جواهر الكلام - ج ٣٤

الشيخ محمّد حسن النّجفي

كما لو أوصى بمال كتابته من دون القبض ، ولكن إطلاقه لا يخلو من بحث ، والله العالم.

المسألة الثالثة :

إذا أوصى أن يوضع عن مكاتبه صح وخرج من الثلث ، والمدار فيها على المفهوم من لفظ الوصية ولو بالقرينة ، كما في نظائره ، فإن قال : ضعوا عنه أكثر ما بقي عليه أو أكثر ما عليه فهي وصية بالنصف وزيادة تتحقق بها الأكثرية عرفا وحيث كانت أفرادا متعددة ف للورثة المشيئة في تعيين الزيادة وإن كانت هي وصية أيضا مفوضة إليهم لا ابتداء عطية منهم.

وهل يعتبر في الزيادة عن النصف أن تكون متمولة أم يكفي التمول بانضمامها إلى النصف؟ ففي المسالك « وجهان ، أظهرهما الثاني ، لأن التمول إنما يعتبر في الوصية وغيرها مع الانفراد ، أما مع انضمام بعض الأجزاء إلى بعض فالمعتبر المجموع ، وإلا لزم عدم صحة الجميع ، لأن أجزائه تبلغ حدا لا يتمول ، والوصية هنا بمجموع النصف والزيادة لا بالزيادة وحدها » وفيه أن العرف لا يفرق في اعتبار التمول بين الأمرين ، والله العالم.

ولو قال : ضعوا عنه أكثر ما بقي عليه ومثله فهو وصية بجميع ما عليه وزيادة ، لأن ما يزيد على النصف نصف الوصية ، فيكون محلها زائدا على مجموع المال ومن هنا بطلت الوصية في الزائد لعدم المحل لها حينئذ ، وكذا لو قال : « ضعوا أكثر مما عليه أو ما عليه وأكثر » ونحو ذلك ، ولو قال : « ضعوا عنه أكثر ما عليه ونصفه » وضع عنه ثلاثة أرباع ما عليه وزيادة شي‌ء ، بل في المسالك « لا يعتبر فيه أن يتمول ويقبل التنصيف إلى ما يتمول إلا على الاحتمال السابق ، وأما توهم اعتبار تمول الزيادة دون نصفها بناء على أن ما‌

٣٦١

يتمول يصح أن يقال له نصف معتد به وإن لم يتمول ، بخلاف نصف ما لا يتمول فهو فاسد ، لما ذكرنا من الوصية بالمجموع لا بالزيادة منفردة ، سواء نصفها أم لا » وإن كان فيه ما لا يخفى من منافاة العرف لما ذكره.

ولو قال : ضعوا عنه ما شاء أو ما شاء من مال الكتابة فإن شاء وأبقى شيئا ولو قل ، بل في كشف اللثام وإن لم يتمول صح بلا إشكال ولا خلاف وإن شاء الجميع قيل والقائل الشيخ في المحكي من المبسوط لم يصح أما في الثاني فظاهر ، لأن « من » للتبعيض وأما في الأول فلأن فيه « من » مقدرة ، فهي كالموجودة ، وإلا لقال : « ضعوا عنه النجوم » وحينئذ فلا بد أن يبقى منه شي‌ء بقرينة حال اللفظ بل لو قلنا بعدم تعين « من » للتبعيض خصوصا المقدرة لترددها بينه وبين التبيين أمكن أن نقول : إن البعض معلوم على التقديرين ، والجميع مشكوك فيه ، لقيام الاحتمال ، فيرجع إلى معنى التبعيض وإن لم نحمل عليه بالخصوص ، ولو دلت القرينة على إرادة التبيين أو إرادة الجميع من غير اعتبار من عمل بها.

وربما احتمل وجودها في الصورة الأولى على إرادة ما يتناول الجميع ، لكن ظاهر المصنف خلافه ، لقوله : « بقرينة حال اللفظ » المحتمل لإرادة الافتقار إلى تقدير « من » التي لا يتيقن من معناها إلا التبعيض ، ولإرادة حال التركيب الذي أشرنا إليه من أنه لو أريد الجميع لقال : « ضعوا عنه النجوم » وإن نوقش في الأخير بالفرق بين الإرادتين فإنه في الأولى جعل المشيئة إليه في إرادة البعض الجميع ، وهذا الفرض لا يتأدى بقوله : « ضعوا عنه النجوم » الذي مدلوله وضع الجميع خاصة لا جعل المشيئة إليه ، والأغراض تتفاوت في ذلك ، ولعله لذا كان خيرة الفاضل في القواعد وشرحها للاصبهاني تناول الجميع فيه دون المذكور فيه لفظ « من ».

ويمكن أن يريد بحال اللفظ دعوى الفهم عرفا من أمثاله عدم إرادة الجميع وان كان هو مقتضاه لغة خصوصا في المجرد من لفظ « من » ولعل هذا هو الأولى ،

٣٦٢

بل هو المدار في كثير من الأمثلة التي لا فائدة في التعرض لها وإن ذكر جملة منها في القواعد وغيرها ، والله العالم.

المسألة الرابعة :

إذا قال : « ضعوا عنه أوسط نجومه » فان كان فيها أوسط عددا خاصة كما إذا كانت ثلاثة نجوم مثلا كل نجم دينار في شهر أو قدرا خاصة كما إذا كانت أربعة نجوم مثلا اثنان منها دينار إلى شهر ، والثالث ثلاثة إلى شهر ، والرابع أربعة كذلك ، فان الثالث هو الأوسط في المقدار ، لأنه فوق ما دونه مطلقا ودون ما فوقه كذلك انصرف إليه بلا خلاف ولا إشكال ، بل أو أجلا خاصة ، كما إذا كانت أربعة مثلا ، اثنان منها دينار كل واحد إلى شهر ، والثالث دينار إلى ثلاثة ، والرابع دينار إلى أربعة مثلا ، فان الثالث هو الوسط في الأجل على حسب ما سمعته في القدر ، إذ الوسط كما يطلق على المحفوف بمتساويين يطلق على المتوسط بين الناقص والزائد في المقدار مالا أو أجلا.

