القواعد الفقهيّة - ج ٣

آية الله السيّد محمّد حسن البجنوردي

القواعد الفقهيّة - ج ٣

المؤلف:

آية الله السيّد محمّد حسن البجنوردي


المحقق: مهدي المهريزي
الموضوع : الفقه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
964-400-030-7

الصفحات: ٣٥٢

قيمة أصلا ، فإن لم يكن للجزء الخارجي الشخصي المعيّن قيمة عند العرف أصلا ، فالانحلال بالنسبة إليه لا معنى له ، لأنّ المراد من الانحلال في هذا المقام هو انحلال العقد الواحد ـ بالنسبة إلى أبعاض العوضين ـ إلى عقود متعدّدة ، فكأنه كلّ بعض من المبيع مثلا وقع عليه العقد بإزاء ما يقابله عند العرف من الثمن ، وهذا فيما إذا كان عندهم للجزء مقابل ومقدار من الثمن ، قلّ أو كثر.

وإن لم يكن للجزء الخارجي قيمة ، فربما ينحلّ العقد إلى عقود متعدّدة بحسب الكسور المشاعة في العوضين. مثلا إذا باع فرسا نصفه المشاع لغيره ، فهذا العقد ينحلّ إلى عقدين : أحدهما متعلّق بالنصف الذي يملكه العاقد ، وهو عقد صدر من مالكه ، ويجب عليه الوفاء به ، والثاني : عقد متعلّق بمال الغير ، وهو عقد صادر عن غير المالك ، فيكون فضوليّا يحتاج نفوذه إلى إجازة المالك.

ومعنى الانحلال هو أنّ العقد الواحد وإن كان واحدا بحسب الصورة ، ولكن عند الدقّة عقود متعدّدة ، ولكن بالقوّة لا بالفعل.

وتظهر الثمرة فيما إذا كان بعض المبيع ممّا يملكه العاقد ، وبعضه الآخر ممّا لا يملكه ، بل ملك للغير ، أو بعضه ممّا يملك ومال شرعا يجوز المعاوضة عليه كالغنم والخلّ ، وبعضه الآخر ممّا لا يملك ، أي ليس بمال شرعا كالخنزير والخمر.

فلو باع مجموع غنم وخنزير صفقة واحدة ، أو خلّ وخمر كذلك ـ أي صفقة واحدة ـ فإن قلنا بعدم الانحلال ، فلا بدّ من القول ببطلان المعاملة ، لأنّه يشترط في صحّة المعاملة والبيع أن يكون المبيع مالا شرعا ، وإلاّ يكون الأكل بإزائه أكلا لمال الغير بالباطل.

وأمّا إذا قلنا بالانحلال ، فكأنّه صدر منه عقدان : أحدهما تعلّق بما هو ليس بمال شرعا ، وهو ما تعلّق بالخمر والخنزير مثلا ، فيكون باطلا. والآخر تعلّق بما هو مال ، وهو الذي تعلّق بالغنم والخلّ مثلا ، فيكون صحيحا.

١٦١

غاية الأمر للمشتري أو البائع ـ أي : الجاهل منهما بالنسبة إلى ما انتقل إليه إن كان مركّبا ممّا يملك وما لا يملك ـ خيار تبعّض الصفقة ، وإلاّ فأصل المعاملة صحيح لا إشكال فيه.

فأثر الانحلال صحّة المعاملة والعقد بالنسبة إلى ذلك الجزء الذي لا مانع من جعله عوضا في المعاملة ، سواء كان جزءا خارجيّا أو كسرا مشاعا. والجزء الخارجي سواء كان له وجود مستقلّ ، كما إذا باع ثوبا وغنما صفقة واحدة ، أو لم يكن له وجود مستقلّ منفصل عن الأجزاء الآخر ، كالثمر على الشجر ، والحمل في بطن أمّه إذا كان الثمر لشخص والشجر لآخر ، وكذلك الأمّ لشخص والحمل لشخص آخر ، فصاحب أحدهما باع المجموع صفقة واحدة ، فالعقد ينحلّ إلى عقدين : أحدهما بالنسبة إلى ما يملكه ، وهو صحيح غاية الأمر للمشتري خيار تبعّض الصفقة ، والآخر بالنسبة إلى ما لا يملكه ، وهو موقوف على الإجازة.

وخلاصة الكلام : أنّ المتعلّق قد لا يكون قابلا للانحلال ، لا بالنسبة إلى أجزائه الخارجيّة ، ولا بالنسبة إلى الكسر المشاع ، وذلك مثل تعلّق عقد النكاح بامرأة معيّنة ، فهذا العقد لا يمكن الانحلال فيه ، لا بالنسبة إلى أجزائها الخارجيّة ، ولا بالنسبة إلى كسورها المشاع ، لعدم إمكان أن يكون بعض أجزائها معقودة بعقد صحيح ، وبعضها الآخر غير معقودة ، وكذلك بالنسبة إلى كسورها ، فنصفها مثلا تكون زوجة والعقد بالنسبة إليه صحيح ، بخلاف النصف الآخر.

ومقابل هذا القسم هو تعلّقه بأشياء متعدّدة ، منفصلة كلّ واحدة منها ، مستقلّة في الوجود ، كما إذا قال : بعتك هذا الكتاب وهذا الثوب بكذا ، فجعل أمرين مستقلّين مبيعا في عقد واحد ، أو يقول من هو وكيل عن قبل امرأتين في تزويجهما : زوّجتك هاتين المرأتين. وهكذا الأمر في سائر المعاملات والعقود.

