تقريب المعارف

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي

تقريب المعارف

المؤلف:

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي


المحقق: الشيخ فارس تبريزيان « الحسّون »
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المحقّق
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٠

ومنه ما تناصرت به الرواية من حديث الخضر عليه السلام وسؤاله أمير المؤمنين عليه السلام عن المسائل فأمر الحسن عليه السلام بإجابته عنها فأجابه فأظهر الخضر عليه السلام بحضرة الجماعة الإقرار لله سبحانه بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة ولأمير المؤمنين عليه السلام بالإمامة والحسن والحسين والتسعة من ولد الحسين عليه السلام وأنه الخضر عليه السلام (١).

ورووا قصة اللوح الذي أهبطه الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله فيه أسماء الأئمة الاثني عشر.

ورووا ذلك من عدة طرق عن جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه‌الله قال دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديه (٢) لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها عليهم السلام فعددت اثني عشر أحدهم (٣) القائم بالحق اثنان منهم محمد وأربعة منهم علي صلوات الله عليهم أجمعين (٤).

ورووا عن أبي بصير عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال قال أبي يعني الباقر محمد بن علي عليهما السلام لجابر بن عبد الله إن لي إليك حاجة متى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها فقال له جابر أي الأوقات أحببت فخلى به في بعض الأيام فقال له يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة عليها السلام وما أخبرتك به إن فيه مكتوبا فقال جابر أشهد بالله ... وساق الحديث (٥).

ومما رووه حديث الاثنتي عشرة صحيفة المختومة باثني عشر خاتما التي نزل بها جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله فعمل بما فيها علي عليه السلام فإذا احتضر سلمها إلى الحسن عليه السلام ففتح صحيفة وعمل بما فيها ثم

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٢٥ ، الإكمال : ٢١٣ العيون ١ : ٥٣.

(٢) في النسخة : « يديه ».

(٣) في المصدر : « آخرهم ».

(٤) الإكمال : ٢١٣ ، وفيه : « ثلاثة منهم محمد ».

(٥) الإكمال : ٣٠٩ ، الغيبة للشيخ : ٩٣ ، الكافي ١ : ٥٢٧.

٤٢١

إلى الحسين عليه السلام ثم واحدا بعد واحد إلى الثاني عشر عليهم السلام.

ورووا عن أبي عبد الله عليه السلام من عدة طرق قال إن الله عز وجل أنزل على عبده كتابا قبل وفاته وقال يا محمد هذه وصيتك إلى النخبة من أهلك قال وما النخبة (١) يا جبرئيل قال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وكان على الكتاب خواتيم من ذهب فدفعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي عليه السلام وأمره أن يفك خاتما منه ويعمل بما فيه ففك أمير المؤمنين عليه السلام الخاتم وعمل بما فيه ثم دفعه إلى الحسن وأمره أن يفك خاتما منه ويعمل بما فيه ففك الحسن عليه السلام الخاتم وعمل بما فيه فما تعداه ثم دفعه إلى الحسين عليه السلام ففك خاتما فوجد فيه أن أخرج بقوم إلى الشهادة فلا شهادة لهم إلا معك وأشر نفسك لله ففعل ثم دفعه إلى علي بن الحسين عليه السلام ففك خاتما فوجد فيه أن أطرق وأصمت وألزم منزلك ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) ففعل ثم دفعه إلى ابنه محمد بن علي عليه السلام ففك خاتما فوجد فيه حدث الناس وأفتهم ولا تخافن إلا الله فإنه لا سبيل لأحد عليك ثم دفعه إلى ابنه جعفر عليه السلام ففك خاتما فوجد فيه حدث الناس وأفتهم وانشر علوم أهل بيتك وصدق آبائك الصالحين ولا تخافن إلا الله وأنت في حرز وأمان ففعل ثم دفعه إلى موسى عليه السلام وكذلك يدفعه موسى عليه السلام إلى الذي بعده ثم كذلك أبدا إلى قيام المهدي عليه السلام (٢).

ومما رووه عن أبي الطفيل قال شهدت جنازة أبي بكر يوم مات وشهدت عمر حين بويع وعلي عليه السلام جالس ناحية فأقبل غلام يهودي جميل عليه ثياب حسان وهو من ولد هارون عليه السلام حتى قام على رأس عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الأمة بكتابهم وأمر نبيهم صلّى الله عليه وآله؟ فطأطأ عمر رأسه فأعاد عليه القول فقال له عمر ولم ذاك فقال إني جئت مرتادا لنفسي شاكا في

__________________

(١) في النسخة بدون نقاط ، وفي المصادر : « النجيب ».

(٢) الكافي ١ : ٢٧٩ ، الإكمال : ٢٣٢ ، العلل ١ : ١٦٤ ، مع اختلاف يسير.

٤٢٢

ديني أريد الحجة وأطلب البرهان فقال له عمر دونك هذا الشاب وأشار إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال الغلام ومن هذا قال عمر هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو الحسن والحسين ابني رسول الله وزوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وأعلم الناس بالكتاب والسنة.

قال فأقبل الغلام إلى علي عليه السلام فقال له أنت كذلك فقال له علي عليه السلام نعم قال الغلام فإني أريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة قال فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام وقال يا هاروني ما منعك أن تقول سبعا قال لأني أريد أسألك عن ثلاث فإن علمتهن سألتك عما بعدهن وإن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيكم عالم قال أمير المؤمنين عليه السلام أنا أسألك بالإله الذي تعبده إن أنا أجبتك عن كل ما تسأل عنه لتدعن دينك ولتدخلن في ديني قال ما جئت إلا لذلك قال له أمير المؤمنين عليه السلام سل.

