القواعد الفقهيّة - ج ٦

آية الله السيّد محمّد حسن البجنوردي

القواعد الفقهيّة - ج ٦

المؤلف:

آية الله السيّد محمّد حسن البجنوردي


المحقق: مهدي المهريزي
الموضوع : الفقه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
964-400-030-7

الصفحات: ٤٣١

نقص بنسبة نقص الثلث عن المجموع.

مثلا لو كان مجموع الوصايا يبلغ الألف ، والثلث خمسمائة ، فالنسبة بين الثلث ومجموع الوصايا هي النصف ، فيسقط من كلّ وصية نصف ما أوصى به. فإذا أوصى لزيد مثلا بستمائة ، ولعمرو مثلا بثلاثمائة ، ولبكر بمائة فمجموع الوصايا يبلغ الألف ، والمفروض أنّ الثلث خمسمائة والنسبة هي النصف ، فيسقط من زيد ثلاثمائة ، ومن عمرو مائة وخمسين ، ومن بكر خمسين ، والمجموع خمسمائة فيبقى خمسمائة وهي مساو للثلث. وهكذا في جميع الموارد وطريقه تقسيم الثلث على الوصايا.

فإطلاق كلام القوم « إنّه إذا أوصى لشخص بثلث ولشخص آخر بربع وللآخر بسدس ولم يجز الورثة في الزائد على الثلث ، يكون الثلث للشخص الأوّل وتبطل الوصيّة في الثاني والثالث » ليس كما ينبغي ، بل لا بدّ وأن يفصّل كما فصّلناه.

فرع : ولو أوصى بثلثه لواحد وبثلثه للآخر ، كان ذلك رجوعا عن الأوّل إلى الثاني‌ ، وذلك من جهة أنّ الوصيّة سواء كانت عقدا أو إيقاعا يجوز للموصي الرجوع عنها ما دام فيه الروح ، ولا ينفذ تصرّفاته في ماله بعد الموت بدون إجازة الورثة إلاّ في الثلث.

وهذا هو المراد من قولهم : « أنّ الميّت لا يملك من ماله إلاّ الثلث » وإلاّ فالميّت لا يملك شيئا وبمحض الموت المال ينتقل إلى الورثة والموصى له بعد قبوله إن كانت وصيّة في البين. وأيضا هذا هو المراد ممّا في بعض الروايات « للميّت ثلث ماله » فإذا أضاف الثلث إلى نفسه فليس له إلاّ ثلث واحد ، لأنّه لا ينفذ تصرّفاته باعتبار ما بعد الموت ، أي بعنوان الوصيّة في أزيد من ثلث واحد من أمواله ، فكأنّه لا يملك أزيد من هذا.

فلو أوصى عهديّا أو تمليكيّا في ثلثه المضاف إلى نفسه لشخص ، فلا يملك بعد ذلك‌

٢٨١

من ماله شيئا ، فوصيّته ثانيا بثلث المضاف إلى نفسه لشخص آخر تكون مضادّة لوصيته الأولى ، فلا بدّ بأن يقال : الوصية الثانية إمّا لغو وكلام باطل ، أو رجوع عن وصيته الأولى. ولكن ظاهر الكلام أنّه رجوع مع إمكانه وعدم محذور. وحمله على اللغويّة ولقلقة اللسان خلاف طريقة العقلاء وسيرتهم.

وبعبارة أخرى : حال الثلث المضاف إلى نفسه حال العين الخارجيّة المعيّنة من حيث عدم التعدّدية فيه ، فكما أنّه لو أوصى بمعيّن في الخارج ، كدار أو دكّان له لزيد مثلا ، ثمَّ أوصى ذلك العين الخارجي ثانيا لعمرو مثلا ، يكون رجوعا عن الوصيّة الأولى بلا خلاف. فليكن ما نحن فيه أيضا كذلك ، لأنّ الجهة فيهما واحدة ، وهي عدم لزوم اللغويّة في الثاني.

نعم لو لم يضف الثلث إلى نفسه بأن قال : أعطوا فلانا ثلثا من أموالي ، أو يقول في الوصيّة التمليكية : ملّكت فلانا ثلثا من أموالي ، بدون إضافة الثلث إلى نفسه يمكن أن يقال : إنّ متعلّق الوصيّة في الثاني غير ما هو متعلّق الوصيّة في الأولى ، لأنّ أحواله مشتملة على ثلاث أثلاث ، فيمكن أن يكون الثلث الذي هو متعلّق الوصيّة الأولى غير الثلث الذي يكون متعلّق الوصيّة الثانية ، وليس دليل يدلّ على اتّحاد المتعلّقين في البين.

اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ ظاهر كلامه أنّه في مقام إنشاء وصيّة ماله أن يتصرّف فيه وهو ثلث نفسه ، وإلاّ فالثلثان الآخران خارجان عن تحت سلطنته وليس له أن يتصرّف فيهما ، فلو لم تكن إضافة في اللفظ فأيضا لا بدّ وأن يكون هو المراد ، فالثلث المجرّد عن الإضافة أيضا مثل المضاف ، فيكون أيضا رجوعا عن الأولى.

وفيه : أنّ هذا القياس ، أي قياس ثلث المجرّد عن الإضافة بالثلث المضاف في غير محلّه ، لأنّ المضاف ليس له فردان ، وأمّا غير المضاف فله أفراد ، فيمكن أن يكون المراد من الثلث في الوصيّة الثانية غير ما هو المراد في الوصيّة الأولى.

٢٨٢

وأمّا ما يقال : ليس له التصرّف إلاّ في ثلث واحد وهو في مقام إنشاء الوصيّة ـ في الوصية التمليكيّة أو العهديّة ـ يريد التصرّف فيما يوصى به ، فلا بدّ من ورود الوصيّتين على نفس ذلك الثلث الذي له أن يتصرّف فيه ، وهو واحد لا تعدّد فيه ، فيعود المحذور.

