البيان في تفسير القرآن

آية الله السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي

البيان في تفسير القرآن

المؤلف:

آية الله السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الزهراء
الطبعة: ٨
الصفحات: ٥٥٧

أضواء على القرآن

١٢١

حال القراء السبعة وهم : عبد الله بن عامر. ابن كثير المكي. عاصم بن بهدلة الكوفي. أبو عمرو البصري. حمزة الكوفي. نافع المدني. الكسائي الكوفي. ثلاثة قراءآخرون. هم : خلف بن هشام البزار. يعقوب بن اسحاق. يزيد بن القعقاع.

١٢٢

تمهيد :

لقد اختلفت الآراء حول القراءات السبع المشهورة بين الناس ، فذهب جمع من علماء أهل السنة إلى تواترها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وربما ينسب هذا القول إلى المشهور بينهم. ونقل عن السبكي القول بتواتر القراءات العشر (١) وأفرط بعضهم فزعم أن من قال إن القراءات السبع لا يلزم فيها التواتر فقوله كفر. ونسب هذا الرأي إلى مفتي البلاد الاندلسية أبي سعيد فرج ابن لب (٢).

والمعروف عند الشيعة أنها غير متواترة ، بل القراءات بين ما هو اجتهاد من القارئ وبين ما هو منقول بخبر الواحد ، واختار هذا القول جماعة من المحققين من علماء أهل السنة. وغير بعيد أن يكون هذا هو المشهور بينهم ـ كما ستعرف ذلك ـ وهذا القول هو الصحيح. ولتحقيق هذه النتيجة لا بد لنا من ذكر أمرين :

الاول : قد أطبق المسلمون بجميع نحلهم ومذاهبهم على أن ثبوت القرآن ينحصر طريقه بالتواتر. واستدل كثير من علماء السنة والشيعة على ذلك : بأن

__________________

١ ـ مناهل العرفان للزرقاني ص ٤٣٣.

٢ ـ نفس المصدر ص ٤٢٨.

١٢٣

القرآن تتوافر الدواعي لنقله ، لانه الاساس للدين الاسلامي ، والمعجز الالهي لدعوة نبي المسلمين ، وكل شيء تتوفر الدواعي لنقله لا بد وأن يكون متواترا. وعلى ذلك فما كان نقله بطريق الآحاد لا يكون من القرآن قطعا.

نعم ذكر السيوطي : أن القاضي أبا بكر قال في الانتصار : ذهب قوم من الفقهاء والمتكلمين إلى إثبات قرآن حكما لا علما بخبر الواحد دون الاستفاضة وكره ذلك أهل الحق ، وامتنعوا منه (١).

وهذا القول الذي نقله القاضي واضح الفساد ـ لنفس الدليل المتقدم ـ وهو أن توفر الدواعي للنقل دليل قطعي على كذب الخبر إذا اختص نقله بواحد أو اثنين. فإذا أخبرنا شخص أو شخصان بدخول ملك عظيم إلى بلد ، وكان دخول ذلك الملك إلى ذلك البلد مما يمتنع في العادة أن يخفى على الناس ، فإنا لا نشك في كذب هذا الخبر إذا لم ينقله غير ذلك الشخص أو الشخصين ، ومع العلم بكذبه كيف يكون موجبا لاثبات الآثار التي تترتب على دخول الملك ذلك البلد. وعلى ذلك ، فإذا نقل القرآن بخبر الواحد ، كان ذلك دليلا قطعيا على عدم كون هذا المنقول كلاما إلهيا ، وإذا علم بكذبه ، فكيف يمكن التعبد بالحكم الذي يشتمل عليه.

وعلى كل حال فلم يختلف المسلمون في أن القرآن ينحصر طريق ثبوته والحكم بأنه كلام إلهي بالخبر المتواتر.

