القواعد الفقهيّة - ج ٦

آية الله السيّد محمّد حسن البجنوردي

القواعد الفقهيّة - ج ٦

المؤلف:

آية الله السيّد محمّد حسن البجنوردي


المحقق: مهدي المهريزي
الموضوع : الفقه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
964-400-030-7

الصفحات: ٤٣١

ولا أورثه شيئا ، فأتيت موسى بن جعفر عليه‌السلام بالمدينة فأخبرته وسألته ، فأمرني أن أخرجه من الميراث ولا أورثه شيئا ، فقال : إنّ أبا الحسن عليه‌السلام أمرك؟ قلت : نعم فاستحلفني ثلاثا ثمَّ قال : أنفذ ما أمرك فالقول قوله قال الوصي فأصابه الخبل بعد ذلك (١).

ولكن هذه الرواية على تقدير عدم كونها مهجورة متروكة وعدم إعراض الأصحاب عنها ليس مفادها جواز إخراج بعض الورثة عن التركة مطلقا ، بل موردها مورد خاصّ وهو فيما إذا كان المأمور بالإخراج عن التركة هو الولد الذي وقع على أمّ ولد أبيه ، ولا مانع من الالتزام بها في مورده.

وبعبارة أخرى : هذا حكم تأديبي صدر عن الإمام عليه‌السلام في مورد ذلك الشخص أو يكون حكم كلّ من فعل مثل هذا الفعل وارتكب مثل هذه الجريمة جواز إخراجه عن الميراث؟

وحكى في الوسائل (٢) عن الصدوق أنّه قال : ومتى أوصى الرجل بإخراج ابنه من الميراث ولم يكن أحدث هذا الحدث لم يجز للوصي إنفاذ وصيّته في ذلك (٣) ونسب إلى الشيخ أنّه قال : هذا الحكم مقصور على هذه القضيّة لا يتعدّى إلى غيرها ، لأنّه لا يجوز أن يخرج الرجل من الميراث المستحقّ بنسب شائع بقول الموصي وأمره أن يخرج من الميراث إذا كان نسبه ثابتا (٤) ، ولنعم ما قال.

__________________

(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٦١ ، باب النوادر ، ح ١٥ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢١٩ ، باب إخراج الرجل ابنه من الميراث. ، ح ٥٥١٥ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٣٥ ، ح ٩١٧ ، باب في الزيادات الوصايا ، ح ١٠ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣٩ ، ح ٥٢١ ، باب ان من كان له ولد. ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٧٦ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٩٠ ، ح ٢.

(٢) « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٧٧ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٩٠ ، ح ٢.

(٣) « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢٢٠ ، باب إخراج الرجل ابنه من الميراث. ، ذيل ح ٥٥١٥.

(٤) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٣٥ ، باب في الزيادات الوصايا ، ذيل ح ٩١٧. ولا يخفى أنّ كلام الشيخ أخصّ من كلام الصدوق ويحتمل اتّحاد مرادهما قدّس الله اسرارهما.

٣٠١

ثمَّ إنّه قد يحتمل أن يكون مراد الأب من إخراج هذا الولد من التركة إخراجه عن الثلث الذي يملكه هو فكأنّه وصيّته لغيره بالثلث. وأفرض أنّه له ولدين ، أحدهما صغير ولا يقدر على إعاشة نفسه من الكسب ، والآخر كبير يقدر على ذلك ، فهو مراعاة للولد الصغير يخصّ الثلث بالصغير ، وباقي المال ـ أي الثلثان ـ يكون بينهما. وهذا على حسب مقتضى القواعد الأوّليّة لا محذور فيه أصلا.

أقول : هذا الاحتمال في حدّ نفسه صحيح لا مانع منه ، ولكن الفرض والرواية ليسا ظاهرين في هذا المعنى أصلا.

فرع : لو أوصى لغيره بسيف وكان في جفن وعليه حلية ، كان السيف له بما عليه وفيه‌ ، وذلك من جهة الظهور العرفي لهذا الكلام. وكذلك لو أقرّ به لشخص.

وقد روى أبو جميلة عن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن رجل أوصى لرجل بسيف وكان في جفن وعليه حلية؟ فقال له الورثة إنّما لك النصل وليس لك السيف ، فقال عليه‌السلام : « لا ، بل السيف بما فيه له » الحديث (١).

وروى أيضا أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام أسأله عن رجل أوصى لرجل بسيف فقال الورثة : إنّما لك الحديد وليس لك الحلية ليس لك غير الحديد؟ فكتب عليه‌السلام إلىّ : « السيف له وحليته » (٢).

وأيضا لو أوصى بصندوق لغيره وكان فيه مال ، كان الصندوق بما فيه من المال‌

__________________

(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤٤ ، باب بدون العنوان ، ح ١ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢١٧ ، باب الرجل يوصى لرجل بسيف. ، ح ٥٥٠٩ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢١١ ، ح ٨٣٧ ، باب الوصية المبهمة ، ح ١٤ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٥١ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٧ ، ح ١.

(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤٤ ، باب بدون العنوان ، ح ٣ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢١٢ ، ح ٨٣٩ ، باب الوصية المبهمة ، ح ١٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٥١ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٧ ، ح ٢.

٣٠٢

للموصى له. وفيه أيضا رواية عن عليّ بن عقبة ، عن أبيه قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أوصى لرجل بصندوق وكان في الصندوق مال ، فقال الورثة : إنّما لك الصندوق وليس لك ما فيه ، فقال : « الصندوق بما فيه له » (١).

وأيضا لو أوصى لشخص بسفينة وفيها طعام ، فهي وما فيها من الطعام للموصى له. وأيضا فيها رواية عن عقبة بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل قال هذه السفينة لفلان ولم يسمّ ما فيها وفيها طعام أيعطيها الرجل وما فيها؟ قال عليه‌السلام : « هي للذي أوصى له بها إلاّ أن يكون صاحبها متّهما وليس للورثة شي‌ء » (٢).

