جواهر الكلام - ج ٣٦

الشيخ محمّد حسن النّجفي

عليه‌السلام : « إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد ، ولا يضعن إحدى رجليه على الأخرى ويتربع فإنها جلسة يبغضها الله ويمقت صاحبها ».

وفي كشف اللثام « قال الخطابي : الاتكاء هنا أن يقعد متمكنا مستويا جالسا ، بل السنة أن يقعد عند الأكل مائلا إلى الطعام منحنيا ، وقال ابن الأثير : المتكي كل من استوى قاعدا على وطاء متمكنا ، والعامة لا تعرف المتكي إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه ، والتاء فيه بدل من الواو ، وأصله من الوكاء ، وهو ما يشد به الكيس وغيره ، كأنه أوكأ مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته ، قال : ومن حمل الاتكاء على الميل إلى أحد الشقين فأوله على مذهب الطب ، فإنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا ، ولا يسيغه هنيئا وربما تأذى به ».

قلت : لعل الاتكاء في العرف غير ذلك ، نعم الظاهر أن جلسة العبد عدم تمكنه من الجلوس ، والله العالم.

( و ) يكره ( التملي من الأكل ) للنبوي (١) « ما ملأ ابن آدم وعاء أشر من بطنه ، فان كان ولا بد فثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك » وقال الباقر عليه‌السلام (٢) : « ما من شي‌ء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مملوء » وقال الصادق عليه‌السلام (٣) : « إن البطن ليطغى من أكله ، وأقرب ما يكون العبد من الله إذا خف بطنه ، وأبغض ما يكون العبد إلى الله إذا امتلأ بطنه ».

_________________

(١) المستدرك ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٥ و ٩ مع الاختلاف في اللفظ.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

٤٦١

ولاستلزام الامتلاء كثرة الأكل الذي استفاضت النصوص بكراهته قال الصادق عليه‌السلام في خبر أبي بصير (١) وخبر الحسين بن المختار (٢) ويونس بن عمار (٣) : « كثرة الأكل مكروه ».

وقال عليه‌السلام أيضا في خبر أبي بصير (٤) وخبر صالح (٥) : « إن الله يبغض كثرة الأكل ».

وقال عليه‌السلام (٦) : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المؤمن يأكل في معاء واحد ، والمنافق يأكل في سبعة أمعاء » إلى غير ذلك.

بل لعله المراد من قوله تعالى (٧) ( كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا ) خصوصا بعد ما ورد فيها (٨) « إن الله تعالى قد جمع الطب في آية واحدة بقوله ( كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا ) ».

وقال عمر بن إبراهيم (٩) : « سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : لو أن الناس قصدوا في المطعم لاعتدلت أبدانهم ».

وقال الصادق عليه‌السلام في خبر حفص بن غياث (١٠) : « ظهر إبليس ليحيى بن زكريا عليه‌السلام وإذا عليه معاليق من كل شي‌ء ، فقال له يحيى : ما هذه المعاليق؟ فقال : هذه الشهوات التي أصيب بها ابن آدم ، فقال : هل لي منها شي‌ء؟ فقال : ربما شبعت فشغلناك عن الصلاة والذكر لله ، قال : لله علي أن لا أملأ بطني من طعام أبدا

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١١ وفيه « ان البطن إذا شبع طغى » كما سيذكره قريبا ، وليس للحسين في المقام خبر غيره.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١٠.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٩.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٥.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٦.

(٧) سورة الأعراف : ٧ ـ الآية ٣١.

(٨) مجمع البيان ذيل الآية ٣١ من سورة الأعراف.

(٩) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٧ عن عمرو بن إبراهيم.

(١٠) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٨.

٤٦٢

وقال إبليس : لله علي أن لا أنصح مسلما أبدا ، ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا حفص لله على جعفر وآل جعفر أن لا يملؤوا بطونهم من طعام أبدا ، ولله على جعفر وآل جعفر أن لا يعملوا للدنيا » ومنه يستفاد كراهة الشبع أيضا.

وقال الباقر عليه‌السلام في خبر أبي عبيدة (١) والصادق عليه‌السلام في خبر ابن المختار (٢) : « إن البطن إذا شبع طغى ».

وفي مرفوع علي بن حديد (٣) « قام عيسى بن مريم خطيبا ، فقال : يا بني إسرائيل لا تأكلوا حتى تجوعوا ، وإذا جعتم فكلوا ، ولا تشبعوا فإنكم إذا شبعتم غلضت رقابكم وسمنت جنوبكم ونسيتم ربكم ».

