تنبيهات حول المبدأ والمعاد

الميرزا حسنعلي مرواريد

تنبيهات حول المبدأ والمعاد

المؤلف:

الميرزا حسنعلي مرواريد


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: العتبة الرضويّة المقدّسة
المطبعة: مؤسسة الطبع والنشر في الآستانة الرضويّة المقدّسة
الطبعة: ٢
ISBN: 964-444-083-8
الصفحات: ٢٧٣

محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (١).

ويلوح من الروايتين الاوليين ، ورواية يحيى بن أبي العلاء ، ورواية العيص بن القاسم (٢) ، ورواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، ورواية الحلبيّ عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣) : أنّ وجوب الإفطار في السفر أيضا من هذا القبيل.

وأما ما ورد فيه حكم إلزامي من الله تعالى فليس للنبيّ الحكم بخلافه ، كما أنّه ليس للإمام الحكم بخلاف ما حكم به الله أو حكم به رسوله على سبيل الإلزام. ويدل عليه ما رواه الصدوق في العيون بسنده عن أحمد بن الحسن الميثمي عن الرضا صلوات الله عليه (٤). ورواية عبد الأعلى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٥). ورواية عبد الله بن سنان عنه أيضا (٦). وما دلّ على وجوب طرح ما خالف الكتاب (٧).

نعم ، ربما يكون الأمر أو النهي من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله غير إلزامي بحسب الواقع ، وإن كان ظاهر الأمر الإلزام ـ ولا بأس به كما ثبت في محله ـ وتكون رخصة الإمام كاشفة عن عدم كونه إلزاميا ، أو كاشفا عن كون الإلزام موقتا بوقت خاص ، كنهي الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أكل الحمر الأهلية في بعض الغزوات (٨).

وأما القسم الثاني أو الثالث ، وهو التفويض في كيفية التعليم والتبليغ وبيان الأحكام وفي الحكم على الناس على حسب ما تقتضيه المصالح ، إمّا من جهة تربيتهم بما فيهم من اختلاف الأوصاف والأحوال والعقول ، وإمّا من جهة حفظ دمائهم ودماء الشيعة ، فهو مقام رفيع أعطاه الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ما أكمل عقله ، وهو جار في الأئمة عليهم‌السلام بلا إشكال ،

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٥١٧ ، الباب ٢٢ من أبواب من صلاة المسافر.

(٢) الوسائل ١٠ : ١٧٥ ، الباب ١ من أبواب من يصحّ منه الصوم ، الحديث ٥ ، و ٧.

(٣) الوسائل ١٠ : ١٧٩ ، الباب ٢ من أبواب من يصحّ منه الصوم ، الحديث ٢ ، و ٣.

(٤) العيون ٢ : ٢٠ ، الوسائل ٢٧ : ١١٣ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢١ ، البحار ٢ : ٢٣٣ ، وستأتي الرواية في ص : ١٩٠.

(٥) الآتية في ص ١٨٣.

(٦) البحار ٢٥ : ٣٤٠.

(٧) راجع الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، البحار ٢ : ٢٤٢.

(٨) تقدّم في ص ١٧٨.

١٨١

كما هو مقتضى حكم العقل بلزوم وجوده في من بيده تربية الناس وسياستهم من قبل الله تعالى.

وقد دلّت عليه الروايات المتواترة ، أوردها في الكافي والبحار في أبواب مختلفة منها : باب أنّه جرى لهم من الفضل والطاعة مثل ما جرى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

وهذا القسم الثالث أيضا مورد الروايات المستفيضة الدالّة على أنّ كلمة آل محمد صلوات الله عليهم تنصرف إلى سبعين وجها لهم من جميعها المخرج ، كرواية داود بن فرقد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ، إنّ الكلمة لتنصرف على وجوه ، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب (٢).

ورواية إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : حديث تدريه خير من ألف ترويه ، ولا يكون الرجل منكم فقيها حتى يعرف معاريض كلامنا ، وإنّ الكلمة من كلامنا لتنصرف على سبعين وجها لنا من جميعها المخرج (٣).

ورواية علي بن أبي حمزة ، قال : دخلت أنا وأبو بصير على أبي عبد الله عليه‌السلام ، فبينا نحن قعود إذ تكلّم أبو عبد الله عليه‌السلام بحرف ، فقلت أنا في نفسي : هذا ممّا أحمله إلى الشيعة ، هذا والله حديث لم أسمع مثله قطّ. قال : فنظر في وجهي ، ثم قال : إنّي لأتكلم بالحرف الواحد لي فيه سبعون وجها ، إن شئت أخذت كذا ، وإن شئت أخذت كذا (٤).

ورواية أبي الصباح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّي لاحدّث الناس على سبعين وجها لي في كل وجه منها المخرج (٥).

ورواية الأحول عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أنتم أفقه الناس ما عرفتم معاني كلامنا ، إنّ كلامنا لتنصرف على سبعين وجها (٦).

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٦٥ ، البحار ٢٥ : ٣٥٢.

(٢) البحار ٢ : ١٨٣ ، عن معاني الأخبار.

(٣) البحار ٢ : ١٨٤ ، عن معاني الأخبار.

(٤) البحار ٢ : ١٩٨ ، ١٩٩ عن بصائر الدرجات.

(٥) البحار ٢ : ١٩٨ ، ١٩٩ عن بصائر الدرجات.

(٦) البحار ٢ : ١٩٨ ، ١٩٩ عن بصائر الدرجات.

١٨٢

ورواية أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قيل له وأنا عنده : إنّ سالم بن أبي حفصة يروي عنك أنك تتكلم على سبعين وجها لك من كلها المخرج ، فقال : ما يريد سالم مني؟! أيريد أن أجيء بالملائكة ، فو الله ما جاء بهم النبيون ، ولقد قال إبراهيم إنّي سقيم ، والله ما كان سقيما وما كذب ، ولقد قال إبراهيم : بل فعله كبير هم هذا ، وما فعله كبير هم وما كذب ، ولقد قال يوسف : أيّتها العير إنّكم لسارقون ، والله ما كانوا سرقوا وما كذب (١).