فلو ظهر مانع عن صحّة بيع أحدهما في المثال الأوّل ، مثل أن لم يكن أحدهما‌

١٦٢

مال شرعا ، أو لم يكن للبائع ، فينحلّ العقد ، ويكون صحيحا بالنسبة إلى ما ليس له مانع عن بيعه ، وفاسدا بالنسبة إلى الآخر ، أو يكون موقوفا على إجازة مالكه.

وكذلك لو ظهر عدم صحّة نكاح إحدى المرأتين ـ لكونها من المحارم ، أو لكونها بكرا وقلنا بتوقّف صحّة نكاح البكر على إذن الأب كما هو المشهور ، أو من جهة أخرى ـ فينحلّ العقد ، ويكون بالنسبة إلى إحداهما صحيحا ، وبالنسبة إلى الأخرى غير صحيح.

ثمَّ إنّه قد يكون ما وقع عليه العقد بالنسبة إلى كسورة المشاع قابلا للانحلال ، وأمّا بالنسبة إلى أجزائه الخارجيّة ليس قابلا للانحلال. وذلك كما إذا كان المبيع عبدا أو جارية ، فبالنسبة إلى كسورة المشاع قابل للانحلال ، كما إذا كان نصف العبد أو الجارية له ونصفه الآخر لغيره ، فينحلّ العقد ويكون صحيحا بالنسبة إلى نصفه الذي يملكه ، ويكون موقوفا على إجازة المالك بالنسبة إلى ذلك النصف الآخر الذي لغيره ، أو يكون باطلا فيما إذا ردّه ولم يجز.

وأمّا بالنسبة إلى أجزائه الخارجيّة فليس قابلا للانحلال ، لعدم كونها مالا فيما إذا كان كلّ واحد منها وحده وقع العقد عليه ، مثلا لو باع يد العبد أو رجله أو سائر أعضائه يكون البيع باطلا ، لعدم كونه مالا.

بل ربما يكون ما وقع عليه العقد أمرين ، كلّ واحد منهما مستقلّ في الوجود ، ومع ذلك لا يمكن الانحلال بالنسبة إليها ، لعدم كون كلّ واحد منها منفردا عن الآخر مالا ، وذلك فيما تكون الماليّة لكلّ واحد منهما في ظرف اجتماعه مع الآخر.

وبعبارة أخرى : الماليّة لهما فيما إذا كانا زوجين كمصراعي الباب ، أو كزوجي الحذاء والجورب وأمثالهما ، ممّا ليس لأحد الفردين منفردا عن الآخر قيمة عند العرف والعقلاء.

والضابط الكلّي لصحّة الانحلال هو أنّه لو أوقع عقدا مستقلاّ عليه كان صحيحا ،

١٦٣

بمعنى أنّ في صورة انفراده عن سائر أجزاء المعقود عليه يكون قابلا لوقوع العقد عليه. وقد يكون بالنسبة إلى أجزائه الخارجيّة أيضا قابلا للانحلال ، وذلك كعقد من لؤلؤ مثلا ، فلو باعه فظهر أن بعض حباته مغصوبة ، فينحلّ العقد ويكون صحيحا بالنسبة إلى أجزائه التي هي ملك للبائع أو ملك لموكّله أو لمن هو وليّ عليه ، وفاسد أو موقوف على الإجازة بالنسبة إلى أجزائه الآخر التي ليست له ولا لموكّله ولا لمن هو وليّ عليه.

ثمَّ إنّ الانحلال على ثلاثة أقسام :

أحدها : الانحلال في متعلّقات النواهي وموضوعاتها، أي متعلّقات متعلقاتها ، كقوله : لا تشرب الخمر ولا تغتب المؤمنين ، وكذلك الانحلال في موضوعات الأوامر ، أي متعلّقات متعلّقاتها ، كقوله : أكرم العلماء وأكرم السادات.

وأمّا بالنسبة إلى نفس متعلّقات الأوامر فلا انحلال أصلا ، إمّا لعدم القدرة غالبا على إيجاد جميع أفراد متعلّقاتها ، وإمّا لحصول الغرض بإتيان صرف الوجود منها ، فبعد إيجاد أوّل وجود منها لا يبقى سبب ووجه لطلب سائر أفرادها.

والمراد من الانحلال في هذا القسم هو أنّ الطلب فعلا أو تركا تعلّق بالطبيعة السارية إلى جميع أفرادها وخصوصيّاتها.

وإن شئت قلت : إنّ المصلحة والمفسدة في جميع وجودات الطبيعة والغرض قائم بكلّ وجود وكلّ فرد منها ، ولذلك يكون لكلّ فرد فعلا وتركا امتثالا مستقلاّ ، وعصيانا مستقلا ، فالاطاعة والامتثال في كلّ فرد لا مساس له بالمخالفة والعصيان بالنسبة إلى الفرد الآخر.

