تقريب المعارف

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي

تقريب المعارف

المؤلف:

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي


المحقق: الشيخ فارس تبريزيان « الحسّون »
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المحقّق
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٠

أما سلامة النص من القدح بها فلسلامة الظواهر الدالة عليه من الكتاب والسنة منها إذ كانت أجمع لا يخرج شيئا من نصوص الكتاب والسنة عن اقتضائه للنص بغير شبهة على متأمل وسلامة الظاهر من القدح بشيء مما ذكر مقتض للمصير إلى موجبها من القول بإمامته عليه السلام وسقوط اعتراضهما بشيء لا تعلق له بهما.

ولأن ثبوت النص على علي عليه السلام بالإمامة يقتضي ثبوت إمامته بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإلى حين وفاته عليه السلام وثبوت ذلك في هذه الحال يقتضي القطع على استمرار عدالته فيها لو لم تكن العصمة من شروط الإمامة والحكم لجميع أفعاله بالحسن لإجماع الأمة على فساد إمامة الإمام بما يقع من فسق فسقط لذلك أيضا جميع ما اعترضوا به ولم يبق إلا الرجوع إلى المنازعة في ظواهر النصوص فيكون ذلك رجوعا لما سلموه وإسقاطا لما اعترضوا به وهو المقصود واستئنافا لاعتراض النصوص المحروسة بالحجة من كل شبهة على ما سلف بيانه والمنة لله سبحانه.

وأما سقوط هذه الاعتراضات على أصولنا فما بيناه من كون النص بالإمامة كاشفا عن عصمة المنصوص عليه ولا شبهة في سلامة الأفعال المعصوم من القدح والحكم لجميعها بالحسن وبعد معترضها عن الصواب.

وأما سقوطها على أصولهم فلأنهم قد أجمعوا أن عليا عليه السلام من رؤساء المجتهدين وممن لا يعترض اجتهاده باجتهاد واحد سواه ومن كانت هذه حاله فغير ملوم في شيء من اجتهاداته عند أحد منهم ولا مأزور عند الله تعالى فكيف يوسع لمن هذه أصوله واعتقاداته في علي عليه السلام أن يقدح في عدالته بما اجتهد فيه مع قولهم بصواب كل مجتهد وإن بلغ غاية في التقصير لو لا قلة الإنصاف.

وليس لهم أن يقولوا لسنا نخطئه عليه السلام في شيء مما ذكرناه وإنما

٢٢١

نافينا به ما تدعونه من النص عليه.

لأنهم متى لم يفرضوا قبح هذه الأمور مع تسليم النص لم يصح القدح بها في إمامته عليه السلام إذ لا قدح بشيء من الأفعال الحسنة في إمامة منصوص عليه ولا مجتاز (١).

على أن هذه الأفعال إذا كانت حسنة عند الجميع فلا منافاة بينها وبين النص الكاشف عندنا عن عصمة المنصوص عليه وعن علو رتبته في الاجتهاد عندهم وليس بموجب عليه عندنا ولا عندهم تقلد الأمر على كل حال وإنما يتعين هذا الفرض بشرط التمكن المرتفع بالاضطرار إلى سقوطه وما تبعه من الأمور المذكورة وغيرها فكيف ظن مخالفونا في الإمامة منافاة النص لما ذكروه من الأمور لو لا بعدهم عن الصواب.

على أنا نتبرع بذكر الوجه في جميع ما ذكروه مفصلا وإن كنا مستغنين عنه بما ذكرناه.

أما ترك النكير ففرضه متعين بمجموع شروط يجب على مدعي تكاملها في علي عليه السلام إقامة البرهان بذلك وهيهات.

أن الممكن فعله من النكير قد أدلى به عليه السلام وهو التذكار والتخويف والتصريح باستحقاقه الأمر دونهم وما زاد على ذلك من المحاربة موقوف على وجود الناصر المفقود في الحال بغير إشكال وكيف يظن به عليه السلام تمكنا من حرب (٢) المتقدمين عليه من رآه لا يستطيع الجلوس في بيته دونهم لو لا قبيح العصبية وشديد العناد.

وأما البيعة فإن أريد بها الرضا فمن أفعال القلوب التي لا يعلمها غيره تعالى بل لا ظن بها فيه لفقد أمارتها وثبوت ضدّها.

__________________

(١) كذا في النسخة.

(٢) في النسخة : « الحرب ».

