أجوبة المسائل المهنائية

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

أجوبة المسائل المهنائية

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


الموضوع : الفقه
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٨٨

مسألة (١٦٥)

ما يقول سيدنا في كتب الأصحاب ، هل يجوز تقليدها أم لا ، وهل يفترق بين من مات منهم أو هو حي أم لا ، وإذا كان الإنسان يعرف خط مصنف الكتاب ورأى خطه على ذلك الكتاب بقراءته وسماعه له هل يصح تقليد ذلك الكتاب والحال هذه أم لا ، وأي كتب الأصحاب ينبغي ان نرجع إليه. أفتنا في ذلك مفصلا مبينا.

الجواب لا يجوز تقليد الكتب. نعم يجوز الرجوع في الاستفتاء الى خط المفتي إذا علمه ، فإن الأئمة عليهم‌السلام كانوا يفتون بالمكاتبة ، ولو لا تسويغ الرجوع إليها لم يكن لها فائدة.

مسألة (١٦٦)

ما يقول سيدنا في الإنسان ، هل يجب عليه السعي إلى المفتي إذا احتاج الى ذلك أم يكفيه خطه ومكاتبته ، فاذا كانت المكاتبة كافية للقادر على السعي أو لمن لا يقدر على السعي وهو لا يعرف خط المفتي كيف يكون الحال ، وإذا كان يعرف خط المفتي هل يجزيه خطه من غير سعي اليه وان كان قادرا على السعي. بين لنا ذلك بفضل الله.

الجواب نعم يكفيه المكاتبة إذا عرف خطه وانه أفتاه غير ساه ولا غافل ، وإذا لم يعلم أحدهما وجب عليه السعي اليه أو الاستناد الى من يخبر عنه من الثقات.

مسألة (١٦٧)

ما يقول سيدنا في البلد الذي يعتصر فيه الشيرج والزيت وفي البلد المسلمون

١٠١

وأهل الذمة ، فهل يكون ما يشتري من أسواقها من المسلمين من الزيت والشيرج طاهر يجوز أكله واستعماله أم لا. أفتنا في ذلك أعاد الله علينا من بركاتك.

الجواب لما كان في الأشياء الأصل الطهارة حكمنا بطهارة هذه الأشياء عملا بالأصل ، ولا يؤثر في ذلك تجويز أن يكون فعله من يستحل الميتة.

مسألة (١٦٨)

ما يقول سيدنا في تحريم استقبال القبلة واستدبارها ، هل يكون في حال خروج الخارج حتى لو قام الإنسان بين موضع التبرز الى موضع آخر للاستنجاء جاز له استقبال القبلة واستدبارها ، أو يعم التحريم جميع ذلك. أفتنا مأجورا يرحمك الله.

الجواب النهي مخصوص بحال قضاء الحاجة دون غيرها ، وإذا قام لغرض ولم يخرج منه حالة قيامه ومشيه شيء جاز له الاستقبال والاستدبار.

مسألة (١٦٩)

ما يقول سيدنا في الثوب إذا وقع على تراب نجس أو رجل الإنسان تزل عن المداس على أرض نجسة وهي يابسة فينفض ثوبه أو رجله حتى لا يبقى للتراب النجس أثر ولا عين. فهل يطهر الثوب والرجل بذلك أم لا بد من الغسل وكذلك الورقة أو الكتاب أو غير ذلك. أفتنا أدام الله سعدك وأنجح قصدك.

الجواب إذا لم يكن أحدهما رطبا لم تتعد النجاسة اليه ولا الى ثوبه وإذا نفض الاجزاء عنها كانا طاهرين ، وكذلك جميع الأشياء إذا لم يكن الملاقي ولا الملاقي رطبا.

١٠٢

مسألة (١٧٠)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في دري بن الحافظي وتصانيفه هل معتمدة أم لا وهل كان خادما خصيا أم لا.