وأثر هذا القسم من الانحلال هو انحلال الخطاب الواحد إلى خطابات متعدّدة ، في النواهي بالنسبة إلى متعلّقاتها ومتعلّقات متعلّقاتها ، وفي الأوامر بالنسبة إلى متعلّقات متعلّقاتها فقط ، دون متعلّقاتها إن كان لتلك الموضوعات ـ أي متعلّقات‌

١٦٤

متعلّقات الأوامر ـ عموم أو إطلاق شمولي.

الثاني : الانحلال في باب دوران الواجب بين الأقلّ والأكثر‌ والمراد بالانحلال هناك هو الانحلال العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي وشكّ بدوي ، والتفصيل ذكرناه في محلّه.

الثالث : الانحلال في هذا المقام ، وقد عرفت التفصيل فيه.

ثمَّ إنّه لا يخفى أنّ ما ذكرناه من انحلال العقود يأتي في الإيقاعات أيضا ، فلو أعتق عبدين بإيقاع واحد ، فظهر أنّ أحد عبدين ليس له بل لغيره ، فهذا العتق يقع صحيحا بالنسبة إلى ذلك الذي ملك للمعتق ، وباطل بالنسبة إلى ذلك الذي ملك لغيره ، وليس موقوفا على إجازة مالكه ، لأنّ الإجازة المتأخّرة عن الإيقاع فضولة لا تؤثّر فيه ، وليس الإيقاع من هذه الجهة مثل العقد ، فإنّ الإجازة المتأخّرة لا تصحّح الإيقاع الصادر من غير أهله. والتفصيل في محلّه.

والأقسام التي ذكرناها للانحلال في العقود تأتي في الإيقاعات أيضا ، فتارة الإيقاع ليس قابلا للانحلال أصلا ، لا بالنسبة إلى أجزائه الخارجيّة ، ولا بالنسبة إلى كسورها ، كما إذا طلّق امرأته المعيّنة فلا معنى لانحلال هذا الإيقاع ؛ لأنّ بعض أجزائها الخارجيّة لا يمكن أن تكون مطلّقة دون بعض آخر ، كما أنّ كسورها أيضا كذلك ، أي لا يمكن أن يكون نصفها مثلا أو ثلثها مطلّقة دون كسورها الآخر.

والضابط الذي ذكرنا لصحّة الانحلال في العقود وهو أنّ الانحلال يكون صحيحا بالنسبة إلى الأجزاء أو الكسور التي لو كان كلّ واحد منها يقع مستقلا منفردا تحت العقد كان صحيحا ، فكذلك نقول : إنّ ضابط الانحلال في الإيقاعات هو أن يكون ما ينحلّ إليه لو كان الإيقاع يرد عليه مستقلا ومنفردا لكان صحيحا.

١٦٥

الجهة الثانية

في بيان مدرك هذه القاعدة‌

وهو أمور :

الأوّل : الإجماع ، فإنّهم ـ إذا ظهر أنّ بعض المبيع مثلا ممّا لا يملك ، أو ظهر أنّه ممّا لا يملكه البائع ـ يقولون بصحّة البيع بالنسبة إلى ما يملك ، أو بالنسبة إلى ما يملكه ، وعدم صحّته بالنسبة إلى ذلك البعض الآخر أي البعض الذي لا يملكه ، أو يكون ممّا لا يملك.

واستدلّوا لهذا التفصيل بهذه القاعدة ، أي يقولون بأنّ الصحّة في البعض وعدمها في البعض الآخر تكون لأجل انحلال العقد إلى عقدين : أحدهما صحيح لأجل وجود جميع شرائط الصحّة فيه ، والآخر باطل أو موقوف على إجازة المالك لأجل عدم اجتماع جميع شرائط الصحّة ، فهم يتمسّكون بهذه القاعدة من غير نكير من أحدهم لهذا الاستدلال ، وهو كاشف عن اتّفاقهم على صحّة هذه القاعدة ، واتّفاقهم على ذلك يكشف كشفا قطعيّا عن تلقّيهم هذا الأمر ـ أي : صحّة هذه القاعدة ـ عن المعصومين عليهم‌السلام.

وفيه : ما ذكرنا مرارا من أنّ هذه الإجماعات التي ادّعيت في أمثال هذه المقامات ليست من الإجماعات التي اصطلحنا في الأصول على حجّيتها ، لاحتمال أن يكون مدركهم في هذا الاتّفاق أحد الأمور الآخر ممّا ذكروها مدركا لهذه القاعدة ، ومع هذا الاحتمال ينسدّ باب القطع بل الاطمئنان بأنّ اتّفاقهم مسبّب عن رأي الامام عليه‌السلام ، فلا يفيد مثل هذا الإجماع في كونه دليلا لمثل هذه القاعدة.

الثاني : بناء العرف والعقلاء في معاملاتهم‌ أنّ المبيع مثلا إذا كان بعضه ممّا لا يملك وليس بمال عندهم ، أو ظهر كونه ملكا للغير ، على أنّ تلك المعاملة صحيحة بالنسبة إلى ذلك البعض الذي ليس ملكا للغير ، وأيضا ليس ممّا لا يملك بل هو مال عندهم ، ويكون لنفس البائع أو لمن أذن له أن يبيعه أو يكون لمن هو وليّ عليه.