٢٢٢

وإن أريد الصفقة باليد فغير نافعة لا سيما مع كونها واقعة عن امتناع شديد وتخلف ظاهر وتواصل إنكار عليه وتقبيح لفعله وموالاة مراجعه بتحديد (١) تارة وتخويف أخرى وتحشيم وتقبيح إلى غير ذلك مما هو معلوم ودلالة ما وقع على هذا الوجه على كراهية المبايع واضحة.

وأما إظهار التسليم فعند فقد كل ما يظن معه الانتصار ولهذا صرح عليه السلام عند التمكن من القول بوجود الأنصار بأكثر ما في نفسه من ظلم القوم له وتقدمهم عليه بغير حق وسنورد طرفا منه فيما بعد إن شاء الله وذلك مانع من وقوع تسليمه عن رضا.

وأما حضور مجالسهم فللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتمكن منه وتنبيه الغافل وإرشاد الضال وتعليم الجاهل واستدراك الفائت وهذا أمور يختص به (٢) مضافا إلى غيرها تمكن منها ومنع من تلك فوجب عليه فعل ما تمكن منه ويسقط عنه فرض الممنوع منه.

وأما الصلاة خلفهم فلا دلالة على كونه عليه السلام مقتديا بهم لكون الاقتداء من أفعال القلوب ولأنه أقرأ القوم وأفقههم فلا يجوز له الاقتداء بهم حسب ما نص عليه شارع الجماعة صلى الله عليه وآله ولأنه إمام الذي لا يجوز التقدم عليه ولا يجوز له اتباع رعيته.

فهذه أصولنا الموافقة للأدلة يمنع من كونه عليه السلام مقتديا بغيره.

فأما أصول القوم فإنهم يجيزون الصلاة خلف الفاسق فكيف تكون صلاة المسلم خلف أبي بكر دلالة على إمامته أو فضله أو قادحة في عدالة المصلي أو إمامته لو لا غفلة السائل وجهله بأصوله وأصول خصمه.

وأما أخذ العطاء فليسوا بذي مال يخصهم إعطاؤه وإنما هو مال الله

__________________

(١) في النسخة : « بتحديد ».

(٢) في النسخة : « يختص عليه‌السلام وجوبها ».

٢٢٣

الذي جعله لأنصار الإسلام وأمير المؤمنين علي عليه السلام زعيم النصرة وأحق الأنصار به.

على أن فرض تصريف هذا المال مردود إليه جملة فتمكنه من البعض لا يقتضي رضاه بالمنع من البعض الآخر ولو كان العطاء من مالهم لم يدل على صواب رأيهم في الإمامة بإعطائه ولا خطاء علي بأخذه كسائر العطايا.

وأما نكاحه من سبيهم فبنو حنيفة لا يعدون أمرين أما كونهم مستحقين المسبي في الملة أو غير مستحقين.

وكونهم مستحقين يقتضي إباحة تملك سبيهم وإن كان السابي ظالما ليس بإمام ولا بمأموم عدل لو لا ذلك يحرم نكاح المسبي في كل زمان لا إمام فيه منصوص عليه ولا مجتاز (١) وقد أجمع المسلمون على خلاف ذلك.

وكونهم غير مستحقين يقتضي كونه عليه السلام عاقدا على خولة الحنفية لكونه عالما بما يحل ويحرم وممن لا يقدم على ما يعلمه حراما باتفاق.

وأما مناكحة عمر فالتقية المبيحة للإمساك عن النكير لما فعلوه من تقلد أمر الإمامة مبيحة لذلك لكونه مستصغر في جبنه.

على أن حال عمر في خلافه لا تزيد على حال عبد الله بن أبي السلول وغيره من المنافقين وقد كانوا يناكحون في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لإظهار الشهادتين وانقيادهم للملة وهذه حال عمر.

وعلم علي عليه السلام بالدليل كفر عمر كعلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالوحي كفر ابن أبي السلول وغيره فكما لم يمنع ذلك من مناكحتهم فكذلك هذا.

وأما ما روي عن العباس من قوله لعلي عليه السلام ادخل بنا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحديث فغير معلوم فيلزم تأوله والأشبه أن يكون

__________________

(١) كذا في النسخة.

٢٢٤

كذبا من حيث كان ظاهره يقتضي جهل العباس رضي الله بالنص المعلوم لنا اليوم ولمن يتجدد إلى يوم القيامة حسب ما وضحت الحجة به لكل متأمل لا يجوز على العباس جهلها.

