البراهين القاطعة - ج ٣

محمّد جعفر الأسترآبادي

البراهين القاطعة - ج ٣

المؤلف:

محمّد جعفر الأسترآبادي


المحقق: مركز العلوم والثقافة الإسلامية
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة بوستان كتاب
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-766-6
ISBN الدورة:
964-371-509-4

الصفحات: ٤٥٦

مستندي لان إلى منبع الحقّ بأنّ الحقّ الصادر منه عليه‌السلام أنّ إرادة الحقّ علّة بعيدة للأفعال وإرادة العبد علّة قريبة لها ووقوع الفعل موقوف عليهما ، كما أخبر الصادق من أهل البيت حيث قال : « لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين » (١). ولكن الأشعريّة قصّروا فقصروا النظر على العلّة البعيدة فقالوا بالجبر ، والمعتزلة قصّروا فقصروا النظر على العلّة القريبة ، فقالوا بالتفويض فالتقصير من القابل بل لا من الفاعل.

ومثل ذلك انتساب علم الطريقة وهو علم التصوّف إليه عليه‌السلام.

وأمّا علم التفسير فإليه منسوب ؛ لأنّ ابن عبّاس كان تلميذه فيه كما روي عنه أنّه قال : حدّثني أمير المؤمنين في تفسير الباء من ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) من أوّل الليل إلى آخره (٢).

وأمّا علم الفصاحة فهو منبعه حتّى قيل في كلامه : إنّه فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق. ويشهد عليه نهج البلاغة وغيرها.

ويدلّ على أعلميّته ما حكي أنّ عمر قال في اثنين وسبعين موضعا : « لو لا عليّ لهلك عمر » (٣) ، كما هو مسطور في بعض كتب العامّة بعد أن ردّه عليّ عليه‌السلام عن القضاء بالباطل الذي أراده أن يفعله جهلا ولعلّه ستأتي إلى بعضها الإشارة.

وممّا يدلّ عليه أنّه جاء إليه شخصان كان مع أحدهما خمسة أرغفة ومع الآخر ثلاثة ، فجلسا يأكلان فجاءهما ثالث وشاركهما ، فلمّا فرغوا رمى لهما ثمانية دراهم فطلب صاحب الأكثر خمسة فأبى عليه صاحب الأقلّ فتخاصما ورجعا إلى عليّ عليه‌السلام فقال : « قد أنصفك » فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّ حقّي أكثر وأنا أريد مرّ الحقّ ، فقال : « إذا كان كذلك فخذ درهما واحدا وأعطه الباقي » (٤).

__________________

(١) « التوحيد » : ٢٠٦ باب أسماء الله تعالى ، ح ١٠.

(٢) « كشف اليقين » : ٥٩.

(٣) « مناقب آل أبي طالب » ٢ : ٤٠٣ ـ ٤٠٥.

(٤) « الصواعق المحرقة » : ١٢٩ ، باختلاف.

٢٨١

وأنّه واقع مالكان جارية لهما جهلا في طهر واحد فحملت فأشكل الحال فترافعا إليه عليه‌السلام فحكم بالقرعة فصوّبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : « الحمد لله الذي جعل فينا أهل البيت من يقضي على سنن داود » (١) يعني القضاء بالإلهام.

وأنّه ركبت جارية جارية أخرى فنخستها (٢) ثالثة فوقعت الراكبة فماتت فقضى بثلثي ديتها على الناخسة والقامصة (٣) وصوّبه النبيّ (٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وأنّه قتلت بقرة حمارا فترافع المالكان إلى أبي بكر فقال : بهيمة قتلت بهيمة لا شيء على ربّها ، ثمّ مضيا إلى عمر فقضى بذلك أيضا ، ثمّ مضيا إلى عليّ عليه‌السلام فقال : « إن كانت البقرة دخلت على الحمار في منامه فعلى ربّها قيمة الحمار لصاحبه ، وإن كان الحمار دخل على البقرة في مأمنها فقتلته فلا غرر على صاحبها » فقال النبيّ : « لقد قضى عليّ بن أبي طالب بينكما بقضاء الله عزّ وجلّ (٥).

وأنّه جيء بشارب الخمر إلى أبي بكر فأمر بحدّه ، فقال الرجل : إنّي تعيّشت في جمع يعتقدون بحلّية الشراب ، ولم أكن عالما بحرمته ، فتحيّر أبو بكر فأرشده بعض الأصحاب إلى عليّ ، فأرسل إليه عليه‌السلام : فقال عليه‌السلام : « قل لأبي بكر : أرسل مع الشارب رجلين إلى مجالس المهاجرين والأنصار هل قرئ عليه آية تحريم الخمر أو أخبر به أم لا؟ فإن شهدا على الأوّل حدّ الرجل وإلاّ فلا » (٦) ففعل فكان الرجل صادقا في دعواه فنجا عن الحدّ الذي لم يكن مشروعا.

وأنّه قال رجل لآخر إنّي احتلمت على أمّك فتخاصما ، فأمر أبو بكر بالحدّ فقيل

__________________

(١) « الإرشاد » للمفيد ١ : ١٩٥ ، قضاء عليّ عليه‌السلام في اليمن.

(٢) نخست بمعنى غرزت جنبها أو مؤخّرها بعود أو نحوه.

(٣) القامصة : النافرة الضاربة برجلها. انظر « لسان العرب » ٧ : ٨٧ ، « قمص ».

(٤) « الإرشاد » للمفيد ١ : ١٩٦.

(٥) المصدر السابق : ١٩٨.

(٦) « بحار الأنوار » ، ٤٠ : ٢٩٨ ، ح ٧٣.

٢٨٢

له : لا بدّ من التأمّل فتحيّر ، فرجعوا إلى عليّ عليه‌السلام فقال : « النوم كالظلّ فإن أرادوا أقاموا الرجل في الشمس وحدّوا على ظلّه ولكن لا بدّ من تهديد الرجل لئلاّ يعود إلى مثل ذلك من الإيذاء » (١) ، وإلى غير ذلك من القضايا.

وأنّه جيء بقاتل ولد شخص إلى عمر فدفعه إلى وارثه فضربوه إلى أن زعموا أنّه قتل ، ولكنّه ما مات فبعد صحّته خرج من بيته فجاءوا به إلى عمر ، فأمر بقتله فأرسل القاتل إلى عليّ عليه‌السلام فمنع عليه‌السلام عمر ، فسأل الوارث ضياع دم ولده ، فقال عليه‌السلام : « كما أنّ لك عليه حقّا كذلك له عليك حقّ الضرب والجرح ، فاصبر حتّى يضربك ويجرحك ، فإذا صرت صحيحا فاقتله » ، فعفا الوارث وصالح حقّه مع حقّ القاتل ، فقال عمر : الحمد لله أرسلكم أهل البيت لهداية الناس ، لو لا عليّ لهلك عمر (٢).

