تنبيهات حول المبدأ والمعاد

الميرزا حسنعلي مرواريد

تنبيهات حول المبدأ والمعاد

المؤلف:

الميرزا حسنعلي مرواريد


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: العتبة الرضويّة المقدّسة
المطبعة: مؤسسة الطبع والنشر في الآستانة الرضويّة المقدّسة
الطبعة: ٢
ISBN: 964-444-083-8
الصفحات: ٢٧٣

الانضمام الذي يحتاج المركب إليه صفة حادثة ، كما يظهر ذلك من إمكان زواله. وهذه الصفة لا تخلو إمّا أن تكون ذاتية للمركب أي ملازمة له ذاتا ، فملازم الحادث ذاتا حادث ، أو عارضة فيحتاج عروضها إلى علة ، لبداهة عدم إمكان حدوث شيء بلا علة ، والعلة إن كانت أمرا بسيطا أي غير مركب فينبغي أن يكون هو الأصل الأزلي الذي يحتاج المركب إليه ، لا المركب المحتاج ، وإن كانت أمرا مركّبا فينقل الكلام المذكور إليه.

وعن العيون بسنده عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن عرفة قال : قلت للرضا عليه‌السلام : خلق الله الأشياء بالقدرة أم بغير القدرة؟ فقال : لا يجوز أن يكون خلق الأشياء بالقدرة ، لأنّك إذا قلت : خلق الأشياء بالقدرة فكأنّك قد جعلت القدرة شيئا غيره ، وجعلتها آلة له بها خلق الأشياء ، وهذا شرك ... بل هو سبحانه قادر لذاته لا بالقدرة (١).

تنبيه

القدرة إنّما تتعلّق بشيء ممكن في ذاته دون الممتنع ، كالجمع بين النقيضين ، وليس ذلك نقصا فيها ، بل النقص في المتعلق وهو امتناعه ذاتا ، وهذا هو المراد من رواية ابن أذينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : هل يقدر ربك أن يدخل الدنيا في بيضة ، من غير أن تصغر الدنيا أو تكبر البيضة؟ قال : إن الله تعالى لا ينسب إلى العجز ، والذي سألتني لا يكون (٢).

وفي روايات أخر أوردها في البحار (٣) جوابان آخران مرجعهما إلى بيان أنّ ما يمكن في مورد السؤال أمران : أحدهما أن يصغّر الكبير أو يكبّر البيضة ، والثاني انطباع صورة الكبير في عدسة العين ، أو إحاطة الشعاع الذي قاعدته في العدسة على الكبير ، على أحد القولين في كيفية الإبصار ، وأنّ الله تعالى قادر عليهما جميعا ، وعدم التصريح

__________________

(١) البحار ٤ : ١٣٦ ، عن العيون.

(٢) البحار ٤ : ١٤٣ ، عن التوحيد.

(٣) البحار ٤ : ١٤٣.

١٤١

فيهما بعدم تعلق القدرة بالمحال ـ كما صرّح به أمير المؤمنين عليه‌السلام في الرواية المتقدمة وبيّنه الإمام الصادق عليه‌السلام لعمر بن أذينة ـ لعلّه إمّا لكون السائل معاندا ، فيتشبّث بقوله : الذي سألتني لا يكون لإثبات قصور القدرة وعجزه تعالى ، أو لكونه قاصر الفهم فيتوهم ذلك من كلام الإمام عليه‌السلام.

تنبيه

القدرة بالمعني المذكور كمال وجودي نجده في بعض الأحيان بالنسبة إلى بعض الأفعال ، ولا بدّ من إثباتها بلا حدّ في الحق المتعالي بالنسبة إلى جميع الأفعال ، كما هو المصرح به في قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، في مقابل الاضطرار إلى أحد طرفي الفعل والترك الذي هو نقص وعجز ومحدودية ، يجب عقلا تنزّهه تعالى عنه.

أدلّة القائلين بالجبر والجواب عنها

هنا وهم لا بدّ من التعرض له والجواب عنه ، وهو أن القدرة بالمعنى المذكور مما لا يمكن الالتزام به لا في الخالق ولا في المخلوق ، فإنّه ما لم يكن لأحد طرفي فعل الشيء وتركه مرجّح يكون ترجيحه على الطرف الآخر ترجيحا بلا مرجّح ، وهو محال ، ووجه استحالته أنّ الشيء الذي يريد أن يفعله الفاعل ولم يفعله بعد ، نسبته إلى طرفي الفعل والترك سيّان ، فإن كان لأحدهما مرجّح فيه تتمّ فاعلية الفاعل فيقع لا محالة ، وإلا لم يمكن وجوده ، لعدم تمامية العلة ، فيكون وجوده مع عدم تمامية العلة من قبيل وجود المعلول بلا علّة.

توضيحه : أنّ مقتضى تعريف القادر بأنّ الذي له السلطنة على طرفي الفعل والترك ، إن شاء فعل ، وإن شاء لم يفعل ، تعليق الفعل على المشيئة ، والمشيئة إن كانت حادثة فلا بدّ لها ـ كما في سائر الحوادث ـ من العلة ، ولا بدّ للعلة من كونها أمرا ذاتيا أزليا أو منتهيا إليه ، وإلا لزم التسلسل. ولذا جعل بعضهم المشيئة في الله تعالى العلم بالأصلح ، وفي المخلوق الشوق الأكيد المنتهية علله إلى مشيئة الله الأزلية ، بل قال إنّ نسبة فعل كل

١٤٢

فاعل إلى الله تعالى ـ الذي هو علة العلل ـ أولى من نسبته إلى الفاعل بالمباشرة ، وبعض أنهاها في العباد إلى سعادتهم وشقاوتهم الذاتية ، والذاتي لا يعلّل ، وقال : إنّ الله لم يجعل السعيد سعيدا ، والشقي شقيا وإنّما أوجدهما ، وبهذا يرفع استناده إليه تعالى.

