البراهين القاطعة - ج ٢

محمّد جعفر الأسترآبادي

البراهين القاطعة - ج ٢

المؤلف:

محمّد جعفر الأسترآبادي


المحقق: مركز العلوم والثقافة الإسلامية
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة بوستان كتاب
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-766-6
ISBN الدورة:
964-371-509-4

الصفحات: ٥٦٨

[٥] فصل : في الرياح وأسبابها وأنواعها

وفيه أمور :

[ الأمر ] الأوّل : في الأخبار الواردة في هذا الباب ، وهي أخبار كثيرة :

منها : ما روي عن عليّ عليه‌السلام أنّه قال : « إنّ للريح رأس وجناحان » (١).

ومنها : ما روي عن كامل ، قال : كنت مع أبي جعفر عليه‌السلام بالعريض ، فهبّت ريح شديدة ، فجعل أبو جعفر عليه‌السلام يكبّر ، ثمّ قال : « إنّ التكبير يردّ الريح » وقال عليه‌السلام : « ما بعث الله ريحا إلاّ رحمة أو عذابا ، فقولوا : اللهمّ إنّا نسألك خيرها وخير ما أرسلت له ، ونعوذ بك من شرّها ومن شرّ ما أرسلت له ، وكبّروا وارفعوا أصواتكم بالتكبير ؛ فإنّه يكسرها » (٢).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما خرجت ريح قطّ إلاّ بمكيال إلاّ زمن عاد ؛ فإنّها عتت على خزّانها فخرجت في مثل خرق الإبرة ، فأهلكت قوم عاد » (٣).

وقال الصادق عليه‌السلام : « نعم الريح الجنوب ، تكسر البرد عن المساكين ، وتلقح الشجر ، وتسيل الأودية » (٤).

وقال عليّ عليه‌السلام : « الرياح خمسة منها العقيم ، فنعوذ بالله من شرّها وكان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا هبّت ريح صفراء أو حمراء أو سوداء تغيّر وجهه واصفرّ ، وكان كالخائف الوجل حتّى ينزل من السماء قطرة من مطر ، فيرجع إليه لونه ويقول : جاءتكم بالرحمة » (٥).

ومنها : ما روي عن العرزمي أنّه قال : سألت أبا عبد الله : من أين تهبّ الريح؟

__________________

(١) « الفقيه » ١ : ٥٤٤ ، ح ١٥١٧. ولعلّ الكلام مبنيّ على الاستعارة ، أي تشبه الطائر في أنّها تطير إلى كلّ جانب.

انظر « بحار الأنوار » ٥٧ : ٦ ، ح ٣.

(٢) نفس المصدر ، ح ١٥١٨.

(٣) « الفقيه » ١ : ٥٢٥ ، ح ١٤٩٤.

(٤) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٦ ، ح ٤.

(٥) « الفقيه » ١ : ٥٤٨ ، ح ١٥٢٥.

٥٢١

فقال : « إنّ الريح مسجونة تحت هذا الركن الشامي ، فإذا أراد الله عزّ وجلّ أن يرسل منها شيئا أخرجه إمّا جنوبا فجنوب ، وإمّا شمالا فشمال ، وإمّا صباء فصباء وإمّا دبورا فدبور ـ ثمّ قال ـ : ومن آية ذلك أنّك لا تزال ترى هذا الركن متحرّكا أبدا في الشتاء والصيف ، والليل والنهار » (١).

ومنها : ما روي عن أبي عبد الله أنّه قال ـ بعد ما سئل : لم سمّيت ريح الشمال شمالا؟ قال ـ : « لأنّها تأتي عن شمال العرش » (٢).

ومنها : ما روي عن أحدهم : « الريح العقيم تحت هذه الأرض التي نحن عليها قد زمّت بسبعين ألف زمام من حديد ، وقد وكّل بكلّ زمام سبعون ألف ملك ، فلمّا سلّطها الله عزّ وجلّ على عاد ، استأذنت خزنة الريح ربّها عزّ وجلّ أن تخرج منها مثل منخري الثور ، ولو أذن الله لها ، لما ترك شيئا على ظهر الأرض إلاّ أحرقته ، فأوحى الله تعالى إلى خزنة الريح : أن أخرجوا منها مثل ثقب الخاتم ، فأهلكوا بها » (٣).

[ الأمر ] الثاني : في سبب الرياح وحدّها

قال في البحار : « قال الرازي : حدّ الريح أنّه هواء متحرّك ، فنقول : كون هذا الهواء متحرّكا ليس لذاته ولا للوازم ذاته ، وإلاّ لدامت الحركة بدوام ذاته ، فلا بدّ وأن يكون بتحريك الفاعل المختار وهو الله جلّ جلاله.

وقالت الفلاسفة : هاهنا سبب آخر هو أنّه يرتفع من الأرض أجزاء أرضيّة لطيفة مسخّنة تسخينا قويّا شديدا ، فبسبب تلك السخونة الشديدة ترتفع وتتصاعد ، فإذا وصلت إلى القرب من الفلك كان الهواء الملتصق بمقعّر الفلك متحرّكا على استدارة الفلك بالحركة المستديرة التي حصلت لتلك الطبقة من الهواء وهي تمنع هذه

__________________

(١) « الكافي » ٨ : ٢٧١ ، ح ٤٠١.

(٢) « علل الشرائع » ٢ : ٥٧٦ ، الباب ٣٨٢.

(٣) « علل الشرائع » ١ : ٣٣ ، الباب ٣٠ ، ح ١.

