الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم

الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي

الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم

المؤلف:

الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي


المحقق: مؤسّسة النشر الإسلامي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-064-3
الصفحات: ٨٣٢

قال القاسم ، عن أبي سعيد ، قال : أتت فاطمة عليها‌السلام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكرت عنده ضعف الحال. فقال لها : ما تدرين ما منزلة عليّ عندي؟! كفاني وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، وضرب بين يديّ بالسيف وهو ابن ستّ عشرة سنة ، وقتل الأبطال وهو ابن سبع عشرة سنة ، وفرّج الهموم عنّي وهو ابن عشرين سنة ، ورفع باب خيبر وهو ابن اثنتين وعشرين سنة ، وكان لا يرفعه خمسون رجلا.

قال : فأشرق لون فاطمة عليها‌السلام ولم تقرّ قدماها حتى أتت عليّا عليه‌السلام فأخبرته.

فقال لها : كيف لو حدّثك بفضل الله كلّه عليّ (١).

حدّث محمّد بن جرير الطبري ، قال : حدّثنا أحمد بن رشيد ، قال : حدّثنا أبي ، عن معمر ، عن سعيد بن خيثم ، قال : حدّثني سعيد ، عن الحسن البصري أنّه بلغه أنّ زاعما يزعم أنّه ينتقص عليّا عليه‌السلام ، فقام في أصحابه يوما فقال : لقد هممت أن أغلق بابي ثمّ لا أخرج من بيتي حتى يأتيني أجلي ، بلغني أنّ زاعما منكم يزعم أنّني انتقص خير الناس بعد نبيّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنيسه وجليسه والمفرّج الكرب عند الزلازل ، والقاتل الأقران يوم النزال ، لقد فارقكم رجل قرأ القرآن فوقّره ، وأخذ العلم فوفّره ، وحاز ربّه (٢) ، ونصح لنبيّه وابن عمّه وأخيه ، آخاه دون أصحابه ، وجعل عنده سرّه ، وجاهد عنه صغيرا ، وقاتل معه كبيرا ، يقتل الأقران ، وينازل الفرسان دون دين الله حتى وضعت الحرب أوزارها ، متمسّكا بعهد نبيّه ، مضى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو عنه راض ، أعلم المسلمين علما وأفهمهم فهما ، وأقدمهم في الإسلام ، لا نظير له في مناقبه ، ولا شبيه له في ضرائبه ، فطلّق نفسه عن الشهوات ، وعمل لله في الغفلات ، وأسبغ الطهور في السبرات ، وخشع لله في الصلوات ، وقطع نفسه عن اللذّات ، مشمّرا عن ساق ، طيّب الأخلاق ، كريم الأعراق ، واتّبع سنن نبيّه ، واقتفى آثار وليّه ، فكيف أقول فيه ما يوبقني ، وما أحد أعلمه يجد فيه مقالا ، فكفّوا عنّا الأذى ، وتجنّبوا طرق الردى.

حدّث محمّد بن زياد ، عن مغيرة ، عن سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه

__________________

(١) دلائل الإمامة : ص ٤.

(٢) كذا في الأصل ، ولعلّ الصحيح : وخاف ربّه.

٢٤١

عروة بن الزبير ، قال : كنّا جلوسا في مجلس في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتذاكرنا أعمال أهل بدر وبيعة الرضوان. فقال أبو الدرداء : يا قوم ألا اخبركم بأقلّ القوم مالا ، وأكثرهم ورعا ، وأشدّهم اجتهادا في العبادة؟ قالوا : من؟ قال : علي بن أبي طالب. قال : فو الله إن كان في جماعة أهل المسجد إلاّ معرض عنه بوجهه.

ثمّ انتدب له رجل من الأنصار فقال له : يا عويمر لقد تكلّمت بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها.

فقال أبو الدرداء : يا قوم إنّي قائل ما رأيت ، وليقل كلّ قوم منكم ما رأوا ، شهدت علي بن أبي طالب عليه‌السلام بشويحطات النجار وقد اعتزل عن مواليه ، واختفى ممّن يليه ، واستتر ببعيلات النخل ، فافتقدته وبعد عليّ مكانه ، فقلت ألحق بمنزله ، فإذا أنا بصوت حزين ونغمة شجيّ وهو يقول : « إلهي كم من موبقة حلمت عنّي مقابلتها بنعمتك ، وكم من جريرة تكرّمت عن كشفها بكرمك ، إلهي إن طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما أنا مؤمّل غير غفرانك ، ولا أنا براج غير رضوانك » فشغلني الصوت واقتفيت الأثر ، فإذا هو علي بن أبي طالب عليه‌السلام بعينه ، فاستترت له وأخملت الحركة ، فركع ركعات في جوف الليل الغابر ، ثمّ فرغ الى الدعاء والبكاء والبثّ والشكوى ، فكان ممّا به ناجى الله تعالى أن قال :

إلهي افكّر في عفوك فتهون عليّ خطيئتي ، ثمّ أذكر العظيم من أخذك فتعظم عليّ بليّتي. ثمّ قال : آه إن أنا قرأت في الصحف سيّئة أنا ناسيها وأنت محصيها ، فتقول خذوه ، فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ، ولا تنفعه قبيلته ، يرحمه الملأ إذا اذن فيه بالنداء. ثمّ قال : آه من نار تنضج الأكباد والكلى ، آه من نار نزّاعة للشوى ، آه من غمرة من لهبات لظى.

قال : ثم أنعم (١) في البكاء فلم أسمع له حسّا ولا حركة ، فقلت : غلب عليه النوم لطول السهر أوقظه لصلاة الفجر.

__________________

(١) أنعم الرجل : أفضل وزاد.

٢٤٢

قال أبو الدرداء : فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة ، فحرّكته فلم يتحرّك ، وزويته فلم ينزو ، فقلت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون مات والله علي بن أبي طالب.

