رسالة في تواريخ النبيّ والآل عليهم السلام

الشيخ محمّد تقي التستري

رسالة في تواريخ النبيّ والآل عليهم السلام

المؤلف:

الشيخ محمّد تقي التستري


المحقق: مؤسّسة النشر الإسلامي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ١٢٣

والعاهات والأرجاس والأنجاس (١).

وفي خبر أحمد بن إبراهيم مع خديجة بنت الجواد عليه‌السلام فقلت لها : فأين الولد؟ فقالت : مستور ، قلت : فإلى من تفزع الشيعة؟ قالت : إلى الجدّة أمّ أبي محمّد عليه‌السلام ...الخبر (٢).

وروى الإكمال في باب من رآه عليه‌السلام عن محمّد بن صالح في خبر : فلمّا ماتت أمّ الحسن الجدّة أمرت أن تدفن في الدار ، فنازعهم ـ أي جعفر ـ وقال : هي دار لا تدفن فيها ، فخرج عليه‌السلام فقال : يا جعفر أدارك هي؟ ثمّ غاب (٣).

قلت : المشهور في الألسنة. إنّ قبر حكيمة بنت الجواد عليه‌السلام في تلك الدار المقدّسة ، ولم يشر إليه أحد من العلماء حتّى ابن طاوس ، ولم يذكر لها زيارة مع اهتمامه ، وقد ذكر هو والمفيد قبله زيارة لأمّ الحجّة عليه‌السلام (٤) فلعلّ المنسوب إلى حكيمة قبر الجدّة.

وأمّا أمّ الحجّة عليه‌السلام

فالمشهور أنّها أمّ ولد ، فعن الرضا عليه‌السلام في إخباره بالقائم عليه‌السلام ابن سيّدة الإماء (٥).

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام في أخبار كثيرة : بأبي ابن خيرة الإماء (٦).

ونقل الشهيد قولا كونها غير أمّ ولد وأنّها « مريم بنت زيد العلويّة » (٧) ويردّه أخبار كثيرة في كونه عليه‌السلام ابن أمة ، ما تقدّم وغيرها ، ومنها : عن الصادق عليه‌السلام في ردّ

__________________

(١) إثبات الوصيّة : ٢٠٧.

(٢) الغيبة للشيخ : ١٣٨.

(٣) كمال الدين : ٤٤٢. وفيه : هي داري.

(٤) مصباح الزائر : ٤١٣ ، نقل عن المفيد في البحار ١٠٢ : ٧٢.

(٥) كمال الدين : ٣٧٢.

(٦) لم نظفر إلاّ بخبر ، قاله أمير المؤمنين مخاطبا للحسين عليهما‌السلام بلفظ : « بأبي أنت يا أبا ابن خيرة الإماء » راجع البحار ٥١ : ١١٠.

(٧) الدروس ٢ : ١٦.

٦١

من ادّعى القائميّة في محمّد بن عبد الله « أو لم يعلموا أنّه ـ أي القائم ـ ابن سبية؟ » (١) وكان ذلك من الاشتهار بمكان يعلمه بنو اميّة ، فلم يكترث مروان بن محمّد بادّعاء محمّد بن عبد الله ، لذلك.

واختلف في اسمها ، فقال المفيد : « نرجس » ورواه الإثبات والإكمال في خبر موسى بن محمّد وخبر المطهّري (٢).

وقال أبو سهل النوبختي : « صيقل » (٣) ورواه الإكمال في خبر أبي عليّ الخيزراني (٤).

وفي خبر غياث بن اسيد « ريحانة » ويقال لها : « نرجس » ويقال : « صيقل » ويقال : « سوسن » (٥) ورواه في الغيبة (٦).

وفي خبر آخر « مليكة بنت يشوعا » (٧).

وفي آخر « سوسن » (٨) وعن ابن الخشّاب : قال لنا أبو بكر الدارع : وفي رواية اخرى حكيمة (٩).

ثمّ إنّ النجاشي قال في ترجمة محمّد بن عليّ بن حمزة العبّاسي العلوي : وفي داره حصلت أمّ الصاحب عليه‌السلام بعد وفاة الحسن عليه‌السلام ... الخ (١٠) وهو دالّ على بقائها بعد العسكري عليه‌السلام.

وروى الإكمال موتها قبله عليه‌السلام ، فروى عن أبي عليّ الخيزراني : أنّ أبا محمّد عليه‌السلام حدّثها بما جرى على عياله ، فسألته أن يدعو لها ، بأن يجعل ميتتها قبله ، فماتت قبله في حياة أبي محمّد عليه‌السلام وعلى قبرها لوح عليه مكتوب : هذا قبر أمّ محمّد.

واختلف الأخبار أيضا في كونها من جواري حكيمة الّتي ربّتها وأهدتها إلى

__________________

(١) في البحار : ٤٢ ابن الستّة.

(٢) الإرشاد : ٣٤٦ ، إثبات الوصيّة : ٢١٩ ، كمال الدين : ٤٢٤ و ٤٢٦.

(٣) عنه في غيبة الشيخ بلفظ « صيقل » الغيبة : ١٦٤.

(٤) كمال الدين : ٤٣١ و ٤٣٢ ، وفيه : صقيل.

(٥) كمال الدين : ٤٣١ و ٤٣٢ ، وفيه : صقيل.

(٦) لم نظفر برواية غياث في غيبة الشيخ.

(٧) كمال الدين : ٤٢٠.

(٨) الغيبة للشيخ : ١٤١.

(٩) نقله عنه في كشف الغمّة ٢ : ٤٧٥.

(١٠) رجال النجاشي : ٣٤٧ ، الرقم ٩٣٨.

