جامع الافكار وناقد الانظار - ج ١

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]

جامع الافكار وناقد الانظار - ج ١

المؤلف:

محمد مهدي بن أبي ذر النراقي [ المولى مهدي النراقي ]


المحقق: مجيد هاديزاده
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة انتشارات حكمت
المطبعة: نور حكمت
الطبعة: ١
ISBN: 964-5616-70-7
الصفحات: ٥١٧
الجزء ١ الجزء ٢

علّة جميع الممكنات الصرفة جزئها ـ لأنّ كلّ واحد ممّا هو قبل المعلول الأخير وما هو قبل الجزء الّذي فوقه وهكذا من اجزاء تلك السلسلة ـ ، ومع ذلك لا يلزم كون الشيء علّة لنفسه ولعلله ، لأنّ جميع ما قبل كلّ جزء ليس عين هذا الجزء ، وليس هذا الجزء جزء له.

ولا يقال : انّ المراد انّه لو كان واحد من الأجزاء علة لجميع الاجزاء يلزم المفسدة المذكورة وعلى الشبهة يلزم أن تكون علّة كلّ واحد من المعلولات جزء على حدة ، فالّذي اختاره مورد الشبهة ليس اختيار الشيء من الشقوق الّتي ذكرها المستدلّ ؛

لأنّا نقول : غرض مورد الشبهة انّ هاهنا احتمالا لا يستلزم المفسدة المذكورة ، فان لم يذكر المستدلّ هذا الاحتمال لم يكن ترديده حاصرا ، وان ذكره فاخباره لا يوجب كون الشيء علّة لنفسه ولعلله.

والحقّ إنّ هذه الشبهة لا تدفع إلاّ بالتمسّك بما تقدّم من أنّ مجموع الممكنات في حكم ممكن واحد في جواز طريان الانعدام عليها وعدم الوجود رأسا ، فلا بدّ لها من علّة بالذات وعلى الاطلاق ـ أي : علّة تكون جميع اجزائها متأخّرا عنها محتاجا إليها ـ. فاذا كان جزء من اجزاء سلسلة الممكنات علّة لها بهذا المعنى لزم أن يتقدّم هذا الجزء على نفسه وعلى علله ، وإن كان هذا الجزء جميع ما قبل المعلول الأخير أو جميع ما قبل كلّ جزء غيره.

وأيضا : لا يصحّ أن يكون شيء من الممكنات مقتضيا لوجود شيء منها ـ لما تقدّم من انّ الشيء ما لم يرتفع عنه جميع انحاء العدم لم يكن واجبا ، وما لم يكن واجبا لم يكن موجودا ـ ، ولا يجوز أن يكون شيء من الممكنات مقتضيا للوجوب ـ لما مرّ ـ ، فيجب أن يكون الموجد للممكن الواحد وللكل شيئا خارجا عن الجميع ؛ وهو الواجب ـ جلّ جلاله ـ.

ثمّ انّ هذه الشبهة ربّما جرت في بعض البراهين المتقدّمة والآتية ، والجواب كما ذكر.

ومنها : انّ موجد الشيء يجب أن يكون موجبا لوجوده ومنشئا لامتناع طريان

٨١

العدم عليه بالكلّية لما تقدّم من أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، وشيء من الممكنات لا يمكن أن يكون موجبا لوجود شيء ولا منشئا لامتناع طريان العدم عليه بالكلّية ـ لانّ مفيد الوجوب ومنشأ امتناع طريان العدم لا يمكن أن يكون عاريا عن الوجوب السابق واللاحق ـ ، والممكن عار عنهما. ولو فرض استناد كلّ واحد إلى آخر إلى غير النهاية حتّى يحصل الوجوب بالغير نقول : كما تقدّم انّ المجموع حينئذ يجوز عليه العدم بالنظر إلى ذاته ـ لما مرّ مرارا من أنّ مجموع الممكنات في حكم ممكن واحد في جواز طريان العدم عليه بالكلّية ـ ، فلا يتحقّق له الوجوب حينئذ أيضا ، فلو لم يتحقّق موجود خارج عن الكلّ هو الواجب لذاته لم يوجد موجود اصلا ، فثبت المطلوب.

ومنها : انّه لو لم يتحقّق واجب الوجود لذاته لم يتحقّق شيء من الممكنات ، إذ لا يمكن أن يكون شيء من الممكنات مستقلا بنفسه لا في الوجود ـ وهو ظاهر من ملاحظة مفهوم الممكن ـ ولا فى الايجاد ، اذ المستقل بالايجاد شيء يمتنع نسبة جميع انحاء عدم ذلك الشيء عليه ، ولا شيء من الممكنات كذلك ـ لجواز طريان العدم على الكلّ ـ.

واصل هذا الدليل من بهمنيار ، حيث قال في التحصيل : « لو لم يتحقق واجب الوجود لذاته لم يتحقّق ايجاد مطلقا ». ووجهه : انّ الممكن لا يجوز أن يصير منشئا لوجود نفسه ، فكيف يمكن أن يصير منشئا لوجود غيره. ونعم ما قيل في هذا المعنى :

ذات نايافته از هستى بخش

كى تواند كه شود هستى بخش

ومنها : البرهان المعروف ببرهان الأسدّ والأخصر. وتقريره : انّه لو لم يوجد واجب الوجود لذاته لم يتحقّق موجود أصلا ، إذ الوجود حينئذ لا يحصل إلاّ بالاستفادة من الغير. وهذا الغير لمّا لم يكن له الوجود لذاته يجب أن يكون وجوده أيضا مستفادا من الغير ، وهكذا. وجميع الأغيار وإن كانت غير متناهية لمّا لم يكن لشيء منها وجود بالذات فهي في حكم ممكن واحد في / ١٨MB / الافتقار إلى استفادة الوجود من الغير ، فلو لم يوجد واجب الوجود لذاته فمن أين يحصل الوجود؟

وبتقرير آخر : لو تسلسلت الممكنات إلى غير النهاية واستند كلّ واحد إلى

٨٢

ما فوقه ولم يوجد واجب الوجود لذاته فنقول : لا يصحّ أن يكون شيء من آحاد تلك السلسلة موجودا لم يوجد قبله موجود آخر ، وإذا لم يصح لكلّ واحد أن يدخل في الوجود إلاّ وقبله موجود آخر فكذلك جميع الآحاد حكمها كذلك ـ أي : لا يصحّ أن يدخل الوجود إلاّ وقبله / ١٨DB / موجود آخر ـ ، لأنّه إذا افتقر كلّ واحد واحد إلى أمر خارج لافتقر جميع الآحاد أيضا إلى أمر خارج ، وهو بديهي.