قال : فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم ، فقالت فاطمة عليها‌السلام : يا أبا الدرداء هي والله الغشية التي تأخذه من خشية الله.

ثمّ أتوه بماء فنضحوه على وجهه ، فأفاق ونظر إليّ وأنا أبكي ، فقال : ممّ بكاؤك؟

فقلت : ممّا أراه تنزله بنفسك؟

فقال : يا أبا الدرداء فكيف لو رأيتني وقد دعي بي الى الحساب ، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب ، واستوحشتني ملائكة غلاظ وزبانية أفظاظ ، فوقفت بين يدي الملك الجبّار ، قد أسلمني الأحبّاء ورحمني أهل الدنيا ، لكنت أشدّ رحمة لي بين يدي من لا يخفى عليه خافية.

فقال أبو الدرداء : فو الله ما رأيت ذلك لأحد من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

حدّث أبو علي الحدّاد ، قال : حدّثنا أبو سعيد بن حسنويه كتابة ، قال : حدّثنا أبو بكر بن الجعابي ، قال : حدّثني محمّد بن الحسين بن حفص الخثعمي أملاه عليّ بالكوفة ، قال : حدّثنا أحمد بن السري الطحّان ، قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن خالد ، قال : حدّثني أحمد بن أخي زرقان ، عن عبد الملك بن عميرة ، عن ربعي بن حراش ، قال : استأذن عبد الله بن عبّاس رضي‌الله‌عنه على معاوية وقد تعلّق عنده بطون قريش ، وسعيد بن العاص جالس عن يمينه ، فلمّا نظر معاوية الى ابن عبّاس مقبلا التفت الى سعيد وقال له : لألقينّ على ابن عبّاس مسألة يعني بجوابها. فقال له سعيد : ليس ابن عبّاس ممّن يعني بجواب مسائلك.

فلمّا جلس ابن عبّاس قال له معاوية : يا ابن عبّاس ما تقول في علي بن أبي طالب؟

قال : يرحم الله أبا الحسن ، كان والله علم الهدى ، وكهف التقى ، ومحلّ الحجى ، وطود الندى ، ونور السفر في ظلمة الدجى ، وداعيا الى المحجّة العظمى ، وعالما

__________________

(١) أمالي الصدوق : ص ٧٢ المجلس الثامن عشر ح ٩.

٢٤٣

بما في الصحف الاولى ، قائما بالتأويل والذكرى ، معلّقا بالأسباب الحسنى ، تارك الجور والأذى ، حائدا عن طرقات الردى ، خير من آمن واتّقى ، وسيّد من تقمّص وارتدى ، وأفضل من حجّ وسعى ، وأخطب أهل الدنيا سوى الأنبياء والنبيّ المصطفى ، صاحب القبلتين ، فهل يوازنه أحد من الورى؟! وزوج خير النساء ، وأبا السبطين ، الزاهد في الدنيا ، أنيس المصطفى ، لم تر عيني مثله ولا ترى أحدا حتى القيامة ، على من يلعنه لعنة الله والعباد الى يوم القيامة والتناد.

حدّث محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام أنّه قال : والله أن كان علي عليه‌السلام ليأكل أكل العبد ، ويجلس جلسة العبد ، وان كان ليشتري القميصين السنبلانيين فيعطي غلامه خيرهما ثم يلبس الآخر ، فإذا جاز أصابعه قطعه ، وإذا جاز كعبه حذفه. ولقد ولي خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة ، ولا لبنة على لبنة ، ولا قطع قطيعا ، ولا أورث بيضاء ولا حمراء ، وأن كان ليطعم الناس خبز البرّ واللحم وينصرف الى منزله ويأكل خبز الشعير والزيت والخلّ ، وما ورد عليه أمران كلاهما لله رضى إلاّ أخذ بأشدّهما على بدنه ، ولقد أعتق ألف مملوك من كدّ يديه ، تربت منه يداه (١) وعرق فيه وجهه ، وما أطاق عمله أحد من الناس ، وأن كان ليصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة ، وأن كان أقرب الناس شبها به عليّ بن الحسين عليه‌السلام ، ما أطاق عمله أحد من الناس بعده (٢).

وسمع رجل من التابعين أنس بن مالك يقول : انزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ .. ) الآية (٣).

قال اسحاق بن أبي مروان : سألت أبا جعفر محمّد بن علي عليهما‌السلام : كم كانت سنّ علي عليه‌السلام يوم قتل؟

__________________

(١) أي صار التراب في يده ، وكأنّه إشارة الى عمله عليه‌السلام في البساتين.

(٢) أمالي الصدوق : ص ٢٣٢ باب ٤٧ ح ١٤.

(٣) بحار الأنوار : ج ٣٥ ص ٣٧٥ باب ١٧ ح ١.

٢٤٤

قال : ثلاث وستين سنة.

قلت : ما كانت صفته؟

قال : كان رجلا أدم شديد الأدمة ، ثقيل العينين ، عظيمهما ، ذا بطن ، أصلع.

فقلت : طويلا أو قصيرا؟

قال : هو الى القصر أقرب.

قلت : ما كانت كنيته؟

قال : أبو الحسن.

قلت : أين دفن؟

قال : بالكوفة ليلا ، وقد عمي قبره (١).

وعن وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن بعض أهله عليهم‌السلام أنّه وصف له علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

فقال : كان ضخم الهامة ، عريض ما بين المنكبين ، إذا مشى لا يسرع ، وهو يقطع أصحابه ، له اكليل من شعر ، أشعر الجسد ، أبيض الرأس واللحية ، عظيم البطن ، أخشن من الحجر في الله عزّ وجلّ.

وعن جرير بن عبد الحميد الضبي ، عن المغيرة قال : كان علي عليه‌السلام أحمر ، عظيم البطن ، دقيق ما استدقّ منه ، غليظ ما استغلظ منه.

قال جرير : قال المغيرة : وكذلك نعت أشدّاء الرجال (٢).

وقال اسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، قال : حدّثنا جرير بن عبد الحميد ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبيه ، عن جدّه.