٦٢

العسكري عليه‌السلام أو من اسراء الروم واشتراها الهادي عليه‌السلام؟ والمفهوم من المسعودي الأوّل. قال في الإثبات : روى لنا الثقات من مشايخنا : أنّ بعض أخوات أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهما‌السلام كانت لها جارية ولدت في بيتها ، وربّتها ، تسمّى « نرجس » فلمّا كبرت وعبلت دخل أبو محمّد عليه‌السلام فنظر إليها فأعجبته ، فقالت له عمّته : أراك تنظر إليها؟ فقال صلّى الله عليه : إنّي ما نظرت إليها إلاّ متعجّبا أما إنّ المولود الكريم على الله جلّ وعلا يكون منها ، ثمّ أمرها أن تستأذن أبا الحسن عليه‌السلام في دفعها إليه ، ففعلت فأمرها بذلك (١).

وروى في خبر آخر عن جماعة من الشيوخ بإسنادهم عن حكيمة كيفيّة تولّده عليه‌السلام ( إلى أن قال ) قالت ، فقلت له : ممّن يكون هذا المولود يا سيّدي؟ فقال : من جاريتك نرجس (٢).

وروى الإكمال أيضا في باب مولده عليه‌السلام بإسناده عن حكيمة قالت : كانت لي جارية يقال لها : « نرجس » فزارني ابن أخي فأقبل يحدق النظر إليها ... الخبر (٣).

ومال الصدوق إلى الثاني ، فقال في الإكمال باب « ما روي في نرجس أمّ القائم عليه‌السلام » : واسمها « مليكة » بنت يوشعا (٤) بن قيصر الملك. وروى بإسناده عن بشر بن سليمان النخّاس بعث الهادي عليه‌السلام له بشرائها (٥) وهو خبر طويل ، وإن روى في باب مولده عليه‌السلام ما يعارض هذا ، كما تقدّم.

وهو المفهوم أيضا من المفيد حيث ذكر زيارة لها وفيها : « المخطوبة من روح الله الأمين ومن رغب في وصلتها سيّد المرسلين » (٦) والظاهر أنّ الزيارة إنشاء منه أخذا من خبر النّخاس المتقدّم.

والظاهر أصحّيّة القول الأوّل وأصحّيّة خبره.

__________________

(١) إثبات الوصيّة : ٢١٨.

(٢) إثبات الوصيّة : ٢١٩.

(٣) كمال الدين : ٤٢٦.

(٤) في المصدر : يشوعا.

(٥) كمال الدين : ٤١٨.

(٦) نقل المجلسي عن المفيد في البحار ١٠٢ : ٧٢.

٦٣

وهو المفهوم من النعماني أيضا حيث قال في باب ما روى في الغيبة ـ بعد روايته بإسناده عن الكناسي عن الباقر عليه‌السلام « أنّ صاحب هذا الأمر فيه شبه من يوسف ، ابن أمة سوداء يصلح الله له أمره في ليلة » وروايته أخبار أخر ـ : فاعتبروا يا اولي الأبصار الناظرة بنور الهدى والقلوب المسلمة من الغمر (١) المشرقة بالإيمان والضياء بهذا القول! قول الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام في الغيبة وما في الغائب (٢) : من شبه الأنبياء ، ثمّ من الاستتار والخوف ، وأنّه ابن أمة سوداء يصلح الله له أمره في ليله وتأملوه حسنا ... الخ (٣) فإنّ بنت يوشعا بن قيصر لم تكن أمة سوداء.

__________________

(١) في المصدر : العمى.

(٢) في المصدر : القائم.

(٣) الغيبة للنعماني : ١٠٩.

٦٤

فصل

في أزواجهم عليهم السلام

أمّا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

فروى الخصال عن الصادق عليه‌السلام قال : تزوّج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمس عشرة امرأة ، ودخل بثلاث عشرة منهنّ ، وقبض عن تسع. فأمّا اللتان لم يدخل بهما : فعمرة والسنا. وأمّا الثلاث عشرة اللاتي دخل بهنّ : فأوّلهن خديجة بنت خويلد ، ثمّ سودة بنت زمعة ، ثمّ أمّ سلمة واسمها هند بنت أبي اميّة ، ثمّ أمّ عبد الله عائشة بنت أبي بكر ، ثمّ حفصة بنت عمر ، ثمّ زينب بنت خزيمة بن الحارث أمّ المساكين ، ثمّ زينب بنت جحش ، ثمّ أمّ حبيبة رملة بنت أبي سفيان ، ثمّ ميمونة بنت الحارث ، ثمّ زينب بنت عميس ، ثمّ جويرية بنت الحارث ، ثمّ صفيّة بنت حيّ بن أخطب. والّتي وهبت نفسها للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خولة بنت حكيم السلمي وكان له سريّتان يقسم لهما مع أزواجه : مارية وريحانة الخندفية. والتسع اللاتي قبض عنهنّ : عائشة ، وحفصة ، وأمّ سلمة ، وزينب بنت جحش ، وميمونة بنت الحارث ، وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان ، وصفية بنت حيّ بن أخطب ، وجويريّة بنت الحارث ، وسودة بنت زمعة. وأفضلهنّ خديجة بنت خويلد ، ثمّ أمّ سلمة ، ثمّ ميمونة بنت الحارث (١).

__________________

(١) الخصال : ٤١٩.

٦٥

قلت : وروى الكليني سبب عدم دخوله بالاثنين منهنّ عن الحسن البصري : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تزوّج امرأة من بني عامر ابن صعصعة يقال لها سناة وكانت من أجمل أهل زمانها ، فلمّا نظرت إليها عائشة وحفصة قالتا : لتغلبنا هذه على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بجمالها ، فقالتا لها : لا يرى منك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حرصا ، فلمّا دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تناولها بيده ، فقالت : أعوذ بالله منك! فانقبضت يد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنها فطلّقها وألحقها بأهلها (١).

وتزوّج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم امرأة من كندة بنت أبي الجون ، فلمّا مات إبراهيم بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابن مارية القبطيّة قالت : لو كان نبيّا ما مات ابنه ، فألحقها بأهلها قبل أن يدخل بها. ونقل تزويج أبي بكر لهما برجلين ، فجذم أحدهما وجنّ الآخر (٢).