٥٢٢

الأدخنة من الصعود بل تردّها عن سمت حركتها فحينئذ ترجع تلك الأدخنة وتتفرّق في الجوانب وبسبب ذلك التفرّق تحصل الرياح ، ثمّ كلّما كانت تلك الأدخنة أكثر ، وكان صعودها أقوى ، كان رجوعها أيضا أشدّ حركة ، فكانت الرياح أقوى وأشدّ » (١).

ثمّ قال : « وقال المنجّمون : إنّ قوى الكواكب هي التي تحرّك هذه الرياح وتوجب هبوبها » (٢).

[ الأمر ] الثالث : في أقسام الرياح.

وقد روي في البحار عن ابن عمر : « الرياح ثمان : أربع منها رحمة وهي : الناشرات ، والمبشّرات ، والمرسلات ، والذاريات. وأربع منها العذاب وهي : العقيم ، والصرصر ـ وهما في البرّ ـ والعاصف ، والقاصف وهما في البحر » (٣).

وفي رواية ابن عبّاس مكان الذاريات الرخاء (٤).

وفي رواية أخرى : « الرياح سبع : الصبا ، والدبور ، والجنوب ، والشمال ، والخروق ، والنكباء ، وريح القائم » (٥).

[٦] فصل : في الماء

وفيه أخبار :

منها : ما روي عن معلّى بن قيس ، قال : قلت : ما لكم من هذه الأرض؟ فتبسّم ، ثمّ قال : « إنّ الله تعالى بعث جبرئيل وأمره أن يخرق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض منها : سيحان وهو نهر الهند ، وجيحان وهو نهر بلخ ، والخشوع وهو نهر التناش (٦) ، ومهران وهو نهر الهند ، ونيل مصر ، ودجلة ، والفرات ، فما سقت أو استقت فهو لنا ،

__________________

(١) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٢.

(٢) نفس المصدر : ٣.

(٣) نفس المصدر : ١٧ ، ح ٢٢.

(٤) « بحار الأنوار » ٥٧ : ١٨ ، ح ٣١.

(٥) نفس المصدر ، ح ٣٢.

(٦) في المصدر : « الشاش ».

٥٢٣

وما كان لنا فهو لشيعتنا ، وليس لعدوّنا منه شيء إلاّ ما غصب عليه » (١).

ومنها : ما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّ أوّل عين فاضت على وجه الأرض عين الحياة التي وقف بها موسى عليه‌السلام وفتاه ومعهما النون المالح ، فسقط فيها فحيي ، وهذا الماء لا يصيب ميّتا إلاّ حيي (٢).

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام ما يقربه (٣).

ومنها : ما روي عن الصادق عليه‌السلام : « إنّ مهبّ الشمال أرفع من مهبّ الجنوب ، فما رفع الله كذلك إلاّ تنحدر المياه على وجه الأرض ، ثمّ تفيض آخر ذلك إلى البحر » (٤).

ومنها : ما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في جواب سائل سأل عن الجزر والمدّ فقال : « ملك موكّل بالبحار يقال له : رومان ، فإذا وضع قدميه في البحر فاض ، وإذا أخرجهما غاض » (٥).

ومنها : ما روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أربعة أنّها من الجنّة : الفرات ، والنيل ، وسيحان ، وجيحان ، فالفرات الماء في الدنيا والآخرة ، والنيل العسل ، وسيحان الخمر ، وجيحان اللبن » (٦).

ومنها : ما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : أنزل الله من الجنّة إلى الأرض خمسة أنهار : سيحان وهو نهر الهند ، وجيحان وهو نهر بلخ ، ودجلة ، والفرات وهما نهرا العراق ، والنيل وهو نهر مصر ، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنّة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبرئيل فاستودعها الجبال ، وأجراها في الأرض

__________________

(١) « الكافي » ١ : ٤٠٩ باب أنّ الأرض كلّها للإمام عليه‌السلام ، ح ٥.

(٢) « إعلام الورى » ٢ : ١٧٠.

(٣) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٤٠ ، ح ٥.

(٤) نفس المصدر ٣ : ١٢٢.

(٥) « علل الشرائع » ٢ : ٥٥٤ ، الباب ٣٤٢ ، ح ١.

(٦) « الخصال » : ٢٥٠ ، ح ١١٦.

٥٢٤

وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم ، فذلك قوله تعالى : ( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ) (١). فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج رفعها إلى السماء وذلك قوله تعالى : ( وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ ) (٢) فعند ذلك فقد أهل الأرض خير الدنيا والآخرة » (٣).

ومنها : ما روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « نهران مؤمنان ، ونهران كافران ، فالمؤمنان نيل مصر والفرات ، والكافران نهر بلخ ودجلة ، فحنّكوا أولادكم بماء الفرات » (٤).

[٧] فصل : في الأرض

وفيه مطالب :

الأوّل : في الأخبار الواردة في هذا المقام وهي أخبار عديدة :

منها : ما في خبر الشاميّ أنّه سئل أمير المؤمنين عن الأرض : ممّ خلق؟ قال عليه‌السلام : « من زبد الماء » (٥).

ومنها : ما روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « خلق الأرض قبل السماء ، ووضع الأرض على الحوت ، والحوت في الماء ، والماء في صخرة مجوّفة ، والصخرة على عاتق ملك ، والملك على الثرى ، والثرى على الريح ، والريح على الهواء ، والهواء تمسكه القدرة ، وليس تحت الريح العقيم إلاّ الهواء والظلمات ، ولا وراء ذلك سعة ولا ضيق ولا شيء يتوهّم » (٦).

ومنها : ما روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ الأرض سبع طبقات وهي على ظهر

__________________

(١) المؤمنون (٢٣) : ١٩.

(٢) المؤمنون (٢٣) : ١٩.

