أجوبة المسائل المهنائية

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

أجوبة المسائل المهنائية

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


الموضوع : الفقه
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٨٨

وقطع سبحانه في إحداهما بالكفر بعد الايمان ، وجوّز ذلك في الأخرى ، ولو كان المراد به الايمان بالظاهر دون الاعتقاد ، ولما قطع سبحانه بذلك وسماهم مؤمنين من غير استثناء ، وقد ذكر سبحانه بذلك المؤمن بالظاهر دون الباطن وبين حاله في قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ) (١) فبأي شيء يتأول القائلون بعدم جواز كفره بعد ، بهذه الآيات الكريمة وأشباهها.

بين لنا تلك أيدك الله بالعلوم الدينية وحرسك الله من الأفعال الدنية ، مع أن المملوك يجد من قلبه ان المؤمن المستكمل بشرائط الايمان لا يجوز عليه الكفر لا كفرا منقطعا ولا كفرا يوافي عليه ، يجزم قلب المملوك بذلك ويقطع به من غير التفات الى دليل ، ولو أعرضت عليه كل دليل ينافي هذا الاعتقاد ما قبله ولا أصغى اليه.

فهل يكون المملوك في هذا الاعتقاد الجازم مخطئا أو مصيبا ، بين لنا ذلك جميعه مفصلا مبينا ، جعل الله كل صعب عليك هينا ، فليوضح ذلك سيدي لعبده ، ولو زاد فيه ورقة من عنده ، وليفعل ذلك سيدي في بقية المسائل فإنه من أهل الفضل والفضائل.

الجواب اختلف الناس في هذه الآية بناءا على اختلافهم في أن الايمان هل يصح أن يتعقبه كفر أم لا ، وفي أن الإحباط هل هو صحيح أم لا ، وفي أن الموافاة هل هي شرط في الايمان أم لا.

فقال السيد المرتضى رحمه‌الله (٢) : ان الايمان الحقيقي لا يصح أن يتعقبه كفر ، لان ثواب الايمان دائم وعقاب الكفر دائم ، والإحباط والموافاة عنده

__________________

(١) سورة المائدة : ٤١.

(٢) في بعض الكتب الفقهية نسب هذا القول الى الشيخ « ره ».

٢١

باطلان ، أما الإحباط فلاستلزامه أن يكون الجامع بين الإحسان والإساءة بمنزلة من لم يفعل الإحسان والإساءة ان تساوى ما يستحق من ذم ومدح على إساءته وإحسانه ، أو بمنزلة من لم يحسن ان زاد المستحق على الإساءة ، أو بمنزلة من لم يسيء ان زاد المستحق على الإحسان. واللازم باطل قطعا فالملزوم مثله.

وأما الموافاة فليست عنده شرطا في استحقاق الثواب بالإيمان ، لأن وجوه الأفعال وشروطها التي يستحق بها ما يستحق لا يجوز أن يكون منفصلة عنها ومتأخرة عن وقت حدوثها ، والموافاة منفصلة عن وقت حدوث الايمان ، فلا تكون وجها ولا شرطا في استحقاق الثواب.

وتأول السيد المرتضى رحمه‌الله هذه الآية بأن المراد ان الذين آمنوا أظهروا الايمان ثم أظهروا الكفر ، وكذا قوله ( يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ ) أي بعد إظهار الايمان منكم ، ولا يشترط في الإطلاق اللفظي القطع.

وذهب جماعة من علمائنا الى أن الايمان قد يتعقبه الكفر ، كما أن الكفر قد يتعقبه الايمان ، وجوزوا الإحباط والموافاة.

وفي المسألة مباحث لا يليق ذكرها هنا ، وذكرناها في كتاب نهاية المرام في علم الكلام على الاستقصاء ، فليطلب من هناك.

مسألة (٢)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في المؤمن الكامل الايمان ، هل يجوز له أن يجزم ويقسم بالله أنه من أهل الجنة أم لا ، وهل في ذلك فرق بين المطيع والمؤمن العاصي ، لأن الإيمان حاصل لهما وان كان العاصي قد يعذب ثم هو من أهل الجنة. أفتنا في ذلك مأجورا ، جعلك الله ممن ينقلب إلى أهله مسرورا.

الجواب إذا كان الجزم جزما علميا واعتقد اعتقادا علميا لما هو شرط في

٢٢

صحة الايمان ، وحصل له اعتقادان آخران علميان ، أحدهما بطلان الإحباط والثاني عدم اشتراط الموافاة ، جاز له الحلف به والا فلا. والسلام.