ومنها : برهان الضرورة من اللاضرورة ؛ وتقريره : إنّ الممكن من حيث ذاته لا يكون له إلاّ سلب ضرورة الوجود والعدم ـ ولذا يفتقر في ثبوت كلّ من الضرورتين إلى علّة خارجة عن ذاته ـ ، فليس بشيء من الممكنات ضرورة بالنظر إلى ذاته. وقد تقرّر انّ الشيء ما لم يجب ولم يحصل له ضرورة الوجود من علّة لم يوجد ، فلو وجدت الممكنات من غير استناد شيء منها إلى الواجب الوجود لذاته لزم صدور الضرورة من اللاضرورة ، لانّه إذا لم يكن في الوجود ضرورة الوجود بالذات ولم يتحقّق سوى سلب الضرورة لزم لا محالة حصول الضرورة من اللاضرورة ، وهو محال بالبداهة ؛ لاستلزامه صدور الشيء ممّا هو أخصّ من نقيضه. لانّ نقيض ضرورة الوجود إنّما هو سلب ضرورة الوجود ، وسلب ضرورة الوجود أعمّ من سلب ضرورة الوجود وسلب ضرورة العدم معا ، لأنّ سلب الضرورتين (١) معا لا ينفكّ عن سلب ضرورة الوجود ، وهو ظاهر. بخلاف العكس كما في الممتنع ، فانّه قد تحقّق فيه سلب ضرورة الوجود من دون تحقّق سلب الضرورتين معا ، لانّ عدمه ضرورى ، فعلى تقدير عدم الواجب لذاته يلزم صدور ضرورة الوجود من اللاضرورتين معا ، وهو صدور الشيء من الأخصّ ونقيضه.

ومنها : برهان الأولوية ؛ وتقريره : انّه لو انحصرت الموجودات في الممكنات لزم الترجيح بلا مرجّح ، لانّ الممكن ما تساوي نسبته إلى الوجود والعدم ، فكلّ من وجوده وعدمه انّما يقع بعلّة ، فلو تحقّقت سلسلة الممكنات ـ سواء كانت متناهية أو غير متناهية ـ من دون استنادها إلى الواجب الوجود لذاته لكان لقائل أن يقول : لم

__________________

(١) الاصل : الضرورة.

٨٣

تحقّق وجود هذه السلسلة دون عدمها مع تساوي نسبتها إليهما ، فيلزم الترجيح بلا مرجّح.

فان قيل : انّما تحقّق وجودها دون عدمها لتحقق علّة الوجود ـ أعني : ممكنا آخر ـ ، لأنّ الفرض استناد كلّ واحد من آحاد هذه السلسلة إلى آخر إلى غير النهاية ؛

قلنا : انّا أخذنا جميع ما في السلسلة بحيث لا يشذّ عنها شيء ؛ وقلنا تحقّق وجود جميع هذه السلسلة دون تحقّق عدمها مع تساوي نسبتها إليهما ترجيح بلا مرجّح!.

فلا ينفع استناد كلّ واحد من أجزائها إلى جزء آخر. وما ذكرناه مبني على التمسّك بالوجودات الامكانية الابتدائية.

ويمكن التمسّك بالوجودات الثانوية البقائية بأن يقال : الممكن في البقاء محتاج إلى العلّة ، فنسبته إلى البقاء ـ أعني : الوجود الثانوي ـ والعدم الطاري على السواء ، فتحقّق البقاء دون العدم الثانوي ترجيح بلا مرجّح.

فان قيل : بقاء كلّ ممكن مستند إلى آخر إلى غير النهاية ؛

قلنا : كما مرّ انّا أخذنا جميع هذه الوجودات البقائية بحيث لا يشذّ عنها شيء ؛ ونقول : تحقّق هذه الوجودات دون العدمات الطارية ترجيح بلا مرجّح!.

ومنها : انّ لواجب الوجود مفهوما ، فان كان بإزاء هذا المفهوم حقيقة في الخارج ثبت المطلوب ، وإن لم يكن بإزائه شيء في الخارج وكان معدوما فيه لكان عدمه امّا مستندا إلى نفسه فيكون واجب الوجود ممتنع الوجود ، فيلزم الانقلاب ؛ أو مستندا إلى الغير فيكون واجب الوجود ممكن الوجود ، فيلزم الانقلاب أيضا ؛ فعدم واجب الوجود لا يكون واقعا ، لاستلزامه انقلاب الماهية.

ومنها : برهان اخترعه بعض أفاضل المتاخرين وتقريره : انّ الممكن منحصر في الجوهر والعرض ـ لأنّ كلّ ممكن امّا أن يكون بالنظر إلى ذاته وحقيقته محتاجا إلى الموضوع أم لا ، والأوّل هو العرض والثاني هو الجوهر ـ. وهذا حصر عقلي لا يقبل الواسطة ، ولذا اتفق جميع العقلاء على الانحصار. واذ ثبت الانحصار نقول : العرض باعتبار طبيعته محتاج في وجوده إلى الجوهر ، ولا عكس ـ لاستلزامه الدور ـ وطبيعة

٨٤

الجوهر معلولة أيضا وإلاّ كانت واجبة ، ولا يجوز أن تكون علّة تلك الطبيعة شيئا من الأفراد المندرجة تحتها ، لأنّ كلّ فرد بالنظر إلى طبيعته عرضي لها ومتأخّر عنها ، فلا يجوز أن يكون فرد من افراد الطبيعة علّة لها ؛ فيجب أن تكون علّة الطبيعة أمرا موجودا خارجا عن سلسلة الممكنات ، وهو الواجب ـ تعالى شأنه ـ.

وأورد عليه : بانّه يجوز أن يكون بعض افراد الجوهر مستندا / ١٩MA / إلى بعض آخر منها وتذهب السلسلة إلى غير النهاية ، واستحالة التسلسل لم يؤخذ (١) في البرهان.

واجيب عنه : تارة بأنّ الكلام في علّة الطبيعة لا في علّة الفرد ، فكما أنّ الفرد موجود فكذلك الطبيعة موجودة أيضا ، كيف والطبيعة متقدّمة على الفرد ، فنسبة الوجود إليها متقدّمة على نسبته إلى الفرد. وأخرى : بأنّ افراد الجوهر إن استند بعضها إلى بعض إلى غير النهاية فنقول : كما أنّ كلّ واحد محتاج إلى العلّة الصدورية فكذلك المجموع من حيث المجموع أيضا محتاج إليها ، لأنّ المجموع من حيث المجموع ـ أي : / ١٩DA / معروض الهيئة الاجتماعية ـ موجود آخر وراء كلّ واحد واحد ، فلا بدّ له من علّة صدورية ـ فانّ ما لا يستغنى عنه كلّ واحد واحد من العلّة الخارجة لا يستغنى عنه المجموع من حيث المجموع أيضا ـ ، وعلّة المجموع لا يجوز أن تكون نفسه ولا جزئه ـ لاستلزامه تقدّم الشيء على نفسه ـ ؛ فيجب أن تكون علّته أمرا خارجا عن الجميع هو الواجب لذاته.

ولا يخفى عليك انّه يمكن أن يناقش في بعض مقدّمات هذا البرهان ؛ فتأمّل!.

ومنها : برهان أورده الشيخ في إلهيات الشفاء ؛ وتقريره : انّ الممكنات كلّها ـ متناهية كانت أو غير متناهية ـ اشتركت في كونها أوساطا إلاّ المعلول الأخير ، لأنّ كلّ واحد من آحاد سلسلة الممكنات لمّا كان معلولا لسابقه وعلّة للاحقه لكان علّة ومعلولا معا ، وكلّ ما هو علّة ومعلول فهو وسط. وإذا كان كلّ واحد من السلسلة وسطا لكان جميع السلسلة أيضا كذلك ، فلا بدّ له من طرف هو الواجب لذاته.