وفي خبر سلمان الفارسي (٤) عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله « أن أكثر الناس شبعا في الدنيا أكثرهم جوعا في الآخرة ».

وقال الصادق عليه‌السلام (٥) : « ما كان شي‌ء أحب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أن يظل جائعا خائفا لله ».

مضافا إلى الأمر بالثلث في الأكل (٦) بمعنى جعل ثلث بطنه للطعام والآخر للشراب والثالث للتنفس.

وإلى إفضائه طول الجشاء الذي ورد فيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) « إن أطولكم جشاء في الدنيا أطولكم جوعا يوم القيامة ».

وفي آخر (٨) عن الصادق عليه‌السلام « سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا يتجشأ ، فقال : يا عبد الله اقصر من

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١٠.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٩.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٥.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

٤٦٣

جشاءك ، فإن أطول الناس جوعا يوم القيامة أكثرهم شبعا في الدنيا ».

وإلى ما في وصية علي عليه‌السلام لكميل (١) « يا كميل إذا أنت أكلت فطول أكلك يستوف من معك وترزق منه غيرك ، يا كميل إذا استويت على طعامك فاحمد الله على ما رزقك ، وارفع بذلك صوتك ليحمده سواك ، فيعظم بذلك أجرك ، يا كميل لا توقر معدتك طعاما ، ودع فيها للماء موضعا ، وللريح مجالا » المستفاد منه أحكاما أخر ، إلى غير ذلك.

وينبغي الاقتصار على الغداء والعشاء ، وأن لا يأكل بينهما شيئا ، فإن فيه فساد البدن (٢). قال الله تعالى (٣) ( لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا ).

نعم لا ينبغي ترك العشاء ، فإنه أول خراب البدن ومهرمته (٤) بل « من ترك ليلة السبت والأحد متواليين ذهب منه قوة لا ترجع إليه أربعين يوما » (٥) و « أن في الجسد عرقا يقال له : العشاء يدعو على من ترك العشاء حتى الصبح » (٦) فلا ينبغي تركه ولو لقمة أو حشفة (٧) و « العشاء بعد العشاء الآخرة ، فإنه فعل النبيين » والأئمة المرضيين عليهم‌السلام (٨).

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٤.

(٢) لما في الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٣) سورة مريم : ١٩ ـ الآية ٦٢.

(٤) لما في الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١ و ٢.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٤.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٥.

(٧) لما في الوسائل ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٨ والباب ـ ٤٨ ـ منها ـ الحديث ٣.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣ و ٥.

٤٦٤

بل ( وربما كان الإفراط حراما لما يتضمن من الإضرار ) المحرم ولو ظنا ، بل أو خوفا معتدا به.

( و ) على كل حال فمما ذكرنا يعلم أنه ( يكره الأكل على الشبع ) بل هو أولى بالنهي ، وقال الصادق عليه‌السلام (١) : « الأكل على الشبع يورث البرص » إلى غير ذلك.

والفرق بين الشبع والتملي أن الشبع هو البلاغ في الأكل إلى حد لا يشتهيه ، سواء امتلى منه بطنه أم لا ، والتملي مل‌ء البطن وإن بقيت شهوته للطعام ، كما يحكى ذلك عن معاوية بعد أن دعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليه بذلك (٢) وحينئذ فبينهما عموم وخصوص من وجه.

ويكره أيضا رفع الجشاء إلى السماء قال الصادق عليه‌السلام في خبر السكوني (٣) : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا تجشأتم فلا ترفعوا جشاءكم إلى السماء ». ونحوه آخر عن الباقر عليه‌السلام (٤) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وزاد « ولا إذا بزق ، والجشاء نعمة من الله ، فإذا تجشأ أحدكم فليحمد الله عليها ».

( و ) أما كراهة ( الأكل باليسار ) مع الاختيار فقد سمعت ما يدل عليه عند ذكر استحباب الأكل باليمين ، بل قال سماعة (٥) : « سألت الصادق عليه‌السلام عن الرجل يأكل بشماله ويشرب بها ، فقال : لا يأكل بشماله ولا يشرب بشماله ولا يتناول بها شيئا ».