وروى الصدوق هذه الرواية إلاّ أنّه قال في آخرها : « إلاّ أن يكون صاحبها استثنى ممّا فيها » (٣).

وقد تقدّم أنّه في باب الوصايا والأقارير يلزم الأخذ بما هو ظاهر الكلام حسب المتفاهم العرفي ، وقد خصّ الفقهاء قدس‌سره هذه الموارد بالذكر لوجود الروايات المتقدّمة ، وإلاّ فلا خصوصية لها كما هو واضح.

فرع : لو أوصى بلفظ مجمل لم يفسّره الشرع ، رجع في تفسيره إلى الوارث‌ ، كقوله : أعطوا فلانا حظّا من مالي أو قسطا أو نصيبا أو قليلا أو يسيرا أو جليلا أو جزيلا وأمثال ممّا ليس له حدّ معيّن ومفهوم مبيّن عند العرف وأهل المحاورة.

__________________

(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤٤ ، باب بدون العنوان ، ح ٤ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢١٢ ، ح ٨٤٠ ، باب الوصية المبهمة ، ح ١٧ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٥٢ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٧ ، ح ١.

(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤٤ ، باب بدون العنوان ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢١٢ ، ح ٨٣٨ ، باب الوصية المبهمة ، ح ١٥ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٥٢ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٩ ، ح ١.

(٣) « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢١٧ ، باب الرجل يوصى لرجل بسيف. ، ح ٥٥١٠ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٥٢ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٩ ، ح ١.

٣٠٣

هذا ما قاله في الشرائع (١) ، ولكن لم نفهم وجها للرجوع إلى الوارث في تفسير هذه الألفاظ ، بل المعتبر في تشخيص مراد الموصي هي الظهورات عند أهل المحاورة ، وحال الوارث مع غيره في ذلك سواء.

اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الوارث خصوصا إذا كان من الأقرباء الأقربين كأولاده المعاشرين معه عارف بالمعنى الذي يريد من هذه الألفاظ ، فيكون التبادر إلى أذهانهم ـ بواسطة الأنس باستعمالاته ـ دليلا على أنّ مراده من هذه الألفاظ هو هذا المعنى الذي تبادر إلى أذهانهم ، وإلاّ فلا وجه للرجوع إليهم أصلا ، بل الصحيح هو أنّه لو استعمل الألفاظ المجملة في وصيته أو إقراره يكون كلامه غير حجّة وكأنّه لم يكن ، فالمرجع هي الأصول العمليّة.

ويمكن أن يكون المراد من الرجوع في تفسير هذه الألفاظ إلى الوارث من جهة أنّ التركة بين الموصى له والوارث ، فأيّ مقدار عيّن للفظ إمّا واقعا للموصى له فيعطيه ما هو حقّه وملكه ، وإمّا تمامه أو بعضه ملك للوارث ، فهو باختياره يعيّنه للموصى له وله ذلك ، لأنّ الناس مسلطون على أموالهم.

ولكن يظهر من عبارة الشيخ قدس‌سره في المبسوط أنّ هذه الألفاظ حيث أنّ إجمالها بواسطة صدقها على القليل والكثير ، فالوارث مخيّر بين تطبيقها على القليل والكثير ، بل وعلى أيّ مرتبة من مراتب مصاديق هذه الألفاظ فله حقّ التفسير والتطبيق ، لذلك يرجع إليه في التفسير.

وأمّا احتمال أن يكون تفسيره وتطبيقه على أقلّ ممّا يستحقّه الموصى له فليس له هذا الحقّ ، مدفوع بأصالة عدم استحقاقه للزائد. ولعل هذا أحسن الوجوه لهذا الحكم ، أي للرجوع إلى الوارث في تفسيرها.

قال في المبسوط : إذا قال لفلان : حظّ من مالي أو نصيب أو قليل ، فإنّه يرجع‌

__________________

(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢٤٩.

٣٠٤

إلى الورثة (١).

ولو تعذّر الرجوع إلى الوارث لغيبته ، أو لامتناعه عن التفسير ، أو لصغره وعدم الاعتبار بكلامه ، أو لجنونه قال في المسالك : أعطي أقلّ ما يصدق عليه الاسم ، أي اسم ذلك اللفظ المجمل ، لأنّه القدر المتيقّن. (٢)

وفيه نظر واضح ، لتعارض الحقّين ، أي حقّ الموصى له وحقّ الوارث.

ومن هذه الألفاظ المجملة لفظ « كثير » فلو أوصى وقال : أعطوا الفلان مالا كثيرا من تركتي ، فقال جماعة : إنّه يعطى له ثمانين من أيّ شي‌ء كان متعلّق الوصيّة درهما أو دينارا أو غيرهما. وذلك للرواية التي وردت في باب النذر أنّه لو نذر أن يعطى درهما أو دينارا كثيرا أو غيرهما ، فعليه أن يعطى ثمانين ممّا نذر. واستدلّ الإمام عليه‌السلام لهذا التفسير بقوله تعالى ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ) (٣) وكانت تلك المواطن بعد إحصائها ثمانين.

ولكن أنت خبير بأنّ استعمال اللفظ في مورد في بعض مصاديقه لا يوجب كون المراد من اللفظ دائما ذلك المعنى ، ففي نفس مورد الرواية المعتبرة يجب العمل بها مع الإمكان ، وفيما سوى ذلك لا بدّ من الرجوع إلى القواعد الأوّلية أو الأصول العمليّة.

فرع : يستحبّ أن تكون الوصيّة بخمس ماله ، ودونه في الفضل الربع ، ودونه الثلث. وأمّا بالأزيد من الثلث فلا ينفذ إلاّ بإجازة الورثة. والمستند رواية محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول لأن أوصي بخمس مالي أحبّ إليّ من أن أوصى بالربع ، ولأن أوصى بالربع أحبّ إليّ من أن أوصى‌

__________________

(١) « المبسوط » ج ٤ ، ص ٢٣.

(٢) « المسالك » ج ١ ، ص ٤٠١.