وبهذا يتضح أنه ليست بين تواتر القرآن ، وبين عدم تواتر القراءات أية ملازمة ، لان أدلة تواتر القرآن وضرورته لا تثبت ـ بحال من الاحوال ـ تواتر

__________________

١ ـ الاتقان في النوع ٢٢ ـ ٢٧ ج ١ ص ٢٤٣ الطبعة الثالثة.

١٢٤

قراءاته ، كما ان أدلة نفي تواتر القراءات لا تتسرب إلى تواتر القرآن بأي وجه وسيأتي بيان ذلك ـ في بحث نظرة في القراءات ـ على وجه التفصيل.

الثاني : ان الطريق الافضل إلى إثبات عدم تواتر القراءات هو معرفة القراء أنفسهم ، وطرق رواتهم ، وهم سبعة قراء. وهناك ثلاثة آخرون تتم بهم العشرة ، نذكرهم عقيب هؤلاء. وإليك تراجمهم ، واستقراء أحوالهم واحدا بعد واحد :

١٢٥

(١)

عبد الله بن عامر الدمشقي

هو أبو عمران اليحصبي. قرأ القرآن على المغيرة بن أبي شهاب. قال الهيثم بن عمران : كان عبد الله بن عامررئيس أهل المسجد زمان الوليد بن عبد الملك ، وكان يزعم أنه من حمير ، وكان يغمز في نسبه. وقال العجلي والنسائي : ثقة. وقال أبو عمرو والداني : ولي قضاء دمشق بعد بلال بن أبي الدرداء ... اتخذه أهل الشام إماما في قراءته واختياره (١). وقال ابن الجزري : وقد ورد في اسناده تسعة أقوال أصحها أنه قرأ على المغيرة. ونقل عن بعض أنه قال : لا يدري على من قرأ. ولد سنة ثمان من الهجرة. وتوفي سنة ١١٨ (٢).

ولعبد الله راويان رويا قراءته ـ بوسائط ـ وهما : هشام ، وابن ذكوان.

أما هشام : فهوابن عمار بن نصير بن ميسرة ، أخذ القراءة عرضا عن أيوب ابن تميم ، قال يحيى بن معين : ثقة. وقال النسائي : لا بأس به. وقال

__________________

١ ـ تهذيب التهذيب ج ٥ ص ٢٧٤.

٢ ـ طبقات القراء ج ١ ص ٤٠٤.

١٢٦

الدارقطني : صدوق كبير المحل. ولد سنة ١٥٣ وتوفي سنة ٢٤٥ (١). وقال الآجري عن أبي داود : إن أبا أيوب ـ يعني سليمان بن عبد الرحمن ـ خير منه ، حدث هشام بأربعمائة حديث مسند ليس لهاأصل. وقال ابن وارة : عزمت زمانا أن امسك عن حديث هشام ، لانه كان يبيع الحديث. وقال صالح بن محمد : كان يأخذ علي الحديث ، ولا يحدث ما لم يأخذ ... قال المروزي : ذكر أحمد هشاما فقال : طياش خفيف وذكر له قصة في اللفظ بالقرآن أنكر عليه أحمد حتى أنه قال : إن صلوا خلفه ، فليعيدوا الصلاة (٢).

أقول : فيمن روى القراءة عنه خلاف ، فليراجع كتاب الطبقات وغيره.

وأما ابن ذكوان : فهو عبد الله بن أحمد بن بشير ، ويقال : بشير ابن ذكوان. أخذ القراءة عرضا عن أيوب بن تميم. قال أبو عمرو الحافظ : وقرأ على الكسائي حين قدم الشام. ولد يوم عاشوراء سنة ١٧٣ ، وتوفي سنة ٢٤٢ (٣).

أقول : والحال في من روى القراءة عنه كما تقدم.

__________________

١ ـ طبقات القراء ج ٢ ص ٣٥٤ ـ ٣٥٦.

٢ ـ تهذيب التهذيب ج ١١ ص ٥٢ ـ ٥٤.

٣ ـ طبقات القراء ج ١ ص ٤٠٣.