__________________

(١) الاصل : لم يوجد.

٨٥

وأصل هذا الدليل من المعلم الثاني ، فانه قال في شرح رسالة الزينون الكبير : لا يجوز أن تكون علل ممكنة لا نهاية ، لها لأنّ لكلّ منها خاصية الوسط فله طرف أيضا والطرف نهاية (١).

ثم أورد على هذا البرهان : بأنّه إن اريد انّ كلّ وسط لا بدّ له من طرفين مطلقا فيلزم أن تكون الجملة أيضا كذلك ففيه انّ الجملة أيضا لها طرفان هما اجزاء السلسلة والمعلول الاخير ؛ وإن اريد انّ كل واحد واحد لما كان له طرفان خارجان فالجملة أيضا كذلك ـ لأنّ حكم المجموع هنا لا يخالف حكم الآحاد ـ ؛ ففيه : انّ هذا الشيء لا دليل له أصلا ولا تقتضيه ضرورة أيضا ، فالمسلّم أنّه لا مخالفة بين الآحاد والجملة في المعلولية والاحتياج في الجملة. وأمّا عدم المخالفة بينهما في الاحتياج إلى طرف آخر فغير ممنوع ، بل الجملة إن كانت متناهية كانت محتاجة إلى طرف خارج ، وأمّا الغير المتناهية ـ كما فيما نحن فيه ـ فلا يحتاج إليه أصلا.

والجواب : انّ حكم الجملة هنا لا يخالف حكم الآحاد ، لأنّ افتقار كلّ واحد من الأوساط إلى الطرف ليس لأجل كونها متناهية ، بل لاجل كونها أمورا ممكنة غير موجودة بذواتها وغير ممنوعة غير طريان العدم عليها وهذه العلّة جارية في الجملة بأسرها ، فانّ المجموع من حيث المجموع يجوز طريان العدم عليها بحيث لا يبقى شيء من آحاده أصلا ، فلا بدّ له من طرف هو الواجب لذاته.

وأنت تعلم انّ توجيه هذا البرهان بهذا النحو يجعل بعض مقدّماته ـ من توسّط حديث الوسطية وبيان خاصّته الّتي هي العلّية والمعلولية ـ مستدركا!. اللهم إلاّ أن يقال : انّ التمسّك بهذه المقدمات واتمام البرهان بالوجه الّذي وجّهناه نوع مسلك وعدم التمسّك بها واتمام البرهان بمجرّد ما ذكرناه في التوجيه مسلك آخر أخصر ؛ فتأمّل!.

تتميم

اعلم! أنّ أكثر الأدلّة المذكورة يتوقّف تماميتها ـ كما أشير إليه ـ على كون جميع

__________________

(١) لم أعثر على هذا الكتاب.

٨٦

الممكنات الصرفة في حكم ممكن واحد في جواز طريان الانعدام عليها رأسا ، وبعضها يتوقّف تتميمها على مقدّمة أخرى هي أنّ مجموع الممكنات الموجودة من حيث أنّها مجموع موجود واحد ممكن غير كلّ واحد واحد من الأفراد لأنّ الهيئة المجموعة الحاصلة من اجتماع الآحاد غير كلّ واحد واحد منها ، فلا بدّ له من علّة.

والحقّ صحّة هاتين المقدّمتين وحقّيتهما ؛ وانكارهما مكابرة.

أمّا المقدّمة الاولى فيمكن تقريرها بوجهين ، أحدهما : أن يحمل لفظ « الطريان » على ظاهره حتّى يكون المراد من طريان الانعدام هو عروض العدم الطاري ـ أي : العدم بعد الوجود ـ ، ويكون المقصود من تلك المقدّمة انّ جميع الممكنات الصرفة في حكم ممكن واحد في جواز انعدامها بعد الوجود. والدليل على انّ كلّ واحد من هذه الممكنات وإن امتنع عدمه بسبب علّته لكنّه لا ريب في جواز عدمه مع عدم علّته ، والعلّة لكونها ممكنة يجوز انعدامها ، فكلّ ممكن موجود يجوز انعدامه وانعدام جميع علله الموجودة الممكنة ـ سواء كانت متناهية أو غير متناهية ـ فنسبة العدم الطاري والوجود البقائى إليها على السواء ؛ فترجّح / ١٩MB / الوجود البقائى على العدم الطاري لا بدّ له من علّة واجبة لذاتها.

وعلى ما قرّر الدليل يندفع عنه ما أورد عليه : بأنّه إن اريد بامكان طريان الانعدام عليها الامكان الذاتي فممنوع ، ولا يجدي نفعا ، لجواز أن يكون طريان الانعدام على مجموعها ممتنعا في نفس الأمر بسبب انّ كلاّ منها مع العلّة الموجدة ؛

وإن أريد به الامكان الوقوعي فممنوع ، والسند ما مرّ. والفرق بين المتناهي وغير المتناهي ظاهر ، إذ الممكنات المتناهية تنتهى إلى ممكن موجود لا بدّ له من موجد ، وعلى تقدير عدم الواجب لم يتحقّق له موجد. وأمّا الممكنات الغير المتناهية فلا تنتهي إلى ممكن موجود ، وبطلان التسلسل غير مأخوذ في الأدلّة الّتي تؤخذ فيها هذه المقدّمة ؛ انتهى.

ووجه الاندفاع : انّا نختار الشقّ الثاني ونقول : الامكان الوقوعي لازم للامكان الذاتي فيما نحن فيه ـ لانتفاء العلّة الخارجة المقتضية لامتناع العدم عليها في / ١٩DB /

٨٧

نفس الأمر ـ ، وكون كلّ منها مع العلّة الموجدة لا يقتضي ذلك ـ لجواز انعدام العلّة أيضا ـ ، فلا فرق في ذلك بين المتناهي وغير المتناهي أصلا.

قيل : الحكم بعروض العدم اللاحق بعد الوجود على جميع الممكنات الموجودة ـ كما أخذ في هذه المقدّمة ـ منقوض ببعض الموجودات الممكنة كالزمان ، فانّ العدم الطاري بعد الوجود ممتنع عليه. وإذا امتنع عليه العدم الطاري يكون بقاؤه واجبا بالذات ، لأنّ أحد الطرفين إذا كان ممتنعا بالذات يكون الطرف الآخر واجبا بالذات ـ على ما تقرّر في موضعه ـ ، فلا يكون الزمان محتاجا إلى العلّة المبقية ، ولا يجوز عليه طروّ العدم بعد الوجود.

وأجاب عنه بعض الافاضل بما هو المشهور في الجواب عن الشبهة المشهورة على امكان الزمان ؛ وحاصل الجواب : انّه لا يلزم من امتناع العدم الطاري على الزمان أن يكون بقاؤه واجبا بالذات حتّى لا يحتاج في الوجوب اللاحق إلى علّة ، لأنّ ما ثبت في موضعه انّ أحد النقيضين إذا كان ممتنعا بالذات يكون النقيض الآخر واجبا بالذات ، وما نحن فيه ليس كذلك ؛ لأنّ نقيض الوجود البقائي هو رفع الوجود البقائي ، ورفع الوجود البقائي يتصور على وجهين : أحدهما : أن لا يوجد الزمان من بدو الأمر ، وثانيهما : أن يرفع وجوده البقائي من بعد الوجود. وهذا وان كان ممتنعا لكن لا يلزم من امتناع الأخصّ امتناع الأعمّ ، لأنّ رفع الوجود البقائي يتصوّر من وجهين ـ كما ذكرنا ـ ، فرفع الوجود البقائي ممكن في ضمن أحد فرديه وإن كان ممتنعا في ضمن فرده الّذي هو العدم بعد الوجود.