فقال أخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض أي قطرة هي وأول عين فاضت على وجه الأرض أي عين هي وأول (١) شيء اهتز على وجه الأرض أي شيء هو؟

فقال أمير المؤمنين عليه السلام يا هاروني أما أنتم فتقولون أول قطرة قطرت على وجه الأرض حيث قتل أحد ابني آدم عليه السلام صاحبه وليس كذلك ولكنه حيث طمثت حواء وذلك قبل أن تلد ابنيها.

وأما أنتم فتقولون أول عين فاضت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس وليس كذلك هو ولكنها لعين الحياة التي وقف عليها موسى عليه السلام وفتاه ومعهما النون المالح فسقط منه فيها فحي وهذا الماء لا يصيب ميتا إلا حي.

وأما أنتم فتقولون أول شيء اهتز على وجه الأرض الشجرة التي كانت منها سفينة نوح عليه السلام وليس كذلك هو ولكنها النخلة التي أهبطت من الجنة وهي

__________________

(١) في النسخة : « وأي أول ».

٤٢٣

العجوة ومنها تفرع جميع ما ترى من أنواع النخل.

فقال صدقت والله الذي لا إله إلا هو إني لأجد هذا في كتب أبي هارون عليه السلام كتابته بيده وإملاء عمي موسى عليه السلام.

ثم قال أخبرني عن الثلاث الأخر عن أوصياء محمد صلى الله عليه وآله وكم أئمة عدل بعده وعن منزله في الجنة ومن يكون معه ساكنا في منزله؟

فقال أمير المؤمنين عليه السلام يا هاروني إن لمحمد عليه السلام اثني عشر وصيا أئمة عدل لا يضرهم خذلان من خذلهم ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم وإنهم أرسب في الدين من الجبال الرواسي في الأرض.

ومسكن محمد عليه السلام في جنة عدن التي ذكرها الله عز وجل وغرسها بيده.

ومعه في مسكنه فيها الأئمة الاثنا عشر العدول.

فقال صدقت والله الذي لا إله إلا هو إني لأجد ذلك في كتب أبي هارون عليه السلام كتابته بيده وإملاء عمي موسى عليه السلام.

فقال أخبرني عن الواحد كم يعيش وصي محمد عليه السلام من بعده وهل يموت هو أو يقتل؟

قال يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة لا تزيد يوما ولا تنقص يوما ثم يضرب ضربة هاهنا ووضع يده على قرنه وأومأ إلى لحيته فتخضب هذه من هذه.

قال فصاح الهاروني وقطع كشنيره (١) وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأنك وصي رسوله صلى الله عليه وآله ينبغي أن تفوق ولا تفاق وأن تعظم ولا تستضعف وحسن إسلامه (٢).

ورووا عن أبي حمزة الثمالي قال سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول إن الله

__________________

(١) كذا يقرأ ما في النسخة ، وهذه الجملة لم تذكر في المصادر التي نشير إليها في الذيل إلا الكافي بهذه العبارة : « وقطع كستيجه » ، وهو كما في الوافي : خيط غليظ يشده الذمي فوق ثيابه دون الزنار.

(٢) الكافي ١ : ٥٣٠ ، الإكمال : ٣٠٠ ، الخصال : ٤٧٦ ، الغيبة للنعماني : ٩٧ ، مقتضب الأثر : ١٤ ـ ١٧ ، مع اختلاف يسير.

٤٢٤

عز وجل خلق محمدا عليه السلام واثني عشر من أهل بيته من نور عظمته فأقامهم أشباحا في ضياء نوره يعبدونه ويسبحونه ويقدسونه وهم الأئمة من بعد محمد صلى الله عليه وآله (١).

ورووا عن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول من آل محمد صلى الله عليه وآله اثنا عشر إماما كلهم محدث ورسول الله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه هما الوالدان (٢).

ورووا عن الحسن بن العباس بن الحريش عن أبي جعفر محمد بن علي بن موسى عليه السلام قال إن أمير المؤمنين عليه السلام قال لابن عباس إن ليلة القدر في كل سنة وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة وكذلك ولاة الأمر (٣) بعد رسول الله صلى الله عليه وآله قال ابن عباس من هم قال أنا وأحد عشر من صلبي محدثون (٤).

وبإسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه آمنوا بليلة القدر فإنها تكون بعدي لعلي بن أبي طالب وولده وهم أحد عشر من بعده عليهم السلام (٥).

ورووا عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال يكون تسعة أئمة بعد الحسين عليه السلام تاسعهم قائمهم (٦).

ورووا عن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول الأئمة اثنا عشر إماما منهم الحسن والحسين ثم الأئمة من ولد الحسين عليه السلام (٧).

في أمثال لهذه الروايات الواردة من طريقي الخاصة والعامة.

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٣٠ ، الإكمال : ٣١٨ مع اختلاف يسير.

(٢) الكافي ١ : ٥٣٣ ، غيبة الشيخ الطوسي : ٩٧ ، مع اختلاف يسير.

(٣) في الغيبة « ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله ».

(٤) غيبة الشيخ الطوسي : ٩٣ ، الكافي ١ : ٥٣٣.

(٥) إكمال الدين : ٢٨١ ، الكافي ١ : ٥٣٣.

(٦) غيبة النعماني : ٩٤ ، الخصال : ٤٨٠ ، الكافي ١ : ٥٣٢.

(٧) الكافي ١ : ٥٣٣ مع إختلاف يسير ، الخصال : ٤٨٠ وفيه : « منهم علي والحسن والحسين ».

٤٢٥

معلوم أن ورود الخبر متناصرا بنقل الدائن بضمنه والمخالف في معناه برهان صحته إذ لا داعي للمحجوج به إلا الصدق الباعث على روايته.

وإذا ثبت صدق نقلته اقتضى إمامة المذكورين فيه لكونه نصا على عدد لم يشركهم فيه أحد حسب ما قدمناه.