مسألة (٣)

ما يقول مولانا الإمام العلامة أحسن الله اليه وأسبغ نعمه عليه ، في الشريف العلوي الفاطمي هل يجوز له أن يقول عن نفسه : هذا جلد رسول الله ، هذا جلد فاطمة ، هذا جلد علي عليهما‌السلام ، أم لا يجوز ذلك ، فان تلك الجلود الطاهرة المعصومة منزهة. أفتنا في ذلك لا زلت سعيدا وفعلك حميدا.

الجواب ان قصد بذلك التجوز بأن يريد أنه جلد يكون من نسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا بأس ، وإذا قصد الحقيقة فلا.

مسألة (٤)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في الوضوء في بيت الخلاء ، هل مكروه أم لا.

الجواب ما وقفت في ذلك على نص ، لكن قد ورد في بعض الاخبار أنه يورث الفقر ، فينبغي اجتنابه حينئذ.

وأيضا يستحب في الوضوء السواك ، وهو مكروه في بيت الخلاء.

مسألة (٥)

ما يقول في الخضر الذي يسقى بالماء النجس دائما هل يكون أكلها حراما أو مكروها أو لا يكون حراما ولا مكروها وهل الماء المعتصر عنها طاهرا أو نجسا.

الجواب لا يحرم أكلها ولا يكره ، والماء المعصور منها طاهر ، لأن ماهية

٢٣

النجاسة قد عدمت واستحالت بأن صارت ماهية أخرى ، لا يندرج في المحرمات ولا في المكروهات.

مسألة (٦)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في قول الأصحاب « ان البهيمة إذا وطئها الإنسان حرم لحمها ولحم نسلها » ، هل يعنون بنسلها قبل الوطي وبعده أو بعده خاصة بتقدير بقائها ، وأي وجه لتحريم نسلها ، وخاصة ان كان يحرم قبل الوطي.

أفتنا مأجورا متعنا الله بك دهورا.

الجواب النسل الذي قبل الوطي لا يلحقه هذا الحكم ، وانما يلحق الحكم بعد الوطي ، سواء تعقبه أو تأخر عنه.

مسألة (٧)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في وضع الإنسان وجهه على الأرض عند أبواب المشاهد الشريفة ، وتمريغ خده عليها ، هل يكون ذلك الفعل حراما لان هذا يشبه بالسجود وهذا أمر مختص بالله ، وقد بالغ المتصوفون وأرباب الطريقية في النهي عن هذا وغيره مما يقاربه ، فهل يكون مكروها أو هو مستحب في هذه الأماكن المشرفة ، بين لنا ذلك بين الله لك الهدى وجنبك الردى.

الجواب عن ذلك ان قصد الفاعل أن يكون السجود لغير الله تعالى كان عاصيا ، وان قصد السجود لله تعالى والشكر على وصوله الى تلك البقعة المباركة الشريفة والتذلل للإمام بالتقبيل لتربته كان مثابا على ذلك.

ولا عبرة بنهي الصوفية عن ذلك ، فإنه أولى من اعتمادهم في الرقص والتصفيق بالأيدي الذي نهى الله عنه في كتابه العزيز.

٢٤

مسألة (٨)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في سماع الغناء إذا كان بغير شبابة ولا دف ولا هجاء لمسلم ولا تشبيب بامرأة معينة ، هل فيه رخصة أم هو حرام على كل حال قادح في العدالة ، وكذلك تغني الإنسان لنفسه هو كذلك أم لا. أفتنا مأجورا.

وما قولكم في الذي لا يطرب بسماع الغناء وآلات الملاهي ، هل يحرم سماعه أم لا.

الجواب لا يجوز سماع الغناء سواء كان بشبابة أو لا ، وسواء كان هجاء لمسلم أو لا ، أو تشبيب بامرأة معينة أو لا. ولا رخصة في شيء من ذلك عند الإمامية ، ويقدح في العدالة ، وكذلك تغني الإنسان لنفسه بغير خلاف عند الإمامية.

مسألة (٩)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في امرأة سافرت الى الحجاز مع رجل أجنبي فقالت انه زوجها وشاع ذلك ، فمات في أثناء الطريق ، فقالت انه كانت معه متعة وما قلت انه دائما إلا خشية من الجمهور وانه لم يدخل بي ، ثم قالت بعد ذلك اني لم أكن متزوجة لا متعة ولا دواما ، وانما كنت مكترية معه صدر منها جميعه فعقد عليها إنسان ولم تكمل مدة العدة ، ثم دخل بها بعد ذلك وهي في العدة أيضا بناءا على قولها أنها لم تكن مزوجة ولا متعة ، فكيف يكون الحكم في ذلك مع اضطراب أقوالها وبأي أقوالها يؤخذ مع ان المتوفى كان معها ظاهرا لا يتحاشا من ذلك ولا تختفي وهل تحرم على هذا الزوج العاقد عليها والداخل بها تحريما مؤبدا أو لا. وما قولكم إذا كان العقد وقع في العدة والدخول بعدها ، فكيف يكون الحكم في ذلك. وقول الأصحاب « من تزوج امرأة في عدتها جاهلا » ما مرادهم بجهله ، يعني

٢٥

جاهلا بكونها في عدة أو جاهلا بوجوب العدة عليها ، مع علمهم بوفاة زوجها.