هذا ، وروى عن أبي بصير وغيره تسمية نسائه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( إلى أن قال ) وزينب بنت أبي الجون الّتي خدعت والكنديّة (٣).

وخبر الحسن البصري جعل المخدوعة « سناة العامريّة » وهذا جعلها « زينب » وذاك جعل الكنديّة « بنت أبي الجون » وهذا جعل المخدوعة « بنت أبي الجون ».

وكيف كان ، فزينب بنت عمير الواردة في خبر الخصال لم أقف على ذكرها في أزواجه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في موضع حتّى في الإعلام الّذي عدّهنّ إحدى وعشرين ، ومنهنّ « عالية بنت ظبيان » و « فتيلة اخت الأشعث » و « فاطمة بنت الضحّاك » المختارة للدنيا حين خيّرهنّ ، فكانت تلقط البعر بعد ذلك وتقول : أنا الشقيّة و « شنبا بنت الصلت » و « أسماء بنت النعمان » و « مليكة الليثيّة » و « عمرة بنت يزيد » و « عمرة » اخرى غير مدخول بهنّ (٤).

وإنّما قال ابن قتيبة : إنّ « زينب بنت عميس » كانت تحت حمزة (٥). ونقل

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٢١.

(٢) المصدر السابق.

(٣) الكافي ٥ : ٣٩٠.

(٤) إعلام الورى : ١٥٠.

(٥) المعارف : ٧٥.

٦٦

ابن قتيبة عن أبي اليقظان علّة طلاق عمرة قبل الدخول : أنّ أباها قال له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّها لم تمرض قطّ ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما لهذه عند الله من خير. ونقل عنه أنّه خطب امرأة من بني مرّة بن عوف إلى أبيها ، فقال : إنّ بها برص وهو كاذب ، فرجع فوجدها برصاء (١).

وقال ابن عبد ربّه : أنّ سودة كانت تحت سكران بن عمرو ، وحفصة تحت خنيس السهمي رسول النبيّ إلى كسرى ، وزينب بنت خزيمة تحت عبيدة بن الحارث بن المطّلب أوّل قتيل ببدر ، وأمّ حبيبة تحت عبيد الله بن جحش الّذي تنصّر في الحبشة ، وميمونة تحت أبي سبرة بن أبي رهم العامري. وذكروا أنّ ميمونة كان تزويجها وزفافها وموتها وقبرها بسرف على عشرة أميال من مكّة (٢) هذا.

هذا ، وفي أنساب البلاذري : كان اسم جويرية « برّة » فسمّاها جويرية ، لأنّه كره أن يقال : « خرج من عند برّة أو خرجت برّة من عنده (٣).

قلت : وعلى فرض صحّة نقله ، وجهه : أنّ « برّة » اسم للمبرّة.

وعنون اسد الغابة « سمعان بن خالد الكلابي » من بني قريظة عن ابن مندة وأبي نعيم ، وقال بتزويج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله اخت سمعان (٤).

قلت : فلا بدّ أنّها الكلابيّة المتقدّمة.

فصل : كما من خيارهنّ : خديجة ، ثمّ أمّ سلمة ، ثمّ ميمونة كما تقدّم في خبر الخصال.

كذلك من شرارهنّ : عائشة ، ثمّ حفصة ، ثمّ أمّ حبيبة. ويكفي في ذمّ الاوليين قوله تعالى مشيرا إليهما بشهادة عمر ـ كما رواه الثعلبي والزمخشري (٥) ـ : ( وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٦) وجعل تعالى عقوبة

__________________

(١) المعارف : ٨٣.

(٢) انظر العقد الفريد ٢ : ٣٦ ، ٥٤ و ٦٢ و ٧٢ و ٨٠ و ٨٢.

(٣) أنساب الأشراف ٢ : ٧٧.

(٤) اسد الغابة ٢ : ٣٥٦.

(٥) الكشف والبيان ٩ : ٣٤٩ ، الكشّاف ٤ : ٥٦٦.

(٦) التحريم : ٤.

٦٧

تظاهرهما عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تهاجرهما في الدنيا ، قال ابن قتيبة في معارفه : كانت عائشة متهاجرة بحفصة حتّى ماتتا (١). كما أنّ ابن عوف لما صنع إلى ابن عفّان وتظاهرا على وليّه عاقبهما الله أيضا بذلك ، صرّح أيضا بتهاجرهما إلى الموت ابن قتيبة (٢). وكان عليه‌السلام قد دعا عليهما بذلك ، فقال : دقّ الله بينكما عطر منشم (٣).

وكذلك قوله تعالى ضاربا لهما مثلا ـ بشهادة عثمان وتقرير عائشة نفسها ـ : ( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (٤).

روى محمّد بن [ محمّد بن ] النعمان في جمله عن الليث بن أبي سليمان ، عن ثابت الأنصاري ، عن ابن أبي عامر : أنّ عائشة قالت لعثمان : لو لا الصلوات الخمس لمشى إليك الرجال حتّى يذبحوك ذبح الشاة! فقال عثمان : ( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ ... ) إلى آخر الآية (٥).

ولمّا نزل أمير المؤمنين عليه‌السلام بذي قار في توجّهه إلى البصرة ، كتبت عائشة إلى حفصة : أمّا بعد ، فإنّا نزلنا البصرة ونزل عليّ بذي قار ، والله داقّ عنقه كدقّ البيضة على الصفا ، إنّه بمنزلة الأشقر إن تقدّم نحر وإن تأخّر عقر. فاستبشرت حفصة بالكتاب ودعت صبيان بني تيم وبني عديّ وأعطت جواريها دفوفا وأمرتهنّ أن يضربن بالدفوف ويقلن : « الخبر ما الخبر! عليّ بذي قار كالأشقر ، إن تقدّم نحر وإن تأخّر عقر » فذهبت إليها أمّ كلثوم وقالت لها إن تظاهرت أنت واختك على أمير المؤمنين عليه‌السلام فقد تظاهرتما على أخيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأنزل الله فيكما ما أنزل ... الخ (٦).