وأنّه أمر عمر برجم الحاملة من الزنى فمنعه عليّ عليه‌السلام لقوله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) (٣) ، وقال عليه‌السلام : « اصبر حتّى تضع الحمل ووجد من يكفله فارجمها » ، فلمّا وضعته ماتت ولمّا أخبر عمر بذلك ، قال : « لو لا عليّ لهلك عمر » (٤).

وأنّ عمر أمر برجم امرأة سافر زوجها ، وولدت بعد ستّة أشهر فمنعه عليّ عليه‌السلام لقوله تعالى : ( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ) (٥) ، فرضي الرجل والمرأة فقال عمر : لو لا عليّ لهلك عمر (٦).

وأنّه أمر عمر بجلد خمسة رجال وامرأة فمنعه عليّ عليه‌السلام فأمر بقتل الأوّل وجلد الثاني ورجم الثالث ونصف الحدّ على الرابع وثلاث لطمات على الخامس ، فتحيّر

__________________

(١) « علل الشرائع » ٢ : ٢٦٤ ، الباب ٣٣٣.

(٢) « مناقب آل أبي طالب » ٢ : ٤٠٨ ، في ذكر قضاياه عليه‌السلام في عهد عمر.

(٣) الإسراء (١٧) : ١٥ ؛ فاطر (٣٥) : ١٨.

(٤) « مناقب آل أبي طالب » ٢ : ٤٠٤.

(٥) البقرة (٢) : ٢٣٣.

(٦) « مناقب آل أبي طالب » ٢ : ٤٠٧ ؛ « إرشاد القلوب » للديلمي ٢ : ٢١٣.

٢٨٣

عمر فسأل الناس عليّ عن السبب فقال عليه‌السلام : إنّ الأوّل يهوديّ وقد أفسد في دينه فيجب قتله ، والثاني زان فيجب جلده ، والثالث محصن فيجب رجمه ، والرابع عبد فينتصف حدّه ، والخامس مجنون فيجب تأديبه (١) ، فقال عمر : لو لا عليّ لهلك عمر.

إلى غير ذلك من القضايا.

وأنّه أرسل في عهد عثمان تاجر ولده وعبده إلى الكوفة للتجارة وكانا متشابهين سنّا وشكلا وقامة ، فادّعى العبد من شدّة الخدمات كونه مولى ، فترافعا إلى الحكّام فتحيّروا ، فجاء إلى عليّ عليه‌السلام فأمر قنبرا أن يعمل روزنتين في جدار ففعل ، فأمر المتخاصمين أن يخرجا رءوسهما من الروزنتين ففعلا ، فأمر قنبرا بضرب عنق العبد ، فلمّا حرّك السيف جرّ العبد رأسه إلى العقب فامتاز من المولى فأدّب عليه‌السلام العبد لما فعل. (٢)

وأنّه جاء رجل من الروم إلى معاوية فسأله عن أشياء ، منها عن شيء لا شيء فتحيّر ، فأرسل بمشاورة عمرو بن العاص فرسا إلى جنود الإمام عليّ عليه‌السلام قائلا لقائده : إنّ ثمنه شيء لا شيء إذا سئل بكم الفرس فأمر عليه‌السلام قنبرا بشراء الفرس وإراءة السراب لصاحبه عند الضحى ؛ متمسّكا بقوله تعالى : ( يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً ) (٣) ، فتعلّم معاوية فأسكت السائل بل ملك الروم. ونحو ذلك من القضايا الدالّة على كمال علمه وتفوّقه فيه على غيره ، المستلزمة للأفضليّة المقتضية للخلافة والإمامة. (٤)

ومنها : أنّه كان أزهد الناس بعد النبيّ حتّى طلّق الدنيا ثلاثا وقال : « يا دنيا إليك عنّي أبي تعرّضت أم إليّ تشوّقت؟ ، هيهات هيهات غرّي غيري ، لا حاجة لي فيك ، قد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيك : فعيشك قصير وخطرك يسير وأملك حقير ، آه آه من

__________________

(١) « الكافي » ٧ : ٢٦٥ ، باب النوادر ، ح ٢٦ ؛ « تهذيب الأحكام » ١٠ : ٥٠ ، ح ١٨٨.

(٢) « الكافي » ٧ : ٤٢٥ ، باب النوادر ، ح ٨ ؛ « تهذيب الأحكام » ٦ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، ح ٨٥١.

(٣) النور (٢٤) : ٣٩.

(٤) « مناقب آل أبي طالب » ٢ : ٤٢٥ ـ ٤٢٦.

٢٨٤

قلّة الزاد وطول الطريق وبعد السفر وعظم المورد » (١).

وعن بعض الروايات « وخشونة المضجع » (٢). مع قدرته عليها لاتّساع أبوابها عليه ، وكان قوته جريش الشعير ، وكان يختمه لئلاّ يضع [ أحد ] فيه إداما ، وكان يلبس خشن الثياب ، وكان نعله من ليف ، وقلّ أن يأتدم فإن فعل فبالملح أو الخلّ ، فإن ترقّى فنبات الأرض وإن ترقّى فبلبن ، وكان لا يأكل اللحم إلاّ قليلا ، ويقول : « لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوانات » (٣).

ومنها : أنّه كان أعبد الناس ، وكان لا يلتفت إلى غير الله حين العبادة حتّى استخرج من جسده حالة الصلاة النصل الذي لم يكن إخراجه قبلها ممكنا ، وكان يصلّي في نهاره وليلته ألف ركعة ، ولم يخل في صلاة الليل حتّى في ليلة الهرير ، وعتق ألف عبد بكسبه ، وكان يرقب الشمس في حربه فقيل له : ما ذا تصنع؟ فقال : « أنظر إلى الزوال لأصلّي » فقيل : في هذا الوقت؟! فقال : « إنّما نقاتلهم على الصلاة » (٤).

وروي أنّ جبهته صارت كركبة البعير لطول سجوده.

ومنها : كان أحلم الناس حتّى أوصى إلى الحسن عليه‌السلام أن لا يضرب على ابن ملجم أكثر من ضربة ، ويعطي من المأكل ما كان يأكل عليه‌السلام ، وعفا عن كثير من أعدائه ، ولمّا حارب معاوية سبق أصحاب معاوية إلى الشريعة فمنعوا من الماء ، فلمّا اشتدّ عطش أصحابه حمل عليهم وفرّقهم وهزمهم وملك الشريعة ، فأراد أصحابه أن يفعلوا ذلك بهم ، وقال : « افسحوا لهم عن بعض الشريعة » (٥).

ومنها : أنّه كان أشجع الناس ، وبسيفه ثبتت قواعد الإسلام ، وما انهزم في موطن

__________________

(١) « نهج البلاغة » : ٦٦٦ ، الرقم ٧٧.