وقال عليه‌السلام أيضا في خبر جراح المدائني (٦) : « كره

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٢) الغدير للأميني (ره) ج ٨ ص ٣٠٤ ـ ٣٠٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٤.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

٤٦٥

للرجل أن يأكل بشماله أو يشرب بها أو يتناول بها ».

نعم ينبغي أن يستثنى العنب والرمان ، لقول الصادق عليه‌السلام في خبر أيوب (١) : « شيئان يؤكلان باليدين جميعا : العنب والرمان » ولعله على ذلك يحمل ما في خبر حماد بن عثمان (٢) قال : « أكل أبو عبد الله عليه‌السلام بيساره وتناول بها » أو على بيان الجواز ، أو على ما في خبر أبي العرندس (٣) المروي عن قرب الاسناد « رأيت أبا الحسن عليه‌السلام بمنى وعليه نقبة ورداء وهو متكئ على جواليق سود على يمينه ، فأتاه غلام اسود بصفح فيه رطب ، فجعل يتناول بيساره ، فيأكل وهو متكئ على يمينه ، فحدثت بذلك رجلا من أصحابنا ، فقال : حدثني سليمان بن خالد أنه سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : صاحب هذا الأمر كلتا يديه يمين ». أو على أن المراد غير أكل الرطبة والعنبة ونحوهما من الأكل باليسار ومتكئا ، بل المراد الغداء والعشاء ونحوهما ، والله العالم.

( ويحرم الأكل على مائدة يشرب عليها شي‌ء ) من الخمر ، لقول الصادق عليه‌السلام في صحيح هارون بن الجهم (٤) ، قال : « كنا مع أبي عبد الله عليه‌السلام بالحيرة حين قدم علي أبي جعفر فختن بعض القواد ابنا له وصنع طعاما ودعا الناس ، وكان أبو عبد الله عليه‌السلام فيمن دعي ، فبينا هو على المائدة يأكل ومعه عدة على المائدة ، فاستسقى رجل منهم فأتي بقدح فيه شراب لهم ، فلما أن صار القدح في يد الرجل قام أبو عبد الله عليه‌السلام عن المائدة ، فسئل عن قيامه

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٥.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٦ عن الحسين بن أبي العرندس.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ١.

٤٦٦

فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ملعون من جلس على مائدة يشرب عليها الخمر ».

وفي رواية أخرى (١) « ملعون من جلس طاعما على مائدة يشرب عليها الخمر ».

وفي خبر جراح المدائني (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أيضا قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأكل على مائدة يشرب عليها الخمر ».

وفي الموثق (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام وقد « سئل عن المائدة إذا شرب عليها الخمر أو مسكر ، فقال : حرمت المائدة ، وسئل فإن أقام رجل على مائدة منصوبة يأكل مما عليها ومع الرجل مسكر لم يسق أحدا ممن عليها بعد ، فقال : لا تحرم حتى يشرب عليها ، وإن وضع بعد ما يشرب فالوذج فكل ، فإنها مائدة أخرى ، يعني كل الفالوذج ».

بل في المتن وغيره ( من المسكرات أو الفقاع ) بل في كشف اللثام نسبته إلى الأصحاب ، ولعله للموثق المزبور ، أو بناء على أن الخمر اسم لكل مسكر ، أو على الإلحاق به ، للقطع بعدم الخصوصية حتى في الفقاع الذي هو خمر مجهول واستصغره الناس.

وفي كشف اللثام « أو لوجوب الإنكار على شاربها ، وأقله القيام عن المائدة والامتناع من حضورها » بل تعدى الفاضل إلى الاجتماع على اللهو والفساد ، بل عن ابن إدريس « لا يجوز الأكل من طعام يعصى الله به ».

ولكن في المسالك بعد أن حكى عن الفاضل وابن إدريس ذلك قال :

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٢ « طائعا » بدل « طاعما » كما في الكافي ـ ج ٦ ص ٢٦٨.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٣.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الأشربة المحرمة ـ الحديث ١.

٤٦٧

« ولم نقف على مأخذه ، والقياس باطل ، وطريق الحكم مختلف ، وعلل بأن القيام يستلزم النهي عن المنكر من حيث إنه إعراض عن فاعله وإهانة له ، فيجب لذلك ويحرم تركه بالمقام عليها ، وفيه نظر ، لأن النهي عن المنكر إنما يجب بشرائط من جملتها جواز التأثير ، ومقتضى الروايات تحريم الجلوس والأكل حينئذ وإن لم ينه عن المنكر ولم يجوز تأثيره ، وأيضا فالنهي عن المنكر لا يتقيد بالمقام ، بل بحسب مراتبه المعلومة على التدريج وإذا لم يكن المقام من مراتبه لا يحرم فعله ».