لكن ظاهر الشهيد الأول في شرح الإرشاد أنه على كل حال متواطئ قال : « مقدمة : إذا أوصى بلفظ متواطئ مضاف إلى معين ولم يوجد إلا واحد من أفراد معناه تعين ذلك الواحد ، وإن تعدد تخير الوارث عند الشيخ ، وقال القاضي بالقرعة إذا عرفت ذلك فالأوسط لفظ موضوع للشي‌ء بين الشيئين ، والبينية قد تكون مكانية أو زمانية وزيادة ونقيصة » إلى آخر ما ذكره من أمثلة المسألة.

ونحوه الكركي في حاشيته ، فإنه بعد أن ذكر ما ذكرناه من الأمثلة قال : « فإذا وجد الأوسط بأحد الاعتبارات تعين ، ولو كان بجميعها ، فأولى ، وإن حصل التعدد كأربعة ثالثها أوسط في القدر وثانيها في الأجل تخير الوارث في التعيين ، لأن متعلق الوصية متواطئ ، فالتعيين فيه إلى الوارث على الأصح » لكن في المسالك « الأوسط لفظ متواطئ ، ويراد به الشي‌ء بين الشيئين على السواء ، والبينية‌

٣٦٣

قد تكون بالزمان ، كوسط النهار المتوسط بين طرفيه ، وبالمقدار بسبب زيادته ونقصانه كالإثنين المتوسطين بين الواحد والثلثة ، والمقدار هنا قد يكون في مال النجوم وقد يكون في الآجال ، والنجم لفظ مشترك في هذا الباب بين أجل مال الكتابة ونفس المال المفروض في الأجل كما بيناه سابقا ، وقد تقدم في الوصايا أنه إذا أوصى بلفظ يقع على شيئين فصاعدا سواء كان مشتركا أم متواطئا ووجد في مال الموصى منها أفراد متعددة يتخير الوارث في تعيين أيها شاء ، وأن فيها قولا ضعيفا بالقرعة ، وهذه المسألة من جزئيات تلك المسألة ».

ولا يخفى عليك ما في دعوى تخيير الوارث في اللفظ المشترك الذي لم يرد به عموم الاشتراك الذي هو مجاز لا يصار إليه إلا بقرينة ، وليس منها إطلاقه مجردا عنها كما هو محرر في محله ، ودعوى رجوع حق التعيين للوارث قد عرفت فسادها في كتاب الطلاق.

وكذا لا يخفى عليك ما في دعوى كون لفظ الوسط متواطئا بالنسبة إلى الأفراد المزبورة ، نعم لا إشكال في تنزيل الوصية على ما كان موجودا من الثلاثة في خصوص تلك الوصية للقرينة ، وكذا إذا اجتمعت الثلاثة في واحد منها أو الاثنان منها ، فهذه صور خمسة أو سبعة لا إشكال فيها.

إنما الكلام في صورة اجتماعها في متعدد بمعنى فرض الوسط في المقدار بالمال في ثانيها والعدد في ثالثها أو الأجل من غير فرق بين اجتماع الاثنين منها في مقابلة الواحد وبين مقابلة الواحد بالواحد ، فان تعدد اعتبارات الوسط في بعضها لا يصلح للترجيح على آخر ، وظاهرهم هنا بل صريح جماعة تخيير الوارث. وإليه أشار المصنف بقوله وإن اجتمع الأمران كان الورثة بالخيار في أيهما شاء بناء على أنه من المتواطئ.

وقيل : تستعمل القرعة ، وهو حسن بل متعين بناء على أنه مشترك ، ضرورة أنه لا معنى للتخيير مع إجمال المراد ، إلا أن يراد منه مصداق على عموم الاشتراك ، فيكون حينئذ من المتواطئ ، كما هو واضح.

٣٦٤

ثم إن ظاهر غاية المراد والمسالك كون المراد بالمثال المفروض في المتن ونحوه نجما واحدا متوسطا ، ومن هنا لو كانت النجوم خمسة مثلا متساوية بالمقدار والأجل كان الوسط فيها الخامس دون الثلاثة المتوسطة وإن حفت أيضا بمتساويين ، لأن الوصية بنجم واحد فلا يصار إلى المتعدد مع إمكان المتحد المطابق للوصية ، ولو فرض إرادته ما هو أعم من الواحد بأن يريد ما صدق عليه الوسط مطلقا كان من باب المتعدد ، فيتخير الوارث ، وكذا الكلام في نظائر المقام.

قلت : قد يقال : إن العمدة في ذلك العرف القاضي بكون الوسط في الخمسة الخامس المحفوف من الطرفين بالأربعة ، وكذا السبعة والتسعة وأمثالها ، بل لعل صدق الوسط على غيره إضافي نحو ما تسمعه في صورة تعذر الأوسط حقيقة التي ذكر المصنف حكمها ، لأن المراد نجم واحد إذ الأوسط يصدق على المتحد والمتعدد ، والله العالم.

