جامع الافكار وناقد الانظار - المقدمة

مجيد هاديزاده

جامع الافكار وناقد الانظار - المقدمة

المؤلف:

مجيد هاديزاده


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة انتشارات حكمت
المطبعة: نور حكمت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٧

١
٢

٣
٤

تصحيح

اين اثر را ، با كمال

فروتنى به مادر فرزانه ام

تقديم مينمايم. أمدّ الله في ظلالها و

جعلني عن كلّ مكروه فداها.

مصحّح

٥
٦

الفهرس

الإجمالي لمحتويات الكتاب

مقدمة الناشر................................................................ ١١

مقدمة المصحح.............................................................. ٢١

مقدّمات الكتاب.............................................................. ٣

المقدّمة الأولى : في إبطال ترجّح المساوي والمرجوح وترجيحهما..................... ٤

المقدّمة الثانيّة : في أنّ طرفي المعلول ما لم يجب لم يقع.............................. ٥

المقدّمة الثالثة : في ابطال وجود الممكن بنفسه وبأولوية ذاتية أو خارجية ، واثبات انّه لا يوجد إلاّ بعلّة خارجيّة ٦

المقدّمة الرابعة : في أنّ الممكن كما يحتاج في وجوده إلى العلّة يحتاج في بقائه ـ أيضا ـ إليها ٣٨

المقدّمة الخامسة : في ابطال الدور والتسلسل.................................... ٤٢

المقالة الأولى : في اثبات الواجب الوجود لذاته.................................. ٥٩

المسلك الاوّل : مسلك الحكماء............................................... ٦١

المنهج الأوّل : منهج الإلهيّين منهم............................................. ٦١

تتميم...................................................................... ٨٦

٧

فائدة....................................................................... ٩٣

المنهج الثاني : منهج بعض الحكماء ، وهو الاستدلال بمجرّد الامكان الوقوعي..... ١١٧

المنهج الثالث من مناهج الحكماء : منهج الطبيعيّين منهم ، وهو النظر في طبيعة الحركة ١١٩

المنهج الرابع من مناهج الحكماء : ما ذهب إليه بعضهم ، وهو ما يبتنى على النظر في النفس الناطقة الانسانية ١٣٧

المسلك الثاني : مسلك المتكلّمين............................................. ١٣٧

المسلك الثالث : مسلك أهل الكشف من الصوفيّة............................. ١٣٨

المقالة الثانية : في صفاته الثبوتية والسلبية...................................... ١٤٣

المقدّمة : في الاشارة إلى أصناف صفاته وتعديدها على الإجمال.................. ١٤٤

الباب الأوّل

في صفاته الثبوتية الكماليّة

الفصل الأوّل : في قدرته ـ تعالى ـ......................................... ١٥١

تحقيق حول كيفيّة حدوث العالم............................................. ١٧٨

تحقيق في كيفيّة ربط الحادث بالقديم......................................... ٢٣٢

تتميم : في بيان مذهب محقّق الطوسي من أقسام الحدوث....................... ٢٤١

عود إلى ما سبق من أبحاث القدرة........................................... ٢٤٤

تنبيه : بيان حقيقة معنى الايجاب والموجب.................................... ٢٧٨

تتميم : مراد المحقّق الطوسي من الايجاب...................................... ٢٩٧

تتميم..................................................................... ٣٣٦

تتميم..................................................................... ٣٥٧

تتميم..................................................................... ٣٧١

٨

تتميم..................................................................... ٣٩٤

مسئلة مهمّة............................................................... ٣٩٥

مسلك الصوفيّة في اثبات عموم القدرة....................................... ٤٥٢

فائدة..................................................................... ٤٥٣

تتميم..................................................................... ٤٥٤

الفهرس التفصيلى لمحتويات الكتاب........................................... ٤٧٩

٩
١٠

مقدمة الناشر

حياة المؤلف ( ١١٢٨ ـ ١٢٠٩ ه‍ )