ورواية عبد الأعلى ، قال : سأل عليّ بن حنظلة أبا عبد الله عليه‌السلام عن مسألة وأنا حاضر فأجابه فيها ، فقال له عليّ : فإن كان كذا وكذا ، فأجابه بوجه آخر حتى أجابه بأربعة أوجه ، فقال عليّ بن حنظلة : يا أبا محمد! هذا باب قد أحكمناه ، فسمعه أبو عبد الله عليه‌السلام فقال له : لا تقل هكذا يا أبا الحسن فإنّك رجل ورع ، إنّ من الأشياء أشياء مضيّقة ليس تجري إلاّ على وجه واحد ، منها وقت الجمعة ليس لوقتها إلاّ حدّ واحد حين تزول الشمس ، ومن الأشياء موسّعة تجري على وجوه كثيرة ، وهذا منها ، والله إنّ له عندي لسبعين وجها (٢).

ومن الواضح أن ليس المراد منها ما توهمه بعض المنحرفين فتحا لباب التأويل في الروايات المباركات ، تثبيتا لأوهامهم الفاسدة من أنّ الكلمة الصادرة عنهم ذات وجوه مختلفة ومعان متعددة.

بل المراد أنّ الكلمة التي يريدون أن يتكلموا بها في بيان حكم من الأحكام مثلا لهم أن يغيروها إلى وجوه وصور مختلفة كل منها مشتمل على معنى غير المعنى الآخر ، لهم من جميعها المخرج.

وموضوعها ـ كما أشار إليه الإمام الصادق عليه‌السلام في رواية عبد الأعلى المتقدمة ـ هو الأحكام الموسّعة ، ويظهر ذلك من ملاحظة ما قاله الإمام عليه‌السلام في رواية عبد الله بن

__________________

(١) البحار ٢ : ٢٠٦ عن تفسير العيّاشيّ ، والبحار ٢ : ٢٠٩ عن رجال الكشّيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، بتفاوت يسير.

(٢) البحار ٢ : ٢٤٣ ، عن المحاسن ، البحار ٢ : ١٩٧ ، عن الاختصاص والبصائر ، بتفاوت يسير.

١٨٣

زرارة في وجه الاختلاف بين ما أمر به زرارة وما أمر به أبا بصير في عدد ركعات مجموع الفرائض والنوافل اليومية ، وفي عقد الإمام بالحجّ والعمرة.

ففي رجال الكشي عن عبد الله بن زرارة ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : اقرأ مني على والدك السلام وقل له : إنّي أعيبك دفاعا منّي عنك ، فإنّ الناس والعدوّ يسارعون إلى كلّ من قرّبناه وحمدنا مكانه ، لإدخال الأذى في من نحبّه ونقرّبه ، ويذمّونه لمحبتنا له وقربه ودنوّه منا ، ويرون إدخال الأذى عليه وقتله ، ويحمدون كل من عبناه نحن ... فإنّما أعيبك لأنّك رجل اشتهرت بنا وبميلك إلينا ... فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ، ويكون بذلك منا دافع شرهم عنك.

يقول الله جلّ وعزّ : ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ) (١). هذا التنزيل من عند الله صالحة ، لا والله ما عابها إلاّ لكي تسلم من الملك ولا تعطب على يديه ، ولقد كانت صالحة ليس للعيب فيها مساغ ، والحمد لله. فافهم المثل يرحمك الله فإنّك والله أحبّ الناس إليّ ، وأحبّ أصحاب أبي حيا وميتا. فإنّك أفضل سفن البحر القمقام الزاخر ، وإنّ من ورائك ملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليأخذها غصبا ثم يغصبها وأهلها.

ورحمة الله عليك حيا ورحمة الله ورضوانه عليك ميتا. ولقد أدّى إليّ ابناك الحسن والحسين رسالتك أحاطهما الله وكلأهما وحفظهما بصلاح أبيهما كما حفظ الغلامين ، فلا يضيقنّ صدرك من الذي أمرك أبي وأمرتك به وأتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك به ، فلا والله ما أمرناك ولا أمرناه إلاّ بأمر وسعنا ووسعكم الأخذ به ، ولكل ذلك عندنا تصاريف ومعان توافق الحقّ. ولو أذن لنا لعلمتم أنّ الحق في الذي أمرناكم ، فردّوا إلينا الأمر ، وسلّموا لنا ، واصبروا لأحكامنا وارضوا بها.

والذي فرّق بينكم فهو راعيكم الذي استرعاه الله خلقه ، وهو أعرف بمصلحة غنمه في فساد أمرها ، فإن شاء فرّق بينها لتسلم ، ثم يجمع بينها ليأمن من فسادها وخوف

__________________

(١) الكهف ٧٩.

١٨٤

عدوها في آثار ما يأذن الله ويأتيها بالأمن من مأمنه والفرج من عنده.

عليكم بالتسليم والردّ إلينا وانتظار أمرنا وأمركم وفرجنا وفرجكم. فلو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا ثم استأنف بكم تعليم القرآن وشرائع الدين والأحكام والفرائض كما أنزله الله على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنكر أهل البصائر فيكم ذلك اليوم إنكارا ، ثم لم تستقيموا على دين الله وطريقته إلاّ من تحت حدّ السيف فوق رقابكم. إنّ الناس بعد نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ركب الله به سنة من كان قبلكم ، فغيّروا وبدّلوا وزادوا في دين الله ونقصوا منه ، فما من شيء عليه الناس اليوم إلاّ وهو منحرف عمّا نزل به الوحي من عند الله.