١٢٧

(٢)

ابن كثير المكي

هو عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان بن فيروزان بن هرمز المكي الداري ، فارسي الاصل. أخذ القراءة عرضا ـ على ما في كتاب التيسير ـ عن عبد الله بن السائب فيما قطع به الحافظ أبو عمرو الداني وغيره ، وضعف الحافظ ـ أبو العلاء الهمداني ـ هذا القول ، وقال : إنه ليس بمشهور عندنا وعرض أيضا على مجاهد بن جبر ، ودرباس عبد الله بن عباس. ولد بمكة سنة ٤٥ وتوفي سنة ١٢٠ (١). قال علي بن المديني : كان ثقة. وقال ابن سعد : ثقة. وذكر أو عمرو الداني أنه : أخذ القراءة عن عبد الله بن السائب المخزومي. والمعروف أنه إنما أخذها عن مجاهد (٢).

ولعبد الله بن كثير راويان ـ بوسائط ـ هما : البزي ، وقنبل.

أما البزي : فهو أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة ، اسمه بشار ، فارسي من أهل همدان ، أسلم على يد السائب بن أبي السائب المخزومي.

__________________

١ ـ نفس المصدر ص ٤٤٣ ـ ٤٤٥.

٢ ـ تهذيب التهذيب ج ٥ ص ٣٧.

١٢٨

قال ابن الجزري : استاذ محقق ضابط متقن. ولد سنة ١٧٠ وتوفي ٢٥٠ (١). قرأ البزي على أبي الحسن أحمد بن محمد بن علقمة المعروف بالقواس ، وعلى أبي الاخريط وهب بن واضح المكي ، وعلى عبد الله ابن زياد بن عبد الله بن يسار المكي (٢). قال العقيلى : منكر الحديث ، وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث لا احدث عنه (٣).

أقول : الكلام في من أخذ القراءة عنه كما تقدم.

وأما قنبل : فهو محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن محمد أبو عمرو المخزومي مولاهم المكي. أخذ القراءة عرضاعن أحمد بن محمد بن عون النبال ، وهو الذي خلفه بالقيام بها بمكة ، وروى القراءة عن البزي. انتهت إلى قنبل رئاسة الاقراء بالحجاز ... وكان على الشرطة بمكة. ولد سنة ١٩٥ وتوفي ٢٩١ (٤). ولي الشرطة فخربت سيرته ، وكبر سنه وهرم ، وتغير تغيرا شديدا ، فقطع الاقراء قبل موته بسبع سنين (٥).

أقول : الكلام في رواة قراءته كما تقدم.

__________________

١ ـ طبقات القراء ج ١ ص ١١٩.

٢ ـ النشر في القراءات العشرج ١ ص ١٢٠.

٣ ـ لسان الميزان ج ١ ص ٢٨٣.

٤ ـ طبقات القراء ج ٢ ص ٢٠٥.

٥ ـ لسان الميزان ج ٥ ص ٢٤٩.

( البيان ـ ٩ )

١٢٩

(٣)

عاصم بن بهدلة الكوفي

هو ابن أبي النجود أبو بكر الاسدي مولاهم الكوفي. أخذ القراءة عرضا عن زر بن حبيش ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، وأبي عمرو الشيباني. قال أبو بكر بن عياش : قال لي عاصم : ما أقرأني أحد حرفا إلا أبو عبد الرحمن السلمي ، وكنت أرجع من عنده فأعرض على زر. وقال حفص : قال لي عاصم : ما كان من القراءة التي أقرأتك بها فهي القراءة التي قرأت بها على أبي عبد الرحمن السلمي عن علي ، وما كان من القراءة التي أقرأتها أبا بكر بن عياش فهي القراءة التي كنت أعرضها على زر بن حبيش عن ابن مسعود (١). قال ابن سعد : كان ثقة إلا أنه كان كثير الخطأ في حديثه. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه : كان خيرا ثقة ، والاعمش أحفظ منه. وقال العجلي : كان صاحب سنة وقراءة ، وكان ثقة رأسا في القراءة ... وكان عثمانيا. وقال يعقوب بن سفيان : في حديثه اضطراب وهو ثقة. وقد تكلم فيه ابن علية ، فقال : كان كل من اسمه عاصم سئ الحفظ. وقال النسائي : ليس به بأس. وقال ابن خراش : في حديثه نكرة. وقال العقيلي : لم يكن فيه إلا سوء الحفظ. وقال

__________________

١ ـ طبقات القراء ج ١ ص ٣٤٨.