هو الشيخ الجليل المولى ( محمد مهدي بن أبي ذر النراقي ) أحد أعلام المجتهدين في القرنين الثاني عشر والثالث عشر من الهجرة ، ومن أصحاب التأليفات القيمة. ويكاد أن يعد في الدرجة الثانية أو الثالثة من مشاهير علماء القرنين. وهو عصامي لا يعرف عن والده ( ابي ذر ). ولو لا ابنه هذا لذهب ذكره في طيات التأريخ كملايين البشر من أمثاله ، ولشيخنا النراقي ولد نابه الذكر ، هو المولى احمد النراقي المتوفى عام ١٢٤٤ ه‍ ، صاحب ( مستند الشيعة ) المشهور في الفقه ، وصاحب التأليفات الثمينة ، أحد أقطاب العلماء في القرن الثالث عشر. وكفاه فخرا أنه أحد أساتذة الشيخ العظيم المولى مرتضى الأنصاري المتوفى عام ١٢٨١ هـ

ولعل النراقي الصغير هذا هو من أهم أسباب شهرة والده وذيوع صيته ، لما وطئ عقبه وناف عليه بدقة النظر وجودة التأليف. كما حذا حذوه في تأليفاته. فان الأب المكرم ألّف في الفقه ( معتمد الشيعة ) ، والابن الجليل ألف مستندها. وذاك ألف في الأخلاق ( جامع السعادات ) وهذا ألّف ( معراج السعادة ) في الفارسية. وذاك ألّف ( مشكلات العلوم ) وهذا ألّف ( الخزائن ) ... وهكذا نسج على منواله وأحكم النسج.

مولده ووفاته

ولد الشيخ المترجم له ـ رحمة الله تعالى ـ في ( نراق ) كعراق (١) ، وهي قرية من قرى كاشان بايران ، تبعد عنها عشرة فراسخ. وكذا كانت مسقط رأس ولده المتقدم الذكر. ولم يذكر التأريخ سنة ولادته ، وعلى التقريب يمكن استخراجها من بعض المقارنات التأريخية ،

١١

فانه تلمذ ـ في أول نشأته على ما يظهر ـ على الشيخ المحقق الحكيم المولى اسماعيل الخاجوئي ثلاثين سنة ، مع العلم أن استاذه هذا توفى عام ١١٧٣ ه‍ ، فتكون أول تلمذته عليه عام ١١٤٣ ه‍ على أقل تقدير ، إذا فرضنا أنه لازمه الى حين وفاته. ولنفرض على أقرب تقدير أنه قد حضر عليه وهو في سن ١٥ عاما ، وعليه فتكون ولادته عام ١٢٢٨ ه‍ أو قبل ذلك.

أما وفاته فقد كانت عام ١٢٠٩ ه‍ في النجف الأشرف ، ودفن فيها ، فيكون قد بقي بعد وفاة استاذه الوحيد البهبهاني سنة واحدة ، ويكون عمره ٨١ عاما على الأقل.

وفي ( رياض الجنة ) المخطوط ، تأليف السيد حسن الزنوزي المعاصر للمترجم له ـ حسب نقل الاستاذ حسن النراقي ـ : ان عمره كان ٦٣ سنة ، فتكون ولادته سنة ١١٤٦ ه‍ وهذا لا يتفق ابدا مع ما هو معروف في تأريخه : انه تلمذ على المولى اسماعيل الخاجوئي ثلاثين سنة ، لأنه يكون عمره على حسب هذا التأريخ حين وفاة استاذه ٢٧ سنة فقط.

نشأته العلمية واساتذته

عاش شيخنا كما يعيش عشرات الآلاف من أمثاله من طلاب العلم : خامل الذكر ، فقير الحال ، منزويا في مدرسته ، لا يعرف من حاله إلا أنه طالب مهاجر ، ولا يتصل به إلا أقرانه في دروسه ، الذين لا يهمهم من شأنه إلا أنه طالب كسائر الطلاب ، يتردد في حياة رتيبة بين غرفته ومجالس دروسه ، ثم بعد ذلك لا ينكشف لهم من حاله إلا بزته الرثة التي ألفوا منظرها في آلاف طلاب العلم ، فلا تثير اهتمامهم ولا اهتمام الناس.

