الأئمة الاثني عشر

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

الأئمة الاثني عشر

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: الدكتور صلاح الدّين المنجّد
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٤٣

وخامسهم ابنه محمد. وهو أبو جعفر محمد بن زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنهم. الملقب بالباقر.

وهو والد جعفر الصادق ، رضي الله عنهما.

كان الباقر عالما سيّدا كبيرا. وإنّما قيل له الباقر لأنّه تبقّر في العلم ، أي توسّع. والتبقّر التوسّع. وفيه يقول الشاعر :

يا باقر العلم لأهل التّقى

وخير من سما على الأجبل

ومولده يوم الثلاثاء سنة سبع ( ١٨ آ ) وخمسين (١) من الهجرة.

وكان عمره يوم قتل جدّه الحسين ، رضي الله عنهما ، ثلاث سنين.

وأمّه أمّ عبد الله بنت الحسن بن الحسن بن عليّ ، رضي الله عنهم.

وتوفي في ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة ومائة ، وقيل سبع عشرة ، بالحميمة ، ونقل إلى المدينة ، ودفن بالبقيع في القبر الذي فيه أبوه وعمّ أبيه الحسن بن عليّ ، رضي الله عنهم ، في القبة التي فيها العبّاس ، رضي‌الله‌عنه.

والحميمة ، بضم الحاء المهملة وفتح الميم وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الميم الثانية وبعدها هاء ساكنة : اسم لقرية كانت لعليّ بن العبّاس وأولاده ، رضي الله عنهم ، في أيّام بني أميّة (٢).

__________________

(١) ص « سبع وخمسين ومائة » خطأ. وفي مولده خلاف وكذا في وفاته.

(٢) في معجم البلدان : « بلد من أرض السراة من أعمال عمان في أطراف الشام ، كان منزل بني العباس. »

٨١
٨٢

٦

جعفر الصادق

١٤٨ ه‍ ـ ٧٦٥ م

٨٣

[ المراجع ]

[ اليعقوبي ، تاريخ ٣ : ١١٥.

المسعودي ، مروج ٣ : ٢٦٨.

ابن الأثير ، تاريخ ٥ : ٢٧.

ابن خلكان ، وفيات ١ : ١٠٥.

النووي ، تهذيب ١ : ١٤٩.

الذهبي ، تاريخ.

الذهبي ، سير.

الصفدي ، الوافي ج ١١ ، ورقة ٥٦.

ابن كثير ، البداية ١٠ : ١٠٥.

ابن حجر ، تهذيب التهذيب ٢ : ١٠٣.

ابن العماد ، شذرات ١ : ٢٢٠. ]

٨٤

وسادسهم ابنه جعفر. وهو أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين ( ١٨ ب ) بن عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنهم.

كان من سادات أهل البيت. ولقّب بالصادق لصدقه في مقالته. وفضله أشهر من أن يذكر.

وله كلام في صناعة الكيمياء والزجر والفأل. وكان تلميذه أبو موسى جابر بن حيّان الصوفي الطرسوسي. وقد صنف كتابا يشتمل على ألف ورقة تتضمّن رسائل جعفر الصادق ، وهي خمس مائة رسالة.

وكانت ولادته سنة ثمانين (١) من الهجرة. وهي سنة ... (٢) وقيل بل ولد يوم الثلاثاء قبل طلوع الفجر ثامن رمضان سنة ثلاث وثمانين ومائة.

وتوفي في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة (٣) بالمدينة. ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه محمد الباقر ، وجدّه عليّ زين العابدين ، وعمّ جدّه الحسن ابن عليّ ، رضي الله عنهم. فلله درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه.

وأمّه أمّ فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ( ١٩ آ ) الصدّيق ، رضي الله عنهم.

وحكى كشاجم في كتاب « المصايد والمطارد (٤) » قال (٥) : كان جعفر

__________________

(١) ص « ثمانين ومائة » خطأ.