[ نص أبيه عليه بالإمامة وشهادة المقطوع بصدقهم بإمامته ]

والضرب الثاني من النص نص أبيه عليه بالإمامة وشهادة المقطوع بصدقهم بإمامته.

فأما النص من أبيه فما روي من عدة طرق عن محمد بن علي بن بلال قال خرج إلي من أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده (١) .

ورووا عن عدة طرق عن أبي هاشم الجعفري قال قلت لأبي محمد عليه السلام جلالتك يمنعني عن مسألتك فتأذن إلي أن أسألك فقال سل فقلت يا سيدي هل لك ولد قال نعم قلت فإن حدث أمر فأين أسأل عنه فقال بالمدينة (٢).

ورووا من عدة طرق عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال خرج من أبي محمد عليه السلام حين قتل الزبيري هذا جزاء من اجترأ (٣) على الله تعالى في أوليائه يزعم (٤) أنه يقتلني وليس لي عقب كيف رأى قدرة الله فيه قال ولد له ولد سماه باسم رسول الله صلى الله عليه وآله وذلك في سنة ست وخمسين ومائتين (٥).

ورووا عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال سمعت أبا الحسن عليه

__________________

(١) الكافي ١ : ٣٢٨ ، الإرشاد للمفيد : ٣٢٨.

(٢) الكافي ١ : ٣٢٨ مع اختلاف يسير ، الغيبة للطوسي : ١٣٩ ، الارشاد : ٣٢٨.

(٣) في الكافي : « افترى ».

(٤) في الكافي : « زعم ».

(٥) الكافى ١ : ٥١٤. الارشاد : ٣٢٩ ، الإكمال : ٤٣٠ ، مع اختلاف يسير.

٤٢٦

السلام يقول الخلف من بعدي الحسن عليه السلام فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف فقلت ولم جعلت فداك قال لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه فقلت كيف نذكره فقال قولوا الحجة من آل محمد عليهم السلام (١).

ورووا عن عمرو الأهوازي قال أراني أبو محمد عليه السلام ابنه عليه السلام فقال هذا صاحبكم بعدي (٢).

ورووا عن نصر بن علي العجلي (٣) عن رجل من أهل فارس سماه قال أتيت سر من رأى ولزمت باب أبي محمد عليه السلام فدعاني فدخلت عليه وسلمت فقال ما الذي أقدمك قال قلت رغبة في خدمتك قال فقال لي ألزم الدار قال فكنت مع الخدم في الدار ثم صرت أشتري لهم الحوائج من السوق وكنت أدخل من غير إذن إذا كان في الدار رجال.

قال : فدخلت عليه يوما وهو في دار الرجال فسمعت حركة في البيت فناداني مكانك لا تبرح فلم أجسر أن أدخل ولا أخرج فخرجت على جارية معها شيء مغطى ثم ناداني ادخل فدخلت فنادى الجارية فرجعت فدخلت إليه فقال لها اكشفي عما معك فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه فكشف أبو محمد عليه السلام عن بطنه فإذا شعر نابت من لبته إلى سرته أخضر ليس بأسود فقال هذا صاحبكم ثم أمرها فحملته فما رأيته بعد ذلك حتى مضى أبو محمد عليه السلام (٤).

في أمثال لهذه النصوص.

وأما شهادة المقطوع بصدقهم فمعلوم لكل سامع لأخبار الشيعة تعديل أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام جماعة من أصحابه وجعلهم سفراء بينه وبين أوليائهم والأمناء على قبض الأخماس والأنفال وشهادته بإيمانهم وصدقهم فيما يؤدونه عنه إلى

__________________

(١) الكافي ١ : ٣٣٢ ، الإكمال : ٦٤٨ ، الإرشاد : ٣٢٩ ، مع اختلاف يسير.

(٢) الكافي ١ : ٣٢٨ ، الإرشاد : ٣٢٩.

(٣) في الكافي والإكمال : « ضوء بن علي ».

(٤) الكافي ١ : ٣٢٩ ، الإكمال : ٤٣٦.

٤٢٧

شيعته.

وأن هذه الجماعة شهدت بمولد الحجة بن الحسن عليه السلام وأخبرت بالنص عليه من أبيه عليهما السلام وقطعت بإمامته وكونه الحجة المأهول للانتصار من الظالمين.

فكان ذلك منهم نائبا مناب نص أبيه عليه السلام لو كان مفقودا إذ لا فرق في ثبوت الحكم بين أن ينص عليه حجة معلوم العصمة لكونه نبيا أو إماما وبين أن ينص عليه منصوص على صدقه بقول نبي أو إمام.

والجماعة المذكورة (١) أبو هاشم داود بن قاسم الجعفري ومحمد بن علي بن بلال وأبو عمرو عثمان بن سعيد السمان وابنه أبو جعفر محمد بن عثمان رضي الله عنهم وعمرو الأهوازي وأحمد بن إسحاق وأبو محمد الوجنائي (٢) وإبراهيم بن مهزيار ومحمد بن إبراهيم.

[ نص آبائه عليه بغيبته وصفتها ]

وأما الضرب الثالث من النص فهو ما ورد عن آبائه صلوات الله عليهم من النبي وأمير المؤمنين إلى ابنه الحسن بن علي عليه السلام بغيبة الحجة قبل وجوده وصفتها قبل مولده ووقوع ذلك مطابقا للخبر من غير أن ينخرم منه شيء.

وهذا الضرب من النص دال على إمامته وكونه المهدي المأهول إهلاك الظالمين لثبوت النص بغيبته القصرى والطولى المختصة به ومطابقتها للخبر عنها.