الجواب ما وقفت على كتاب لهذا المشار اليه ، لكن رأيت بعض مصنفي علمائنا يقول ان دري بن عبد الله الحافظي منسوب الى الحافظ لدين الله ، له كتاب معالم الدين في الأصول والفقه مجلدان ، ووقف كتبا كثيرة على المشاهد الشريفة ، وفي خزانة مولانا الكاظم (ع) أيضا منها كتب كثيرة حسنة. هذه صورة ما وقفت عليه.

مسألة (١٧١)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في الرواية التي وردت بأن قاضي شهر رمضان يتابع هي ستة أيام ويفرق الباقي ، ما سبب ذلك وهل لهذا العدد خصوصية أم لا.

الجواب التقديرات الشرعية لا يعقل معناها ، بل يتبع في ذلك مجرد النقل.

مسألة (١٧٢)

ما يقول سيدنا في من نذر صوم سنة معينة متتابعة ثم أخل بصومها عمدا ، فهل يجب عليه قضاؤها أم يجب عليه كفارة خلف النذر ولا يجب عليه قضاؤها ، فإن كان يجب عليه قضاؤها هل يجب عليه قضاؤها متتابعا أم يجوز له تفريقها.

الجواب نعم يجب عليه قضاؤها متتابعا ويجب عليه كفارة خلف النذر أيضا.

١٠٣

مسألة (١٧٣)

ما يقول سيدنا في من نذر صوما معينا ففاته لمرض أو سفر أو غير ذلك من الأعذار الموجبة للإفطار هل يجب عليه قضاؤها أم لا.

الجواب نعم يجب عليه قضاؤها الا ان يكون الفوات بعذر مسقط للتكليف كالإغماء وشبهه.

مسألة (١٧٤)

ما يقول سيدنا في من طبخ حب رمان محلى بزبيب معتصر مصفى أو بعصير عنب ساعة اعتصاره ثم يحصل له الغليان على النار هذه الصفة مع اللحم والحوائج هل يكون حراما أو حلالا.

الجواب أما ما يسمى عصيرا فالوجه في غليانه اعتبار ذهاب ثلثيه ، وأما الزبيب فالأقرب إباحته مع انضمامه الى غيره ، لان الناس في جميع الأزمان والأصقاع يستعملونه من غير إنكار أحد منهم لذلك.

مسألة (١٧٥)

ما يقول سيدنا في عصير التمر ، هل يحرم إذا غلا من نفسه أو بالنار حتى يذهب ثلثاه أم هذا حكم مختص بعصير العنب خاصة.

الجواب عصير التمر ليس بحرام الا ان يحصل له شدة الإسكار عملا بالأصل السالم عن معارضة النقل بما ينافيه.

مسألة (١٧٦)

ما يقول سيدنا في المرأة إذا فقد زوجها في هذا الزمان ولم يعلم خبره

١٠٤

ولا حاله ، فالمعلوم من مذهب الأصحاب أنها كما جاء في الرواية مبتلاة فلتبصر أبدا ، ورأينا شخصا من أصحابنا المتدينين قد زوج ابنته مع فقد زوجها وعدم الاطلاع على حاله ، وذكر أن ذلك الفتوى وردت عليه من مولانا ، والمسئول من صدقات سيدي إيضاح هذا الحال وكيف يكون العمل في ذلك وكم تصبر المرأة من المدة ، فبين لنا ذلك جميعا أدام الله نصرك.

الجواب هذه المرأة أن أنفق عليها ولي الزوج صبرت أبدا ، وان لم يكن له ولي ينفق عليها رفعت أمرها إلى حاكم الشرع بحيث يطلبه ويبحث عن أمره أربع سنين ، فان عرف حياته صبرت أبدا وان جهلت حاله أمرها بعد البحث عنه أربع سنين بالاعتداد عند الوفاة ثم تتزوج.