على أنه لو كان ثابتا لكان الوجه في سؤاله لعلي عليه السلام استعلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الأمر وهل يصير إلى المستحق له بالنص أم يدفع عنه فامتنع عليه السلام من ذلك لعلمه بإعلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بخروج الأمر عنه إلى القوم المخالفين لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله من خلافته عليهم لئلا يخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ظاهرا فيظن من لا بصيرة له أن ذلك نص فتحصل شبهة فلذلك ما (١) عدل عن إجابة العباس رضي‌الله‌عنه إلى ما سأل وليس في امتناعه عليه ولا قول العباس له دلالة على عدم النص لما بيناه من ثبوته واحتمال قول العباس لما يوافق الثابت بالأدلة.

وأما امتناعه من بيعة العباس وأبي سفيان فلأنه عليه السلام رأى بشاهد الحال فسادا في بيعتهم إما لأنه صلى الله عليه وآله لو بايع للزمه القيام بما لا ناصر له عليه أو لخوف ضرر ممن تم له السلطان بمظاهرته بالمناقشة له في سلطانه ببيعة ذين الرجلين المعظمين في قومهما ألا ترى إلى لجاجهم في بيعته خوفا منه وإلجائه إليها مع إظهار الإمساك ولزوم منزله فكيف به لو علم كونه مبايعا لنفسه فلذلك ما عدل (٢) عن بيعتهما.

وأما دخوله في الشورى فللضرورة الداعية إلى ذلك إذ كان العاقد لها موجبا على القوم الذين يخبرهم (٣) الدخول فيها وهو ممن قد علمت حاله وشديد

__________________

(١) كذا في النسخة.

(٢) كذا في النسخة.

(٣) يحتمل في النسخة : « يجيزهم ».

٢٢٥

إقدامه وتهجمه على مخالفه.

وليحتج صلى الله عليه وآله القوم بمناقبه وذرائعه إلى الخلافة وما أنزل الله فيه وذكره رسوله صلى الله عليه وآله من النصوص الدالة على إمامته وما كان متمكنا لو لا دخوله في الشورى من ذلك فصار دخوله لهذا الوجه واجبا ليس يقدح في إمامته ولا منصوب (١) لعاقد الشورى.

وليتوصل عليه السلام بالدخول مع القوم إلى القيام بما جعل إليه النظر فيه من الأمور الدينية التي من أوضح برهان على ما تقولها الشيعة من مشاركة عمر للقوم في سوء الرأي في الإسلام وأهله واتفاقهم على عداوة النبوة وأهلها والمتحققين بولايتها لمن أنصف نفسه وتأمل هذه الحال.

ومنها (٢) يمينه سالما مولى أبي حذيفة وإخباره أنه لو كان حيا ما يخالجه في تقليده أمر الإمامة شك.

وخطاؤه في هذا من وجوه :

أولها أنه إخبار عن إيجابه إمامة سالم من غير روية ولا مشاورة مع العلم بأن فعله ليس بحجة وإيجاب ما ليس على إيجابه دليل قبيح.

وثانيها : أنه نقيض لاحتجاجه يوم السقيفة على الأنصار باختصاص الإمامة بقريش ومبطل لإمامة أبي بكر المبنية على سقوط حجة الأنصار بالقربى وإمامته لكونها فرعا لإمامة أبي بكر بإجماع ومفسد للظاهر من مذاهب الخصوم في مراعاة القرشية في صفات الإمام.

ثالثها : حصول العلم الضروري بفساد رأي من رجح سالما على علي بن أبي طالب عليه السلام والعباس رضي‌الله‌عنه والمختارين للشورى ووجوه بني هاشم وأعيان المهاجرين والأنصار في شيء من أحواله فضلا عن جميعها ومن

__________________

(١) كذا في النسخة ، وظاهرا الصحيح : « مصوب ».

(٢) أي : « ومن الأمور التي تدل على سوء رأي عمر ».

٢٢٦

تأمل خطاب هذا القائل علم أن مقصوده الوضع من الصحابة والقرابة واستخفافه بأقدارهم وتهاونه بنكيرهم عليه وقلة فكره بالمناقضة بينهم بأدنى تأمل.

ورابعها أنه تحقيق لما ترويه الشيعة من تقدم المعاهدة منه ومن صاحبه وأبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة على نزع هذا الأمر من بني هاشم لو قد مات محمد صلى الله عليه وآله لو لا ذلك لم يكن ليمينه سالما وإخباره عن فقد الشك فيه مع حضور وجوه الصحابة وأهل السوابق والفضائل والذرائع التي ليس لسالم منها شيء وجه يعقل وكذلك القول في يمينه أبا عبيدة بن الجراح على الرواية الأخرى.