١٣٠

الدارقطني : في حفظه شئ. وقال حماد بن سلمة : خلط عاصم في آخر عمره. مات سنة ١٢٧ أو سنة ١٢٨ (١).

ولعاصم ابن بهدلة راويان بغير واسطة هما : حفص ، وأبو بكر :

أما حفص : فهو ابن سليمان الاسدي ، كان ربيب عاصم. قال الذهبي : أما القراءة فثقة ثبت ضابط لها. بخلاف حاله في الحديث. وذكر حفص : أنه لم يخالف عاصما في شيء من قراءته إلا في حرف .. الروم سورة ٣ آية ٥٤ : الله الذي خلقكم من ضعف. قرأه بالضم وقرأ عاصم بالفتح ولد سنة ٩٠ وتوفي سنة ١٨٠ (٢). وقال ابن أبي حاتم عن عبد الله عن أبيه : متروك الحديث. وقال عثمان الدارمي وغيره عن ابن معين : ليس بثقة. وقال ابن المديني : ضعيف الحديث ، وتركته على عمد. وقال البخاري : تركوه. وقال مسلم : متروك. وقال النسائي : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه. وقال صالح ابن محمد : لا يكتب حديثه وأحاديثه كلها مناكير. وقال ابن خراش : كذاب متروك يضع الحديث. وقال ابن حيان : كان يقلب الاسانيد ، ويرفع المراسيل.

وحكى ابن الجوزي في الموضوعات عن عبد لرحمن بن مهدي قال : والله ما تحل الرواية عنه. وقال الدارقطني : ضعيف وقال الساجي : حفص ممن ذهب حديثه ، عنده مناكير (٣).

أقول : الحال فيمن روى القراءة عنه كما تقدم.

وأما أبو بكر : فهو شعبة بن عياش بن سالم الحناط الاسدي الكوفي قال ابن الجزري : عرض القرآن على عاصم ثلاث مرات ، وعلى عطاء ابن السائب ، وأسلم المنقري. وعمر دهرا إلا أنه قطع الاقراء قبل موته بسبع سنين ، وقيل

____________

١ ـ تهذيب التهذيب ج ٥ ص ٣٩.

٢ ـ طبقات القراء ج ١ ص ٢٥٤.

٣ ـ تهذيب التهذيب ج ٢ ص ٤٠١.

١٣١

بأكثر ، وكان إماما كبيرا عالما عاملا ، وكان يقول : أنا نصف الاسلام. وكان من أئمة السنة. ولما حضرته الوفاة بكت اخته فقال لها : ما يبكيك ، انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها ثمان عشرة ألف ختمة. ولد سنة ٩٥ وتوفي سنة ١٩٣ ، وقيل ١٩٤ (١). قال عبد الله ابن أحمد عن أبيه : ثقة وربما غلط. وقال عثمان الدارمي : وليس بذاك في الحديث. وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي عن أبي بكر بن عياش ، وأبي الاحوص فقال : ما أقربهما. وقال ابن سعد : كان ثقة صدوقا عارفا بالحديث والعلم ، إلا أنه كثير الغلط. وقال يعقوب ابن شيبة : في حديثه اضطراب. وقال أبو نعيم : لم يكن في شيوخنا أحد أكثر غلطا منه. وقال البزار : لم يكن بالحافظ (٢).

__________________

١ ـ طبقات القراء ج ١ ص ٣٢٥ ـ ٣٢٧.

٢ ـ تهذيب التهذيب ج ١٢ ص ٣٥ ـ ٣٧.