مسألة (١٧٧)

ما يقول سيدنا في الجلود وما يعمل عليها من القرب وغيرها ويشترى من أسواق المسلمين من غير بحث عن شيء من أحوالها من علمنا بأن جميع أهل السوق يستحلون جلود الميتة بعد دبغها ، هل يجوز استعمالها والصلاة فيها والنوم عليها مع ما ذكرناه لغلبة الظن هنا مبيحة للصلاة فيها واستعمالها أم لا ، فان هذا أمر صعب يلزم منه الحرج ، لان الفروة والفراش والدلو والقربة والرواية التي يحمل الماء فيها من البحر وغيره والمداس والرسن والكتب المجلدة وغير ذلك مما لا يحصى كثرة. فأوضح لنا ذلك وسهل علينا سهل الله عليك وأدام عزك.

الجواب إذا أخذ ذلك من يد مسلم وغلب على ظنه التذكية جاز له استعمالها بناء على غلبة الظن القائم مقام العلم في العبادات ، ولو تجرد عن الظن وعلم أن المأخوذ منه يستحل الميتة لم يجز له استعماله.

١٠٥

مسألة (١٧٨)

ما يقول سيدنا في كراهية الصلاة في الثوب الذي يكون تحت وبر الأرانب والثعالب أو فوقها مع أن جلودها طاهرة ويجوز لبسها في غير حال الصلاة ، فما وجه ذلك ، وهل يجوز عند مولانا لبس جلودها في حال الصلاة للرواية الواردة بذلك أم لا ، وكذلك السنجاب وعن الخز ما هو. بين لنا ذلك مبينا.

الجواب الأقوى تحريم الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه الا الخز الخالص ، وكراهة الصلاة في الثوب الذي يكون تحت وبر الأرانب والثعالب أو فوقه مستفادة من الاخبار ولأنه لا ينفك الثوب من بعض وبر فيه.

مسألة (١٧٩)

ما يقول سيدنا في ما يقوله أصحابنا ان آباء سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كلهم كانوا على التوحيد والإسلام ، ومن جملة آبائه الخليل ، وقد نطق الكتاب العزيز بأن آزر أبا إبراهيم على نبينا وعليه السلام كان كافرا ، فبأي شيء يتأول أصحابنا الآيات الواردة في ذلك المصرحة به ، وهل هذا الحكم مختص بنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحده أم يجب ان يكون آباء الأنبياء عليهم‌السلام كذلك. قال الشيخ أبو الصلاح الحلبي رحمه‌الله : ذكر أن النبي على الإطلاق يجب تنزيه آبائه عن الشرك بالله سبحانه ، ولم يفرق بين نبينا عليه‌السلام وغيره.

فسيدنا أمده الله بأنواره وجعله من المطلعين على إسراره يوضح لعبده ذلك حرسه الله في جميع المسالك.

الجواب قد قيل ان آزر لم يكن أبا إبراهيم عليه‌السلام حقيقة وانما كان جده لأمه ، لأن أهل النسب أجمعوا على أن اسم أبيه تارخ ، ولا شك أن أهل اللغة

١٠٦

يطلق لفظة الأب على العم تارة وعلى الخال اخرى ، لقوله تعالى ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ ) (١) وكان مع يعقوب عليه‌السلام خالته ، وعلى جد الأم لأنه أب أحد الأبوين.

مسألة (١٨٠)

ما يقول في المصلي إذا كان يجوز له أن ينتقل من سورة إلى أخرى اختيارا إذا لم يتجاوز النصف ، فأي شيء يكون حكم الرواية التي فيها « لكل ركعة سورة لا تقرأ بأقل منها ولا بأكثر ».

الجواب المراد بالأكثر سورة كاملة اخرى ، لورود النهي عن القرآن بين السورتين في الفريضة.

مسألة (١٨١)

ما يقول سيدنا في النية للغسل والوضوء ، هل يجب فيهما نية رفع الحدث واستباحة الصلاة والوجوب والقربة أم يكفي الاقتصار على بعض هذه الأربع ، وما الذي يجزي الاقتصار عليه منها. أفتنا مأجورا في ذلك أدام الله عزك وأحسن الله إليك وغفر الله لك ولوالديك.