الجواب أما الرجل فان غلب على ظنه صدقها في إنكار التزويج بنوعيه لم تحرم عليه بالنسبة إليه ، لأصالة الإباحة وعدم المانع ، إذ هو العدة ولم يثبت ، وانما حصل بأخبارها ، وقد أخبرت بعدمها فيتعارضان ويبقى الحكم على الأصل ، ويقوي ذلك ما يروى في أخبارنا أن المرجع في الحيض والعدة الى النساء.

وأما في طرفها فان كانت صادقة في اخبارها الأول حرمت على الزوج بالنسبة إليها ، وان كانت كاذبة فيه كانت حلالا له.

وأما الحكم في الظاهر فإنه يحكم عليها بالتحريم ، ولا استبعاد في أن الشيء يكون حلالا في نفس الأمر حراما في الظاهر.

مسألة (١٠)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في قوله تعالى ( قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ. قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ) (١) فان في الآية الكريمة إشكالين :

أحدهما ـ ذكر العود ، والعود يقتضي الابتداء بشيء ثم يعود اليه ، والرسل عليهم‌السلام منزهون عن البدأة بملل الكفر والعود إليها.

والثاني ـ قول الرسل ( إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا ) ، والرسل لا يجوز عليهم الكفر ولا المعاصي ، فما معنى هذا الاستثناء. بين لنا هذين الإشكالين.

الجواب أما الإشكال الأول فالجواب عنه ان الآية تتضمن شعيبا عليه‌السلام

__________________

(١) سورة الأعراف : ٨٨ ـ ٨٩.

٢٦

ومن آمن معه من قومه ، لقوله تعالى ( لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا ) ، ولا شك في أن هؤلاء المؤمنين من قومه كانوا كفارا ، فكان الضمير عائدا إليهم معطوفا على ضمير الذين دخلوا في الايمان بعد الكفر وغلبوا الجماعة على ضمير الواحد ، فكذا قول شعيب ( إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ ) غلب فيه ضمير الجماعة على ضميره.

وأما الإشكال الثاني فالجواب عنه ان الله تعالى قادر على القبائح وان تنزه عن فعلها ، فهو من حيث أنه قادر يصح استنادها اليه ، وانما يمتنع استنادها اليه باعتبار الحكمة والاستثناء عنها ، فأتى شعيب (ع) بالاستثناء عنها نظرا الى اندراج عودهم في الكفر الى مشيته تعالى من حيث قدرته لا من حيث حكمته.

مسألة (١١)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في شخص قال بين جماعة من الناس « جميع مالي من دار وبستان وغير ذلك لأخي نصفه » ، فهل يكون هذا اللفظ هبة فيحتاج الى قبول وقبض ، أم يكون ذلك إقرارا واعترافا بأن ما في يده لأخيه نصفه فلا يحتاج الى قبول وقبض ، فان شهدت الشهود بعد وفاة أخيه أو في حياته بهذا اللفظ المذكور ما يكون حكمه. أفتنا في ذلك مفصلا وقال الله من ساعات البلاء.

الجواب المشهور بين الفقهاء بطلان هذه الصيغة وعدم الاعتبار بها ، لامتناع اضافة الملك الواحد في الوقت الواحد الى شخصين ، الا أن يقول جميع ما يبدئ أو نحوه ، أو يقول في هذه الصورة بسبب صحيح شرعي أو بأمر حق واجب.

مسألة (١٢)

ما يقول مولانا الإمام العلامة فيما يروي الجمهور عن سيدنا رسول الله صلى

٢٧

الله عليه وآله قال « ان أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى يبقى بينه وبينها باع أم ذراع ، فيسبق عليه القضاء فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار ، نعوذ بالله منها ، وان أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى يبقى بينه وبينها باع أم ذراع فيسبق عليه القضاء فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة » ، هل يصح هذا الحديث أم لا ، وان كان صحيحا فما وجه تأويله. بين لنا ذلك.