(٣) « وسائل الشيعة » ج ١٦ ، ص ٢٢٢ ، أبواب النذر والعهد ، باب ٣ ، ح ١ ـ ٤. والآية في سورة التوبة (٩) : ٢٥.

٣٠٥

بالثلث ، ومن أوصى بالثلث فلم يترك وقد بلغ الغاية ( وقد بالغ ) » (١).

ورواية حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من أوصى بالثلث فقد أضرّ بالورثة ، والوصيّة بالربع والخمس أفضل من الوصيّة بالثلث ، ومن أوصى بالثلث فلم يترك » (٢).

ورواية السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : « قال عليّ عليه‌السلام الوصيّة بالخمس ، لأنّ الله عز وجل قد رضى لنفسه بالخمس ، وقال : الخمس اقتصاد ، والربع جهد ، والثلث حيف » (٣).

ورواية مسعدة بن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليه‌السلام قال : « لئن أوصي بالخمس أحبّ إليّ من أن أوصى بالربع ، ولأن أوصى بالربع أحبّ إليّ من أن أوصى بالثلث ، ومن أوصى بالثلث فلم يترك شيئا » (٤).

في أحكام الوصيّة‌

فرع : لو أوصى بمنافع أعيان ما يملك ، بعضها أو جميعها ، لكلّ ما يملك أو لبعضه ،

__________________

(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ١١ ، باب ما للإنسان أن يوصى به بعد موته. ، ح ٤ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ١٨٥ ، باب مقدار ما يستحبّ الوصيّة به ، ح ٥٤٢٣ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٩٢ ، ح ٧٧٣ ، باب الوصيّة بالثلث وأقلّ منه وأكثر ، ح ٥ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١١٩ ، ح ٤٥٣ ، باب أنّه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث ، ح ٣ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٦٠ ، أبواب كتاب الوصايا ، باب ٩ ، ح ١.

(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ١١ ، باب ما للإنسان أن يوصى به بعد موته. ، ح ٥ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ١٨٥ ، باب مقدار ما يستحبّ الوصيّة به ، ح ٥٤٢٤ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٩١ ، ح ٧٦٩ ، باب الوصيّة بالثلث وأقلّ منه وأكثر ، ح ١ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١١٩ ، ح ٤٥١ ، باب أنّه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٦٠ ، أبواب كتاب الوصايا ، باب ٩ ، ح ٢.

(٣) « الفقيه » ج ٤ ، ص ١٨٥ ، باب مقدار ما يستحبّ الوصيّة به ، ح ٥٤٢١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٦٢ ، أبواب كتاب الوصايا ، باب ٩ ، ح ٣.

(٤) « قرب الإسناد » ص ٣١ ، « علل الشرائع » ص ٥٦٧ ، ح ٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٦١ ، أبواب كتاب الوصايا ، باب ٩ ، ح ٤.

٣٠٦

على التأييد أو مدّة معيّنة صحّ بلا خلاف. ولا فرق في تلك المنافع الموصى بها بين أن تكون من الأعيان التي لها وجود مستقلّ بعد الانفصال عن ذيها كالحمل في الدابّة ، والثمرة في الشجر ، واللبن والصوف في الأغنام وغير ذلك ، وبين أن لا يكون كذلك كسكنى الدار ، والكسب في الدكان ، وركاب الدابّة وأقسام المراكب ، لشمول عمومات وإطلاقات أدلّة الوصيّة.

وأمّا الإشكال بأنّ تلك المنافع ليست من تركة الميّت ولا من أمواله كي يملكها لغيره.

ففيه : أنّ الموصي يملكها حال حياته بتبع العين ، بمعنى أنّ حالها بالنسبة إلى الموصي حال نفس العين ، له السلطنة عليها كسلطنته على نفس العين ، ولذلك يجوز أن يؤجر العين سنين متعدّدة ثمَّ يبيعها ، فتنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدّة الإجارة ، وهذا دليل قطعي على أنّ مالك العين مالك لمنافعها ، لأنّ الإجارة عبارة عن تمليك منافع العين بعوض مالي معلوم ، وما لم يكن مالكا كيف يملك الغير وليس صرف التبعيّة للعين ، لأنّ المفروض أنّه باع العين ، فالمنافع ملك لشخص والعين ملك لشخص آخر. وكذلك الأمر في الوصيّة التمليكيّة بالنسبة إلى المنافع تكون العين ملكا للورثة بعد موت الموصي بالإرث والمنافع ملكا للموصى له بالوصية.

نعم لا بدّ وأن تقوّم تلك المنافع التي أوصى بها ، وتلاحظ مع مجموع المال المركّب منها وما سواها من الأعيان والمنافع بكلا قسميها.

ثمَّ إنّه لو أوصى لزيد مثلا بركوب دابّته سنة أو أكثر ، فنفقة الدابّة على مالكها لا على الموصى له ، لأنّ المفروض أنّ النفقة نفقة الملك ، والدابّة ملك للوارث لا الموصى له وإنّما الموصى له مالك المنفعة فقط.

ولكن هذا الذي قلنا من كون النفقة على الوارث لا الموصى له مسلّم فيما إذا كانت الوصيّة بالمنافع موقّتة ، وأمّا لو كان الإيصاء بالمنفعة مؤبّدة ففيه إشكال ينشأ من أنّه‌

٣٠٧

من حيث أنّ الحيوان ملك للوارث والنفقة نفقة الملك فتجب عليه لأنّه مالك ، ومن أنّه ملك مسلوب المنفعة فإلزام المالك بالنفقة ووجوبها عليه ضرر عليه بدون تدارك ، ومثل هذا الحكم منتفي في الشريعة الإسلاميّة بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا ضرر ولا ضرار في الإسلام » (١) وأيضا بأنّ « من كان له الغنم فعليه الغرم ».

ومن أجل هذا الإشكال قيل بأنّ نفقته من بيت المال ، لأنّ المفروض أنّ منافعه للموصى له ، فلا بدّ وأن يكون نفقته إمّا على المالك أو على الموصى له أو من بيت المال فإذا نفينا الأوّلين لما ذكرنا في وجه نفيهما فلا يبقى وجه إلاّ كونها من بيت المال.