فمن ذلك ما رواه الحسن بن محبوب عن إبراهيم الخارقي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له كان أبو جعفر عليه السلام يقول لقائم آل محمد عليه السلام غيبتان واحدة طويلة والأخرى قصيرة قال فقال لي نعم يا أبا بصير

__________________

(١) روى الصدوق في الإكمال روايات عد فيها أكثر هذه الجماعة ممن رأى القائم عليه‌السلام ، راجع الإكمال : ٤٤٢ و٤٤٣ و٤٤٥ و٤٣٥.

(٢) في اثبات الهداة ٣ : ٥٨٧ نقلا عن تقريب المعارف : « الوجباني ».

٤٢٨

إحداهما أطول من الأخرى ثم لا يكون ذلك يعني ظهوره حتى يختلف ولد فلان وتضيق الحلقة (١) ويظهر السفياني ويشتد البلاء ويشمل الناس موت وقتل يلجئون فيه إلى حرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وآله (٢).

وروي عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال يفسد الناس ثم يصلحها الله بعد أمن ولدي خامل الذكر لا أقول خاملا في حسنه ولا موضعه ولكن في حداثة سنه ويكون ابتداء أمره باليمن

ورووا عن الأصبغ بن نباته قال أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فوجدته ينكت في الأرض فقلت له يا أمير المؤمنين ما لي أراك مفكرا تنكت في الأرض أرغبة منك فيها قال والله ما رغبت في الدنيا قط ولكني في مولود يكون من ظهري الحادي عشر بعدي وهو المهدي الذي يملؤها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما يكون له حيرة وغيبة تضل بها [ فيها ] أقوام ويهتدي بها آخرون قلت يا أمير المؤمنين إن هذا لكائن قال نعم كما أنه مختوم (٣).

ورووا عن زرارة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن للغلام غيبة قبل أن يقوم قلت ولم قال يخاف وأومأ بيده إلى بطنه ثم قال يا زرارة وهو المنتظر وهو الذي يشك الناس في ولادته فمنهم من يقول مات أبوه ولا خلف له ومنهم من يقول مات أبوه وهو حمل ومنهم من يقول هو غائب قد ولد قبل موت أبيه بسنتين وهو المنتظر (٤) عليه السلام غير أن الله يحب أن يمتحن الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون (٥).

__________________

(١) في النسخة : « ويضيق الخلقة ».

(٢) غيبة النعماني : ١٧٢ مع اختلاف يسير.

(٣) غيبة الشيخ : ١٠٤ ، إكمال الدين : ٢٨٩ ، وفيهما : « كما أنه مخلوق » ، ولعل الصحيح : « محتوم » بالحاء المهملة.

(٤) في النسخة : « المنتظم » ، ولعل الصحيح ما أثبتناه ، ولعله : « المنتقم ».

(٥) الكافي ١ : ٣٤٢ و٣٤٧ ، إكمال الدين : ٣٤٢ و٣٤٦ ، غيبة النعماني ١٦٦.

٤٢٩

ورووا عن المفضل بن عمر قال قال أبو عبد الله عليه السلام أقرب ما يكون العبد من الله سبحانه أرضى ما يكون عنه وأرضى ما يكون عنه إذا افتقد حجة الله سبحانه فلم يظهر له ولم يعلم مكانه وهو في ذلك يعلم أنه لم تبطل حجة الله تعالى وبيناته (١) فعندها توقعوا الفرج وقد علم أن أولياءه لا يرتابون ولو علم أنهم يرتابون ما غيبه عنهم طرفة عين ولا تكون الغيبة إلا على رءوس شرار الناس (٢).

ورووا عن حنان بن سدير (٣) قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن في القائم سنة من يوسف عليهما السلام قلت كأنك تذكر حيرة (٤) أو غيبة قال وما تنكر ذلك من [ هذا ] هذه الأمة أشباه الخنازير إن إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء فتاجروا يوسف وبايعوه فدخلوا عليه وهم إخوته فلم يعرفوه حتى قال لهم ( أَنَا يُوسُفُ ) فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يكون الله تعالى يريد أن يستر حجته في وقت من الأوقات لقد كان يوسف إليه ملك مصر وكان بينه وبين أبيه مسيرة ثمانية عشر يوما فلو أراد الله أن يعلمه مكانه لقدر على ذلك والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يفعل الله لحجته عليه السلام ما فعل بيوسف عليه السلام فيكون يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله سبحانه أن يعرفهم نفسه كما أذن ليوسف عليه السلام فقالوا له أنت يوسف ( قالَ أَنَا يُوسُفُ ) (٥).

ورووا عن فرات بن أحنف رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال ذكر القائم من ولده فقال ليغيبن حتى يقول الجاهل ما لله في آل محمد عليه السلام حاجة (٦).

__________________

(١) في الأصل : « بنيانه ».

(٢) إكمال الدين : ٣٣٩ ، ٣٣٧.

(٣) في المصادر التي نشير إليها في الذيل : « عن فضالة ، عن سدير الصيرفي ».

(٤) في الكافي : « تذكره حياته أو عيبة ».

(٥) الكافي ١ : ٣٣٦ ، الإكمال : ١٤٤ و٣٤١.

(٦) إكمال الدين : ٣٠٢ و٣٠٣.

٤٣٠

ورووا عن المفضل قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول أما والله ليغيبن القائم عنكم سنينا من دهركم حتى يقال مات أو قتل بأي واد سلك وليدمعن عليه عيون المؤمنين ولتمحصن ولتكفؤن كما تكفأ السفن في أمواج البحر (١).

ورووا عن الأصبغ قال قال أمير المؤمنين عليه السلام صاحب هذا الأمر الشريد الطريد الفريد الوحيد (٢).