وكيف كان ف ان لم يكن أوسط لا قدرا ولا عددا ولا أجلا جمع بين نجمين ، لتحقق الأوسط ، فيؤخذ من الأربعة الثاني والثالث ، ومن الستة الثالث والرابع لصدق الحف بمتساويين عليهما ، وإن كان في انصراف الوسط إلى مثل ذلك نظر بل منع ، نعم لا يبعد ذلك بعد تعذر الحقيقة ، وهل يؤخذ منهما واحد خاصة بتخير الوارث أو يؤخذ الاثنان ، لأن مجموعهما هو الأوسط؟ وجهان ، وظاهر الأصحاب القطع بالثاني ، وهو مؤيد لما ذكرناه من عدم فهمهم الواحد من الأوسط.

ومن ذلك يعلم ما في مناقشة ثاني الشهيدين ، فإنه بعد أن اعترف بأن ظاهر الأصحاب القطع بذلك قال : « وفيه نظر ، لأنهم إذا سلموا أن الإطلاق محمول على الواحد ، والانتقال إلى المجاز لتعذر الحقيقة ، فالمجاز متعدد بالاعتبارين ، لأن أحدهما مجاز في الوسط باعتبار أنه بعض أجزائه حقيقة في الواحد ، والاثنان حقيقة في الأوسط مجاز بعيد في الواحد ، فالحمل عليه ليس أولى من الآخر إن لم يكن المرجح في ذلك الجانب ، لظهور مجازيته في الاستعمال » إذ قد عرفت أنهم‌

٣٦٥

لم يسلموا ذلك في الإطلاق وإنما حملوا اللفظ على الواحد باعتبار الفهم عرفا كون الواحد في الخمسة مثلا هو الوسط ، لا أن المراد بالوسط المفروض في المثال الواحد ، ولو لم يكن للنجوم وسط أصلا ـ كما لو كانت اثنين خاصة ـ بطلت الوصية ، لفقد الموصى به حقيقة ، ولا انصراف إلى مجاز بخصوصه بعد تعذرها كما في المثال السابق ، لكن في المسالك في الفرض قال : « وفي بطلان الوصية لفقد الموصى به أو الحمل على واحد التفاتا إلى المجاز وبابه المتسع نظر » ولا يخفى عليك ما فيه ، والله العالم.

المسألة الخامسة :

إذا أعتق مكاتبه في مرضه أو أبرأه من مال الكتابة فإن بري‌ء فقد لزم العتق والإبراء بلا خلاف ولا إشكال وإن مات خرج من ثلثه على ما هو الأصح من أن منجزات المريض منه. وفيه قول آخر أنه من أصل التركة قد عرفت الحال فيه في محله.

وحينئذ فإن كان الثلث بقدر الأكثر من قيمته ومال الكتابة مع اختلافهما أو أحدهما مع التساوي عتق بلا إشكال أيضا وإن كان أحدهما أكثر اعتبر الأقل لأن ملك السيد إنما يستقر على الأقل منهما ، فان كانت النجوم أقل فالكتابة لازمة من جهته ، وقد ضعف ملكه في المكاتب ، فليس له إلا المطالبة بالنجوم التي صارت عوضا ، وإن كانت القيمة أقل فهي التي تخرج عن ملكه والعبد معرض لإسقاط النجوم بتعجيزه نفسه على قول أو بعجزه على آخر.

وحينئذ فإن كان له سوى المكاتب مأتان مثلا وكانت القيمة مأة وخمسين مثلا والنجوم مأة اعتبرت النجوم ، وحكم بنفوذ العتق ، ولو انعكس الأمر اعتبرت القيمة ، وحكم بنفوذ العتق أيضا ، وإن لم يخرج واحد منهما من الثلث بأن كان يملك سوى‌

٣٦٦

المكاتب خمسين ضم أقلهما إلى الخمسين وأنفذ العتق في ثلثهما من العبد ، فإذا كانت القيمة مأة وخمسين والنجوم مأة ضممنا النجوم إلى الخمسين ونفذنا العتق في ثلثهما ، وهو نصف العبد ، وذلك لأن ثلث العبد قد عتق بالتنجيز وبقي ثلثاه للورثة في مقابلة ثلثي مال الكتابة الذي علم ضرر الوارث بها ، فإذا وصل منه ثلث الخمسين الذي هو نصف ثلث المأة انعتق من العبد نصف ثلثه ، فإذا ضم إلى الثلث كان نصفا ، لأنه ثلث ونصف ، وحينئذ تبقى الكتابة في نصفه الآخر بنصف النجوم ، فإذا أداه إلى الورثة عتق وإن عجز فلهم رد ما بقي بهم في الرق.

وإن كان يملك سوى المكاتب مأة والقيمة والنجوم على الحال السابق عتق ثلثاه ، وذلك لأن ثلثه من المال يقابل ثلث ما للوارث من ثلثي مال الكتابة ، فيعتق من العبد ثلثاه وتبقى الكتابة في ثلثه بثلث مال الكتابة وإن كانت القيمة مأة والنجوم مأة وخمسين فكذا يعتق ثلثاه ، وتبقى الكتابة في ثلثه بثلث مالها ، وهو خمسون.

وإلى ذلك كله أشار المصنف كغيره بقوله فان خرج الأقل من الثلث عتق والغي الأكثر وإن قصر الثلث عن الأقل عتق منه ما يحتمله الثلث وبطلت الوصية في الزائد ويسعى في باقي الكتابة التي قد فرضنا بقاءها ، لا القيمة وإن احتمل ، لأنه لا يقصر عن مرتبة القن الذي أعتق وقصر الثلث عن قيمته ، إلا أنه كما ترى لا يخرج عن القياس ، نعم لو فسخ الكتابة كان حكمه كذلك وإلا فما دام مكاتبا لا ينعتق إلا بأداء مال الكتابة.