الجواب لو صح هذا الخبر لم يكن فيه استبعاد ، لان القضاء هنا يراد به ما يستحقه الطائع والعاصي في علمه تعالى ، فاذا علم الله تعالى أن العاصي بعد عصيانه في أكثر عمرة يرجع الى الطاعة كان من أهل الجنة في القضاء ، ويصدق عليه أنه يسبق ذلك بهذا المعنى الذي قررناه لا كما يقوله الجبرية ، وكذا البحث في المطيع.

مسألة (١٣)

ما يقول في من يذكي الذبيحة ويستقبل بها ، ويذكر الله تعالى عليها وهو لا يعتقد وجوب ذلك ، ولا يعلم أن ذلك واجب أو غير واجب ، هل يصح ذكاته وتحل ذبيحته والحال هذه أم لا ، وهل يتعين لفظة بعينها من ذكر الله تعالى على الذبيحة أم يكفي أي ذكر أتى به الإنسان ، أفتنا في الجميع.

الجواب نعم يصح ذكاته وتحل ذبيحته لوجود الشرط وهو ذكر الله تعالى ولهذا صحت الذكاة من الصبي وهو يعلم أنه لا يجب عليه شيء من لفظ الله تعالى ، وكذا يصح ذكاة من لا يعتقد وجوبها من العامة ، ولا يتعين لفظ الله تعالى.

مسألة (١٤)

ما يقول مولانا في من يصلي الفريضة إذا مر بآية رحمة أو بآية عقاب أو ذكر نبي

٢٨

هل يجوز له أن يقطع القراءة ويدعو بما يطابق معنى الآية من سؤال رحمة والاستعاذة من نقمة والصلاة على النبي ثم يعود إلى القراءة ، فقد ورد في تفسير قوله تعالى ( يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ ) (١) أنهم كانوا إذا مروا بآية رحمة سألوها وإذا مروا بآية نقمة استعاذوا منها ، فهل يكون ذلك في الصلاة وغيرها أم لا يجوز ذلك في الصلاة. أفتنا في ذلك لا زلت سعيدا وأمرك رشيدا وفعلك حميدا وقولك سديدا.

الجواب نعم يجوز ذلك في الصلاة لأنها دعاء ، وقد سوغ فيها ، ونص علماؤنا على ذلك في الصلاة.

مسألة (١٥)

ما يقول مولانا في العبد إذا تاب توبة مستكملة لشرائط التوبة ثم ابتلي بعد ذلك فوقع في المعصية ومات على غير توبة ـ نعوذ بالله من ذلك ـ هل يؤاخذ بالذنوب التي سلفت قبل التوبة وبعدها أم لا يؤاخذ إلا بما أحدثه بعد التوبة والتي سلفت سقطت بالتوبة ، أوضح لنا ذلك. وهل يكون ذلك إذا تاب ثم نقض ثم تاب ثم نقض كلما تاب محي عنه السالف ولا يعود إليه أم لا.

الجواب التوبة مسقطة لما تقدمها من المعاصي ، فاذا عاد إلى المعاصي لم تبطل تلك التوبة ولا تعود تلك المعاصي السابقة بعد سقوطها بالتوبة.

مسألة (١٦)

ما يقول مولانا في الألم المبتدأ هل يحسن فعله إذا كان لطفا لغير المؤلم أم

__________________

(١) سورة البقرة : ١٢١.

٢٩

لا ، وخاصة على قول من يقول انه يكفي في حسن الألم كونه لطفا. بين ذلك.

الجواب نعم يحسن بشرط أن يكون للمتألم من الأعواض ما يزيد على المستحق له بحيث لو خير لاختار الألم ، ولا يحسن بدون ذلك لما فيه من اشتماله على نوع من الظلم.

مسألة (١٧)

ما يقول سيدنا في الماء الجاري في النهر الذي تسقى به البساتين والأراضي إذا أراد الإنسان أن يشتري فيه حصة كيف السبيل إلى صحة بيعه ، وهل يصح بيع مائه اليوم واليومين والساعة والساعتين أم لا ، وكيف السبيل الى تصحيحه فان هذا أمر يحتاج الناس إليه. أبقاك الله لهذه الطائفة وجعلك الله من الآمنين يوم الراجفة.

الجواب لا يصح بيع الماء الا محصورا مشاهدا ، فإن أريد بيعه فليحضره ليشاهد أو يستأجر النهر الذي يجري فيه الماء من المباح يوما أو يومين.

مسألة ١٨ )

ما يقول مولانا في الذي تفرد به أصحابنا ، وهو تحليل وطي الأمة بلفظ التحليل والإباحة مع قوله تعالى ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ ) (١) الاية ، فحرم سبحانه ما عدا الزوجة وملك اليمين ، وكون الأصحاب رضي الله عنهم جعلوا هذا اللفظ لا حقا بالزوجة أو بملك اليمين فهو تحكم ودعوى عارية عن البراهين ، فان لجئوا في هذا الى النص عن أهل البيت عليهم‌السلام لا ينصون على ما يخالف القرآن ، وغاية ما في هذا

__________________

(١) سورة المؤمنون : ٥ ـ ٦.