(٣) « تفسير القرطبي » ١٢ : ١١٣ ؛ « الدرّ المنثور » ٥ : ٨.

(٤) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٤٢ ، ح ١١.

(٥) « علل الشرائع » ٢ : ٥٩٣.

(٦) « الاحتجاج » ٢ : ١٠٠.

٥٢٥

الديك ، والديك على الصخرة ، والصخرة على ظهر الحوت وهو في البحر المظلم ، والبحر المظلم في الهواء وهي في الثرى (١).

ومنها : ما روي عن أبان بن تغلب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الأرض :

على أيّ شيء هي؟ قال : « هي على الحوت » قلت : فالحوت على أيّ شيء؟ قال : « على الماء » قلت : فالماء على أيّ شيء هو؟ قال : « على الصخرة » قلت : فعلى أيّ شيء الصخرة؟ قال : « على قرن ثور أملس » قلت : فعلى أيّ شيء الثور؟ قال : « على الثرى » قلت : فعلى أيّ شيء الثرى؟ فقال : « هيهات! عند ذلك ضلّ علم العلماء » (٢).

ومنها : ما روي عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام ، عن آبائه ، قال : « أقبل رجلان إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال أحدهما لصاحبه : اجلس على اسم الله تعالى والبركة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اجلس على أمّك ، فأقبل يضرب الأرض بعصاه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تضربها ؛ فإنّها أمّك وهي بكم برّة » (٣).

وبهذا الإسناد ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « تمسّحوا بالأرض ؛ فإنّها أمّكم وهي بكم برّة » (٤).

المطلب الثاني : في كرويّة الأرض وما ضاهاها

اعلم أنّه قد أفاد في « البحار » أنّ الطبيعيّين والرياضيّين اتّفقوا على أنّ الأرض كرويّة بحسب الحسّ ، وكذا الماء المحيط بها ، وصار بمنزلة كرة واحدة فالماء ليس بتمام الاستدارة ، بل هو على هيئة كرة مجوّفة قطع بعض منها وملئت الأرض على وجه صارت الأرض مع الماء بمنزلة كرة واحدة ومع ذلك ليس شيء من سطحيه

__________________

(١) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٨٣ ، ح ١٠.

(٢) « تفسير علي بن إبراهيم » ٢ : ٥٩.

(٣) « كتاب النوادر » للراونديّ : ١٠٤.

(٤) نفس المصدر.

٥٢٦

صحيح الاستدارة ، أمّا المحدّب ، فلما فيه من الأمواج ، وأمّا المقعّر ، فللتضاريس فيه من الأرض وقد أخرج الله تعالى قريبا من الربع من الأرض من الماء بمحض عنايته الكاملة لتكون مسكنا للحيوانات المتنفّسة.

والتضاريس التي على وجه الأرض من جهة الجبال والأعوار لا تقدح في كرويّتها الحسّيّة ؛ إذ ارتفاع أعظم الجبال وأرفعها فرسخان وثلث فرسخ ، ونسبتها إلى جرم الأرض كنسبة جرم سبع عرض شعيرة إلى كرة قطرها ذراع ، بل أقلّ من ذلك (١).

ثمّ قال : « ثمّ إنّهم استعلموا بزعمهم مساحة الأرض وأجزاءها ودوائرها في زمان المأمون وقبله ، فوجدوا مقدار محيط الدائرة العظمى من الأرض ثمانية آلاف فرسخ ، وقطرها ألفين وخمسمائة وخمسة وأربعين فرسخا ونصف فرسخ تقريبا ، ومضروب القطر في المحيط مساحة سطح الأرض وهي عشرون ألف ألف وثلاثمائة وستّون ألف فرسخ ، وربع ذلك مساحة الربع المسكون من الأرض ، وأمّا المقدار المعمور من الربع المسكون ـ وهو ما بين الخطّ الاستواء والموضع الذي عرضه بقدر تمام الميل ـ فمساحته ثلاثة آلاف ألف وسبعمائة وخمسة وستّون ألفا وأربعمائة وعشرون فرسخا وهو قريب من سدس سطح جميع الأرض وسدس عشره. والفرسخ ثلاثة أميال بالاتّفاق ، وكلّ ميل أربعة آلاف ذراع عند المحدثين ، وثلاثة آلاف عند القدماء ، وكلّ ذراع أربعة وعشرون إصبعا عند المحدثين ، واثنان وثلاثون عند القدماء ، وكلّ إصبع بالاتّفاق مقدار ستّ شعيرات مضمومة بطون بعضها إلى ظهور بعض من الشعيرات المعتدلة » (٢).

المطلب الثالث : في علّة حدوث الزلزلة

قال في « البحار » : « قالوا في علّة حدوث الزلزلة والرجفة : إذا غلظ البخار وبعض

__________________

(١) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٩٥ ـ ٩٦.

(٢) نفس المصدر : ٩٧.

٥٢٧

الأدخنة والرياح في الأرض بحيث لا ينفذ في مجاريها ؛ لشدّة استحصافها (١) وتكاثفها اجتمع طالبا للخروج ولم يمكنه النفوذ ، فزلزلت الأرض ، وربما اشتدّت الزلزلة فخسفت (٢) فتخرج منه نار ؛ لشدّة الحركة الموجبة لاشتعال البخار والدخان لا سيّما إذا امتزجا امتزاجا مقرّبا إلى الدهنيّة ، وربّما قويت (٣) على شقّ الأرض ، فتحدث أصوات هائلة ، وربّما حدثت الزلزلة من تساقط عوالي وهدات في باطن الأرض ، فيتموّج بها الهواء المحتقن ، فيتزلزل به الأرض ، وقليلا ما يتزلزل بسقوط قلل الجبال عليها لبعض الأسباب ، وقد يوجد في بعض نواحي الأرض قوّة كبريتيّة ينبعث منها دخان وفي الهواء رطوبة بخاريّة فيحصل من اختلاط دخان الكبريت بالأجزاء الرطبة الهوائيّة مزاج دهني ، وربّما اشتعل بأشعّة الكواكب وغيرها ، فيرى بالليل شعل مضيئة » (٤) انتهى ما أردنا ذكره.