(٢) « بحار الأنوار » ٤٠ : ٣٤٥ ، ح ٢٨.

(٣) « شرح نهج البلاغة » ، لابن أبي الحديد ١ : ٢٦.

(٤) « إرشاد القلوب » للديلمي ٢ : ٢١٧.

(٥) « بحار الأنوار » ٤١ : ١٤٥.

٢٨٥

قطّ. وقد نقل عن صعصعة في جواب معاوية أنّه قال : إنّه كان فينا كأحدنا يأكل معنا ويشرب ويجيبنا إلى ما ندعو ، وكان في غاية التواضع ومع ذلك كنّا نهابه مهابة الأمير المربوط للسيّاف الواقف على رأسه. وورد فيه : « أنّه إذا علا قدّ وإذا وسط قطّ » ومحارباته التي نزل في بعضها « والعاديات ».

ومنها : قلع [ باب ] خيبر وغيره ممّا لا يمكن أن يصدر من غيره ، ولا ينكره مخالف وموافق.

ومنها : إخباره بالغيب ولو قبل تحقّقه ، كإخباره بأنّه يقتل في شهر رمضان ، وإخباره بقتل ذي الثدية ؛ لمّا لم يجده أصحابه بين القتلى فتفحّصوا فكان كذلك ، وإخباره بعدم عبور أهل النهروان ، لمّا أخبره أصحابه بالعبور مرّتين وكان كذلك ، وإخباره بملك بني العبّاس وأخذ الترك الملك منهم ، ونحو ذلك من المغيّبات.

ومنها : أنّه كان مستجاب الدعوة. روي أنّه دعا على زيد بن أرقم بالعمى فعمي.

ومنها : رجوع الشمس له مرّتين :

إحداهما : في زمن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله حين تغشّاه الوحي وتوسّد فخذ أمير المؤمنين ، فلم يرفع رأسه حتّى غابت الشمس فصلّى عليّ عليه‌السلام العصر بالإيماء ، فلمّا استيقظ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال له : « سل الله يردّ عليك ، لتصلّي العصر قائما » (١).

والأخرى : بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله حين أراد أن يعبر الفرات ببابل واشتغل كثير من أصحابه بتعبير دوابّهم. وصلّى بنفسه في طائفة من أصحابه العصر ، وفاتت كثيرا منهم ، فتكلّموا في ذلك ، فسأل الله ردّ الشمس فردّت. (٢)

ومنها : أنّه كان أسخى الناس كما يشهد عليه ما سبق من بيان شأن نزول سورة ( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ ) (٣) ، وآية ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ ... ) (٤).

__________________

(١) « مناقب آل أبي طالب » ٢ : ٣١٧.

(٢) « إرشاد القلوب » للديلمي ٢ : ٢٢٧ ـ ٢٢٨.

(٣) الإنسان (٧٦) : ١.

(٤) المائدة (٥) : ٥٥.

٢٨٦

ومنها : أنّه كان أفضل ؛ لكثرة جهاده وعظم بلائه في وقائع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بأجمعها ، ولم يبلغ أحد درجته في غزوة بدر ، حيث قتل بنفسه نصف المشركين ، وقتل النصف الآخر غيره من المسلمين وثلاثة آلاف من الملائكة المسوّمين ، وفي غزوة أحد حيث قتل تسعة نفر من أصحاب الراية واحدا بعد واحد ، فانهزم المشركون ، واشتغل المسلمون بالغنائم ، فحمل خالد بن الوليد بأصحابه على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فضربوه بالسيوف والرماح والحجر حتّى غشي عليه ، فانهزم الناس عنه سوى عليّ عليه‌السلام فينظر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إليه بعد إفاقته وقال له : « اكفني هؤلاء » (١) ، فهزمهم عنه فكان أكثر المقتولين منه.

وفي يوم الأحزاب حيث قتل عمرو بن عبد ود وأحكم بنيان الإيمان ، وغير ذلك من الوقائع المأثورة والغزوات المشهورة ، فيكون عليّ عليه‌السلام أفضل ؛ لقوله تعالى : ( فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً ) (٢) فيكون هو الإمام لا غيره ؛ لقبح ترجيح المفضول والجاهل ، ولكن مثله عليه‌السلام ـ كما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مثل عيسى حيث أبغضه اليهود ، وقال النصارى في حقّه ما ليس حريّا له من كونه إلها (٣) ، فإنّ الغلاة قالوا بإلهيّته عليه‌السلام ، والنواصب أبغضوه ، وغيرهم من العامّة خذلوه ؛ ولهذا قال عليه‌السلام ـ كما روي عنه ـ : « الدهر أنزلني أنزلني حتّى قيل : معاوية وعلي » (٤). ونعم ما حكي عن الشافعي من أنّه قال :

أنا عبد لفتى أنزل فيه هل أتى

إلى متى أكتمه أكتمه إلى متى (٥)

وبالجملة إن أردنا بيان أوصافه يعجز اللسان عن تقريرها ويكلّ لسان القلم عن

__________________

(١) « الإرشاد » للمفيد ١ : ٨٢ ؛ « كشف المراد » : ٣٨٢.

(٢) النساء (٤) : ٩٥.

(٣) « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ٢١٩ ؛ « الفردوس بمأثور الخطاب » ٥ : ٣١٩ ، الرقم ٨٣٠٩.

(٤) انظر في هذا المعنى : « بحار الأنوار » ٣٣ : ٨٧.

(٥) « روضة الواعظين » ٢ : ١٣١ ، مجلس في ذكر فضائل أمير المؤمنين.

٢٨٧

تحريرها ، كما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « ولو أنّ الرياض أقلام والبحر مداد والجنّ حسّاب والإنس كتّاب ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام » (١) ، ونحن لا نثني ثناء عليه وهو عليه‌السلام كما أثنى على نفسه بقوله المرويّ عنه عليه‌السلام : « جميع ما في الكتب السماوية في القرآن ، وجميع ما في القرآن في الفاتحة ، وجميع ما في الفاتحة في بسم الله ، وجميع ما في بسم الله في باء بسم الله ، وجميع ما في باء بسم الله في نقطة الباء وأنا النقطة » (٢).

وقد ينسب إليه عليه‌السلام أنّه قال : « أنا آدم الأوّل ، أنا نوح الأوّل ، أنا آية الجبّار ، أنا حقيقة الأسرار ، أنا مورق الأشجار ، أنا مونع الثمار ، أنا مفجّر العيون ، أنا مجري الأنهار ـ إلى أن قال ـ : أنا الأسماء الحسنى التي أمر الله أن يدعى بها ، أنا ذلك النور الذي اقتبسه موسى من الهدى ، أنا صاحب الصور ، أنا مخرج من في القبور ، أنا صاحب يوم النشور ، أنا صاحب نوح ومنجيه ، أنا صاحب أيّوب المبتلى وشافيه ، أنا أقمت السماوات بأمر ربّي » (٣) ، وقال : « أنا الذي لا يتبدّل القول لديّ ، وحساب الخلق إليّ » (٤).