قال : رأيت عليّا عليه‌السلام وكان طويلا أبيض ، عظيم البطن.

قال جابر : أخبرني محمّد بن علي عليه‌السلام ، قال : كانت ظئر عليّ عليه‌السلام التي أرضعته امرأة من بني هلال ، خلّفته في خبائها ومعه أخ له من الرضاعة وكان أكبر منه سنّا

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٤٢ ص ٢٢٠ باب ١٢٧ ح ٢٧.

(٢) بحار الأنوار : ج ٣٥ ص ٢ باب ١ ح ١.

٢٤٥

بسنة إلاّ أيّاما ، وكان عند الخباء قليب ، فمرّ الصبيّ نحو القليب ونكس رأسه فيه ، فحبا عليّ عليه‌السلام خلفه فتعلّقت رجل عليّ عليه‌السلام بطنب الخيمة ، فجرّ الحبل حتى أتى على أخيه فتعلّق بفرد قدميه وفرد يديه ، فجاءت امّه فأدركته ، فنادت : يا للحيّ يا للحيّ يا للحيّ من غلام ميمون أمسك عليّ ولدي ، فأخذوا الطفل من رأس القليب وهم يعجبون من قوّته على صباه ، ولتعلّق رجله بالطنب ولجرّه الطفل حتى أدركوه ، فسمّته امّه ميمونا أي مباركا ، وكان الغلام فتى من بني هلال يعرف بمعلّق ميمون ، وولده الى اليوم (١).

وكان أبو طالب يجمع ولده وولد اخوته ثمّ يأمرهم بالصراع ، وذلك خلق في العرب ، فكان عليّ عليه‌السلام يحسر عن ساعدين غليظين قصيرين وهو طفل ، ثمّ يصارع كبار اخوته وصغارهم فيصرعهم. قال أبوه : ظهر عليّ ، فسمّوه ظهيرا ، وعند العرب عليّ (٢).

قال : اختلف الناس من أهل المعرفة لم سمّي عليّ عليّا : فقالت طائفة : لم يسمّ أحد من ولد آدم قبله بهذا الاسم في العرب ولا في العجم ، إلاّ أن يكون الرجل من العرب يقول : ابني هذا علي يريد به العلوّ ، لا أنّه اسمه ، وإنّما تسمّى الناس من بعده وفي وقته.

وقالت طائفة : سمّي عليّ عليّا لعلوّه على كلّ من قارنه.

وقالت طائفة : سمّي عليّا لأنّ داره في الجنان تعلو حتى تحاذي منازل الأنبياء ، وليس نبيّ يعلّى منزله على منزله غيره.

وقالت طائفة : سمّي عليّا لأنّه علا على ظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقدميه طاعة لله عزّ وجلّ ، ولم يعل أحد على ظهر نبيّ غيره عند حطّ الأصنام من سطح الكعبة.

وقالت طائفة : إنّما سمّي عليّا لأنّه تزوّج في أعلى السماوات ولم يزوّج أحد من خلق الله في ذلك الموضع غيره.

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٤١ ص ٢٧٥ باب ١١٣ ح ١.

(٢) بحار الأنوار : ج ٤١ ص ٢٧٥ باب ١١٣ ح ١.

٢٤٦

وقالت طائفة : إنّما سمّي عليّا لأنّه كان أعلى الناس علما بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو واخوته أوّل من ولده هاشم مرّتين ، ونشأ في حجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتأدّب بأخلاقه ، وهو أوّل من آمن بالله تعالى وبرسوله من أهل البيت والأصحاب ، وأوّل ذكر دعاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى الإسلام فأجاب.

وكان له عليه‌السلام أربعة خواتيم يتختّم بها : أحدها ياقوت لنبله ، والآخر فيروزج لنصره ، والثالث حديد صيني لقوّته ، والرابع عقيق لحرزه.

وكان نقش الياقوت : لا إله إلاّ أنت الملك الحقّ المبين.

وكان نقش الفيروزج : لله الملك.

وكان نقش الحديد الصيني : العزّة لله جميعا.

وكان نقش العقيق ثلاث أسطر : الأول : ما شاء الله ، الثاني : لا قوّة إلاّ بالله ، الثالث : استغفر الله.

* * *

فصل

[ في ماهية الإمامة وأبحاثها ]

إن قال قائل : ما معنى قولكم الإمامة؟

قيل : هي التقدّم فيما يقتضي الطاعة لصاحبه فيما تقدّم به على الإيضاح والبيان.

فصل

في منفعة وجود الإمام

وجود الإمام لطف من الله تعالى لعبيده ، لأنّه بكونه بينهم يجتمع شملهم ،

٢٤٧

ويتصل حبلهم ، وينتصف الضعيف من القويّ ، والفقير من الغني ، ويرتدع الجاهل ، ويتيقّظ العاقل ، فإذا عدم بطل الشرع وأحكام الدين كالحجّ والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجميع أركان الإسلام ، إلاّ أن يكون الإمام خائفا على نفسه فقد ظهر عذره.

والعقل يوجب أن يكون الإمام أفضل الامّة ، لأن عبء الإمامة ثقيل ، وخطبها جليل ، وأمرها عظيم ، وخطرها جسيم ، يجب أن يجتمع فيه خصال الخير المفرّقة في غيره ، مثل العلم بكتاب الله وسنّة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والفقه في دين الله ، والجهاد في سبيل الله ، والرغبة فيما عند الله ، والزهد فيما بيد خلق الله.

وليس يوصل الى معرفة هذه الخلال المحمودة والخصال المعدودة إلاّ بوحي الله تعالى الى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإذا ظهر الوحي وجب على الرسول أن ينصّ على من يخلفه بعد وفاته.

ويقتضي العقل أن يكون هذا النصّ منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على معصوم ، لأنّ الله عزّ وجلّ عصم رسوله من الزيغ والزلل والخطأ في القول والعمل ، ونزّهه عن أن يحكم بالهوى ويميل الى الدنيا.