وعن ابن عبّاس أنّه قال : خلق الله جبلا يقال له : قاف محيط بالعالم وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض ، فإذا أراد الله أن يزلزل قرية أمر ذلك الجبل فتحرّك العرق الذي يلي تلك القرية فيزلزلها ، ويحرّكها ، ومن ثمّ تحرّك القرية دون القرية (٥).

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام « أنّ ذا القرنين لمّا دخل في الظلمات ، فإذا بملك قائم على جبل طوله خمسمائة ذراع ، فقال له : من أنت؟ قال : ملك من ملائكة الرحمن موكّل بهذا الجبل ، فليس من جبل خلقه الله عزّ وجلّ إلاّ وله عرق من هذا الجبل ، فإذا أراد الله أن يزلزل مدينة أوحى إليّ فزلزلتها » (٦)

__________________

(١) أي استحكامها.

(٢) « بحار الأنوار » ٥٧ : ١٤٨ ـ ١٤٩.

(٣) في المصدر : « فخسفت الأرض ».

(٤) في المصدر : « قويت المادّة ».

(٥) « بحار الأنوار » ٥٧ : ١٢٧ ، ح ١٨.

(٦) « الفقيه » ١ : ٥٤٢ ، ح ١٥١١ ؛ « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٩٠ ، ح ٨٧٤.

٥٢٨

وعنه عليه‌السلام أنّه قال : « إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ خلق الأرض فأمر الحوت فحملتها ، فقالت : حملتها بقوّتي ، فبعث الله حوتا قدر شبر ، فدخلت في منخرها فاضطربت أربعين صباحا ، فإذا أراد الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يزلزل أرضا تراءت لها تلك الحوتة الصغيرة ، فزلزلت الأرض فرقا » (١).

« وعن أحدهم عليهم‌السلام أنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أمر الحوت بحمل الأرض وكلّ بلدة من البلدان على فلس من فلوسه ، فإذا أراد الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يزلزل أرضا ، أمر الحوت أن يحرّك ذلك الفلس ، فيحرّكه ، ولو رفع الفلس لانقلبت الأرض بإذن الله » (٢).

وفي « العلل » عن فاطمة عليهما‌السلام أنّه قالت : « أصابت الناس زلزلة في عهد أبي بكر » وساقت الحديث إلى قولها : فقال لهم عليه‌السلام : « كأنّكم قد هالكم ما ترون قالوا : وكيف لا يهولنا ولم نر مثلها قطّ؟! قالت : فحرّك شفتيه ، ثمّ ضرب الأرض بيده ، ثمّ قال : مالك؟ اسكني فسكنت فقال : أنا الرجل الذي قال الله عزّ وجلّ : ( إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها* وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها* وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها ) وأنا الإنسان الذي يقول لها : مالك؟ ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ) (٣) إيّاي » (٤).

المطلب الرابع : في قسمة المعمور من الأرض بالأقاليم السبعة

اعلم أنّه قد أفاد في « البحار » أنّ الدائرة العظيمة ـ التي تحدث على سطح الأرض إذا فرض معدّل النهار قاطعا للعالم الجسمانيّ ـ تسمّى خطّ الاستواء ، وإذا فرضت عظيمة أخرى على وجه الأرض تمرّ بقطبيها انقسمت الأرض بهما أرباعا أحد القسمين الشماليّين هو الربع المسكون ، والباقية إمّا غامرة في البحار ، أو عامرة

__________________

(١) « الفقيه » ١ : ٥٤٢ ، ح ١٥١٢.

(٢) نفس المصدر ، ح ١٥١٣.

(٣) الزلزلة (٩٩) : ١ ـ ٤.

(٤) « علل الشرائع » ٢ : ٥٥٦ ، الباب ٣٤٣ ، ح ٧ ؛ « دلائل الإمامة » : ٦٦.

٥٢٩

غير معلومة الأحوال ، وطول كلّ ربع بقدر نصف الدائرة العظيمة ، وعرضه بقدر ربعها. وهذا الربع المسكون أيضا ليس كلّه معمورا ؛ إذ بعضه في جانب الشمال لفرط البرد لا يمكن التعيّش فيه ، وبعضه بحار وجبال وآكام وآجام وبطائح ومغايض وبراري.

ومبدأ العمارة عند المنجّمين من جانب المغرب ، وكان هناك جزائر تسمّى الجزائر الخالدات وهي الآن مغمورة في الماء ، فجعلها بعضهم مبدأ الطول. وآخرون جعلوا ساحل البحر الغربيّ مبدأ ، وبينهما عشر درجات.

ونهاية العمارة من الجانب الشرقيّ عندهم « كنك دز » هو مستقرّ الشياطين بزعمهم.

ثمّ قسموا المعمور من هذا الربع في جانب العرض بسبعة أقاليم بدوائر موازية لخطّ الاستواء ، طول كلّ إقليم ما بين الخافقين ، وعرضه بقدر تفاضل نصف ساعة في النهار الأطول.

فمبدأ الإقليم الأوّل في العرض عند الأكثر مواضع يكون عرضها اثنتي عشرة درجة وثلثي درجة ، ونهار هم الأطول اثنتا عشرة ساعة ونصف وربع. وبعضهم جعل مبدأه خطّ الاستواء.