ولكن أنت خبير بأنّ هذه الاستحسانات ـ مضافا إلى أنّها مخدوشة في نفسها ومنقوضة بموارد كثيرة ولا دليل على اعتبارها وذهاب الأكثر إلى أنّ النفقة على الوارث لا على الموصى له بالمنفعة وإن كانت مؤبّدة ـ لا تعارض إطلاق أدلّة وجوب نفقة الملك على المالك إن كان حيوانا ، إنسانا كان أو غير إنسان بل وإن كان غير حيوان كالبستان الذي أوصى المالك كون أثماره ومنافعه لشخص ، فسقيه وحرثه وتسميده إن كان محتاجا إليها بحيث تموت الأشجار وتتلف على الوارث المالك.

وإن كان لا يخلو من الإشكال ، وذلك لعدم الدليل على وجوب نفقة البستان على مالكه كي يؤخذ بإطلاقه. وقياسه بنفقة الحيوان أوّلا قياس باطل ، وثانيا مع الفارق.

فإذا ظهر أنّ الوصيّة بالمنافع التي لعين من أعيان ماله صحيحة موقتة ومؤبدة ، فلكلّ واحد من الوارث والموصى له التصرّف فيما يخصّه ، فللموصى له التصرّف في المنافع على وجه لا يضرّ بالعين أزيد ممّا هو متعارف في باب الإجارات ، بمعنى جواز التصرّفات التي يتوقّف الانتفاع بها حسب المتعارف في باب الانتفاع فيما إذا ملك الانتفاع بالإجازة لصيرورة المنافع ملكا له ، وللوارث التصرّف في العين ولكن التصرّفات التي لا يضرّ بمنافعها أو الانتفاع بها بلا خلاف ولا إشكال.

__________________

(١) « الفقيه » ج ٤ ، ص ٣٣٤ ، باب ميراث أهل الملل ، ح ٥٧١٨.

٣٠٨

وذلك لأنّ الناس مسلّطون على أموالهم ولا شكّ في أنّ الإضرار بالغير غير جائز ، ونتيجة الجمع بين هذه الأدلّة هو جواز تصرّف كلّ واحد منهما في ماله من دون احتياج إلى الإذن من الآخر ولكن مع عدم الإضرار بالآخر.

وليس ما نحن فيه من قبيل الشريكين كي يكون التصرّف من كلّ واحد محتاجا إلى إذن الآخر ، وذلك لأنّ الشراكة بناء على الإشاعة كلّ جزء جزء من المال المشترك يكون بينهما بأحد الكسور إمّا بالمناصفة أو بالمثالثة وهكذا ، فتصرّف كلّ واحد منهما في أيّ جزء مستلزم للتصرّف في مال الآخر ، ولذلك يحتاج إلى الإذن.

وأمّا فيما نحن فيه فالمالان متميّزان ، ومتعلّق الملكيّة في أحدهما العين وفي الآخر المنفعة ، فلكلّ واحد منهما التصرّف في ماله من دون الاحتياج إلى إذن. وأمّا المقدار الذي يلزم من التصرّف في ماله التصرّف في مال الغير ، فهو من لوازم جعل ملكيّة المنافع للموصى له مثلا ، وإلاّ يلزم أن يكون جعل الملكيّة له لغوا.

ولذلك في باب الإجازة التي هي عبارة عن جعل ملكيّة سكنى الدار مثلا لزيد مدّة معيّنة بعوض مالي معلوم ، بعد وقوع هذا الجعل من طرف المالك وتماميّة العقد لا مانع من تصرّف زيد في تلك الدار ، ولا يحتاج إلى الاستيذان من المالك في التصرّف فيها لأجل الانتفاع ، لأنّ ملكيّة منفعة الدار مثلا ملازم مع جواز التصرّف فيها وإلاّ يكون جعل ملكيّة المنفعة له لغوا.

وعلى كلّ حال من الواضح المعلوم أنّ كون المنفعة للموصى له والعين للوارث ليس من باب الشركة ، لتميّز الملكين كلّ واحد عن الآخر. ويتفرّع عليه فروع.

الكلام في إثبات الوصية‌

وتثبت الوصيّة التي عرفت جملة من أحكامها بالبيّنة ، وهي عبارة عن شهادة عدلين كسائر الموضوعات التي لها آثار شرعيّة ، وذلك لعموم حجّيتها بالنسبة إلى‌

٣٠٩

جميع الموضوعات التي لها آثار شرعيّة. وقد تقدّم في هذا الكتاب (١) الكلام في عموم حجّيتها وعدم اختصاصها بباب القضاء.

فرع : هل تثبت الوصيّة بشهادة أهل الذمّة عند فقد البيّنة‌ ، أي عدم عدلين مسلمين أم لا؟

لا إشكال في إثبات الوصيّة وقبول شهادة الذمّي عند فقد عدول المسلمين في الجملة ، للآية والرواية.

أمّا الآية : فقوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) (٢).

المراد ( بالآخران من غيركم ) هو أن يكونا من أهل الذمّة من الكفّار ، لا مطلق الكفّار سواء كانوا حربيين أم ذمّيين ، وذلك لورود الرواية على قبول شهادة أهل الذمّة ، في ما رواه سماعة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن شهادة أهل الذمّة؟ فقال : « لا تجوز إلاّ على أهل ملّتهم ، فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصيّة ، لأنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد » (٣).

ويستفاد من هذه الرواية تقييد قبول شهادتهم بأمرين : أحدهما عدم العدول من أهل الإسلام ، الثاني انحصار قبول شهادتهم بخصوص الوصيّة. نعم لو أخذنا بعموم التعليل وهو عدم صلاح ذهاب حقّ أحد فتصير دائرة القبول أوسع.