وفيه : أنّه ما دام حيّا وفيه الروح له أن يتصرّف في أيّ ثلث من أثلاث أملاكه ، بل له أن يتصرّف في مجموع أمواله ، وتصرّفاته في جميع أمواله ممضاة لو كانت منجّزة ولا تحتاج إلى إجازة الورثة. نعم لو كانت غير منجّزة وكانت بعنوان الوصيّة يحتاج فيما زاد على الثلث إلى إجازة الورثة ، فله أن يريد من الثلث في الوصيّة الثانية غير ما أراد منه في الوصيّة الأولى ، غاية الأمر يحتاج نفوذه إلى إجازة الوارث. ففي هذا الفرض ليست الوصيّة الثانية ناسخة للأولى ، لعدم ورودهما على محلّ واحد كي يكون كذلك.

نعم للورثة أن لا ينفذوها ، وهذا لا يوجب انصراف لفظ الثلث إلى ثلثه المختصّ به الذي لا يحتاج إلى الإجازة وعدم إرادة أثلاث الآخر ، كي تكون الوصيّة الثانية مضادّة للأولى وتكون ناسخة لها.

فالحقّ في المقام هو الفرق بين الثلث المضاف إلى نفسه والثلث المجرّد عن الإضافة ، ففي الأوّل تكون الوصيّة الثانية رجوعا عن الوصيّة الأولى وناسخة لها ، وفي الثاني تكون وصية أخرى صحيحة لكن نفوذها موقوف على إجازة الورثة ، مثل ما لو كانت الوصيّة زائدة على الثلث يكون نفوذ مقدار الزائد موقوفا على إجازة الورثة.

ثمَّ إنّه في الصورة الأولى ـ أي فيما إذا أوصى بثلثه المضاف إلى نفسه تارة لزيد مثلا ومرّة أخرى لعمرو فبناء على أنّه رجوع عن الأولى يجب أن يعطى الثلث لعمرو ولا يستحقّ زيد شيئا منها. وبناء على أنّه يجب أن يعطى لزيد لأنّه في وقت الوصية لم يكن مانع عن نفوذها فوقعت صحيحة ، ولم يبق مجال للوصيّة الثانية ، فتكون الوصيّة الثانية لغوا وباطلا وإن أشكلنا على هذا الاحتمال ورجّحنا أن تكون الوصيّة الثانية رجوعا عن الأولى ـ لو اشتبه الأولى ولم يعلم أنّ الوصيّة الأولى لزيد أو لعمرو كي‌

٢٨٣

نرتّب الأثر على كلّ واحد من القولين بأن يعطى له لو لم يكن الثاني رجوعا ، ولم يعط له لو كان ، فإنّه يستخرج بالقرعة.

وذلك من أنّه للأولى واقع معيّن معلوم عند العالم بها ، غاية الأمر اختفى واشتبه في مقام الظاهر والإثبات ، والاحتياط لا يمكن في الماليّات أو لا يجب ، ومثل هذه الشبهة الموضوعية المقرونة بالعلم الإجمالي مورد القرعة ، فإذا خرج بالقرعة أنّه زيد مثلا يرتّب عليه أثره.

وطريق القرعة هو أن يكتب في رقعة اسم أحدهما مع كلمة الأولى والسابق ، وفي رقعة أخرى اسم الآخر أيضا مع كلمة الأولى أو السابق ، فيخلطان فيخرج أحدهما فينظر فيه ، فأيّ واحد من الاسمين كان يكون هو السابق والأولى. وللقرعة طريق آخر أيضا لا حاجة إلى ذكرها.

فرع : ولو أوصى بشي‌ء واحد لاثنين كداره مثلا لهما وهو يزيد عن الثلث ولم تجز الورثة‌ ، كان لهما ما يحتمله الثلث. مثلا لو كانت قيمة تلك الدار ألفين والثلث ألف ، فالألف الزائد يحتاج نفوذه إلى إجازة الورثة ، فإذا لم يجيزوا تبطل الوصيّة بالنسبة إليه. وأمّا ما يحتمله الثلث ، أي الألف الآخر يكون لهما بالمناصفة ، أي كلّ واحد منهما خمسمائة. والوجه في الجميع واضح.

هذا إذا كانت الوصيّة واحدة ، وأمّا إذا كانت متعدّدة متعاقبة كما إذا قال : لزيد نصف داري الفلانيّة ولعمرو نصفها الآخر ، وكان مجموع الوصيّتين زائدا على الثلث ولم تكن الوصيّة الأولى وحدها زائدة على الثلث ولم تجز الورثة ، فالوصيّة الأولى تنفذ بلا نقص ، وكان النقص واردا على الثانية من الوصيّتين وقد تقدّم الوجه في ذلك.

فرع : ولو أوصى بنصف ماله مثلا فأجاز الورثة ثمَّ قالوا : ظننا أنّه قليل ، قضى‌

٢٨٤

عليهم بما ظنّوه وأحلفوا على الزائد قال المحقّق قدس‌سره : وفيه تردّد. (١)

أقول : أمّا وجه الحكم على الورثة بما ظنّوه لأنّهم أقرّوا واعترفوا بإجازة هذا المقدار ، وأمّا إحلافهم على عدم إجازة الزائد فلأجل أنّهم منكرون إجازة الزائد ، والموصى له يكون مدّعيا لإجازة الزائد ، والأصل مع الورثة ، أي أصالة عدم صدور الإجازة بالنسبة إلى الزائد ، أو أصالة عدم العلم بالزائد.

هذا ، مضافا إلى أنّ هذه الدعوى ممّا لا يعلم إلاّ من قبلهم ، لأنّ ما يدّعون من كونهم ظانّين بالقلّة أمر مخفي على غيرهم ، فلا يطلبون بالبيّنة ، لعدم إمكان إقامتها على مثل تلك الدعوى غالبا ، لعدم اطّلاع الغير على الضمائر وما في النفس إلاّ من إخبار وإظهار صاحب الضمير ، وفي مثل هذه الدعوى لا يكلّف المدّعي بالبيّنة ، فلا يبقى ميزانا للقضاء إلاّ الحلف ، ولذلك يحلف.

وأمّا وجه تردّد المحقق قدس‌سره لأنّ المسألة ذات وجهين :

أحدهما : ما ذكرنا من أنّ الورثة يقضى عليهم بما ظنّوه ، لأنّهم أقرّوا واعترفوا بإجازة ذلك المقدار ، وإقرار العقلاء على أنفسهم جائز (٢). وسماع قولهم بالنسبة إلى الزائد عمّا ظنّوه ، لمطابقة دعواهم للأصل ، فيكونون منكرين على حسب موازين باب القضاء ، وعليهم الحلف لا البيّنة.