١٦٦

وبعبارة أخرى : بناء العرف والعقلاء في أسواقهم ومعاملاتهم ـ سواء كان بيعا أو إجارة أو رهنا أو عارية أو وقفا أو غير ما ذكر من أقسام العقود والمعاملات بل وكذلك في الإيقاعات من طلاق أو عتق أو غير ذلك ـ على أنّ ما وقع عليه العقد أو الإيقاع إن كان بعضه لا يصلح لوقوع ذلك العقد عليه لفقد شرط من شرائط ذلك العقد أو ذلك الإيقاع أو لوجود مانع فيه ، وبعضه الآخر يصلح لذلك ، فيبنون على صحّة تلك المعاملة بالنسبة إلى ذلك البعض الذي واجد لشروط الصحّة ، وبطلانها بالنسبة إلى ذلك البعض الآخر.

مثلا لو قال لعبدين أحدهما ملك له والآخر لغيره ، من دون أن يكون مأذونا من قبله أو وليّا عليه : أنتما حرّان ، أو قال : أعتقتكما ، فيرون انحلال هذا الإيقاع والإنشاء إلى إيقاعين وإنشائين : أحدهما صحيح ونافذ ، والآخر باطل وغير نافذ ، وكذلك لو قال لامرأتين إحديهما زوجته والأخرى أجنبيّة بحضور شاهدين عدلين : أنتما طالقان ، وكان هذا الإيقاع في حال طهر زوجته من دون مواقعته لها ، فيرون انحلال هذا الطلاق إلى طلاقين : أحدهما صحيح ونافذ وهو طلاق من هي زوجته ، والآخر باطل وهو طلاق من هي أجنبيّة عنه ، وكذلك الأمر في سائر الإيقاعات.

وأمّا العقود فقد تقدّم أنّه لو باع مال نفسه ومال غيره بعقد واحد ، فيكون ذلك العقد منحلاّ إلى عقدين بنظر العرف والعقلاء : أحدهما صحيح وهو ما تعلّق بمال نفسه ، والثاني باطل إن ردّ المالك ، أو موقوف على إجازة المالك ، وكذلك الأمر عندهم ـ أي عند العرف والعقلاء ـ في سائر العقود والمعاملات.

مثلا لو أعطى شيئين عارية بعقد واحد ، أو إجارة كذلك ـ أي بعقد واحد ـ فيرون العقد منحلاّ إلى عقدين : أحدهما صحيح وهو الذي تعلّق بمال نفسه ، والآخر باطل أو موقوفا على الإجازة وهو ما تعلّق بمال الغير.

فهذا بنائهم في باب العقود والإيقاعات ، ولم يردع الشارع عن هذه الطريقة‌

١٦٧

والبناء ، بل أمضاها بواسطة العمومات والإطلاقات الواردة في أبواب المعاملات من العقود والإيقاعات.

الثالث : أنّ صيغ هذه العقود والإيقاعات أسباب شرعيّة‌ لإنشاء مفادها ومضامينها ، فإذا قال المالك بعتك هذا الكتاب مثلا بدينار ، فهذا القول إذا صدر عن المالك غير المحجور عليه عن قصد وإرادة جدّية يكون سببا لتمليك المشتري لذلك الكتاب.

فإذا كانت المعاملة واجدة لشرائط الصحّة ولم يكن في البين ما يمنع عنها تكون الصيغة سببا أو آلة لإنشاء تلك المعاملة ، أي ملكيّة ذلك الكتاب لذلك المشتري بعوض ما سموه في تلك المعاملة.

ومن المعلوم أنّ هذه الصيغ لا تؤثّر في إيجاد مضمونها ومفادها في عالم الاعتبار التشريعي ، إلاّ إذا اجتمعت شرائط العقد والمتعاقدين والعوضين ولم يكن مانع في البين. فتارة تجتمع الشرائط في مجموع ما تعلّق به العقد ، فالصيغة تؤثّر في إيجاد المجموع ، وهذا هو معنى صحّة العقد بتمامه ، ولا معنى للانحلال حينئذ ، لأنّه عقد واحد صحيح وقع ووجد تمام مضمونه في عالم الاعتبار. وأخرى : لا توجد شرائط الصحّة في جميع أجزائها ، فيكون عقدا باطلا بتمامه ، وأيضا لا وجه للانحلال. وثالثة : توجد شرائط الصحّة في بعض أجزائه دون البعض الآخر ، ففي هذا القسم تؤثّر الصيغة في ذلك البعض الذي واجد لشرائط الصحّة دون البعض الآخر ، وهذا هو الانحلال.

فالانحلال على طبق القواعد الأوّليّة ، وليس أمرا خارجا عن القواعد كي يحتاج إلى دليل ، وجميع الإيقاعات فيما ذكرنا مثل العقود بلا فرق بينهما أصلا.

وفيه : أنّ ظاهر هذا الكلام شبه مصادرة على المطلوب ، خصوصا فيما إذا كان متعلّق العقد أو الإيقاع ومفادهما تمليك شخص عبد في العقد ، أو عتقه في الإيقاع ، وكان نصفه له ونصفه الآخر لغيره.

١٦٨

فظاهر كون الصيغة سببا لوقوع مفادها في عالم الاعتبار التشريعي هو وقوع تمليك مجموع العبد أو عتق مجموعه في الفرض الثاني ، فعدم وقوع المجموع لوجود مانع في البعض ، أو لفقد شرط فيه ، ووقوع البعض الذي هو خلاف ظاهر السببيّة للتمام يحتاج إلى دليل ، وكونها سببا للتمام لا يمكن أن يكون دليلا على وقوع البعض ، إلاّ بما سنذكره في الوجه الآتي إن شاء الله تعالى.