وفي كشف اللثام « وبالجملة يحرم الجلوس على مائدة يعصى الله عليها ، بل حضور مجلس يعصى الله تعالى فيه ، إلا أن يضطر إليه أو يقدر على إزالة المنكر ، لوجوب إنكاره ، ولأن مجلس العصيان في معرض نزول العذاب بأهله ، ويؤيده قول أمير المؤمنين عليه‌السلام في خبر محمد بن مسلم (١) : « ولا تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر ، فان العبد لا يدري متى يؤخذ ».

وفيه ما لا يخفى ، واحتمال ارادة حضور مطلق المجالس المنعقدة على المعاصي والمعدة لها من تلك النصوص ـ وإن ذكر فيها الخمر باعتبار غلبة استعماله في ذلك الوقت مع الغناء والرقص والضرب بالعود ونحوها مما هو شائع في تلك الأزمنة ـ يدفعه عدم ظهور النصوص المزبورة بل والفتاوى فيه ، بل يمكن دعوى ظهورهما خصوصا النصوص في غيره ، ولا يبعد كون الحكم المزبور تعبديا لا يتعدى منه إلى غيره. نعم لو حصل مقتض للحرمة من وجه آخر فلا بأس بالقول بها ، ولكن هي غير حرمة نفس المائدة بمجرد شرب شخص ممن هو عليها خمرا أو مسكرا التي هي المرادة من النص والفتوى.

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٤٣.

٤٦٨

وكذا يحرم استتباع ولده إذا دعي قال الصادق عليه‌السلام في خبر السكوني (١) : « إذا دعي أحدكم إلى طعام فلا يستتبعن ولده ، فإنه إن فعل أكل حراما ودخل عاصيا » وعن البرقي روايته في المحاسن كذلك (٢) إلا أنه رواه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولعله موافق لقاعدة حرمة التصرف بمال الغير بغير إذنه ، وكان حرمة أكله حينئذ ـ وإن كان مدعوا ـ باعتبار عدم العلم بالاذن له مع الحال المزبور نعم لو فرض فحوى تدل على ذلك لم يكن به بأس.

وفي الدروس وغيرها كراهة استتباع المدعو إلى طعام ولده ، وكأنه حمل الخبر المزبور عليها ، ولكنه لا يخلو من نظر ، لما عرفت.

وكذا يحرم أكل طعام لم يدع إليه ، لخبر الحسين بن أحمد المنقري عن خاله (٣) « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من أكل طعاما لم يدع إليه فكأنما أكل قطعة من نار » وقد اعترف به في الدروس هنا معللا له بالرواية التي وجهها ما عرفته سابقا ، فما عن بعض من الكراهة لا يخلو من نظر.

وكذا يكره الأكل ماشيا إلا مع الضرورة قال الصادق عليه‌السلام في خبر عبد الله بن سنان (٤) : « لا تأكل وأنت تمشي إلا أن تضطر إلى ذلك ».

ولعل منها ما في خبر السكوني عنه عليه‌السلام أيضا (٥) « خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل الغداة ومعه كسرة قد غمسها في اللبن وهو يأكل ويمشي وبلال يقيم الصلاة ، فصلى بالناس ».

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

٤٦٩

كما أن ما في خبر عبد الرحمن عنه عليه‌السلام أيضا (١) قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « لا بأس أن يأكل الرجل وهو يمشي كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يفعل ذلك » محمول على بيان الجواز ، إلى غير ذلك من النصوص المستفاد منها غير ذلك فعلا وتركا.

( منها ) ما استفاضت فيه من استحباب رفع ما سقط من الخوان وأكله ولو مثل السمسمة (٢) ومن أنه شفاء من كل داء لمن أراد أن يستشفي به (٣) وخصوصا داء الخاصرة (٤) وينفي الفقر ويكثر الولد (٥) ومهر الحور العين (٦) نعم من أكل في الصحراء تركه للطير والسباع ولو فخذ شاة (٧).

و ( منها ) إذا أكل الثريد فليأكل من جوانبه دون رأسه وذروته فإن الذروة فيها البركة ، وتأتي منها البركة (٨).