ولكن أنت خبير بأنّ مفاد الرواية ليس انحصار من تقبل شهادته بخصوص أهل‌

__________________

(١) « القواعد الفقهية » ج ٣ ، ص ٩.

(٢) المائدة (٥) : ١٠٦.

(٣) « الكافي » ج ٧ ، ص ٣٩٨ ، باب شهادة أهل الملل ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٥٢ ، ح ٦٥٢ ، باب البيّنات ، ح ٥٧ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩١ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٠ ، ح ٥.

٣١٠

الذمّة ، لأنّ ثبوت حكم لموضوع لا يوجب نفيه عن غيره ، إلاّ أن يكون للكلام مفهوما ، أي يكون للكلام قيد يدلّ على ثبوت الحكم عند وجود ذلك القيد وعدمه عند عدمه ، سواء كان ذلك القيد بصورة الشرط أو الوصف أو غيرهما ممّا يكون له مفهوم.

نعم ها هنا رواية أخرى عن يحيى بن محمّد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) قال : اللذان منكم مسلمان ، واللذان من غيركم من أهل الكتاب ، فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس ، لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سنّ فيهم سنّة أهل الكتاب في الجزية ، وذلك إذا مات الرجل في أرض غربة فلم يوجد مسلمان أشهد رجلين من أهل الكتاب ، يحبسان بعد صلاة العصر فيقسمان بالله لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ، ولا نكتم شهادة الله إنّا إذا لمن الآثمين ، قال :

وذلك إذا ارتاب وليّ الميّت في شهادتهما ، فإن عثر على أنّهما شهدا بالباطل فليس له أن ينقض شهادتهما ، حتّى يجئ شاهدان يقومان مقام الشاهدين الأوّلين ( فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنّا إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ ) » إلى آخر (١).

فترى في هذه الرواية أنّه عليه‌السلام فسرّ قوله تعالى ( آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) بأهل الكتاب ، غاية الأمر إنّه عليه‌السلام ألحق المجوس أيضا بأهل الكتاب لما ذكره. والروايات المطلقة وإن كانت كثيرة لكنّها تقيّة بهاتين الروايتين بخصوص أهل الكتاب ، والمجوس أيضا لإلحاقه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهم في الجزية وفيما إذا لم يوجد شاهد مسلم.

وأمّا المطلقات فكثيرة ، وقد عقد لها بابا في الوسائل ، أي باب العشرين في‌

__________________

(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤ ، باب الاشهاد على الوصيّة ، ح ٦ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ١٩٢ ، باب الإشهاد على الوصيّة ، ح ٥٤٣٦ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٧٨ ، ح ٧١٥ ، باب الاشهاد على الوصيّة ، ح ١ ، وص ١٧٩ ، ح ٧١٦ ، باب الاشهاد على الوصيّة ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩١ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٠ ، ح ٦.

٣١١

أحكام الوصايا (١).

وأمّا تفسير الآية وإن كان فيه بعض الاختلاف ، ولكن نحن ننقل ما في الكافي قال بإسناده : خرج تميم الداري وابن بندي وابن أبي مارية في سفر ، وكان تميم الداري مسلما وابن بندي وابن أبي مارية نصرانيين ، وكان مع تميم الداري خرج له فيه متاع وآنية منقوش بالذهب وقلادة أخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع ، فاعتلّ تميم الداري علّة شديدة ، فلمّا حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بندي وابن أبي مارية ، وأمرهما أن يوصلاه إلى ورثته ، فقدما إلى المدينة وقد أخذا من المتاع الآنية والقلادة وأوصلا سائر ذلك إلى ورثته فافتقد القوم الآنية والقلادة ، فقالوا لهما : هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرا؟ قالا : لا ، ما مرض إلاّ أيّاما قلائل : قالوا : فهل سرق منه شي‌ء في سفره هذا؟ قالا : لا. قالوا فهل اتّجر تجارة خسر فيها؟ قالا : لا. قالوا : فقد افتقدنا أفضل شي‌ء كان معه ، آنية منقوشة بالذهب مكلّلة بالجوهر ، وقلادة. فقالا : ما دفع إلينا فأدّيناه إليكم ، فقدّموهما إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأوجب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليهما اليمين فحلفا فخلا عنهما ، ثمَّ ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما ، فجاء أولياء تميم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : قد ظهر على ابن بندي وابن أبي مارية ما ادّعيناه عليهما ، فانتظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحكم من الله في ذلك ، فأنزل الله تبارك وتعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ) فأطلق الله شهادة أهل الكتاب على الوصيّة فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلمين إلى آخر. (٢)

أمّا الرواية‌ فكثيرة.

__________________

(١) « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩٠ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٠ : باب ثبوت الوصية بشهادة مسلمين عدلين و.

(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ٥ ، باب الاشهاد على الوصيّة ، ح ٧ ، « تفسير القميّ » ج ١ ، ص ١٨٩ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩٤ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢١ ، ح ١.

٣١٢

منها : رواية ضريس الكناسي قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن شهادة أهل الملل هل تجوز على رجل مسلم من غير أهل ملّتهم؟ فقال : « لا ، إلاّ أن لا يوجد في تلك الحال غيرهم ، وإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصيّة ، لأنّه لا يصلح ذهاب حقّ امرء مسلم ولا تبطل وصيّة » (١).

ومنها : رواية هشام بن سالم ( الحكم ) عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزّ وجلّ : ( أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) قال : « إذا كان الرجل في بلد ليس فيه مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصيّة » (٢).

وهذه الرواية رويت بطريق آخر بدل قوله : في بلد ليس فيه مسلم أو « في أرض غربة لا يوجد فيها مسلم » (٣).

ورواية حمزة بن حمران ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ ( ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) قال : فقال : « اللذان منكم مسلمان ، واللذان من غيركم من أهل الكتاب ، فقال : إذا مات الرجل المسلم بأرض غربة فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصيّته فلم يجد مسلمين ، فليشهد على وصيّته رجلين ذمّيين من أهل الكتاب مرضيّين عند أصحابهما » (٤).