وإن عجز كان للورثة أن يسترقوا منه بقدر ما بقي عليه لا جميعه وإن كان مشروطا ، لما عرفته سابقا في المكاتب المشروط الذي انتقل إلى ورثة متعددين وقد أدى قسط بعضهم إليه ولو باذن الباقين.

ومن ذلك يعلم فساد ما احتمل من الفرق في المسألة بين العتق والإبراء في المشروط ، فيبطل الثاني ولا ينعتق منه شي‌ء مع قصور الثلث عن مال الكتابة ، لأن هذا الإبراء يكون كالإبراء من البعض الذي لا يفيد شيئا من العتق للمشروط ، فإنه‌

٣٦٧

رق ما بقي عليه درهم ، إذ قد عرفت أن ذلك كذلك إذا بقي مال الكتابة لواحد ، لا ما إذا صار لمتعددين منهم المنجز الذي قد وصل إليه حقه تماما فيعتق في مقابله كالوارث.

هذا ولكن في المسالك « هو يتم ـ أي أصل الحكم في المسألة ـ بلا إشكال على القول بجواز الكتابة من جهة المكاتب ، ليكون مال الكتابة غير مستقر ، أما على القول بلزومها فلا يخلو اعتباره من إشكال إلا أن يتحقق العجز بالفعل ، وأيضا فإنه إذا أدى الخمسين في المثال زاد مال المولى ، لأنه ثبت هذا المال بعقده وورث منه ، فينبغي أن يزيد ما يعتقه منه ، فيدخلها الدور ، وتستخرج حينئذ بالجبر كنظاهرها ».

وفيه أن لزومها لا ينافي مراعاته بعدم العجز الذي به يكون المال غير مستقر أيضا ، كما أنه لا ينافيه صيرورة المسألة دورية في الفرض المزبور الذي ستعرف صحته في المسألة الأخيرة ، نعم قد يقال إن لم يكن إجماع في المسألة إنه يقوم العبد مكاتبا محتملا للعجز وعدمه كالمريض ونحوه ، ويخرج حينئذ من الثلث ، لأنه لو لم يعتقه أو يبرأه لانتقل إليهم مكاتبا ، فيكون ذلك هو الذي فوته عليهم ، والله العالم.

٣٦٨

المسألة السادسة :

إذا أوصى بعتق المكاتب أو أعتقه فمات وليس له سواه ولم يحل مال الكتابة يعتق ثلثه معجلا عندنا ، لوجوب المبادرة إلى تنفيذ الوصية وحينئذ ف لا ينتظر بعتق الثلث حلول الكتابة خلافا لبعض الشافعية ، فاعتبر في عتق الثلث وصول الثلثين إلى الوارث ، لأن نفوذ الوصية مشروط بكون ضعفها في يد الوارث ، ولما لم يرجع هنا إليه ثلثا العبد ولا مقداره من المال لم يحكم بنفوذ العتق في الثلث ، وهو واضح الضعف. وذلك لأنه قد انتقل إليهم ثلثا المكاتب في مقابل الثلث وإن كان انتقاله إليه على وجه إن أدى حصل لهم أي الورثة ثلثا المال وإن عجز استرقوا ثلثيه استرقاق مكاتبة وحينئذ ف يبقى ثلثاه مكاتبا يتحرر عند أداء ما عليه كما هو واضح ومنعه من التصرف فيه قبل استقرار أحد الأمرين مع نفوذ الوصية بغير مانع لا ينافي صدق وصول الضعف إلى الوارث ، والله العالم.

٣٦٩

المسألة السابعة :

إذا كاتب المريض عبده اعتبر من الثلث وإن كان عقدها عقد معاوضة مالية لأنها إما بيع العبد من نفسه بثمن أو عتق بعوض ، فالعوض حاصل على التقديرين ، وهو واصل إلى الورثة في مقابلة العبد ، فإذا كان بقدر قيمته أو أزيد انتفى التبرع ، لكنها معاملة على ماله بماله فجرت حينئذ أي المكاتبة مجرى الهبة بخلاف المعاوضة مع الغير بثمن المثل التي ليس فيها تفويت مال بل تبديل مال بمال والمعتبر في نظر العقلاء غالبا أصل المالية دون خصوصية العين. نعم فيه قول آخر أنه أي عقد المكاتبة من أصل المال بناء على القول بأن المنجزات من الأصل لا أنه منه وإن قلنا بأن المنجز من الثلث ، مع احتماله لأنه لولاه لم يحصل الكسب الذي يمكن حصوله له باحتساب زكاة ونحوها مما لا يحصل للوارث لولا المكاتبة التي لا يلزمها حصول كسب للعبد يحصل للوارث على كل حال ، بل الغالب على خلافه ، ولا أقل من الخروج بذلك عن اسم التبرع أو الشك فيه ، فيبقى على ما يقتضيه القواعد من الخروج عن الأصل ، والله العالم.

وعلى كل حال فعلى الأول فإن خرج المكاتب من الثلث نفذت الكتابة فيه أجمع ، وينعتق عند أداء المال فان لم يكن سواه وأدى النجوم في حياة المولى وكان قد كاتبه على مثلي قيمته عتق كله أيضا ، لأنه يبقى للورثة مثلاه ، فان كاتبه على مثل قيمته عتق منه ثلثاه ، لأنه إذا أخذ مأة فالجملة مأتان ، فينفذ التبرع في ثلث المأتين ، وهو ثلثا المأة ، ولو كاتبه على مثل قيمته وقبض منه نصف النجوم نفذ الكتابة في نصفه.