وقال أبو الفرج في مقاتله : قال يحيى بن الحسن : وسمعت عليّ بن طاهر بن

__________________

(١) المعارف : ٣٠٦.

(٢) المصدر السابق.

(٣) راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ١٩٦ ، لكن لا يوجد هنا دعاؤه عليه‌السلام عليهما باللفظ المذكور.

(٤) التحريم : ١٠.

(٥) الجمل ( مصنّفات الشيخ المفيد ) ١ : ١٤٨.

(٦) الجمل ( مصنّفات الشيخ المفيد ) ١ : ٢٧٦.

٦٨

زيد يقول : لمّا أرادوا دفن الحسن عليه‌السلام ركبت عائشة بغلا واستعونت بني اميّة ومروان ومن كان هناك منهم ومن حشمهم وهو قول القائل :

فيوما على بغل

ويوما على جمل

... إلخ (١).

وكذلك الأخيرة كانت على دين أخيها معاوية ، قال المسعودي في المروج بعثت أمّ حبيبة بنت أبي سفيان إلى أخيها معاوية بقميص عثمان مخضّبا بدمائه مع النعمان بن بشير (٢).

ثمّ من خيارهنّ صفيّة :

قال البلاذري : لمّا قدم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة من خيبر أنزل صفيّة بيتا من بيوت الأنصار ، فجاء نساء الأنصار ينظرن إليها ، وانتقب عائشة وجاءت فنظرت ، فعرفها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا خرجت أتبعها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : كيف رأيتها يا عائشة؟ قالت : رأيتها يهوديّة بنت يهوديّين ، فقال لها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقولين هذا ، فإنّه قد حسن إسلامها (٣).

وقال البلاذري أيضا في أنساب أشرافه : إنّه جرى بين صفيّة وعائشة ذات يوم كلام ، فعيّرتها باليهوديّة وفخرت عليها ، فشكت ذلك إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها : ألا قلت : أبي هارون وعمّي موسى عليهم‌السلام وزوجي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فهل فيكنّ مثلي؟ (٤).

هذا وروى البلاذري أيضا عن مصعب بن سعد : أنّ عمر فرض لأزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عشرة آلاف عشرة آلاف ، وفضّل عائشة بألفين لحبّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاها. وفرض لجويرية وصفيّة ستّة آلاف ستّة آلاف (٥).

قلت : بل فضّل عائشة لكونها مؤثّرة في سلطنته كسلطنة أبيها. ثمّ لم نقص أربعة آلاف جويرية ، وصفيّة؟ مع أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقسّم لهما كما يقسّم لنسائه ، كما رواه عن الزهري (٦).

__________________

(١) مقاتل الطالبيّين : ٤٩.

(٢) مروج الذهب ٢ : ٣٥٣.

(٣) أنساب الأشراف ٢ : ٧٩.

(٤) أنساب الأشراف ٢ : ٧٩.

(٥) أنساب الأشراف ٢ : ٨٠.

(٦) الطبقات الكبرى ٨ : ١١٨.

٦٩

وأمّا أزواج أمير المؤمنين عليه‌السلام

بعد الصديقة عليها‌السلام

فامامة ، بنت أبي العاص من زينب بنت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ومجناة بنت امرئ القيس.

وخولة بنت جعفر بن قيس الحنفيّة ، وقيل : بل بنت إياس بن جعفر الحنفيّة ثمّ قيل : كانت أمة لبني حنيفة ، لا منهم.

والصحيح أنّها كانت منهم ، إلاّ أنّه قال المدائني أنّ زبيد سبتها من بني حنيفة ، ثمّ ارتدّت زبيد مع عمرو بن معديكرب باليمن ، فبعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أمير المؤمنين عليه‌السلام فأصابها فصارت في سهمه عليه‌السلام وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله له عليه‌السلام : إن ولدت منك غلاما فسمّه باسمي وكنّه بكنيتي.

وقال البلاذري : إنّ بني أسد غارت على بني حنيفة في خلافة أبي بكر ، فسبوها وقدموا بها المدينة ، فباعوها من أمير المؤمنين عليه‌السلام فأعتقها وتزوّجها (١).

وقال قوم إنّه سباها خالد لمّا ارتدّت بنو حنيفة في أيّام أبي بكر ، فصارت من سهمه عليه‌السلام في المغنم (٢).

وأمّ حبيب ، بنت ربيعة.

وأمّ البنين ، بنت حزام بن خالد بن ربيعة الوحيد ، كما صرّح به الطبري في تاريخه ، والزبيري في نسبه ، وأبو الفرج في مقاتله ، والشيخ في رجاله (٣).

ووهم المفيد فقال : بنت حزام بن خالد بن دارم (٤).

وليلى ، بنت مسعود الدارميّة.

وفي كتاب ناصر خسرو المترجم بـ « سفرنامه » : وفي البصرة ثلاثة عشر مشهدا باسم أمير المؤمنين عليه‌السلام منها : مشهد بني مازن ، وهذا المشهد بيت ليلى بنت مسعود النهشلي تزوّجها عليه‌السلام لمّا جاء إلى البصرة وأقام عليه‌السلام في بيتها اثنين وسبعين يوما ،

__________________

(١) أنساب الأشراف ٣ : ٢٧١.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ٢٤٤.

(٣) تاريخ الطبري ٥ : ١٥٣ ، نسب قريش : ٤٣ ، مقاتل الطالبيّين : ٥٣ ، رجال الطوسي : ١٠٢.

(٤) الإرشاد : ١٨٦.

٧٠

ثمّ شخص إلى الكوفة (١).