فأجب ـ رحمك الله ـ من حيث تدعى إلى حيث تدعى حتى يأتي من يستأنف بكم دين الله استينافا. وعليك بالصلاة الستة والأربعين ، وعليك بالحجّ أن تهلّ بالإفراد وتنوي الفسخ إذا قدمت مكّة وطفت وسعيت فسخت ما أهللت به وقلبت الحجّ عمرة أحللت إلى يوم التروية ، ثم استأنف الإهلال بالحجّ مفردا إلى منى ، وتشهد المنافع بعرفات والمزدلفة ، فكذلك حجّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهكذا أمر أصحابه أن يفعلوا ، أن يفسخوا ما أهلّوا به ويقلبوا الحجّ عمرة.

وإنّما أقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على إحرامه ليسوق الذي ساق معه ، فإنّ السائق قارن ، والقارن لا يحلّ حتى يبلغ هديه محلّه ، ومحلّه المنحر بمنى ، فإذا بلغ أحلّ. فهذا الذي أمرناك به حجّ التمتع ، فالزم ذلك ولا يضيقنّ صدرك.

والذي أتاك به أبو بصير من صلاة إحدى وخمسين والإهلال بالتمتع بالعمرة إلى الحجّ ، وما أمرناه به من أن يهلّ بالتمتع فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم ، ولا يخالف شيء منه الحقّ ولا يضادّه ، والحمد لله رب العالمين (١).

فإنّ الظاهر من هذه الرواية أنّ ما أمر به أبو عبد الله عليه‌السلام زرارة هو الذي أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه الذين لم يكونوا مقيمين في الحرم ومن حاضري المسجد الحرام ـ كما عبّر عنهم في الكتاب الكريم ـ فأمرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالإهلال بالحجّ مع نية الفسخ عند قدوم مكّة ، والذي أمر به أبا بصير هو التمتع بالعمرة إلى الحجّ ، كما عليه الفتوى. ولعلّه كان

__________________

(١) رجال الكشّيّ : ١٣٨ ، البحار ٢ : ٢٤٦.

١٨٥

في الواقع توسعة وتخييرا ، لكنّهم صلوات الله عليهم أمروا الشيعة عند بعدهم عن الحرم بخصوص التمتع بالعمرة إلى الحجّ ، لمصالح معلومة لهم صلوات الله عليهم.

ويظهر ذلك أيضا من رواية أحمد بن الحسن الميثمي أنّه سأل الرضا صلوات الله عليه وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه ، وقد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الشيء الواحد ، فقال عليه‌السلام : إنّ الله حرّم حراما وأحلّ حلالا ، وفرض فرائض ، فما جاء في تحليل ما حرّم الله أو في تحريم ما أحلّ الله ، أو دفع فريضة في كتاب الله رسمها بيّن قائم بلا ناسخ نسخ ذلك ، فذلك ما لا يسع الأخذ به ، لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن ليحرّم ما أحلّ الله ولا ليحلّل ما حرّم الله ، ولا يغيّر فرائض الله وأحكامه ، كان في ذلك كله متّبعا مسلّما مؤدّيا عن الله ، وذلك قول الله : ( إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَ ) (١). فكان عليه‌السلام متّبعا لله ، مؤدّيا عن الله ما أمره به من تبليغ الرسالة.

قلت : فإنه يرد عنكم الحديث في الشيء عن رسول الله ممّا ليس في الكتاب وهو في السنّة ثم يرد خلافه ، فقال : كذلك قد نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أشياء نهي حرام فوافق في ذلك نهيه نهي الله ، وأمر بأشياء فصار ذلك الأمر واجبا لازما كعدل فرائض الله ، فوافق في ذلك أمره أمر الله ، فما جاء في النهي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهي حرام ثم جاء خلافه لم يسع استعمال ذلك ، وكذلك فيما أمر به ، لأنّا لا نرخّص فيما لم يرخّص فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا نأمر بخلاف ما أمر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ لعلّة خوف ضرورة. فأمّا أن نستحل ما حرّم رسول الله أو نحرّم ما استحل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا يكون ذلك أبدا ، لأنّا تابعون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مسلّمون له ، كما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تابعا لأمر ربّه مسلّما له ، وقال الله عزّ وجلّ : ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (٢).

وإن رسول الله نهى عن أشياء ليس نهي حرام بل إعافة وكراهة ، وأمر بأشياء ليس بأمر فرض ولا واجب بل أمر فضل ورجحان في الدين ، ثم رخّص في ذلك للمعلول وغير المعلول ، فما كان عن رسول الله نهي إعافة أو أمر فضل فذلك الذي يسع استعمال

__________________

(١) الإنعام ٥٠ ، يونس ١٥.

(٢) الحشر ٧.

١٨٦

الرخصة فيه.

إذا ورد عليكم عنّا فيه الخبران باتفاق ، يرويه من يرويه في النهي ولا ينكره ، وكان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما يجب الأخذ بأحدهما أو بهما جميعا أو بأيهما شئت وأحببت ، موسّع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والردّ إليه وإلينا. وكان تارك ذلك من باب العناد والإنكار وترك التسليم لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مشركا بالله العظيم.

فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله ، فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتّبعوا ما وافق الكتاب ، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما كان في السنّة موجودا منهيّا عنه نهي حرام ومأمورا به عن رسول الله أمر إلزام فاتّبعوا ما وافق نهي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمره. وما كان في السنّة نهي إعافة أو كراهة ثم كان الخبر الأخير خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول الله وكرهه ولم يحرّمه ، فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا. بأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتّباع والرد إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه فردّوا إلينا علمه ، فنحن أولى بذلك ، ولا تقولوا فيه بآرائكم. وعليكم بالكفّ والتثبّت والوقوف ، وأنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا (١).