وإن لم يؤد شيئا في حياة المولى ولم يجز الوارث صحت في ثلثه وبطلت في الباقي فإن أدى عتق الثلث ، وهل يراد حينئذ في الكتابة بقدر نصف ما أدي وهو‌

٣٧٠

سدس العبد إذا كانت النجوم مثل القيمة؟ فيه في المسالك وجهان كما في المسألة السابقة ، ووجه العدم أن الكتابة قد بطلت في الثلثين فلا تعود ، وهذا هو الذي جزم به المصنف والجماعة.

وفيه ( أولا ) أن المسألة السابقة قد جزم فيها بالزيادة. و ( ثانيا ) أن الحكم بالبطلان هنا مراعي بعدم حصول مال للميت ولو بما تصيده شبكته التي نصبها في حياته بناء على ما يحصل فيها بعد موته له ، ولا ريب في أن المقام أولى من ذلك ، ضرورة انتقال ما قابل الثلث من مال الكتابة منه إلى الوارث ، فهو حينئذ من تركته تتعلق به وصاياه ومنجزاته كغيره من مال الكتابة ، فالمتجه حينئذ في المقام الزيادة كما هو واضح ، وتكون المسألة دورية تحتاج إلى الاستخراج بالجبر والمقابلة على حسب ما سمعته في نظائرها من مسائل العتق.

ثم لا يخفى عليك أنه قد بان لك في المباحث السابقة جواز عتق السيد المكاتب ، لأنه باق على ملكه ، إنما الكلام في عتقه بالعوارض كالجذام والعمى والإقعاد والتنكيل؟ الظاهر ذلك لإطلاق الأدلة ، لكن في الدروس عندي فيه نظر ينشأ من تشبثه بالحرية ، فلا يدخل تحت لفظ المملوك ، ومن بقاء حقيقة الرقية ، ومن ثم لو أسلم في دار الحرب قبل مولاه عتق ، ولا يخفى عليك ما في الوجه الأول ، والله العالم. هذا كله في التدبير والكتابة.

وأما الاستيلاد فيستدعي بيان أمرين :

٣٧١

الأول :

في كيفية الاستيلاد الذي هو عنوان لجملة أحكام شرعية مخالفة للأصول والقواعد ، كعدم جواز نقلها وانعتاقها من نصيب ولدها وغير ذلك من أحكامها التي ستعرف بعضها وتقدم في الكتب السالفة بعض آخر.

وكيف كان ففي المتن هو يتحقق بعلوق أمته منه في ملكه وفي القواعد « وهو يثبت بوطء أمته وحبلها منه ـ ثم قال ـ : وإنما يثبت حكم الاستيلاد بأمور ثلاثة : ( الأول ) أن تعلق منه بحر ، وإنما تعلق بمملوك من مولاها في موضعين : أن يكون الواطي عبدا قد ملكه مولاه الموطوءة وقلنا إنه يملك بالتمليك وأن يكون الواطئ مكاتبا اشترى جارية للتجارة ، فإن الجارية مملوكته ، ولا يثبت حكم الاستيلاد في الأول ، وأما الثاني فإن عجز استرق المولى الجميع ، وإن عتق صارت أم ولد ، وليس للمكاتب بيعها قبل عجزه وعتقه ، ( الثاني ) أن تعلق منه في ملكه إما بوطء مباح أو محرم كالوطء في الحيض والنفاس والصوم والإحرام والظهار والإيلاء ، ولو علقت في غير ملكه لم تكن أم ولد ، سواء علقت بمملوك كالزنا والعقد مع اشتراط الولد ، أو بحر كالمغرور والمشتري إذا ظهر الاستحقاق ، ( الثالث ) أن تضع ما يظهر أنه حمل ولو علقة ، أما النطفة فالأقرب عدم الاعتداد بها » وستسمع في كلام المصنف الإشارة إلى بعض ذلك.

وفي الإيضاح « كل مملوكة علقت من مالك حر حين ملكه بحر يلحق به شرعا فهي أم ولد له حقيقة شرعية ».

وفي الدروس « هي من حملت من مولاها بحر في ملكه » إلى غير ذلك من كلماتهم ، إلا أني لم أجد في شي‌ء مما وصل إلى من النصوص التعرض لبيان تمام‌

٣٧٢

موضوعها إلا ما تسمعه من خبر ابن مارد (١) فالمتجه عدم لحوق حكم الاستيلاد في محال الشك.

وعلى كل حال ف لو أولد أمة غيره ولدا مملوكا للزنا أو للعقد المشترط فيه عليه ذلك بناء على صحته أو لغير ذلك ثم ملكها لم تصر أم ولد ل ـ ه‍ وإن ملكها بعد ذلك عندنا وعند جماعة في المبسوط للأصل وغيره سواء ملكها حاملا أو بعد ولادتها.

ولو أولدها ولدا حرا تابعا له لشبهة أو لعدم اشتراط الرقية أو لغير ذلك ثم ملكها قال الشيخ في المبسوط تصير أم ولده على الأقوى للصدق ، بل في الخلاف صيرورتها أم ولد في الأول إذا ملكها وملك ولدها بعد ذلك ، بل لعله ظاهر ابن حمزة أيضا للصدق ، إلا أن المشهور بينهم شهرة عظيمة خلاف ذلك للأصل بعد انسياق غير الفرض من الإطلاق الذي لا عموم فيه ولم يسق لبيان الموضوع وخصوص ما في رواية ابن مارد (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام المنجبرة بما سمعت من أنها لا تصير أم ولد ل ـ ه‌ قال : « في رجل يتزوج أمة فتلد منه أولادا ثم يشتريها فتمكث عنده ما شاء الله لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها ، ثم يبدو له في بيعها ، قال : هي أمته إن شاء باع ما لم يحدث عنده حمل بعد ذلك ، وإن شاء أعتق » بل ظاهرها مع حرية الولد فضلا عن رقيته.