والجواب عنه ـ مضافا إلى بطلان تفسير المشيئة بالعلم بالأصلح ، فإنّ المشيئة صفة الفعل ، والعلم صفة الذات ، ولذا يصح القول بأن الله لم يشأه ولا يصح القول بأنه لم يعلم إلاّ بعناية (١).

ومضافا إلى بطلان تفسيرها في المخلوق بالشوق الأكيد ـ لما نجد من أنفسنا أنّا وإن كنا مشتاقين إلى عمل غاية الاشتياق ، فإنّه لا يصدر منا إلاّ بالعزم لنا الوارد على جميع العلل التكوينية والشهوات والأشواق ، وفاعله النفس بما لها من القدرة التي أعطاها الله إياها وإليها ينتهي فعلها ، كما قال المحقق الطوسي : والضرورة قاضية باستناد أفعالنا إلينا (٢). ومضافا إلى بطلان ذاتية السعادة والشقاوة في الإنسان ـ :

أنّ المرجّح أي العلة الفاعلية لمشيئة الفاعل ، سواء تعلق بالفعل أو الترك ، هو ذات الفاعل بما له من القدرة ، كما يشهد بذلك أنّه ربما لا يكون لأحد الفعلين من جهة الخاصيّة والصلاح والفساد ، والحسن والقبح ، والسهولة والصعوبة ، وغيرها مزيّة على الفعل الآخر ، ومع ذلك لا نجد لأنفسنا نقصا في التمكن على كل من الفعلين ، كما ربما لا يكون لفعل الشيء في الجهات المذكورة مزيّة على تركه. وفي هذا الفرض أيضا لا نجد لأنفسنا نقصا في التمكن من الفعل والترك ، وفي الاستيلاء عليهما ، بل ولا توقفا في العمل. وفي صورة وجود المزيّة أيضا نجد أنّه لا تأثير لوجودها في مالكيتنا وتمكننا على كل من الطرفين ، ولكن لوجود العقل الكاشف عن الحسن والقبح ، والعلم بالمصلحة والمفسدة ووجود كمال الحكمة فينا لا نفعل المرجوح مع كمال القدرة على فعله ، فنسبة سلطنة القادر تكوينا على طرفي الفعل والترك في جميع الصور متساوية ، والمرجح لكل منها هو

__________________

(١) في صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : المشيئة محدثة. وفي رواية بكير بن أعين عنه عليه‌السلام : العلم ليس هو المشيئة ... الخبر ، التوحيد ١٤٦ ، البحار ٥ : ١٢٢.

(٢) كشف المراد ٣٠٨.

١٤٣

المشيئة والعزم منّا ، وفاعل المشيئة نفس القادر بما له من صفة القدرة ، فمن كمال القادر على شيء أنّه لا يحتاج في ترجيح فعله أو تركه على الطرف الآخر إلى غير مشيئتة.

وبعبارة أخرى فيها توضيح للمطلب : أنّ العلة الغائيّة من المصلحة والحسن والسهولة وامتثال أمر المولى وغيرها في أحد الطرفين وعلم الفاعل بها لا توجب عجزه وقصور قدرته وتمكنه تكوينا من الطرف الآخر ، ولا نفي صحة نسبة وجود الفعل أو عدمه على نحو الحقيقة إلى مشيئة الفاعل ، وإلى فاعل المشيئة الذي هو نفس الإنسان بما له من القدرة والسلطنة ، وإنّما توجب رجحانه العقلي واستحقاق المدح والشكر أو الذم على فعله أو تركه ، بل أحيانا استحقاق الثواب أو عقاب المولى ، ووجود الداعي تكوينا في نفس الفاعل وإعطاء الله القدرة إيّاه وسيلة لامتحانه واختباره. والحاصل أنّ العلة الفاعلية هو نفس الفاعل بما له من القدرة ، ومشيئته وإرادته وعزمه فقط ، وإليها تنتهي جميع أفعاله المقدورة ، وإليها تنسب حقيقة لا إلى الدواعي وموجدها.

بل ظهر مما ذكرنا أنّه لا بدّ له في القدرة والسلطنة من ثبوت المشيئة له ، لما ذكرنا من أنّ نسبة القدرة إلى فعل الشيء وتركه على السواء ، فلا بد لظهورها وتعلقها بأحدهما من مخصّص ، فلو كان المخصص غير الفاعل القادر ثبت له الاحتياج في صدور الفعل عنه إلى ذلك الغير ، أو كونه مسلوب القدرة ، وهذا خلف ، بخلاف ما لو كان المخصص مشيئته ، وفاعل المشيئة نفسه ، وهذا هو الغنى والكمال والقدرة ، ونحن نجد هذا الغناء الذي هو عطاء من الله تعالى بالنسبة إلى بعض الأفعال ، وهو ثابت له تعالى بالنسبة إلى جميع الأشياء لكونه كمالا ، كما يشير إليه مثل قوله تعالى : ( يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ ) (١) ( قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ) (٢) ، وقولهم عليهم‌السلام : ما شاء ربّي كان وما لم يشأ لم يكن (٣) ، يا من يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء أحد غيره (٤).

وبالتأمل في ما ذكرنا تندفع شبهات أوردوها في المقام ، نذكرها ونذكر غيرها

__________________

(١) آل عمران ٧٤.

(٢) آل عمران ٧٣.

(٣) البحار ١٠١ : ٢٩٩ ، عن مصباح المتهجد.

(٤) الكافي ٢ : ٥٤٩.

١٤٤

والجواب عنها :

منها : أنّ جميع الموجودات ـ سوى الله تعالى ـ ومنها البشر وأفعاله الاختيارية من الممكنات ، ولا يصلح لجعل الممكن وإيجاده إلاّ واجب الوجود ، فلا بدّ من استناد أفعال العباد إليه.

