأنساب.

قال الحميدي : كان حافظاً للحديث مستنبطاً للأحكام من الكتاب والسنّة ، متقناً في علوم جمة ، عاملاً بعلمه ، ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ والتديّن وكرم النفس ، وكان له في الأثر باع واسع.

وقال مؤرخ الأندلس أبو مروان ابن حبان ، كان ابن حزم حامل فنون من حديث وفقه ونسب وأدب ، مع المشاركه في أنواع التعاليم القديمة ، وكان لا يخلو في فنونه من غلط لجرأته في السؤال على كل فن ».

٧ ـ البيهقي (٤٥٧) :

ولقد ضعّف حديث النجوم الحافظ البيهقي في كتابه ( المدخل ) على ما نقل عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني (١).

ترجمة البيهقي

ترجم له بكل تجليل وتكريم في : شذرات الذهب ٣/٣٠٤ وطبقات الشافعية ٤/١٦٨ والعبر ٣/٣٤٢ والنجوم الزاهرة ٥/٧٧ ووفيات الأعيان ١/٥٧ ـ ٥٨ وتذكرة الحفاظ ٣/٣٠٩ وغيرها.

قال ابن تغري بردى : « أحمد بن الحسين بن علي بن عبدالله الحافظ أبوبكر

__________________

(١) الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف المطبوع على هامش الكشاف ٢/٦٢٨.

٤٧٦

البيهقي ، مولده سنة أربع وثمانين.

كان أوحد زمانه في الحديث والفقه ، وله تصانيف كثيرة ، جمع نصوص الامام الشافعي ـ رضي الله عنه ـ في عشرة مجلدات.

ومات بنيسابور في جمادى الاخرى ».

٨ ـ ابن عبدالبر (٤٦٣)

قال الحافظ أبو عمر ابن عبدالبر ما نصه :

قد روى أبو شهاب الحناط عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أصحابي مثل النجوم فأيهم أخذتم بقوله اهتديتم.

وهذا إسناد لا يصح ، ولا يرويه عن نافع من يحتج به.

وقد روى في هذا الحديث إسناد غير ما ذكر البزار عن سلام بن سليم قال : حدثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم.

قال ابو عمرو : هذا إسناد لا تقوم به حجة ، لأن الحارث بن غصين مجهول » (١).

ترجمة ابن عبدالبر

وترجمة ابن عبدالبر موجودة في كل معجم وضعت يدك عليه بكل اطراء واحترام كوفيات الأعيان ٦/٦٣ ومرآة الجنان ٣/٨٩ والمختصر ٢/١٨٧ ـ ١٨٨ والعبر ٣/٢٥٥ وتذكرة الحفاظ ٣/٣٤٩ وتاج العروس ٣/٣٧.

__________________

(١) جامع بيان العلم ٢/٩٠ ـ ٩١.

٤٧٧

قال الذهبي :

« الإمام شيخ الاسلام حافظ المغرب ، ولد سنة ثمان وستين وثلاثمائة في ربيع الآخر ، وطلب الحديث وساد أهل الزمان في الحفظ والاتقان.

قال أبو الوليد الباجي : لم يك بالاندلس مثل أبي عمر في الحديث.

وقال ابن حزم : التمهيد لصاحبنا أبي عمر ، لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله اصلاً فكيف أحسن منه.

قال ابن سكرة : سمعت أبا الوليد الباجي يقول : أبو عمر أحفظ أهل المغرب.

قال الحميدي : أبو عمر فقيه حافظ عالم بالقراءات وبالخلاف وبعلوم الحديث والرجال ، قديم السماع ، يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي ».

٩ ـ ابن عساكر (٥٧١)

وصرّح بضعف حديث النجوم الحافظ ابن عساكر. وسيأتي ذلك من كلام المناوي.