وليس لأحد أن يجعل سكوت الصحابة عنه دلالة على صوابه فيما ذكرناه عنه من المطاعن عليه.

لأن السكوت لا يدل على الرضا بجنب الاحتمال لغيره وهو هاهنا محتمل للخوف وحصول المفسدة كاحتماله للرضا فلا يجوز القطع إلا بدلالة.

ولأن البرهان واضح يخطبه (١) فيما قدمناه والأمر ظاهر على وجه لا لبس فيه من المناقصة للظاهر والتحجر والأمر بقتل من لا يستحق القتل على رأي أحد وإيجاب قول المشهود له بضعف الرأي والدين ويمين (٢) الموالي الفجار والشك في وجوه الأبرار فلا اعتبار في شيء من ذلك بسكوت محتمل.

على أن تأمل هذا يوضح عن فساد طريقتهم في كون الإمساك عن النكير حجة في الدين لحصوله مع ما يعلم قبحه بقريب من الاضطرار.

__________________

(١) كذا في النسخة.

(٢) كذا في النسخة.

٢٢٧

[ في دفن الرجلين مع النبي في حجرته ]

ومما يعم الرجلين أمرهما بالدفن مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجرته.

وفيه ترك لتوقيره عن (١) ضرب المعاول لديه لثبوت حرمته بعد الوفاة كالحياة.

وفيه أن هذه الحجرة لا يخلو أن يكون موروثة كما نقول أو صدقة كما يقولون.

وكونها موروثة يقتضي قبح التصرف فيها بغير إذن الوارث ولم يستأذناه بغير شبهة.

وكونها صدقة يمنع من التصرف فيها على كل حال كسائر الصدقات.

ودعوى كونها لعائشة باطل من وجوه :

منها أن الظاهر كونها ملكا له عليه السلام ولا دلالة بانتقالها.

ومنها قوله تعالى ( لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ ) ـ (٢) فأضاف البيوت إليه ولأن المعلوم أنه صلى الله عليه وآله لما هاجر إلى المدينة ابتاع مكان مسجده وحجرته فبناه فلما وصل أهله وأزواجه أنزل كلا منهم منازله.

ومنها أنه لم يرو أحد إيذان عائشة بدفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيت سكناها ولو كان بيتا لها لم يدفن إلا بإذنها.

ومنها أن غاية ما يتعلق به في ذلك دعوى عائشة وقد ردوا دعوى فاطمة عليها السلام وهي أعدل. وقوله سبحانه ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ ) ـ (٣) يفيد السكنى بدليل تناول هذا الإطلاق لجميع الأزواج ولا أحد يدعي ملكا لواحدة منهن عدا عائشة.

__________________

(١) في النسخة : « عن ».

(٢) الأحزاب ٣٣ : ٥٣.

(٣) الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

٢٢٨

[ بعض مطاعن الثالث ]

[ وأما مطاعن الثالث ] فأمور كثيرة :

منها رده الحكم بن أبي العاص بعد نفي رسول الله صلى الله عليه وآله إياه وإباحة دمه متى دخل دار الإسلام وإقرار المتقدمين ذلك النفي وإدخاله المدينة على مراغمة من بني هاشم وسائر المسلمين واتخاذ ابنه مروان بطانة وبسط يده ورواية (١) في أمور المسلمين وإعطاؤه خمس إفريقية مع ظهور حاله وسوء رأيه في الإسلام وأهله.

ومنها تقليده المشهورين بالفسق والتهمة على الإسلام أمور المسلمين.

كالوليد بن عقبة بن أبي معيط المشهود له ولسائر نسله بالنار للإخوة التي بينهما على الكوفة وتوقفه عن عزله مع ظهور فساده في الولاية ومجاهرته بالفسق وتوقفه عن إقامة الحد عليه مع إقامة الشهادة بشرب الخمر وإتيانه المسجد وصلاته بالناس وهو سكران.

وتقليد سعيد بن العاص بعد عزله الوليد وإقراره على الولاية مع عظيم الشكاية لجوره وقبيح سيرته وقوله إنما هذا السواد بستان لقريش إلى أن أخرجه المسلمون منها قسرا مراغمة لعثمان ورده بعد ذلك واليا عليهم ومنعهم له من دخول الكوفة بالاضطرار.

وتقليد عبد الله بن عامر بن كريز على البصرة للخولة التي بينهما وعبد الله بن أبي سرح على مصر للرضاعة التي بينهما ويعلى بن أمية ويقال ابن منية على اليمن وأسيد بن الأخنس بن الشريق (٢) على البحرين لكونه ابن عمته.