والنصّ على ضربين : قول وفعل. فالقول قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « هذا عليّ وزيري ، وخليفتي على أمّتي ، وقاضي ديني ، والمبلّغ عنّي » (١) وأشباه ذلك.

وأمّا الفعل فكفعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به عليه‌السلام أنّه ولاّه على سراياه وجيوشه ولم يولّ عليه أحدا ، بل ولاّه على جميع أصحاب جيوشه وسيّرهم تحت رايته ، ولم يكن كمن سار تحت راية عمرو بن العاص واسامة بن زيد بن ثابت وغيرهم ، وقد علم أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان أميرا في جيوشه غير مؤمّر عليه.

واختلف الناس في الإمامة بعد مضيّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكانوا فرقتين : فرقة علويّة ، وفرقة بكريّة.

__________________

(١) قريب منه ما في بحار الأنوار : ج ٢٣ ص ١٥٣ ح ١١٨.

٢٤٨

فقالت الفرقة العلويّة : إنّ الإمام بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام بنصّه عليه وإشارته إليه ، ثمّ بالعصمة.

ومعنى قولهم العصمة : إنّه عليه‌السلام لم يهمّ بمعصية قطّ ، ولا اختارها في حالتي كبر وصغر ، ولا عبد صنما ولا وثنا.

وقالت الفرقة البكريّة : إنّ الإمام أبو بكر باختيار بعض الناس له واجتماعهم عليه. وهذه الفرقة لا تنزّه الأنبياء والأوصياء عن المعاصي ، وتجوّز عليهم الخطأ والغلط.

وقولهم « إنّ أبا بكر هو الإمام باختيار الامّة واجتماعهم » فهو غلط باطل ، لأنّ الذي يختار الإمام يجب أن يكون أفضل منه ومن جميع الامّة ، فإذا تساوى الإمام والمأموم افتقروا الى إمام ، وهذا يفضي الى ما لا نهاية له ، فصار كلّ قبيلة تختار لأنفسها إماما فتجتمع أئمة لا يحصون كثرة ، وفي هذا بطلان ما ادّعوه ، لأنّ إمامين لا يجتمعان بإجماع المسلمين.

ومعلوم أنّ من جاز له أن يختار إماما جاز له أن يختار نبيّا ، لأنّ الإمام خليفة النبيّ ، ولو أنّ عشرة نفر كانت بهم علّة واحدة لم يجز لأحدهم أن يداوي الباقين ، لأنّ العلّة التي فيهم موجودة فيه ، فيحتاج طبيبهم الى طبيب ، ونعلم ضرورة حاجتهم الى طبيب ليس فيه ما فيهم حتى يداويهم ، وهذا ما لا يخفى على ذي فضل وعقل.

فلمّا انتهت مدّة أبي بكر خالف الامّة وترك الاختيار ونصّ على عمر ، ولمّا انتهت مدّة عمر خالف أبا بكر وجعل الأمر بعده شورى في ستّة أحدهم أمير المؤمنين ، وقال عمر : « كانت بيعة أبي بكر فلتة من عاد الى مثلها فاقتلوه » (١) وفي بعض الروايات « اضربوه بالسيف ».

والكلام على الإمام من وجوه ثلاثة :

أحدها : من طريق العقل ، وقد تقدّم.

__________________

(١) شرح ابن أبي الحديد على نهج البلاغة : ج ١ ص ١٢٣.

٢٤٩

والثاني : طريقة القرآن.

والثالث : طريقة الخبر.

فأمّا القرآن فإنّا وجدنا الله تعالى يخبر عن نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه لم يكن من المتكلّفين الذين يفعلون ما لا يؤمرون ، قال الله سبحانه حاكيا عن نبيّه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) (١).

وقال عزّ وجلّ : ( إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ ) (٢) وقال تقدّس اسمه : ( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) (٣). ثمّ قال تعالى في فرض طاعته وتجنّب معصيته : ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (٤).

قال أهل العدل : وجدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا آخى بين أصحابه ضمّ كلّ شكل الى شكله ، وكلّ إنسان الى مثله ، وكلّ نظير الى نظيره ، فضمّ أبا بكر الى عمر ، وعثمان الى أبي عبيدة بن الجراح ، وطلحة الى الزبير ، وسعد بن أبي وقاص الى سعيد بن نفيل ، وآخى بينهم على هذا المثال ، وآخى بينه وبين أمير المؤمنين عليهما‌السلام.

ولمّا جاءه نصارى نجران وطال بينهم الخطاب أوحى الله تعالى الى نبيّه بأن يباهل ، فقال عزّ وجلّ : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٥) فقال للنصارى : إنّ ربّي عزّ وجلّ أمرني بالمباهلة ، وواعدهم الى غد ذلك اليوم. فظنّ النصارى ومن ارتاب بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الصحابة أنّه يباهل بهم وبعدّة النصارى وهم سبعون رجلا منهم المعروف بالسيّد والعاقب. فلمّا غدوا إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر عليّا عليه‌السلام أن يدعو الحسن والحسين وامّهما عليهم‌السلام ، فلمّا أحضرهم أدخلهم تحت أغصان شجرة وجلّلهم بالعباءة التي كانت على فاطمة عليها‌السلام ، وأدخل منكبه الأيسر معهم ، وقال للنصارى : إنّي مباهل. فقالوا : احتكم يا أبا القاسم

__________________

(١) ص : ٨٦.

(٢) الأنعام : ٥٠.

(٣) النجم : ٤.

(٤) الحشر : ٧.

(٥) آل عمران : ٦١.

٢٥٠

ولا تباهل فإنّا راضون بحكمك. فقرّر عليهم (١) ما يؤدّونه في كلّ سنة.

فلمّا خرجت الزهراء وولدها وبعلها عليهم‌السلام من تحت الشجرة قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « والذي نفس محمّد بيده لو باهلوني لأضرم الوادي عليهم نارا » (٢).