وبطبيعة الحال لا يسجل له التأريخ شيئا في هذه النشأة ، وكذلك كل طالب علم لا يسجل حتى اسمه ما لم يبلغ درجة يرجع إليه الطلاب في تدريس ، أو الناس في تقليد ، أو تكون له مؤلفات تشتهر. ومن هنا تبتدي معرفة حياة الرجل العالم ، وتظهر آثاره ويلمع اسمه.

ومع ذلك ، فانا نعرف عن شيخنا : ان أسبق أستاذته وأكثرهم حضورا عنده هو المولى اسماعيل الخاجوئي المتقدم الذكر. وهذا الاستاذ كان مقره في اصفهان ، وفيها توفي ودفن ؛ والظاهر أنه لم ينتقل عنها حتى في الكارثة التأريخية المفجعة التي أصابتها من الأفغانيين الذين انتهكوها بما لم يحدّث التأريخ عن مثلها ، وذلك سنة ١١٣٤ ه‍ فتكون نشأة شيخنا المترجم له العلمية في مبدأ تحصيله في اصفهان على هذا الشيخ الجليل. والظاهر أنه قرأ الفلسفة ، لأن هذا الشيخ من اساتذة الفلسفة المعروفين الذين تنتهي تلمذتهم في ذلك العصر الى المولى صدر الدين الشيرازي صاحب الاسفار. وكفى ان من تلاميذه المولى محراب ، الإلهي المعروف ، الذي طورد لقوله بوحدة الوجود ، ولمّا جاء الى إحدى العتبات المقدسة متخفيا ،

١٢

وجد في الحرم شيخا ناسكا يسبح بلعن ملا صدرا وملا محراب ، ولما سأله عن السبب في لعنهما قال : لأنهما يقولان ( بوحدة واجب الوجود ) ، فقال له ساخرا : إنهما حقا يستحقان منك اللعن!

ودرس أيضا شيخنا المترجم له ـ والظاهر أن ذلك في اصفهان أيضا ـ على العالمين الكبيرين : الشيخ محمد بن الحكيم العالم الحاج محمد زمان ، والشيخ محمد مهدي الهرندي. وهما من اساتذة الفلسفة على ما يظهر.

ولا شك أنه انتقل الى كربلاء والنجف ، فدرس على الأعلام الثلاثة : الوحيد البهبهاني الآتي ذكره ـ وهو آخر اساتذته وأعظمهم ، وتخريجه كان على يديه ـ والفقيه العالم صاحب الحدائق الشيخ يوسف البحراني المتوفى عام ١١٨٦ ه‍ ، والمحقق الجليل الشيخ مهدي الفتوني المتوفى عام ١١٨٣ ه

فجملة اساتذته سبعة ، سماهم ولده في بعض اجازاته على ما نقل عنه ب ( الكواكب السبعة ). وهم خيرة علماء ذلك العصر ، وعلى رأسهم الآقا الوحيد استاذ الاساتذة.

ولما فرغ هذا الشيخ من التحصيل في كربلاء ، رجع الى بلاده واستقام في كاشان. وهناك أسس له مركزا علميا تشدّ إليه الرحال ، بعد أن كانت كاشان مقفرة من العلم والعلماء ، واستمرت بعده على ذلك مركزا من مراكز العلم في ايران ، وليس لدينا ما يشير الى تأريخ انتقاله الى كاشان.

ورجع الى العراق ، وتوفي في النجف الأشرف ودفن فيها. والظاهر ان مجيئه هذا ـ وكان معه ولده ـ بعد استاذه الوحيد ، جاء لزيارة المشاهد المقدسة فتوفي. أما ولده فقد بقي بعده ليدرس العلم على أعلامه يومئذ ، كبحر العلوم ، وكاشف الغطاء.

عصره

يمضي القرن الثاني عشر للهجرة على العتبات المقدسة في العراق ، بل على اكثر المدن الشيعية في ايران التي فيها مراكز الدراسة الدينية العالية ـ كاصفهان وشيراز وخراسان ـ وتطغى فيه ظاهرتان غريبتان على السلوك الديني : الأولى : النزعة الصوفية التي جرّت الى مغلاة فرقة الكشفية. والثانية : النزعة الأخبارية.