والجواب : إنّ الجعل والإيجاد الذي لا يصلح لأحد سوى الله تعالى هو الجعل والإيجاد بذات الفاعل ، وإيجاد البشر للفعل الاختياري ليس بذاته ، بل بالقدرة التي أعطاها الله إيّاه. فالقبائح الصادرة عنه اختيارا ليست مجعولة له تعالى ولا مستندة إليه.

وقد مرّ عن المحقق الطوسي ـ قدس‌سره ـ أنّ الضرورة قاضية باستناد أفعالنا إلينا. وفي الرواية : ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر (١).

نعم ، حيث إنّ الإنسان كسائر الممكنات مجعول ومخلوق له تعالى شأنه ، وجميع كمالاته من العلم والقدرة وغيرهما عطاء من الله تعالى أعطاها الله إيّاه ليطيعه بها لا ليعصيه ، وأعطاه الله العقل أيضا ليعرف به وجوب الطاعة ، وأكّده وأرشد إليه بأمره بها ، وهيّأ له أسبابها ، ووعده جزيل الثواب عليها .. يظهر بها صحّة القول بأنّ الله تعالى أولى بحسنات العبد منه ، والعبد أولى بسيّئاته منه تعالى ، وإن كان كلّ من الطاعة والمعصية مستندة إلى العبد ، وفعلا منه حقيقة وصادرا عنه بقدرته ومشيئته لا من الله تعالى ، ولا ينافي ذلك كون العبد ذا قدرة ومشيئة بمشيئة الله تعالى ، فتدبر جيدا كي لا يختلط عليك الأمر.

فعن العيّاشيّ عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قال الله تبارك وتعالى : ابن آدم! بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء وتقول ، وبقوتي أدّيت إليّ فرائضي ، وبنعمتي قويت على معصيتي ، ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، وذاك أنّي أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيئاتك مني ، وذاك أنّي لا أسأل عما أفعل وهم يسألون (٢).

__________________

(١) البحار ٣ : ٢٩٣ ، عن العيون.

(٢) البحار ٥ : ٥٦.

١٤٥

وعن قرب الإسناد عن ابن حكيم عن البزنطيّ ، قال : قلت للرضا عليه‌السلام : إنّ أصحابنا بعضهم يقول بالجبر ، وبعضهم يقول بالاستطاعة ، فقال لي : اكتب : قال الله تبارك وتعالى : يا ابن آدم! بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبقوّتي أدّيت إليّ فرائضي ، وبنعمتي قويت على معصيتي ، جعلتك سميعا بصيرا قويّا ، ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، وذاك أنّي أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك منّي ، وذلك أنّي لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فقد نظمت لك كلّ شيء تريد (١).

وعن تفسير علي بن إبراهيم بسنده عن السكوني عن جعفر عن أبيه صلوات الله عليهما ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ... إن الله يقول : يا ابن آدم! بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد ، وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي ، وبقوتي وعصمتي وعافيتي أدّيت إليّ فرائضي ، وأنا أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بذنبك منّي ، الخير منّي إليك بما أوليتك به ، والشرّ منّي إليك بما جنيت جزاء (٢).

قال المجلسيّ ـ قدس‌سره ـ : قوله تعالى : بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء ، أي شئت أن أجعلك شائيا مختارا ، وأردت أن أجعلك مريدا ، فجعلتك كذلك.

ومنها : أنّ الله تعالى كان عالما بكل شيء ، ومنه أفعال العباد ، فيجب أن تقع أفعالهم على طبق علمه وإلا لزم جهله.

والجواب : إنّه تعالى كما علم وقوع المعاصي والطاعات من العباد ، علم قدرتهم فيها وأنّهم يفعلونها بها ، والعلم كاشف لها على ما هي عليه ، وهذا معنى قول المحقق الطوسي : والعلم تابع (٣). وفي رواية الكافي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ الله لم يجبر أحدا على معصيته ، ولا أراد إرادة حتم الكفر من أحد ، ولكن حين كفر كان في إرادة الله أن يكفر ، وهم في إرادة الله وفي علمه أن لا يصيروا إلى شيء من الخير ... (٤).

__________________

(١) البحار ٥ : ٥٧ ، عن قرب الإسناد والتوحيد والعيون.

(٢) البحار ٥ : ٩٣.

(٣) كشف المراد ٢٣٠.

(٤) الكافي ١ : ١٦٢.

١٤٦

ومنها : أنّ علمه فعليّ وعلّيّ ، فإنّ علمه عين ذاته التي حيث ذاتها العلية لكل شيء ، فيجب أن يكون علمه أيضا علة لكل شيء ومنه أفعال العباد ، فيجب وقوعها.

والجواب : منع كون ذاته تعالى علة لأفعال العباد الاختيارية ، بل العلة مشيئة العبد القادر عليها بالقدرة التي أعطاها الله إيّاه.

ومنها : أنّ الشيء ما لم يوجد ـ ( بالفتح ) أي ما لم يكن موجودا ـ لم يوجد ( بالكسر ) ، وحيث إنّه لا وجود حقيقي للممكنات في ذواتها فلا إيجاد لها حقيقة ، فيكون الإيجاد مطلقا ـ حتى لأفعال العباد ـ له تعالى شأنه.

والجواب : يظهر مما مرّ من أنّ الإيجاد المخصوص بالله تعالى هو الإيجاد بذاته ، وإيجاد العباد ليس بذواتهم ، بل بالقدرة التي أعطاها الله إياهم.

ومنها : أنّ أفعالنا معلولة لإرادتنا ، والإرادة غير اختيارية ، ولا يجوز العقاب على أمر غير اختياري.