والمتحصّل من هذه الأخبار ومن الآية الشريفة بعد تقييد مطلقاتها بمقيّداتها هو‌

__________________

(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٣٩٩ ، باب شهادة أهل الملل ، ح ٧ ، « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٥٣ ، ح ٦٥٤ ، باب البيّنات ، ح ٥٩ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩٠ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٠ ، ح ١.

(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤ ، باب الاشهاد على الوصيّة ، ح ٣ ، وص ٣٩٨ ، باب شهادة أهل الملل ، ح ٦ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٨٠ ، ص ٧٢٥ ، باب الاشهاد على الوصية ، ح ١١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩١ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٠ ، ح ٤.

(٣) « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩١ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٠.

(٤) « الكافي » ج ٧ ، ص ٣٩٩ ، باب شهادة أهل الملل ، ح ٨ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٧٩ ، ح ٧١٨ ، باب الاشهاد على الوصية ، ح ٤ ، وج ٦ ، ص ٢٥٣ ، ح ٦٥٥ ، باب البيّنات ، ح ٦٠ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩٢ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٠ ، ح ٧.

٣١٣

أنّه لو أشرف على الموت أو أحسّ أنّه قريب منه أراد أن يوصى وأن يشهد على وصيّة ولم يجد شاهدين عدلين مسلمين ، فله أن يشهد شاهدين من أهل الكتاب ، وشهادتهما في تلك الحال نافذة إن كان المشهود به هو المال.

وهاهنا أمور يجب التنبيه عليه‌

الأوّل : هو أنّ نفوذ شهادتهما هل موقوف على أن تكون الوصيّة في حال السفر‌ ، أم لا فرق بين أن تكون في السفر أو الحضر ، بل المناط فيه عدم تمكّن الموصي من إشهاد مسلمين عادلين ، سواء كان متمكّنا من إشهاد غير العدول من المسلمين أو من إشهاد المؤمنات العادلات ، أو لم يكن متمكّنا من ذلك أيضا ، بل وسواء كان متمكّنا من إشهاد عدل واحد من المسلمين فيكون حجّة مع ضمّ اليمين في بعض الموارد؟

الظاهر أنّه لا فرق بين أن تكون في حال السفر وبين أن تكون الوصيّة حال الحضر ، ولا بين أن يكون متمكّنا من الشقوق التي ذكرناها أو لم يكن فيما إذا لم يكن متمكّنا من إشهاد عدلين مسلمين ، لأنّه عليه‌السلام جعل موضوع نفوذ شهادة ذمّيين عدم وجدان مسلمين عادلين ، فجميع تلك الشقوق داخل في ذلك الموضوع ولا فرق بين وجودها وعدمها.

وأمّا مسألة كونها في حال السفر لا الحضر وإن كان ظاهر الآية هو ذلك ، لقوله تعالى ( إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ) (١) ولكنّ الظاهر هو أنّ الشرطية سيقت لبيان تحقّق الموضوع غالبا ، حيث أنّه في الغالب عدم وجدان المسلم يكون في السفر ، وأمّا في الحضر فغالبا يوجد المسلم العدل اثنان وأكثر. وكذلك في رواية هشام « إذا كان الرجل في أرض غربة » أيضا سيقت لبيان تحقّق الموضوع ، لما ذكرنا.

الثاني : هو أنّ المراد من قوله تعالى ( أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ )‌ هما خصوص أن‌

__________________

(١) المائدة (٥) : ١٠٦.

٣١٤

يكونا من أهل الكتاب أو مطلق من ليس بمسلم ، سواء كان ذمّيا أو لم يكن ، وعلى تقدير كون المراد أن يكونا من أهل الكتاب وذمّيين هل يكون المجوس منهم ، أو ملحق بهم حكما ، أو لا منهم ولا ملحق بهم؟

الظاهر أنّ المراد هو خصوص الذمّيين وأهل الكتاب لا مطلق الكفّار ، أوّلا لأنّ مورد الآية هما الذمّيان ، أي ابن بندي وابن أبي مارية نصرانيّان وقد تقدّم وكانا تحت حكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهما ذمّيان. وثانيا : إنّ هذا ـ أي قبول شهادتهما ـ خلاف القواعد الأوّليّة ، لأنّ الأشياء كلّها على ذلك حتّى ذلك يستبين أو تقوم به البيّنة ، ومعلوم أنّ البيّنة عبارة عن شهادة مسلمين عدلين ، فيجب الوقوف على مورد اليقين والنصّ وهو لم يكونا ذمّيين. وثالثا : تفسيره في رواية حمزة بن حمران بأهل الكتاب وقد تقدّم. ورابعا : إجماع الفقهاء على ذلك.

نعم تقدّم إلحاق المجوسي بأهل الكتاب في رواية يحيى بن محمّد في ما نقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قوله عليه‌السلام : « فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوسي ، لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سنّ فيهم سنّة أهل الكتاب في الجزية ». هذا مع احتمال أن يكونوا من أهل الكتاب فإنّ الفقهاء قالوا لهم شبهة كتاب.

الثالث : إذا لم يوجد مسلم عادل ووصلت النوبة إلى إشهاد أهل الكتاب ، هل يجب أن يكون ذلك الكتابي عادلا في دينه‌ أم لا ، بل يجوز أن يشهد على وصيّته رجلا ذمّيا ولو كان فاسقا في دينه ، بمعنى أنّه لا تجتنب عمّا هو حرام في دينه أي يرتكب المحرّمات مثل الكذب والبهتان وأكل أموال اليتامى ظلما وشهادة الزور وأمثال ذلك من القبائح العقليّة والمحرّمات في كلّ دين مع وجود فسّاق المسلمين؟

ظاهر المقابلة في الآية بين ( اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) وبين أو ( آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) هو أنّ مع فقدان الأوّل تصل النوبة إلى الثاني ، فإذا لم يوجد اثنان ذوا عدل منكم تصل النوبة إلى آخران من غيركم وإن لم يكونا عادلين في دينهم ، وأيضا وإن‌

٣١٥

كان يوجد الفسّاق من المسلمين.