وهذه الأخيرة خاصة ظهرت في ذلك القرن قوية مسيطرة على التفكير الدراسي ، وتدعو الى نفسها بصراحة لا هوادة فيها ، حتى أن الطالب الديني في مدينة كربلاء خاصة أصبح يجاهر بتطرفه ويغالي ، فلا يحمل مؤلفات العلماء الأصوليين إلا بمنديل ، خشية أن تنجس يده من ملامسة حتى جلدها الجاف. وكربلاء يومئذ اكبر مركز علمي للبلاد

١٣

الشيعية.

وفي الحقيقة أن هذا القرن يمر والروح العلمية فاترة الى حد بعيد ، حتى أنه بعد الشيخ المجلسي صاحب البحار المتوفى في أول هذا القرن عام ١١١٠ ه‍ ، لم تجد واحدا من الفقهاء الأصوليين من يلمع اسمه ويستحق أن يجعل في الطبقة الأولى ، أو تكون له الرئاسة العامة ، إلا من ظهر في أواخر القرن ، كالشيخ الفتوني الجليل في النجف المتوفى عام ١١٨٣ ه‍ ، ثم الشيخ آقا الوحيد البهبهاني في كربلاء المتوفى عام ١٢٠٨ ه‍ ، الذي تم على يديه تحول العلم الى ناحية جديدة من التحقيق.

فيبرز شيخنا المترجم له في عنفوان معركة الاخبارية والأصولية ، وساحتها كربلاء ، وفي عنفوان معركة الدعوة الى التصوف ، وساحتها اصفهان على الاكثر ، فيكون أحد أبطال هاتين المعركتين ، بل أحد القواد الذين رفعوا راية الجهاد بمؤلفاته وتدريسه ، وساعده على ذلك انه ـ رحمه‌الله ـ كان متفننا في دراسة العلوم ، ولم يقتصر على الفقه والاصول ومقدماتهما ، فقد شارك العلوم الرياضية ، كالهندسة والحساب والهيئة ، وله مؤلفات فيها سيأتي ذكرها.

شخصية المترجم له واخلاقه

إن أعاظم الناس ونوابغهم لا تأتيهم العظمة والنبوغ عفوا ومصادفة ، من دون قوة كامنة في شخصيتهم أو ملكة راسخة في نفوسهم ، هي سر عظمتهم وتفوقهم على سائر الناس. وما كلمة الحظ في هذا الباب إلا تعبير مبهم عن تلك القوة التي أودعها الله تعالى في شخص النابغة. وقد تكون تلك القوة مجهولة حتى لشخص صاحبها الذي يتحلى بها ، بل على الاكثر هي كذلك ، فيندفع العبقري الى تلك القمة التي خلقت له أو خلق له بدافع تلك القوة الكامنة اندفاعا لا شعوريا ، وان كانت اعماله الجزئية التي يقوم بها هي شعورية بمحض اختياره.

وتلاحظ قوة شخصية شيخنا المترجم له في صبره وقوة إرادته وتفانيه في طلب العلم ، ثم عزة نفسه ، وان كانت هذه الفاظا عامة قد يعبر بها عن كثير من الناس ، ويصح التعبير بها بلا كذب ولا خداع ، إلا أن الدرجة الخاصة من الصبر والإرادة والحب والعزة ونحوها التي بها يمتاز الشخص النابغ تضيق اللغة عن التعبير عنها بخصوصها إلا بهذه الالفاظ العامة الدارجة وتظهر الدرجة الخاصة التى يختص بها صاحبنا من هذه الامور في ثلاث حوادث منقولة عنه :

( الاوّلى ) ـ فيما ينقل انه كان في ايام التحصيل في غاية الفقر والفاقة ـ والفقر دائما شيمة