فكانت نفس أمير المؤمنين عليه‌السلام نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وولده : الحسن والحسين ولداهما ، ونساؤهم : فاطمة الزهراء عليها‌السلام.

ولمّا نزلت سورة براءة سلّمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى أبي بكر ، فأوحى الله إليه بأن لا يؤدّيها إلاّ أنت أو من هو منك ، فدفعها الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، لأنّه أفضل الامّة (٣).

ومعنى قولنا أفضل الامّة : أي أكثر ثوابا وأعظم درجة عند الله سبحانه وتعالى ، وأنّه لا فرق بينه وبين النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ درجة النبوّة ، والنبيّ الكامل لا يؤاخي ناقصا ، وهو منزّه من أن يؤاخي جاهلا غير كامل.

ومعلوم أنّ الذي فعله من المؤاخاة والمباهلة وتسليم سورة براءة كان بأمر الله تعالى ، وأمره غير مردود. وما أحسن قول منصور النميري حيث يقول :

ما كان ولّى أحمد واليا

على عليّ فتولّوا عليه

بل كان أن وجّه في عسكر

فالأمر والتدبير منهم إليه

قل لأبي القاسم أنّ الذي

ولّيت لن يترك ما في يديه (٤)

وله أيضا :

هل في رسول الله من اسوة

لو يقتدي القوم بما سنّ فيه

أخوك قد خولف فيه

كما خالف موسى قومه في أخيه

أجمعت الطائفة الإمامية على أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نصّ على عليّ عليه‌السلام في مواقف كثيرة :

__________________

(١) في هامش الأصل : « في ذمّتهم » نسخة بدل.

(٢) بحار الأنوار : ج ٣٥ ص ٢٦٢ باب ٧.

(٣) بحار الأنوار : ج ٣٥ ص ٢٨٤ باب ٩.

(٤) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٢ ص ١٤٣ ولم يذكر البيت الثاني.

٢٥١

منها : ما رواه أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أنّه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما لأصحابه : معاشر أصحابي أنّ عليّ بن أبي طالب وصيّي وخليفتي عليكم في حياتي وبعد موتي ، وهو الصدّيق الأكبر ، والفاروق الذي يفرق بين الحقّ والباطل ، وهو باب الله الذي يؤتى منه ، وهو السبيل إليه والدليل عليه ، من عرفه فقد عرفني ، ومن أنكره فقد أنكرني ، ومن تبعه فقد تبعني ، سنّة جرت فيّ من أبي إبراهيم عليه‌السلام (١).

ومنها : ما رواه أبو داود السبيعي عن زيد بن شراحيل الأنصاري أنّه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن بين يديه : أخبروني بأفضلكم فقلنا له : أنت يا رسول الله.

قال : صدقتم ، ولكن اخبركم بأفضلكم ، أفضلكم أقدمكم سلما ، وأكثركم علما ، وأعظمكم حلما عليّ بن أبي طالب ، ما استودعت شيئا إلاّ استودعته ، ولا علّمت شيئا إلاّ وقد علّمته ، ولا امرت بشيء إلاّ وقد أمرته ، ولا وكّلت بشيء إلاّ وقد وكّلته به ، ألا وانّي قد جعلت أمر نسائي بيده ، وهو خليفتي عليكم بعدي ، فإن استشهدكم فاشهدوا له (٢).

ومنها : ما رواه أنس بن مالك وأمّ سلمة وغيرهما أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : هذا عليّ أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين ، أخي ، ووزيري ، وخليفتي في أمّتي ، وقاضي ديني ، ومنجز وعدي ، من أطاعه فقد أطاعني ، ومن عصاه فقد عصاني ، ومن عصاني فقد عصى الله تعالى ، ومن عصى الله تعالى كانت النار مأواه (٣).

وقال عليه‌السلام : من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه (٤).

وقال عليه‌السلام : عليّ منّي وأنا من علي (٥).

__________________

(١) لم نعثر عليه بلفظه ، وهو بالمعنى مفرّق في أحاديث كثيرة ، راجع بحار الأنوار : ج ٤٠ باب ٩١ من تاريخ أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٢) بحار الأنوار : ج ٢٦ ص ٦٦ باب ١ ح ١٤٩.

(٣) قريب منه في بحار الأنوار : ج ٤٠ ص ٤ باب ٩١ ح ٦.

(٤) بحار الأنوار : ج ٣٧ ص ١١١ باب ٥٢ ح ٣.

(٥) بحار الأنوار : ج ٣٧ ص ١٠٩ باب ٥٢ ح ٢.

٢٥٢

وكان آخر قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غدير خم [ عند ] مرجعه من حجّة الوداع وقد نزل جبرئيل عليه‌السلام عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الآية ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) (١) وأوحى الله إليه : ( وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (٢) بعد أن قال له : ( وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ) (٣) فلمّا أخبره ربّه أنّه قد عصمه من الناس قام خطيبا فيهم ، وأخذ بيد أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقال بعد كلام له في خطبته : « من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه » (٤) ، فاستأذنه حسّان بن ثابت في ذلك المقام ، فأذن له فقال :

يناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخمّ فاسمع للنبيّ مناديا

يقول فمن مولاكم ووليّكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت وليّنا

ولن تجدنّ منّا لك اليوم عاصيا

فقال له قم يا عليّ فإنّني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا (٥)

فقال له عمر بن الخطاب : بخ بخ أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة (٦).

وفي رواية : انّ عمر بن الخطّاب قام الى النبيّ عليه‌السلام فقال : يا رسول الله إنّك لمّا عقدت الولاية لعليّ كان الى جانبي شاب نظيف الثياب طيّب الرائحة وضيء الوجه ، فقال لي : يا عمر لقد عقد اليوم محمّد لابن عمّه عقدا لا يحلّه إلاّ منافق. فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عمر أتعرف ذلك الرجل؟ فقال : لا. فقال : ذلك جبرائيل عليه‌السلام (٧).