ورووا عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في صاحب الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء سنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من يوسف وسنة من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى جميع أنبياء الله ورسله فأما موسى عليه السلام فخائف ( يَتَرَقَّبُ ) وأما عيسى عليه السلام فيقال مات ولم يمت وأما يوسف عليه السلام فالغيبة عن أهله بحيث لا يعرفهم ولا يعرفونه وأما محمد رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف (٣).

ورووا عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة ولا بد له في غيبته من عزلة ونعم المنزل طيبة (٤).

ورووا عن إسحاق بن عمار قال قال أبو عبد الله عليه السلام للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والأخرى طويلة الأولى يعلم مكانه خاصة لأوليائه (٥).

ورووا عن أيوب بن نوح قال قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام إني أرجو أن تكون صاحب هذا الأمر وأن يسوقه (٦) الله إليك بغير سيف فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك فقال ما منا أحد اختلفت إليه الكتب وأشير إليه بالأصابع وسئل عن المسائل وحملت إليه الأموال إلا اغتيل أو مات على فراشه حتى يبعث الله لهذا الأمر

__________________

(١) الكافي ١ : ٣٣٦ ، إكمال الدين : ٣٤٧.

(٢) إكمال الدين : ٣٠٣.

(٣) راجع : إكمال الدين : ٣٢٦ و٣٥٠ ، غيبة النعماني : ١٦٤ ، غيبة الطوسي : ٤٠ ، منتخب الأثر : ٣٠١.

(٤) الكافي ١ : ٣٤٠ ، غيبة النعماني ١٨٨.

(٥) غيبة النعماني : ١٧٠ ، الكافي ١ : ٣٤٠.

(٦) في النسخة : « كأن ».

٤٣١

غلاما منا خفي المولد والمنشأ غير خفي في نسبه (١).

ورووا عن عبد الله بن عطاء عن أبي جعفر قال قلت له إن شيعتك بالعراق كثيرة فو الله ما في أهل بيتك مثلك فكيف لا تخرج فقال يا عبد الله بن عطاء قد أخذت تفرش أذنيك للنوكى إي والله ما أنا بصاحبكم قلت له فمن صاحبنا قال انظروا من عمي على الناس أمر ولادته فذلك صاحبكم إنه ليس منا أحد يشار إليه بالأصابع ويمضغ بالألسن إلا مات غيظا أو رغم أنفه (٢).

ورووا عن يمان التمار قال قال أبو عبد الله عليه السلام إن لصاحب هذا الأمر غيبة المتمسك فيها بدينه كخارط القتاد بيده ثم قال هكذا بيده فأيكم يمسك شوك القتاد بيده ثم قال إن لصاحب هذا الأمر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه (٣).

ورووا عن عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول يفقد الناس إمامهم يشهد الموسم يراهم ولا يرونه (٤).

ورووا عن عبد الله بن عطاء عن أبي جعفر عليه السلام قال والله لا ينوه باسم رجل منا فيكون صاحب هذا الأمر حتى يأتي الله سبحانه به من حيث لا يعلم الناس

ورووا عن علي بن مهزيار قال كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الفرج فقال إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج (٥).

ورووا عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال سمعت أبا الحسن العسكري عليه السلام يقول الخلف من بعدي الحسن عليه السلام فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف فقلت ولم قال لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه (٦).

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٤١ ، إكمال الدين : ٣٧٠.

(٢) الكافي ١ : ٣٤٢ ، غيبة النعماني : ١٦٧ و١٦٨.

(٣) الكافي ١ : ٣٣٦ ، إكمال الدين : ٣٤٦.

(٤) إكمال الدين : ٣٤٦ ، الكافي ١ : ٣٣٧.

(٥) إكمال الدين : ٣٨٠.

(٦) الكافي ١ : ٣٢٢.

٤٣٢

في أمثال لهذه الروايات الدالة على تخصص الإمامة بعد الحسن عليه السلام وإلى الآن بالحجة بن الحسن عليهما السلام.

[ ظهور معجزاته على أيدي سفرائه ]

ومما يدل على إمامته ظهور الأعلام على أيدي سفرائه

فمن ذلك ما رووه عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار قال شككت بعد مضي أبي محمد عليه السلام فاجتمع عند أبي مال جزيل فحمله وركب في السفينة فخرجت معه مشيعا فوعك وعكا شديدا فقال يا بني ردني فهو الموت وقال إلي اتق الله في هذا المال وأوصى إلي ومات فقلت في نفسي لم يكن أبي ليوصي بشيء غير صحيح أحمل هذا المال إلى العراق فأكتري دارا على الشط فلا أخبر أحدا بشيء فإن وضح لي شيء كوضوحه أيام أبي محمد عليه السلام أنفذته وإلا أنفقته فقدمت العراق واكتريت دارا على الشط وبقيت أياما فإذا أنا برقعة مع رسول فيها يا محمد معك كذا وكذا حتى نص جميع ما معي مما لم أحط به علما فسلمت المال إلى الرسول وبقيت أياما لا يرفع بي رأسا (١) ـ فاغتممت فخرج إلي قد أقمناك مكان أبيك فاحمد الله (٢).

ورووا عن أبي عبد الله الشيباني (٣) قال أوصلت أشياء للمرزباني وكان فيها سوار ذهب فقبلت ورد علي السوار فأمرت بكسره فكسر فإذا في وسطه مثاقيل حديد ونحاس وصفر وأخرجت ذلك منه وأنفذت الذهب فقبل (٤).

ورووا عن علي بن محمد (٥) قال أوصل رجل من أهل السواد مالا فرد عليه وقيل له أخرج حق بني عمك منه وهو أربعمائة درهم وكان الرجل في يده ضيعة لولد

__________________

(١) في النسخة : « رأسا ».

(٢) غيبة الطوسي : ١٧١.

(٣) في الكافي : « النسائي » ، وفي الوافي : « النسابي » ، وفي الإرشاد والبحار : « السياري ».