٣٠

الباب أن هذا واحد وخبر الواحد لا يعمل عليه ولا يرجع اليه مع تصريح الكتاب العزيز بخلافه. وأيضا فإن النص عن الأئمة عليهم‌السلام لا يقبله الخصم وليس هو حجة عنده ويحتاج ذلك الى الانتقال عن البحث في هذا الى البحث في الأصول حتى يتقرر ان كلامهم عليهم‌السلام حجة ، في هذه تطويل وبحوث والمسؤل من صدقات سيدنا إيضاح الحجة في هذه المسألة.

الجواب اختلف الناس في هذه المسألة على قولين :

أحدهما ـ ان وطي الأمة لا يستباح بلفظ الإباحة والتحليل به ، وهو قول الأقل من علمائنا والمشهور بين الجمهور.

والثاني ـ انه يستباح بذلك ، وهو المعتمد ، لوجوه :

« الأول » الأصل. فانا قررنا في علم الأصول أن أصل الأشياء الإباحة وما عداها من الأحكام فإنها طارئة عليها لا يثبت الا بالدليل ، وهو منفي هنا. فان قلت : الاية تدل عليه. قلنا : ممنوع ، بل الآية تدل على مطلوبنا.

« الثاني » الاية. فان ملك اليمين كما يتحقق في الأعيان يتحقق في المنافع وهو ثابت هنا ، فان مقتضى الملك الإباحة للتصرف على سائر الوجوه ، وهو مشترك بين العين والمنفعة. وإذا ثبت أن الملك قد يتحقق ثبت المطلوب ، فإن الإباحة افادة الانتفاع بالبضع كالعين.

« الثالث » الروايات عن أهل البيت عليهم‌السلام.

« الرابع » ان الأمة في الأصل محل لقبول تملك كل مسلم لها بحكم أصل الكفر ، فاذا ملكها منع غيره من الانتفاع بها بحق ذلك المسلم ، فإذا أباح وطيها زال ذلك المانع ، فبقيت على حكم الأصل.

مسألة (١٩)

ما يقول في الحديث الذي رواه الجمهور ورواه الشيخ أيضا في أماليه عن

٣١

سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الله تعالى أنه قال « ما ترددت في شيء أنا فاعله كترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت وأكره إساءته » ما معنى هذا الترديد وكيف وجه هذا الحديث.

الجواب لو ثبت هذا الحديث لوجب حمله على المجاز الذي من باب استعمال الشيء في مقابلة ضده ، مثل ( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ ) (١) وان كان المكر مستحيل من الله تعالى. ولا استبعاد في حمل هذا الحديث على المجاز على هذا النوع ، فان كراهة المؤمن للموت تقتضي عدم كرامة له عند الله تعالى ويقتضي حكمة الله تعالى وهو الموت ، وعدم الخلود لأحد غيره تعالى يقتضي ترجيح موته ، فلهذين السببين سمي ترددا لما لو وقع من البشر كما تقدم في المكر.

مسألة (٢٠)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في الحشيشة التي يأكلها الناس ويقولون انها غير مسكرة لكن يذكرون إنها مضرة بالبدن ، فهل ورد فيها نص في تحريمها بعينها أم هي حرام لكونها مضرة بالبدن ، أم تحرم ان كانت مسكرة وان كانت ليس بمسكرة فليست بحرام ، وهل هي نجسة أم لا.

الجواب المشهور بين الناس أنها مسكرة ، فحينئذ يحرم تناولها لا باعتبار ضررها بالبدن خاصة بل باعتبار إسكارها. ولو فرض أنها مضرة بالبدن حرم تناولها أيضا.

ومع القول بتحريمها لا تكون نجسة ، لان النجس من المسكرات انما هو المائع خاصة.

__________________

(١) سورة آل عمران : ٥٤.

٣٢

مسألة (٢١)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في نهر جار كبير يدخل إلى مدينة فيستصحب النجاسات فيها ويخرج منها وهو متغير اللون والطعم والرائحة ، فاذا بعد عنها زال تغيره وهو يجري الليل والنهار على هذه الصفة ، فهل يزول تغيره بالبعد عنها أو بالشمس أو بتصفيق الرياح يزول عنه حكم النجاسة ويحكم بكونه طاهرا مطهرا أم لا.

الجواب متى حصل له حكم النجاسة لم يطهر الا بزوال التغير. نعم بتكاثره وتواتره لا بتصفيق الرياح ولا بالشمس وغيرها.