ومساحة سطحه ستّمائة ألف واثنان وستّون ألف فرسخ وأربعة وأربعون فرسخا ونصف فرسخ.

وعدد البلاد المشهورة الواقعة فيه خمسون : كنجران ، وجند ، وصنعاء ، وسعدة ، وسندان ، وصحار.

وفيه من الجبال والأنهار العظيمة عشرون جبلا وثلاثون نهرا ، ولون أكثر أهله السواد.

وهو يبتدئ في الطول من المشرق وأراضي الصين ، ويمرّ على بعض البلاد الجنوبيّة من الهند والسند ، ثمّ على خليج فارس وجزيرة العرب وأكثر بلاد اليمن

٥٣٠

كحضر موت وصنعاء ، وعلى دار ملك الحبشة وغاية معدن الذهب وبلاد بربر إلى المحيط.

ومبدأ الإقليم الثاني في العرض عشرون درجة ونصف ونهاره الأطول ثلاث عشرة ساعة وربع.

ومساحته خمسمائة ألف واثنان وسبعون فرسخا وستّة وستّون فرسخا وثلث فرسخ.

والبلاد المشهورة الواقعة فيه أيضا خمسون : كمكّة ، والمدينة ، وجدّة ، وخيبر ، والأحساء ، والقطيف ، والبحرين ، وصومنات ، وفيه من الجبال عشرون ، ومن الأنهار مثلها ، ولون عامّة أهله بين السواد والسمرة.

وهو يأخذ في الطول من بلاد الصين ويمرّ بمعظم بلاد الهند ، ومنه إلى معظم بلاد السند ، ويصل إلى عمان ، ويقطع جزيرة العرب من أرض نجد ، ويمرّ بالطائف ومكّة والمدينة ويثرب ، ويقطع [ القلزم ... ] (١) ثمّ يقطع النيل ، ويمرّ بأوساط بلاد إفريقية ، ثمّ ببلاد البربر ، ويصل إلى المحيط.

ومبدأ الإقليم الثالث في العرض سبع وعشرون درجة ونصف ، ونهاية طول الأيّام ثلاث عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة.

ومساحته أربعمائة وستّون ألف فرسخ وأحد وتسعون فرسخا وخمسا فرسخ.

والبلاد المشهورة الواقعة فيه مائة وثمانية وعشرون : كمصر ، وقسطنطينيّة ، وبيت المقدس ، ودمشق ، والكوفة ، وبغداد ، والمدائن والبصرة ، وشيراز ، وأصفهان ، وأردستان ، وطبس ، وكابل. وفيه من الجبال ثلاثة وثلاثون ، ومن الأنهار اثنان وعشرون ، ولون أكثر أهله السمرة.

وهو يبتدئ من شرقيّ أرض الصين ويمرّ بواسطة مملكة الهند وقندهار

__________________

(١) الزيادة أضفناها من المصدر.

٥٣١

وكشمير وكرمان وفارس وأصفهان وبغداد ومصر وبيت المقدس ، ثمّ يمرّ ببلاد الإفريقيّة ، ثمّ بأراضي المغرب ، وينتهي إلى المحيط.

ومبدأ الإقليم الرابع في العرض ثلاث وثلاثون درجة وأربعون درجة وأطول نهاره أربع عشرة ساعة وربع.

ومساحة سطحه ثلاثمائة ألف وثمانية وسبعون ألف وثمانية وثلاثون فرسخا وربع.

والبلاد المشهورة فيه مائتان واثنا عشر : كالموصل ، وسلماس ، وخوي ، ومراغة ، وأردبيل ، وتبريز ، وقصر شيرين ، وزنجان ، ونهاوند ، وهمدان ، وبروجرد ، وأبهر ، وساوه ، وقزوين ، والديلم ، وقمّ ، وقاشان ، والريّ ، ولاهيجان ، وطبرستان ، وسمنان ، واسترآباد ، وطوس ، وهراة. وفيه من الجبال خمسة وعشرون ، ومن الأنهار اثنان وعشرون ، ولون أكثر أهله بين السمرة والبياض.

وهذا الإقليم وسط الأقاليم ووسط معظم عمارة العالم. ويبتدئ من شمال بلاد الصين ، ويمرّ إلى خطا وختن وبجبال كشمير وبدخشان وطوس ونيشابور وجرجان ومازندران وگيلان وأردبيل ومراغة وحلب وأنطاكية وطرطوس وجزيرة قبرس ورودس ، ويمرّ بأرض المغرب على بلاد فرنجة وطنجة ، وينتهي إلى المحيط.

ومبدأ الإقليم الخامس في العرض تسع وثلاثون درجة. وغاية طول أنهارهم أربع عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة.

ومساحة سطحه مائتا ألف وتسعة وتسعون ألف فرسخ وأربعمائة وثلاثة وتسعون فرسخا وثلاثة أعشار فرسخ.

والبلاد المشهورة فيه مائتان : كبردعة ، وشيروان ، وتفليس ، وبيلقان ، وگنجة ، ونحشير ، ودرعان ، وسمرقند ، وساباط ، وكاسان. وفيه من الجبال ثلاثون ، ومن الأنهار خمسة عشر. ولون عامّة أهله البياض.

٥٣٢

وهو يبتدئ من أقصى بلاد الترك ، ويمرّ إلى مواضع الأتراك المشهورة وإلى بيت المقدس وشيروان وخوارزم وبخارا وسمرقند وبحر خزر وديار أرمينية وبعض بلاد الروم وبلاد أندلس إلى أن ينتهي إلى المحيط.