الرابع : أنّه إذا باع عبده أو عبديه فلا شكّ في أنّه نقل تمام هذا العبد عن ملكه إلى ملك المشتري ، وكذلك الأمر في عبديه أو شيئين آخرين ، فلو كان نصف العبد مثلا في الفرض الأوّل أو أحدهما في الفرض الثاني ملكا للغير أو متعلّقا لحقّ الغير وهو عمدا أو اشتباها ملك المجموع في الأوّل ، والاثنين في الثاني ، فتعلّق قصده بنقل المجموع أو الاثنين لا ينافي تعلّقه بالبعض في ضمن المجموع والكلّ ، وأيضا لا ينافي تعلّقه بأحدهما في ضمن الاثنين ، بل لا معنى لتعلّقه بالمجموع والكلّ إلاّ تعلّقه بكلّ جزء جزء منه إذا لم يكن المركّب الكلّ ذا هيئة وصورة ، تكون تلك إلهية والصورة متعلّق القصد والإرادة ، وأيضا لا معنى لتعلّقه بالاثنين إلاّ تعلّقه بهذا وذاك ، فنقل كلّ واحد من الأجزاء في ضمن نقل الكلّ ، ونقل كلّ واحد منهما في ضمن نقل الاثنين مقصود ، وقد تعلّق بهما الإرادة والقصد.

وكذلك الأمر في الإيقاعات ، فلو أعتق تمام العبد فقصد عتق نصفه في ضمن قصد عتق تمامه موجود ، وإذا أعتق اثنين فقصد عتق أحدهما في ضمن قصد عتق الاثنين موجود.

فلو كان نصفه ملكا للغير أو متعلّقا لحقّ الغير في الفرض الأوّل ، أو كان أحدهما كذلك في الفرض الثاني وقلنا بالانحلال ، بمعنى تحقّق العتق في النصف دون النصف الآخر في الفرض الأوّل ، وفي أحدهما دون الآخر في الفرض الثاني ، فلا يمكن أن يقال : إنّ ما قصد لم يقع ، وما وقع لم يقصد ، لأنّ ما وقع بعض المقصود ، وذلك لما ذكرنا أنّ ما وقع وما لم يقع كلاهما قد قصدا ، لكن فيما لم يقع كان مانعا هناك عن الوقوع ، ولذلك لم يقع مع‌

١٦٩

أنّه أيضا كان مقصودا ، وقاعدة العقود تابعة للقصود ليس مفادها أنّ كلّ ما قصد يقع ، بل مفادها أنّه بدون القصد لا يقع وفي مورد الانحلال لم يقع شي‌ء بدون القصد ، فلا يكون الانحلال مخالفا لتلك القاعدة ، كما ربما يتوهّم. نعم إنّ ما وقع ليس تمام ما قصد ، لا أنه لم يقصد أصلا.

إذا عرفت ذلك ، فنقول عمومات عناوين المعاملات وإطلاقاتها ، وأيضا عمومات عناوين الإيقاعات وإطلاقاتها ، مثل ( أَحَلَّ اللهُ )( الْبَيْعَ ) (١) و ( الصُّلْحُ خَيْرٌ ) (٢) و ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٣) « والطلاق بيد من أخذ بالساق » (٤) وأمثال ذلك تشمل ذلك العقد المنحلّ ، فيجب الوفاء به كالعقد المستقلّ المنفرد.

فإذا طلّق زوجتين له بصيغة واحدة وإيقاع واحد ، كما إذا قال بحضور شاهدين عدلين : يا فلانة ويا فلانة أنتما طالقان ، وكانت إحديهما واجدة لشرائط صحّة الطلاق ، أي كانت في طهر لم يواقعها فيه ، وأمّا الأخرى كانت حال الطلاق حائضا ، أو كانت في الطهر الذي واقعها فيه ، يصدق على التي شرائط صحّة طلاقها موجودة أنّه طلّقها بطلاق صحيح ، فيشملها أدلّة نفوذ الطلاق ، وكذلك في سائر الإيقاعات.

وأمّا في العقود ، لو باع خلاّ وخمرا أو شاة وخنزيرا ، فبالنسبة إلى الخلّ والشاة يصدق أنّه باعهما ببيع صحيح وعقد تامّ الأجزاء والشرائط ، فيشمله أدلّة نفوذ البيع و ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ).

نعم لو كان الانضمام والاجتماع منظورا أو شرطا ، فيأتي خيار تخلّف الشرط ، أو خيار تبعّض الصفة.

__________________

(١) البقرة (٢) : ٢٧٥.

(٢) النساء (٤) : ١٢٨.

(٣) المائدة (٥) : ١.

(٤) « مستدرك الوسائل » ج ١٥ ، ص ٣٠٦ ، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه ، باب ٢٥ ، ح ٣ ، « الجامع الصغير » ج ٢ ، ص ٧٥.

١٧٠

فالانحلال أمر تكويني وجداني ، وأدلّة نفوذ العقد المستقلّ المنفرد ، وكذلك أدلّة نفوذ الإيقاع المستقلّ المنفرد يشمل هذا العقد الانحلالي وإيقاعه ، ولا يحتاج إلى دليل آخر في مقام الإثبات وإجراء حكم العقد أو الإيقاع الصحيح عليه ، غاية الأمر مع خيار تبعّض الصفقة.