ترجمة ابن عساكر

تجد ترجمته مع الثناء العظيم عليه في طبقات الشافعية ٤/٢٧٣ والمختصر ٣/٥٩ و وفيات الأعيان ٢/٤٧١ والعبر ٣/٢١٢ ومرآة الجنان ٣/٣٩٣ وتتمة المختصر ٢/١٢٤ ومعجم الأدباء ١٣/٧٧٣ ـ ٨٧ وتاريخ ابن كثير ١٢/٢٩٤ وغيرها.

قال اليافعي :

« الفقيه الامام المحدّث البارع الحافظ المتقن الضابط ، ذو العلم الواسع ، شيخ الاسلام ومحدّث الشام ، ناصر السنّة قامع البدعة ، زين الحافظ ، بحر العلوم الزاخر ، رئيس المحدّثين ، المقر له بالتقدّم ، العارف الماهر ، ثقة الدين ، أبو

٤٧٨

القاسم علي بن الحسن هبة الله ابن عساكر ، الذي اشتهر في زمانه بعلو شأنه ، ولم ير مثله في أقرانه ، الجامع بين المعقول والمنقول ، والمميز بين الصحيح والمعلول ، كان محدّث زمانه ومن أعيان الفقهاء الشافعية ، غلب عليه الحديث واشتهر به ، كان حافظاً ديناً جمع بين معرفة المتون والأسانيد ... ».

١٠ ـ ابن الجوزي (٥٩٧)

وقال الحافظ ابن الجوزي ما نصه :

« روى نعيم بن حماد ، قال : نا عبدالرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : سألت ربي فيما يختلف فيه أصحابي من بعدي ، فأوحى إليّ يا محمد : إنّ أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء بعضها أضوأ من بعض ، فمن أخذ بشيء مما عليه من اختلافهم فهو على هدى.

قال المؤلف : وهذا لا يصح ، نعيم مجروح. وقال يحيى بن معين : عبدالرحيم كذاب » (١).

ترجمة ابن الجوزي

جاءت ترجمته مع المدح والثناء في تاريخ ابن كثير ١٣/٢٨ ووفيات الأعيان ٢/٣٢١ ـ ٣٢٢ وتتمة المختصر ٢/١١٨ والأعلام ٤/٨٩ ـ ٩٠ وغيرها.

قال ابن خلكان :

« أبو الفرج عبدالرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد بن علي ابن عبيدالله بن عبدالله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي ...

__________________

(١) العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ، وانظر فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٤/٧٦.

٤٧٩

الفقيه الحنبلي الواعظ الملقب جمال الدين الحافظ : كان علامة عصره ، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ.

صنف في فنون عديدة ... ».

١١ ـ ابن دحية (٦٣٣)

وقدح الحافظ ابن دحية في حديث النجوم ونفي صحته ، فقد قال الحافظ الزين العراقي ما نصه :

« وقال ابن دحية ـ وقد ذكر حديث أصحابي كالنجوم ـ حديث لا يصح » (١).

ترجمة ابن دحية

توجد ترجمته مع الاطراء والثناء في : بغية الوعاة ٢/٢١٨ وشذرات الذهب ٤/١٦٠ ووفيات الأعيان ٣/١٢١ وحسن المحاضرة ١/٣٥٥ وغيرها.

قال السيوطي في حسن المحاضرة :

« الامام العلاّمة الحافظ الكبير أبو الخطاب عمر بن حسن ، كان بصيراً بالحديث معتنياً به ، له حظ وافر من اللغة ومشاركة في العربية. له تصانيف ، وطن مصر ، وأدّب الملك الكامل ، ودرّس بدار الحديث الكاملية ... »

١٢ ـ أبو حيان الأندلسي (٧٤٥)

وللحافظ أبي حيان تحقيق قيّم حول حديث النجوم ننقله نصاً لفوائده الجمعة :

قال « قال الزمخشري : فإنْ قلت : كيف كان القرآن تبياناً لكلّ شيء؟

__________________

(١) تعليق تخريج أحاديث منهاج البيضاوي. جاء ذلك عنه في عبقات الأنوار.

٤٨٠