١٤

العلماء ، بل هو من أول شروط النبوغ في العلم ، وهو الذي يصقل النفس فيظهر جوهرها الحقيقي ـ فكان صاحبنا قد تشتد به الفاقة فيعجز عن تدبير ثمن السراج الذي لا يتجاوز في عصره عن ان يكون من زيت أو شمع ، فيدعوه حرصه على العلم الى الدخول في بيوت مراحيض المدرسة ، ليطالع على سراجها ، ولكنه تأبى عزته ان يدع غيره يشعر بما هو فيه ، فيوهم الداخلين ـ بالتنحنح ـ انه جالس للحاجة الخاصة. وتتجلى في هذه الحادثة الصغيرة عزة نفسه وقوة إرادته وصبره على طلب العلم بدرجة غير اعتيادية إلا للنوابغ الافذاذ.

( الحادثة الثانية ) ـ ان أحد الكسبة الذي كان حانوته في طريق المدرسة بكاشان التي كان يسكنها هذا الطالب النراقي ، ان هذا الكاسب المؤمن لاحظ على هذا الطالب انه رث الثياب ، وكان معجبا به ، اذ كان يشتري منه بعض الحاجيات كسائر الطلاب ، فرأى ان يكسيه تقربا الى الله ، فهيأ له ملبوسا يليق بشأنه ، وقدمه له عند ما اجتاز عليه ، فقبله بالحاح. ولكن هذا الطالب الأبي في اليوم الثاني رجع الى رفيقه الكاسب وارجع له هذا الملبوس قائلا : اني لمّا لبسته لاحظت على نفسي ضعة لا اطيقها ، لا سيما حينما اجتاز عليك ، فلم اجد نفسي تتحمل هذا الشعور المؤلم ، وألقاه عليه ومضى معتزا بكرامته.

( الحادثة الثالثة ) ـ فيما ينقل عنه أيضا ـ وهي أهم من الأولى والثانية ـ انه كان لا يفض الكتب الواردة إليه ، بل يطرحها تحت فراشه مختومة ، لئلا يقرأ فيها ما يشغل باله عن طلب العلم. والصبر على هذا الامر يتطلب قوة إرادة عظيمة ليست اعتيادية لسائر البشر. ويتفق ان يقتل والده ( ابو ذر ) المقيم في نراق وطنه الاصلي ، وهو يومئذ في اصفهان ، يحضر على استاذه الجليل المولى اسماعيل الخاجوئي ، فكتبوا إليه من هناك بالنبإ ليحضر الى نراق ، لتصفية التركة وقسمة المواريث وشئون اخرى ، ولكنه على عادته لم يفض هذا الكتاب ، ولم يعلم بكل ما جرى. ولما طالت المدة على من في نراق ، كتبوا له مرة اخرى ، ولكن لم يجبهم أيضا. ولما يئسوا منه كتبوا بالواقعة الى استاذه المذكور ليخبره بالنبإ ويحمله على المجيء. والاستاذ في دوره ـ على عادة الناس ـ خشي أن يفاجئه بالنبإ ، وعند ما حضر مجلس درسه أظهر له ـ تمهيدا لاخباره ـ الحزن والكآبة ، ثم ذكر له : ان والده مجروح ، ورجح له الذهاب الى بلاده. ولكن هذا الولد الصلب القوى الشكيمة لم تلن قناته ، ولم يزد الا أن دعا لوالده بالعافية ، طالبا من استاذه أن يعفيه من الذهاب. وعندئذ اضطر الاستاذ الى ان يصرح له بالواقع ، ولكن الولد أيضا لم يعبأ بالامر ، واصر على البقاء لتحصيل العلم. إلا ان الاستاذ هذه المرة لم يجد بدأ من أن يفرض عليه السفر ، فسافر امتثالا لامره المطاع ، ولم يمكث في نراق اكثر من ثلاثة ايام ، على بعد الشقة وزيادة المشقة ، ثم رجع الى دار هجرته. وهذه الحادثة لها مغزاها العميق في فهم نفسية هذا العالم الإلهي ، وتدل على استهانته بالمال وجميع

١٥

شئون الحياة في سبيل طلب العلم.