وقال : « أنا أقيم القيامة ، أنا مقيم الساعة ، أنا الواجب له من الله الطاعة ، أنا الحي الّذي أموت وإذا مت لم أمت ، أنا سرّ الله المخزون ، أنا العالم بما كان وما يكون ، أنا صلاة المؤمنين وصيامهم ، أنا مولاهم وإمامهم ، أنا صاحب النشر الأوّل والآخر ، أنا صاحب المناقب والمفاخر ، أنا صاحب الكواكب ، أنا عذاب الواجب ، أنا مهلك الجبابرة الأولى ، أنا مزيل الأوّل ، أنا صاحب الزلازل والرجف ، أنا صاحب الكسوف والخسوف ـ إلى أن قال ـ : أنا الطور ، أنا الكتاب المسطور ، أنا البيت المعمور ، أنا الذي بيده مفاتيح الجنان ومقاليد النيران ، أنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الأرض والسماء ، أنا المسيح حيث لا روح يتحرّك ولا نفس تنفّس غيري ، أنا صاحب القرون الأولى ،

__________________

(١) « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ٢٣١ ؛ « المناقب » للخوارزمي : ٣٢ ، ح ٢ ؛ « ينابيع المودّة » : ١٤٣.

(٢) « مصابيح الأنوار » ١ : ٤٣٥ ، ح ٨٤.

(٣) لم نعثر على من نسب هذا القول لأمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٤) لم نعثر على من نسب هذا القول لأمير المؤمنين عليه‌السلام.

٢٨٨

أنا الصامت ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله الناطق ، أنا جاوزت بموسى في البحر وأغرقت فرعون وجنوده ، أنا أعلم هماهم البهائم ومنطق الطير ، أنا الذي أحرز السماوات السبع والأرضين السبع في طرفة عين ، أنا المتكلّم على لسان عيسى في المهد ، أنا الذي يصلّي عيسى خلفي ـ إلى أن قال ـ : أنا محمّد ومحمّد أنا ـ إلى أن قال ـ : أنا صاحب سيل العرم ، أنا صاحب عاد والجنّات ، أنا صاحب ثمود والآيات ، أنا مدمّرها ، أنا منزلها ، أنا مرجعها ، أنا مهلكها ، أنا مدبّرها ، أنا بانيها ، أنا داحيها ، أنا مميتها ، أنا محييها ، أنا الأوّل ، أنا الظاهر ، أنا الباطن ، أنا مع الكور قبل الكور ، أنا مع الدور قبل الدور ، أنا مع القلم قبل القلم ، أنا مع اللوح قبل اللوح » (١) ، إلى غير ذلك من الأوصاف عليه‌السلام.

وقد روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « الصراط [ صراطان : ] صراط في الدنيا وصراط في الآخرة ، فأمّا صراط الدنيا فهو عليّ بن أبي طالب ، وأمّا صراط الآخرة فهو صراط جهنّم ، من عرف صراط الدنيا جاز على صراط الآخرة » (٢).

هذا مضافا إلى أنّ غيره غير صالح للإمامة ؛ لصدور قبائح فضيحة منهم سوى الكفر والظلم السابقين.

منها : أنّه خالف أبو بكر وأخواه كتاب الله في منع إرث الرسول لخير موضوع ؛ إذ لو كان حقّا لكان أهل البيت أدرى به ، ولما عارضوه (٣).

وقد روي عن العامّة أنّ فاطمة خرجت من الدنيا وهي ساخطة على الشيخين ،

__________________

(١) « مشارق أنوار اليقين » : ١٧٠ ـ ١٧١ ، وذكر بعض ألفاظ الرواية.

(٢) « تأويل الآيات » ١ : ٢٩ ، وفي بعض الروايات : « فأنا صراط الدنيا ... » وفي بعضها : « الصراط المستقيم أمير المؤمنين عليه‌السلام » كما في « معاني الأخبار » : ٣٢ ـ ٣٣ باب معنى الصراط. وانظر « تفسير نور الثقلين » ٥ : ٢١ ـ ٢٢ ؛ « تفسير الصافي » ١ : ٧٢ ـ ٧٣ ؛ « تفسير كنز الدقائق » ١ : ٦٩ ـ ٧٢.

(٣) « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ٢٦٥ ـ ٢٧٠ ؛ « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ١٦ : ٢١٢ ؛ « صحيح مسلم » ٣ : ١٣٨٠ كتاب الجهاد ، ح ٥٢ ؛ « صحيح البخاري » ٣ : ١١٢٦ أبواب الخمس ، ح ٢٩٢٦.

٢٨٩

وهذا يدلّ على إيذائهما لها ، وقد روي عنهم عن الرسول أنّ إيذاءها إيذاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) ، وإيذاء النبيّ إيذاء الله ، وهو كفر ومباشره ملعون كما في القرآن (٢).

ومنها : تخلّف الثلاثة عن جيش أسامة مع أمر النبيّ أن ينفذوا (٣).

ومنها : جهلهم بالأحكام كما أشرنا إليه (٤).

ومنها : إرادة بيت أمير المؤمنين وضرب الباب على بطن فاطمة حتّى ألقت جنينا (٥).

ومنها : حكم عمر بغير ما أنزل الله ، كما مرّ سابقا (٦).

ومنها : أنّه خرّق كتاب فاطمة حين ردّ أبو بكر عليها فدك ، وكتب لها كتابا ، وقصّت لعمر قصّتها فأخذه حيلة وخرّقه (٧).

ومنها : أنّه ولى عثمان الوليد في أمر المسلمين ، وقد ظهر منه شرب الخمر ، وصلّى بالناس وهو سكران (٨).

ومنها : أنّه ضرب عمّارا حتّى أصابه فتق ، وضرب أبا ذرّ وأرسله إلى الربذة (٩).

ومنها : أنّه أسقط القود عن ابن عمر وقد قتل الهرمز ، إلى غير ذلك من المعايب

__________________

(١) « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ٢٧٠ ؛ « الإمامة والسياسة » ١ : ١٣ ـ ١٤.

(٢) الأحزاب (٣٣) : الآية ٥٧.

(٣) « السيرة الحلبيّة » ٣ : ٢٢٨ ؛ « الملل والنحل » ١ : ٢٢ ؛ « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ١ : ١٥٩ ـ ١٦١ ؛ « الطرائف » ٢ : ٤٤٩ ؛ « الشافي » ٤ : ١٤٤.