__________________

(١) كذا في النسخة.

(٢) في النسخة : « سريق ».

٢٢٩

وعزل المأمونين من الصحابة على الدين المختارين الولاية المرضين السيرة وهذا من عظيم المنكرات.

ومنها استئثاره بمال الله تعالى وتفريقه في بني أمية وتفضيلهم في العطاء على المهاجرين والأنصار وفي هذا ما فيه.

ومنها تمزيق المصاحف وتحريقها وطرحها في الحشوش وهذا ضلال.

ومنها استخفافه بعبد الله بن مسعود وأمره بضربه بغير جرم حتى كسرت أضلاعه بالضرب وموته من ذلك وهو من وجوه الصحابة.

ومنها ضرب عمار بن ياسر لإنفاذه وصية ابن مسعود حتى فتق وإغماؤه من الضرب يوما وليلة.

ومنها إخراج أبي ذر إلى الشام لأمره بالمعروف ثم حمله من الشام لإنكاره على معاوية خلافه للكتاب والسنة مهانا معسفا واستخفافه به ونيله من عرضه وتسميته بالكذاب مع شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بالصدق ونفيه عن المدينة إلى الربذة حتى مات بها رحمه‌الله تعالى مغربا.

ومنها استخفافه بعلي عليه السلام حين أنكر عليه تكذيب أبي ذر

ومنها عزل عبد الله بن الأرقم عن بيت المال لما أنكر عليه إطلاق الأموال لبني أمية بغير حق.

ومنها قوله لعبد الرحمن بن عوف يا منافق وهو الذي اختاره وعقد له

ومنها حرمانه عائشة وحفصة ما كان أبو بكر وعمر يعطيانهما وسبه لعائشة وقوله وقد أنكرت عليه الأفاعيل القبيحة لئن لم تنتهي لأدخلن عليك الحجرة سودان الرجال وبيضانها.

ومنها هدر دم الهرمزان وجفينة قتيلي ابن عمر واعتذاره من ذلك بأن الناس قريبو عهد بقتل أبيه.

ومنها حماية الكلاء وتحريمه على المسلمين وتخصصه به ومنع غلمانه

٢٣٠

الناس منه وتنكيلهم بمن أراده.

ومنها ضربه عبد الله بن حذيفة بن اليمان حتى مات من ضربه لإنكاره عليه ما يأتيه غلمانه إلى المسلمين في رعي الكلاء.

ومنها أكله الصيد وهو محرم مستحلا وصلاته بمنى أربعا وإنكاره متعة الحج مع إجماع الأمة على خلاف ما فعل.

ومنها ضربه عبد الرحمن بن حنبل (١) الجمحي وكان بدريا مائة سوط وحمله على جمل يطاف به في المدينة لإنكاره عليه الأحداث وإظهاره عيوبه في الشعر وحبسه بعد ذلك موثقا بالحديد حتى كتب إلى علي وعمار من الحبس :

أبلغ عليا وعمارا فإنهما

بمنزل الرشد إن الرشد مبتدر

لا تتركا جاهلا حتى يوقره

دين الإله وإن هاجت به مرر

لم يبق لي منه إلا السيف إذ علقت

حبائل الموت فينا (٢) الصادق البرر

يعلم بأني مظلوم إذا ذكرت

وسط الندى حجاج القوم والعذر

فلم يزل علي عليه السلام بعثمان يكلمه حتى خلى سبيله على أن لا يساكنه بالمدينة فسيره إلى خيبر فأنزله قلعة بها تسمى القموص فلم يزل بها حتى ناهض المسلمون عثمان وساروا إليه من كل بلد فقال في الشعر :

لو لا علي فإن الله أنقذني

على يديه من الأغلال والصفد

لما رجوت لدي شد بجامعة

يمنى يدي غياث الفوت من أحد

نفسي فداء علي إذ يخلصني

من كافر بعد ما أغضى على صمد

__________________

(١) كذا في النسخة.

(٢) في النسخة : « فيها ».

٢٣١

منها تسيير حذيفة بن اليمان إلى المدائن حين أظهر ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله فيه وأنكر أفعاله فلم يزل يعرض بعثمان حتى قتل.

ومنها نفي الأشتر ووجوه أهل الكوفة عنها إلى الشام حين أنكروا على سعيد بن العاص ونفيهم من دمشق إلى حمص.