وأنت تعلم انّ هذا الجواب يؤكّد النقض ويقوّي الاشكال ، لأنّ مناط الاشكال والمحذور هنا عدم جواز طريان العدم بعد الوجود على الزمان وعدم احتياجه إلى العلّة المبقية ، وما ذكر في النقض ـ : من لزوم كون بقائه واجبا بالذات ـ لا دخل له بالمقام ، وانّما هو شبهة على حدة أورد على امكان الزمان ، وغير خفيّ انّ هذا الجواب انّما يرفع هذه الشبهة الّتي لا دخل لها في المقام ، ولا يرفع أصل المحذور هنا ـ وهو عدم احتياج الزمان إلى العلّة المبقية ـ ، لانّ جواز العدم على الزمان ابتداء غير نافع في المقام ،

٨٨

فانّ الكلام في انّه إذا وجد الزمان يمتنع عليه حينئذ العدم لذاته ، فلا حاجة إلى العلّة المبقية. وجواز رفع الوجود البقائي في ضمن عدم التحقّق من بدو الأمر لا يقدح في ذلك اصلا ـ كما لا يخفى ـ. على أنّه لو سلّم عدم احتياج الزمان إلى العلّة المبقية لذاته لجاز أن يستند غيره في أصل الوجود وفي البقاء إليه ، فيلزم عدم احتياج شيء من الأشياء في البقاء وغير الزمان في أصل الوجود أيضا إلى الواجب ، فيصير الاشكال أقوى.

والحقّ في الجواب عن النقض المذكور أن يمنع كون امتناع طروّ العدم بعد الوجود على الزمان لذاته ، بل هو جائز عليه بالنظر إلى ذاته الممكنة ، والامتناع انّما نشأ لأجل غيره. وما ذكروه في بيان امتناع العدم الطاري عليه انّما يدلّ على مجرّد الامتناع ، لا على كونه لذاته.

فإن قيل : يحتمل أن يكون الامتناع لذاته ، ومجرّد الاحتمال يكفى في ايراد الإشكال ؛

قلت : البراهين الدالّة على افتقار كلّ ممكن باق في البقاء إلى المؤثّر يدلّ على احتياج الزمان في البقاء أيضا إلى / ٢٠MA / ذلك المؤثّر الّذي اوجده ، هذا.

مع أنّا أوّلا نمنع كون الزمان موجودا خارجيا ، بل هو أمر اعتباري ينتزع من الحركة الدورية ، وغاية الأمر وجود الآن السيال الراسم للزمان في الخيال كالحركة بمعنى التوسط الراسمة للحركة بمعنى القطع في الخيال ، والفرق بين الزمان والحركة بمعنى القطع الموجودية وعدمه غير معقول ، كالفرق بين الآن السيال والحركة بمعنى التوسط.

وثانيا نمنع الفرق بين غير الزمان وبين الزمان في الاحتياج إلى العلّة في البقاء ، ودليل الاحتياج مشترك.

وأمّا ما ذكروه في بيان عدم احتياجه في البقاء إلى العلّة غير تامّ ؛ هذا.

وقد أجاب بعض الأفاضل عن النقض المذكور : بأنّ الممتنع على الزمان انّما هو العدم الطاري الزماني لا العدم الطاري الدهرى ؛

وقال بعض اهل التحقيق : هذا الجواب من الخيالات الّتي لا أجد لها وجه

٨٩

معقولية! ، وانّما اخترعه السيد المحقّق الداماد ـ قدس‌سره ـ وتبعه من اقتدى به من تلامذته مثل هذا المجيب.

ولعلّك تعرف حقيقة ما اخترعه السيّد ـ رحمه‌الله ـ في بعض المباحث الآتية.

وبما ذكرنا من جواز طريان العدم على كلّ ممكن بالنظر إلى ذاته والامتناع على بعض الممكنات لو سلّم فانّما هو لأمر خارج ، يندفع ما أورده بعض الافاضل : بانّ العقل لا يقصر عن تجويز امتناع طريان العدم على بعض الممكنات ، فلا بدّ / ٢٠DA / لجوازه على جميع الممكنات من دليل. ولا يتوهمنّ من ذلك لزوم انقلاب الذات ، إذ هو عبارة عن أن يكون شيء واجبا أو ممكنا أو ممتنعا بالذات ، ثمّ تبدّل في زمان من الأزمنة بغيره. ولا يلزم من امتناع العدم الطاري على ممكن تبدّل في ذاته ، إذ مقتضى مفهوم الممكن جواز مطلق الوجود والعدم عليه ، لا جواز جميع انحاء الوجودات والعدمات عليه. نظيره انّ ذات الواجب يقتضي الاتصاف بالوجود المطلق وذلك لا ينافي امتناع اتصافه بخصوص بعض انحائه ـ كالوجود المسبوق بالعدم ـ ، وانّ الممتنع يقتضي الاتصاف بالعدم المطلق مع انّه لا يجوز اتصافه بالعدم المسبوق بالوجود ، وليس في شيء من ذلك انقلاب وتبدّل في ذاتيهما. فعلى ذلك يجوز أن يمتنع على بعض الممكنات خصوص بعض العدمات كالعدم المطلق ـ على ما صرّح به جمهور الفلاسفة في مثل الهيولى مما اعتقدوا فيه القدم ، وفي مثل النفوس الناطقة من الحوادث ، بل في كلّ ممكن سوى الصور والاعراض من الأمور الحالّة ـ. وكذا يجوز أن يمتنع خصوص بعض الوجودات على الممكن كالوجود السابق ، كما احتجّ به بعض المتكلمين في منع جواز أزلية الممكن مطلقا عند دفع بعض شبه (١) الفلاسفة في قدم العالم ، وكالوجود المعاد وقد تمسّك به بعضهم في منع جواز اعادة المعدوم ؛ انتهى حاصل كلامه.

وأنت تعلم انّ الفرق قائم بين العدم اللاحق للممكن والوجود المسبوق بالعدم للواجب ، وشتّان ما بينهما!. فانّ الوجود المسبوق بالعدم مناف للحقيقة الواجبة والعدم اللاحق غير مناف للحقيقة الامكانية ، بل هو من مقتضياتها ، فامتناعه عليها لو

__________________

(١) الاصل : شبهة.

٩٠

سلّم انّما هو لأمر خارج ولولاه لزم التناقص بين كلام الحكماء ، فانّهم مصرّحون باحتياج كلّ ممكن في البقاء إلى المؤثّر ، ولو امتنع العدم اللاحق على جميع الجواهر الممكنة لذاتها لم يحتج شيء منها إلى المؤثّر في البقاء ، فيلزم التناقض.