والوجه الثاني : هو أنّ اعترافهم بأنّهم أجازوا النصف مثلا أو ما هو زائد على الثلث حجّة عليهم ، فقولهم : « ظنّنا أنّه قليل » من قبيل الإنكار بعد الإقرار فلا يسمع ، وذلك لأنّ ظواهر الألفاظ وما هو المتفاهم منها عند العرف حجّة.

ولذلك في باب الأقارير لو أقرّ بلفظ وكان ذلك اللفظ ظاهرا في معنى ، فأنكر‌

__________________

(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢٤٧.

(٢) « عوالي اللئالي » ج ١ ، ص ٢٢٣ ، ح ١٠٤ ، ج ٢ ، ص ٢٥٧ ، ح ٣ ، ج ٣ ، ص ٤٤٢ ، ح ٥ ، « وسائل الشيعة » ج ١٦ ، ص ٣٣ ، أبواب الإقرار ، باب ٣ ، ح ٢.

٢٨٥

كون ذلك المعنى الظاهر مراده وقال : إنّ مرادي كان شي‌ء آخر ، لا يسمع منه بل يؤخذ بإقراره ، أي بما هو ظاهر كلامه ويحسب دعوى إرادة خلاف ما هو ظاهر الكلام من الإنكار بعد الإقرار الذي لا يسمع.

وحيث لم يظهر عنده ترجيح أحد هذين الوجهين لذا أظهر التردّد في الوجه الأوّل الذي ذكرناه.

ولكن أنت خبير بأنّ ظواهر الألفاظ حجّة على المتكلّم ما لم يعلم أنّه أراد خلاف الظاهر ، واحتملنا أنّه أراد ما هو ظاهر اللفظ ولذلك في مقام الإقرار يثبت عليه ويلزم بما هو ظاهر لفظه ، إلاّ أن يعلم إرادة خلافه. وهذا ليس مخصوصا بظواهر الألفاظ بل حجّية كلّ أمارة موقوفة على عدم العلم بالخلاف ، ومع عدم العلم بعدم إرادته ما هو ظاهر اللفظ يستكشف المراد من ظاهر اللفظ.

فلو اعترف بأنّه أجاز النصف ، فادّعاؤه بعد ذلك بعدم إرادة النصف الواقعي بل إرادة ما ظنّ أنّه هو النصف لا يسمع ، إلاّ مع العلم بعدم إرادة النصف الواقعي ، ولا دليل على إثبات عدم إرادته النصف الواقعي وأنّه أراد ما هو مظنونه ، لاحتمال أن يكون دعواه دعوى كاذبة وأنّه أراد ما هو واقع نصف المال ، لا ما هو مظنونة.

مثلا لو كان النصف الواقع للمال ألف دينار ، وهو يدّعي الظنّ بأنّه ألف درهم فيدّعي أنّ إجازتي تعلّقت بألف درهم لا بألف دينار ، فحيث أنّ إجازته حسب اعترافه تعلّق بعنوان نصف المال ، ونصف الواقعي هو ألف دينار لا ألف درهم ، فيكون اللفظ كاشفا عن أنّه أجاز ألف دينار لا ألف درهم ، إلاّ أن يعلم بعدم إرادة النصف الواقعي ، وليس في البين علم بذلك ، فالتحقيق عدم قبول قول الورثة لاحتمال كذبهم فيما يدّعون.

هذا كلّه فيما إذا كانت الوصيّة بجزء مشاع كالنصف وثلثين وأمثالهما. وأمّا لو أوصى بعين معيّنة خارجيّة ، كداره المعيّنة ، أو بستانه المعيّن المعلوم ، فأجازوا هذه‌

٢٨٦

الوصيّة ثمَّ ادّعوا أنّهم ظنّوا أنّها ليست أزيد من الثلث ، أو يكون أزيد بيسير على تقدير الزيادة ، لم يلتفت إلى دعويهم ولا يسمع ، لأنّ الإجازة في هذا الفرض تعلّقت بعين خارجيّة معيّنة معلومة ، لا إجمال لها ولا إبهام فيها.

فالفرق بين هذه الصورة والصورة السابقة هو ما ذكرنا من عدم الإجمال والإبهام في هذه الصورة لأنّ الموصى به فيها معيّن معلوم وشخص خارجي يمتنع صدقه على المتعدّد ، بخلاف الصورة السابقة فإنّ الموصى به فيها حيث أنّه كسر مشاع يمكن أن يشتبه فيه من حيث القلّة والكثرة ، ولذلك هنا لا تسمع دعوى الورثة ، لعدم تطرّق الجهل والاشتباه بخلاف هناك ولذلك تسمع دعواهم.

ولكن التحقيق عدم الفرق بين الصورتين ، لوحدة المناط فيهما ، وهو كما ذكرنا حجّية الظهورات وما هو المتفاهم عرفا من الكلام ، ولذلك عند العرف يؤخذ المتكلّم بما هو ظاهر كلامه. وقد صرّح الفقهاء قدس‌سره بذلك في باب الوصايا والأقارير والإجازات في المعاملات والعقود التي تقع فضولة. ولا فرق بين أن يكون متعلّق الإجازة هو الكسر المشاع أو شخص خارجي معيّن معلوم في الظهور العرفي. وكشفه عن مراد المتكلّم وحجّيته في ذلك ما لم يعلم أنّ مراده خلاف هذا الظهور ، فالحقّ في المقامين عدم سماع دعوى الورثة.

الكلام في الوصايا المبهمة‌

فرع : لو أوصى بجزء من ماله وردت روايات مفادها حمل الجزء من المال على العشر منه‌ ، مستدلا بقوله تعالى ( قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ) (١) وكانت الجبال عشرة ، فعبّر الله تعالى عن كلّ عشر بالجزء ، فيحمل الجزء من الشي‌ء على عشرة تبعا لاستعماله في الكتاب العزيز‌

__________________

(١) البقرة (٢) : ٢٦٢.