وفي نسب قريش مصعب الزبيري : خلّف على ليلى بنت مسعود بعده عليه‌السلام عبد الله بن جعفر (٢).

وأسماء بنت عميس.

وأمّ سعد بنت عروة بن مسعود الثقفي.

وكما كان من خصائصه عليه‌السلام تولّده بالكعبة ، كذلك تزوّجه بالصدّيقة من الله تعالى.

وأمّا أزواج الحسن عليه‌السلام

فعن المدائني : أحصين فكنّ سبعين امرأة (٣).

وروى الكافي عن الصادق عليه‌السلام أنّه عليه‌السلام طلّق خمسين امرأة ، فقام عليّ عليه‌السلام بالكوفة فقال : « يا معشر أهل الكوفة! لا تنكحوا الحسن فإنّه رجل مطلاق » فقام إليه رجل فقال : « بلى والله لننكحنّه! إنّه ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابن فاطمة ، فإن أعجبه أمسك وإن كره طلّق » رواه في باب تطليق المرأة غير الموافقة (٤).

والمفهوم منه أنّ طلاقه عليه‌السلام لهنّ إنّما كان لسوء خلقهنّ ، وهو كذلك. ونهي أمير المؤمنين عليه‌السلام عن إنكاحه لا ينافيه ، فإنّ طلاق غير الموافقة مباح والتحمّل منها أيضا مباح.

والمسمّيات من أزواجه عليه‌السلام :

خولة بنت منظور بن زياد الفزارية.

وأمّ إسحاق بنت طلحة.

وأمّ بشر بنت أبي مسعود الأنصاري.

وهند بنت سهيل بن عمرو.

وحفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.

__________________

(١) سفرنامه : ١٣٠ و ١٣١.

(٢) نسب قريش : ٤٤.

(٣) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٢.

(٤) الكافي ٦ : ٥٦.

٧١

وامرأة من كلب.

وامرأة من ثقيف.

وامرأة من بنات علقمة بن زرارة.

وامرأة من بني شيبان من آل همام بن مرّة.

وجعدة بنت الأشعث.

وبنت الشليل أخي جرير بن عبد الله البجلي. نقلهنّ ابن أبي الحديد عن المدائني (١).

وامرأة من بنات عمرو بن أهتم المنقري يقال لها : « أمّ حبيب » واسم أهتم جدّها سنان ، وإنّما سمّي أهتم ، لأنّ قيس بن عاصم ضرب فمه بقوس فهتم أسنانه ذكرها ابن قتيبة (٢).

وأسماء بنت عطارد بن حاجب التميمي ، بعد قتل عبيد الله بن عمر عنها ، ذكرها الطبري (٣).

وبنت عمير بن مأمون ، وهي عنوان « تحفة الصائم شيئان » من الخصال من باب اثنينه ... عن عمير بن مأمون ـ وكانت ابنته تحت الحسن ـ عن الحسن بن عليّ عليهما‌السلام ... (٤)

وأمّ كلثوم بنت الفضل بن عبّاس ، ذكرها نسب قريش الزبيري (٥).

وأمّا أزواج الحسين عليه‌السلام

فليلى بنت مرّة وامرأة من قضاعة والرباب بنت امرئ القيس وهي الكلبيّة الّتي أقامت عليه مأتما وبكيت وبكين عليه حتّى جفّت دموعهنّ ، فعالجت لعود الدمع بشرب السويق.

وعاتكة ، بنت زيد بن عمرو بن نفيل ، ذكرها الحموي في مادّة « كربلا » وقال :

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢١.

(٢) المعارف : ٦٩.

(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٣٧.

(٤) الخصال : ٦١ ، باب الاثنين ، ح ٨٦.

(٥) نسب قريش : ٢٨.

٧٢

إنّها رثته عليه‌السلام بقولها :

واحسينا فلا نسيت حسينا

أقصدته أسنة الأعداء

غادروه بكربلاء صريعا

لا سقى الغيث بعده كربلا (١)

وذكرها أبو الفرج : وقال كانت قبل تحت الزبير. وقال : كانت أوّل من رفع خدّه عليه‌السلام من التراب. ويقال : إنّ مروان خطبها بعده فقالت : ما كنت لأتّخذ حما بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

وأمّ إسحاق ، بنت طلحة زوجة أخيه.

وشهربانو على خبر في عتقه وتزوّجها (٣). وأمّا على خبر الرضا عليه‌السلام فهي أمّ ولده (٤).

وهند بنت سهيل بن عمرو العامري من الحنفاء بنت أبي جهل ، ذكرها الزبيري في أنسابه ، قال : كانت أوّلا عند حفص بن عبد بن زمعة ، ثمّ خلّف عليها عبد الرحمن ابن عتّاب بن اسيد ، ثمّ عبد الله بن عامر ، ثمّ الحسين عليه‌السلام (٥).

وروى خلفاء ابن قتيبة قصّة طويلة في تزوّجه عليه‌السلام بارينب بنت إسحاق ، لمّا خدع معاوية زوجها عبد الله بن سلام ، فطلّقها حتى ينكحها ابنه يزيد ، ثمّ طلّقها عليه‌السلام وردّها على زوجها الأوّل وقال : اللهمّ إنّك تعلم أنّي لم أستنكحها رغبة في مالها ولا جمالها ، ولكنّي أردت إحلالها لبعلها (٦).

وأمّا أزواج السجّاد عليه‌السلام

فالّذي وقفت عليه أمّ عبد الله الصدّيقة ، بنت عمّه الحسن عليه‌السلام.

وروى الكافي تزوّجه عليه‌السلام بشيبانيّة.

وروى القرب تزوّجه بامّ ولد أخيه عليّ المقتول (٧). وكذا ورد تزوّجه بامّ ولد عمّه الحسن.

__________________

(١) معجم البلدان ٤ : ٤٤٥.

(٢) الأغاني ١٨ : ١١ و ١٢ ( نشر دار الثقافة ).