نعم لا فرق في صيرورة أمته التي علقت منه أم ولد بين كونه على وجه محلل أو محرم بحيض أو نفاس أو إحرام أو ظهار أو نحو ذلك ، بل في القواعد « لو زوج أمته ثم وطأها فعل محرما ، فان علقت منه فالولد حر ، ويثبت للام حكم الاستيلاد » بل فيها أيضا « لو ملك امه أو أخته أو بنته من الرضاع انعتق على الأصح ، وقيل لا ينعتقن ، فلو وطأ إحداهن فعل حراما ، ويثبت لهن حكم الاستيلاد » ونحوه عن المبسوط ، ولعله لصدق أم الولد وإن كان لا يخلو من نظر‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث ١.

٣٧٣

أو منع مع العلم بالتحريم ، لنفي الولد عنه شرعا ولثبوت الحد عليه ، ومن هنا مال في الدروس إلى العدم ، بل عنه وعن غيره القطع بالعدم. وربما يشهد له ـ مضافا إلى ما ذكرنا ـ ما سمعته من خبر ابن مارد ، ضرورة عدم صدق حدوث الحمل عنده على المزوجة.

بل قد يقال : إن المستفاد من الأدلة أن يملك وطءها وإن حرم عليه بالعارض لحيض أو نفاس بخلاف المزوجة والبنت والأخت ، فإنه لا يملك وطءهن وإن ملكهن حتى الأولى التي ملك بضعها غيره بالعقد.

ولو اشترى مزوجة الأمة فأتت بولد يمكن تجدده بعد الشراء وقبله ففي القواعد « قدمت أصالة عدم الحمل على أصالة عدم الاستيلاد أما لو نفاه فإنه ينتفي الاستيلاد قطعا ، وفي افتقار نفي الولد إلى اللعان إشكال » ولعله من أنه ولد مملوكته المحكوم هنا بتأخر حملها ، ومن أنه ولد من كانت زوجته ، والأصل بقاء الفراش مع قوة فراش العقد الدائم ، ولحوق النسب وعدم الاكتفاء بالاحتمال في نفسه.

قلت : قد تقدم في اللعان ما يستفاد منه تحقيق ذلك ، فلاحظ وتأمل ، كما أنه تقدم في المباحث السابقة ما يستفاد منه تحقيق ذلك ، فلاحظ وتأمل ، كما أنه تقدم في المباحث السابقة ما يستفاد منه عدم ثبوت مثل موضوع أم الولد بأصالة عدم تأخر الحمل.

ولو وطأ المرهونة فحملت دخلت في حكم أمهات الأولاد ولو من غير إذن المرتهن بلا خلاف ولا إشكال.

إنما الكلام في جريان حكم الاستيلاد بالنسبة إلى المرتهن ، فيجب على الراهن وضع رهن غيره أو الوفاء ، وعدمه ، لتقدم حقه على الاستيلاد ، أو التفصيل بين الموسر والمعسر ، فيجب على الأول الإبدال أو الوفاء دون الثاني كما عن الخلاف ، وفي قواعد الفاضل « هو الأقرب » وعن المبسوط والسرائر « أنه لا يبطل الرهن مطلقا لتأخر الاستيلاد عنه » وعن غيرهما بطلانه لا مطلقا لإطلاق النهي (١)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث ١.

٣٧٤

عن بيع أمهات الأولاد ، وعن ثالث التفصيل بين الوطء باذن المرتهن فيبطل وبلا إذنه فلا يبطل ، وربما احتمل عدم الخلاف في عدم بطلان الرهن ، لبقاء الملك عليها وجواز موت الولد ، وإنما الخلاف في جواز بيعها. هذا وقد تقدم الكلام في المسألة في كتاب الرهن (١).

ولو أولد أمة القراض ففي القواعد « يبطل القراض فيها ، وإن كان فيها ربح جعل الربح في مال المضاربة » قلت : مع ظهور الربح وقلنا بملك العامل يتجه حينئذ أن يكون حكمها حكم الأمة المشتركة إذا أولدها أحد الشريكين ، والله العالم. وكذا في جميع ما ذكرنا لو وطأ الذمي مثلا أمته ف أولدها أو حملت منه ، لعدم الفرق في أمهات الأولاد بين المسلم وغيره لإطلاق الأدلة ولكن لو أسلمت بيعت عليه كما عن السرائر وموضع من المبسوط قطعا لسبيله.

وقيل والقائل الشيخ أيضا في المحكي من خلافه وموضع آخر من المبسوط يحال بينه وبينها وتجعل على يد امرأة ثقة ولا يمكن من التصرف فيها والتسلط عليها ، عملا بعموم النهي عن بيعها (٢) وعن المختلف تستسعى في قيمتها جمعا بين الحقين.

والأول أشبه عند المصنف وقد تقدم في كتاب البيع (٣) ما يستفاد منه تحقيق ذلك ، فلاحظ وتأمل.

ويكفي في إجراء حكم أم الولد علوقها بما هو مبدأ انسان ولو علقة بلا خلاف أجده ، بل في الإيضاح الإجماع عليه ، وفي‌ صحيح ابن مسلم (٤) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « في جارية لرجل وكان يأتيها فأسقطت سقطا منه بعد ثلاثة أشهر ،

__________________

(١) راجع ج ٢٥ ص ٢٠٨.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث ١.

(٣) راجع ج ٢٢ ص ٣٣٤ ـ ٣٣٨.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث ١.