و ( منها ) الابتداء بالملح والاختتام به ، فإنه يعافى من اثنين وسبعين نوعا من أنواع البلاء منها الجنون والجذام والبرص (٩) وفي بعضها (١٠) « أيسرها الجذام » وفي ثالث (١١) « أهونها الجنون والجذام والبرص ووجع الحلق والأضراس ووجع البطن » بل في آخر (١٢) « من افتتح طعامه بالملح ذهب عنه سبعون داء وما لا يعلمه إلا الله » و « لو يعلم الناس

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧٦ ـ من أبواب آداب المائدة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٧٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٧٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٤.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٧٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٧.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٧٢ ـ من أبواب آداب المائدة.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٦٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١ و ٢ و ٧.

(٩) الوسائل ـ الباب ـ ٩٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(١٠) الوسائل ـ الباب ـ ٩٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

(١١) الوسائل ـ الباب ـ ٩٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١٣.

(١٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٩.

٤٧٠

ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرب » (١) بل قال الصادق عليه‌السلام (٢) : « من ذر الملح على أول لقمة يأكلها استقبل الغنى » وفي آخر (٣) « ذهب عنه نمش الوجه ».

لكن في خبر إسماعيل بن جابر (٤) عنه عليه‌السلام أيضا « إنا لنبدأ بالخل عندنا كما تبدأون بالملح عندكم ، وإن الخل ليشد العقل » وفي خبر الديلمي (٥) عنه عليه‌السلام أيضا « إن بني إسرائيل كانوا يستفتحون بالخل ويختمون به ، ونحن نستفتح بالملح ونختم بالخل » وفي مرسل الصدوق عنه عليه‌السلام أيضا (٦) « إن بني أمية يبدؤون بالخل في أول الطعام ويختمون بالملح ، وإنا نبدأ بالملح في أول الطعام ونختم بالخل » وفي خبر الهمداني (٧) « إن رجلا كان عند الرضا عليه‌السلام بخراسان فقدمت إليه مائدة عليها خل وملح فافتتح بالخل ، قال الرجل : جعلت فداك أمرتمونا أن نفتتح بالملح ، فقال عليه‌السلام : هذا مثله ـ يعني الخل ـ وأن الخل يشد الذهن ويزيد في العقل ».

وفي الدروس « ويستحب البدأة بالملح والختم به ، وروي الختم بالخل » وفي الوسائل « ويأتي ما يدل على استحباب الافتتاح بجملة من الأطعمة والاختتام بها ، فيجمع بينها وبين ما تقدم إما باستحباب الجمع أو بالتخيير أو بحمل أحاديث الملح على الابتداء الحقيقي لكثرتها وشهرتها وصراحتها وما عداها على الابتداء الإضافي ، وكذا الختم ».

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١٥.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٩٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٥ « بنمش الوجه » وهو بالتحريك نقط بيض وسود.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٩٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٩٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٩٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٤.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٩٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

٤٧١

« ولدغت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عقرب ، فقال لها لعنك الله ما تبالين مؤمنا آذيت أو كافرا ، ثم دعا بملح فوضعه على موضع اللدغة ثم عصره بإبهامه حتى ذاب (١) ـ وفي خبر آخر (٢) « فدلكه فهدأت ـ ثم قال : لو يعلم الناس ما في الملح ما احتاجوا معه إلى ترياق ».

و « الطعام إذا جمع ثلاث خصال فقد تم : إذا كان من حلال وكثرت الأيدي عليه وسمي في أوله وحمد الله في آخره » (٣).

و « ما من رجل يجمع عياله ويضع مائدته فيسمون في أول طعامهم ويحمدون في آخره فترفع المائدة حتى يغفر لهم » (٤).

و « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل كل الأصناف من الطعام ، وكان يأكل ما أحل الله له مع أهله وخدمه إذا أكلوا ، ومع من يدعوه من المسلمين على الأرض ، وعلى ما أكلوا عليه ، وما أكلوا إلا أن ينزل بهم ضيف فيأكل مع ضيفه » (٥).

و « كان الرضا عليه‌السلام إذا خلا ونصب مائدته جلس معه على مائدته مماليكه ومواليه حتى البواب والسائس ، ولا يدع صغيرا ولا كبيرا منهم ، حتى أن رجلا من أهل بلخ قال له يوما : لو عزلت لهؤلاء السودان مائدة ، فقال له : مه ، إن الله تبارك وتعالى واحد والأم واحدة والأب واحد » (٦).