ومنها معاهدته لعلي عليه السلام ووجوه الصحابة على الندم على ما فرط منه والعزم على ترك معاودته ونقض ذلك والرجوع عنه مرة بعد مرة وإصراره على ما ندم منه وعاهد الله تعالى وأشهد القوم على تركه من الاستئثار بالفيء وبطانة السوء وتقليد الفسقة أمور المسلمين.

ومنها كتابه إلى ابن أبي سرح بقتل رؤساء المصريين والتنكيل بالأتباع وتخليدهم الحبس لإنكارهم ما يأتيه ابن أبي سرح إليهم ويسير به فيهم من الجور الذي اعترف به وعاهد على تغييره.

ومنها تعريضه نفسه ومن معه من الأهل والأتباع للقتل ولا يعزل ولاة السوء.

ومنها استمراره على الولاية مع إقامته على المنكرات الموجبة للفسخ وتحريم التصرف في أمر الأمة وذلك تصرف قبيح لكونه غير مستحق عندهم مع ثبوت الفسق.

[ ما يقدح في عدالة القوم ]

ومما يقدح في عدالة الثلاثة :

قصدهم أهل بيت نبيهم عليهم السلام بالتحيف ـ (١) والأذى والوضع من أقدارهم واجتناب ما يستحقونه من التعظيم.

__________________

(١) كذا في النسخة ، وفي البحار : « بالتخفيف ».

٢٣٢

فمن ذلك أمان كل معتزل بيعتهم ضررهم وقصدهم عليا عليه السلام بالأذى لتخلفه عنهم والإغلاظ له في الخطاب والمبالغة في الوعيد وإحضار الحطب لتحريق منزله والهجوم عليه بالرجال من غير إذنه والإتيان به ملببا واضطرارهم بذلك زوجته وبناته ونسائه وحامته من بنات هاشم وغيرهم إلى الخروج عن بيوتهم وتجريد السيوف من حوله وتوعده بالقتل إن امتنع من بيعتهم ولم يفعلوا شيئا من ذلك بسعد (١) بن عبادة ولا بالخباب بن المنذر وغيرهما ممن تأخر عن بيعتهم حتى مات أو طويل (٢) الزمان.

ومن ذلك ردهم دعوى فاطمة عليها السلام وشهادة علي والحسنين عليهم السلام وقبول (٣) دعوى جابر بن عبد الله في الجنينات وعائشة في الحجرة والقميص والنعل وغيرهما.

ومنها تفضيل الناس في العطاء والاقتصار بهم على أدنى المنازل.

ومنها عقد الرايات والولايات لمسلمة القبح (٤) والمؤلفة قلوبهم ومكيدي الإسلام من بني أمية وبني مخزوم وغيرهما والإعراض عنهم (٥) واجتناب تأهلهم (٦) لشيء من ذلك.

ومنها موالاة المعروفين ببغضهم وحسدهم وتقديمهم على رقاب العالم كمعاوية وخالد وأبي عبيدة والمغيرة وأبي موسى ومروان وعبد الله بن أبي سرح

__________________

(١) في البحار : « لسعد ».

(٢) في البحار : « وطويل ».

(٣) في البحار : « شهادة ».

(٤) كذا في النسخة ، وفي البحار : « لمسلمية الفتح ».

(٥) أي : عن اهل البيت.

(٦) في البحار : « تأهيلهم ».

٢٣٣

وابن كريز ومن ضارعهم في عداوتهم والغض من المعروفين بولايتهم وقصدهم بالأذى كعمار وسلمان وأبي ذر والمقداد وأبي بن كعب وابن مسعود ومن شاركهم في التخصص (١) بولايتهم عليهم الصلاة والسلام.

ومنها قبض أيديهم عن فدك مع ثبوت استحقاقهم لها على ما بيناه وإباحة معاوية الشام وأبي موسى العراق وابن كريز البصرة وابن أبي سرح (٢) مصر والمغرب وأمثالهم من المشهورين بكيد الإسلام وأهله.

وتأمل هذا بعين إنصاف يكشف لك عن شديد عداوتهم وتحاملهم عليهم كأمثاله من الأفعال الدالة على تميز العدو من الولي.

ولا وجه لذلك إلا تخصصهم بصاحب الشريعة صلوات الله عليه وعلى آله في النسب وتقدمهم لديه في الدين وتحققهم من (٣) بذل الجهد في طاعته والمبالغة في نصيحته ونصرة ملته بما لا يشاركون فيه.

وفي هذا ما لا يخفى ما فيه (٤) على متأمل.