ومبدأ الإقليم السادس في العرض ثلاث وأربعون درجة ونصف. وغاية طول نهاره خمس عشرة ساعة وربع.

ومساحة سطحه مائتا الف وخمسة وثلاثون ألف فرسخ وأربعة وثلاثون فرسخا وثلثا فرسخ.

والبلاد المشهورة الواقعة فيه تسعون : كجند ، وفاراب ، وخانبالق ، وقسطنطينيّة.

وفيه من الجبال أحد عشر ، ومن الأنهار أربعون ، ولون غالب أهله الشقرة.

وهو يبتدئ من المشرق ، ويمرّ بمساكن أتراك الشرق ، ويقطع وسط بحر طبرستان ، وباب الأبواب والروس ، ثمّ بمعظم بلاد الروم ، وبشمال أندلس ، وينتهي إلى المحيط.

ومبدأ الإقليم السابع حيث العرض سبع وأربعون درجة وأربع. وغاية طول نهاره خمس عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة.

ومساحة سطحه مائة ألف وسبعة وثمانون ألف فرسخ وسبعمائة وواحد وعشرون فرسخا وثلثا فرسخ.

والبلاد المشهورة فيه اثنان وعشرون : ككرش ، وأرق ، وبلغار. وفيه من الجبال أحد عشر ، ومن الأنهار أربعون ، ولون أكثر أهله بين الشقرة والبياض.

وهو يبتدئ من المشرق ، ويمرّ بنهايات الأتراك الشرقيّة ، وبشمال بلاد يأجوج ومأجوج ، ثمّ على عياض وبلغار وروس والصقالبة ، ويقطع بحر الشام ، وينتهي إلى المحيط.

وبعض أهل بلاد هذا الإقليم يسكنون مدّة ستّة أشهر في الحمّامات ؛ لشدّة البرد.

وآخر الأقاليم ـ حيث عرضه خمسون درجة ونصف ، وغاية طول نهاره ستّ عشرة

٥٣٣

ساعة وربع إلى عرض التسعين ـ لا يعدّونه من الأقاليم (١).

المطلب الخامس : في الممدوح من البلدان والمذموم منها فها هنا أمران :

الأوّل : في بيان البلدان الممدوحة وهي عديدة :

منها : مكة ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً ) (٢) ونحوه.

ومنها : المدينة.

ومنها : بيت المقدس.

ومنها : الكوفة ؛ لما روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الله اختار من البلدان أربعة : التين ، والزيتون ، وطور سينين ، وهذا البلد الأمين ، فالتين : المدنية ، والزيتون : البيت المقدس ، وطور سنين : الكوفة ، وهذا البلد الأمين : مكّة » (٣).

ومنها : كربلاء ؛ لما روي عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « البقعة المباركة في القرآن هي كربلاء » (٤).

ومنها : أرض سرانديب ؛ لما ورد من أنّه أكرم واد على وجه الأرض (٥).

ومنها : قمّ ؛ لما روي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « لمّا أسري بي إلى السماء ، حملني جبرئيل على كتفه الأيمن ، فنظرت إلى بقعة بأرض الجبل حمراء ، أحسن لونا من الزعفران ، وأطيب ريحا من المسك فإذا فيها شيخ على رأسه البرنس فقلت لجبرئيل : ما هذه البقعة الحمراء؟ قال : بقعة شيعتك وشيعة وصيّك عليّ ، فقلت : من الشيخ صاحب البرنس؟ قال : إبليس ، قلت : فما يريد منهم؟ قال : يريد أن يصدّهم عن ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام ويدعوهم إلى الفسق والفجور فقلت : يا جبرئيل! أهو بنا

__________________

(١) « بحار الأنوار » ٥٧ : ١٣٠ ـ ١٣٨.

(٢) آل عمران (٣) : ٩٦.

(٣) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٢٠٤ ، ح ٢.

(٤) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٢٠٣.

(٥) « علل الشرائع » ٢ : ٥٧٢ ، الباب ٣٧٣ ، ح ١.

٥٣٤

إليهم فأهوى بنا إليهم أسرع من البرق الخاطف والبصر اللامح فقلت : قم يا ملعون! فشارك أعداءهم [ في أموالهم وأولادهم ونسائهم ] (١) فإنّ شيعتي ليس لك عليهم من سلطان » (٢) فسمّيت قمّ ، ونحو ذلك كالخبر المرويّ عن زرارة بن أعين عن الصادق عليه‌السلام قال : « أهل خراسان أعلامنا ، وأهل قمّ أنصارنا ، وأهل كوفة أوتادنا ، وأهل السواد منّا ونحن منهم » (٣).

وعن عفّان البصري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال لي : « أتدري لم سمّي قمّ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم فقال : « إنّما سمّي قمّ ؛ لأنّ أهله يجتمعون مع قائم آل محمّد ، ويقومون معه ويستقيمون عليه » (٤).

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « إنّ الله احتجّ بالكوفة على سائر البلاد ، وبالمؤمنين من غيرهم من أهل البلاد ، واحتجّ ببلدة أهل قمّ على سائر البلاد ، وبأهلها على جميع أهل المشرق والمغرب من الجنّ والإنس ولم يدع الله قمّ وأهله مستضعفا بل وفّقهم وأيّدهم » (٥). ثمّ قال : « إنّ الدين بقم وأهله ذليل (٦) ولو لا ذلك لأسرع الناس إليهم فخرب قمّ وبطل أهله فلم يكن حجّة على سائر العباد » (٧).

وعن الأئمّة عليهم‌السلام « لو لا القمّيّون لضاع الدين » (٨).