(٤) الكافي ١ : ٥١٨ ، الارشاد للمفيد : ٣٣١ ، الوافي ٢ : ٢٠٣ ، البحار ٥١ : ٢٩٧.

(٥) في النسخة « عليهما‌السلام » وهو اشتباه واضح.

٤٣٣

عمه فيها شركة قد حبسها عليهم فنظر فإذا لولد عمه في ذلك المال أربعمائة درهم فأخرجها وأنفذ الباقي فقبل (١).

ورووا عن القاسم (٢) بن العلاء قال ولد لي عدة بنين فكنت أكتب وأسأل الدعاء فلا يكتب إلي بشيء فماتوا كلهم فلما ولد لي الحسن (٣) ابني كتبت أسأل الدعاء فأجبت فبقي والحمد لله (٤).

ورووا عن علي بن الحسين اليماني قال كنت ببغداد فاتفقت قافلة اليمانيين (٥) فأردت الخروج معهم فكتبت ألتمس الإذن في ذلك فخرج لا تخرج معهم فليس لك في الخروج معهم خيرة وأقم بالكوفة قال فأقمت وخرجت القافلة فخرج عليهم حنظلة فاجتاحتهم.

قال وكتبت أستأذن في ركوب الماء فلم يؤذن لي فسألت عن المراكب التي خرجت في تلك السنة في البحر فما سلم منها مركب خرج عليها قوم يقال لهم البوارح فقطعوا عليها (٦).

ورووا عن الحسن بن الفضل بن يزيد الهمداني (٧) قال كتب أبي بخطه كتابا فورد جوابه ثم كتب بخطي فورد جوابه ثم كتب بخط رجل جليل من فقهاء أصحابنا فلم يرد جوابا فنظرت فإذا العلة في ذلك أن الرجل تحول بين ذلك قرمطيا (٨).

ورووا عن الحسن بن الفضل قال وردت العراق وزرت طوس وعزمت أن لا أخرج إلا عن بينة من أمري ونجاح من حوائجي ولو احتجت أن أقيم بها حتى أتصدق

__________________

(١) الكافي ١ : ٥١٩ ، الارشاد : ٣٣١ ، الوافي ٢ : ٢٠٣.

(٢) في النسخة : « أبي القاسم ».

(٣) في النسخة : « ابني عليه‌السلام » وهو اشتباه.

(٤) الكافي ١ : ٥١٩ ، والإرشاد : ٣٣١.

(٥) في الكافي والارشاد : « فتهيأت قافلة لليمانيين ».

(٦) الكافي ١ : ٥١٩ ، والإرشاد : ٣٣٢.

(٧) في الكافي : « الحسن بن الفضل بن زيد اليماني » ، وفي الارشاد : « الهماني ».

(٨) الكافي ١ / ٥٢٠ ، الارشاد ٣٣٢ ، والبحار ٥١ : ٣٠٩.

٤٣٤

قال وفي خلال ذلك يضيق صدري بالمقام وأخاف أن يفوتني الحج قال فجئت يوما إلى محمد بن أحمد أتقاضاه فقال لي صر إلى مسجد كذا وكذا فإنه يلقاك رجل قال فصرت إليه فدخل علي رجل فلما نظر إلي ضحك وقال لا تغتم فإنك ستحج في هذه السنة وتنصرف إلى أهلك وولدك سالما فاطمأنت نفسي وسكن قلبي فقلت أرى (١) مصداق ذلك إن شاء الله.

قال ثم وردت العسكر فخرجت إلي صرة فيها دنانير وثوب فاغتممت وقلت في نفسي جزائي عند القوم هذا واستعملت الجهل فرددتها وكتبت رقعة ثم ندمت بعد ذلك ندامة شديدة وقلت في نفسي كفرت بردي على مولاي عليه السلام ثم كتبت رقعة أخرى أعتذر من فعلي وأبوء بالإثم وأستغفر من ذلك وأنفذتها وقمت أتطهر للصلاة وأنا في ذلك أفكر في نفسي وأقول إن ردت علي الدنانير لم أحلل صرارها ولم أحدث فيها حدثا حتى أحملها إلى أبي فإنه أعلم مني فيعمل فيها بما يشاء فخرج إلي الرسول الذي حمل إلي الصرة وقيل له أسأت إذ لم تعلم الرجل أنا ربما فعلنا ذلك بموالينا من غير مسألة ليتبركوا به وخرج إلي أخطأت في ردك برنا فإذا استغفرت الله فالله يغفر لك فأما إذا كانت عزيمتك وعقد نيتك ألا تحدث فيها حدثا ولا تنفقها في طريقك فقد صرفناها عنك فأما الثوب فلا بد منه لتحرم فيه.

قال وكتبت في معنيين وأردت أن أكتب في الثالث فامتنعت منه مخافة أن يكره ذلك فورد جواب المعنيين والثالث الذي طويت مفسرا والحمد لله (٢).

ورووا عن الحسن بن عبد الحميد قال شككت في أمر حاجز بن يزيد فجمعت شيئا ثم صرت إلى العسكر فخرج إلي ليس فينا شك ولا في من يقوم مقامنا بأمرنا قادرين فاردد ما معك إلى حاجز بن يزيد (٣)

__________________

(١) في الكافي : « وأقول ذا مصداق » ، وفي الإرشاد : « قلت هذا مصداق ».

(٢) الكافي ١ : ٥٢٠ ، الارشاد : ٣٣٢ ، مع اختلاف يسير.

(٣) الكافي ١ : ٥٢٠ ، الارشاد ٣٣٣.