و « من حق المسلم على المسلم أن يجيبه إذا دعاه ولو على خمسة

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٣.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٦.

(٦) اقتبس ( قده ) ذلك من الروايات المروية في الوسائل في الباب ـ ١٣ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣ ـ ٢ ـ ١.

٤٧٢

أميال ، فإن ذلك من الدين » (١) و « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يجيب الدعوة » (٢) و « أن من أعجز العجز رجلا دعاه أخوه إلى طعامه فتركه من غير علة » (٣).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو أن مؤمنا دعاني إلى طعام ذراع شاة لأجبته ، وكان ذلك من اللين ( من الدين خ ل ) ولو أن مشركا أو منافقا دعاني إلى جزور ما أجبته ، وكان ذلك من الدين » (٤).

وفي حديث المناهي (٥) « نهى عن إجابة الفاسقين إلى طعامهم » وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيته لأبي ذر (٦) : « لا تصاحب إلا مؤمنا ، ولا يأكل طعامك إلا تقي ، ولا تأكل طعام الفاسقين ، يا أبا ذر أطعم طعامك من تحبه في الله ، وكل طعام من يحبك في الله ».

وقال الصادق عليه‌السلام (٧) : « أجب في الوليمة والختان ولا تجب في خفض الجواري ».

و « إذا دخل عليك أخوك فاعرض عليه الطعام ، فان لم يأكل فاعرض عليه الماء ، فان لم يشرب فاعرض عليه الوضوء » (٨) و « المؤمن لا يحتشم من أخيه ، وما أدري أيهما أعجب؟ الذي يكلف أخاه إذا دخل

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١ و ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٦.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٩.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٤.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

٤٧٣

عليه أو المتكلف لأخيه » (١).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) : « من تكرمة الرجل لأخيه أن يقبل تحفته ويتحفه بما عنده ، ولا يتكلف له شيئا ، ولا أحب المتكلفين ».

و « كفى بالمرء إثما أن يستقل ما يقرب إلى إخوانه ، وكفى بالقوم إثما أن يستقلوا ما يقربه إليهم أخوهم » (٣).

نعم قال الصادق عليه‌السلام (٤) : « إذا أتاك أخوك فآته بما عندك ، فإذا دعوته فتكلف له » و « تعرف مودة الرجل لأخيه بكثرة أكله من طعامه » (٥).

و « إذا دخل الرجل بلدة فهو ضيف على من بها من إخوانه وأهل دينه حتى يرحل عنهم » (٦). و « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه » (٧). و « من حقه أن يعد له الخلال » (٨) و « الضيف يلطف به ليلتين ، وإذا كان الليلة الثالثة فهو من أهل البيت يأكل ما أدرك » (٩). بل « الضيافة أول يوم حق والثاني والثالث ، وما كان بعد ذلك فهو صدقة » (١٠).

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١ و ٧.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٩) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(١٠) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

٤٧٤

ولا ينبغي النزول عند من لا يكون عنده ما ينفق عليه (١) كما أنه لا ينبغي خدمة الضيف فضلا عن استخدامه (٢).

و « إذا دخل الضيف دخل بالرزق الكثير ، وإذا خرج خرج بالمغفرة » (٣) بل « ما من ضيف حل بقوم إلا ورزقه في حجره » (٤).

وينبغي أكل المضيف مع ضيفه وأن يكون أول من يضع يده وآخر من يرفعها (٥).

ومن حق الضيف إعداد الخلال له (٦) لأنه يستحب التخلل ، وقد « نزل جبرئيل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالخلال والسواك والحجامة » (٧). والتخلل يطيب الفم وينقيه ، ومصلحة اللثة والنواجد ومجلبة للرزق (٨).

لكن نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن التخلل بالرمان والآس والقصب ، وقال : إنهن يحركن عرق الآكلة (٩) و « نهى أبو الحسن عليه‌السلام عن التخلل بعود الريحان وقضيب الرمان ، لأنهن يهيجان عرق الجذام » (١٠). بل عن الصادق عليه‌السلام (١١) :

_________________

(١) لما في الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب آداب المائدة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٥) لما في الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٦) لما في الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ١٠٤ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٨) يستفاد هذه الآثار من الروايات المروية في الوسائل ـ الباب ـ ١٠٤ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١ و ٤ و ٥ و ٧.

(٩) الوسائل ـ الباب ـ ١٠٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٥.

(١٠) الوسائل ـ الباب ـ ١٠٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٦.