* * *

__________________

(١) في البحار : « التخصيص ».

(٢) في البحار : « صرح ».

(٣) « وتحققهم من » ، لم يرد في البحار.

(٤) كذا في النسخة.

٢٣٤

[ النكير على أبي بكر وعمر وأمور متفرقة ]

٢٣٥
٢٣٦

وممّا يقدح في عدالتهم : ما حفظ عن وجوه الصحابة وفضلاء السابقين والتابعين من الطعن عليهم ، وذمّ أفعالهم ، والتصريح بذمهم ، وتصريحهم هم بذلك عند الوفاة ، وتحسّرهم (١) على ما فرط منهم.

فأما أقوال الصحابة والتابعين القادحة في عدالتهم :

[ نكير أمير المؤمنين عليه السلام ]

ما حفظ عن علي أمير المؤمنين عليه‌السلام من التظلّم منهم ، والتصريح والتلويح بتقدّمهم عليه بغير حقّ في مقام بعد مقام.

كقوله حين أرادوه بالبيعة لأبي بكر : والله [ أنا ] (٢) لا أبايعكم وأنتم أحقّ بالبيعة لي.

وقوله عليه‌السلام : يا ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (٣).

وقوله عليه‌السلام في عدّة مقامات : لم أزل مظلوما ـ أو ما زلت مظلوما ـ منذ قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقوله عليه‌السلام : ظلمت الحجر والمدر.

وجوابه عليه‌السلام لمعاوية : زعمت لكلّ الخلفاء حسدت وعلى كلّهم بغيت ، وإنّي كنت أقاد إلى بيعتهم كما يقاد الجمل المخشوش ، أما والله لقد أردت أن تذمّ فمدحت ، وما على المؤمن أن يكون مظلوما إذا لم يكن شاكّا في دينه ولا مرتابا في يقينه ، ولقد قال نوح : ربّ أنّي ( مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ) (٤) ، وقال لوط : ( لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ

__________________

(١) في النسخة : « وبحشرهم » ، والمثبت من البحار.

(٢) من البحار.

(٣) الأعراف ٧ : ١٥٠.

(٤) القمر ٥٤ : ١٠.

٢٣٧

شَدِيدٍ ) (١). (٢)

فصرّح بظلم القوم له ، ووضوح عذره بقصور يده عن الانتصار منهم.

وجوابه له في هذا الكتاب : ولقد بارا من قدّمت وفضّلت بنو قيلة يوم السقيفة ، فاحتجّوا بالقربى ، فان يكن الفلج (٣) برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنحن أحقّ به ، أو لا فالأنصار على دعواها (٤).

فصرّح أنّ القوم المتقدّمين عليه لا يعدون أن يكونوا ظالمين له والأنصار.

وقوله عليه‌السلام في خطبته المشهورة بعد قتل عثمان : وقد أهلك الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا ، ومات هامان ، وهلك فرعون ، وقتل عثمان ، ألا وإنّ بليتكم قد عادت كيوم بعث الله فيه نبيكم.

فكنّى عن الأول بهامان ، وعن الثاني بفرعون ، وصرّح بذكر عثمان لارتفاع التقية عنه في أمره ، لمشاركة السامعين له في الطعن عليه ، وشبّه حالهم والمتّبعين لهم كيوم بعث فيه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا صريح بالتضليل.

وقال عليه‌السلام فيها : ولقد سبقني في هذا الأمر من لم أشركه (٥) فيه ، ومن لم أهبه له ، ومن ليس له منه توبة إلاّ بنبي يبعث ، ألا ولا نبيّ بعد محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أشرف منه ( عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ ، فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ ).

فصرح بأنّ المتقدّم عليه تقدّم من غير استحقاق ولا إذن من المستحقّ ، وأنه أتى بذلك ما لا يغفر إلا بنبيّ يبعث ، فغلق الغفران بما لا يكون ، ولم يكتف بذلك حتى أخبر أنه أشرف منه ( عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ ) ، ولم يرض بذلك حتّى قال : ( فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ ).

__________________

(١) هود ١١ : ٨٠.

(٢) نهج البلاغة ـ شرح محمد عبده ـ ٣ : ٣٣ ، باختلاف.

(٣) في النسخة : « فان لم يكن الفلج ».

(٤) نهج البلاغة ٣ : ٣٣ ، باختلاف.

(٥) في النسخة : « اشتركه » ، والمثبت من المصدر.