(٤) « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ٢٧٦ ـ ٢٨٠ ؛ « الطرائف » ٢ : ٤٧١ ـ ٤٧٤ ؛ « الشافي » ٤ : ١٥٧ ـ ١٥٨.

(٥) « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ٢٧١ ؛ « الاحتجاج » ١ : ٢٠٩ ـ ٢١٢ ؛ « الملل والنحل » ١ : ٥٧ ؛ « إثبات الوصيّة » : ١٥٤ ـ ١٥٥.

(٦) مرّ في ص ٢٨٣.

(٧) « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ١٦ : ٢٧٤ ؛ « إثبات الهداة » ٤ : ٣٦٥ ، الرقم ٢٣١.

(٨) « الإصابة في تمييز الصحابة » ٦ : ٣٢٢ ، الرقم ٩١٤٨ ؛ « الاستيعاب » ٤ : ١٥٥٤ ، الرقم ٢٧٢١ ؛ « الأعلام » للزركلي ٨ : ١٢٢.

(٩) « إثبات الهداة » ٤ : ٣٦٧ ، الرقم ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ؛ « الشافي » ٤ : ٢٨٨ ـ ٢٩٠ ؛ « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ٣ : ٥٥.

٢٩٠

الموجبة لعدم القابلية لتولية حكم من الأحكام فضلا عن جميعها (١).

[ فيما قاله القوشجي من أفضليّة غيره والجواب عنه ]

والشارح القوشجي قال بعد أن ذكر المحقّق مناقب مولانا عليّ عليه‌السلام : « وأجيب بأنّه لا كلام في عموم مناقبه ووفور فضائله واتّصافه عليه‌السلام بالكمالات واختصاصه بالكرامات إلاّ أنّه لا يدلّ على الأفضليّة ـ بمعنى الزيادة في الثواب والكرامة ـ بعد ما ثبت من الاتّفاق الجاري مجرى الإجماع على أفضليّة أبي بكر ثمّ عمر ، ودلالة الكتاب والسنّة والآثار والأمارات على ذلك.

أمّا الكتاب فقوله تعالى : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى* الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى* وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى ) (٢). فالجمهور على أنّها نزلت في أبي بكر (٣) ، والأتقى أكرم ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) (٤) ، ولا يعني بالأفضل إلاّ الأكرم وليس المراد به عليّا ؛ لأنّ للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عنده نعمة تجزى وهي نعمة التربية.

وأمّا السنّة فقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر (٥) ، ودخل في الخطاب عليّ عليه‌السلام فيكون مأمورا بالاقتداء ، ولا يؤمر الأفضل ولا المساوي بالاقتداء سيّما عند الشيعة.

وقوله عليه‌السلام لأبي بكر وعمر : هما سيّدا كهول أهل الجنّة ما خلا النبيّين والمرسلين (٦).

وقوله عليه‌السلام : خير أمّتي أبو بكر ثمّ عمر (٧).

__________________

(١) « طبقات ابن سعد » ٥ : ١٦ ؛ « الشافي » ٤ : ٢٣٠ ؛ « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ٣ : ٥٩.

(٢) الليل (٩٢) : ١٧ ـ ١٩.

(٣) « التفسير الكبير » ١١ : ١٨٧ ؛ « تفسير روح المعاني » ٣٠ : ١٥٢ ؛ « تفسير روح البيان » ١٠ : ٤٥١.

(٤) الحجرات (٤٩) : ١٣.

(٥) « مسند أحمد » ٩ : ٧٤ ، ح ٢٣٣٠٥ ؛ « الجامع الصحيح ( سنن الترمذي ) » ٥ : ٦٠٩ ، ح ٣٦٦٢ ؛ « المستدرك على الصحيحين » ٣ : ٧٥ ؛ « مجمع الزوائد » ٩ : ٤٠ ـ ٤١ ، ح ١٤٣٥٩ ؛ « كنز العمّال » ١١ : ٦٥٢ ، ح ٣٢٦٥٦ ـ ٣٢٦٥٧.

(٦) « مجمع الزوائد » ٩ : ٤٠ ـ ٤١ ، ح ١٤٣٥٩ ؛ « كنز العمّال » ١١ : ٥٦١ ، ح ٣٢٦٥٢ وص ٥٦٢ ، ح ٣٢٦٥٤.

(٧) ذكره القوشجي « في « شرح تجريد العقائد » : ٣٧٩ ، ولم أعثر عليه في المصادر الحديثيّة.

٢٩١

وقوله عليه‌السلام : لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يتقدّم عليه غيره (١).

وقوله عليه‌السلام : لو كان بعدي نبيّ لكان عمر (٢) ، إلى غير ذلك من الأخبار الموضوعة التي افتروا بها على الرسول (٣).

ثمّ قال : وأمّا الآثار فعن محمّد بن الحنفيّة قلت لأبي : أيّ الناس أفضل بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال : أبو بكر ، قلت : ثمّ من؟ قال : عمر ، فخشيت أن أقول ثمّ فيقول : عثمان قلت : ثمّ أنت؟ قال : ما أنا إلاّ رجل من المسلمين (٤).

وعن عليّ عليه‌السلام : خير الناس بعد النبيّين أبو بكر ثمّ عمر ثمّ الله أعلم (٥) و(٦).

ثمّ قال : وأمّا الآثار والأمارات فما تواتر في أيّام أبي بكر من اجتماع الكلمة وتألّف القلوب وقهر أهل الردّة وتطهير جزيرة العرب عن الشرك ونحو ذلك ، وفي أيّام عمر من فتح جانب المشرق إلى أقصى خراسان ، وتقوية الضعفاء ، وإعراضه عن متاع الدنيا وطيّباتها ، ونحو ذلك. وفي أيّام عثمان من فتح البلاد وإعلاء الإسلام ، وجمع الناس على مصحف واحد مع ماله من الورع والتقوى ، ونحو ذلك ككونه ختنا للنبيّ على ابنتين ، وتشرّفه بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عثمان أخي ورفيقي في الجنّة (٧). وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا يستحيي ممّن يستحيي منه ملائكة السماء. وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّه يدخل الجنّة بغير حساب (٨) ». انتهى كلامه خذله الله.

والجواب عن قوله : « إلاّ أنّه لا يدلّ على الأفضليّة » إلى آخره :

__________________

(١) « كنز العمّال » ١١ : ٥٤٧ ، ح ٣٢٥٦٧ ، وفيه : « أن يؤمّهم غيره ».

(٢) « الجامع الصحيح » ٥ : ٦١٩ ، ح ٣٦٨٦ ؛ « مجمع الزوائد » ٩ : ٦٧ ، ح ١٤٤٣٣.

(٣) « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : ٣٧٩.

(٤) « صحيح البخاري » ٣ : ١٣٤٢ ، ح ٣٤٦٨.