(١١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

٤٧٥

« من تخلل بالقصب لم تقض له حاجة ستة أيام ». وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يتخلل بكل ما أصاب ما خلا الخوص والقصب (١).

وقال عليه‌السلام أيضا (٢) : « لا يزدردن أحدكم ما يتخلل به ، فإنه يكون منه الديبلة » وهي داء في الجوف وسئل أيضا (٣) « عن اللحم الذي يكون في الأضراس ، فقال : أما ما كان في مقدم الفم فكله ، وما كان في الأضراس فاطرحه ».

لكن قال الفضل بن يونس (٤) : « تغدى عندي أبو الحسن عليه‌السلام ، فلما أن فرغ من الطعام أتي بالخلال ، فقلت : جعلت فداك ما حد هذا الخلال؟ فقال : يا فضل كل ما بقي في فمك فما أدرت عليه لسانك فكله ، وما استكن فأخرجه بالخلال ، وأنت فيه بالخيار إن شئت أكلته وإن شئت طرحته ». قلت : لعل المدار على الوصول إلى حد الاستخباث وعدمه.

وينبغي إكرام ( الخبز ) الذي لولاه لم يصل الناس ولم يصوموا ، ولم يؤدوا فريضة من فرائض الله (٥) وقد عمل فيه ما بين العرش إلى الأرض ، وما فيها من كثير خلقه (٦) ومن إكرامه أن لا ينتظر به غيره إذا وضع (٧) ، ولا يوطأ ولا يقطع (٨) ولا يوضع تحت القصعة ، بل

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٠٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٠٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٠٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

(٥) وهذا مضمون ما رواه في الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب مقدمات التجارة ـ الحديث ٦ من كتاب التجارة.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٧٩ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٨٣ ـ من أبواب آداب المائدة.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٨٤ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

٤٧٦

هو مكروه (١) كالقطع بالسكين (٢) والشم كشم السباع (٣) وإحصاؤه فإنه يحصي على من أحصاه.

لكن في المرفوع عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٤) « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا لم يكن له أدم يقطع الخبز بالسكين » وفي آخر (٥) عنه عليه‌السلام أيضا « أدنى الأدم قطع الخبز بالسكين » وحمل على الضرورة.

و « من وجد كسرة فأكلها كانت له حسنة ، ومن وجدها في قذر فغسلها ثم رفعها كانت له سبعين حسنة » (٦) وقد « دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على عائشة فرأى كسرة كادت أن تطأها فأخذها فأكلها ، ثم قال : يا حميرا « أكرمي جوار نعم الله عليك ، فإنها لم تنفر من قوم فكادت تعود إليهم » (٧).

و « دخل أبو جعفر الباقر عليه‌السلام الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك ، فقال : تكون معك لآكلها إذا خرجت ، فلما خرج قال للمملوك : أين اللقمة؟ قال : أكلتها يا ابن رسول ، فقال : أما إنها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة ، فاذهب فأنت حر لوجه الله ، فإني أكره أن استخدم رجلا من

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨١ ـ من أبواب آداب المائدة.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨٤ ـ من أبواب آداب المائدة.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٨٥ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٨٤ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٨٤ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٤.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٧٧ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٣.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٧٧ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٤.

٤٧٧

أهل الجنة » (١). وقصة الثرثار (٢) معلومة ذكرناها في كتاب الطهارة (٣).

وقد « أعطى دانيال صاحب معبر رغيفا لأن يعبر به ، فرماه وقال : ما أصنع بهذا ، عندنا قد يداس بالأرجل ، فرفع يده دانيال ، فقال : اللهم أكرم الخبز فقد رأيت يا رب ما صنع الرجل وما قال ، فأوحى الله إلى السماء أن تحبسي الغيث ، وأوحى إلى الأرض أن كوني طبقا كالفخار فلم يمطروا وبلغ من أمرهم أن يأكل بعضهم بعضا ، فلما بلغ ما أراد الله تعالى من ذلك قالت امرأة لأخرى ولهما ولدان : يا فلانة تعالي نأكل أنا وأنت اليوم ولدي ، وإذا كان غدا أكلنا ولدك ، قالت لها : نعم ، فأكلتاه فلما جاء غد امتنعت عليها الأخرى ، فقالت لها : بيني وبينك نبي الله دانيال فاختصمتا إليه ، فقال لهما : وقد بلغ الأمر إلى ما أرى؟ قالتا له : نعم وأشد ، فرفع يده إلى السماء ودعا لهم ، فانكشف عنهم ما كانوا فيه » (٤).