والجواب : إنّ الإشكال إنّما يرد لو كانت الإرادة بمعنى الشوق الأكيد ، وكانت هي بهذا المعنى العلّة الفاعلية أو الجزء الأخير منها للفعل ، والأمر ليس كذلك ـ كما مرّ ـ بل الإرادة هو العزم الوارد على الشوق ، المتأخر عنه ، وهو العلة الفاعلية ، والشوق ليس إلاّ المقتضي والداعي ، ولا بأس بانتهائه إلى الله ، بل هو مما يمتحن الله به العباد.

ومنها : أنّ الاختيار ـ أي اختيار الفعل الذي هو علة لوجود الفعل ـ يكون حادثا ، ولا بدّ له من محدث ، ومحدثه إن كان باختيار آخر منّا فيتسلسل الاختيار فينا ، وإن لم يكن باختيار منّا بل بالغير فنحن مجبورون في كل فعل على الاختيار الخاص ، ولا بدّ من انتهاء اختيارنا إلى الاختيار الأزلي فيلزم الاضطرار في الفعل ، ولذا قال بعضهم : نحن مضطرّون بصورة الاختيار.

والجواب : إنّ اختيارنا لكل فعل ـ بمعنى عزمنا عليه ـ نحن محدثوه بالقدرة التي أعطانا الله إياها ، وإلينا ينتهي ، وإلاّ لزم أن يكون اختيارنا هذا باختيار آخر ، فإنّ الفعل الاختياري الصادر منّا في الخارج هو الذي لا بد أن يكون بالاختيار ، وأمّا نفس الاختيار بمعنى العزم عليه فإنّه لا يحتاج إلى اختيار وعزم آخر.

١٤٧

ومنها : أنّ الفعل تابع للإرادة ، والإرادة ناشئة عن ذاتنا وطينتنا ، وهي لم تفوّض إلينا بل مستندة إلى الله تعالى ، ولازمه الجبر والاضطرار في الفعل. وعن بعض الأعاظم لدفع إشكال استنادها إلى الله : أنّ الذاتي لا يعلّل ، فلم يجعل الله السعيد سعيدا والشقيّ شقيا بل أوجدهما.

والجواب : إنّ السعادة والشقاوة من المقتضي والداعي ، وذاتنا وطينتنا بنفسها أيضا في سلسلة المقتضيات ، والعلة الفاعلية هي ذاتنا بالقدرة الحقيقية الواردة على جميع المقتضيات ، والقدرة تنافي الجبر.

ومنها : ما قالوا من أنّ المشيئة والإرادة الأزلية تعلّقتا بكل شيء ومنه الأفعال ، فيلزم الجبر.

والجواب : إنّ المشيئة والإرادة من صفات الفعل فلا تكونان أزليتين ، وهما تعلّقتا بأفعالنا الاختيارية ، أي بأن يكون صدور الأفعال منّا باختيارنا ، والله تعالى عالم بالعلم الذاتي ، والعلم كاشف عن الواقع ، فلا يلزم الجبر.

ومنها : ما قالوا من أنّ الحبّ للشيء حبّ لآثاره ولوازمه ، والله تعالى أحبّ نفسه ورضي بها ، فأحبّ آثارها ولوازمها ، وهي كل ما يتحقق ، ومنه أفعالنا.

والجواب : إنّه بعد تحقق الفعل عن العبد باختياره وبالقدرة التي ملّكها الله تعالى إيّاه لا يكون ذلك الفعل من لوازم الحقّ تعالى شأنه ، ومع نهيه تعالى عن إيقاعه وإيعاده كيف يصحّ القول بأنّه أحبه ورضي به؟! ففي سورة الزمر : ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) (١).

ومنها : أنّ الاختيار بالداعي اضطرار ، وعن بعض أنّ كل مختار غير الواجب الأول مضطر في اختياره ومجبور في أفعاله (٢).

والجواب : إنّه كذلك لو لا أن تفاض عليه القدرة بعد تحقق الداعي ، وأمّا بعد ورود القدرة عليه ـ كما هو المحقق في الأفعال الاختيارية ، وهي الحجة البالغة ـ فلا.

__________________

(١) الزمر ٧.

(٢) الأسفار ٦ : ٣١٢.

١٤٨

ففي مجمع البيان في تفسير قوله تعالى : ( وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا ) (١) ، وفي تفسير أهل البيت عليهم‌السلام : لو شاء الله أن يجعل كلهم مؤمنين معصومين حتى كان لا يعصيه أحد لما كان يحتاج إلى جنّة ولا إلى نار ، ولكنه أمرهم ونهاهم وامتحنهم وأعطاهم ما به عليهم الحجة من الآلة والاستطاعة ليستحقوا الثواب والعقاب (٢).

ومنها : لو كان العبد فاعلا للإيمان لما وجب عليه الشكر عليه ، والتالي باطل إجماعا فالمقدم مثله.

والجواب : إنّ الشكر على تعريفه تعالى إيّاه نفسه وتمكينه على الإيمان وتوفيقه له.

ومنها : الأدلة السمعية من الآيات والروايات ، منها الآيات الكريمة :

( وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ ) (٣).

( قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ) (٤).

( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) (٥).

( وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا ) (٦).

( وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) (٧).

( وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ ) (٨).

( هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ ) (٩).

( وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا

__________________

(١) الأنعام ١٠٧.

(٢) مجمع البيان ٢ : ٣٤٦.

(٣) الصافات ٩٦.

(٤) الرعد ١٦.

(٥) الزمر ٦٢.

(٦) الأنعام ١٠٧.

(٧) البقرة ٢٥٣.

(٨) الأنعام ١٣٧.

(٩) فاطر ٣.

١٤٩

مُؤْمِنِينَ. وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ ) (١).

( ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ ) (٢).

( وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ. وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ) (٣).

( كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) (٤).

( وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً ) (٥).

( وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ) (٦).