ومن هذا القبيل الواجبات التخييرية التي للإمام أن يأمر بواحد شخصا ، ويأمر بالآخر شخصا آخر ، من غير تصريح بالتخيير ، ومنه المستحبات والمكروهات المختلفة درجات الاستحباب والكراهة فيها ، باختلاف وجود بعض الأجزاء والشرائط وعدمه في متعلقاتها ، وباختلاف أحوال موضوعاتها بحسب الزمان والمكان وأحوال المكلف المقتضي لاختلاف التعبيرات الظاهرة في الوجوب ، من غير تصريح بأنّه من الله أو من الرسول ، أو بأنّه حكم مولويّ من الإمام إحياء للسنة ، أو الظاهرة في التحريم ، من غير تصريح بأنه من الله أو من الرسول ، أو أنّه حكم مولوي إماتة لما كرهه الله ورسوله.

وربما يكون إخفاء الحكم الواقعي للتقية من العدوّ خوفا منه على الراوي أو على

__________________

(١) عيون أخبار الرضا (ع) ٢ : ٢٠ ، الوسائل ٢٧ : ١١٣ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢١.

١٨٧

جمع من الشيعة. وربما يكون نفس الاختلاف في الحكم مصلحة لجملة من الشيعة صيانة لهم من سطوات سلاطين الجور الخائفين من تشكل الشيعة واجتماعهم على أمر واحد.

وبالجملة : إنّ أكثر موارد الاختلاف هو الموسّعات التي يجوز لوليّ الأمر الاختلاف في كيفية الأمر والنهي إلزاميا أو غير إلزامي ، وفي جميع ذلك يجب إطاعة ولي الأمر في ما ظاهره الإلزام من الإمام ، ولو فرض عدم الإلزام من الله ومن رسوله واقعا.

ولا بأس بإخفاء الحكم الواقعي الموسّع على السائل عن السائل إذا كان فيه المصلحة ، كما ذكرنا ، ولذا ورد في غير واحد من الروايات أنّ عليكم السؤال وليس الجواب واجبا علينا ، كرواية أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (١) ، من هم؟ قال : نحن ، قلت : علينا أن نسألكم؟ قال : نعم ، قلت : عليكم أن تجيبونا؟ قال : ذاك إلينا (٢).

على أن منشأ الجهل كثيرا قصور فهم المستمع عن معاريض الكلام الصادر من الإمام.

ويحتمل جريان ما ذكرنا أيضا في الروايات المختلفة الواردة في علاج المتعارضين ، حيث إنّ مقتضى بعضها التخيير في الأخذ بأيّهما شئت إذا كان راوي كليهما ثقة ، ومقتضى روايات أخرى الأمر بالأخذ بما فيه المزيّة ، من أنّها أيضا موضوع لتلك الروايات التي موضوعها الموسّعات التي للإمام الولاية في كيفية الأمر بها والنهي عنها ، فإنّه وإن كان المشهور تقييد المطلق المذكور بما إذا لم يكن في أحدهما المزيّة على الآخر ، إلاّ أن مقتضى قبح تأخير البيان في الأحكام الإلزاميّة عن وقت الحاجة مؤيّد لما ذكرنا ، فيحمل ما دلّ على الأخذ بما فيه المزيّة على الاستحباب.

__________________

(١) النحل ٤٣.

(٢) الكافي ١ : ١٦٤ / ٦ ، الوسائل ٢٧ : ٦٦ ، الباب ٧ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٢.

١٨٨

تنبيه في مسألة البداء

من الأمور المهمّة التي يجب الاعتقاد بها جواز البداء لله تعالى شأنه ، ويدلّ عليه من الآيات المباركات :

قوله تعالى : ( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ. يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (١).

( وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ ) (٢).

( يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ ) (٣).

( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) (٤).

ومن الروايات ما عن الكافي بسنده عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : ما عبد الله عزّ وجلّ بشيء مثل البداء (٥).

وعن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : ما عظّم الله عزّ وجلّ بمثل البداء (٦).

وعن محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : ما بعث الله عزّ وجلّ نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال : الإقرار له بالعبودية ، وخلع الأنداد ، وأنّ الله يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء (٧).

وعن مرازم بن حكيم ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما تنبّأ نبيّ قطّ حتى يقرّ لله تعالى بخمس خصال : بالبداء ، والمشيئة ، والسجود ، والعبودية ، والطاعة (٨).

وعن الريّان بن الصلت ، قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : ما بعث الله نبيا قطّ إلاّ

__________________

(١) الرعد ٣٨ ، ٣٩.

(٢) المائدة ٦٤.

(٣) فاطر ١.

(٤) الروم ٤.

(٥) الكافي ١ : ١٤٦ ، باب البداء ، البحار ٤ : ١٠٧.

(٦) الكافي ١ : ١٤٦ ، باب البداء ، البحار ٤ : ١٠٧.

(٧) الكافي ١ : ١٤٦ ، باب البداء ، البحار ٤ : ١٠٧.

(٨) الكافي ١ : ١٤٦ ، باب البداء ، البحار ٤ : ١٠٧.

١٨٩

بتحريم الخمر وأنّ يقر لله بالبداء (١).

وعن مالك الجهني قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه (٢).

وسيظهر وضوح الدليل عقلا ونقلا على الحكم المذكور إن شاء الله تعالى.

فنقول : البداء لغة : الظهور ، المعبّر عنه بالفارسية بـ « پيدايش » ، فعن القاموس : بدا له في الأمر بدوّا وبداءة : نشأ له فيه رأي. وفي المنجد : بدا له في أمر : خطر له فيه رأي. وعن الصراح : بدوّ بضمتين : پيدايش.

فمنها يظهر أنّ البداء بمعنى حدوث الرأي لا الظهور في مقابل الخفاء.

ثم إنّ البداء وحدوث الرأي وتجدّده في الخارج قد يكون منشؤه الجهل ، كما هو الغالب في المخلوق ، وقد يكون منشؤه كمال القدرة والاختيار وعدم انحصار المصلحة فيما رآه أولا ، مع العلم الكامل بما كان وما يكون ووجوه المصلحة فيهما.