لا يقال : إذا كان شهادة الفاسق يجوز الاعتماد عليه ، فالمسلم الفاسق أولى من الكافر الفاسق.

لأنّه استحسان ولا يجوز أن يكون مدركا للحكم الشرعي ، فإنّ دين الله لا يصاب بالعقول.

ولكن هناك أمر يدلّ على اعتبار العدالة في دينه في إشهاد الذمّي ، وهو قوله عليه‌السلام في رواية حمزة بن حمران : « فلم يجد مسلمين فليشهد على وصيّته رجلين ذمّيين من أهل الكتاب مرضيّين عند أصحابهما » ومعلوم أنّ المراد من هذه العبارة الأخيرة هو أن يكونا عادلين في دينهما كي يكونا مرضيين عند أصحابهما ، لأنّ الكذّاب المغتاب مثلا ليس بمرضي عند من يقول بحرمة الكذب والغيبة ، وهكذا الأمر في سائر المعاصي التي حرام في كلّ مذهب ودين.

فرع : ولو أوصى بلفظ وكان كليّا متواطئا‌ ، مثل أن يقول : أعطوا فلانا غنما مثلا من أغنامي ، فللورثة الخيار في تطبيقه على أيّ فرد أرادوا ، لصدق الوفاء وإنفاذ الوصيّة على الجميع.

فرع : لا خلاف ولا إشكال في ثبوت الوصيّة بالمال بشهادة العدل الواحد مع اليمين إجماعا‌ ، وكذلك لا خلاف في ثبوتها بشهادة عدل واحد مع شهادة امرأتين ثقتين ، لإطلاق الأدلة في أبواب الحقوق الماليّة وعدم اختصاصها بمورد دون مورد ، كما هو مذكور مشروحا في كتاب القضاء والشهادات.

وكذلك تقبل شهادة امرأة واحدة في ربع ما شهدت به ، وتقبل شهادة اثنين في نصفه ، وشهادة ثلاث في ثلاثة أرباع ممّا شهدن به ، وشهادة أربع في الجميع ، كلّ ذلك‌

٣١٦

إذا كانت شهادتين في الماليّات.

والمدرك في هذا الحكم رواية الربعي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصى ليس معها رجل ، فقال عليه‌السلام : « يجاز ربع ما أوصى بحساب شهادتها » (١).

ورواية أبان عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال في وصيّة لم يشهدها إلاّ امرأة ، فأجاز شهادتها في الربع من الوصيّة بحساب شهادتها (٢).

ورواية محمّد بن قيس قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في وصيّة لم يشهدها إلاّ امرأة أن تجوز شهادة المرأة في ربع الوصيّة إذا كانت مسلمة غير مريبة في دينها » (٣).

ودلالة هذه الروايات على ما ذكرنا في أوّل الفرع من أنّ بشهادة الواحدة الربع ، وبالاثنتان النصف ، وبالثلاث ثلاثة أرباع ، وبالأربع الجميع واضحة لا يحتاج إلى البيان.

وأمّا ما توهّم أنّه لا تثبت بشهادة المرأة إلاّ الربع سواء كانت واحدة أم كنّ متعدّدات ، فخلاف ما يفهم من ظاهر الكلام. وليس من باب القياس كما كان كذلك في دية قطع أصابع المرأة ، لوجود الدليل هناك وهو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا زاد يكون ديتها نصف دية الرجل » بل الظهور العرفي يقتضي أن يكون لشهادة كلّ امرأة ربع ما شهد بها غير الربع الذي يثبت بشهادة الأخرى إلى أن‌

__________________

(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤ ، باب الاشهاد على الوصيّة ، ح ٤ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ١٩٢ ، باب الاشهاد على الوصيّة ، ح ٥٤٣٥ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٨٠ ، ح ٧١٩ باب الاشهاد على الوصيّة ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩٥ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٢ ، ح ١.

(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤ ، باب الاشهاد على الوصيّة ، ح ٥ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٨٠ ، ح ٧٢٢ ، باب الاشهاد على الوصيّة ، ح ٨ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩٦ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٢ ، ح ٢.

(٣) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٨٠ ، ح ٧٢٣ ، باب الاشهاد على الوصيّة ، ح ٩ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩٦ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٢ ، ح ٣.

٣١٧

يستوفي بشهاداتهنّ تمام ما شهدن به ، فلا يبقى محلّ وموضوع لشهادة الخامسة.

هذا ، مضافا إلى أنّ الأصل عدم التداخل.

ثمَّ إنّ ها هنا روايات أخر ظاهرها عدم قبول شهادة المرأة في الوصيّة مطلقا ، كرواية عبد الرحمن (١) ، ورواية عبد الله بن سنان (٢) ، ومكاتبة أحمد بن هلال (٣) ، ولكن لا بدّ من تأويلها كما في الوسائل ، أو طرحها لإعراض المشهور عنها بل الإجماع على خلافها.

فرع : لا تثبت الوصيّة بالولاية إلاّ بشاهدين عدلين‌ ، أي البيّنة الشرعيّة كسائر الموضوعات ، وذلك لعموم قوله عليه‌السلام في رواية مسعدة : « الأشياء كلّها على ذلك حتّى يستبين غيره أو تقوم به البيّنة » (٤) وليست الوصيّة بالولاية من موارد الاستثناء عن تحت هذه القاعدة ، فلا تثبت برجل وامرأتين ولا بعدل واحد مع اليمين ولا بشهادة أربع من النساء منفردات ، وجميع ذلك لأجل عدم الدليل وشمول إطلاقات وعموماته لها وعدم دليل على حجّيتها كي تكون مخصصة لها أو حاكمة عليها.

فرع : لا تثبت بشهادة الوصيّ ما هو وصي فيه ولا ما يجرّ به نفعا أو يستفيد منه ولاية‌ ، والأصل في ذلك ما ذكروه في كتاب الشهادة أنّه من شروط صحّة الشهادة‌

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٨٠ ، ح ٧٢٢ ، باب الاشهاد على الوصيّة ، ح ٨ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩٦ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٢ ، ح ٦.