٤٣٥

ورووا عن بدر غلام أحمد بن الحسن قال وردت الجبل وأنا لا أقول بالإمامة أحبهم (١) جملة إلى أن مات يزيد بن عبد الله فأوصى في علته أن يعطي الشهري السمند وسيفه ومنطقته إلى مولاه فخفت إن أنا لم أدفع الشهري إلى إذكوتكين (٢) نالني منه استخفاف فقومت الدابة والسيف والمنطقة بسبعمائة دينار في نفسي ولم أطلع عليه أحدا فإذا الكتاب قد ورد علي من العراق أن وجه السبعمائة دينار التي لنا قبلك من ثمن الشهري والسيف والمنطقة (٣).

ورووا عن أبي محمد الحسن بن عيسى العريضي قال لما مضى أبو محمد عليه السلام ورد رجل من مصر بمال إلى مكة للناحية فاختلف عليه فقال بعض الناس إن أبا محمد عليه السلام مضى من غير ولد والخلف من بعده جعفر وقال بعضهم مضى أبو محمد عليه السلام عن ولد هو خلفه فبعث رجلا يكنى أبا طالب فورد العسكر ومعه كتاب فصار إلى جعفر فسأله عن برهان فقال لا يتهيأ في هذا الوقت فصار إلى الباب وأنفذ الكتاب إلى أصحابنا فخرج إليه آجرك الله في صاحبك فقد مات وأوصى بالمال الذي كان معه إلى ثقة ليعمل فيه بما يحب وأجيب عن كتابه (٤).

ورووا عن الحسن بن خفيف عن أبيه قال بعث حرم (٥) إلى المدينة مدينة الرسول صلّى الله عليه وآله ومعهم خادمان فكتب إلى خفيف أن اخرج معهم فلما وصلوا إلى الكوفة شرب أحد الخادمين مسكرا فما خرجوا من الكوفة حتى ورد كتاب من العسكر برد الخادم الذي شرب المسكر وعزله عن الخدمة (٦).

ورووا عن محمد بن شاذان النيسابوري قال اجتمع عندي خمسمائة درهم

__________________

(١) في الارشاد : « ولا أحبهم جملة ».

(٢) كان من امراء الترك من أتباع بني العباس.

(٣) الكافي ١ : ٥٢٢ ، الارشاد : ٣٣٤.

(٤) الكافي ١ : ٥٢٣ ، الارشاد : ٣٣٥ ، مع اختلاف يسير.

(٥) في الكافي : « بعث بخدم إلى ».

(٦) الكافي ١ : ٥٢٣ ، البحار ٥١ : ٣١٠.

٤٣٦

ينقص منه عشرون درهما فأنفت أن أبعث بها ناقصة فوزنت من عندي عشرين درهما وبعثت بها إلى الأسدي ولم أكتب ما لي فيها فورد وصلت خمسمائة درهم لك منها عشرون درهما (١).

ورووا عن الحسن (٢) بن محمد الأشعري قال كان يرد إلي كتاب أبي محمد عليه السلام في الإجراء على الجنيد قاتل فارس (٣) وأبي الحسن (٤) فلما مضى أبو محمد عليه السلام ورد استئناف من الصاحب عليه السلام بالإجراء على أبي الحسن وصاحبيه (٥) ولم يرد في أمر الجنيد شيء فاغتممت لذلك فورد نعى الجنيد بعد ذلك فإذا قطع جاريه إنما كان لوفاته (٦).

ورووا عن عيسى بن نصر قال كتب علي بن زياد الصيمري يسأل كفنا فكتب إليه إنك تحتاج إليه في سنة ثمانين وبعث إليه الكفن قبل موته بأيام (٧).

ورووا عن محمد بن هارون بن عمران الهمداني قال كان للناحية علي خمسمائة دينار فضقت بها ذرعا ثم قلت في نفسي لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة دينار وثلاثين دينارا قد جعلتها للناحية بخمسمائة ولا والله ما نطقت بذلك فكتب إلى محمد بن جعفر اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بخمسمائة دينار التي لنا عنده (٨).

ورووا أن قوما وشوا إلى عبيد الله بن سليمان الوزير بوكلاء النواحي وقالوا الأموال تجبى إليهم وسموهم له جميعهم فهم بالقبض عليهم فخرج الأمر من السلطان اطلبوا أين هذا الرجل فإن هذا أمر غليظ فقال عبيد الله بن سليمان نقبض على من ذكر

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٢٣ ، الارشاد : ٣٣٥.

(٢) في الكافي : « الحسين ».

(٣) كذا في الكافي والارشاد ، وفي الاصل : « الجنيد وفاتك وفارس ».

(٤) في الكافي : « وآخر ».

(٥) في الكافي والارشاد : « وصاحبه ».

(٦) الكافي ١ : ٥٢٤ ، الارشاد : ٣٣٥.

(٧) الكافي ١ : ٥٢٤ ، الغيبة للطوسي ١٧٢.

(٨) الكافي ١ : ٥٢٤.

٤٣٧

أنه من الوكلاء فقيل له لا ولكن دسوا إليهم قوما لا يعرفون بالأموال فمن قبض منهم شيئا قبض عليه فلم يشعر الوكلاء بشيء حتى خرج إليهم ألا تأخذوا من أحد شيئا وأن يمتنعوا من ذلك ويتجاهلوا بالأمر وهم لا يعلمون ما السبب في ذلك فاندس لمحمد بن أحمد رجل لا يعرفه وخلا به فقال معي مال أريد أن أصله فقال له محمد غلطت أنا لا أعرف من هذا شيئا فلم يزل يتلطف به ومحمد يتجاهل عليه وبثوا الجواسيس فامتنع الوكلاء كلهم لما كان تقدم إليهم ولم يظفر بأحد منهم (١) وظهرت بعد ذلك الحيلة عليهم وإنها لم تتم (٢).