٢٨٧

بهذا المعنى ، والإمام عليه‌السلام استدلّ بهذه الآية على أنّ المراد من جزء الشي‌ء هو عشرة في روايات :

منها : رواية أبان بن تغلب قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : « الجزء واحد من عشرة ، لأنّ الجبال عشرة والطيور أربعة ». (١)

ومنها : رواية عبد الله بن سنان ، عن عبد الرحمن بن سيابة قال : إنّ امرأة أوصت إلىّ وقالت : ثلثي يقضى به ديني وجزء منه لفلانة ، فسألت عن ذلك ابن أبي ليلى فقال : ما أرى لها شيئا ، ما أدرى ما الجزء. فسألت عنه أبا عبد الله عليه‌السلام بعد ذلك وخبرته كيف قالت المرأة وبما قال ابن أبي ليلى ، فقال عليه‌السلام : « كذب ابن أبي ليلى ، لها عشر الثلث إنّ الله عزّ وجلّ أمر إبراهيم عليه‌السلام فقال ( اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ) وكانت الجبال يومئذ عشرة ، فالجزء هو العشر من الشي‌ء » (٢).

وروى الشيخ هذه الرواية بإسناده عن عبد الله بن سنان بدون واسطة عبد الرحمن بن سيابة فتكون صحيحة. ورواها معاوية بن عمّار أيضا كذلك. (٣)

ومنها : رواية أبان بن تغلب ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في الرجل يوصي بجزء من ماله ، قال عليه‌السلام : « إنّ الجزء واحد من عشرة ، لأنّ الله يقول ( ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ) وكانت الجبال عشرة والطير أربعة ، فجعل على كلّ جبل منهن جزءا » (٤).

__________________

(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤٠ ، باب من أوصى بجزء من ماله ، ح ٣ ، « تهذيب الأحكام » ج ١ ، ص ٢٠٩ ، ح ٨٢٦ ، باب الوصية المبهمة ، ح ٣ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣٢ ، ح ٤٩٦ ، باب من أوصى بجزء من ماله ، ح ٣ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٢ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٤ ، ح ١.

(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ٣٩ ، باب من أوصى بجزء من ماله ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٠٨ ، ح ٨٢٤ ، باب الوصية المبهمة ، ح ١ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣١ ، ح ٤٩٤ ، باب من أوصى بجزء من ماله ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٢ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٤ ، ح ٢.

(٣) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤٠ ، باب من أوصى بجزء من ماله ، ح ٢ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢٠٥ ، باب الوصيّة بالشي‌ء من المال. ، ح ٥٤٧٦ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٠٨ ، ح ٨٢٥ ، باب الوصية المبهمة ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٣ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٤ ، ح ٣.

(٤) « معاني الأخبار » ص ٢١٧ ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٣ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٤ ، ح ٤.

٢٨٨

ومنها : ما في تفسير العيّاشي عن عبد الصمد بن بشير ، عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام في حديث أنّه سئل عن رجل أوصى بجزء من ماله فقال : هذا في كتاب الله بيّن ، إنّ الله يقول ( ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ) وكانت الطير أربعة والجبال عشرة ، يخرج الرجل من كلّ عشرة أجزاء جزءا واحدا » (١).

ومنها : رواية أبي جعفر بن سليمان الخراساني ، عن رجل من أهل خراسان في حديث : أنّ رجلا مات وأوصى إليه بمائة ألف درهم ، وأمره أن يعطي أبا حنيفة منها جزءا ، فسأل عنها جعفر بن محمّد عليه‌السلام وأبو حنيفة حاضر ، فقال له جعفر بن محمّد عليه‌السلام : « ما تقول فيها يا أبا حنيفة؟ » فقال : الربع. فقال لا بن أبي ليلى؟ فقال : الربع. فقال جعفر بن محمّد عليه‌السلام : « ومن أين قلتم الربع؟ » فقالوا : لقول الله عزّ وجلّ ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ) فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « هذا قد علمت الطير أربعة فكم كانت الجبال؟ إنّما الأجزاء للجبال ليس للطير ». فقالوا : ظنّنا أنّها أربعة. فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « لا ولكنّ الجبال عشرة » (٢).

ومنها : رواية عليّ بن أسباط ، عن الرضا عليه‌السلام في حديث قال : « والجزء واحد من عشرة » (٣).

ومنها : رواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أوصى بجزء من ماله ، قال : « جزء من عشرة ، وقال : كانت الجبال عشرة » (٤).

__________________

(١) « تفسير العيّاشي » ج ١ ، ص ١٤٥ ، ح ٤٧٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٤ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٤ ، ح ٨.

(٢) « تفسير العيّاشي » ج ١ ، ص ١٤٥ ، ح ٤٧٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٥ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٤ ، ح ٩.

(٣) « تفسير العيّاشي » ج ١ ، ص ١٤٣ ، ح ٤٧٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٦ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٤ ، ح ١٠.

(٤) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٠٩ ، ح ٨٢٧ ، باب الوصية المبهمة ، ح ٤ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣٢ ، ح ٤٩٧ ، باب من أوصى بجزء من ماله ، ح ٤ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٦ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٤ ، ح ١١.

٢٨٩

وفي قبال هذه الروايات وردت روايات أخر مفادها تفسير الجزء بواحد من سبعة ، فإذا أوصى بجزء من ثلث ماله فيكون الموصى به سبع الثلث ، وإذا أوصى بجزء من ماله فيكون الموصى به سبع جميع ماله :

منها : رواية أحمد بن أبي نصر البزنطي قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل أوصى بجزء من ماله؟ فقال عليه‌السلام : « واحد من سبعة ، إنّ الله تعالى يقول ( لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) (١) » (٢).

ومنها : رواية إسماعيل بن همام الكندي عن الرضا عليه‌السلام في الرجل أوصى بجزء من ماله قال : « الجزء من سبعة إن الله تعالى يقول ( لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) » (٣).

ومنها : رواية حسين بن خالد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن رجل أوصى بجزء من ماله؟ قال : « سبع ثلثه » (٤).

والمراد أنّ الميّت ليس له إلاّ ثلث ماله ، فإذا كان جزء الشي‌ء سبعة وماله ثلثه فإذا أوصى بجزء من ماله يكون سبع ثلثه.

ولا شكّ في تعارض هذه الطائفة مع الطائفة الأولى. وقد جمع الشيخ قدس‌سره بينهما بحمل الطائفة الأولى على الوجوب بمعنى أنّه يجب على الوصي أو الورثة إنفاذ الوصيّة‌

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٠٩ ، ح ٨٢٨ ، باب الوصية المبهمة ، ح ٥ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣٢ ، ح ٤٩٩ ، باب من أوصى بجزء من ماله ، ح ٥ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٦ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٤ ، ح ١٢.