مؤلفاته

لشيخنا المترجم له عدة مؤلفات نافعة ، تدلّ على قابلية في التأليف وصبر على البحث والتتبع ، وعلى علم غزير ونحن نعدّ منها ما وصل بحثنا إليه ، واكثر اعتمادنا في تعدادها وبعض اوصافها على كتاب ( رياض الجنة ) المذكور في مصادر هذه الطبعة :

في الفقه :

١ ـ لوامع الأحكام في فقه شريعة الإسلام : وهو كتاب استدلالي مبسوط ، وقد خرج منه كتاب الطهارة في مجلدين يقرب من ثلاثين الف بيت.

٢ ـ معتمد الشيعة في احكام الشريعة : هو أتم استدلالا وأخصر تعبيرا من كتاب اللوامع السالف الذكر ، خرج منه كتاب الطهارة ونبذ من الصلاة والحج والتجارة والقضاء.

قال في الروضات عن الكتابين : « ينقل عنهما ولده المحقق في المستند والعوائد كثيرا ».

٣ ـ التحفة الرضوية في المسائل الدينية : في الطهارة والصلاة ، فارسي ، يقرب من عشرة آلاف بيت.

٤ ـ أنيس التجار : في المعاملات ، فارسي ، يقرب من ثمانية آلاف بيت.

٥ ـ أنيس الحجاج : في مسائل الحج والزيارات ، فارسي ، يقرب من أربعة آلاف بيت.

٦ ـ المناسك المكية : في مسائل الحج أيضا ، يقرب من ألف بيت.

٧ ـ رسالة صلاة الجمعة : ذكرها وما قبلها حفيده ( الاستاذ حسن النراقي ) في رسالة لنا.

في أصول الفقه :

٨ ـ تجريد الأصول : مشتمل على جميع مسائل الأصول مع اختصاره ، يقرب من ثلاثة آلاف بيت. قال عنه في الروضات : « شرحه ولده في مجلدات غفيرة جمة ».

٩ ـ أنيس المجتهدين : توجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام العامة بالنجف الاشرف ( برقم ٤٠٨ ـ سجل المخطوطات ) ، تقع في ٤١١ صفحة ، بخط محمد حسين بن علي نقي البزاز ، فرغ منها بتأريخ ٣ صفر من سنة ١١٨١ ه‍ ، وفي تقدير رياض الجنة يقرب من عشرة آلاف بيت.

١٠ ـ جامعة الأصول : يقرب من خمسة آلاف بيت.

١١ ـ رسالة في الاجماع : يقرب من ثلاثة آلاف بيت.

في الحكمة والكلام :

١٢ ـ جامع الأفكار : في الإلهيات ( كتاب الحاضر ) ، يقرب من ثلاثين الف بيت ، قد فرغ

١٦

من تأليفه سنة ١١٩٣ ه‍ ، وعليه فليس هو من اوائل مؤلفاته ، كما قال عنه صاحب ( رياض الجنة ) ، وستجد رموزا للصفحتين الأولى والاخيرة منه بخط المؤلف ، منقولتين عن النسخة التي هي بحوزة أحد احفاده ( الاستاذ حسن النراقي ). والذي يجلب الانتباه في الصفحة الاخيرة ما ذكره من الحوادث المروعة في الوباء وغيره التي وقعت في تلك الفترة.

١٣ ـ قرة العيون : في احكام الوجود والماهية ، يقرب من خمسة آلاف بيت.

١٤ ـ اللمعات العرشية : في حكمة الاشراق ، يقرب من خمسة وعشرين الف بيت.

١٥ ـ اللمعة : وهو مختصر اللمعات ، يقرب من ألفي بيت.

١٦ ـ الكلمات الوجيزة : وهو مختصر اللمعة ، يقرب من ثمانية أبيات.

١٧ ـ أنيس الحكماء : في المعقول ، وهو من اواخر تأليفاته ، لم يتم. احتوى على نبذ من الأمور العامة والطبيعيات ، يقرب من ٤ آلاف بيت.

١٨ ـ أنيس الموحدين : في أصول الدين ، فارسي ، يقرب من أربعة آلاف بيت.