(٢) كلمة غير واضحة في الأصل.

(٣) ص « ومائتين » خطأ.

(٤) ص « الصائد والطائر » وهو خطأ.

(٥) انظر النص في المصائد ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣.

٨٥

المذكور ، رضي‌الله‌عنه ، سأل أبا حنيفة ، رحمه‌الله : ما تقول في محرم كسر رباعية ظبي؟

فقال : يا ابن رسول الله! ما أعلم ما فيه.

فقال : أنت تتداهى ، ولا تعلم أن الظبي لا يكون له رباعية ولا ثني أبدا.

٨٦

٧

الكاظم

١٨٣ ه‍ ـ ٧٩٩ م

٨٧

[ المراجع ]

[ اليعقوبي ، تاريخ ٣ : ١٤٥.

المسعودي ، مروج ٣ : ٣٥٧ و ٣٦٥.

الأصبهاني ، مقاتل ٤٩٩.

الخطيب ، تاريخ ١٣ : ٢٧ ـ ٣٢.

ابن الأثير ، تاريخ ٥ : ١٠٨.

ابن خلكان ، وفيات ٢ : ١٣١.

الذهبي ، سير ج ٥ ورقة ٢٤٣ ب.

ابن كثير ، البداية ١٠ : ١٨٣.

ابن حجر ، تهذيب التهذيب ١٠ : ٣٣٩.

ابن العماد ، شذرات ١ : ٣٠٤. ]

٨٨

وسابعهم ابنه موسى. وهو أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنهم.

قال الخطيب في تاريخ بغداد : كان موسى الكاظم يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده.

وروي أنّه دخل مسجد رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، فسجد سجدة في أوّل الليل. وسمع وهو يقول في سجوده : عظم الذنب عندي فليحسن (١) العفو من عندك! يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة! وجعل يردّدها حتى أصبح.

وكان سخيّا كريما ( ١٩ ب ). وكان يبلغه عن الرجل [ أنّه ] يؤذيه (٢) فيبعث إليه بالصرّة فيها ألف دينار. وكان يصرّ الصرر ثلاث مائة دينار ، وأربع مائة دينار ، ومائتي دينار ، ثم يقسمها بالمدينة.

وكان يسكن المدينة ، فأقدمه المهديّ بغداد وحبسه. فرأى [ المهديّ ] في النوم عليّ بن أبي طالب ، رضي‌الله‌عنه ، وهو يقول له : يا محمد! ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ ) (٣) قال الربيع : فأرسل إليّ ليلا ، فراعني ذلك ، فجئته ، وإذا هو يقرأ هذه الآية ـ وكان أحسن الناس صوتا ـ وقال : عليّ بموسى بن جعفر!

__________________

(١) ص « فيحسن » التصحيح من تاريخ بغداد ١٣ : ٢٧.

(٢) في مقاتل الطالبيين « ما يكره » ، والزيادة من تاريخ بغداد.

(٣) سورة محمد ، ٤٧ ، الآية ٢٢.

٨٩

فجئته به ، فعانقه وأجلسه إلى جانبه. وقال :

يا أبا الحسن! إني رأيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب يقرأ عليّ كذا. فتؤمنني أن تخرج عليّ أو على أحد من ولدي؟

فقال : لا والله (١)! لا فعلت ذلك ، ولا هو من شأني.

قال : صدقت. أعطه (٢) يا ربيع ثلاثة آلاف ( ٢٠ آ ) دينار وردّه إلى أهله إلى المدينة.

قال الربيع : فأحكمت أمره ليلا ، فما أصبح إلاّ وهو في الطريق خوف العوائق.

وأقام بالمدينة إلى أيّام هارون الرشيد. فقدم هارون إلى المدينة منصرفا من عمرة رمضان سنة تسع وسبعين ومائة. فحمل موسى معه إلى بغداد وحبسه إلى أن توفي في محبسه.