(٢) الحجر (١٥) : ٤٤.

(٣) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٠٩ ، ح ٨٢٩ ، باب الوصية المبهمة ، ح ٦ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣٢ ، ح ٤٩٩ ، باب من أوصى بجزء من ماله ، ح ٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٧ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٤ ، ح ١٣.

(٤) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٠٩ ، ح ٨٣١ ، باب الوصية المبهمة ، ح ٨ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣٣ ، ح ٥٠١ ، باب من أوصى بجزء من ماله ، ح ٨ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٧ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٤ ، ح ١٤.

٢٩٠

بالجزء بواحد من العشرة ، أي لا يجوز إعطاء الأقلّ من هذا ، والطائفة الثانية على الاستحباب ، بمعنى أنّه يستحبّ على الورثة إنفاذها بواحد من السبعة (١).

والتحقيق في باب الوصايا المبهمة التي هي محلّ بحثنا هو أنّه لو كان الإبهام من ناحية اللفظ وإجماله ، فإن كان تفسير من قبل الشارع في كلام ثبتت حجّيته من حيث الصدور ودلالته من حيث الظهور ، فيجب الأخذ به تعبّدا لا من باب دلالة ذلك الكلام المجمل وكشفه عن مراد المتكلّم.

ففي باب الوصايا والأقارير لو كان مثل هذا الكلام مثل ما نحن فيه لو أوصى بجزء من ماله لشخص ، والشارع الأقدس فسّر الجزء بالعشر أو السبع على اختلاف الروايات في هذه المسألة ، فلا يمكن أن يقال : إنّ مراد المتكلّم هو العشر أو السبع ، لعدم ظهور كلامه في هذا المعنى حسب طريقة أهل المحاورة ، بل حكم تعبّدي يجب الأخذ به تعبّدا والعمل به ، وذلك لولاية الشارع على أنفس المؤمنين وعلى أموالهم بطريق أولى ، ولقوله تعالى ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (٢).

فمقتضى القواعد الأوّلية في المقام هو أنّه لو كان الكلام مجملا ولم يكن له ظهور يكون وجوده كالعدم ، فإذا لم يكن دليل آخر على الحكم لا بدّ وأن يرجع إلى العمومات والإطلاقات الأوّلية وفي المقام هي أدلّة الإرث. ولا مجال للرجوع إلى إطلاقات أدلّة الوصيّة ، لأنّ المفروض أنّ وصيّته مجملة لا يفهم منها شي‌ء.

نعم إذا ثبت أنّ الشارع فسّر الكلام يجب الأخذ به تعبّدا ، وفي المقام أخبار التفسير كما عرفت متعارضة ، فإذا كان من الممكن جمع عرفي فهو ، وإلاّ وجب العمل بقواعد باب التعارض من الترجيح مع وجود المرجّح والتخيير مع فقده.

وها هنا الترجيح من حيث السند مع روايات السبع ، وذلك من جهة أنّ رواية‌

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢١٠ ، ذيل ح ٨٣١ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣٣ ، ذيل ح ٥٠١.

(٢) الأحزاب (٣٣) : ٦.

٢٩١

أحمد بن أبي نصر البزنطي صحيحة بلا إشكال ، وأمّا رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام إن كانت بدون وساطة عبد الرحمن بن سيابة فصحيحة بلا إشكال ، ولكن الظاهر أنّها بواسطة عبد الرحمن بن سيابة ، لأنّه من المستبعد جدّا أن يسأل عبد الله بن سنان الفقيه الجليل الإمامي عن ابن أبي ليلى ، فهذه قرينة على أنّ السائل غيره وهو عبد الرحمن بن سيابة الذي واسطة بينه وبين الإمام عليه‌السلام.

فالإنصاف أنّ روايات تفسير الجزء بالسبع أصحّ سندا ، وإن كانت روايات العشر أكثر عددا ، ومعلوم أنّ الترجيح من حيث السند مقدّم على كثرة العدد. ولكن قولنا إنّ روايات السبع أصحّ سندا مبنيّ على أن تكون رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام بواسطة عبد الرحمن سيابة ، وإلاّ لو كانت بدون واسطة فليست روايات السبع أصحّ سندا.

هذا ، مضافا إلى أنّ الجمع الذي ذكره الشيخ بين الطائفتين بحمل روايات السبع على الاستحباب على الورثة أن يعطوا للموصى له سبع المال ، لو كان جمعا عرفيّا كما هو كذلك فلا تعارض كي تصل النوبة إلى الترجيح بالسند. ولا ينافي ذلك ما ذكرنا من استبعاد أن يكون السائل عن أبي ليلى هو عبد الله بن سنان ، لأنّ ذلك غاية ما يدلّ هو أنّ الراوي عن الإمام عليه‌السلام ليس عبد الله بن سنان بلا واسطة ، بل هو عبد الرحمن سيابة والرواية ضعيفة سندا.

ولكن بعد ما قلنا بالجمع العرفي فلا تصل النوبة إلى الترجيح كي يقال إنّ رواية أحمد بن أبي نصر البزنطي أصحّ سندا ، فالترجيح معها.

فالأولى والأحسن هو ما ذهب إليه الشيخ قدس‌سره وجمع آخر من الأساطين إلى أنّ المستحبّ على الوارث إعطاء السبع وإن كان ليس ملزما إلاّ بالعشر.

فرع : لو أوصى له بسهم من ماله كان للموصى له ثمنه ، ولو أوصى له بشي‌ء‌

٢٩٢

كان له السدس.

أمّا الأوّل فلصحيحة البزنطي قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل أوصى بسهم من ماله ، فقال عليه‌السلام : « السهم واحد من ثمانية ، ثمَّ قرأ ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ) (١) » إلى آخر الآية (٢).

ورواية صفوان وأحمد بن محمد بن أبي نصر قالا : سألنا الرضا عليه‌السلام عن رجل أوصى لك بسهم من ماله ولا ندري السهم أيّ شي‌ء هو؟ فقال عليه‌السلام : « ليس عندكم فيما بلغكم عن جعفر ولا عن أبي جعفر عليه‌السلام فيها شي‌ء؟ » فقلنا له : ما سمعنا أصحابنا يذكرون شيئا من هذا عن آبائك عليهم‌السلام قال : فقال : « السهم واحد من ثمانية إلى أن قال : قول الله عزّ وجلّ ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) ثمَّ عقد بيده ثمانية قال : وكذلك قسّمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ثمانية أسهم ، فالسهم واحد من ثمانية » (٣).