والظاهر أنّ المراد منه في الآيات والروايات المباركات أنّ الله تعالى وإن خلق الأشياء بمشيئته وإرادته ، وقدّرها إلى يوم القيامة بل قضى بها وكتبها ، ولكنه مع ذلك لم يفرغ من الأمر ، بل له الرأي والمشيئة في المحو والإثبات ، والزيادة والنقص ، والتقديم والتأخير ، والتغيير والتبديل ، وأنّها ليست عن جهل ، بل عن علم بما كان كما كان ، وبما يكون كما يكون.

ففي الكافي بسنده عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : ما بدا لله في شيء إلاّ كان في علمه قبل أن يبدو له (٣).

وعن داود بن فرقد ، عن عمرو بن عثمان الجهني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إن الله لم يبد له من جهل (٤).

وعن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : هل يكون اليوم شيء لم يكن

__________________

(١) الكافي ١ : ١٤٦ ، باب البداء.

(٢) الكافي ١ : ١٤٦ ، باب البداء.

(٣) الكافي ١ : ١٤٦ ، باب البداء.

(٤) الكافي ١ : ١٤٦ ، باب البداء.

١٩٠

في علم الله بالأمس؟ قال : لا ، من قال هذا فأخزاه الله ، قلت : أرأيت ما كان وما هو كائن يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال : بلى قبل أن يخلق الخلق (١).

وعن يونس ، عن جهم بن أبي جهمة ، عمن حدثه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إن الله جلّ وعزّ أخبر محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بما كان منذ كانت الدنيا ، وبما يكون إلى انقضاء الدنيا ، وأخبره بالمحتوم من ذلك ، واستثنى عليه فيما سواه (٢).

وفي البحار عن إكمال الدين عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من زعم أنّ الله عزّ وجلّ يبدو له في شيء لم يعلمه أمس فابرءوا منه (٣).

وفيه عن التوحيد ، بسنده عن إسحاق عمن سمعه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال في قول الله عزّ وجلّ : ( وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ ) لم يعنوا أنّه هكذا ، ولكنهم قالوا قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص ، فقال الله جلّ جلاله تكذيبا لقولهم : ( غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ ) ، ألم تسمع الله عزّ وجلّ يقول : ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (٤).

وعن تفسير العيّاشيّ ، قال أبو حمزة : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إن عليا كان يقول : إلى السبعين بلاء ، وبعد السبعين رخاء ، فقد مضت السبعون ولم يروا رخاء ، فقال لي أبو جعفر عليه‌السلام : يا ثابت ، كان الله قد وقّت هذا الأمر في السبعين ، فلما قتل الحسين عليه‌السلام اشتدّ غضب الله على أهل الأرض ، فأخّره إلى أربعين ومائة سنة ، فحدّثنا كم فأذعتم الحديث وكشفتم قناع الستر (٥) ، فأخّره الله ولم يجعل لذلك عندنا وقتا ، ثم قال : ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (٦).

وعنه أيضا عن حمران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ

__________________

(١) الكافي ١ : ١٤٦ ، باب البداء

(٢) الكافي ١ : ١٤٦ ، باب البداء

(٣) البحار ٤ : ١١١.

(٤) التوحيد : ١٦٧ ، البحار ٤ : ١٠٤.

(٥) ( كما في تفسير العيّاشيّ ٢ : ٢١٨ ، وفي البحار : السر ).

(٦) البحار ٤ : ١٢٠.

١٩١

وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) ، فقال : يا حمران! إنّه إذا كان ليلة القدر ونزلت الملائكة الكتبة إلى سماء الدنيا ، فيكتبون ما يقضى في تلك السنة من أمر ، فإذا أراد الله أن يقدّم شيئا أو يؤخّره أو ينقص منه أو يزيد أمر الملك فمحا ما شاء ، ثم أثبت الذي أراد. قال : فقلت له عند ذلك : فكل شيء يكون فهو عند الله في كتاب؟ قال : نعم ، فقلت : يكون كذا وكذا ثمّ كذا وكذا حتى ينتهي إلى آخره؟ قال : نعم ، قلت : أيّ شيء يكون بيده بعده؟ قال : سبحان الله ثم يحدث الله أيضا ما شاء الله تبارك وتعالى (١).

وعن العيون بإسناده عن الحسن بن محمد النوفلي في مكالمة سليمان المروزي في أمر البداء ، قال عليه‌السلام : ما أنكرت من البداء يا سليمان والله عزّ وجلّ يقول : ( أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً ) (٢) ، ويقول عزّ وجلّ : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) (٣) ، ويقول : ( بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) (٤) ، ويقول : ( يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ ) (٥) ، ويقول : ( وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ) (٦) ، ويقول عزّ وجلّ : ( وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ) (٧) ، ويقول عزّ وجلّ : ( وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتابٍ ) (٨).

قال سليمان : هل رويت فيه عن آبائك شيئا؟ قال : نعم رويت عن أبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : إنّ لله عزّ وجلّ علمين : علما مخزونا مكنونا لا يعلمه إلاّ هو ، من ذلك يكون البداء ، وعلما علّمه ملائكته ورسله ، فالعلماء من أهل بيت نبيّنا يعلمونه ، قال سليمان : أحبّ أن تنزعه لي من كتاب الله عزّ وجلّ ، قال : قول الله عزّ وجلّ

__________________

(١) البحار ٤ : ١١٩.

(٢) مريم ٦٧.

(٣) الروم ٢٧.

(٤) البقرة ١١٧.

(٥) فاطر ١.

(٦) السجدة ٧.

(٧) التوبة ١٠٦.

(٨) فاطر ١١.