وذكر أيضا أنّ هارون الرشيد حجّ وأتى قبر النبيّ ، صلّى الله عليه وسلّم ، زائرا ، وحوله قريش وأعيان (٣) القبائل ، ومعه موسى بن جعفر ، رضي الله عنهما. [ فلما انتهى إلى القبر ] (٤) قال :

السلام عليك [ يا رسول الله ] (٥) ، يا ابن عمّي!

افتخارا على من حوله.

فقال (٦) موسى ، رضي‌الله‌عنه : السلام عليك يا أبت!

__________________

(١) في تاريخ بغداد « آلله ».

(٢) ص « اعطيه ».

(٣) في تاريخ بغداد « أفياء ».

(٤) الزيادات من تاريخ بغداد

(٥) الزيادات من تاريخ بغداد

(٦) في تاريخ بغداد : « فدنا موسى بن جعفر فقال ».

٩٠

فتغيّر وجه هارون وقال :

هذا الفخر ، يا أبا الحسن ، حقّا.

انتهى كلام الخطيب

وقال أبو الحسن عليّ بن الحسين بن عليّ المسعودي في كتاب « مروج الذهب (١) » في أخبار هارون الرشيد إنّ عبد الله بن مالك الخزاعي كان على دار ( ٢٠ ب ) هارون الرشيد وشرطته فقال :

أتاني رسول الرشيد في وقت ما جاءني فيه قط ، فانتزعني (٢) من موضعي ومنعني من تغيير (٣) ثيابي. فراعني ذلك منه. فلما صرت إلى الدار سبقني (٤) الخادم فعرّف الرشيد خبري ، فأذن لي في الدخول عليه. فدخلت فوجدته قاعدا على فراشه (٥) ، فسلّمت عليه فسكت ساعة ، فطار عقلي ، وتضاعف الجزع عليّ ، ثم قال :

يا عبد الله! أتدري لم طلبتك في هذا الوقت؟

قلت : لا والله يا أمير المؤمنين!

قال : إني رأيت الساعة في منامي كأنّ حبشيّا قد أتاني ومعه حربة ، فقال لي : إن خلّيت عن موسى بن جعفر هذه (٦) الساعة وإلاّ نحرتك بهذه الحربة. فاذهب وخلّ (٧) عنه.

__________________

(١) انظر المروج ٦ : ٣٠٨ ـ ٣١١ ( طبعة باريس ).

(٢) ص « فاسرعني » خطأ.

(٣) ص « تغير ».

(٤) ص « منعني ».

(٥) ص « فروشه ».

(٦) لا توجد في المروج.

(٧) ص « فحل ».

٩١

قال : فقلت يا أمير المؤمنين! أطلق موسى بن جعفر؟ ثلاثا (١).

قال : نعم. امض الساعة حتى تطلق موسى بن جعفر ، وأعطه (٢) ثلاثين ألف درهم ، وقل له : إن أحببت المقام قبلنا فلك عندي ما تحبّ. وإن أحببت ( ٢١ آ ) المضي (٣) إلى المدينة فالاذن في ذلك [ إليك ] (٤).

قال : فمضيت إلى الحبس لأخرجه. قال : فلمّا رآني موسى وثب إليّ قائما وظنّ أني قد أمرت به بمكروه.

فقلت : لا تخف! فقد أمرني [ أمير المؤمنين ] بإطلاقك ، وأن أدفع إليك ثلاثين ألف درهم (٥). وهو يقول لك : إن أحببت المقام قبلنا فلك كلّ ما تحبّ ، وإن أحببت الانصراف إلى المدينة فالأمر في ذلك مطلق إليك.

فأعطيته الثلاثين (٦) ألف درهم ، وخلّيت سبيله.

وقلت له : رأيت من أمرك عجبا!

قال : فإني مخبرك. بينا أنا نائم إذ أتاني رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، فقال : يا موسى! حبست مظلوما فقل هذه الكلمات فإنّك لا تبيت هذه الليلة في الحبس.