مسألة (٢٢)

ما يقول سيدنا في الماء النجس إذا اجتمع كرا هل يطهر أم لا.

الجواب لا يحكم له بالطهارة ما لم يجتمع من أجزاء طاهرة بأسرها.

مسألة (٢٣)

ما يقول سيدنا في من نذر أنه كلما نقض وضوءه توضأ وصلى ثم أخل بذلك مرة بعد اخرى ، ثم يلازم ذلك برهة ثم يتركه ثم يلازمه ثم يتركه ، فهل يجب عليه بكل مرة يترك فيها الوضوء كفارة خلف النذر وهذا أمر صعب أم يلزمه فرد كفارة واحد عن أول مرة ، وهل كفارة خلف النذر عند مولانا كفارة كبيرة أو كفارة صغيرة ، وإذا انتقض وضوؤه بما يوجب الغسل هل يجب عليه المبادرة إليه كما في الوضوء أم لا.

الجواب يجب عليه في كل مرة أخل فيها بالنذر كفارة خلف النذر ، وهي

٣٣

كفارة كبيرة مخيرة بين العتق وصوم شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا للروايات الشهيرة ، فاذا انتقض وضوؤه بما يوجب الغسل خاصة كالجنابة فإن قصد في نذره الوضوء لرفع الحدث لم يجب عليه وضوء ، وان أطلق وجب عليه الوضوء للنذر لا لرفع الحدث.

مسألة (٢٤)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في الذي ينتهي حاله من الخوف الى التسبيح بدلا من الصلاة هل يحتاج إلى تكبيرة الإحرام عند نية ذلك والى السلام عند الفراغ منه أم لا يحتاج الى ذلك.

الجواب الأقوى وجوب التكبير ، وأما السلام فعندي انه مستحب ، فلا يكون هنا واجبا. وكذا لو قيل بوجوبه في صلاة المختار على الأقوى.

مسألة (٢٥)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في الثياب التي تجلب من الهند ومن الروم ومن غير ذلك وفيها ما هو مصبوغ وغيره وفيها ما يقال فيه قولا غير محقق أنه لا يعمله الا الإفرنج كالجوخ وثياب الصوف ويجتمع الكل في أسواق المسلمين ويشترى من المسلمين وهل يجب غسله قبل لبسه ليطهر ويجوز الصلاة فيه أم لا يحتاج الى الغسل ويحكم بطهارته وجوز الصلاة فيه. وما قولكم إذا اشتراه الإنسان ممن يجلبه والجالب له مشرك هل يجب غسله والحال هذه أم حكمه حكم ما يشترى من أسواق المسلمين مع علمنا بأن أهل السوق يشترونه ممن يجلبه من مشرك وغيره.

الجواب لا يجب غسل شيء من هذه الثياب لأنها على أصل الطهارة ، فإن

٣٤

الأعيان النجسة أمور مضبوطة محصورة في أجناس مخصوصة نص عليها الشارع وحكم بطهارة ما عداها الا أن تعرض له بما يخرجه عن أصله ، وليست هذه الأعيان فيها لعدم خروجها عن أصلها انما هو بمباشرة الكفار لها برطوبة وذلك غير معلوم ، فهي على أصل الطهارة ولم تخرج عنه.

ولو اشترى من مشرك أو أخذ منه لم يحكم بنجاسته أيضا ، بل لو علم أنه عمله ولم يباشره برطوبة لم يجب غسله أيضا.

مسألة (٢٦)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في ابتداء التشهد الأخيرة في الصلاة يقول « التحيات لله والصلوات الطيبات المباركات لله » وما يتبع ذلك من غير أن يقول « السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين » هل في ذلك كراهية أم هو مستحب أم الاولى أن يقول « بسم الله وبالله والأسماء الحسنى كلها لله » ، فان كثيرا من عوام أصحابنا ينكرون على من يقول التحيات ويقولون قالوا ـ يعنون الأئمة عليهم‌السلام ـ التحيات لغيرنا ، فهل ورد في هذا أمر أو هو من أراجيف العامة أم كره ذلك لكونه صار من شعار الجمهور كما قال الغزالي في الوجيز : والسنة تسطيح القبور ولكنه كره لكونه صار شعار الرفضة. فبين لنا بين الله لك الطريق.

الجواب التحيات في التشهد مستحبة ، والاولى فيه اتباع المنقول ، وهو ذكرها بعد الشهادتين. وأما التنصيص على حكم في التقديم من كراهية أو تحريم فلم يحضرني الان فيه شيء. واما كون الفعل شعار الجمهور فلا يقتضي تغير الحكم عندنا ، فإن أئمتنا عليهم‌السلام إنما أخذوا الأحكام بالوحي الإلهي دون الاستحسان والاجتهاد ، وحاشاهم من جعل المشروع غير مشروع لكون غيرهم يعتقده مشروعا.