ولكن ورد عن أبي الحسن الأوّل ، قال : « قمّ عشّ آل محمّد ، ومأوى شيعتهم ، ولكن سيهلك جماعة من شبابهم بعقوق آبائهم والاستخفاف والسخريّة

__________________

(١) العبارة لم ترد في « ز ».

(٢) « علل الشرائع » ٢ : ٥٧٢ ، ح ١.

(٣) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٢١٤ ، ح ٣٠.

(٤) نفس المصدر : ٢١٦ ، ح ٣٨.

(٥) نفس المصدر : ٢١٣ ، ح ٢٢.

(٦) في « أ » : « إنّ الدين وأهله بقم ذليل ».

(٧) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٢١٣ ، ح ٢١.

(٨) نفس المصدر : ٢١٧ ، ح ٤٣.

٥٣٥

بكبرائهم ومشايخهم » (١).

ومنها : اليمن ؛ « لما روي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « من أحبّ أهل اليمن فقد أحبّني ومن أبغضهم أبغضني » (٢).

ومنها : قزوين ؛ لما ورد من أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « قزوين باب من أبواب الجنّة » (٣) وإن ورد عن الصادق عليه‌السلام أنّه « ملعون وشؤم » (٤).

وأمّا الطالقان ، فعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « ويحا للطالقان [ فإنّ لله تعالى بها كنوزا ليست من ذهب ولا فضّة ] (٥) ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حقّ معرفته وهم أنصار المهديّ » (٦).

ومنها : طوس ؛ لما روي أنّ بين الجبلين روضة من رياض الجنّة (٧).

الثاني : في بيان البلدان المذمومة وهي عديدة :

منها : الريّ وساوة ؛ لما ورد عن الصادق عليه‌السلام : « أنّ ريّ وقزوين وساوة ملعونات وشؤمات » (٨) وإن روي أنّه في التوراة مكتوب : « الريّ باب من أبواب الأرض وإليها متجر الناس » (٩).

وقال الأصمعي : الريّ عروس الدنيا وإليها متجر الناس (١٠).

ولكنّه روي عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : « أنّ أهل الريّ هم أعداء الله ورسوله ،

__________________

(١) نفس المصدر : ٢١٤ ، ح ٣١.

(٢) « كنز الفوائد » : ٢٦٦.

(٣) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٢٢٩ ، ح ٥٧.

(٤) نفس المصدر ، ح ٥٥.

(٥) الزيادة أضفناها من المصدر.

(٦) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٢٢٩ ، ح ٥٦.

(٧) « مدينة المعاجز » ٧ : ١٨١.

(٨) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٢٢٩ ، ح ٥٥.

(٩) نفس المصدر : ٢٢٨ ، ح ٦٥.

(١٠) نفس المصدر ، ح ٥٥.

٥٣٦

وأعداء أهل بيته ، يرون حرب أهل بيته جهادا ومالهم مغنما ، ولهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا والآخرة ولهم عذاب مقيم » (١).

ومنها : الموصل ؛ لما روي عنه عليه‌السلام : « هم شرّ من على وجه الأرض » (٢).

ومنها : البصرة ؛ لما روي أنّ عليّا عليه‌السلام لمّا أراد الخروج من البصرة ، قام على أطرافها ثمّ قال : « لعنك الله يا أنتن الأرض ترابا وأسرعها خرابا وأشدّها عذابا! فيك الداء الدويّ » (٣).

وقد أفاد في « البحار » بأنّه يمكن الجمع بين الآيات والأخبار الواردة في مدح الشام ومصر وذمّه باختلاف أحوال أهله في الأزمان المختلفة (٤).

الفائدة الخامسة : في المواليد الثلاثة ، أعني الجمادات ، والنباتات ، والحيوانات ، وفيها فصول :

الفصل الأوّل : في المعادن

وفيه أخبار :

منها : ما روي من أنّ ضبّاع بن نصر الهنديّ سأل عن الرضا عليه‌السلام : ما أصل الماء؟ قال : « أصل الماء خشية الله » ثمّ قال : كيف منها عيون نفط وكبريت وقار وملح وأشباه ذلك؟ قال : « غيّره الجوهر وانقلبت كانقلاب العصير خمرا ، وكما انقلبت الخمر فصارت خلًّا ، وكما يخرج من بين فرث ودم لبنا خالصا » قال : فمن أين أخرجت أنواع الجواهر؟ قال : « انقلب منها كانقلاب النطفة علقة ، ثمّ مضغة ، ثمّ خلقة

__________________

(١) « الخصال » : ٥٠٧ ، ح ٤.

(٢) « بحار الأنوار » ٥٧ : ٢٠٦ ، ح ٥.

(٣) نفس المصدر ٤٧ : ٣٥٧ ، ح ٦٤.

(٤) نفس المصدر ٥٧ : ٢٠٨ ، ذيل ح ٨.

٥٣٧

مجمعة مبنيّة على المتضادّات الأربعة ».

ثمّ قال : إذا كانت الأرض خلقت من الماء والماء بارد رطب ، فكيف صارت الأرض باردة يابسة؟! قال : « سلبت النداوة وصارت يابسة » (١).

ومنها : ما روي عن الثمالي ، قال : مررت مع أبي عبد الله عليه‌السلام في سوق النحاس فقلت : جعلت فداك هذا النحاس أيّ شيء أصله؟ فقال : « فضّة إلاّ أنّ الأرض أفسدتها ، فمن قدر على أن يخرج الفساد منها انتفع بها » (٢).