الجواب يكفي نية رفع الحدث عن الاستباحة وبالعكس ، وأما الوجوب والقربة فلا بد منهما مع أحد الأولين ، والمجزي أن ينوي الوجوب والقربة وأحد الأمرين اما رفع الحدث أو الاستباحة.

__________________

(١) سورة يوسف : ١٠٠.

١٠٧

مسألة (١٨٢)

ما يقول سيدنا في غسل الوجه باليدين جميعا في حال الوضوء ، هل فيه كراهية أم لا.

الجواب لا كراهية فيه الا انه مخالف لما نقل في صفة الوضوء ، لكن تلك المخالفة لما اشتملت على المأمور به لم تكن مبطلة.

مسألة (١٨٣)

ما يقول سيدنا في قول مولانا في القواعد في الأغسال ولا تتداخل وان انضم إليها واجب ، ولا يشترط فيها الطهارة من الحدثين ، ويقدم ما للفعل إلا التوبة ، ويكفي غسل الجنابة من غيره لو جامعه دون العكس ، فان انضم الوضوء فإشكال ونية الاستباحة أقوى إشكالا ، وغسل الأموات كاف عن فرضه ، فان هذا الفعل جميعه محتاج الى الشرح والبيان ، والمسؤل من إحسانه شرحه وتبيينه أدام الله في السعادة تمكينه.

الجواب اختلف علماؤنا في الأغسال المندوبة هل تتداخل أو يكفي الغسل الواجب عنها ، والأقوى عدم التداخل وعدم الاكتفاء بالواجب عنها خلافا للشيخ رحمه‌الله.

وأما عدم اشتراط الطهارة من الحدثين فإنه يستحب للحائض والمستحاضة الغسل للإحرام والجمعة وغيرهما.

والأغسال التي تستحب للفعل مثل غسل الزيارة ودخول المسجد وشبههما يستحب تقديمه على الفعل ، بخلاف ما للزمان مثل غسل الجمعة وشبهه فإنه يقع فيه لا متقدما عليه الا غسل التوبة فإنها متقدمة عليه.

١٠٨

ويحتمل أن يكون المراد بإطلاق الأصحاب العزم على استمرار التوبة ، فإنه يكون أيضا متقدما على التوبة.

وإذا اجتمعت أغسال متعددة كحيض وجنابة ومس ميت وغيرها كفى غسل الجنابة عن تلك الأحداث دون العكس ، ولو اغتسلت للحيض وعليها جنابة وتوضأت احتمل الاجزاء عن غسل الجنابة لأنها مأمورة بالصلاة إذا فعلت ذلك.

والأحداث تتداخل بعضها في بعض وعدمه ، لان غسل الجنابة أكمل من غيره ، ولهذا يجزي عنها دون غيره فإنه لا يجزي عنها ، ولهذا يستغنى عن الوضوء دونها فلا يجزي غيرها عنه ولا يعلم كماليتها مع الوضوء بحيث تساويه ، فهذا وجه الاشكال مع الوضوء.

أما نية الاستباحة فيحتمل أنها تجزى لقوله عليه‌السلام « إنما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى » وقد نوت الاستباحة فيجب أن يحصل لها.

وغسل الأموات كاف عن فرض الوضوء ، فالضمير راجع الى الوضوء ، فان الوضوء لا يجب في غسل الأموات بل يستحب فعله ، فهو كاف عن فرض الوضوء لا عن مطلق الوضوء.