١٣٢

(٤)

أبو عمرو البصيري

هو زبان بن العلاء بن عمار المازني البصري. قيل إنه من فارس. توجه مع أبيه لما هرب من الحجاج ، فقرأ بمكة والمدينة ، وقرأ أيضا بالكوفة والبصرة على جماعة كثيرة ، فليس في القراء السبعة أكثر شيوخا منه. ولقد كانت الشام تقرأ بحرف ابن عامرإلى حدود الخمسمائة فتركوا ذلك ، لان شخصا قدم من أهل العراق ، وكان يلقن الناس بالجامع الاموي على قراءة أبي عمرو ، فاجتمع عليه خلق ، واشتهرت هذه القراءة عنه. قال الاصمعي : سمعت أبا عمرو يقول : ما رأيت أحدا قبلي أعلم مني. ولد سنة ٦٨. قال غير واحد : مات سنة ١٥٤ (١). قال الدوري عن ابن معين : ثقة. وقال أبو خيثمة : كان أبو عمرو بن العلاء رجلا لا بأس به ولكنه لم يحفظ. وقال نصر بن علي الجهضمي عن أبيه : قال لي شعبة : انظر ما يقرأ به أبو عمرو ، فما يختاره لنفسه فاكتبه ، فإنه سيصير للناس استاذا. وقال أبو معاوية الازهري في التهذيب : كان من أعلم الناس بوجوه القراءات ، وألفاظ العرب ، ونوادر

__________________

١ ـ طبقات القراء ج ١ ص ٢٨٨ ـ ٢٩٢.

١٣٣

كلامهم ، وفصيح أشعارهم (١).

ولقراءة أبي عمرو راويان بواسطة يحيى بن المبارك اليزيدي ، هما : الدوري ، والسوسي.

أما يحيى بن المبارك : فقال ابن الجزري : نحوي مقرئ ، ثقة علامة كبير. نزل بغداد وعرف باليزيدي لصحبته يزيد بن منصور الحميري خال المهدي ، فكان يؤدب ولده. أخذ القراءة عرضا عن أبي عمرو ، وهو الذي خلفه بالقيام بها ، وأخذ أيضا عن حمزة. روى القراءة عنه أبو عمرو الدوري ، وأبو شعيب السوسي ، وله اختيار خالف فيه أبا عمرو في حروف يسيرة. قال ابن مجاهد : وإنما عولنا على اليزيدي ـ وإن كان سائر أصحاب أبي عمرو أجل منه ـ لاجل أنه انتصب للرواية عنه ، وتجرد لها ، ولم يشتغل بغيرها ، وهو أضبطهم. توفي سنة ٢٠٢ بمرو. وله أربع وسبعون سنة. وقيل : بل جاوز التسعين ، وقارب المائة (٢).

وأما الدوري : فهو حفص بن عمرو بن عبد العزيز الدوري الازدي البغدادي. قال ابن الجزري : ثقة ثبت كبير ضابط أول من جمع القراءات. توفي في شوال سنة ٢٤٦ (٣). قال الدارقطني : ضعيف. وقال العقيلي : ثقة (٤).

أقول : الكلام فيمن أخذ القراءة عنه كما تقدم.

وأما السوسي : فهو أبو شعيب صالح بن زياد بن عبد الله. قال ابن الجزري :

__________________

١ ـ تهذيب التهذيب ج ١٢ ص ١٧٨ ـ ١٨٠.

٢ ـ طبقات القراء ج ٢ ص ٣٧٥ ـ ٣٧٧.

٣ ـ نفس المصدر ج ٢ ص ٢٥٥.

٤ ـ تهذيب التهذيب ج ٢ ص ٤٠٨.

١٣٤

ضابط محرر ثقة. أخذ القراءة عرضا وسماعا عن أبي محمد اليزيدي ، وهو من أجل أصحابه. مات أول سنة ٢٦١ ، وقد قارب السبعين (١). قال أبو حاتم : صدوق. وقال النسائي : ثقة. وذكره ابن حيان في الثقات. وذكر أبو عمرو الداني : أن النسائي روى عنه القراءات ، وضعفه مسلم بن قاسم الاندلسي بلا مستند (٢).