ورواية الكلينيّ بسنده عن حريز بن عبد الله وعبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلاّ بهذه الخصال السبع : بمشيئة ، وإرادة ، وقدر ، وقضاء ، وإذن ، وكتاب ، وأجل ، فمن زعم أنّه يقدر على نقض واحدة فقد كفر (٧).

ورواية الصدوق بسنده عن حمدان بن سليمان ، قال : كتبت إلى الرضا عليه‌السلام أسأله عن أفعال العباد أمخلوقة هي أم غير مخلوقة؟ فكتب عليه‌السلام : أفعال العباد مقدّرة في علم الله عزّ وجلّ قبل خلق العباد بألفي عام (٨).

وروايته أيضا بسنده عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم‌السلام ، قال سمعت أبي عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : الأعمال على ثلاثة أحوال : فرائض ، وفضائل ، ومعاص ، فأما الفرائض فبأمر الله تعالى ، وبرضى الله ، وبقضاء الله ، وتقديره ، ومشيّته ، وعلمه. وأما الفضائل فليست بأمر الله ولكن برضى الله ، وبقضاء الله ، وبقدر الله ،

__________________

(١) يونس ٩٩ ، ١٠٠.

(٢) الحشر ٥.

(٣) القمر ٥٢ ، ٥٣.

(٤) المدثّر ٣١.

(٥) الدهر : ٣٠.

(٦) التكوير : ٢٩.

(٧) الكافي ١ : ١٤٩ ، البحار ٥ : ١٢١ ، عن المحاسن بسنده عن أبي جعفر عليه‌السلام. وفيه وفي البحار بدل « نقض » : « نقص ».

(٨) العيون ١ : ١٣٦ ، وعنه البحار ٥ : ٢٩.

١٥٠

وبمشيئته وبعلمه. وأما المعاصي فليست بأمر الله ولكن بقضاء الله ، وبقدر الله ، وبمشيئته وبعلمه ، ثم يعاقب عليها (١).

وفي التوحيد بإسناده إلى أبي محمّد العسكري عن أبيه عن جدّه عليهم‌السلام قال : قال الرضا عليه‌السلام في ما يصف به الربّ : لا يجوز في قضيّته ، الخلق إلى ما علم منقادون ، وعلى ما سطر في المكنون من كتابه ماضون ، ولا يعملون خلاف ما علم منهم ، ولا غيره يريدون ... (٢).

والجواب : عن الآية الاولى يظهر بملاحظة صدرها : ( فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ. ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ. فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ. فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ. قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ. وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ ). (٣)

قال الطبرسي قدس‌سره في المجمع : أي وخلق ما عملتم من الأصنام. فكيف تدّعون عبادته وتعبدون معمولكم؟! وهذا كما يقال : فلان يعمل الحصير ، وهذا الباب من عمل فلان النجار ... فليس لأهل الجبر تعلق بهذه الآية في الدلالة على أنّ الله سبحانه خالق لأفعال العباد ، لأنّ من المعلوم أنّ الكفار لم يعبدوا نحتهم الذي هو فعلهم ، وإنّما كانوا يعبدون الأصنام التي هي الأجسام ، وقوله : « ما تنحتون » هو ما يعملون ، في المعني. على أنّ مبني الآية على التقريع للكفار والإزراء عليهم بقبيح فعلهم ، ولو كان معناه : والله خلقكم وخلق عبادتكم ، لكانت الآية إلى أن تكون عذرا لهم أقرب من أن تكون لوما وتهجينا ، ولكان لهم أن يقولوا : ولم توبّخنا على عبادتها والله تعالى هو الفاعل لذلك؟! فتكون الحجّة لهم لا عليهم. ولأنّه قد أضاف العمل إليهم بقوله : تعملون ، فكيف يكون مضافا إلى الله تعالى؟! وهذا تناقض ، ولما لزمتهم الحجة (٤). انتهى كلامه قدس‌سره.

أقول : ومنه يظهر الجواب عن الاستدلال بقوله تعالى : ( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ

__________________

(١) التوحيد ٣٧٠. البحار ٥ : ٢٩ عنه وعن العيون والخصال.

(٢) التوحيد ٤٧ ، وعنه في البحار ٥ : ١٠١.

(٣) الصافات ٩١ ـ ٩٦.

(٤) مجمع البيان ٤ : ٤٥٠.

١٥١

عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) (١) ، فإنّه أيضا منصرف عن أعمال العباد ، ولا سيّما بعد ملاحظة قوله تعالى : ( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) (٢) ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) (٣) ( خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ. هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) (٤).

وأمّا الآيات والروايات الدالة على أنّ الهداية والإيمان وسائر الأعمال بمشيئة الله وإرادته وقضائه فالجواب أنّ حكم العقل بنفي الجبر في الأعمال المقدورة للبشر ، وما دلّ من الآيات والروايات المذكورة لهذا الحكم العقلي والروايات المفسّرة لهذه الآيات ـ كما ستجيء جملة منها ـ قرينة قطعية على أنّ المراد من مشيئة الله تعالى وإرادته وتقديره وقضائه في الأفعال الاختيارية للبشر ليس بمعناها في غيرها ، وسيجيء توضيحها وبيان المراد منها.

الأدلّة النقليّة على نفي الجبر

في البحار عن العيون ... وقال الرضا صلوات الله عليه في روايته عن آبائه عن الحسين بن علي عليهما‌السلام : دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال : أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : أجل يا شيخ! فو الله ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من الله وقدر ، فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين ، فقال : مهلا يا شيخ ، لعلّك تظن قضاء حتما وقدرا لازما ، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، والأمر والنهي والزجر ، ولسقط معنى الوعد والوعيد ، ولم يكن على مسيء لائمة ، ولا لمحسن محمدة ، ولكان المحسن أولى باللائمة من المذنب ، والمذنب أولى بالإحسان من المحسن ، تلك مقالة عبدة الأوثان ،

__________________

(١) الزمر ٦٢.