(٢) « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٧٠ ، ح ٧٢٨ ، باب البيّنات ، ح ١٣٣ ، « الاستبصار » ج ٣ ، ص ٣٠ ، ح ١٠٠ ، باب فيما يجوز فيه شهادة النساء ، ح ٣٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩٧ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٢ ، ح ٧.

(٣) « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٦٨ ، ح ٢١٩ ، باب البيّنات ، ح ١٢٤ ، « الاستبصار » ج ٣ ، ص ٢٨ ، ح ٩٠ ، باب فيما يجوز فيه شهادة النساء ، ح ٢٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩٧ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٢ ، ح ٨.

(٤) « الكافي » ج ٥ ، ص ٣١٣ ، باب النوادر ( من كتاب المعيشة ) ح ٤٠ ، « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ٢٢٦ ، ح ٩٨٩ ، باب الزيادات ، ح ٩ ، « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٦٠ ، أبواب ما يكتسب به ، باب ٤ ، ح ٤.

٣١٨

وقبولها أن لا يكون الشاهد منهما يجلبه نفع إليه من شهادته ، أو من جهة عداوة دنيويّة للمشهود عليه ، وأمّا العداوة الدينيّة فلا تمنع من قبول الشهادة. وتفصيل المسألة في كتاب الشهادات.

وعلى كلّ حال ذهب المشهور إلى عدم قبول شهادة الوصي فيما هو وصيّ فيه ، ولا فيما يجرّ نفعا إليه ، أو يستفيد منه ولاية ، فالعمدة في ذلك هو أنّ الشاهد في هذه الموارد يكون مدّعيا لنفسه شيئا وله نصيب وحظّ من المشهود به ، ولا شكّ في أنّ المدّعى عليه أن يأتي بالشهود لما يدّعيه ، ولا يمكن أن يكون هو المدّعي وهو الشاهد.

وأيضا يدلّ على عدم قبول شهادة المذكورات ما روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه نهى أن تجاز شهادة الخصم والظنين والجارّ إلى نفسه منفعة.

وأيضا ما ورد في باب شهادة الشريك لشريكه من أنّها لا تقبل.

منها : رواية أبان قال سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن شريكين شهد أحدهما لصاحبه؟ قال : « تجوز شهادته إلاّ في شي‌ء له فيه نصيب » (١). وروايات أخر بهذا المضمون (٢).

وأيضا ورد روايات في عدم قبول شهادة الوصي فيما هو وصيّ فيه.

منها : ما رواه محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أبي محمّد كتب هل تقبل شهادة الوصيّ للميّت بدين له على رجل مع شاهد آخر عدل؟ فوقّع : « إذا شهد معه آخر عدل فعلى المدّعي يمين ».

وهذا ظاهر في عدم قبول قول الوصيّ وشهادته ، وإلاّ لم يكن محتاجا إلى اليمين لوجود البيّنة.

__________________

(١) « الفقيه » ج ٤ ، ص ٤٤ ، باب من يجب ردّ شهادته و. ، ح ٣٢٩٣ ، « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٤٦ ، ح ٦٢٣ ، باب البيّنات ، ح ٢٨ ، « الاستبصار » ج ٣ ، ص ١٥ ، ح ٤٠ ، « وسائل الشيعة » ج ١٨ ، ص ٢٧٢ ، أبواب الشهادات ، باب ٢٧ ، ح ٣.

(٢) انظر : « وسائل الشيعة » ج ١٨ ، ص ٢٧١ ـ ٢٧٢ ، أبواب الشهادات ، باب ٢٧ و ٢٨.

٣١٩

وأيضا ممّا يدلّ على هذا الحكم مضمرة سماعة قال : سألته عمّا يردّ من الشهود؟ قال : « المريب والخصم والشريك ودافع مغرم والأجير والعبد والتابع والمتّهم ، كلّ هؤلاء تردّ شهاداتهم » (١).

وقد ظهر ممّا تقدّم أنّه لو كان وصيّا في إخراج مال معيّن ، فشهد للميّت بمال على رجل يوجب كون إخراج ذلك المال المعيّن جميعه من الثلث لا تقبل.

مثلا لو كان وصيّا في إخراج ألف دينار وصرفه في الميراث وجميع التركة ألفان ولم يجز الورثة في الزائد على الثلث ، فشهد الوصيّ بألف دينار للميّت على رجل لا تكون الوصيّة زائدا على الثلث لو قبلت شهادته ، ولو لم تقبل ينقص عن الألف المقدار الزائد على الثلث ويمنع الوصي عن التصرّف في ذلك المقدار ، فشهادته لو قبلت توجب توسعة تصرّفه فلذا لا تقبل.

وذلك كما أنّه لو وقع الخلاف بين الورثة والوصيّ في مقدار الوصيّة وادّعى الوصيّ أنّها الثلث ، وقال الوارث إنّها الربع أو الخمس مثلا ، فشهادة الوصيّ أنّها الثلث لا تقبل ، فكذلك الأمر فيما نحن فيه.

وحاصل الكلام أنّه كلّما كان موجبا لنفع الوصي ، وراجعا إلى توسعة تصرّفه فشهادته لا تقبل فيه ، لأنّه يكون مدّعيا ، وشهادة المدّعي لا تقبل فيما يدّعيه.

الأمر الرابع

في الموصى له‌

ويشترط فيه أن يكون موجودا حال الوصيّة وأن يكون قابلا للتملّك في الوصيّة‌

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٤٢ ، ح ٥٩٩ ، باب البيّنات ، ح ٤ ، « الاستبصار » ج ٣ ، ص ١٤ ، ح ٣٨ ، باب شهادة الشريك ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٨ ، ص ٢٧٨ ، أبواب الشهادات ، باب ٣٢ ، ح ٣.

٣٢٠