أقول : الكلام فيمن أخذ القراءة عنه كما تقدم.

__________________

١ ـ طبقات القراء ج ص ٣٣٢.

٢ ـ تهذيب التهذيب ج ٤ ص ٣٩٢.

١٣٥

(٥)

حمزة الكوفي

هو ابن حبيب بن عمارة بن اسماعيل أبو عمارة الكوفي التميمي ، أدرك الصحابة بالسن. أخذ القراءة عرضا عن سليمان الاعمش ، وحمران بن أعين. وفي كتاب الكفاية الكبرى والتيسير عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وطلحة بن مصرف ، وفي كتاب التيسير عن مغيرة بن مقسم ومنصور وليث ابن أبي سليم ، وفي كتاب التيسير والمستنير عن جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام قالوا : استفتح حمزة القرآن من حمران ، وعرض على الاعمش وأبي إسحاق وابن أبي ليلى ، وإليه صارت الامامة في القراءة بعد عاصم والاعمش ، وكان إماما حجة ثقة ثبتا عديم النظير. قال عبد الله العجلي : قال أبو حنيفة لحمزة : شيئان غلبتنا عليهما لسنا ننازعك فيهما : القرآن والفرائض. وقال سفيان الثوري : غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض. وقال عبد الله بن موسى : وكان شيخه الاعمش إذا رآه قد أقبل يقول : هذا حبر القرآن ولد سنة ٨٠ وتوفي سنة ١٥٦ (١) قال ابن معين : ثقة. وقال النسائي : ليس به بأس.

__________________

١ ـ طبقات القراء ج ١ ص ٢٦١.

١٣٦

وقال العجلي : ثقة رجل صالح. وقال ابن سعد : كان رجلا صالحا عنده أحاديث وكان صدوقا صاحب سنة. وقال الساجي : صدوق سيئ الحفظ ليس بمتقن في الحديث. وقد ذمه جماعة من أهل الحديث في القراءة. وأبطل بعضهم الصلاة باختياره من القراءة. وقال الساجي أيضا والازدي : يتكلمون في قراءته وينسبونه إلى حالة مذمومة فيه. وقال الساجي أيضا : سمعت سلمة بن شبيب يقول : كان أحمد يكره أن يصلي خلف من يصلي بقراءة حمزة. وقال الآجري عن أحمد بن سنان : كان يزيد ـ يعني ابن هرون ـ يكره قراءة حمزة كراهية شديدة. قال أحمد بن سنان : سمعت ابن مهدي يقول : لو كان لي سلطان على من يقرأ قراءة حمزة لاوجعت ظهره وبطنه. وقال أبو بكر بن عياش : قراءة حمزة عندنا بدعة. وقال ابن دريد : إني لاشتهي أن يخرج من الكوفة قراءة حمزة (١).

ولقراءة حمزة راويان بواسطة ، هما : خلف بن هشام ، وخلاد بن خالد :

أما خلف : فهو أبو محمد الاسدي بن هشام بن ثعلب البزار البغدادي. قال ابن الجزري : أحد القراء العشرة ، وأحد الرواة عن سليم عن حمزة ، حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين ، وابتدأ في الطلب وهو ابن ثلاث عشر ، وكان ثقة كبيرا زاهدا عابدا عالما. قال ابن اشته : كان خلف يأخذ بمذهب حمزة إلا أنه خالفه في مائة وعشرين حرفا. ولد سنة ١٥٠ ، ومات سنة ٢٢٩ (٢). قال اللالكائي : سئل عباس الدوري عن حكاية عن أحمد بن حنبل في خلف ابن هشام. فقال : لم أسمعها ولكن حدثني أصحابنا أنهم ذكروه عند أحمد ، فقيل انه يشرب. فقال : انتهى الينا علم هذا ، ولكنه ـ والله ـ عندنا الثقة الامين. وقال النسائي : بغدادي ثقة. وقال الدارقطني : كان عابدا

__________________

١ ـ تهذيب التهذيب ج ٣ ص ٢٧.