٣٥

مسألة (٢٧)

ما يقول مولانا في المصلي إذا انكشفت عورته في أثناء الصلاة ثم سترها هل تبطل صلاته بذلك أم لا ، وهل إذا تعمد كشفها ثم سترها يكون الحال كما لو انكشفت بغير اختياره أم لا. أفتنا في ذلك يرحمك الله.

الجواب أما الحكم في الصورة الثانية هو البطلان مطلقا ، وأما في الأولى فالأقوى انه كذلك أيضا ، لأن الستر شرط في الصلاة وقد زال فتزول الصحة بزواله.

مسألة (٢٨)

ما يقول مولانا في الغسالين الذين يغسلون في الأسواق ثياب الناس فلا تعرف قطعا لمن يغسلون ولكنهم يغسلون الثياب الطاهرة والنجسة ، ومن جملتها الثياب التي يبعثها الإنسان إليهم وهم يغسلون في إجانة واحدة من زير واحد (١) يقولون انهم ينظفون الثياب هم ومن الزير أيضا بعد تنظيفها ويأتون بالثياب نظيفة مصقولة ، فهل يحكم بطهارة الثياب وجواز الصلاة فيها ، وهل يرجع الإنسان إلى قولهم إذا أخبروا بأنهم طهروا الثوب بماء طاهر أم لا.

الجواب يحكم بطهارتها لأصالة طهارة المسلم وأصالة صحة اخباره وأصالة طهارة الثوب.

__________________

(١) الزير بالكسر الدن ، وهو الراقود العظيم أو أطول من الحب أو أصغر ، له عشعش لا يقعد الا أن يحفر له.

٣٦

مسألة (٢٩)

ما يقول سيدنا فيمن غسل ثيابه وهي نجسة في إجانة ، فاذا نظفت عصرها ثم يقلب على الثوب وهو متلوث بالعصرة الاولى طاستين أو ثلاثة من ماء طاهر ثم يعصره ، فهل يطهر بذلك أو يحتاج الى أن يقلب عليه طاستين أو ثلاثة أخر ويعصر طريق آخر.

الجواب يحتاج الى تخلل الماء الطاهر في تخلل طي الثياب ووصوله الى جميع اجزاء الثوب ثم خروج الممكن من إخراجه بالعصر منه.

مسألة (٣٠)

ما يقول مولانا في الصابون إذا كنا ما نعلم من عمله هل هو طاهر أو نجس ، وما قولكم فيه إذا لاقته نجاسة هل يقبل التطهير بغسل الموضع الذي وقعت عليه النجاسة أم لا يطهر الا بقطع ذلك الموضع أو تحته. أفتنا مأجورا.

الجواب يحكم بطهارته بناء على الأصل ، سواء علم صانعه أو جهل. وإذا نجس لم يطهر الا بالقطع.

مسألة (٣١)

ما يقول سيدنا في الصائم ما بالة يجب عليه الغسل قبل طلوع الفجر فان طلع عليه لم يصح صومه إذا تعمد ذلك ، فاذا احتلم في النهار لا يفسد صومه ولا يجب عليه المبادرة إلى الغسل ويجوز له تأخيره إلى آخر النهار. بين لنا ذلك.

الجواب الأحكام الشرعية مأخوذة عن الشارع ولا مجال للعقل في كثير منها ، فجاز أن يجعل الشارع شيئا من الأشياء شرطا في ابتداء عبادة دون توسطها

٣٧

كالتكبير والنية وغيرهما ، فاذا انعقدت العبادة مع الطهارة استصحب حكمها في باقيها ، بخلاف ما إذا لم تحصل الطهارة في أولها ، فإن العبادة هنا لا تكون كاملة ، بخلاف الصورة الأولى.

مسألة (٣٢)

ما يقول سيدنا فيمن أصبح جنبا متعمدا هل يصح صومه ندبا أو واجبا غير متعين أم لا ، وإذا احتلم في النهار وهو صائم ندبا هل يبطل صومه أم لا.

الجواب لا يصح صومه ذلك اليوم عند علمائنا لا فرضا ولا نفلا لفوات الشرط وهو الطهارة في أوله ، أما لو تجدد الاحتلام في أثناء النهار من غير تعمد فإنه لا يبطل صومه بعد انعقاده.