١٩ ـ شرح الشفاء : في الالهيات ، النسخة الأصلية بخط المؤلف موجودة عند أحد احفاده ( الاستاذ حسن النراقي ).

٢٠ ـ الشهاب الثاقب : في الامامة ، في رد رسالة الفاضل البخاري ، يقرب من خمسة آلاف بيت.

في الرياضيات :

٢١ ـ المستقصى : في علوم الهيئة ، خرج منه مجلدان الى مبحث اسناد الحركات ، يقرب من اربعين ألف بيت ، قال عنه في رياض الجنة : « لم يعمل ابسط وادق منه في علم الهيئة ، ولقد طبق فيه اكثر البراهين الهندسية بالدلائل العقلية ، لم يتم ».

٢٢ ـ المحصّل : كتاب مختصر في علم الهيئة ، يقرب من خمسة آلاف بيت.

٢٣ ـ توضيح الأشكال : في شرح تحرير اقليدس الصوري في الهندسة ، وقد شرحه الى المقالة السابعة ، فارسي ، يقرب من ستة عشر ألف بيت.

٢٤ ـ شرح تحرير اكرثاذوسنيوس : يقرب من ثلاثة آلاف بيت.

٢٥ ـ رسالة في علم عقود الانامل : فارسية ، تقرب من الف بيت.

٢٦ ـ رسالة في الحساب : ذكرها في روضات الجنات.

في الاخلاق والمواعظ :

٢٧ ـ جامع السعادات : المطبوع بثلاثة أجزاء ـ حسب تقسيمنا له ـ قال عنه في رياض الجنة : « يقرب من خمسة وعشرين الف بيت ». وقد طبع في ايران على الحجر سنة ١٣١٢ ه‍ بجزءين ، والطبعة الثالثة له على الحروف بالنجف الاشرف.

١٧

٢٨ ـ جامع المواعظ : في الوعظ ، يقرب من اربعين الف بيت ، لم يتم.

في المتفرقات :

٢٩ ـ محرق القلوب : في مصائب آل البيت ، فارسي ، يقرب من ثمانية عشر الف بيت ، قال عنه في روضات الجنات : « طريف الاسلوب ».

٣٠ ـ مشكلات العلوم : في المسائل المشكلة من علوم شتى ، مطبوع على الحجر بايران ، يشبه بعض الشيء كشكول البهائي. وقد نسج على منواله ولده المحقق في كتابه ( الخزائن ) المطبوع على الحجر بايران.

٣١ ـ رسالة نخبة البيان : ذكرها حفيده ( الاستاذ حسن النراقي ).

٣٢ ـ معراج السماء : ذكره أيضا حفيده المذكور. (١)

* * *

لم يقم المولى محمد النراقي مطلقا خلال عمره المبارك بكتابة دورة مطولة في الحكمة ، فكتابته لثلاث رسائل هي « اللمعات العرشية » ، « الكلمات الوجيزة » و « اللمعة الإلهية » قد انطوت شيئا ما على موضوعات في الفلسفة الاسلامية ، إلاّ ان وجازة هذه الرسائل بلغت حدا لا يمكن اعتبارها مظهرا كاملا لأبحاثه. انيس الحكماء أيضا بالرغم من موسوعيته ، لم يتناول سوى قسم من الامور العامة والطبيعيات وبوفاته ظل هذا القسم ناقصا الى الابد.

كما ان شرحه لإلهيات الشفاء لم يكتمل هو الآخر ، علما انه تصدى في هذا الشرح لحل الغامض من معاني النص اكثر مما تصدى لكتابة الحكمة في « قرة العيون » أيضا تناول موضوعا معينا يعد واحدا من اهم الابحاث الفلسفية ، في هذا الخضم يعدّ « جامع الافكار وناقد الانظار » الأثر الوحيد للنراقي من حيث كماله ولكونه غاية في الاطناب وبعيدا عن الايجاز ، فهو وان كان قد تناول موضوعا معينا من وجهة نظر خاصة الاّ انه من حيث اسلوب الكتابة ـ كما اتضح سابقا ـ يعدّ فريدا من نوعه من بين آثار النراقي.