وقال الرضا عليه‌السلام في خبر يعقوب بن يقطين (٥) : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : صغروا رغفانكم ، فان مع كل رغيف بركة » وقال يعقوب بن يقطين (٦) : « رأيت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يكسر الرغيف إلى فوق ».

و « فضل ( خبز الشعير ) كفضل الأئمة عليهم‌السلام على الناس

_________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ الحديث ١ من كتاب الطهارة.

(٢) رواها في الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ الحديث ١ من كتاب الطهارة.

(٣) راجع ج ٢ ص ٥٠.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٧٩ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٨٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ١.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٨٦ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢.

٤٧٨

وما من نبي إلا وقد دعا لأكل الشعير وبارك عليه ، وما دخل جوفا إلا وأخرج كل داء فيه ، وهو قوت الأنبياء وطعام الأبرار ، وأبي الله أن يجعل قوت أنبيائه إلا شعيرا (١).

و « ما دخل في جوف المسلول شي‌ء أنفع له من خبز الأرز » (٢) وليطعم المبطون. فإنه يدبغ المعدة ويسل الداء سلا (٣).

ونعم القوت ( السويق ) يمسك الجائع ويهضم طعام الشبعان ولو كان رؤوسا (٤) وقد عمل بالوحي من السماء (٥) وهو طعام النبيين (٦) وينبت اللحم ويشد العظم (٧) وخصوصا إذا شرب بالزيت ، فإنه حينئذ يرق البشرة ويزيد في الباه (٨) و « السويق الجاف يذهب بالبياض » (٩) أي البرص وثلاث راحات منه على الريق ينشف البلغم والمرة حتى لا يكاد يدع شيئا (١٠) وقال الصادق عليه‌السلام (١١) : « السويق يجرد المرة والبلغم من المعدة جردا ، ويدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء » وإذا لتّ السويق لم ينفع لإطفاء الحرارة وتسكين المرة (١٢) ومن شرب السويق أربعين صباحا امتلأ كتفاه قوة (١٣) وقال أبو الحسن الماضي عليه‌السلام (١٤) : « السويق إذا غسلته سبع مرات وقلبته من إناء إلى إناء آخر فهو يذهب

_________________

(١) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ١.

(٢) روى ذلك في الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ١.

(٣) روى ذلك في الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٣.

(٤) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ١ و ٨.

(٥) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٣.

(٦) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٤.

(٧) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٢.

(٨) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٥.

(٩) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٣.

(١٠) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ١.

(١١) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٦.

(١٢) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٤.

(١٣) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٧.

(١٤) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٢.

٤٧٩

بالحمى وينزل القوة في الساقين والقدمين ».

و ( سويق الشعير ) ينفع للبرسام (١) و ( العدس ) يقطع العطش ويقوي المعدة ، وفيه شفاء من سبعين داء ، ويطفئ الصفراء ، وينظف الجوف ، وكان الصادق عليه‌السلام لا يفارقه إذا سافر ، وإذا هاج الدم بأحد من حشمه قال : اشرب من سويق العدس ، فإنه يسكن هيجان الدم ، ويطفئ الحرارة (٢) و « إن جارية أصابتها استحاضة لم تنقطع عنها حتى أشرفت على الموت فأمر أبو جعفر عليه‌السلام أن تسقى سويق العدس ، فسقيت فانقطع عنها وعوفيت » (٣).

و ( سويق التفاح ) يقطع الرعاف (٤) بل قال الصادق عليه‌السلام (٥) : « ما أعرف للمسموم دواء أنفع من سويق التفاح » وعن ابن يزيد (٦) قال : « كنا إذا لسع بعض أهل الدار حية أو عقرب قال : اسقوه سويق التفاح ».

و « سيد الأدم والطعام في الدنيا والآخرة ( اللحم ) » (٧) وهو « سيد أدم أهل الجنة » (٨) و « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لحما يحب اللحم » (٩) وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنا معاشر قريش قوم

_________________

(١) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ١.

(٢) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٨ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ١ « يبرد الجوف » بدل « ينظف الجوف ».

(٣) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٨ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٢.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٩٢ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ١.

(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٩٢ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٢.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٩٢ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٣.

(٧) روى ذلك في الوسائل في الباب ـ ٩ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ١ و ٢.

(٨) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ٣.

(٩) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأطعمة المباحة ـ الحديث ١.

٤٨٠