الجهة الثالثة

في موارد تطبيق هذه القاعدة‌

فنقول : تجري هذه القاعدة في جميع العقود والإيقاعات :

فمنها : البيع ، فإذا باع داره مثلا ، فظهر أنّ نصفها المشاع أو أقل أو أكثر ، أو قطعة معيّنة من تلك الدار ملك للغير ، أو متعلّق لحقّ الغير ، ككونها مرهونة مثلا بحيث لا يصحّ بيعها بالنسبة إلى ذلك النصف أو تلك القطعة ، فالعقد ينحلّ إلى عقدين :

أحدهما بالنسبة إلى ذلك النصف المشاع الذي للغير ، أو تلك القطعة التي ملك للغير أو متعلّق حقّ الغير ، فهو باطل أو موقوف على الإجازة ، والثاني بالنسبة إلى ما هو ملك طلق له وليس متعلّقا لحقّ الغير ، وهو عقد صحيح ، غاية الأمر فيه خيار تبعّض الصفقة.

ومنها : الإجارة ، فإذا آجر ما يصحّ إجارته له وما لا يصحّ بعقد واحد ، فينحلّ هذا العقد إلى عقدين : أحدهما صحيح ، والآخر غير صحيح وباطل ، أو موقوف على الإجازة.

ومنها : العارية ، فإذا أعار أشياء بعضها له وبعضها ليس له ـ أو ليس له أن يعيره لكونه متعلّقا لحقّ الغير ـ بعقد واحد ، فينحلّ إلى عقدين ، فبالنسبة إلى ما هو ملكه وليس ممنوعا عن التصرّف فيه شرعا يصحّ عاريته. ولا فرق في صحّة عارية ما هو ملكه وله التصرّف فيه شرعا بين أن يكون ذلك الشي‌ء جزءا خارجيّا لمجموع ما وقع‌

١٧١

عليه العقد ، أو يكون كسرا مشاعا من كسورة ، أو يكون له وجود مستقلّ جمعه المعير مع غيره في العقد الواحد.

وهذا الكلام ـ أي عدم الفرق بين هذه الأقسام ـ جار في جميع العقود بل الإيقاعات فيما يمكن ويصحّ أن يقع متعلّقا للإيقاع ، لا فيما لا يمكن كالطلاق ، فإنّ جزء المرأة خارجيّا كان أو مشاعا لا يمكن ولا يصحّ فيه الطلاق ، وكذلك في عقد نكاحها.

وأمّا بالنسبة إلى ما ليس له أو ما ليس له التصرّف فيه شرعا ، فهو باطل أو موقوف على الإجازة.

نعم لو تزوّج اثنتين بعقد واحد ، وكانت إحديهما ممّن يجوز له نكاحها بخلاف الأخرى ، فإنّها لا يجوز. ففي هذه الصورة ينحلّ العقد إلى عقدين ، فيكون صحيحا بالنسبة إلى من يجوز له نكاحها ، وباطلا بالنسبة إلى من لا يجوز له نكاحها لمانع ، من كونها محرّما أو لجهة أخرى من الجهات التي توجب حرمة نكاح المرأة المذكورة في كتاب النكاح مفصّلا.

وكذلك لو طلّق زوجتين بإيقاع واحد وكان طلاق إحديهما واجدا لشرائط صحّة الطلاق دون الأخرى فينحلّ ذلك الإيقاع إلى إيقاعين ، أحدهما صحيح ، والآخر باطل.

وقد تقدّم ذكر هذا الفرع ، وإنّما الإعادة كانت لجهة بيان أنّ الطلاق أيضا مثل العقد قد يكون قابلا للانحلال ، وقد لا يكون قابلا له.

ومنها : الوقف ، فلو وقف شيئين بعقد واحد ، وكان أحدهما قابلا لأن يكون وقفا ، والآخر ليس قابلا لذلك لجهة من الجهات المانعة عن قابليته للوقفيّة ، فينحلّ عقد الوقف الواحد إلى عقدين : أحدهما يكون صحيحا وهو بالنسبة إلى ذلك الذي قابل للوقفيّة ، والآخر باطل وهو بالنسبة إلى ذلك الآخر الذي ليس قابلا لأن يكون وقفا.

وأمّا لو وقف دارا يكون نصفها المشاع له ، ونصفها الآخر لشخص آخر ، وليس‌

١٧٢

الواقف مأذونا من قبل ذلك المالك ، ولا وليّا عليه ، فالانحلال هاهنا دائر مدار القول بصحّة وقف المشاع ، فإن قلنا بصحّته تحقّق الانحلال وكان صحيحا بالنسبة إلى ما يملكه مشاعا ، وباطلا بالنسبة إلى النصف الآخر.

ومنها : المضاربة، فلو أعطى العامل مقدارا من الدراهم والدنانير مضاربة بعقد واحد ، فظهر أنّ أحد النقدين أو بعض أحدهما مال الغير ، ولم يأذن للعاقد بجعله مضاربة ، فينحل عقد المضاربة إلى عقدين : أحدهما صحيح وهو الواقع على مال نفسه أو على ما هو مأذون من قبل المالك في إعطائه للعامل مضاربة ، والثاني باطل وهو الواقع على نقود الغير من دون إذنه ورضاه ولا إجازته بعد الوقوع بناء على تأثير الإجازة المتأخّرة.