وأمّا العلم بكتاب الله وسنّة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو من شرائط الإمام ، وقد شهد له المخالف والمؤالف والغالي والقالي أنّه لم يستفت أحدا من أصحاب

__________________

(١) المائدة : ٦٧.

(٢) المائدة : ٦٧.

(٣) المائدة : ٦٧.

(٤) راجع المناقب لابن شهرآشوب : ج ٣ ص ٢٠ في قصّة يوم الغدير ، بحار الأنوار : ج ٣٧ باب ٥٢ في أخبار الغدير.

(٥) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢٧ ـ ٢٨.

(٦) المناقب للخوارزمي : ص ١٥٦ ح ١٨٤ ، تاريخ بغداد : ج ٨ ص ٢٩٠.

(٧) بحار الأنوار : ج ٣٧ ص ١٢٠ باب ٥٢ ح ١٢.

٢٥٣

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شيء من الفقه والقرآن والتأويل في التنزيل ، وكانت الصحابة جميعها تستفتيه وترجع إليه في جميع المشكلات وفي إيضاح ما يغمض علمه حتى قال عمر بن الخطاب : « لو لا علي لهلك عمر » (١) ومن قبله أبو بكر حين قدم عليه في إمارته نفر من اليهود.

حدّث الشيخ الفاضل العلاّمة أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثني أبو الحسن علي بن المظفّر العلاّمة البندنجي بها في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة ، قال : حدّثني أبو أحمد الحسين بن عبد الله بن سعيد العسكري بها في سنة تسع وسبعين وثلاثمائة ، قال : حدّثني أبو بكر بن دريد الأزدي بالبصرة في سنة خمس عشرة وثلاثمائة ، قال : حدّثني العكلي ، عن ابن عائشة ، عن حميد بن أنس بن مالك أنّه قال : لمّا قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجلس أبو بكر أقبل يهودي في نفر معه حتى دخل المسجد ، فقال : أين وصيّ رسول الله؟

فأشار القوم الى أبي بكر ، فوقف عليه وقال : اريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلاّ نبيّ أو وصي نبيّ.

فقال أبو بكر : سل عمّا بدا لك.

فقال اليهودي : أخبرني عمّا ليس لله ، وعمّا ليس عند الله ، وعمّا لا يعلمه الله؟

فقال أبو بكر لليهودي : هذه مسائل الزنادقة. وهمّ أبو بكر والمسلمون به.

فقال ابن عبّاس رضي‌الله‌عنه : إن كان عندكم جوابه وإلاّ فاذهبوا الى من يجيبه ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليّ : اللهمّ أهد قلبه وثبّت لسانه.

فقام أبو بكر ومن حضره حتى أتوا عليّا عليه‌السلام ، فاستأذنوا عليه ، فقال أبو بكر : يا أبا الحسن إنّ هذا اليهودي سألني عن مسائل الزنادقة.

فقال عليّ عليه‌السلام : يا يهودي ما تقول؟

فقال : أسألك عن أشياء لا يعلمها إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ.

فقال عليّ عليه‌السلام : قل. فذكر المسائل.

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ١٠ ص ٢٣١ باب ١٥ ذيل ح ١.

٢٥٤

فقال عليه‌السلام : أمّا ما لا يعلمه الله فذلك قولكم يا معاشر اليهود إنّ العزيز ابن الله ، والله لا يعلم له ولدا. وأمّا قولك أخبرني بما ليس عند الله : فليس عند الله ظلم للعباد. وأمّا قولك بما ليس لله : فليس له شريك.

فقال اليهودي : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمّدا رسول الله وأنّك وصيّ رسول الله.

فقال أبو بكر والمسلمون لعليّ عليه‌السلام : يا مفرّج الكرب (١).

وقد عرف من عرف الجماعة أنّهم لم يعرفوا قليلا ولا كثيرا ممّا علّمه الله تعالى.

وأمّا الشجاعة التي هي من شروط الإمام وبها ينتظم أمر الامّة فلم تكن لأحد من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتيل في الإسلام ، ولا موقف من جهاد يذكر ولا فعل يحمد ولا يوصف بالشجاعة والفتك بأعداء الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير عليّ عليه‌السلام ، قتل بسيفه إحدى وعشرين رجلا من وجوه قريش وصناديدها وفرسانها من سائر قبائلها من تيمها وعديّها واميّتها ومخزومها وعبد دارها ومن بني عبد شمسها.

فمن ذلك اليوم تمالوا عليه وكتبوا صحيفة بينهم وأودعوها أبا عبيدة بن الجراح أنّه إن مات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو قتل لم يجعلوا الإمامة في أهل بيته عليهم‌السلام حتى لا يجتمع لهم النبوّة والخلافة. وقتل عليه‌السلام لمّا انهزم الجمع أربعة عشر فارسا مبارزة واحدا بعد واحد أكثرهم أصحاب ألوية المشركين.

وحديثه في خيبر مشهور بعد انهزام من انهزم ورجع بالراية ، وقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقّه : « لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله ، كرّارا غير فرّار ، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه » (٢) فتطاولت الأعناق الى أخذها ، وقال بعضهم : أمّا عليّ فقد كفيتموه لأنّه أرمد لا يبصر بين يديه ، وبلغ قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّا عليه‌السلام فقال : « اللهمّ لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت » فسمعت امرأة عجوز قوله عليه‌السلام فقالت : أحرى أن يفوز بها عليّ عليه‌السلام.

فلمّا أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعاه فجاءه وهو لا يبصر بين يديه ، فتفل في

__________________

(١) الارشاد : ص ١٠٨.

(٢) بحار الأنوار : ج ٣٩ ص ٧ باب ٧١ ح ١.

٢٥٥

عينيه ، ودفع إليه الراية وقال : « اللهمّ اكفه الحرّ والبرد واشفه فإنّه عبدك ووليّك وانصره » (١) فقيل انّه لم يجد بعد ذلك حرّا ولا بردا ولا رمدت عينه قطّ.