لقد ألف النراقي جامع الافكار عام ١١٩٣ هجري اي في الفترة التي بلغ فيها مستواه العلمي وقدرته على الكتابة الذورة. من هنا فقد وقع اختياره في هذه الدراسة العملاقة على ارفع اقسام الحكمة اي الالهيات بالمعنى الاخص ، آخذا بنظر الاعتبار آثار السلف ( كالفارابي ، ابن سيناء ، وبهمنيار ، وشيخ الاشراق ، والخواجه نصير ، والفاضل

__________________

(١) نقلنا المعلومات اعلاه من مقدمة كتاب جامع السعادات بقلم الاستاذ محمد رضا المظفر

١٨

القوشجي ، والخفري ، والدواني ، والدشتكى ، والتفتازاني ، والنسفي ، وميرداماد ، وصدر المتألهين و ... ) وهو يقوم باعداد هذا الأثر. لذا يمكن القول ان كتاب جامع الافكار هو افضل ما يعرّف الوجه الفلسفي للحكيم النراقي. فهو يبدأ بتقديم تمهيد أولي لإثبات اصل وجود الواجب ثم يدخل بعد ذلك في بحث الاسماء والصفات الالهية. من جانب آخر فان اجراء قياس بين بعض ابحاث هذا الكتاب كبحث القدرة والإرادة مع ما جاء في اوسع الدراسات الكلامية والفلسفية للحضارة الاسلامية ( كالشفاء ، والاسفار ، والمطالب العالية ، وشرح المقاصد ، وشرح المواقف و ... ) يسلط الضوء على الموقع المتميز لهذا الكتاب من بين الآثار المذكورة.

وتوجد باستثناء مخطوطة المؤلف الاصلية لهذا الكتاب والموجودة في المكتبة الشخصية لأحد احفاده ، ثلاث نسخ اخرى حيث تمت الاستفادة من النخستين أوب لأعداد النص الحالي والنسخ هي :

أ ـ نسخة المكتبة المركزية ومركز وثائق جامعة طهران ، مجموعة مشكاة المهداة ، برقم ٢٦٦ اذ قام محمد بن طالب طاهرآبادي وهو من تلامذة المؤلف باستنساخ النسخة الاصلية تحت اشراف المؤلف ، وكان قد انتهى من كتابتها في ١٧ محرم الحرام عام ١١٩٤ هجري ، في ٢٤٧ ورقة ( ٤٩٤ صفحة ) في كل صفحة ٢٩ سطرا ، واشرنا الى هذه النسخة بالحرف ( د ) نظرا لمكان ايداعها وحفظها ، كما اشرنا إليها في النص بعلامةD.

ب ـ نسخة مكتبة مجلس الشورى الاسلامي برقم ٤٤٨٩ وناسخها هو محمد شفيع بن فضل الله ، ويعود تاريخ استنساخها الى ٢ / ربيع الثاني / ١٢١١ هجري في ٢٤٤ ورقة ( ٤٨٨ صفحة ) وقد بلغ عدد سطور كل صفحة ٢٥ الى ٢٧ سطرا ، وتمت الاشارة الى هذه النسخة بالحرف « م » وفي النص بعلامةM.

ج ـ النسخة المودعة في مكتبة دار الآثار الوطنية بمدينة كاشان. أما فيما يتعلق بالحصول على مصادر النص والاشارة إليها فقد ألمحنا الى ذلك فيما يختص بالمائة صفحة الاولى من الكتاب ، الا انه لم نستمر على هذا المنوال في الصفحات الاخرى وذلك لان النراقي اعتمد على حواشي وتعليقات القوشجي على التجريد وبعض مصادر الدرجة الثانية ( كآثار الدواني والدشتكي ) والتى تعداهم مصادر النراقي ولم يتم عرضها لحد الآن ، تجنبنا هذه الطريقة.

في الختام نثمن جهود الفاضل الموقر السيد حامد ناجي الاصفهاني الذي قام بتعريف هذا النص المصحّح.

١٩
٢٠