مسألة (١٨٤)

ما يقول سيدنا في من يعتقد أن له ربا ويوجب له صفات الكمال وينزهه عن صفات النقصان على الإجمال والتقليد ، ويعتقد نبوة نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وامامة الأئمة عليهم‌السلام. ويعتقد جميع ما يجب اعتقاده من البعث والجنة والنار ، كل ذلك يعتقده تقليدا أو تسليما من غير نظر لا مجملا ولا مفصلا ، هل يكون بهذا القدر مؤمنا ناجيا في آخرته مقبول العبادات مستحق الثواب عليها أو لا يكون كذلك ، وما القدر الذي لا بد من معرفته في هذا الباب ، فان هذا أمر

١٠٩

كبير تمس الحاجة ويعم به البلوى ، فكم قد رأينا ومن لم نره أكثر من شخص صائم قائم مجتهد في عباداته ولو سئل عن مسألة واحدة مما يجب للباري سبحانه وتعالى وما يستحيل عليه أو في شيء من أبواب النبوة لم يجب بحرف واحد ، فهل يكون هذا مقبول العبادة مؤمنا أم لا. أوضح لنا جميع هذه المسائل كفاك الله شر الغوائل.

الجواب لا يجوز التقليد في أصول الايمان ، لان الله تعالى ذم في كتابه العزيز التقليد في عدة مواضع. والعقل أيضا دال عليه ، فان العامي اما أن يكلف للمصيب ولاي شخص اتفق ، والثاني باطل فان الآراء مختلفة والاعتقادات متعددة وليس تقليد أحدهم أولى من تقليد غيره اما أن يجب تقليد أحدهم وهو المطلوب أو تقليد الكل وهو محال أو تقليد من اتفق وهو خطأ إذ لا أولوية فيه فتعين الأول لكن لا يعلم المقلد اصابة من يقلده إلا إذا علم أن اعتقاده حق ، وانما يعلم ذلك بالأدلة لا بقوله والا لزم الدور. وإذا كان الواجب عليه اعتقاد من يعلم صدقه بالدليل وجب عليه النظر ويحرم عليه التقليد ، وهو المطلوب ، فمن قلد في أصل الإيمان فليس بمؤمن ولا يستحق ثوابا.

والقدر الذي يجب اعتقاده بالنظر والفكر هو جميع أصول الإيمان : من التوحيد المشتمل على معرفة الله تعالى وما يجب له وما يمتنع عليه ، والعدل المشتمل على معرفة أفعال الله تعالى وما يجب عليها من اللطف والتكليف وأشباهها ، ولا يلزم من العجز عن البعض في أجوبة المسائل عدم علمهم ، فقد يعلم العامي ما يعجز عن التعبير عنه. ومثل هذه المسائل الأصولية قل أن يخلو أحد من العقلاء منها بأسرها ، وقد يحتاج في كثير منها الى التنبيه والتمثيل.

تم القسم الأول من المسائل وجوابها بحمد الله وتوفيقه.

١١٠

أجوبة المسائل المهنائية

( الثانية )

١١١
١١٢

بسم الله الرحمن الرحيم

المملوك مهنى بن سنان يقبل أبواب الحضرة العالية المولوية الكاملية الفاضلية العابدية الزاهدية الفدوية المعظمية الجمالية لا زالت للقاصدين مفتحة الأبواب وللواردين واسعة الرحاب ، وان المملوك ما يبرح يسمع بفضائل مولانا ومكارم أخلاقه ، وكلما سمع شيئا يزداد تضاعف أشواقه ، فلما جمع الله بفضله للمملوك برؤية مولانا بين حاسة السمع والبصر وشاهد من الخبر ما زاد على الخبر كما قال الشاعر :

ما زلت أسمع عن علياك كل ثنا

أبهى من الشمس أو أضوأ من القمر

حتى التقينا فما والله ما سمعت

اذني بأفضل مما قد رأى بصري

فلما شاهد المملوك شمائل مولانا الرضية وأخلاقه المرضية تجاسر في السؤال وطلب من مولانا على جهة الإدلال ، وهو يسأل من مولانا وصدقاته أن يشرف هذه المسائل بجواباته ، وان يكتب للمملوك اجازة بجميع مصنفات مولانا

١١٣

ومقرواته ومسموعاته ، وان يذكر في الإجازة اتصال سنده الى كتب المشايخ الثلاثة المفيد والطوسي والمرتضى رضوان الله عليهم ، وكتب من تضمنه السند المذكور من المشايخ رحمهم‌الله ، وان يذكر من ذلك سندا واحدا متصلا بذلك بأحد الأئمة عليهم‌السلام ، وذلك من سيدي للمملوك على جهة الخير ، ليحصل للمملوك بذلك غاية الفخر ولمولانا في ذلك من حصول الأجر.