١٩٢

لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ ) (١) ، أراد إهلاكهم ثمّ بدا لله تعالى وقال : ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٢). قال سليمان : زدني جعلت فداك ، قال الرضا عليه‌السلام : لقد أخبرني أبي عن آبائه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى نبيّ من أنبيائه أن أخبر فلان الملك أنّي متوفّيه إلى كذا وكذا ، فأتاه ذلك النبيّ فأخبره ، فدعا الله الملك وهو على سريره حتى سقط من السرير وقال : رب أجّلني حتى يشبّ طفلي وأقضي أمري ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى ذلك النبي أن ائت فلان الملك فأعلمه أنّي قد أنسأت أجله وزدت في عمره خمس عشرة سنة ، فقال ذلك النبي : يا ربّ إنّك لتعلم أني لم أكذب قطّ ، فأوحي الله عزّ وجلّ إليه : إنّما أنت عبد مأمور فأبلغه ذلك ، والله لا يسأل عما يفعل.

ثم التفت إلى سليمان فقال : أحسبك ضاهيت اليهود في هذا الباب ، قال : أعوذ بالله من ذلك ، وما قالت اليهود؟ قال : قالت اليهود : يد الله مغلولة ، يعنون أنّ الله قد فرغ من الأمر فليس يحدث شيئا ، فقال عزّ وجلّ : غلّت أيديهم ولعنوا بما قالوا. الخبر (٣).

وعن روضة الكافي وتفسير القمي بإسنادهما عن أبي عبيدة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزّ ذكره ( الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) ، قال : يا أبا عبيدة إنّ لهذا لتأويلا لا يعلمه إلاّ الله والراسخون في العلم من ( آل محمد ) (٤) عليهم‌السلام ، إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا هاجر إلى المدينة وقد ظهر الإسلام كتب إلى ملك الروم كتابا وبعث إليه رسولا يدعوه إلى الإسلام ، وكتب إلى ملك فارس كتابا وبعث إليه رسولا يدعوه إلى الإسلام. فأمّا ملك الروم فإنّه عظّم كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأكرم رسوله. وأمّا ملك فارس فإنّه مزّق كتابه واستخفّ برسول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم ، وكان المسلمون يهوون أن يغلب ملك الروم ملك فارس ، وكانوا لناحية ملك الروم أرجى منهم لملك فارس. فلمّا غلب ملك

__________________

(١) الذاريات ٥٤.

(٢) الذاريات ٥٥.

(٣) العيون ١ : ١٨٠ ، البحار ٤ : ٩٥.

(٤) كما في الروضة ، وفي تفسير القمّيّ : الأئمة.

١٩٣

فارس ملك الروم ( بكى لذلك ) (١) المسلمون واغتمّوا به ، فأنزل الله قرآنا :

( الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) يعني غلبتها فارس ( فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) وهي الشامات وما حولها ( وَهُمْ ) يعني فارس ( مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ ) الروم ( سَيَغْلِبُونَ ) يعني يغلبهم المسلمون ( فِي بِضْعِ سِنِينَ ). قوله : ( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ ) أن يأمر ( وَمِنْ بَعْدُ ) أن يقضي بما يشاء. قوله : ( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ ).

قلت : أليس الله عزّ وجلّ يقول : في بضع سنين ، وقد مضى للمسلمين سنون كثيرة مع رسول الله ، وفي إمارة أبي بكر ، وإنّما غلب المؤمنون فارس في إمارة عمر ، فقال : ألم أقل لك إنّ لهذا تأويلا وتفسيرا ، والقرآن ـ يا أبا عبيدة ـ ناسخ ومنسوخ ، أما تسمع قوله : ( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) ، يعني إليه المشيئة في القول أن يؤخّر ما قدّم ويقدّم ما أخّر ، إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين ، وذلك قوله عزّ وجلّ : ( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ ) (٢).

وعن الخرائج قال أبو هاشم : سأل محمد بن صالح أبا محمد عليه‌السلام عن قوله تعالى : ( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) ، فقال : له الأمر من قبل أن يأمر به ، وله الأمر من بعد أن يأمر به بما يشاء ... الخبر (٣).

وعن العيّاشيّ عن فضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إنّ الله كتب كتابا فيه ما كان وما هو كائن ، فوضعه بين يديه ، فما شاء منه قدّم ، وما شاء أخّر ، وما شاء منه محا ، وما شاء منه أثبت ، وما شاء منه كان ، وما لم يشأ منه لم يكن (٤).

وعن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين يقول : لو لا آية من كتاب الله لحدّثتكم بما يكون إلى يوم القيامة ، فقلت : أيّة آية؟ قال : قول الله : ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (٥).

__________________

(١) كما في البحار ، وفي تفسير القمّيّ : كره لذلك ، وفي الروضة : كره لذلك.

(٢) تفسير القمّيّ ٢ : ١٥٢ وعنه البحار ٤ : ١٠٠ ، روضة الكافي ٢٦٩ وعنه تفسير البرهان ٣ : ٢٥٨.

(٣) البحار ٤ : ١١٥ ، ورواه في تفسير البرهان ٣ : ٢٥٨ عن ثاقب المناقب.

(٤) البحار ٤ : ١١٩ ، عن تفسير العيّاشيّ.

(٥) البحار ٤ : ١١٨ ، عن تفسير العيّاشيّ.

١٩٤

توضيح الأمر في البداء يتوقف على بيان أمور

الأول : أنّ الله تعالى عالم أزلا بجميع الأنواع الممكنة من المخلوقات بأطوارها وكيفياتها المتضادة وغير المتضادة بما لها من الكثرة ، بل إنّها لا تناهي لها ، وهو تعالى عالم بنقائضها وتقديراتها قبل وجود شيء منها. وكذا قادر أزلا على إيجادها على الوجه الممكن من الإيجاد قبل وجود شيء منها أيضا.