ورواية محمد بن محمد المفيد في الإرشاد قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل أوصى عند الموت بسهم من ماله ولم يبيّنه فاختلف الورثة في معناه ، فقضى عليهم بإخراج الثمن من ماله وتلي عليهم ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ) إلى آخره ، وهم ثمانية أصناف ، لكلّ صنف منهم سهم من الصدقات. (٤) وروايات أخر بهذا المضمون. (٥)

__________________

(١) التوبة (٩) : ٦٠.

(٢) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٠٩ ، ح ٨٢٨ ، باب الوصايا المبهمة ، ح ٥ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣٣ ، ح ٥٠١ ، باب من أوصى بجزء من ماله ، ح ٨ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٨ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٥ ، ح ١.

(٣) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤١ ، باب من أوصى بسهم من ماله ، ح ٢ ، « معاني الأخبار » ص ٢١٦ ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢١٠ ، ح ٨٣٣ ، باب الوصية المبهمة ، ح ١٠ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣٣ ، ح ٥٠٣ ، باب من أوصى بسهم من ماله ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٨ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٥ ، ح ٢.

(٤) « الإرشاد للمفيد ، ج ١ ، ص ٢٢١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٥٠ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٥ ، ح ٧.

(٥) « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٨ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٥.

٢٩٣

نعم هناك روايتان أخريان :

إحديهما : رواية طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن أبيه عليه‌السلام قال : « من أوصى بسهم من ماله فهو سهم من عشرة » (١).

الثانية : رواية محمّد بن عليّ بن الحسين قال : « وقد روى أنّ السهم واحد من ستّة » (٢).

أقول : أمّا رواية العشر فمن الشواذّ التي لا يعلم بها قائل ، ونسبه الشيخ (٣) إلى وهم الراوي وأنّه سمعه فيمن أوصى بجزء من ماله فظنّه السهم ، أو أنّه ظنّ أنّ السهم والجزء واحد ، وعلى كلّ فالرواية متروكة لم يعمل بها أحد.

وأمّا مرسلة الصدوق وما روى عن ابن مسعود أنّ رجلا أوصى لرجل بسهم من المال فأعطاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السدس ، فأعرض عنها المشهور ، فلا تقاوم الروايات الكثيرة التي بعضها صحيحة ، وإن عمل بهما الشيخ في أحد قوليه. (٤) وأمّا ما قيل : إنّ السهم في كلام العرب هو السدس ، فلم يثبت ولا أساس له.

فرع : لو أوصى بشي‌ء من ماله لرجل فله السدس إجماعا‌ ، لرواية أبان عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام أنّه سئل عن رجل أوصى بشي‌ء من ماله فقال : « الشي‌ء في كتاب عليّ واحد من ستّة » (٥) والقول بأنّه العشر شاذّ.

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢١١ ، ح ٨٣٤ ، باب الوصية المبهمة ، ح ١١ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣٤ ، ح ٥٠٤ ، باب من أوصى بسهم من ماله ، ح ٣ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٩ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٥ ، ح ٤.

(٢) « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢٠٤ ، باب الوصيّة بالشي‌ء من المال والسهم. ، ح ٥٤٧٥ ، « معاني الأخبار » ص ٢١٦ ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٤٩ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٥ ، ح ٥.

(٣) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢١١ ، ذيل ح ١١ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣٤.

(٤) « المبسوط » ج ٤ ، ص ٨.

(٥) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤٠ ، باب من أوصى بشي‌ء من ماله ، ح ١ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢٠٤ ، باب الوصيّة بالشي‌ء من المال. ، ح ٥٤٧٣ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢١١ ، ح ٨٣٥ ، باب الوصية المبهمة ، ح ١٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٥٠ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥٦ ، ح ١.

٢٩٤

فرع : لو أوصى بوجوه فنسي الموصي وجها منها ، جعله الوصي في وجوه البرّ.

هذا أحد القولين في المسألة ، وإليه ذهب المشهور.

والقول الآخر : أنّه يرجع ميراثا. والقائل به ابن إدريس (١) ، ونسب إلى الشيخ أيضا في بعض فتاواه (٢) ، ولكن في كتبه وافق المشهور بأن يجعله الوصي في وجوه البرّ.

والأقوى هو قول المشهور ، وذلك أوّلا لرواية محمّد بن ريّان قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام أسأله عن إنسان أوصى بوصيّة فلم يحفظ الوصي إلاّ بابا واحدا منها كيف يصنع في الباقي؟ فوقّع : « الأبواب الباقية اجعلها في البرّ » (٣) ، وروى هذه الرواية بعدّة طرق.

وثانيا : أنّه بعد ما خرج عن ملك الموصي والورثة بعد موت الموصي ، فيكون من قبيل مال المجهول المالك ، وبعد نسيان مصرفه فيصرفه في وجوه البرّ ، لأنّه في الغالب أقرب إلى ما يريد الموصي ، بل يمكن أن يقال إنّ صرفه في وجوه البرّ حيث أنّه يرجع إلى الجهات العامّة للمسلمين يكون من الصدقة التي هي مصرف مجهول المالك.

وثالثا : على هذا فتوى المشهور ، وهو ممّا يؤيّده قوّة حجّية رواية محمّد بن ريّان.

ورابعا : حكمهم عليهم‌السلام بالصرف في وجوه البرّ في نظائر المقام ، كما إذا أوصى بمال أن يحجّ عنه مع عدم كفاية ذلك المال للحجّ عنه ، وذلك في رواية علي بن‌

__________________

(١). « السرائر » ج ٣ ، ص ٢٠٩.

(٢) « النهاية » ص ٦١٣.

(٣) « الكافي » ج ٧ ، ص ٥٨ ، باب النوادر ، ح ٧ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢١٨ ، باب الرجل يوصى بوصيّة فينساها. ، ح ٥٥١٣ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢١٤ ، ح ٨٤٤ ، باب الوصيّة المبهمة ، ح ٢١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٥٣ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٦١ ، ح ١.