مسألة (٣٣)

ما يقول سيدنا في محمد بن الحنفية هل كان يقول بامامة أخويه وامامة زين العابدين عليهم‌السلام أم لا ، وهل ذكر أصحابنا له عذر في تخلفه عن الحسين عليه‌السلام وعدم نصرته له أم لا ، وكيف يكون الحال ان كان تخلفه عنه لغير عذر. وكذلك عبد الله بن جعفر وأمثاله.

الجواب قد ثبت في أصول الإمامية ان أركان الإيمان التوحيد والعدل والنبوة والإمامة ، والسيد محمد بن الحنفية وعبد الله بن جعفر وأمثالهم أجل قدرا وأعظم شأنا من اعتقادهم خلاف الحق وخروجهم عن الايمان الذي يحصل بارتكابه الثواب الدائم والخلاص من العقاب الدائم.

وأما تخلفه عن نصرة الحسين عليه‌السلام فقد نقل أنه كان مريضا. ويحتمل

٣٨

في غيره عدم العلم بما وقع لمولانا الحسين عليه‌السلام من القتل وغيره ، وبنوا على ما وصل من كتب الغدرة اليه وتوهموا نصرتهم له.

مسألة (٣٤)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة فيما ينقل عن سكينة بنت الحسين عليه‌السلام أنها كانت تراجع الشعراء وتكلمهم وتخبرهم ، فهل هذا صحيح أم لا ، وهل كانت تخاطبهم مشافهة أو على لسان أحد ، وفي فاطمة بنت الحسين عليه‌السلام هل صح انها تزوجت بعبد الله بن عمر وابن عثمان ، فان ذلك نقلا شائعا ويقولون انها ولدت منه محمد الذي يكني بالديباج ، فهل هذا صحيح أم لا.

الجواب لا يجوز أن ينسب أحد من الذرية إلى ارتكاب محرم متفق على تحريمه ، واسناد النقص إلى الرواة أولى من إسناده إليهم عليهم‌السلام.

مسألة (٣٥)

ما يقول سيدنا في قول أصحابنا ان المرأة لا يجوز لها أن تدع مملوكها ينظر إليها ، وقد قال سبحانه في الآية ( أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ) (١) فإن كانوا يتأولون الآية على الإماء دون الرجال ففيه إشكال ، لأن إماء غيرها يجوز لهن النظر إليها بل النساء على الإطلاق أحرارهن واماؤهن ، ويجوز لبعضهن النظر الى بعضهن على الإطلاق. وكذا قول أصحابنا انه لا يجوز للمرأة كلام الأجنبي مع قوله في الآية الكريمة ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ) (٢) فظاهر الاية يقتضي جواز الكلام من غير خضوع ، فأي فائدة تبقى في الآية الكريمة

__________________

(١) سورة النور : ٣١.

(٢) سورة الأحزاب : ٣٢.

٣٩

على قول أصحابنا ، وما معنى قوله سبحانه وتعالى ( أَوْ نِسائِهِنَّ ) وما فائدة هذه الإضافة مع جواز نظر النساء بعضهن الى بعض.

الجواب كلام الشيخ رحمه‌الله في التبيان يعطي أن المراد بما ملكت أيمانهن الأمة ، وحمل قوله تعالى ( أَوْ نِسائِهِنَّ ) على نساء المؤمنين دون نساء المشركين ، وقال في المبسوط : ان الخصي لا يجوز له النظر الى مالكته. ونقل عن أصحابنا أن المراد بالاية الإماء.

وقد روى شيخنا الصدوق أبو جعفر محمد بن محمد بن بابويه رحمه‌الله عن محمد بن إسحاق قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : يكون للرجل الخصي يدخل على نسائه فيناولهن الوضوء فيرى من شعورهن؟ قال : لا.

والأحوط عندي في ذلك التحريم ، وتخصيص نسائهن بما قاله الشيخ في التبيان من أنه لا يجوز أن ينظر نساء المشركين إلى المرأة.

وأما الصوت فروي جواز السلام على النساء وسلام المرأة عليه. وروي ان صوت المرأة عورة. والوجه التحريم مع التلذذ.

مسألة (٣٦)

ما يقول سيدنا في المرأة هل يحرم النظر الى الرجل الأجنبي سواء كان بتلذذ أو ريبة أو بغيرهما ، مع أن النساء لم يزلن في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد عصره وهلم جرا يخرجن في حوائجهن ولا بد أن يقع نظرهن على الرجال. فبين لنا هذا الحال تقبل الله منك صالح الأعمال.

الجواب لا يجوز لهن النظر الى الرجال الأجانب مطلقا كالرجال ، للاية ولما روي ان عائشة وحفصة لم يحتجبا عن ابن أم مكتوم واعتذرتا بأنه أعمى ، فقال عليه‌السلام : أفعمياوتان أنتما. وهو نص في الباب.

٤٠