ونصب الإمام من الواجبات لقوله تعالى : ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) (٢) بدأ بالخليفة قبل الخليقة ، والحكيم العليم يبدأ بالأهمّ دون الأعمّ ، وذلك تصديق قول جعفر بن محمّد عليهما‌السلام حيث يقول : الحجّة قبل الخلق ، ومع الخلق ، وبعد الخلق (٣). ولو خلق الله تعالى الخليقة خلوّا من الخليفة لكان قد عرّضهم للتلف.

وقال تعالى : ( فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ) (٤) دليل على أنّه لا يخلو كلّ زمان من حافظ للدين إمّا نبيّ أو إمام.

وقال تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ ) (٥) وهذا عامّ في سائر الامم ، وعمومه يقتضي أنّ في كلّ زمان حصلت فيه أمّة مكلّفة نذير ففي أزمنة الأنبياء عليهم‌السلام هم النذر للامم ، وفي غيرها الأئمّة عليهم‌السلام.

وقال عزّ وجلّ : ( يَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (٦).

وقال : ( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) (٧).

أخبر أنّه يأتي من كلّ أمّة بشهيد ويأتي به عليه‌السلام شهيدا عليهم.

وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « في كلّ خلف من أمّتي عدل من أهل بيتي ينفون عن الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين » (٨).

ومن زعم أنّ الدنيا تخلو ساعة واحدة من إمام لزمه أن يصحح مذاهب البراهمة في إبطال الرسالة ، ولو لا أنّ القرآن نزل بأنّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتم النبيّين لوجب كون رسول في كلّ وقت.

فلمّا صحّ ذلك ارتفع معنى كون الرسول بعد رسل ، وبقيت السورة المستدعية

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٣٩ ص ١٣ باب ٧١ ح ٢.

(٢) البقرة : ٣٠.

(٣) الكافي : ج ١ ص ١٧٧ ح ٤.

(٤) الأنعام : ٨٩.

(٥) فاطر : ٢٤.

(٦) النحل : ٨٩.

(٧) النساء : ٤١.

(٨) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢٤٥.

٢٥٦

للخليفة ثابتة في العقل ، وذلك أنّ الله تعالى لا يدعو الى سبب إلاّ بعد أن يصوّر حقائقه في العقول ، وإذا لم يتصوّر ذلك لم تتسق الدعوة ولم تثبت الحجّة ، وذلك أنّ الأشياء تألف أشكالها وتنبو عن أضدادها ، فلو كان في العقل إنكار الرسل لما بعث الله نبيّا قطّ.

حدّث عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثنا ابن نمير ، قال : حدّثنا عبد الملك ، قال : حدّثنا عطاء بن أبي رياح ، قال : حدّثني من سمع أمّ سلمة رضي الله عنها تذكر أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في بيتها فأتته فاطمة عليها‌السلام ببرمة فيها حريرة ، فدخلت بها عليه ، فقال : ادع لي زوجك وابنيك.

قالت : فجاء علي والحسن والحسين عليهم‌السلام فدخلوا عليه ، فجلسوا يأكلون من تلك الحريرة وهو يهمّ على منام له (١) على دكان تحته كساء خيبري ، قالت : وأنا في الحجرة اصلّي ، فأنزل الله تعالى : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ).

قالت : فأخذ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضل الكساء وكساهم به ، ثمّ أخرج يده وألوى بها الى السماء وقال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

قالت : فأدخلت رأسي البيت وقلت : وأنا معكم يا رسول الله؟

قال : إنّك الى خير ، إنّك الى خير (٢).

قال عبد الملك : وحدّثني داود بن أبي عوف بن الحجّاف ، عن سهر بن حوشب ، عن أمّ سلمة بمثله سواء (٣).

فقد ثبتت عصمتهم عليهم‌السلام لثبوت تنزيه الله تعالى لهم وإذهاب الرجس عنهم. والطهر خلاف الدنس ، والتطهير : التنزيه عن الإثم وكلّ قبح ، وهذا معنى العصمة ، وهو ترك مواقعة الرجس بمقتضى لفظ القرآن العزيز.

__________________

(١) في المصدر : وهو على منامة له.

(٢) مسند أحمد بن حنبل : ج ٦ ص ٢٩٢.

(٣) مسند أحمد بن حنبل : ج ٦ ص ٢٩٢.

٢٥٧

وإذا ثبت إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم بإرادة الله تعالى فلا يجوز ثبوت خلاف ذلك فيهم بإرادة غير الله تعالى ، وبذلك أمنّا وقوع الخطأ منهم عاجلا وآجلا.

وإذا أمنّا وقوع الخطأ منهم وجب الاقتداء بهم دون من لم نأمن منه وقوع الخطأ وتطرق الرجس عليه وترك التطهير له ، ومن تؤمّن وقوع الخطأ منه ثبت أنّه يهدي الى الحقّ لموضع تنزيه الله تعالى له وهدايته إيّاه ، ومن كان كذلك كان أحقّ بالاتّباع لموضع قول الله تعالى : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (١) فقد أوجب الله سبحانه وتعالى الاقتداء بمن يهدي الى الحقّ ، وليس ذلك إلاّ مع تطهيره له وإذهاب الرجس له ، ووبّخ من لم يحكم بذلك ، فصار ذلك حكم الله سبحانه وتعالى ، ومن لم يحكم به كان من أهل هذه الآية : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) (٢).

وبيت تقاصر عنه البيوت

طال علوّا على الفرقد

تحوم الملائك من حوله

ويصبح للوحي دار الندي

وقال الفخر الرازي في كتاب الأربعين : إنّ الاثنى عشرية قد احتجّوا على أنّ البيعة لا يمكن أن تكون سببا لحصول الإمامة بوجوه :

الشبهة الاولى : انّ هؤلاء الذين يبايعون الإمام لا قدرة لهم البتة على التصرّف في آحاد الامّة وفي أقلّ مهمّ من مهمّاتهم ومن لا قدرة له على التصرّف في أقلّ الامور لأقلّ الأشخاص ، كيف يعقل أن يكون له قدرة على إقدار الغير على التصرّف في جميع أهل الشرق والغرب؟!