(٥) ذكره القوشجي في « شرح تجريد العقائد » : ٣٧٩ ، ونقله في « سنن ابن ماجة » ١ : ٣٩ ، ح ١٠٦ بلفظ آخر.

(٦) « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : ٣٧٩.

(٧) « سنن ابن ماجة » ١ : ٤٠ ، ح ١٠٩ ؛ « مجمع الزوائد » ٩ : ١٠٦ ، ح ١٤٥٤٤.

(٨) « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : ٣٨٠.

٢٩٢

أوّلا : أنّ المناقب التي سلّمها كان منها كونه أعبد ، ولا ريب أنّ الزيادة في الثواب تترتّب على الزيادة في العبادة ؛ لكون ترتّب الثواب مأخوذا في حدّ الوجوب الذي هو ممّا يتحقّق في كثير من العبادات ، وهكذا الاستحباب.

وثانيا : أنّ المقصود من الإمامة إرشاد الناس ولا دخل فيه لزيادة الثواب ، وإنّما المناط فيه الأعلميّة ونحوها ، فبعد تسليم المناقب التي من جملتها الأعلميّة تكون المخالفة من أفحش الأغلاط.

والجواب عن الإجماع أوّلا : أنّه ممنوع ؛ فإنّ جماعة بني هاشم لم يوافقوا على ذلك ، وجماعة من أكابر الصحابة كسلمان وأبي ذرّ والمقداد وعمّار وحذيفة وسعد بن عبادة وزيد بن أرقم وأسامة بن زيد وخالد بن سعيد بن العاص ، حتّى أنّ أباه أنكر ذلك وردّ الاعتذار بأنّه أكبر الصحابة منّا بأنّي أكبر منه ، وبني حنيفة كافّة لم يحملوا الزكاة إليه حتّى سمّاهم أهل الردّة وقتلهم وسباهم ، وأنكر عمر عليه ، وردّ السبايا أيّام خلافته ، سيّما أنّ رئيس المؤمنين كان غائبا حين اجتمع بعض العصاة على خلافته ابتداءً بالاتّفاق ، فأيّ اعتماد على مثل هذا الإجماع؟ فما خلا إجماعهم من علّة ؛ إذ قد خلا عنه رئيس الملّة.

وثانيا : أنّ الإجماع ليس أصلا بنفسه وحجّة برأسه إلاّ بالاستناد إلى حجّة حقيقيّة من العقل أو النقل من الله أو رسوله أو نحوه ، والعقل إن لم يكن دليلا على خلافه لا يكون دليلا عليه.

والنقل عندهم غير واقع ؛ إذ القرآن خال منه ، والنبيّ ـ على زعمهم ـ مات من غير وصيّة ولا نصّ على إمامته ، وما نقلوا منه سيأتي الجواب عنه.

وثالثا : أنّ الإجماع إمّا أن يعتبر فيه قول كلّ الأمّة أو بعضهم.

وعلى الأوّل لا ريب في عدم حصوله بل عدم حصول إجماع أهل المدينة أيضا كما لا يخفى.

وعلى الثاني يلزم كون إجماع الناس على قتل عثمان حقّا ؛ لإجماع أكثرهم عليه.

٢٩٣

ورابعا : أنّ النصّ القاطع والنور الساطع وردا على خلافة أمير المؤمنين ، والإجماع على خلافهما فاسد خطأ. وما دلّ على عدمه ـ على تقدير صحّته ـ غير قادح ؛ لعدم إجماع تمام الأمّة.

وخامسا : أنّ حصول الإجماع تدريجيّ قطعا وبديهة ، فلو اكتفى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله به لزم إهمال أمر الدين في مدّة مديدة وإبقاؤهم في الحيرة قبل حصوله ، وهذا لم يصدر عن أبي بكر حيث نصب عمر عندهم فكيف يصدر عن النبيّ؟

وسادسا : أنّ بيان الإمامة من أهمّ الواجبات حتّى أنّهم أعرضوا عن دفن رسول الله وتجهيزه واشتغلوا بانضباط أمرها ، فكيف يتصوّر ترك الرسول ذلك مع أنّه لم يبعث إلاّ لبيان الأحكام وإكمال الدين على أكمل النظام كما قال الله الملك العلاّم : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) (١).

ويشهد على ذلك أنّه ذكر في آداب الشراب وأكل الطعام ودخول الحمّام ، بل أحكام الخلوة ـ التي هي من أخسّ الأحكام ـ أحكاما كثيرة ولم يفوّضه على رأي الأمّة ، فكيف ذاك الأمر الجسيم والخطب العظيم؟

وسابعا : أنّ الرسول لم يأمر بنصب الإمام بعده ، فلو كان واجبا على الأمّة وجب عليه النصّ عليه.

وثامنا : أنّ أمير المؤمنين كان أعلم فكان أحقّ بالإمامة ، لقوله تعالى : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى ) (٢).

وتاسعا : أنّ متابعة أمير المؤمنين عليه‌السلام ممّا لا كلام للخصم عليه بخلاف متابعة أبي بكر ، فأيّ الفريقين أحقّ بالأمر إن كنتم تعلمون؟

وعاشرا : أنّ كلّ واحد من الأمّة يجوز عليه الخطأ ، فلو لم يكن فيهم من كان معصوما عنه ، كما كان أمر إجماعهم كذلك ، لخلوّه عن عليّ عليه‌السلام يكون محتمل الخطإ ،

__________________

(١) المائدة (٥) : ٣.

(٢) يونس (١٠) : ٣٥.

٢٩٤

فلا يصلح للتمسّك. وتلك عشرة كاملة يكفي للمنصف واحد منها بالبديهة.

والجواب عن الآية أوّلا : أنّها نزلت في أبي الدحداح حيث اشترى نخلة شخص يهوديّ وقد مال غصنها إلى بيت فقير مسلم جار له يمنع أولاده ذلك اليهوديّ عن أكل ما كان يسقط من تمرها ، حتّى كان يخرجه من فيهم بعد أن شكا ذلك الفقير عن ذلك عند الرسول ، وقد عرض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على صاحب النخلة نخلة في الجنّة فأبى ، فسمع أبو الدحداح فاشتراها بعد الإصرار ببستان له ، فوهبها للرسول وأعطاها الرسول للفقير وجعل لأبي الدحداح بستانا في الجنّة عوضها (١).

وثانيا : أنّ المراد عليّ بن أبي طالب ؛ وفاقا لما حكي عن أكثر المفسّرين (٢) ، كما يؤيّده قوله تعالى : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ ) ـ إلى قوله ـ ( لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً ) (٣).

وما قيل من أنّ عليّا كان عنده للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله نعمة التربية فمدفوع بالنقض والحلّ.

[ أمّا النقض ] فبأنّ أبا بكر أيضا عنده للنبيّ نعمة الهداية والإخراج عن الضلالة وسائر الإحسانات.