وثانيهما ـ أي : ثاني التقريرين للمقدمة (١) المذكورة ـ : أن لا يحمل لفظ « طريان العدم » بظاهره ، بل يراد به عدم الوجود من بدو الأمر. وتقريرها حينئذ : انّ جميع الممكنات إذا لم يتحقّق فيها واجب لذاته في حكم ممكن واحد في امكان عدمه بدلا عن وجوده ، وذلك لانّه وإن امتنع عدم كلّ واحد مع وجود علّته لكن عدمه مع عدم جميع علله الممكنة ممكن ، فيجوز عدم الجميع رأسا بان لا يصير شيء من سلسلة الممكنات موجودا ، لانّ جميع السلسلة الّتي لا يوجد فيها ما يجب وجوده ويمتنع عدمه لذاته سواء كانت متناهية أو غير متناهية بينها ترتّب العلية والمعلولية أم لا يجوز عدمها بأسرها ، لعدم استحالة ذلك ؛ لا بالنظر إلى ذات كلّ واحد منها لامكانها ، ولا بالنظر إلى عللها ، لأنّها أيضا ممكنة. وإذا جاز عليها العدم بهذا النحو ـ أي : العدم بالكلّية ـ بحيث لا يوجد شيء منها من بدو / ٢٠MB / الأمر فهي في حكم ممكن واحد في جواز طريان هذا النحو من العدم عليها. وجواز هذا النحو من العدم عليها بالنظر إلى ذاتها كاف في امكانها وكونها في حكم ممكن واحد ، ولا يلزم جواز جميع انحاء العدم للممكن ، فانّ بعض الممكنات ما يمتنع عليه بعض انحاء العدم ـ كما يقولون في العدم الطاري على وجود الزمان ـ. ومثله ما قالوا انّه يمتنع طريان الوجود بعد العدم اللاحق على الموجود. واذ ثبت كون جميع الممكنات الصرفة في حكم ممكن واحد فترجّح وجوده على عدمه لا بدّ له من علّة خارجة عنه واجبة لذاته ، وهو واجب الوجود لذاته وإله الكلّ وصانعه.

وعلى هذا التقرير لا يتوجّه النقض بالزمان أصلا ، وتصير المقدّمة بديهية غير محتاجة إلى البرهان. وانّما برهنا عليها لاشتباهها على جماعة نظرا إلى تحقّق نوع خفاء في تصوّر اطرافها. وقد نبّه عليها بعض الفضلاء بأنّ كلّ واحد من آحاد سلسلة

__________________

(١) الاصل : وثانيهما انّ ثانى المقدمتين التقريرين للمقدّمة.

٩١

الممكنات لا يوجد إلاّ إذا وجب بالغير ، والوجوب بالغير في قوّة قضية شرطية ، بمعنى أنّه لو وجد ذلك الغير وجد ذلك الواحد ، فوجود ذلك الغير بمنزلة وضع المقدّم. وإذا كان كلّ واحد من تلك الاغيار الّتي هي العلل الموجبة موجودا بالغير غير منته إلى موجود لذاته كان بمنزلة شرطيات غير متناهية غير منتهية إلى وضع مقدّم ، فلا يلزم وجود شيء منها.

وأورد عليه : بأنّ عدم انتهائها إلى وضع مقدّم لا يدلّ على عدم وضع مقدم ، كيف؟! وهاهنا وضع مقدّمات غير متناهية وهي الوجودات الغير المتناهية على التقدير المذكور ؛

وأجيب عنه : بانّ الكلام في انّه إذا كان وجود كلّ منها على هذا الوجه كيف تحقّق ذلك وخرجت السلسلة إلى الوجود ، وما ذكرتم انّما يصحّ بعد فرض الكلّ موجودا ، فلا يجدي!.

وأمّا المقدّمة الثانية ـ أي : كون مجموع الممكنات موجودا واحدا ممكنا غير كلّ واحد ـ ، فيدلّ عليه : انّه إذا اجتمعت آحاد في الخارج سواء كانت مرتّبة أو غير مرتّبة وسواء كانت متناهية أو غير متناهية تحصل لها / ٢٠DB / هيئة مجموعيّة وحدانيّة غير كلّ واحد واحد من الآحاد ، فالمجموع شيء واحد له وجود واحد كالممكن الواحد ، فلا بدّ لها من علّة كالممكن الواحد.

وأورد عليه : بانّه ليست لمثل هذا المجموع وحدة إلاّ بمحض الاعتبار ، ولا وجود له سوى وجودات الآحاد.

والجواب : انّه وان لم تكن للمجموع وحدة خارجية ولا وجود واحد خارجيّ إلاّ أنّ العقل يمكنه أن يفرضه شخصا واحدا موجودا ، وبعد هذا الفرض يحكم بافتقاره إلى العلّة الموجبة كالممكن الواحد ، وبه ثبت المطلوب ؛ ولا يتوقّف المطلوب على الوحدة الخارجية ولا الوجود الخارجي.

وقد أورد على تلك المقدّمة أيضا : بانّه لو حصل من وجود كلّ متعدّد وجود مجموع هو موجود واحد غير كلّ واحد من آحاده للزم من وجود الاثنين وجود ثالث

٩٢

وهو المفروض لوصف الاثنينية والمجموع الحاصل من اعتبار جزئية كلّ من الاثنين ، فيحصل الثلاثة ومن وجود الثلاثة يحصل وجود رابع وهو المجموع الحاصل من اعتبار جزئية كلّ واحد من الاثنين المفروضين أوّلا واعتبار جزئية المجموع المركّب منهما ، فيحصل الأربعة ومن وجود الأربعة يحصل خامس وهكذا إلى غير النهاية ؛ فيلزم من وجود الاثنين وجود الموجودات الغير المتناهية ؛

واجيب عنه : بانّ الرابع الّذي حصل من اجتماع الثلاثة اعتباري محض ولا تحقّق له في الخارج اصلا ، لأنّ الرابع هو المجموع الحاصل من اعتبار جزئية كلّ واحد من الاثنين وجزئية المجموع المركب منهما ، فلو تحقّق في الخارج لزم اعتبار كلّ واحد من الاثنين فيه مرّتين ، والمفهوم الحاصل من اعتبار مفهوم فيه تكرار لا يمكن أن يكون موجودا في الخارج ، بل لو صحّ ذلك فانّما هو في الاعتباريات فقط والتسلسل فيها ينقطع بانقطاع اعتبار العقل.

وأنت تعلم أنّ الثالث أيضا اعتباري ، لانّه ليس في الخارج إلاّ الاثنين وليس فيه ثالث يكون له وجود على حدة ؛ إلاّ انّ الاثنين لمّا كانا موجودين في الخارج فاذا انتزع العقل منهما ثالثا يكون هذا الثالث اعتباريا له منشأ انتزاع في الخارج ، فيمكن (١) للعقل أن يجري عليه احكام الموجودات الخارجية ، وأمّا الرابع فلمّا كان بعض ما ينتزع ـ وهو الثالث ـ اعتباريا فلا يكون منشأ انتزاعه موجودا في الخارج ، فلا يمكن للعقل أن يجري عليه احكام الخارجيات ـ لتوغّله في الاعتبارية ـ ؛ والخامس في الاعتبارية أشدّ من الرابع والسادس اشدّ من الخامس وهكذا.