٢٣٨

وقال فيها : ولقد مضت منكم أمور (١) وسلفت ، ملتم علي فيها ميلة واحدة ، كنتم فيها غير محمودي الرأي ، أما لو [ أ ] شاء أن أقول لقلت : سبق الرجلان ، وقام الثالث كالغراب همّته بطنه ، وفرجه أمله ، لو قصّ جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له ، شغل عن الجنة ، والنار أمامه (٢).

فأخبر عليه‌السلام بتحاملهم عليه وظلمهم جميعا له ، وأنّ الثالث يلي بذلك السابقين إلى ظلمه.

وقوله عليه‌السلام في خطبته الوسيلة : ولئن تقمّصها دوني الأشقيان ، ونازعاني فيما ليس لهما بحقّ وهما يعلمان ، فركباها ضلالة واعتقداها جهالة ، فلبئس [ ما ] عليه وردا ، وبئس ما لأنفسهما مهّدا ، ببلاغتان (٣) من محلّهما ، ويبرأ كلّ منهما من صاحبه بقوله لقرينه إذا التقيا : ( يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ) (٤).

وقوله فيهما : وليس رتعا في الحطام المتصرّم والغرور المنقطع ، وكانا منه على شفا من الأجل ومندوحة من الأمل ، فقد أمهل الله شدّاد بن عاد وبلعم بن باعورا وثمود بن عبود ، وأسبغ عليهم ( نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً ) ، حتّى إذا أتتهم الأرض بركاتها أخذهم الله بغتة ، فمنهم من أردته الخسفة ، ومنهم من أحرقته الظلمة ، ( وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ) ، ومنهم من أهلكته الرجفة ، ( وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) (٥) ، ولم يكن حال الظالمين إلاّ كخفقة أو وميض برقة ، حتّى لو كشف لك عمّا هو [ ى ] إليه الظالمون وآل إليه الأخسرون لهربت الى الله عزّ ذكره ممّا هم فيه مقيمون ، ( خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) (٦).

__________________

(١) في النسخة : « أمر » ، والمثبت من المصدر.

(٢) أنظر مصادر هذه الخطبة في البحار ٣٢ : ٩ ـ ١٦ ، باختلاف.

(٣) كذا.

(٤) الزخرف ٤٣ : ٣٨.

(٥) العنكبوت ٢٩ : ٤٠.

(٦) البقرة ٢ : ٨٥.

٢٣٩

وهذا نصّ جلّي منه عليه‌السلام على ضلال المتقدّمين عليه.

وقوله عليه‌السلام في خطبة الشقشقية : والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة ، وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحا ، ينحدر منه السيل ولا يرقى إليه الطير ، فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، فرأيت أنّ الصبر على هاتيك أحجى ، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا أرى تراثي نهبا (١).

فعدل عليه‌السلام عن تسمية المتقدّم عليه وتكنيته وتلقيبه (٢) بما تدعى له من الألقاب الحسنة إلى أقبح الألقاب ، وذلك غاية في الاستخفاف به ، وصرّح بأنه تولّى الأمر دونه مع علمه بكونه منه كالقطب من الرحى الّذي لا يتمّ صلاحها من دونه ، مع كونه في الذروة منه الّتي ينحدر عنها السيل ولا يرقى إليها الطير لعلوّها ، وأنّه ظلّ مرتئيا في الصولة بالظالم مع عدم الناصر المعبّر عنه بقصر اليد ، أو يصبر على العظيمة ، وأنه رجّح الصبر من حيث كانت الصولة بغير ناصر لا ترفع ظلما وتؤثر هلاك الصائل ، ثم وصف حاله صابرا في عينه القذا وفي حلقه الشجا ، وذلك موكّد لما قلناه.

ومرّ في كلامه مصرحا بالتظلّم من الثاني والثالث ، ووصف خلافتيهما بالضلال كالأول.

وقال : فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة وقسطت شرذمة ومرق آخرون ، كأنهم لم يسمعوا الله تعالى يقول : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (٣) ، بلى والله لقد سمعوها ولكن حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها ، أما والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو لا حضور الحاضر ولزوم الحجّة بوجود الناصر وما أخذ الله على ولاة الأمر أن لا يقاروا (٤) على كظّة ظالم ولا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها ، ولألفوا دنياهم أهون

__________________

(١) نهج البلاغة ١ : ٣٠ ـ ٣٧.

(٢) في النسخة : « ويلقّبه ».

(٣) القصص ٢٨ : ٨٣.

(٤) في النسخة : « أن لا تفارقوا » ، والمثبت من المصدر.

٢٤٠