وأمّا الحلّ فبأنّ المراد من ال « أحد » من يعطى له المال كما تشهد عليه الآية المذكورة.

وثالثا : أنّ الآية لو كانت نازلة في شأنه لتمسّك بها في السقيفة.

ورابعا : أنّ الاحتمال يوجب الإجمال فلا يبقى سبيل للاستدلال.

وخامسا : أنّ الآيات النازلة في شأن عليّ عليه‌السلام أكثر من أربعين آية ، فلو كانت آية واحدة سببا للفضيلة فما ظنّك بالآيات الكثيرة في الغاية!

والجواب عن السنّة [ أوّلا ] : أنّ من جملة رواة الحديث الأوّل عبد الملك بن ربيع

__________________

(١) « قرب الإسناد » : ٣٥٥ ـ ٣٥٦ ، الرقم ١٢٧٣ ؛ « مجمع البيان » ١٠ : ٣٧٥ ؛ « تفسير نور الثقلين » ٥ : ٥٨٩ ، الرقم ٩ ؛ « تفسير القمّي » ٢ : ٤٢٥ ـ ٤٢٦.

(٢) « تفسير البرهان » ٤ : ٤٧١ ؛ « تأويل الآيات الظاهرة » : ٧٨٠ ؛ « تفسير كنز الدقائق » ١١ : ٣٩١.

(٣) الإنسان (٧٦) : ٨ ـ ٩.

٢٩٥

وهو ـ كما قال بعض الأجلّة ـ من مبغضي عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فلا اعتماد به.

وثانيا : أنّ ذلك الحديث منقول بعبارات مختلفة ففي بعضها أبو بكر بالرفع ، وفي بعضها أبا بكر بالنصب وفي بعضها أبي بكر بالجرّ.

وعلى الأوّل يحتمل أن يكون المعنى : اقتدوا أيّها الناس وأبو بكر وعمر باللذين من بعدي : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، كما يشهد عليه حديث « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي » (١). وعدم ذكر عثمان وعليّ مع أنّ السكوت في معرض البيان يفيد الحصر.

وعلى الثاني يحتمل أن يكون المعنى اقتدوا باللذين من بعدي يا أبا بكر وعمر.

وبالجملة فاضطراب متن الحديث يمنع عن الاستدلال لو لم يكن موضوعا.

وثالثا : أنّ ذلك الحديث معارض بما رووه من قوله عليه‌السلام : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم » (٢) ، مع إجماعهم على عدم إمامتهم.

ورابعا : أنّ أبا بكر وعمر اختلفا في كثير من الأحكام كتحريم المتعتين وعدمه ، فلا يمكن الاقتداء بهما.

وخامسا : أنّ الاقتداء لا يستلزم الإمامة.

والجواب : عن الحديث الثاني أوّلا أنّه موضوع.

وثانيا : أنّه مناف لما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « أهل الجنّة يدخلون الجنّة جردا مردا مكحّلين » (٣).

__________________

(١) « إكمال الدين » : ٦٤ ـ ٩٤ ؛ « الأمالي » للصدوق : ٤٢٢ ، المجلس ٧٩ ، ح ١ ؛ « الطرائف » ١ : ١١٤ ـ ١١٧ ؛ « النهاية في غريب الحديث » ١ : ٢١٦ ؛ « مجمع الزوائد » ٩ : ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ، ح ١٤٩٥٧ ـ ١٤٩٦٢ ؛ « مسند أحمد بن حنبل » ٤ : ٣٠ ، ح ٧ ؛ « المناقب » لابن المغازلي : ٢١٤ ـ ٢١٥ ، ح ٢٨١ ـ ٢٨٤.

(٢) « تلخيص الحبير » ٤ : ١٩٠ ـ ١٩١ ، ح ٢٠٩٨ ؛ « ميزان الاعتدال » ١ : ٤١٣ ، الرقم ١٥١١ ؛ « لسان الميزان » ٢ : ١١٨ ، الرقم ٤٨٨ ؛ « إتحاف السادة المتّقين » ٢ : ٢٢٣ ؛ « كشف الخفاء » ١ : ١٤٧ ، الرقم ٣٨١.

(٣) « مناقب آل أبي طالب » ١ : ١٩٣ ؛ « الجامع الصحيح » ٤ : ٦٧٩ ، الرقم ٢٥٣٩ ؛ « الترغيب والترهيب » ٤ : ٥٠٠ ، ح ١٠ ـ ١١ ؛ « إتحاف السادة المتّقين » ١٠ : ٥٤٩ ؛ « كشف الخفاء » ١ : ٢٧١ ، الرقم ٦١٤ وص ٣٠٥ ، الرقم ٨٠٦.

٢٩٦

وأمّا فتح البلاد فلا شكّ أنّه يصدر من الظالمين كثيرا ، كما نشاهد أنّ أظلم السلاطين افتحهم للبلاد ، مع أنّ مولانا كان على مرّ الحقّ وكان الحقّ مرّا صارت إطاعته كبيرة إلاّ على المتّقين الخاشعين.

وأمّا الشيخان فقد خلطا الحقّ مع الباطل فوافقا طباع الناس ، وحيث كان عثمان على الباطل الصرف تنفّر عنه الطباع كما لا يخفى.

وثالثا : أنّ الإمامة تستلزم الرئاسة العامّة ، فلا وجه للاختصاص بالكهول التي لا تشمل شباب أهل الجنّة ، وأنّ أهل الجنّة شباب كلّهم وأنّه لا يدخلها العجز.

ويظهر ممّا ذكرنا الجواب عمّا عدا ما أجبنا عنه مع عدم احتياجنا إلى الجواب عنه ؛ لكونه موضوعا في مقابل العقل والنقل سيّما ما دلّ على كون عليّ بمنزلة نفس النبيّ ونحوه ممّا لا ينكره أحد من المخالف والموافق. ويكفي في ذلك ما حكي عن ابن أبي بكر وابن عمر ومن التجأ إليهما إلى عليّ حين موتهما من عذاب الله. ونعم ما قال الشافعي في مدحه عليه‌السلام :

كفى في فضل مولانا عليّ

وقوع الشكّ فيه أنّه الله

ومات الشافعيّ وليس يدري

عليّ ربّه أم ربّه الله

أنا عبد لفتى أنزل فيه هل أتى

إلى متى أكتمه أكتمه إلى متى

قوم أتى في مدحهم هل أتى

ما شكّ في ذلك إلاّ ملحدا (١)

فلعن الله من خذل عليّا عليه‌السلام حتّى قال : « الدهر أنزلني أنزلني أنزلني حتّى قيل : معاوية وعليّ » (٢) ، مع أنّه كان شمس فلك الحقيقة ، وبدر بروج الطريقة ، وقطب سماء المعرفة ، ومركز دائرة الشريعة ، وما حي أهواء الطبيعة ، ومروّج الملّة.