فائدة

اعلم! أنّ القوم صرّحوا بانّ ما تقدّم من منهج الالهيين الّذي يستدلّ فيه بالوجود والموجود أوثق واشرف من المناهج الآتية الّتي اعتبر فيه الامكان أو الحركة أو حدوث الخلق أو امكانه بشرط الحدوث ، و/ ٢١MA / قد حكم الشيخ الرئيس أيضا بانّ

__________________

(١) الاصل : فيحكم.

٩٣

منهج الالهيين أوثق وأشرف حيث قال في الاشارات بعد الاستدلال عليه ـ تعالى ـ من طريقة الوجود من حيث هو : تأمّل كيف لم يحتج بياننا لثبوت الأوّل ووحدانيته وبراءته عن الصمات إلى تامّل لغير نفس الوجود ، ولم يحتج إلى اعتبار من خلقه وفعله؟!. وإن كان ذلك دليلا عليه لكن هذا الباب اوثق واشرف. ثمّ جعل قوله ـ تعالى ـ : ( سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ ) اشارة إلى طريقة غير الالهيين من اعتبار الخلق والفعل ، وقوله : ( أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) اشارة إلى طريقة الإلهيين ؛ ووصفها بطريقة الصديقين الّذين يستشهدون بالحقّ لا على الحقّ (١).

ثمّ الحقّ في وجه أوثقية هذا المنهج أمّا بالنسبة إلى طريقة الطبيعيين فلابتنائها على مقدّمات يشكل اثباتها ـ كما يأتي ـ ؛

وأمّا بالنسبة إلى طريقتى (٢) المتكلمين فلابتنائهما على حدوث العالم الّذي يشكل اثباته بالدليل العقلي ، فانّ الحقّ إنّ اثباته يتوقّف على اثبات الواجب ، فقبله لا يمكن اثباته بوجه تطمئنّ به النفوس. وظهور مجرّد حدوث الحوادث بل حدوث العالم الجسماني لا يفيد المطلوب ، لامكان انتهاء السلسلة إلى قديم جسماني أو غير جسماني ممكن هي يكون هو المحدث للحوادث ، فانّه يلزم على ما ذهبوا إليه من أنّ علّة الحاجة هي الحدوث أو الامكان بشرط الحدوث شطرا أو شرطا عدم احتياج القديم إلى المؤثر وإن كان ممكنا ، والتمسّك بدلالة خارجية على امتناع القديم الممكن كلام آخر ؛ بل يتوقّف على جعل علّة الحاجة هي الامكان. وأيضا : القول بانّ العلّة المحوجة هي الحدوث أو الامكان بشرط الحدوث خلاف التحقيق ـ كما مرّ ـ.

وأمّا اوثقيته بالنسبة إلى طريقة الامكان الوقوعي ، فلأنّ الامكان الوقوعي

__________________

(١) راجع : الاشارات والتنبيهات ، الفصل التاسع والعشرون ـ وهو آخر فصول النمط الرابع ـ المطبوع مع الشرح للطوسى والمحاكمات ج ص ٣ ص ٦٦ ؛ شرحي الاشارات ج ١ ص ٢١٤.

وانظر أيضا : الحكمة المتعالية ج ٦ ص ١٤. شرح المقاصد ج ٤ ص ٢٢.

(٢) الاصل : طريقة.

٩٤

يتوقّف على الوجود ، وبدونه لا يمكن الحكم به ـ كما يأتي مفصّلا ـ.

وقيل : وجه الاوثقية كون هذا المنهج أشبه الإنّيات / ٢١DA / باللمّ الّذي هو أوثق البراهين ، لا كونه لمّيا. لانّ البرهان اللمي هو الاستدلال بالعلّة على المعلول ولا علّة للأوّل ـ تعالى شأنه ـ حتّى يستدلّ بها عليه ، كيف وجميع ما يستدلّ به عليه في هذا المنهج من موجود معيّن أو موجود منتشر أو جميع الموجودات أو الموجود أو الوجود من حيث هو معلول له؟!. فانّ الوجود المطلق الّذي نحن نستدلّ به عليه ليس إلاّ ما شاهدناه وانتزعناه من الممكنات الموجودة ، فانحصر طريق الاستدلال عليه ـ تعالى ـ بالبرهان الإنّي الّذي هو الاستدلال بالمعلول على العلّة. إلاّ أنّ الاستدلال بمثل هذا المعلول الّذي هو الوجود والموجود اشبه الانيات باللمّ في افادة اليقين ، بل يكاد أن يكون في مرتبته كما صرّح به الشيخ الرئيس ، فانّه صرّح بانّ الاستدلال باللوازم المنتزعة عن حاقّ الملزوم قريب باللمّ في افادة اليقين. وهذا المنهج لكونه نظرا في الموجود والوجود من حيث هو ، كذلك ؛ فانّ مفهوم الوجود انّما ينتزع من ذاته ـ تعالى ـ بذاته من غير اعتبار قيد زائد على ذاته. ويؤكّده ما تقرّر في فن البرهان : انّ اوثق البراهين ما يكون حدّ الوسط فيه حال جوهر ذات الموضوع. وما نحن فيه كذلك ، لانّ قولنا بعض الوجود واجب الاستدلال عليه من حال جوهر الموجود والوجود وطبيعته لأنّ الموضوع هو الموجود وحدّ الوسط الّذي يقع الاستدلال به هو وجود الموجود وطبيعته ، وهو ظاهر.

لا يقال : الاستدلال إنّما يقع من الموجود المعلوم المشاهد لا من طبيعة الوجود المنتزعة من ذات الواجب ، والموجود المعلوم المشاهد ليس منتزعا عن ذات الواجب ـ تعالى ـ ؛ لأنّا نقول : ما يحصل به الاستدلال من الموجود المشاهد المعلوم ليس هو تعينه الخاصّ ولا ماهية الخاصّة ولا وجوده الخاصّ ولا الحصّة المعينة من الموجود العامّ الّذي في ضمنه ، بل ما ينتزع منه ومن كلّ موجود من الوجود العامّ المطلق الّذي هو مشترك معنوي بين الواجب وبين غيره ، ولا ريب في انّه من اللوازم المنتزعة منه ـ تعالى ـ. ومن هذا يظهر وجه ما ذكره الشيخ من وقوع الاستشهاد حينئذ بالحقّ

٩٥

لا عليه ، لأنّ هذا الوجود المطلق لمّا كان منتزعا منه ـ تعالى ـ فهو وجه من وجوهه وليس شيئا خارجا عنه ، فكانّه استشهد به عليه.

هذا ما يقتضيه نظر الحكيم والمتكلّم.