(٢) النحل ١٧.

(٣) النحل ٢٠.

(٤) لقمان ١٠ ، ١١.

١٥٢

وخصماء الرحمن ، وقدرية هذه الامة ومجوسها. يا شيخ ، إن الله عزّ وجلّ كلّف تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.

فنهض الشيخ وهو يقول :

أنت الإمام الذي نرجو بطاعته

يوم النجاة من الرحمن غفرانا

إلى آخر الأبيات. (١).

وفيه عن الاحتجاج : روي عن علي بن محمّد العسكري عليهما‌السلام : في رسالته إلى أهل الأهواز في نفي الجبر والتفويض أنّه قال : روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنّه سأله رجل بعد انصرافه من الشام فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن خروجنا إلى الشام أبقضاء وقدر؟

فقال له أمير المؤمنين : نعم يا شيخ! ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من الله وقدره ، فقال الرجل : عند الله أحتسب عنائي ، والله ما أرى لي من الأجر شيئا.

فقال علي عليه‌السلام : بلى فقد عظّم الله لكم الأجر في مسيركم وأنتم ذاهبون ، وعلى منصرفكم وأنتم منقلبون ، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين.

فقال الرجل : وكيف لا نكون مضطرين والقضاء والقدر ساقانا ، وعنهما كان مسيرنا؟ فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لعلّك أردت قضاء لازما وقدرا حتما ، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد ، والأمر من الله والنهي ، وما كانت تأتي من الله لائمة لمذنب ، ولا محمدة لمحسن ، ولا كان المحسن أولى بثواب الإحسان من المذنب ، ولا المذنب أولى بعقوبة الذنب من المحسن ، تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان ، وجنود الشيطان ، وخصماء الرحمن ، وشهداء الزور والبهتان ، وأهل العمى والطغيان ، هم قدريّة هذه الأمّة ومجوسها ، إنّ الله تعالى أمر تخييرا ونهى تحذيرا ، وكلّف يسيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يرسل الرسل هزلا ، ولم ينزل القرآن عبثا ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظنّ الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.

__________________

(١) البحار ٥ : ١٣ ، عن العيون.

١٥٣

قال : ثم تلا عليهم : ( وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ) (١).

قال فنهض الرجل مسرورا وهو يقول :

أنت الإمام الذي نرجو بطاعته

يوم النشور من الرحمن رضوانا

إلى آخر الأبيات (٢)

أقول : وجه عدم الملامة على المسيء وعدم المحمدة على المحسن إذا كان العبد مجبورا واضح ، ولعلّ وجه عدم كون المذنب أولى بالذنب من المحسن وعدم كون المحسن أولى بالمدح من المذنب كونهما متساويين في عدم استناد الإحسان والإساءة إليهما.

وأما قوله في الرواية الاولى : لكان المحسن أولى ... فلا يبعد كونه مصحّفا ، وإن وجّهه العلاّمة المجلسيّ عليه‌السلام بوجوه ذكر بعضها في البحار ، وبعضها في المرآة ، فراجع (٣).

وعن اعتقادات الصدوق : وسئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ ) (٤) ، قال : مستطيعون للأخذ بما أمروا به ، والترك لما نهوا عنه ، وبذلك ابتلوا. وقال أبو جعفر عليه‌السلام : في التوراة مكتوب مسطور : يا موسى! إني خلقتك واصطفيتك وقوّيتك ، وأمرتك بطاعتي ، ونهيتك عن معصيتي ، ولي المنة عليك في إطاعتك ، ولي الحجة عليك في معصيتك (٥).

وعن الاحتجاج من سؤال الزنديق الذي سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن مسائل كثيرة : قال : أخبرني عن الله عزّ وجلّ كيف لم يخلق الخلق كلّهم مطيعين موحّدين ، وكان على ذلك قادرا؟

قال عليه‌السلام : لو خلقهم مطيعين لم يكن لهم ثواب ، لأنّ الطاعة إذا ما كانت فعلهم لم تكن جنّة ولا نار ، ولكن خلق خلقه فأمر هم بطاعته ، ونهاهم عن معصيته ، واحتجّ عليهم

__________________

(١) الإسراء ، ٢٣.

(٢) البحار ٥ : ٩٥.

(٣) البحار ٥ : ١٤ ، مرآة العقول ٢ : ١٧٥.

(٤) القلم ٤٣.

(٥) البحار ٥ : ٩.

١٥٤

برسله ، وقطع عذرهم بكتبه ، ليكونوا هم الذين يطيعون ويعصون ، ويستوجبون بطاعتهم له الثواب ، وبمعصيتهم إيّاه العقاب.

قال : فالعمل الصالح من العبد هو فعله ، والعمل الشرّ من العبد هو فعله؟ قال عليه‌السلام :

العمل الصالح العبد يفعله ، والله أمره ، والعمل الشرّ العبد يفعله والله عنه نهاه.

قال : أليس فعله بالآلة التي ركّبها فيه؟ قال عليه‌السلام : نعم ولكن بالآلة التي عمل بها الخير قدر بها على الشر الذي نهاه عنه.

قال : فإلى العبد من الأمر شيء؟ قال عليه‌السلام : ما نهاه الله عن شيء إلاّ وقد علم أنّه يطيق تركه ، ولا أمره بشيء إلاّ وقد علم أنّه يستطيع فعله ، لأنّه ليس من صفته الجور ، والعبث ، والظلم ، وتكليف العباد ما لا يطيقون.

قال : فمن خلقه الله كافرا أيستطيع الإيمان وله عليه بتركه الإيمان حجة؟ قال عليه‌السلام : إنّ الله خلق خلقه جميعا مسلمين ، أمرهم ونهاهم ، والكفر اسم يلحق الفعل حين يفعله العبد ، ولم يخلق العبد حين خلقه كافرا ، إنّه إنّما كفر من بعد أن بلغ وقتا لزمته الحجة من الله ، فعرض عليه الحقّ فجحده ، فبإنكاره الحقّ صار كافرا.