والحاصل : أنّه إذا كانت المضاربة الواقعة بعقد واحد بالنسبة إلى بعض ما وقعت عليه واجدة لشرائط الصحّة ، وبالنسبة إلى البعض الآخر غير واجدة لها ، فينحلّ عقد تلك المضاربة إلى عقدين : أحدهما صحيح وهو الواجد لشرائط الصحّة ، والآخر باطل وهو الفاقد لشرائطها ، وهكذا الحال في سائر العقود من المزارعة والمساقاة والصلح وغيرها.

وأمّا الإيقاعات ، فمنها العتق ، فإذا أعتق عبدا وكان نصفه مثلا له ونصفه الآخر لغيره ، ففي هذا الفرض لا يمكن الانحلال كي يقال بالصحّة بالنسبة إلى ما هو ملكه ، وبعدمها بالنسبة إلى النصف الآخر الذي لغيره ، وأنّه باق على ملك مالكه ، لأنّ العتق لا يتبعّض ، بل يسري إلى ذلك النصف الآخر الذي ليس له ، فينعتق تمامه ويقوم حصّة الشريك عليه إن كان موسرا ، وإن كان معسرا وقصد الإضرار على شريكه قيل ببطلان عتقه فلا يقع منه شي‌ء ، وقيل بانعتاق تمام العبد ولكن هو يسعى في قيمة حصّة الشريك ويعطيها له ، وعلى كلّ حال لا يأتي الانحلال المصطلح ، أي يكون العتق صحيحا بالنسبة إلى حصّة نفسه وباطلا بالنسبة إلى حصّة شريكه.

١٧٣

نعم لو أعتق عبدين ، فظهر مانع شرعي عن عتق أحدهما ـ مثل أنّه كان كافرا بناء على عدم صحّة عتق الكافر ، أو كان أحدهما رهنا عند غيره ، أو كان عتقهما من جهة الكفّارة وكان أحدهما كافرا ، أو غير ذلك من الموانع ـ فينحلّ الإيقاع إلى إيقاعين : أحدهما صحيح وهو بالنسبة إلى العبد الذي لا مانع من عتقه شرعا ، والثاني باطل وهو بالنسبة إلى العبد الذي لا يصحّ عتقه لمانع شرعا.

ومنها : الطلاق ، فلو طلّق زوجتين له بطلاق واحد ، وكان طلاق إحديهما واجدا لشرائط صحّة الطلاق ، دون طلاق الأخرى ، فمثل ذلك الطلاق ينحلّ إلى طلاقين ، أحدهما صحيح والآخر باطل.

ومنها : النذر، فلو نذر بصيغة واحدة عتق عبدين ، أو ذبح شاتين ، أحد العبدين له والآخر ملك لغيره ، وكذلك في الشاتين بأن كان أحدهما ملكا له جائز له التصرّف والآخر ليس له أو ليس له التصرّف فيه وان كان ملكه ، فينحلّ ذلك النذر إلى نذرين ، أحدهما صحيح والآخر باطل ، وهكذا الأمر بعينه في العهد واليمين وسائر الإيقاعات ، فلا نطول المقام.

ثمَّ إنّه لا إشكال في جريان خيار تبعّض الصفقة في موارد الانحلال في العقود المعاوضيّة للبائع والمشتري بالنسبة إلى ما ينتقل إليهما ، لأنّ المفروض أنّه في موارد الانحلال تبطل المعاوضة بالنسبة إلى بعض كلّ واحد من العوضين ، فلا يأتي بيد كلّ واحد من المتعاقدين تمام ما جعل عوضا في المعاملة ، فيتبعّض صفقة كلّ واحد منهما ، مع بنائه على أنّ المجموع يأتي بيده ورضائه بالمعاوضة. على هذا التقدير فتبعيض الصفقة والحكم بكونه ملزما بأخذ البعض دون البعض الآخر يكون على خلاف التزامه ورضائه ، فيتدارك بالخيار إجماعا ، مع أنّ لازم الانحلال عدم تبعّض الصفقة ، لأنّ الانحلال يرجع إلى أنّ هناك عقدان : أحدهما باطل والآخر صحيح ، فما هو العقد الصحيح ليس فيه تبعّض الصفقة كي يأتي خياره. وبعبارة أخرى : لا يبقى موضوع لخيار تبعّض الصفقة.

١٧٤

وفيه : أنّ الانحلال علّة لتبعّض الصفقة ، فكيف يمكن أن يكون موجبا لانعدامه؟

وهل هذا إلاّ التناقض.

ووجه الاشتباه هو أنّ المتوهم تخيّل أنّ معنى الانحلال أنّ هذا العقد الواحد من أوّل الأمر يكون مركّبا من عقدين مستقلّين لا ربط لأحدهما بالآخر ، غاية الأمر يكون أحدهما باطلا والآخر صحيحا ، وكلّ واحد منهما أجنبيّ عن الآخر ، فكلّ واحد من هذين العقدين لم تتبعّض فيه الصفقة ، وإنّما يكون أحدهما صحيحا لوجود شرائط الصحّة فيه دون الآخر. ولكن هذا اشتباه ، بل المجموع كان عقدا واحدا وإنشاء واحدا ، غاية الأمر حلله العقل وكذلك الفهم العرفي إلى عقدين ، أحدهما صحيح والآخر باطل.