وهذا معنى كونه تعالى عالما ولا معلوم وقادرا بلا مقدور ، كما هو المصرح به في الروايات المباركات. فليس علمه وقدرته عبارة عن الإضافة الاشراقية للوجود إليها ، كما قيل ، حتى في زمان وجود المعلوم والمقدور ، فكيف بما قبله ، بل العلم عبارة عن النور الذي تكشف به المعلومات قبل كونها وبعده. والقدرة عبارة عن السلطنة على إيجادها وعدمه ، وعلى أن يفعل وأن لا يفعل ، أوجدها أو لم يوجدها. وهذان كما في سائر كمالاته عين ذاته تعالى ، لهما الفعلية ، أي الواقعية كذاته ، أوجد شيئا أو لم يوجد.

الثاني : أن فعله وخلقته تعالى شيئا ليس برشح وفيضان من ذاته القدوس ، فإنه الولادة المنزّه ذاته عنها ، ولا بتطوّر وتشؤّن لذاته بالأطوار والشئون ، فإنه التغير المنزّه ذاته تعالى عنه أيضا ، فلا اقتضاء في ذاته يكون هو المرجح ، أي العلة لخلق شيء دون الآخر يوجب محدودية القدرة من هذه الجهة.

الثالث : أن ما عداه من العوالم لم يخلق من اصول أزلية ، وليس مسبوقا بمثال احتذاه ، كما صرح به في غير واحد من الخطب وغيرها أمير المؤمنين والأئمة عليهم‌السلام ، بل جميعها بما لها المادّة والصور النوعيّة والتقدير والنظم وسائر الأعراض إبداع منه تعالى ، خلقت لا من شيء. فلا محدودية من هذه الجهة أيضا.

الرابع : أنّ العلّة الغائيّة التي تخرج بها الأفعال عن العبث واللّغويّة ، وعن كونها غير مناسبة لصفة الحكمة في ذاته القدوس من جهة الحسن والقبح العقليين ، والمصلحة والمفسدة فيها ـ بعد وضوح عدم تأثيرها في قدرته تعالى وسلطنته تكوينا عليها ـ لا تنحصر في شيء واحد منها تكون هي المخصّص والمرجّح العقلي له دون غيره ، بل تكون في كثير منها ، بل يكون الحسن والمصلحة في كثير منها على السواء. ودعوى

١٩٥

حصرها في العالم الموجود دون غيره مجازفة. وفيما يكون المرجح العقلي في فعلين مثلا على السواء يكون المرجح في فعل أحدهما منحصرا بالمشيئة ، ويفعله الحكيم بمشيئته بلا تأمل ، لكونه محصّلا للغرض. فلا محدودية لذاته الحكيم من جهة حكمته توجب عليه خلقة هذا العالم الموجود دون غيره.

فتحصّل مما ذكرنا أنّ الذات القدوس له الإطلاق والحرية وعدم المحدودية في قدرته تكوينا مع عدم تناهي مقدوراته الممكن إيجادها ، وفي حكمته أي في قدرته بحسب حكم العقل أيضا بحسب الغالب لعدم انحصار ما فيه المصلحة والحسن في شيء معين من مقدوراته.

بل المخصص تكوينا وعقلا لإيجاده بعضها دون غيره منحصر في مشيئته وأمره فيفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.

وظهر مما ذكرنا أنّه لا بد للقادر من المشيئة كي تكون هي المرجح والعلة تكوينا للشيء ، وإلا لزم الترجيح بلا مرجّح الذي مرجعه إلى وجود المعلول بلا علة. فإنّ نسبة الذات القادر وقدرته لو لا مشيئته إلى مقدوراته على سواء. فإن كان ذاته لو لا مشيئته كافيا في وجود المقدور لزم وجود جميعها ، وإلاّ لزم عدم وجود شيء منها ، فلا مخصص للشيء الموجد إلاّ مشيئة ، والمشيئة فعله.

وإنّما أطلنا الكلام في المقام لدفع بعض الأوهام الصادرة من بعض الأقلام ، الموجب لتوهم وجوب خلقة هذا العالم وتعيّنه عليه تعالى شأنه. فنقول : ربّنا لك الحمد كما استحمدت به على أهله الذين خلقتهم له. اللهم ربّنا لك الحمد كما رضيت به لنفسك وقضيت به على عبادك.

ثم إنّه تعالى بعد ما خلق الخلق تكون قدرته وبسط يده على إبقائه وإفنائه وتبديله وتغيير ما قدر فيه زيادة ونقصا وتقديما وتأخيرا نظير قدرته على إيجاده وإحداثه ، لا ملزم له على إبقاء شيء منه ، لا تكوينا لسعة قدرته وعدم تناهي مقدوراته الممكنة ، ولا بحكم العقل إلاّ ما يقبح عقلا كالظلم ونظيره من القبائح العقليّة. التي منها خلف الوعد المنجز دون المشروط بشيء كما يشير إليه قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ

١٩٦

بِعَهْدِكُمْ ) (١) ، ودون خلف الوعيد ، كما يشير إليه قوله تعالى ( يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ ) (٢). وإلا فيما يكون فيه الحزازة ممّا لا يليق بكرمه تعالى ، كما يشهد عليه قوله تعالى : ( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ) (٣) ، ونحو ذلك ممّا هو أعلم بمواضعه بل هو العالم دوننا.

وبالجملة : أنّ مجرّد مشيئته وإرادته وتقديره بل وقضائه بشيء لا يوجب عليه تنفيذه وإمضاءه ، بل له تغييره بأيسر الدعاء وأيسر الطاعة وأيسر المعصية ، وبقول ما شاء الله وأمثال ذلك من الأفعال والأذكار.

فمن كتاب الإمامة والتبصرة من الحيرة لعلي بن بابويه بسنده عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان في بني إسرائيل نبيّ وعده الله أن ينصره إلى خمس عشرة ليلة ، فأخبر بذلك قومه فقالوا : والله إذا كان ليفعلنّ وليفعلنّ ، فأخّره الله إلى خمس عشرة سنة. وكان فيهم من وعده الله النصرة إلى خمس عشرة سنة ، فأخبر بذلك النبي قومه فقالوا : ما شاء الله ، فعجّله الله لهم في خمس عشرة ليلة (٤).