لا زال سيدنا نافذ النهي والأمر ، محروسا من آفات الدهر ، قائم الجاه في الدنيا وفي الحشر.

أنهى المملوك ذلك والرأي أعلاه ، والحمد لله وحده وصلوات الله على سيدنا محمد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الطيبين الطاهرين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

* * *

يقول العبد الفقير الى الله حسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي :

لما كان امتثال أمر من يجب طاعته وتحرم مخالفته وتفرض مودته من الأمور اللازمة والفروض المحتومة ، وحصل ذلك من الجهة النبوية والحضرة الشريفة العلوية التي جعل الله تعالى مودتهم أجرا لرسالة نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وسببا لحصول النجاة يوم الحساب وعلة موجبة لاستحقاق الثواب والخلاص من دوام العقاب ، من جهة سيدنا الكبير الحسيب النسيب النقيب المعظم المرتضى مفخر آل طه ويس جامع كمال العمل والعلم المتصف بصفة الوقار والحلم نجم الملة والحق والدين مهنى بن سنان بن عبد الوهاب الحسيني أحسن الله اليه وأفاض من بركاته عليه بالإجازة والرواية.

والجواب عن سؤاله معلومة عنده على وجه الدراية ، قصد بذلك تشريف عبده بذلك الخطاب من عنده ، فسارع العبد إلى طاعة ما طلبه وامتثال ما أوجبه فقال :

١١٤

فقد استخرت الله تعالى وأجزت له أعز الله إفضاله وأدام إقباله جميع مصنفاتي ورواياتي واجازاتي ومنقولاتي وما درسته من كتب أصحابنا السابقين رضوان الله عليهم بإسنادي المتصل إليهم رحمة الله عليهم ، خصوصا كتب الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان رحمه‌الله تعالى عني ، عن والدي ، عن الشيخ السعيد نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد وعن السيد جمال الدين أحمد بن طاوس الحسني وغيرهم ، عن الشيخ يحيى بن محمد بن يحيى بن الفرج السوراوي ، عن الشيخ الفقيه الحسين بن هبة الله بن رطبة ، عن المفيد أبي علي ابن الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، عن والده ، عن الشيخ المفيد رحمه‌الله. وعن والدي والشيخ أبي القاسم جعفر بن سعيد وجمال الدين أحمد بن طاوس وغيرهم عن السيد فخار بن معد بن فخار العلوي الموسوي ، عن الفقيه شاذان بن جبرئيل القمي ، عن الشيخ أبي عبد الله الدوريستي ، عن الشيخ المفيد محمد بن محمد ابن النعمان.

وأجزت له رواية كتب شيخنا أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي قدس الله روحه بهذه الطريق وبغيرها عني وعن والدي رحمه‌الله وعن الشيخ أبي القاسم جعفر بن سعيد والسيد جمال الدين أحمد بن طاوس جميعا عن السيد أحمد بن يوسف بن أحمد بن العريضي العلوي الحسيني ، عن السعيد الفقيه برهان الدين محمد بن محمد بن علي الهمداني العروضي نزيل الري ، عن السيد فضل الله بن علي بن الحسين الراوندي ، عن عماد الدين أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسيني ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي قدس الله روحه.