٣٧٥

قال : هي أم ولد » ومنه يعلم حينئذ أن المراد بأم الولد من حملت بما هو مبدأ نشوء ولد ، وإلا فالسقط بعد ثلاثة أشهر ليس بولد قطعا ، فيبطل حينئذ التصرف بها حينه ، ولا ريب في أن المضغة والعلقة كذلك بل والنطفة مع فرض بقائها في الرحم وانعقادها ولدا ، وربما يشهد لذلك معلومية بطلان بيع الأمة إذا واقعها سيدها وباعها بلا فصل ثم بان أنها من تلك المواقعة قد حملت.

نعم لو فرض أنها ألقتها نطفة وكان التصرف بها حال وجودها فيها اتجه حينئذ الحكم بصحة البيع ، لعدم العلم بكونها نشوء آدمي ، إذ لعلها فاسدة ، بخلاف ما لو ألقتها علقة ، فإنه يعلم كونها نشوء آدمي ، فيبطل التصرف بها المقارن لحال كونها نطفة.

وعلى ذلك يحمل كلام الأصحاب الذي منه ما في الدروس قال : « ولا بد مع الاشتباه من شهادة أربع من النساء ذوات الخبرة بأن ذلك مبدأ خلق آدمي ولو مضغة أما النطفة فلا ، خلافا للشيخ ، والفائدة ليس في استتباع الحرية ، لأنها تزول بموت الولد ، فكيف بعدم تمامه عندنا ، بل في إبطال التصرفات السابقة على الوضع بالبيع وشبهه ».

لكن في الرياض بعد أن ذكر تحقق أم الولد بعلوقها بما يكون نشوء آدمي ولو مضغة قال : « ولا عبرة بالنطفة وفاقا للأكثر ، للأصل وعدم تسميتها ولدا في العرف ، وهو وإن جري في نحو المضغة على تقدير تسليمه لكن تلحق بالولد بالإجماع ، خلافا للنهاية فألحقها به أيضا ، نظرا منه إلى بناء الاستيلاد على التغليب ، ولذا يعتد بالعلقة والمضغة ، والنطفة بعد استقرارها للصورة الإنسانية تشبه العلقة في الجملة ، وهو كما ترى ».

قلت : إن كان مراده ما ذكرناه فذاك وإلا كان محلا للنظر ، ضرورة عدم الفرق بين النطفة وغيرها بعد تبين انعقادها وصيرورتها نشوء آدمي ، فيبطل البيع حينئذ من حين وقوع النطفة في رحمها :

٣٧٦

هذا ، وفي الرياض أيضا أن إطلاق العبارة وغيرها من عبائر الجماعة كالنصوص وبه صرح جملة من الأصحاب أنه لا يشترط الوطء ، بل يكفي مطلق العلوق منه.

وفيه أن المنساق من إطلاق النص والفتوى الأول الذي قد عبر به أيضا بعض ، ولا أقل من الشك ، وقد عرفت أن الأصل بقاء حكم القن.

وبذلك كله ظهر لك الوجه في الأمور الثلاثة التي ذكرها الفاضل فيما حكيناه عنه من عبارة القواعد ، كما أنه ظهر لك في بحث المكاتبة الحال في المكاتب إذا وطأ أمته التي اشتراها للتجارة ، فلاحظ وتأمل.

الأمر الثاني

في الأحكام المتعلقة بأم الولد ، وفيه مسائل :

الأولى :

أم الولد مملوكة ما دام مولاها حيا بلا خلاف ولا إشكال ، فيجوز له التصرف بها بغير النقل كالوطء والإجارة وغيرهما ، وفي‌ صحيح زرارة (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام « سألته عن أم الولد ، فقال : أمة » وفي‌ خبر ابن بزيع (٢) « سألت الرضا عليه‌السلام عن الرجل يأخذ من أم ولده شيئا وهبه لها من غير طيب نفسها من خدم أو متاع أيجوز ذلك له؟ قال : نعم إذا كانت أم ولده » إلى غير ذلك.

بل لا تتحرر بموت المولى ، بل من نصيب ولدها إن كان له نصيب ، وإلا ـ كما لو كان غير وارث لمانع من الموانع ـ بقيت على الملك ، للأصل وظهور النصوص في أن عتقها من نصيب ولدها ، بل هو صريحها ، ففي‌ الصحيح (٣)

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث ١.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث ٢.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث ١.

٣٧٧

« إن كان لها ولد وترك مالا جعلت في نصيب ولدها » وفي المرسل (١) كالصحيح (٢) « إن كان لها ولد قومت على ولدها من نصيبه » ونحوهما غيرهما (٣) فلا تعتق من أصل التركة ولا من مال ولدها غير نصيبه من التركة.

بل في الدروس « ويجوز بيعها إذا مات مولاها والدين يستغرق تركته ، إذ لا إرث ، فلا نصيب لولدها الذي عتقها بعد الوفاة مستند إليه » وإن كان قد يناقش بأن الأصح انتقال التركة إلى الوارث وإن كان الدين مستغرقا ، فيتجه انعتاق نصيبه منها بملكه وإن كان الدين مستغرقا ، لكن قد يدفع بظهور النص (٤) في انعتاقها من نصيب ولدها الذي لا تعلق حق فيه ، والفرض في المقام تعلق حق الدين بها ، وإن قلنا بملك الوارث ، اللهم إلا أن يكلف الولد بما يخصها من الدين ، أو هي بالسعي ، وهما لا دليل عليهما ، بل ظاهر الأدلة خلافهما فتأمل جيدا.