وعرفان العبد هذا الكمال له تعالى يفتح عليه باب الرجاء ، والخوف ، والدعاء ، والإنابة ، والمواظبة على الطاعة ، وترك المعصية ، والتوبة ، وابتغاء الوسيلة ، والاجتهاد في العبادة ، والتضرع إليه تعالى شأنه ، وصلة الأرحام والصدقة وغيرها.

تنبيه

الأدلّة الدالّة على الحثّ على الخصال المذكورة آنفا ونحوها في القرآن المجيد وفيما وصل إلينا من الأئمة الهداة ـ صلوات الله عليهم ـ قولا وعملا ، كل واحد منها دليل على ثبوت البداء له تعالى شأنه.

ففي الكافي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : ادع ولا تقل إنّ الأمر قد فرغ منه ، إن عند الله

__________________

(١) البقرة ٤٠.

(٢) آل عمران ١٢٩ ، المائدة ١٨ ، الفتح ١٤.

(٣) الأنفال ٥٣.

(٤) البحار ٤ : ١١٢

١٩٧

منزلة لا تنال إلاّ بمسألة (١).

وفيه عنه عليه‌السلام : إنّ الدعاء يردّ القضاء وقد نزل من السماء وقد أبرم إبراما (٢).

وفيه عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام : عليكم بالدعاء فإنّ الدعاء لله والطلب إلى الله يردّ القضاء وقد قدّر وقضي ولم يبق إلاّ إمضاؤه. فإذا دعي الله عزّ وجلّ وسئل صرف البلاء صرفة (٣).

وفيه بسنده عن عمر بن يزيد ، قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : إن الدعاء يردّ ما قدّر وما لم يقدّر ، قلت : وما قدّر عرفته ، فما لم يقدّر؟ قال : حتى لا يكون (٤).

ومما ذكرنا يظهر وجه الإصرار في الكتاب والسنة على تعليق الامور بمشيئة الله ، وترتب الثواب على القول بها وإظهار الاعتراف بها.

تنبيه

في البحار عن كتاب زيد النرسي عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما بدا لله بداء أعظم من بداء بدا له في إسماعيل ابني (٥).

وفيه عن إعلام الورى وإرشاد المفيد مسندا عن علي بن جعفر ، قال : كنت حاضرا أبا الحسن عليه‌السلام لما توفّي ابنه محمّد ، فقال للحسن : أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا (٦).

أقول : ليس المراد البداء في أمر الإمامة ، لضرورة الروايات ، بل لعلّه في رفع الاختلاف والفتنة التي تترتب على بقائهما بعد رحلة الإمامين عليهما‌السلام.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٤٦٦.

(٢) الكافي ٢ : ٤٦٩.

(٣) الكافي ٢ : ٤٦٩.

(٤) الكافي ٢ : ٤٦٩.

(٥) البحار ٤ : ١٢٢ ، و ٤٧ : ٢٦٩.

(٦) البحار ٥٠ : ٢٤٤.

١٩٨

بسم الله الرّحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

تنبيهات في المعاد

المعاد على ثلاثة معان : المعنى المصدريّ ـ أي العود ـ وهو الرجوع ، ومكان العود ، وزمانه. ومورد الكلام هو المعنى الأوّل. والمراد منه هنا : عود الإنسان بعد موته حيّا لجزاء أعماله التي ارتكبها في دار الدنيا باختياره.

الدليل العقليّ والنقليّ على ثبوت المعاد

المعاد أمر ثابت عقلا ونقلا ، يجب الاعتقاد به.

أما العقل فلأنّ الإنسان يجد بحسّه وعيانه أنّ من الناس قوما يؤمنون بالله ورسوله ويطيعونهما ، ويعملون الصالحات ويحسنون إلى العباد ، ومنهم قوم يكفرون بالله ويعصونه ويصرفون أعمارهم في الجناية والظلم. وكثيرا ما يكون الكافر والعاصي والظالم في سعة من المال ، وصحّة في البدن ، وأمن من الخوف ، وأمثال ذلك من نعم الله ، والمؤمن المطيع مظلوما مقهورا في أيدي الظلمة ، أو في ضيق من المعيشة ، وعلل في

١٩٩

الجسم ونحو ذلك ، وقلّ من يخلو منهما. والجميع يموتون على ما كانوا عليه من الحالتين ، فلو لم تكن بعد هذه الحياة دار يجزون فيها بأعمالهم ويقتصّ فيها من الجاني ، ويجبر كسر المظلوم كان ذلك منافيا لعدل الخالق الذي وصف نفسه بالعدل ونفي الظلم.

وتوهّم عدم الحاجة إلى المعاد فيما إذا كان المؤمن المطيع في السعة ، والكافر أو العاصي في الضيق في هذه الدنيا ، مدفوع بأنّ المشهود أنّ الجزاء كثيرا ما لا يعطى ، وإن أعطي فإنّه لا يستوفى.

وأيضا كان منافيا لحكمة الخالق الذي وصف نفسه بالحكمة ، ووصف عمله بالتنزّه عن العبث. وقد نبّه على هذين الحكمين في القرآن العظيم بقوله تعالي :

( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) (١).

( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ) (٢).

( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) (٣).

( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ. وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (٤).

( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ. فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (٥).

( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ ) (٦).

( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى ) (٧).

__________________

(١) السجدة ١٨.

(٢) القلم ٣٥.

(٣) ص ٢٨.

(٤) الجاثية ٢١ ، ٢٢.

(٥) الزلزلة ٦ ـ ٨.

(٦) المؤمنون ١١٥.

(٧) طه ١٥.

٢٠٠