فقلت : بأبي أنت وأمي! ما أقول؟

قال : قل : يا سامع الصوت (٧) ، ويا سابق الفوت ، يا كاسي (٨)

__________________

(١) في المروج : « فقلت ثلاثا يا أمير المؤمنين أيطلق موسى بن جعفر؟ »

(٢) ص « اعطيه ».

(٣) مروج « الانصراف ».

(٤) من المروج.

(٥) ص « دينار ».

(٦) ص « ثلاثين ألف دينار ».

(٧) ص « يا سامع كل صوت ».

(٨) ص « يا كاسيا ».

٩٢

العظام لحما ومنشرها بعد الموت. أسألك بأسمائك الحسنى وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين. يا حليما ذا أناة لا يقوى على أناته. يا ذا المعروف الذي ( ٢١ ب ) لا ينقطع أبدا ولا يحصى عددا. فرّج عني. فكان ما ترى.

وله أخبار ونوادر كثيرة.

وكانت ولادته يوم الثلاثاء قبل طلوع الفجر سنة تسع وعشرين ومائتين.

وقال الخطيب : سنة ثمان وعشرين بالمدينة.

وتوفي لخمس بقين من شهر رجب سنة ثلاث وثمانين ومائتين.

وقيل سنة ستّ وثمانين ببغداد. وقيل إنّه توفي مسموما.

وقال الخطيب : توفي في الحبس ، ودفن في مقابر الشونيزين (١) خارج القبّة. وقبره هناك مشهور يزار. عليه مشهد عظيم فيه من قناديل الذهب والفضّة وأنواع الآلات والتزيين ما لا يحدّ في الجانب الغربي. وكان موكلا به مدة حبسه السنديّ بن شاهك جدّ كشاجم الشاعر المشهور.

__________________

(١) ذكرها ياقوت باسم « الشونيزية » قال : وهي بالجانب الغربي من بغداد ( معجم البلدان )

٩٣
٩٤

٨

الرضا

٢٠٣ ه‍ ـ ٨١٨ م

٩٥

[ المراجع ]

[ ابن حبيب ، أسماء المغتالين ص ٢٠١.

اليعقوبي ، تاريخ ٣ : ١٨٠.

المسعودي ، مروج ٤ : ٢٨.

الأصبهاني ، مقاتل ص ٥٦١.

ابن الأثير ، تاريخ ٥ : ١٩٣.

ابن خلكان ، وفيات ١ : ٣٢١

الذهبي ، سير ، ج ٧ ورقة ٧٢٠ ١٠٢ آ ، ب

الصفدي ، الوافي ، ج ٢٢ ورقة ٩٣ وما بعدها.

ابن حجر ، تهذيب التهذيب ٧ : ٣٨٦.

ابن العماد ، شذرات ٢ : ٦.

الشيخ الصدوق ، عيون أخبار الرضا.

صحيفة الرضا ، رواية الطبرسي. ]

٩٦

وثامنهم ابنه عليّ. وهو أبو الحسن عليّ الرضا (١) بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب ، رضوان الله عليهم أجمعين.

كان المأمون زوّجه ابنته أمّ حبيب (٢) ، وجعله وليّ عهده ( ٢٢ آ ) وضرب اسمه على الدينار والدرهم.

وكان السبب في ذلك أنّه استحضر أولاد العبّاس : الرجال منهم والنساء ، وهو بمدينة مرو (٣). فكان عددهم ثلاثة وثلاثين ألفا ما بين الكبار والصغار. واستدعى عليّا المذكور ، رضي‌الله‌عنه ، فأنزله أحسن منزل ، وجمع له خواصّ الأولياء ، وخبّرهم أنّه نظر في أولاد العبّاس وأولاد عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنهم ، فلم يجد في وقته أحدا أفضل ولا أحقّ بالأمر من عليّ الرضا (٤) ، رضي‌الله‌عنه. فبايع له. وأمر بإزالة السواد والأعلام.