والحاصل أنّ البشر المعصوم المنصوص الأفضل الذي هو الخليفة بلا فصل

__________________

(١) « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ١٦ : ١١٥ ، أقوال حكيمة في وصف الدنيا.

(٢) « فرحة الغري » : ٧.

٢٩٧

لخاتم النبيّين هو عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ردّا على العامّة العمياء يدلّ على ذلك ـ مضافا إلى أنّه منصوص بالتواتر ، وادّعى الإمامة الممكنة مع المعجزة ، وأنّه أعلم فهو راجح ، وأنّه معصوم بلا ريبة فهو مقدّم ـ ما رواه في « الكافي » عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) (١) قال : « هي ولاية أمير المؤمنين » (٢).

وعنه عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ ) (٣) قال : « بما جاء محمّد من الولاية [ ولم يخلطوها بولاية ] (٤) فلان وفلان فهو الملبّس بالظلم » (٥).

وعنه عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : ( فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) (٦) فقال : « عرّف الله إيمانهم بولايتنا وكفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق في صلب آدم عليه‌السلام وهم ذرّ » (٧).

وعن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ ) (٨) قال : « الولاية » (٩).

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : ( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ ) ـ في ولاية علي وللأئمّة من بعده ـ ( فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً ) (١٠) هكذا نزلت » (١١).

__________________

(١) الأحزاب (٣٣) : ٧٢.

(٢) « الكافي » ١ : ٤١٣ ، باب فيه نكت ... ح ٢.

(٣) الأنعام (٦) : ٨٢.

(٤) الزيادة أثبتناها من « الكافي » ١ : ٤١٣.

(٥) « الكافي » ١ : ٤١٣ ، باب فيه نكت ... ح ٣.

(٦) التغابن (٦٤) : ٢.

(٧) « الكافي » ١ : ٤١٣ ، باب فيه نكت ... ح ٤.

(٨) المائدة (٥) : ٦٦.

(٩) « الكافي » ١ : ٤١٣ ، باب فيه نكت ... ح ٦.

(١٠) الأحزاب (٣٣) : ٧٠.

(١١) « الكافي » ١ : ٤١٤ ، باب فيه نكت ... ح ٨.

٢٩٨

وفي مرفوعة محمّد بن عبد الله في قوله تعالى : ( لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ وَوالِدٍ وَما وَلَدَ ) (١) قال : « أمير المؤمنين عليه‌السلام وما ولد من الأئمّة » (٢).

وعنه عليه‌السلام في قوله تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) (٣) قال : « لأمير المؤمنين وللأئمّة عليهم‌السلام » (٤).

وعنه عليه‌السلام في قوله تعالى : ( وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) (٥) قال : « هم الأئمّة » (٦).

وعنه عليه‌السلام في قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ ) قال : « أمير المؤمنين عليه‌السلام والأئمّة » ( وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ) (٧) قال : « فلان وفلان » (٨).

إلى غير ذلك من الآيات والأخبار ، وقد ذكرنا كثيرا منها في كتاب المصباح.

وحيث ورد في فضيلة حجّة الله الأعظم المعصوم المنصوب المنصوص الأعلم ، إمامنا المفترض الطاعة والمودّة أمير المؤمنين وخليفة رسول ربّ العالمين.

عليّ حبّه جنّة

قسيم النار والجنّة

وصيّ المصطفى حقّا

إمام الإنس والجنّة (٩)

الحديث النبويّ « من كتب فضيلة من فضائل عليّ بن أبي طالب لم تزل الملائكة

__________________

(١) البلد (٩٠) : ١ ـ ٣.

(٢) « الكافي » ١ : ٤١٤ ، باب فيه نكت ... ح ١١.

(٣) الأنفال (٨) : ٤١.

(٤) « الكافي » ١ : ٤١٤ ، باب فيه نكت ... ح ١٢.

(٥) الأعراف (٧) : ١٨١.

(٦) « الكافي » ١ : ٤١٤ ، باب فيه نكت ... ح ١٣.

(٧) آل عمران (٣) : ٧.

(٨) « الكافي » ١ : ٤١٤ ـ ٤١٥ ، باب فيه نكت ... ح ١٤.

(٩) « المناقب » ٢ : ١٦٠.

٢٩٩

تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم ، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر » (١).

والحديث النبويّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « زيّنوا مجالسكم بذكر عليّ بن أبي طالب » (٢).

مضافا إلى الحديث النبوي : « لو أنّ الرياض أقلام والبحر مداد والجنّ حسّاب والإنس كتّاب ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام » (٣).

[ أربعون حديثا فى فضائله عليه‌السلام ]

كان المناسب ذكر أربعين حديثا فصاعدا في الفضائل عملا بحديث الأربعين.

فأقول :

[١] منها : ما رواه أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله يقول : « كنت أنا وعليّ على يمين العرش نسبّح الله قبل أن يخلق آدم عليه‌السلام بألفي عام ، ثمّ اختار الله لنا اسمين اشتقّهما ، فالله محمود وأنا محمّد ، والله العليّ وهذا عليّ ، فأنا للنبوّة والرسالة وعليّ للوصيّة والقضيّة » (٤).

[٢] ومنها : ما روي عن عبد الله بن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « خلقت أنا وعليّ من نور واحد » (٥).

[٣] ومنها : ما روي عن عبد الله بن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « عليّ منّي وأنا من عليّ ، لحمه من لحمي ودمه من دمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى » (٦).

__________________

(١) « الأمالي » للصدوق : ١١٩ ، المجلس ٢٨ ، ح ٩ ؛ « بحار الأنوار » ٢٦ : ٢٢٩.

(٢) « بشارة المصطفى » : ٦٠ ـ ٦١ ، « المناقب » لابن المغازلي : ١٩٩ ، ح ٢٥٥.

(٣) تقدّم في ص ٢٨٨ ، هامش (١).

(٤) « الأمالي » للطوسي : ١٨٣ ، المجلس ٨ ، الرقم ٣٠٨ ؛ « علل الشرائع » ١ : ١٦٢ ـ ١٦٣.

(٥) « بحار الأنوار » ٣٩ : ٢٦٦ ، ح ٤٠ ؛ « الفوائد المجموعة » للشوكاني : ٣٤٢ ـ ٣٤٣ باب مناقب الخلفاء ... ح ٤٠ ؛ « تنزيه الشريعة المرفوعة » ١ : ٣٥١ باب مناقب الخلفاء ... ح ٣٠.

(٦) « الأمالي » للطوسي : ٥٠ ، المجلس ٢ ، ح ٦٥ ؛ « كشف اليقين » : ٢٨٠ ؛ « المناقب » للخوارزميّ : ٣٢ ، ح ٢.

٣٠٠