ومنها : ما روي عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « فكّر يا مفضّل في هذه المعادن وما يخرج منها من الجواهر المختلفة مثل الجصّ والكلس والجبسين والزرانيخ والمرتك والقوينا والزيبق والنحاس والرصاص والفضّة والذهب والزبرجد والياقوت والزمرّد وضروب الحجارة وكلّ ما يخرج منها من القار والموميا والكبريت والنفط وغير ذلك ممّا يستعمله الناس في مآربهم فهل يخفى على ذي عقل أنّ هذا كلّها ذخائر ذخرت للإنسان في هذه الأرض ليستخرجها فيستعملها عند الحاجة إليها؟ » (٣).

الفصل الثاني : في النباتات ؛

وفيها أخبار :

منها : ما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « أنّ أوّل شجرة غرست في الأرض العوسجة ، ومنها عصا موسى ، وأنّ أوّل شجرة نبتت في الأرض الدّبّاء وهي القرع » (٤).

__________________

(١) « مناقب آل أبي طالب » ٣ : ٤٦٤.

(٢) « الكافي » ٥ : ٣٠٧ باب المملوك يتّجر ... ح ١٥.

(٣) « بحار الأنوار » ٣ : ١٢٨.

(٤) نفس المصدر ١٠ : ٧٨.

٥٣٨

ومنها : ما روي عن أبي جعفر عليه‌السلام : « أنّ أوّل شجرة نبتت على وجه الأرض النخلة » (١).

ومنها : ما روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « لم يخلق الله ـ عزّ وجلّ ـ شجرة إلاّ ولها ثمرة تؤكل ، فلمّا قال الناس : اتّخذ الله ولدا ، أذهب نصف ثمرها ، فلمّا اتّخذوا مع الله إلها ، شاك الشجر » (٢).

ومنها : ما روي عنه عليه‌السلام أنّه قال : « لمّا أهبط الله ـ عزّ وجلّ ـ آدم من الجنّة ، أهبط معه عشرين ومائة قضيب ، أربعون منها ما يؤكل داخلها وخارجها ، وأربعون منها ما يؤكل داخلها ويرمى بخارجها ، وأربعون منها ما يؤكل خارجها ويرمى بداخلها ، وغرارة (٣) فيها بذر كلّ شيء » (٤).

ومنها : ما روي عنه عليه‌السلام أنّه قال : « خمس من فاكهة الجنّة في الدنيا : الرمّان الملاسي ، والتفّاح الأصفهاني ، والسفرجل ، والعنب ، والرطب المشان » (٥).

ومنها : ما روي أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأكل الفاكهة الرطبة ، وكان أحبّها إليه البطّيخ والعنب (٦).

ومنها : ما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه أخذ بطّيخة ليأكلها ، فوجدها مرّة ، فرمى بها وقال : « بعدا وسحقا » فقيل له : يا أمير المؤمنين عليه‌السلام ما هذه البطّيخة؟ فقال له : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله عقد مودّتنا على كلّ حيوان ونبت ، فما قبل

__________________

(١) « الأمالي » للطوسي : ٢١٥ ، ح ٣٧٣.

(٢) « علل الشرائع » ٢ : ٥٧٣ ، الباب ٣٧٤ ، ح ١.

(٣) في هامش « ب » : « في القاموس : الغرارة ـ بالكسر ـ الجوالق. وقال : البذر : كلّ حبّ يبذر للنبات ـ كذا في البحار ». منه رحمه‌الله.

(٤) « بحار الأنوار » ١١ : ٢٠٤ ، ح ٤.

(٥) « المحاسن » ٢ : ٥٣٦.

(٦) « مكارم الأخلاق » : ٢٩.

٥٣٩

الميثاق كان عذبا طيّبا ، وما لم يقبل الميثاق كان ملحا زعاقا » (١).

ومنها : ما روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « لكلّ شيء حلية ، وحلية الخوان البقل » (٢).

ومنها : ما روي عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أنّه سئل : ممّا خلق الله الشعير؟ فقال عليه‌السلام : « إنّ الله تبارك وتعالى أمر آدم أن ازرع ممّا اخترت لنفسك ، وجاءه جبرئيل بقبضة من الحنطة فقبض آدم على قبضة وقبضت حوّاء إلى أخرى ، فقال آدم لحوّاء : لا تزرعي فلم تقبل أمر آدم فكلّما زرع آدم جاء حنطة ، وكلّما زرعت حوّاء جاء شعيرا » (٣).

الفصل الثالث في الحيوانات ،

وفيها أخبار :

منها : ما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « من قتل عصفورا عبثا جاء يوم القيامة يعجّ إلى الله ويقول : يا ربّ إنّ هذا قتلني عبثا لم ينتفع بي ، ولم يدعني فآكل من حشارة (٤) الأرض » (٥).

ومنها : ما روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « ما من طير يصاد في برّ ولا بحر ، ولا يصاد شيء من الوحوش إلاّ بتضييعه التسبيح » (٦).

ومنها : ما روي عنه عليه‌السلام أنّه قال : « كانت الوحوش والطير والسباع وكلّ شيء

__________________

(١) « علل الشرائع » ٢ : ٤٦٤ ، ح ١٠.

(٢) « الأمالي » للطوسيّ : ٣٠٤ ، ح ٦٠٦.

(٣) « علل الشرائع » ٢ : ٥٧٤ ، ح ٢.

(٤) في « مستدرك الوسائل » ٨ : ٣٠٤ : « خشاش ».

(٥) « بحار الأنوار » ٦١ : ٤ ، باب عموم أحوال الحيوان.

(٦) « الكافي » ٣ : ٥٠٥ باب منع الزكاة ، ح ١٨ ؛ « تفسير علي بن إبراهيم » ٢ : ١٠٧.

٥٤٠