(٣) إثبات الوصيّة : ١٤٥.

(٤) عيون الأخبار ٢ : ١٢٦ ، ح ٦.

(٥) نسب قريش : ٤٢٠.

(٦) الإمامة والسياسة : ١٩٣ ـ ٢٢٠.

(٧) قرب الإسناد : ١٦٣.

٧٣

وأمّا أزواج الباقر عليه‌السلام

فالّذي وقفنا عليه : أمّ كلثوم ، بنت الحسن المثنّى.

وأمّ فروة ، بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر.

وأمّ حكيم ، بنت اسيد بن المغيرة الثقفيّة.

وروى الكافي تزوّجه بامرأة وطلاقها لكونها خارجيّة (١).

وأمّا أزواج الصادق عليه‌السلام

فامّ إسماعيل فاطمة ، بنت يحيى بن عليّ بن الحسين عليه‌السلام وهي الّتي ورد عن الصادق عليه‌السلام حبط حجّها بضربها مولاة الصادق عليه‌السلام في طريق مكّة لمّا عثرت على غسلها (٢).

وأمّ أبي البختري وهب بن وهب القاضي.

قال النجاشي في عنوان « وهب » قال سعد : تزوّج أبو عبد الله عليه‌السلام بامّه (٣).

وصرّح به الفهرست في عبد الله بن يحيى الراوي عن وهب (٤).

قلت : وكانت لأمّ وهب قرابة معه عليه‌السلام.

وفي المناقب : سأل سيف الدولة عبد الحميد المالكي قاضي الكوفة عن مالك ، فقال : كان « جره بند » جعفر الصادق ، أي الربيب له ... أبو عبد الله المحدّث في رامش (٥) : إنّ أمّ أبي حنيفة كانت في حبالة الصادق عليه‌السلام (٦). ذكر ذلك في فضل علمه عليه‌السلام ولم أقف على ذكر غيره لذلك.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٥١.

(٢) التهذيب ١ : ١٣٤.

(٣) رجال النجاشي : ٤٣٠ ، الرقم ١١٥٥.

(٤) فهرست الشيخ الطوسي : ٣٠٣ ، الرقم ٤٦٢.

(٥) رامش أفزاي آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله للشيخ محمّد بن الحسين المحتسب ، عنونه العلاّمة الطهراني « راش أفزاى آل محمّد » عن فهرست منتجب الدين ناقلا عنه : أنّه في عشر مجلّدات. ثمّ قال : لكنّ الظاهر أنّه « رامش » بالميم ، فإنّه في الفارسيّة بمعنى الطرب والعيش ، و « رامشگر » بالفارسيّة : هو المطرب. ثمّ استظهر ممّا نقله صاحب كتاب الدرّ النظيم عن « رامش افزاى » أنّ نسخة الكتاب كانت موجودة إلى أواخر القرن السابع ، راجع الذريعة ١٠ : ٥٩.

(٦) مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٢٤٨.

٧٤

وأمّا الكاظم عليه‌السلام

فلم نقف على من ذكر له زوجة مع كثرة أولاده ، بل قالوا في الكلّ : إنّهم لامّهات أولاد.

وأمّا أزواج الرضا عليه‌السلام

فلم نقف على ذكر غير أمّ حبيب بنت المأمون ، كما رواه العيون (١).

وأمّا الجواد عليه‌السلام

فلم نقف أيضا على ذكر غير أمّ الفضل بنت المأمون أيضا.

روى القمّي عن الريّان بن شبيب أنّ المأمون أمر بعد التزويج أن يقعد الناس على مراتبهم من الخاصّة والعامّة ، ولم نلبث أن سمعنا أصواتا يشبه أصوات الملاّحين في محاوراتهم فإذا الخدم يجرّون سفينة مصنوعة من فضّة مشدودة بالحبال من الإبريسم على عجلة مملوّة من الغالية ، ثمّ أمر المأمون أن يخضب لحاء الخاصّة من تلك الغالية ، ثمّ مدّت إلى دار العامّة فطيّبوا منها ، ووضعت الموائد فأكل الناس وخرجت ( إلى أن قال ) ثمّ أمر المأمون فنثر على أبي جعفر رقاعا فيها ضياع وطعم وعمالات (٢).

وأمّا الهادي والعسكري عليها‌السلام

فلم نقف لهما على ذكر زوجة ، بل أمّ أولاد.

كما أنّ الحجّة عليه‌السلام لم نقف على ذكر زوجة له أو أمّ ولد ، إلاّ ما عن مصباح الكفعمي من أنّ زوجته عليه‌السلام أحد بنات أبي لهب (٣).

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٤٥ ، الباب ٤٠ ، ح ١٩.

(٢) تفسير القمّي ١ : ١٨٣ ـ ١٨٥.

(٣) الموجود في المصباح : زوجته من بنات أبي ليث ، راجع ص ٥٢٣.

٧٥

فصل

في أولادهم عليهم السلام

أمّا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

فروى الخصال بإسناده عن الصادق عليه‌السلام أنّه ولد له من خديجة : القاسم ، والطاهر ، وأمّ كلثوم ، ورقيّة ، وزينب ، وفاطمة ( إلى أن قال ) وتزوّج أبو العاص بن ربيع ـ وهو رجل من بني اميّة ـ زينب ، وتزوّج عثمان بن عفّان أمّ كلثوم فماتت ولم يدخل بها ، فلمّا ساروا إلى بدر زوّجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رقيّة. وولد له عليه‌السلام إبراهيم من مارية القبطية (١).

وقريب منه في خبر قرب الإسناد (٢).

ولكن في الأخيرة من المسائل السرويّة العشرة للمفيد : ما قوله في تزويجه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنتيه زينب ورقيّة من عثمان؟ وقال في جملة جوابه : وقد تزوّج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام : أحدهما عتبة بن أبي لهب ، والآخر أبو العاص الربيع ( إلى أن قال ) وهاتان هما اللتان تزوّجهما عثمان بن عفّان بعد هلاك عتبة وموت أبي العاص ، انتهى (٣).