وأمّا الصوفية فانّهم قالوا : للوجود ثلاث مراتب :

الأوّل : الوجود المطلق / ٢١MB / المعرّى عن جميع القيود ـ أي بشرط لا شيء ـ ، وهو الّذي جعلوه عين ذات الواجب الحقّ ـ تعالى شأنه ـ ؛

الثانى : الوجود المطلق لا بشرط شيء من القيود ، وهو الوجود المنبسط ؛

والثالث : الوجود بشرط القيود ، وهو وجود الممكنات (١). وقالوا : التغاير في هذه المراتب بمجرّد الاعتبار. فالاستشهاد من الثاني على الأوّل بل ومن الثالث عليه يكون استشهادا بالحقّ عليه ، لا من غيره ، لانّ كلّ واحد من المرتبتين الأخيرتين شأن من شئون الأوّل وتنزّل من تنزلاته ، فلا يقع الاستشهاد بأمر خارج ، فتأمّل!.

ثمّ لا يخفى انّ صحّة الوجه المذكور يتوقّف على أوثقية برهان اللمّ على الإنّ ، وسيأتى ما فيه ؛ هذا.

وقال بعض الفضلاء : حكم الشيخ بأوثقية منهج الالهيين باعتبار انّه لا يحتاج إلى اعتبار حدوث أو حركة ، بل يكفى التمسّك بأصل الوجود ؛ بخلاف المناهج الأخرى ، فانّه لا بدّ فيها من بيان وجود حادث أو متحرّك ، وهذا وإن كان ظاهرا لكن لا شكّ انّ الأوّل أوثق ؛ انتهى.

وفيه : انّ حكم الشيخ بانّه طريقة الصديقين الّذين يستشهدون بالحقّ لا عليه لا يلائم هذا التوجيه ، كما لا يخفى.

وقيل : وجه الأوثقية عدم ورود الايرادات الموردة على طريقة الامكان من جواز الأولوية الذاتية وشبهة ما قبل المعلول الأخير وغيرهما ؛

وفيه : أنّها ترد على منهج الالهيين أيضا والجواب مشترك.

والأكثر مصرّحون بانّ الوجه في أوثقية منهج الالهيين كونه لمّيا دون ساير

__________________

(١) راجع : نفحات الأنس ص ٥٥٤.

٩٦

المناهج ، ولمّا توقّف اثبات مدّعاهم على بيان أمرين ـ الاوّل : بيان كون البرهان اللمّى أوثق من الإنّي ، والثانى : بيان كون هذا المنهج لمّيا دون ساير المناهج ـ فقالوا في بيان الاوّل : وثاقة الدليل انّما هو لأجل افادته اليقين ، فكلّ ما كان افادته لليقين كلّيا واتمّ كان أوثق وأحكم ، وما يفيد اليقين الكلّي التامّ انّما هو برهان اللمّ دون الإنّ. امّا عدم افادته لليقين كلّيا لما ثبت واشتهر بين القوم من انّ العلم اليقيني الكلّي بما له سبب لا يحصل إلاّ من سببه ، فالإنّ فيما له سبب لا يفيد اليقين لتوقّف العلم اليقيني به على العلم من جهة سببه ؛ وقد صرّح به الشيخ في الشفا حيث قال ما حاصله : انّ الشيء إذا كان له سبب لم يتيقّن إلاّ بسببه ، فان كان / ٢١DB / الأكبر للأصغر لا بسبب بل لذاته وكان بيّن الوجود للأصغر ثمّ الأكبر بيّن الوجود للاوسط فينعقد برهان يقيني ، ويكون برهانا إنّيا لا لمّيا. وقال في موضع آخر ما حاصله : انّ برهان الإنّ يعطى اليقين في بعض المواضع ، وأمّا فيما له سبب فلا يعطى اليقين. وقد صرّح بذلك المحقّق الطوسى أيضا في مقام ترجيح طريقة الالهيين ، حيث قال بعد حكم الشيخ في الاشارات بأوثقية منهج الالهيين : وذلك لأنّ اولى البراهين باعطاء اليقين هو الاستدلال بالعلّة على المعلول ، وأمّا عكسه ـ : الّذي هو الاستدلال بالمعلول على العلّة ـ فربّما لا يعطى اليقين إذا كان للمطلوب علّة لم يعرف بها (١).

وامّا عدم افادته لليقين التامّ فلما اشتهر بينهم من انّ العلم بالعلّة يوجب العلم التامّ بالمعلول بخلاف العكس ، فانّ العلم بالمعلول لا يوجب إلاّ العلم الناقص بالعلّة.

ويرد على الأوّل : أمّا أوّلا : فبانّ البرهان ما افاد اليقين ، وبرهان الإنّ قسم منه ، والمقسم وما يعتبر فيه معتبر في القسم ، فكيف لا يفيد بعض اقسام الإنّ اليقين؟!. وتوضيح ذلك : انّ المنطقيّين قد ذكروا انّ كلّ قياس حمليّ لا بدّ فيه من مقدّمتين مشتركتين في حد يسمى بالحدّ الوسط ، لانّ نسبة محمول المطلوب إلى موضوعه لمّا فرضت نظرية مجهولة فلا بدّ من أمر ثالث يفيد العلم بتلك النسبة ، وإلاّ كفى تصوّر

__________________

(١) راجع : شرح الطوسي على الاشارات ، المطبوع مع المحاكمات ج ٣ ص ٦٦. شرحي الاشارات ج ١ ص ٢١٤.

٩٧

الطرفين في العلم بتلك النسبة ، فلا تكون نظرية مجهولة بل بديهية معلومة ، وهو خلاف الفرض. وهذا الأمر الثالث هو الأوسط الموجود في كلتا المقدّمتين المسمّيتين بالصغرى والكبرى ، وتتفرّد الصغرى بحدّ هو موضوع المطلوب ويسمّى « أصغر » ، والكبرى بحدّ هو محمول المطلوب ويسمّى « أكبر » ، فكلّ قياس حمليّ يشتمل على ثلاثة حدود : الاصغر ، والاكبر ، والاوسط. ثمّ الأوسط في القياس البرهاني ـ وهو ما صحّ تركيب مقدّمتيه وكانت المقدّمتان يقينيّتين ـ لا بدّ أن تفيد الحكم بثبوت الأكبر للأصغر ، فيكون علّة لثبوت الحكم ـ أي : ثبوت الأكبر للأصغر ـ في الذهن ، فانّ كان مع ذلك / ٢٢MA / علّة لثبوت الأكبر للأصغر في الخارج يسمّى البرهان « برهان لمّ » ، وإلاّ يسمّى « برهان انّ ». ثمّ قسّموا البرهان الإنّي إلى ما يكون الأوسط فيه معلولا لوجود الأكبر في الأصغر ، وما يكون كلاهما فيه معلولا لشيء ثالث ، وما يكونان متضايفين. والأشهر عندهم هو القسم الاوّل ، والثالث غير معروف لقلّة فائدته ؛ وربما يخصّ الأخيران باسم الدليل.

هذا حاصل كلامهم في تقسيم البرهان.

وهم (١) كما ترى عرّفوا البرهان بما كان مقدّماته بيّنة وكان تركيبها معلوم الصحّة ، وجعلوه مقسما للمّي والإنّي وصرّحوا بلزوم النتيجة المطلقة. فكلامهم صريح في افادة كلّ منهما العلم اليقيني القطعي ، لانّه إذا صحّ الملزوم صحّ اللازم أيضا ـ لعدم جواز انفكاك الملزوم عن اللازم ـ. فمن ادّعى عدم افادة الإنّ اليقين لزمه القدح إمّا في تحديد البرهان ، أو في كونه مقسما للّمّ والإنّ ، أو في كون النتيجة لازمة ، والكلّ باطل. فتحقّق بذلك اشتراكهما في افادة العلم اليقينى ولا فرق بينهما إلاّ في المطلوب ـ : في اللمى انّما يعلم من جهة العلم بما اوجبه وأوجده في الخارج أعني لمّه وعلته ، وفي الإنّي انّما يعلم من جهة أخرى ، فلا يعلم معه لمّه وعلّته ، بل المعلوم وجوده فقط ـ.