قال : فيجوز أن يقدّر على العبد الشرّ ويأمره بالخير وهو لا يستطيع الخير أن يعمله ويعذّبه عليه؟

قال عليه‌السلام : إنّه لا يليق بعدل الله ورأفته أن يقدّر على العبد الشرّ ويريده منه ، ثم يأمره بما يعلم أنّه لا يستطيع أخذه ... الخبر (١).

وعن التوحيد مسندا عن صباح الحذّاء عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سأله زرارة وأنا حاضر فقال : أفرأيت ما افترض الله علينا في كتابه وما نهانا عنه جعلنا مستطيعين لما افترض علينا ، مستطيعين لما نهانا عنه؟ فقال : نعم (٢).

وعن الطرائف : روى جماعة من علماء الإسلام عن نبيّهم صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : لعنت القدرية على لسان سبعين نبيّا ، قيل : ومن القدرية يا رسول الله؟ فقال : قوم يزعمون أنّ

__________________

(١) البحار ٥ : ١٨.

(٢) البحار ٥ : ٣٤.

١٥٥

الله قدّر عليهم المعاصي وعذّبهم عليها (١).

وعنه أيضا : روى صاحب الفائق وغيره من علماء الإسلام عن محمّد بن علي المكي بإسناده قال : إنّ رجلا قدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبرني بأعجب شيء رأيت ، فقال : رأيت قوما ينكحون أمّهاتهم وبناتهم وأخواتهم ، فإذا قيل لهم : لم تفعلون ذلك؟ قالوا : قضاء الله تعالى علينا وقدره ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : سيكون من أمّتي أقوام يقولون مثل مقالتهم ، أولئك مجوس أمّتي (٢).

وروى صاحب الفائق وغيره عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يكون في آخر الزمان قوم يعملون المعاصي ويقولون : إنّ الله تعالى قد قدّرها عليهم ، الرادّ عليهم كشاهر سيفه في سبيل الله (٣).

وعنه أيضا : روي أن رجلا سأل جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام عن القضاء والقدر ، فقال : ما استطعت أن تلوم العبد عليه فهو منه ، وما لم تستطع أن تلوم العبد عليه فهو من فعل الله. يقول الله للعبد : لم عصيت؟ لم فسقت؟ لم شربت الخمر؟ لم زنيت؟ فهذا فعل العبد. ولا يقول له : لم مرضت؟ لم قصرت؟ لم ابيضضت؟ لم اسوددت؟ لأنّه من فعل الله تعالى (٤).

وعن كنز الفوائد للكراجكي عن أيّوب بن نوح عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خمسة لا تطفأ نيرانهم ، ولا تموت أبدانهم : رجل أشرك ، ورجل عقّ والديه ، ورجل سعى بأخيه إلى السلطان فقتله ، ورجل قتل نفسا بغير نفس ، ورجل أذنب وحمل ذنبه على الله عزّ وجلّ (٥).

وفي البحار أيضا عن رسالة أبي الحسن الثالث صلوات الله عليه في الردّ على أهل الجبر والتفويض : ... فأمّا الجبر الذي يلزم من دان به الخطاء فهو قول من زعم أنّ الله جلّ

__________________

(١) البحار ٥ : ٤٧.

(٢) البحار ٥ : ٤٧.

(٣) البحار ٥ : ٤٧.

(٤) البحار ٥ : ٥٩.

(٥) البحار ٥ : ٦٠.

١٥٦

وعزّ أجبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها. ومن قال بهذا القول فقد ظلّم الله في حكمه وكذّبه ، وردّ عليه قوله : ( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ) (١) ، وقوله : ( ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ) (٢) ، وقوله : ( إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) (٣) ، مع أي كثيرة في ذكر هذا. فمن زعم أنّه مجبر على المعاصي فقد أحال بذنبه على الله وقد ظلّمه في عقوبته ، ومن ظلّم الله فقد كذّب كتابه ، ومن كذّب كتابه فقد لزمه الكفر بإجماع الأمّة (٤).

وفيه عن الطرائف : حكي أنّ الحجّاج بن يوسف كتب إلى الحسن البصري ، وإلى عمرو بن عبيد ، وإلى واصل بن عطاء ، وإلى عامر الشعبي ، أن يذكروا ما عندهم وما وصل إليهم في القضاء والقدر ، فكتب إليه الحسن البصري : إنّ أحسن ما انتهى إليّ ما سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنّه قال : أتظنّ أنّ الذي نهاك دهاك؟! وإنّما دهاك أسفلك وأعلاك ، والله بريء من ذاك. وكتب إليه عمرو بن عبيد : أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : لو كان الزور في الأصل محتوما لكان المزوّر في القصاص مظلوما. وكتب إليه واصل بن عطا : أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : أيدلّك على الطريق ويأخذ عليك المضيق؟! وكتب إليه الشعبي : أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : كل ما استغفرت الله منه فهو منك ، وكل ما حمدت الله عليه فهو منه. فلما وصلت كتبهم إلى الحجاج ووقف عليها قال : لقد أخذوها من عين صافية (٥).

وعن التوحيد ومعاني الأخبار بإسناد رفعه إلى الصادق عليه‌السلام أنّه سأله رجل فقال له : إنّ أساس الدين التوحيد والعدل ، وعلمه كثير لا بدّ لعاقل منه ، فاذكر ما يسهل الوقوف

__________________

(١) الكهف : ٤٩.

(٢) الحجّ ١٠.

(٣) يونس ٤٤.

(٤) البحار ٥ : ٧١ عن تحف العقول ، البحار ٥ : ٢٢ عن الاحتجاج.