٢٩٥

مزيد صاحب السابري قال : أوصى إلى رجل بتركته وأمرني أن أحجّ بها عنه فنظرت في ذلك ، فإذا هي شي‌ء يسير لا يكفي للحجّ إلى أن قال : فسألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : « ما صنعت بها »؟ قلت : تصدّقت بها قال عليه‌السلام : « ضمنت إلاّ أن لا يكون يبلغ ما يحجّ به من مكّة ، فإن كان لا يبلغ ما يحجّ به من مكّة فليس عليك ضمان ، وإن كان يبلغ ما يحجّ به من مكّة فأنت ضامن » (١).

فقد حكم عليه‌السلام بعدم الضمان وصحّة الصدقة فيما إذا لم يبلغ المال قدر ما يحجّ به عنه من مكّة.

نعم نبّه الإمام عليه‌السلام الوصي على أمر ، وهو أنّ المراد من عدم بلوغ المال قدر ما يكفي الحجّ هو عدم بلوغه حتّى من مكّة ، بأن يكون حجّ إفراد ، أو من أقرب المواقيت مثلا لو كان المال يكفي للإحرام من الحديبية بل من أوّل الحرم ، فهذا ليس من عدم البلوغ.

وأمّا القول الآخر ـ أي رجوعه ميراثا الذي قال به ابن إدريس ونقله عن الشيخ ـ فمستنده أنّ الوصيّة بعد عدم إمكان العمل بها تبطل ، فيرجع المال إلى صاحبه وهو الوارث.

وفيه : أنّ العجز عن العمل بها لا يوجب بطلانها ، لأنّه غالبا يكون من قبيل تعدّد المطلوب. مثلا لو أوصى بعمارة مسجد أو مدرسة تكون مساحة كلّ واحد منهما ألف متر ولا يوجد المكان الذي يسع هذا المقدار ، بل في ذلك المكان المعيّن الذي عيّنه الموصي للمسجد أو للمدرسة توجد أرض بسعة تسعمائة مترا ، والمال الذي عيّن لبناء المدرسة ذات طبقتين لا يفي بذلك ، ولكن يمكن عمارة مدرسة ذات طبقة واحدة ، فلا شكّ في أنّ القسم الأوّل هو مطلوبه الكامل ، لا أنّ المطلوب منحصر به فلو بنى‌

__________________

(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٢١ ، باب أنّ الوصي إذا كانت الوصيّة في حقّ. ، ح ١ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢٠٧ ، باب ضمان الوصي لما يغيّره. ، ح ٥٤٨٢ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٢٨ ، ح ٨٩٦ ، باب وصية الإنسان لعبده وعتقه له ، ح ٤٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤١٩ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٣٧ ، ح ٢.

٢٩٦

مسجدا سعة تسعمائة متر ليس لمطلوبه أصلا وكذلك مدرسة ذات طبقة واحدة ليس بمطلوبه أصلا ، فلا شكّ في مطلوبيّة هذا القسم عند تعذّر القسم الأوّل ، نعم هو المطلوب الأكمل وهذا أيضا له مرتبة من المطلوبيّة. ولعلّ هذا هو المناط في قاعدة الميسور وما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه.

هذا إذا كان العجز من أوّل الأمر. وأمّا العجز الطاري عن بعض مراتب الوصيّة فلا يوجب بطلانها يقينا ، كما أنّه في الوقف الذي طرأ العجز عن العمل به تماما كما أراد الواقف فالمشهور على أنّه لا يبطل الوقف ولا يرجع إلى ملك الواقف فيرثه الوارث ، بل يصرف فيما هو أقرب إلى الجهة التي وقف عليها ، لأنّ الرجوع إلى ملك الوارث يحتاج إلى دليل مفقود في المقام.

مضافا إلى أنّ الرجوع إلى ملك الوارث لا معنى له في المقام ، لأنّه كان ملكا للموصي وهو ملّك الموصى له أو أخرج عن ملكه لعنوان من العناوين كالعلماء والسادات ، أو لجهة من الجهات كالصرف في عزاء سيّد الشهداء عليه‌السلام أو جهة أخرى من شعائر الدين ولم ينتقل إلى الوارث أصلا.

وأمّا الرجوع إلى ملك الموصي فإن كانت الوصيّة انعقدت صحيحة وخرجت عن ملكه بعد موته فطرأ النسيان ولذلك تعذّر صرفها في مصرفها الذي عيّن الموصي لها ، فحال الموصي مع سائر الناس بالنسبة إليها سواء ، فلا بدّ وأن يقال إمّا أن يصير كالمباحات الأصليّة فلكلّ أحد أن يتصرّف فيها. وهذا ممّا لا يمكن أن يلتزم به فقيه ، فالأقوى ـ بل المتعيّن ـ صرفها في وجوه البرّ ، فإنّها بعض مطلوب الموصي ، وما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه.

فرع : ولو أوصى بإخراج بعض ولده من تركته بأنّه لا يرث من تركته ، فهل تقع هذه الوصيّة صحيحة أم لا؟ فيها خلاف بين الأصحاب ، والمشهور عدم الصحّة ،

٢٩٧

لأنّها مخالف للكتاب والسنّة.

أمّا مخالفتها للكتاب فلقوله تعالى ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً ) (١) إلى آخر.

ولقوله تعالى ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (٢).

وأيضا لقوله تعالى ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) (٣).

وأمّا السنّة فروايات :

منها : رواية السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهم‌السلام قال : قال عليّ عليه‌السلام : « ما أبالي أضررت بولدي أو سرقتهم ذلك المال » (٤).

ومنها : أيضا عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهم‌السلام قال : قال عليّ عليه‌السلام : « من أوصى ولم يحف ولم يضارّ كان كمن تصدّق به في حياته » (٥).

ومنها : رواية محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : « قال قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل توفّى وأوصى بماله كلّه أو أكثره ، فقال له : الوصيّة تردّ إلى المعروف غير المنكر ، فمن ظلم نفسه وأتى في وصيّته المنكر والحيف فإنّها تردّ إلى المعروف ويترك لأهل الميراث ميراثهم » الحديث (٦) وروي هذه الرواية بعدة طرق ذكرها في الوسائل.

__________________

(١) البقرة (٢) : ١٨١.

(٢) النساء (٤) : ١٠.

(٣) الأحزاب (٣٣) : ٦.