فان قيل : كلام المنطقيين في هذا المقام لا يخلوا عن اختلال ، لانّهم في تقسيم البرهان إلى اللمّي والإنّي جعلوا مناط التقسيم حال الأوسط بالنسبة إلى الأكبر و

__________________

(١) النسختين : هو.

٩٨

الأصغر ، وهو يقتضي أن يكون البرهان منحصرا في الاقترانى الحملي لعدم اصطلاحهم هذه الحدود ـ أعني : الأوسط والأصغر والأكبر ـ في غير الاقترانى الحملي من الاقيسة ، مع انّهم صرّحوا بأنّ البرهان هو القياس المؤلّف ـ وهو اعمّ من أن يكون استثنائيا أو اقترانيا حمليا أو شرطيا ـ ، ففي ظاهر كلامهم تدافع ؛

قلنا : ملاحظتهم لحال الحدود المختصّة بالاقترانى الحملى مسامحة منهم. والباعث على تلك المسامحة كون الاقتراني الحملي أعرف من ساير الأقيسة وظهور امكان ارجاعها إليه ، فكان غيره من الأقيسة حملي اقتراني بالقوّة مشتمل على تلك الحدود.

والحاصل : انّ اللمّ والإنّ من الاقسام الأولية للبرهان ويتأتّى في جميع الأقيسة من الاستثنائى والاقتراني والشرطي ، إلاّ أنّ جعلهم مناط التقسيم ما يختصّ بالاقتراني الحملي لأعرفيته وامكان ارجاع غيره إليه. والجواب بانحصار البرهان في الاقترانى الحملي وجعل تعريفه على الوجه الأعمّ مسامحة. إذ الاعتراف بعموم البرهان والتزام انّ اللمّ والإنّ ليسا من اقسامه الاوّلية بل من اقسام أحد أنواعه ـ اعني : الاقترانى الحملي ـ فلا ينحصر البرهان بهما وتقسيمه إليهما أوّلا على / ٢٢DA / سبيل الحصر مسامحة يخالف قواعد القوم واصولهم ـ كما لا يخفى ـ.

وامّا ثانيا : فلانّ دعوى أنّ العلم اليقيني بذي السبب لا يحصل إلاّ من العلم بسببه ممنوعة ، فانّه يجوز أن يحصل العلم القطعي بوجوده من الاحساس أو الالهام أو الكشف أو الحدس أو اخبار من علم صدقه بالبرهان. وأيضا نحن نقطع من وجود معلول وجود علّة له ـ كما هو شأن برهان الإنّ ـ وإن كانت لتلك العلّة علة أيضا ، فلا ينحصر طريق العلم بذي السبب في جهة العلم بالسبب.

وأمّا ثالثا : فلانّ الواجب ـ تعالى شأنه ـ ممّا ليس له علّة وسبب ، فالبرهان الإنّ فيه برهان فيما سبب له ، فيفيد العلم اليقيني وهو ظاهر.

ويرد على الثاني ـ أعنى : كون العلم بالعلّة موجبا للعلم التامّ بالمعلول بخلاف العكس ـ : انّ ايجاب العلم بالعلّة للعلم التامّ بالمعلول انّما هو مسلم إذا كانت العلة تامّة وعلمت على الوجه التامّ ـ أي : بذاتها وحقيقتها المعينة مع جميع لوازمها وملزوماتها

٩٩

وعوارضها ومعروضاتها وما لها في نفسها وما لها بالقياس إلى غيرها ـ ، وقد صرّح بذلك جمع من المحقّقين منهم المحقّق الطوسى ـ رحمة الله عليه ـ في شرح رسالة العلم (١) ؛ وأنّي يحصل ذلك لأحد؟! لتوقّفه على العلم بعلّة تلك العلّة وعلّة علّتها وهكذا ، فامّا يلزم التسلسل أو الانتهاء إلى ما لا علّة له ، أو ما لا يعلم من جهة علّته فلا يعلم على الوجه التامّ. وإذا لم يعلم الموقوف عليه على الوجه التامّ فلا يعلم الموقوف أيضا على الوجه التامّ. على انّ الشيخين ـ : الفارابي وابن سينا ـ صرّحا بانّه لا يمكن للبشر أن يعلم شيئا بحقيقته ؛ قال الفارابى في تعليقاته : الوقوف على حقائق / ٢٢MB / الاشياء ليس في قدرة البشر ونحن لا نعرف من الأشياء إلاّ الخواصّ واللوازم والاعراض (٢). وبمثله صرّح الشيخ في رسالة الحدود واطال الكلام فيه بما لا مزيد عليه (٣).

وبه يظهر فساد قول من زعم من المتكلّمين انّه يمكن تحصيل العلم بالحقائق بل وقوعه حتّى (٤) بحقيقة الله ـ تعالى ـ ، وكيف يمكن ذلك والقول به بعد اقرار سيّد الرسل ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ بالعجز عن حقّ المعرفة (٥)؟!. هذا كلّه ؛ مع انّه لو امكن العلم بالعلّة بحقيقتها وجميع لوازمها وكان ذلك موجبا للعلم التامّ بالمعلول بحقيقته ولوازمه وملزوماته كان ذلك موجبا للعلم التامّ بالعلّة والفرق بينهما تحكّم.

قيل : العلم بالعلّة يفيد العلم بخصوصية المعلول وذاته المعينة المخصوصة ، وامّا العلم بالمعلول فلا يفيد العلم بالعلّة المعينة المخصوصة ، بل يفيد العلم بعلّة ما ، لأنّه لامكانه وتساوي الطرفين إلى مهيته محتاج إلى علّة من العلل ، فالعلم به يوجب العلم بعلّة ما. فالبرهان الإنّي من حيث اعتباره استدلالا من المعلول على علّة ما يفيد اليقين ومن حيث اعتباره استدلالا على العلّة المعينة فلا يفيد اليقين ، فهنا علم نظري

__________________

(١) راجع : رسالة شرح مسئلة العلم ، ص ٤٢.

(٢) راجع : التعليقات ، ص ٤٠.

(٣) راجع : رسالة الحدود ، ص ١ ، حيث يقول الشيخ : ... فاستعفيت من ذلك علما بانّه كالأمر المتعذّر على البشر ...

(٤) الاصل : ـ حتّى.

(٥) اشارة إلى قول النبي ـ ٦ ـ : ما عرفناك حقّ معرفتك. راجع : بحار الأنوار ، ج ٦٩ ، ص ٢٩٢ ، ج ٧١ ، ص ٢٣. وانظر : شرح القيصري على فصوص الحكم ـ الطبعة الحجرية ـ ، المقدّمات ، ص ٥ ، القائمة ٢.

١٠٠