ورووا عن محمد بن يعقوب عن علي بن محمد قال خرج النهي عن زيارة مقابر قريش والحائر على ساكنيها السلام ولم يعرف السبب فلما كان بعد أشهر دعا الوزير الباقطاني (٣) وقال له الق بني الفرات والبرسيين وقل لهم لا يزورون مقابر قريش فقد أمر الخليفة أن يتفقد كل من زار فيقبض عليهم (٤).

في أمثال لهذه الروايات إيراد جميعها يخرج عن الغرض وفي بعض ما ذكرناه كفاية.

[ إثبات تواتر هذه الأخبار ]

وليس لأحد أن يقول جميع ما ذكرتموه من أخبار النصوص والمعجزات أخبار آحاد وهي مع ذلك مختصة بنقلكم وما هذه حاله لا يلزم الحجة به.

لأن هذا القدح دعوى مجردة ومن تأمل حال ناقلي هذه الأخبار علمهم متواترين بها على الوجه الذي تواتروا به من نقل النص الجلي وقد بينا صحة الطريقة فيه فلنعتمدها هنا عند الحاجة ومساو لنقل معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن لم

__________________

(١) الكافي ١ / ٥٢٥.

(٢) في الأصل : « لم تنم ».

(٣) في الكافي : « الباقطائي ».

(٤) الكافي ١ : ٥٢٥ ، الغيبة للطوسي : ١٧٢ ، الإرشاد : ٣٣٦.

٤٣٨

يتأمل ذلك وأعرض عنه لبعض الصوارف فالحجة لازمة له ولا عذر له في جهله بما يقتضيه لتمكنه من تحصيل العلم به لو نظر على الوجه الذي يجب عليه.

وإذا ثبت تواترها لم يقدح فيه اختصاص نقلها بالفرقة الإمامية دون غيرها لأن المراعى في صحة النقل وقوعه على وجه لا يجوز على ناقليه الكذب سواء كانوا أبرارا أو فجارا متدينين بما نقلوه أو مخالفين فيه وهذا الطعن ... (١).

[ الحكمة في غيبته ]

وأما الكلام في القسم الثاني وهو بيان الحكم في غيبة الحجة وسقوط الشبهة بها فعلى الجملة والتفصيل.

أما الجملة فإذا تقررت إمامة صاحب الزمان عليه السلام بالأدلة العقلية والسمعية واقتضى كونه المعصوم فيما قال وفعل الموثق (٢) فيما يأتي (٣).

وجب القطع على حسن ذلك وسقوط التبعة عنه وإسناده إلى وجه حكمي له حسنت الغيبة ولم يجز لمكلف علم ذلك أن يشك في إمامته لغيبة أو يرتاب بوجوده لتعذر تميزه ومكانه لأن حصول ذلك عن عذر لا ينافي وجود الغائب ولا يقدح في إمامته الثابتين بالأدلة كما لا يقدح إيلام الإنهاك (٤) وذبح البهائم وخلق المؤذيات في حكمة القيم سبحانه الثابتة بالبرهان وكذلك خوف النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حال واستتاره في أخرى ومهادنته في أخرى وتباين ما أتى به من العبادات والأحكام لا ينافي نبوته ولا يقدح في حجته الثابتين بالأدلة.

وإن كان غير عالم بوجود الحجة وإمامته فلا سؤال له في غيبته إذ الكلام فيها

__________________

(١) في النسخة وردت جملة مشوشة المعنى ، هي : « اجمع في المعجزات هو ما قدمناه سقط من أصله ».

(٢) في النسخة : « الموفق ».

(٣) وردت عبارة مشوشة المعنى ، هي : « ويدر وتعذر تعيين شخصه لمكلف حجته ومكانه والرشد إليهما ».

(٤) كذا في النسخة.

٤٣٩

وهل هي حسنة أم قبيحة فرع لوجوده وثبوت حجته ففرضنا مع هذا الجاهل بإمامة الحجة إيضاح الأدلة على إمامته وفرضه أن ينظر فيها فإن يفعل يعلم من ذلك ما علمناه ويسقط عنه شبهة الفرع لثبوت الأصل وإن لا يفعل يكن محجوبا (١) في الأصل والفرع.

وهذا القدر من الجملة كاف في سقوط جميع ما يتعلقون به من الشبه في إمامة الحجة عليه السلام وغيبته عن رعيته واستمرارها وعدم اللطف بالظهور وارتفاع الحفظ والتبليغ للشريعة معها وانتفاء الإرشاد والتنبيه والقيام بما يلزم (٢) الإمام من الأمر والنهي وإقامة الحدود والجهاد وقبض الحقوق وطول عمر الحجة.

لأن ذلك أجمع ليس بقبيح في جنسه وإنما يقبح لوقوعه على وجه مخصوص ويحسن لآخر وإذا ثبت هذا فلا فرق بين أن يعلم ثبوت وجه الحسن في جميعه وبين أن يعلم استناده إلى معصوم لا يجوز عليه فعل القبيح كعلمنا ذلك في جميع تأثيرات (٣) الأنبياء عليهم السلام إذ تقدير فرق بين الأمرين متعذر وهذا أحسم لمادة الشغب وأبعد من الشبه.

[ من أسباب الغيبة الخوف وعدم الناصر ]

وأما التفصيل وأن (٤) حسن غيبة الخائف من الضرر القوي الظن بكون الغيبة مؤمنة له منه فمعلوم ضرورة وجوبها عليها (٥) فضلا حسنها لكونها محرزا من ضرر وأما ثبوت ذلك في غيبة الصاحب عليه السلام فمختص به عليه السلام لكل ذي ظن لخوف ويحرز منه لا يفتات عليه فيه (٦).

__________________

(١) كذا في النسخة ، ولعله : » محجوجا ».

(٢) في الأصل : « يكرم ».

(٣) كذا.

(٤) في النسخة : « وإن ».

(٥) في النسخة : « عليها ».

(٦) كذا وردت العبارة في النسخة.

٤٤٠