وكيف كان فلا خلاف ولا إشكال في ملك السيد لها لكن هي وإن كانت كذلك لا يجوز ل ه‍ أي المولى بيعها ما دام ولدها حيا إلا في ثمن رقبتها إذا كان دينا على المولى ولا وجه لأدائه إلا منها وكذا يجوز للوارث بيعها فيه على الوجه المزبور ، وأما في غيره من الديون بل وغير الديون من المواضع المخصوصة فقد أشبعنا الكلام فيها في البيع (٥) بل أشبعنا الكلام في جملة من أحكامها فيه وفي غيره من الكتب السابقة ، فلا وجه لإعادته.

ومنها أنه لو مات ولدها في حياة أبيه رجعت طلقا وجاز التصرف فيها بالبيع وفي غيره من التصرفات نصا (٦) وفتوى ، بل الظاهر ذلك حتى لو خلف ولدها ولدا ، لانسياق ولد الصلب من النصوص وإن قلنا : إنه ولد حقيقة ، فلا يشملها حينئذ إطلاق أم الولد. وتندرج في النصوص (٧) المتضمنة‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث ٢.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث ٤.

(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب الاستيلاد.

(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث.

(٥) راجع ج ٢٢ ص ٣٧٤ و ٣٧٥.

(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب الاستيلاد.

(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب الاستيلاد.

٣٧٨

لحكم من مات ولدها ، فما عن بعض ـ من كونها أم ولد بذلك ـ واضح الضعف وإن قال بعض : إنه متجه لو كان وارثا لجده ، لانعتاق نصيبه منها عليه دون ما إذا لم يكن وارثا لانتفاء الملك المقتضي للعتق ، بل ربما جعل هذا التفصيل قولا في المسألة ، وفي الدروس أنه ثالث الأوجه ، وفيه أن انعتاق قدر نصيبه منها لا يقتضي كونها أم ولد على وجه تلحقها أحكامها التي منها عدم جواز بيعها ، ومنها انعتاقها أجمع من نصيب الولد ، للنص والإجماع ، لا نصيب الولد منها خاصة ، كما هو واضح ، والله العالم.

المسألة الثانية :

إذا مات مولاها وولدها حي جعلت في نصيب ولدها وعتقت عليه بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه هنا ، مضافا إلى المعتبرة المستفيضة (١) التي منها‌ خبر محمد بن قيس (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أيما رجل ترك سرية لها ولد أو في بطنها ولد أو لا ولد لها فإن أعتقها ربها عتقت ، وإن لم يعتقها حتى توفي فقد سبق فيها كتاب الله ، وكتاب الله أحق فإن كان لها ولد وترك مالا جعلت في نصيب ولدها » وزاد في الفقيه « ويمسكها أولياؤها حتى يكبر الولد ، فيكون هو الذي يعتقها إنشاء الله ، ويكونون هم يرثون ولدها ما دامت أمة ، فان أعتقها ولدها عتقت ، وإن توفي عنها ولدها ولم يعتقها فان شاؤوا أرقوا ، وإن شاؤوا أعتقوا » وغيره من النصوص التي منها علم الحكم المزبور وإن كان مخالفا للأصل لأن أقصى ما تقتضيه قاعدة انعتاق القريب أن ينعتق عليه منها مقدار ما يخصه منها ولا يسري عليه لأنه عتق قهري لا اختياري إلا أن النصوص المزبورة المعتضدة بعمل الأصحاب دلت على عتقها عليه أجمع واحتسابها من نصيبه.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب الاستيلاد.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث ١ و ٢.

٣٧٩

نعم لو لم يكن له سواها تركة وكان له ورثة متعددون أعتق نصيب ولدها منها لقاعدة القريب وسعت في الباقي في المشهور. لما سمعته سابقا في كل من تحرر بعضه ، ولا تقوم على ولدها إن كان له مال غيرها ، لأن انعتاقها عليه قهري ، وقد عرفت في كتاب العتق عدم السراية ، مضافا إلى ظهور نصوص (١) المقام في انعتاقها عليه من خصوص النصيب لا من غيره ، وإلى خصوص‌ مقطوع يونس (٢) « في أم ولد ـ إلى أن قال ـ : فان كان لها ولد وليس على الميت دين فهي للولد ، وإذا ملكها الولد فقد عتقت بملك ولدها لها ، وإن كانت بين شركاء فقد عتقت من نصيب ولدها ، وتستسعى في بقية ثمنها » خلافا للمبسوط والإسكافي على ما حكي عنهما ، فحكما بالسراية عليه ، للنبوي (٣) « من ملك ذا رحم فهو حر » وهو مع قصوره عن المعارضة لما عرفت من وجوه ظاهر في من ملكه بأجمعه لا بعضه كما في المقام.

ولكن في رواية أبي بصير (٤) عن الصادق عليه‌السلام تقوم على ولدها إن كان موسرا‌ قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل اشترى جارية فولدت منه ولدا فمات ، قال : إن شاء أن يبيعها باعها ، وإن مات مولاها وعليه دين قومت على ابنها فان كان ابنها صغيرا انتظر به حتى يكبر ، ثم يجبر على قيمتها ، وإن مات ابنها قبل امه بيعت في ميراث الورثة إن شاء الورثة ».

وهي وإن كانت موثقة إلا أنها مهجورة لم يحك العمل بها إلا عن الشيخ في النهاية التي هي متون أخبار ، وقد رجع عنها على ما قيل في غيرها ، وفي‌

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب الاستيلاد.

(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب الاستيلاد الحديث ٣.

(٣) المستدرك الباب ـ ١٢ ـ من كتاب العتق الحديث ١.

(٤) الاستبصار ج ٤ ص ١٤ الرقم ٤١.

٣٨٠