الشبهة الثانية : انّ إثبات الإمامة بالعقد والبيعة يفضي الى الفتنة ، لأنّ أهل كلّ بلد يقولون الإمام منّا أولى والإمام الصادر منّا أرجح ، ولا يمكن ترجيح البعض على البعض ، فيفضي الى الهرج والمرج وإثارة الفتنة ، ومعلوم أنّ المقصود من نصب الإمام إزالة الفتنة بقدر الإمكان ، فنصب الإمام بطريق البيعة يفضي الى التناقض ، فكان باطلا.

__________________

(١) يونس : ٣٥.

(٢) المائدة : ٤٤.

٢٥٨

الشبهة الثالثة : أنّ منصب الإمامة أعلى وأعظم من منصب القضاء والحسبة ، فأهل البيعة لمّا لم يتمكّنوا من نصب القاضي والمحتسب ، فبأن لا يتمكّنوا من نصب الإمام الأعظم أولى.

الشبهة الرابعة : الإمام نائب الله تعالى ونائب رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونيابة الغير لا تحصل إلاّ بإذن ذلك الغير ، فوجب أن لا تثبت الإمامة إلاّ بنصّ الله ونصّ رسوله ، فثبت أنّ الإمامة لا تثبت إلاّ بالنصّ.

الشبهة الخامسة : انّ الإمام يجب أن يكون واجب العصمة ، وأن يكون أفضل الخلق كلّهم ، وأن يكون أعلم الامّة كلّهم ، وأن يكون مسلما فيما بينه وبين الله تعالى ، ولا اطّلاع لأحد من هذا الخلق على هذه الصفات ، والله تعالى هو العالم بها ، وإذا كان الأمر كذلك وجب أن لا يصحّ نصب الإمام إلاّ بالنصّ (١).

وقال أيضا في الكتاب المذكور : الفصل الخامس في بيان أفضل الناس بعد الرسول من هو؟ مذهب أصحابنا أنّ أفضل الناس بعد رسول الله هو أبو بكر ، وهو قول قدماء المعتزلة ، ومذهب الشيعة أنّه هو عليّ عليه‌السلام ، وهو قول أكثر المتأخّرين من المعتزلة.

أمّا أصحابنا فقد تمسّكوا بقوله تعالى : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى ) (٢) وبقوله عليه‌السلام : « ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيّين والمرسلين أفضل من أبي بكر » وكلّ ذلك قد مضى تقريره في الفصل المتقدّم.

وأمّا الشيعة فقد احتجّوا على أنّ عليّا عليه‌السلام أفضل الصحابة بوجوه :

الحجّة الاولى : التمسّك بقوله تعالى : ( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) (٣) وثبت بالأخبار الصحيحة أنّ المراد من قوله ( وَأَنْفُسَنا ) هو عليّ عليه‌السلام (٤).

__________________

(١) كتاب الأربعين للفخر الرازي : لا يوجد لدينا هذا الكتاب.

(٢) الليل : ١٧ ـ ١٨.

(٣) آل عمران : ٦١.

(٤) مجمع البيان : ج ٢ ص ٤٥٣ ، تأويل الآيات الظاهرة : ص ١١٨.

٢٥٩

ومن المعلوم أنّه يمتنع أن تكون نفس عليّ هي نفس محمّد عليه‌السلام بعينه ، فلا بدّ وأن يكون المراد هو المساواة بين النفسين ، وهذا يقتضي أنّ كلّ ما حصل لمحمّد من الفضائل والمناقب فقد حصل مثله لعليّ عليه‌السلام ترك العمل بهذا في فضيلة النبوّة ، فوجب أن تحصل المساواة بينهما فيما وراء هذه الصفة.

ثمّ لا شكّ أنّ محمّدا عليه‌السلام كان أفضل الخلق في سائر الفضائل ، فلمّا كان عليّ مساويا له في تلك الصفات وجب أن يكون أفضل الخلق ، لأنّ المساوي للأفضل وجب أن يكون أفضل.

الحجّة الثانية : التمسّك بخبر الطير ، وهو قوله عليه‌السلام : « اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير » (١) والمحبّة من الله تعالى عبارة عن كثرة الثواب والتعظيم.

الحجّة الثالثة : انّ عليّا كان أعلم الصحابة ، والأعلم أفضل. إنّما قلنا إنّه كان أعلم بالإجمال والتفصيل.

أمّا الإجمال فهو أنّه لا نزاع أنّ عليّا كان في أصل الخلقة في غاية الذكاء والفطنة والاستعداد للعلم ، وكان محمّد عليه‌السلام أفضل الفضلاء وأعلم العلماء ، وكان عليّ في غاية الحرص في طلب العلم ، وكان محمّد في غاية الحرص في تربية عليّ وفي إرشاده الى اكتساب الفضائل.

ثمّ إنّ عليّا بقي من أوّل صغره في حجر محمّد عليه‌السلام ، وفي كبره صار ختنا له ، وكان يدخل عليه في كلّ الأوقات ، ومن المعلوم أنّ التلميذ إذا كان في غاية الذكاء والحرص على التعلّم وكان الاستاذ في غاية الفضل وفي غاية الحرص على التعليم ، ثمّ اتّفق لمثل هذا التلميذ أن اتّصل بخدمة هذا الاستاذ من زمان الصغر ، وكان ذلك الاتّصال بخدمته حاصلا في كلّ الأوقات ، فانّه يبلغ ذلك التلميذ في العلم مبلغا عظيما. وهذا بيان إجماليّ في أنّ عليّا كان أعلم الصحابة.

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي : ص ١٥٦ ، اسد الغابة : ج ٤ ص ٣٠ ، بحار الأنوار :

ج ٤٨ ص ٣ باب ٦٩.

٢٦٠