(٥) البحار ٥ : ٥٨.

١٥٧

عليه ويتهيّأ حفظه ، فقال عليه‌السلام : أمّا التوحيد فأن لا تجوّز على ربّك ما جاز عليك ، وأما العدل فأن لا تنسب إلى خالقك ما لا مك عليه (١).

وعن العيون ـ في حديث ـ عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمّد عليهم‌السلام : من زعم أنّ الله يجبر عباده على المعاصي أو يكلّفهم ما لا يطيقون فلا تأكلوا ذبيحته ، ولا تقبلوا شهادته ، ولا تصلّوا وراءه ، ولا تعطوه من الزكاة شيئا (٢).

ويدلّ على نفي الجبر ـ مضافا إلى ما مرّ من الروايات الصريحة وستجيء جملة أخرى منها ـ ما أشير إليه إجمالا في الروايات المتقدمة وغيرها ، ونبّه عليه العلاّمة السيد عبد الله شبّر قدس‌سره في بعض مؤلّفاته أخذا من الروايات. ومنها رسالة أبي الحسن الثالث عليه‌السلام ، أوردها المجلسيّ قدس‌سره في البحار (٣) : من أنّه يلزم من القول به مخالفة الكتاب العزيز ونصوصه والآيات المتظافرة فيه الدالّة على إسناد الأفعال إلينا ، كالآيات الدالّة على إضافة الفعل إلى العبد ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) (٤). ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ) (٥) ( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَ ) (٦) ( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ) (٧). ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ ) (٨). ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ) (٩). ( وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً ) (١٠). ( كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ ) (١١). ( وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ

__________________

(١) البحار ٥ : ١٦.

(٢) البحار ٥ : ١١ ، وسائل الشيعة ٢٤ : ٦٩ ـ الباب ٢٨ من أبواب الذبائح ، الحديث ٩.

(٣) راجع : ص ١٥٩.

(٤) ص : ٢٧ ، مريم ٣٧.

(٥) البقرة ٧٩.

(٦) الأنعام ١١٦ ، يونس ٦٦ ، النجم ٢٣ ، ٢٨.

(٧) الأنفال ٥٣.

(٨) المائدة ٣٠.

(٩) النساء ١٢٣.

(١٠) يوسف ١٨.

(١١) الطور ٢١.

١٥٨

لِي ) (١).

وكذا ما ورد في القرآن من مدح المؤمن على إيمانه ، وذمّ الكافر على كفره ، ووعده بالثواب والطاعة ، وإيعاده بالعقاب على المعصية ، كقوله : ( الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ ) (٢). ( الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) (٣). ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) (٤).

إلى أن قال : وكذلك الآيات الدالّة على أنّ أفعال الله تعالى منزّهة عن أن تكون مثل أفعال المخلوقين من التفاوت والاختلافات والظلم ، كقوله : ( ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ ) (٥). ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) (٦) ، والكفر والظلم ليس بحسن ، وقوله تعالى : ( وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِ ) (٧) والكفر ليس بحق ، وقوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ) (٨).

وكذا الآيات الدالّة على ذمّ العباد على الكفر والمعاصي ، كقوله تعالى : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ ) (٩) ، وكيف يجوز على زعمهم أن يقول الله : لم تفعلون مع أنّهم ما فعلوا؟! ويقول : ( لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ ) (١٠) ، و ( لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) (١١). ولنعم ما قال الصاحب بن عبّاد : كيف يأمر بالإيمان ولم يرده ، وينهي عن الكفر وقد أراده ، ويعاقب على الباطل وقد قدّره ، وكيف يصرف عن الإيمان ثم يقول : ( فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) (١٢) ،

__________________

(١) إبراهيم ٢٢.

(٢) المؤمن ١٧.

(٣) الجاثية ٢٨.

(٤) الانعام ١٦٠.

(٥) الملك ٣.

(٦) السجدة ٧.

(٧) الحجر ٨٥.

(٨) النساء ٤٠.

(٩) البقرة ٢٨.

(١٠) آل عمران ٧١.

(١١) آل عمران ٩٩.

(١٢) يونس : ٣٢ ، الزمر ٦.

١٥٩

ويخلق فيهم الكفر ثم يقول : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ ) ، ويخلق فيهم لبس الحق بالباطل ... ثمّ يقول : ( لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ ) ، و ( لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ... ) إلى آخر ما نقله عنه. (١)

معاني القضاء والقدر

يطلق القضاء في اللغة على معان استشهد عليها بشواهد من القرآن : أحدها : الأمر والإيجاب والحكم مولويا ، كقوله تعالى : ( وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ) (٢) ، وقوله تعالى : ( وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ ) (٣).

الثاني : الإعلام والإخبار ، كقوله تعالى : ( وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ ) (٤).

الثالث : الفراغ من الأمر ، كقوله تعالى حكاية عن يوسف : ( قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ ) (٥).

وقيل : يطلق أيضا على الخلق ، ومثّل له بقوله تعالى : ( فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ ) (٦).

والقدر أيضا يطلق على معان :

أحدها : وضع الأشياء في مواضعها من غير زيادة ونقصان ، وتقدير خصوصياتها تكوينا ، كقوله تعالى : ( وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها ) (٧). ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) (٨)

الثاني : بيان تلك الأوضاع والخصوصيات المقدرة على النحو المتحقق في الخارج ، والإخبار عنها وكتابتها في اللوح مثلا ، كقوله تعالى : ( إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ

__________________

(١) حقّ اليقين للسيّد شبر ٦٢.

(٢) الإسراء ٢٣.

(٣) المؤمن ٢٠.

(٤) الإسراء : ٤.

(٥) يوسف ٤١.

(٦) فصلت ١٢.

(٧) فصلت ١٠.

(٨) القمر ٤٩.

١٦٠