وكلامه سؤالا وجوابا في تزوّج عثمان بزينب مخالف للخبر وللتاريخ ، فإنّ

__________________

(١) كتاب الخصال : ٤٠٤.

(٢) قرب الإسناد : ٩.

(٣) المسائل السرويّة ( مصنّفات الشيخ المفيد ) ٧ : ٩٢.

٧٦

عثمان إنّما كان متزوّجا برقيّة وأمّ كلثوم ، لا زينب ، أمّا الخبر : فقد عرفت ، وأمّا التاريخ : فقال ابن قتيبة ومصعب الزبيري والمسعودي بأنّ رقيّة وأمّ كلثوم كانتا تحت عتبه وعتيبة ابني أبي لهب فطلّقاهما ، فتزوّجهما عثمان واحدة بعد واحدة (١). وقال الأوّل : رقيّة ولدت له عبد الله فنقره ديك على عينه فمرض ومات.

ثمّ إنّ الخبر اقتصر على « الطاهر » ولم يعدّ « طيّبا ».

وقال الكليني : وولد له بعد المبعث « الطيّب » و « الطاهر » وروى أنّهما ولدا قبل مبعثه (٢).

وعدّهما ابن قتيبة أيضا اثنين (٣) واقتصر مصعب الزبيري على ذكر عبد الله دون طيّب وطاهر ، وقال ولد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله القاسم ، ثمّ زينب ، ثمّ عبد الله ، ثمّ أمّ كلثوم ، ثمّ فاطمة ثمّ رقيّة (٤).

وقال المسعودي : إنّ « الطيّب » و « الطاهر » اسمان لعبد الله ، لأنّه الآخر الّذي ولد في الإسلام (٥).

وروى الكليني خبرا طويلا في قتل عثمان لرقيّة (٦). وروى في خبر آخر : أنّ رقيّة لمّا قتلها عثمان وقف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على قبرها فرفع رأسه إلى السماء فدمعت عيناه وقال للناس : إني ذكرت هذه وما لقيت ، واستوهبتها من ضمّة القبر (٧).

ثمّ إنّ خبر الخصال عدّ أبا العاص من بني اميّة ولم يكن منهم حقيقة بل في عدادهم ، فإنّه أبو العاص بن الربيع بن عبد العزيز بن عبد شمس.

وأمّا أولاد أمير المؤمنين عليه‌السلام

فقال المفيد : سبعة وعشرون ذكرا وانثى : الحسن والحسين وزينب الكبرى وزينب الصغرى المكنّاة بامّ كلثوم ، امّهم فاطمة البتول.

__________________

(١) المعارف : ٨٤ ، نسب قريش : ٢٢ ، مروج الذهب ٢ : ٢٩١.

(٢) الكافي ١ : ٤٣٩.

(٣) المعارف : ٨٣.

(٤) نسب قريش : ٢١.

(٥) مروج الذهب ٢ : ٢٩١.

(٦) الكافي ٣ : ٢٥١.

(٧) الكافي ٣ : ٢٣٦.

٧٧

ومحمّد المكنّى بأبي القاسم ، امّه خولة.

وعمر ورقيّة توأمين ، امّهما أمّ حبيب.

والعبّاس وجعفر وعثمان وعبد الله الشهداء بالطفّ ، من أمّ البنين.

ومحمّد الأصغر المكنّى بأبي بكر وعبيد الله الشهيدان بالطفّ ، امّهما ليلى.

ويحيى ، امّه أسماء.

وأمّ الحسن ورملة ، امّهما أمّ سعيد.

ونفيسة وزينب الصغرى ورقيّة الصغرى وأمّ هاني وأمّ الكرام وجمانة المكنّاة بامّ جعفر وامامة وأمّ سلمة وميمونة وخديجة وفاطمة لامّهات شتّى.

ومثله مصعب الزبيري في أنسابه ، إلاّ أنّه قال : ومحمّد الأصغر درج من أمّ ولد ( والمفيد جعله من أمّ عبيد الله كما عرفت ) وقال بقتل عبيد الله في مقدّمة مصعب وبدّل أمّ الحسن بامّ الحسين ، وقال : نفيسة هي أمّ كلثوم الصغرى كانت عند عبد الله ابن عقيل الأكبر وأمّ الحسين عند جعدة بن هبيرة (١) أي ابن اخته عليه‌السلام.

قال : وفي الشيعة من ذكر « محسنا » فيصيرون ثمانية وعشرين ، انتهى (٢).

قلت : ذكر « المحسن » من العامّة أيضا ابن بكّار ، ومحمّد بن إسحاق ، وابن قتيبة (٣) وروايات الشيعة به مستفيضة (٤) وقد ورد الحثّ على التسمية قبل الولادة كما سمّى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محسنا (٥).

وقوله بشهادة « عبيد الله » يوم الطفّ وهم سبقه إليه هشام الكلبي (٦) ويحيى بن الحسن العلوي ، وإنّما قتل عبيد الله يوم المذار في أصحاب مصعب ، قتله أصحاب المختار (٧) ودلّ عليه الأخبار (٨). وقد نبّه على كونه وهما الواقدي (٩) وأبو الفرج

__________________

(١) نسب قريش : ٤٤ و ٤٥.

(٢) الإرشاد : ١٨٦.

(٣) سيرة ابن إسحاق : ٢٤٧ ، المعارف : ٨٤ ، ولم نعثر عليه في جمهرة ابن بكّار.

(٤) راجع البحار ٤٢ : ٧٤ ، الباب ، ١٢٠.

(٥) الكافي ٦ : ١٨.

(٦) تاريخ الطبري ٥ : ١٥٤.

(٧) نقله عن يحيى أبو الفرج في مقاتل الطالبيّين : ٥٧.