وحيث أنّ الرضا وطيب النفس في معاوضة المجموع بالمجموع ، فلذلك جاء الخيار.

والحمد لله أوّلاً وآخراً ، وظاهراً وباطناً.

١٧٥
١٧٦

٣٢ ـ قاعدة

الإلزام‌

١٧٧
١٧٨

قاعدة الإلزام *

ومن القواعد المشهورة في فقه الإماميّة قاعدة « إلزام المخالفين بما ألزموا به أنفسهم ».

وفيها جهات من البحث :

[ الجهة ] الأولى

في مدركها‌

وهو أمران‌

الأوّل : إجماع الإماميّة ـ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ـ على صحّة هذه القاعدة ، وقد تقدّم منّا مرارا في هذا الكتاب أنّ هذه الإجماعات ـ مع وجود المدرك للمسألة من الروايات أو سائر الأدلّة ـ ليس من الإجماع المصطلح في الأصول الذي بنينا على حجّيته وكشفه عن رأي المعصوم عليه‌السلام.

الثاني : الروايات :

فمنها : قوله عليه‌السلامفي التهذيب بإسناده عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن عليه‌السلام :

__________________

(١) « خزائن الأحكام » العدد ١٢ ، « دلائل السداد وقواعد فقه واجتهاد » ص ٣٢ ، « مجموعه قواعد فقه » ص ١٧٤ ، « القواعد » ص ٥٩ ، « قواعد فقه » ج ١ ، ص ١٣٦ ، « قواعد الفقه » ص ٢٧ ، « قواعد فقهية » ص ٢٤١ ، « القواعد الفقهية » ( فاضل اللنكراني ) ج ١ ، ص ١٦٧ ، « القواعد الفقهية » ( مكارم الشيرازي ) ج ٤ ، ص ١٥٩.

١٧٩

« ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم ، وتزوّجوهنّ ولا بأس بذلك » (١).

ومنها : ما عن عبد الله بن محرز‌ قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل ترك ابنته وأخته لأبيه وأمّه فقال عليه‌السلام : « المال كلّه لابنته وليس للأخت من الأب والأمّ شي‌ء ».

فقلت : إنّا قد احتجنا إلى هذا والميّت رجل من هؤلاء الناس وأخته مؤمنة عارفة ، قال عليه‌السلام : « فخذ لها النصف ، خذوا منهم ما يأخذون منكم في سنّتهم وأحكامهم ». قال ابن أذينة : فذكرت ذلك لزرارة ، فقال : إنّ على ما جاء به ابن محرز لنورا (٢).

ومنها : ما عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن الأحكام؟ قال عليه‌السلام : « يجوز على أهل كلّ ذي دين ما يستحلّون » (٣).

وهناك روايات أخر‌ خصوصا في مسألة جواز تزويج المطلّقة على غير السنّة ، يقول عليه‌السلام في بعضها « اختلعها » (٤) وفي البعض الآخر « ابنها » (٥) ، وفي بعضها « من دان‌

__________________

(١) تهذيب الأحكام » ج ٨ ، ص ٥٨ ، ح ١٩٠ ، باب أحكام الطلاق ، ح ١٠٩ ، « الاستبصار » ج ٣ ، ص ٢٩٢ ، ح ١٠٣٢ ، باب ان المخالف إذا طلق امرأته ثلاثا. ، ح ٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٥ ، ص ٣٢١ ، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه ، باب ٣٠ ، ح ٥.

(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ١٠٠ ، باب ميراث الإخوة والأخوات مع الولد ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٣٢١ ، ح ١١٥٣ ، باب ميراث الإخوة والأجداد ، ح ٩ ، « وسائل الشيعة » ج ١٧ ، ص ٤٨٤ ، أبواب ميراث الإخوة والأجداد ، باب ٤ ، ح ١.

(٣) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٣٢٢ ، ح ١١٥٥ ، باب ميراث الإخوة والأجداد ، ح ١١ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٤٨ ، ح ٥٥٤ ، باب إن الإخوة والأخوات على اختلاف. ، ح ١٠ ، « وسائل الشيعة » ج ١٧ ، ص ٤٨٤ ، أبواب ميراث الإخوة والأجداد ، باب ٤ ، ح ٤.

(٤) « تهذيب الأحكام » ج ٨ ، ص ٥٧ ، ح ١٨٦ ، باب أحكام الطلاق ، ح ١٠٥ ، « الاستبصار » ج ٣ ، ص ٢٩١ ، ح ١٠٢٧ ، باب إنّ المخالف إذا طلق امرأته. ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٥ ، ص ٣٢٠ ، أبواب مقدّمات الطّلاق وشرائطه ، باب ٣٠ ، ح ١.

(٥) « عيون أخبار الرضا عليه‌السلام » ج ١ ، ص ٣١٠ ، ح ٧٤ ، « معاني الأخبار » ص ٢٦٣ ، « وسائل الشيعة » ج ١٥ ، ص ٣٢٢ ، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه ، باب ٣٠ ، ح ١١.

١٨٠