(٤) « الفقيه » ج ٤ ، ص ١٨٣ ، باب ما جاء في الإضرار بالورثة ، ح ٥٤١٨ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٧٤ ، ح ٧١٠ ، باب في الوصيّة ووجوبها ، ح ١٠ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٥٦ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥ ، ح ١.

(٥) « الكافي » ج ٧ ، ص ٦٢ ، باب النوادر ، ح ١٨ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ١٨٢ ، باب ثواب من أوصى فلم يحف ولم يضارّ ، ح ٥٤١٤ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٧٤ ، ح ٧٠٩ ، باب في الوصيّة ووجوبها ، ح ٩ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٥٦ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٥ ، ح ٢.

(٦) « الكافي » ج ٧ ، ص ١١ ، باب ما للإنسان أن يوصى به بعد موته. ، ح ٤ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ١٨٦ ، باب ما يجب من ردّ الوصيّة إلى المعروف. ، ح ٥٤٢٥ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٩٢ ، ح ٧٧٣ ، باب الوصية بالثلث وأقلّ منه وأكثر ، ح ٥ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٥٨ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٨ ، ح ١.

٢٩٨

ومنها : رواية محمّد بن سوقة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله تعالى ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ) (١) قال عليه‌السلام : « نسختها الآية التي بعدها قوله عزّ وجلّ ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) قال : يعنى الموصي إليه إن خاف جنفا من الموصي فيما أوصى به إليه ممّا لا يرضى الله عزّ ذكره من خلاف الحقّ فلا إثم عليه ، أي على الموصى إليه أن يردّه إلى الحقّ وإلى ما يرضى الله عزّ وجلّ فيه من سبيل الخير » (٢).

ومنها : رواية عليّ بن إبراهيم عن رجاله قال : قال : إنّ الله أطلق للموصى إليه أن يغيّر الوصيّة إذا لم تكن بالمعروف وكان فيها حيف ، ويردّها إلى المعروف ، لقوله عزّ وجلّ ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً ) إلى آخر (٣). والحيف هو الجور على الورثة.

ومنها : رواية عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال : قال الصادق عليه‌السلام : « إذا أوصى الرجل بوصيّة فلا يحلّ للوصي أن يغيّر وصيّة يوصى بها بل يمضيها ، إلاّ أن يوصى غير ما أمر الله فيعصي في الوصيّة ويظلم ، فالموصى إليه جائز له أن يردّه إلى الحقّ مثل رجل يكون له ورثة فيجعل ماله كلّه لبعض ورثته ويحرم بعضا ، فالوصي جائز له أن يردّه إلى الحقّ وهو قوله تعالى ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً ) فالجنف هو الميل إلى بعض ورثتك دون بعض ، والإثم أن تأمر بعمارة بيوت النيران واتّخاذ المسكر فيحلّ للوصي أن لا يعمل بشي‌ء من ذلك » (٤).

__________________

(١) البقرة (٢) : ١٨١.

(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ٢١ ، باب إنّ من حاف في الوصية. ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٨٦ ، ح ٧٤٧ ، باب الرجوع في الوصية ، ح ٥ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٢١ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٣٨ ، ح ١.

(٣) « الكافي » ج ٧ ، ص ٢٠ ، باب أنّ من حاف في الوصية. ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٢٢ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٣٨ ، ح ٢.

(٤) « تفسير القمّي » ج ١ ، ص ٦٥ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٢٠ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٣٧ ، ح ٤.

٢٩٩

ومنها : رواية سعد بن سعد قال : سألته ـ يعني أبا الحسن الرضا عليه‌السلام ـ عن رجل كان ابن يدّعيه فنفاه وأخرجه من الميراث وأنا وصيّه فكيف أصنع؟ فقال عليه‌السلام : « لزمه الولد لإقراره بالمشهد لا يدفعه الوصي عن شي‌ء قد علمه » (١).

وهذه الروايات كما ترى تدلّ على عدم جواز الجور والخروج عن الجادة في الوصيّة بأن يضرّ ببعض الورثة ويخرجه عن تركته وميراثه ، وإن اثم وفعل فلا يجوز إمضاؤه فيما صنع من الحيف والجور ، بل يجب ردّه ممّا صنع وتحويله إلى الحقّ.

هذا ، مضافا إلى أنّ إخراجه عن تركته إمّا بنفي كونه ولدا له ، وهذا بعد إقراره به لا مجال له ولا يسمع ، لأنّه من الإنكار بعد الإقرار. وإمّا ينفي كونه وارثا مع الإقرار بأنّه ولد ، وهذا يرجع إلى إنكار الحكم الشرعي الثابت بالأدلّة القطعيّة ، وهو واضح البطلان. وإمّا بمنعه عن حقّه بواسطة الوصيّة ، وهذا هو الجنف والحيف المنهي عنه.

نعم وردت رواية في إنفاذ مثل هذه الوصيّة في حقّ الولد الذي وقع على أمّ ولد أبيه ، وهي ما رواه محمّد بن يحيى عن وصي عليّ بن السري قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : إنّ علي بن السري توفّي وأوصى إليّ فقال رحمه‌الله فقلت وإنّ ابنه جعفر وقع على أمّ ولد له فأمرني أن أخرجه من الميراث ، فقال لي : أخرجه إن كنت صادقا فسيصيبه خبل قال : فرجعت فقدّمني إلى أبي يوسف القاضي فقال له : أصلحك الله أنا جعفر بن على بن السري وهذا وصي أبي فمره فليدفع إلي ميراثي من أبي فقال لي : ما تقول؟ فقلت : نعم هذا جعفر بن على بن السري وأنا وصيّ علي بن السري قال : فادفع إليه ما له. قلت : أصلحك الله أريد أن أكلّمك. قال : فادن فدنوت حيث لا يسمع أحد كلامي فقلت هذا وقع على أمّ ولد لأبيه فأمرني أبوه وأوصى إليّ أن أخرجه من الميراث‌

__________________

(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٦٤ ، باب النوادر ، ح ٢٦ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢٢٠ ، باب إخراج الرجل ابنه من الميراث. ، ح ٥٥١٦ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٣٥ ، ح ٩١٨ ، باب في الزيادات الوصايا ، ح ١١ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٣٩ ، ح ٥٢٠ ، باب أن من كان له ولد. ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٧٦ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٩٠ ، ح ١.

٣٠٠