(٨) إثبات الوصيّة : ١٣٢.

(٩) نقله عنه الطبري في تاريخه ٥ : ١٥٤.

٧٨

والطبري (١) وأبو حنيفة الدينوري وابن قتيبة الدينوري (٢).

ثمّ إنّه (٣) جعل أبا بكر ومحمّد الأصغر واحدا ، وجعلهما أبو الفرج والطبري اثنين من أمّين (٤) وقالا : أبو بكر من ليلى ، ومحمّد من أمّ ولد ( وهشام قال بأنّ محمّدا الأصغر من أسماء ) (٥) وزاد الأوّل أنّ أبا بكر لم يعرف اسمه ، وقال الثاني : شكّ في قتل أبي بكر بالطفّ. وقال الأوّل : وروي أنّ قاتله رجل من تميم ، وجعل جمانة وأمّ جعفر واحدة ، والطبري عدّهما اثنتين ، وزاد في البنات « رملة الصغرى » وقال : بأن اسم امّها لم يعلم كباقي البنات غير أمّ الحسن رملة الكبرى من أمّ سعيد بنت عروة. كما أنّ المفيد جعل الأبناء أحد عشر والطبري أربعة عشر ، وزاد « محمّد الأوسط » من امامة ونقل عن الواقدي « عونا » من أسماء هذا.

وروى في الكتاب المعروف بدلائل الطبري في عنوان « أخبار في مناقبها » عن سكينة وزينب ابنتي عليّ عليه‌السلام عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : قال النبيّ : فاطمة خلقت حوريّة في صورة إنسيّة ، وأن بنات الأنبياء لا يحضن (٦).

ولم أقف على من ذكر « سكينة » في بناته عليه‌السلام. وكيف كان فعدّ ابن قتيبة في بناته عليه‌السلام : أمّ أمّ أبيها وأمّ كلثوم الصغرى (٧) أيضا.

هذا ، وقال المفيد : أمّ كلثوم من سيّدة النساء وهي زينب الصغرى (٨). ولم أقف على من ذكر لأمّ كلثوم منها عليه‌السلام اسما ، وإنّما قال مصعب الزبيري وابن قتيبة هي أمّ كلثوم الكبرى (٩).

هذا ، وقال أبو الفرج : وذكر محمّد بن عليّ بن حمزة : أنّه قتل يومئذ إبراهيم بن عليّ بن أبي طالب وامّه أمّ ولد. قال أبو الفرج : وما سمعت بهذا عن غيره ، ولا رأيت

__________________

(١) تقدّم تخريجهما.

(٢) المعارف : ١٢٧ ، ولم نجده في الأخبار الطوال.

(٣) أي المفيد قدس‌سره.

(٤) مقاتل الطالبيّين : ٥٦ ، ٥٧ ، تاريخ الطبري ٥ : ١٥٤.

(٥) لم نقف على مأخذه.

(٦) دلائل الإمامة : ٥٢.

(٧) لم نجده في المعارف ، راجع ص ١٢٢.

(٨) الإرشاد : ١٨٦.

(٩) نسب قريش : ٤١ ، المعارف : ١٢٢.

٧٩

لإبراهيم في شيء من كتب الأنساب ذكرا (١).

قلت : وقفت على ذكر إبراهيم بن عليّ في مقتولي الطفّ أيضا في خلفاء ابن قتيبة (٢).

هذا ، وروى الكليني مسندا عن أبي الجارود ، عن الباقر عليه‌السلام ـ في خبر طويل ـ ثمّ إنّ عليّا عليه‌السلام حضره الّذي حضره ، فدعا ولده وكانوا اثني عشر ذكرا (٣).

وسيأتي خبر آخر وكلام المسعودي في فصل المقدوحين : أنّهم كانوا اثني عشر ، فما زاد في الناسخ من « عثمان الأصغر » و « جعفر الأصغر » و « عبّاس الأصغر » و « عمر الأصغر » (٤) بلا اعتبار.

وقال في الناسخ أيضا : واسم أمّ هانئ فاختة (٥).

قلت : لم أقف على ذكر أحد اسما لأمّ هانئ بنته عليه‌السلام وإنّما قالوا في أمّ هانئ اخته عليه‌السلام ذلك.

هذا ، وقد قالوا : إنّه عليه‌السلام أعقب من بنيه من خمسة : الحسن والحسين عليهما‌السلام وابن الحنفيّة والعبّاس وعمر (٦).

هذا ، وفي نسب قريش مصعب الزبيري زوّج عليّ عليه‌السلام بنته زينب الكبرى من عبد الله بن جعفر فولدت له : عليّا ، وأمّ كلثوم ، وجعفر الأكبر ، وعونا الأكبر ، وأمّ عبد الله. وقال : انقرض جعفر وعون ، وأمّ عبد الله لم تتزوّج ، وتزوّجت أمّ كلثوم القاسم بن محمّد بن جعفر ، زوّجها إيّاه الحسين عليه‌السلام وكان معاوية أرادها ليزيد (٧).

ولم يذكر هو والطبري في مقتولي الطفّ ابنا لها ، وإنّما ذكر أبو الفرج في مقاتله : أنّ عونا من زينب العقيلة قتل بالطفّ (٨).

__________________

(١) مقاتل الطالبيّين : ٥٧.

(٢) الإمامة والسياسة ٢ : ٧.

(٣) لم نعثر عليه في الكافي ، نقله البحار ٤٢ : ٧٨ عن الخرائج.

(٤) ناسخ التواريخ ٤ : ٣٤١ و ٣٤٢ و ٣٤٤.

(٥) ناسخ التواريخ ٤ : ٣٤١ و ٣٤٢ و ٣٤٤.

(٦) قاله في عمدة الطالب : ٦٤.

(٧) نسب قريش : ٨٢.

(٨) مقاتل الطالبيّين : ٦٠.

٨٠