٢ ـ طبقات القراء ج ١ ص ٢٧٢.

١٣٧

فاضلا. قال : أعدت صلاة أربعين سنة كنت أتناول فيها الشراب على مذهب الكوفيين. وحكى الخطيب في تاريخه عن محمد بن حاتم الكندي قال : سألت يحيى بن معين عن خلف البزار فقال : لم يكن يدري ايش الحديث (١).

أقول : وسيجئ الكلام فيمن روى قراءته.

وأما خلاد بن خالد : فهو أبو عيسى الشيباني الكوفي. قال ابن الجزري : إمام في القراءة ثقة عارف محقق استاذ. أخذ القراءة عرضا عن سليم ، وهو من أضبط أصحابه وأجلهم. توفي سنة ٢٢٠ (٢).

أقول : والكلام في رواة قراءته كما تقدم.

__________________

١ ـ تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١٥٦.

٢ ـ طبقات القراء ج ١ ص ٢٧٤.

١٣٨

(٦)

نافع المدني

هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم. قال ابن الجزري : أحد القراء السبعة والاعلام ثقة صالح ، أصله من اصبهان. أخذ القراءة عرضا عن جماعة من تابعي أهل المدينة. قال سعيد بن منصور : سمعت مالك بن أنس يقول : قراءة أهل المدينة سنة ، قيل له : قراءة نافع؟ قال : نعم. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبي أي القراءة أحب اليك؟ قال : قراءة أهل المدينة. قلت : فإن لم يكن قال : عاصم. مات سنة ١٦٩ (١) قال أبو طالب عن أحمد : كان يؤخذ عنه القرآن ، وليس في الحديث بشئ. وقال الدوري عن ابن معين : ثقة. وقال النسائي : ليس به بأس. وذكر ابن حيان في الثقات ، وقال الساجي : صدوق ... اختلف فيه أحمد ويحيى. فقال أحمد : منكر الحديث. وقال يحيى : ثقة (٢).

ولقراءة نافع راويان بلا واسطة. هما قالون ، وورش :

أما قالون : فهو عيسى بن ميناء بن وردان أبو موسى. مولى بني زهرة يقال

__________________

١ ـ طبقات القراء ج ٢ ص ٣٣٠.

٢ ـ تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٤٠٧.

١٣٩

إنه ربيب نافع ، وهو الذي سماه قالون لجودة قراءته. فإن قالون باللغة الرومية جيد. قال عبد الله بن علي : إنما يكلمه بذلك لان قالون أصله من الروم كان جد جده عبد الله بن سبي الروم ، أخذ القراءة عرضا عن نافع. قال ابن أبي حاتم : كان أصم ، يقرئ القرآن ويفهم خطأهم ولحنهم بالشفة. ولد سنة ١٢٠ ، وتوفي سنة ٢٢٠ (١). قال ابن حجر : أما في القراءة فثبت ، وأما في الحديث فيكتب حديثه في الجملة. سئل أحمد بن صالح المصري عن حديثه فضحك وقال : تكتبون عن كل أحد (٢).

أقول : والكلام فيمن روى القراءة عنه كما تقدم.

وأما ورش : فهو عثمان بن سعيد. قال ابن الجزري : انتهت إليه رئاسة الاقراء في الديار المصرية في زمانه ، وله اختيار خالف فيه نافعا ، وكان ثقة حجة في القراءة. ولد سنة ١١٠ بمصر ، وتوفي فيها سنة ١٩٧ (٣).

أقول الكلام في رواة قراءته كما تقدم.

__________________

١ ـ طبقات القراء ج ١ ص ٦١٥.

٢ ـ لسان الميزان ج ٤ ص ٤٠٨.

٣ ـ طبقات القراء ج ١ ص ٥٠٢.

١٤٠