ونمي الخبر إلى من بالعراق من أولاد العبّاس. فعلموا أنّ في ذلك خروج الأمر عنهم. فخلعوا المأمون وبايعوا إبراهيم بن المهديّ ، وهو عمّ المأمون ، وذلك يوم الخميس لخمس خلون من المحرّم سنة اثنتين (٥) ومائتين. والقصة مشهورة.

__________________

(١) ص « الرضي ».

(٢) في مقاتل الطالبيين « أم الفضل » ص ٥٦٥ وهو خطأ. فقد زوج المأمون أم حبيب علي بن موسى الرضا. وزوج ابنته أم الفضل محمد بن علي بن موسى. انظر شذرات الذهب ٢ : ٣.

(٣) ص « هرو » خطأ. ومرو كانت من أشهر مدن خراسان. انظر معجم البلدان.

(٤) ص « الرضي ».

(٥) ص « اثنين ». ٧

٩٧

وكانت ولادة عليّ الرضا (١) ، رضي‌الله‌عنه ، يوم الجمعة في بعض شهور سنة ثلاث وخمسين بالمدينة ( ٢٢ ب ) ، وقيل : بل ولد سابع شوّال ، وقيل ثامنه ، وقيل سادسه ، سنة إحدى وخمسين ومائة.

وتوفي آخر صفر سنة اثنتين ومائتين. وقيل : بل توفي خامس ذي الحجّة. وقيل : ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث ومائتين بمدينة طوس (٢).

وصلّى عليه المأمون ودفنه ملاصق قبر أبيه الرشيد. وكان سبب موته [ أنّه ] أكل عنبا كثيرا. وقيل : بل كان مسموما ، فاعتلّ منه ومات.

وفيه يقول أبو نواس :

قيل لي : أنت أحسن الناس طرّا (٣)

في فنون من الكلام (٤) النبيه

لك في جيّد القريض مديح (٥)

يشمر الدّرّ في يدي مجتنيه

فعلام تركت مدح ابن موسى

والخصال (٦) التي تجمّعن فيه

قلت : لا أستطيع (٧) مدح إمام

كان جبريل خادما لأبيه

__________________

(١) ص « الرضي ».

(٢) مدينة كان بينها وبين نيسابور عشرة فراسخ. انظر معجم البلدان.

(٣) في سير النبلاء عن الصولي :

قيل لي أنت واحد الناس

في كل كلام من المقال بدية

لك في جوهر الكلام بديع

(٤) الوافي « المقال ».

(٥) الوافي « لك جند من القريض مديح ».

(٦) في السير « بالخصال ».

(٧) في السير « لا اهتدي لمدح ».

٩٨

وكان سبب قوله هذه الأبيات أن بعض أصحابه قال له :

ـ ما رأيت أوقح منك! ما تركت خمرا ولا طودا ولا مغنى إلاّ قلت فيه شيئا. وهذا علي بن موسى الرضا ، رضي الله ( ٢٣ آ ) عنهما ، في عصرك لم تقل فيه شيئا!

فقال : والله ما تركت ذلك إلا إعظاما له. وليس يقدر مثلي أن يقول في مثله.

ثم أنشد بعد ساعة هذه الأبيات.

وفيه يقول أيضا ، وقد ذكر في شذور العقود ، في سنة إحدى ومائتين أو سنة اثنتين :

مطهّرون نقيّات جيوبهم

تجري الصّلاة عليهم أينما ذكروا

من لم يكن علويّا حين (١) تنسبه

فما له في قديم الدّهر مفتخر (٢)

الله لمّا برأ خلقا فأتقنه

صفّاكم واصطفاكم أيها البشر

فأنتم الملأ الأعلى وعندكم

علم الكتاب وما جاءت به السّور

__________________

(١) ص « حسين ».

(٢) ص « مفتخرو ».

٩٩
١٠٠