وأما كتب السيد المرتضى قدس الله روحه ونور ضريحه ، فقد أجزت له روايتها عني بهذا الاسناد وغيره عن الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه‌الله عنه ، وعن والدي رحمه‌الله تعالى والشيخ أبي القاسم جعفر بن سعيد والسيد جمال

١١٥

الدين أحمد بن طاوس رضي الله عنهم ، عن يحيى بن محمد بن الفرج السوراوي ، عن الحسين بن رطبة ، عن المفيد أبي علي ، عن والده أبي جعفر الطوسي ، عن السيد المرتضى رحمه‌الله. وعن والدي رحمه‌الله والشيخ أبي القاسم جعفر بن سعيد وجمال الدين أحمد بن طاوس رضي الله عنهم جميعا ، عن السيد فخار بن معد بن فخار الموسوي ، عن الفقيه شاذان بن جبرئيل القمي عن السيد أحمد بن محمد الموسوي ، عن ابن قدامة ، عن الشريف المرتضى قدس الله روحه.

وقد أجزت له أدام الله أيامه بهذه الطريق جميع تصانيف من تضمنه جميع الطرق المذكورة وغيرها من المذكورين فيها ومن غيرهم.

وقد أجزت له أن يروي جميع الأحاديث المنقولة عن أهل البيت عليهم‌السلام المذكورة بالأسانيد في كتب علمائنا كالتهذيب والاستبصار وغيرهما من مصنفات الشيخ أبي جعفر الطوسي وكتب الشيخ أبي جعفر ابن بابويه وكتاب الكليني تصنيف محمد بن يعقوب الكليني المسمى بالكافي وهو خمسون كتابا بالأسانيد المذكورة في هذه الكتب كل رواية برجالها على حديثها بإسنادي عن أبي جعفر الطوسي رحمه‌الله عن رجاله المذكورين في كتبه ، وبإسنادي الى أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه رحمه‌الله عني وعن والدي رحمه‌الله وعن الشيخ أبي القاسم جعفر بن سعيد والسيد جمال الدين أحمد بن طاوس جميعا عن السيد فخار بن معد بن فخار الموسوي عن الفقيه شاذان بن جبرئيل القمي عن جعفر ابن محمد الدوريستي عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه عن رجاله المذكورة فيه المتصلة بالأئمة عليهم‌السلام.

واما الكافي للشيخ محمد بن يعقوب الكليني فرويت أحاديثه المذكورة فيه المتصلة بالأئمة عليهم‌السلام عن والدي رحمه‌الله والشيخ أبي القاسم جعفر

١١٦

ابن سعيد وجمال الدين أحمد بن طاوس وغيرهم باسنادهم المذكورة إلى الشيخ محمد بن محمد بن النعمان عن أبي القاسم جعفر بن قولويه عن محمد بن يعقوب الكليني عن رجاله المذكورة فيه في كل حديث عن الأئمة عليهم‌السلام وكتب حسن بن يوسف بن علي بن مطهر الحلي في ذي الحجة سنة تسع عشرة وسبعمائة حامدا مصليا على نبيه.

* * *

هذه الأسئلة المذكورة مع أجوبتها :

مسألة (١)

ما يقول سيدنا في من طلق زوجته ثم راجعها باللفظ ثم طلقها ثم راجعها باللفظ أيضا ثم طلقها ثالثة كل ذلك في ساعة واحدة في مجلس واحد ، هل يصح ذلك وتبين منه سواء كانت حاملا أو غير حامل ، فان صح فما حكم الرواية التي فيها « لكل طهر طلقة ». أفتنا في ذلك نجاك الله من المهالك.

الجواب لا شك أن الرواية تدل على تفريق الطلقات على الاطهار ، لكن الدليل ناهض بتحريم هذه المطلقة في الثالثة لأنه لما طلقها رجعيا صح له المراجعة وإذا راجعها رجعت الى محض الزوجية فيصح طلاقها وهكذا الى آخر الثلاث.

مسألة (٢)

ما يقول سيدنا في طفل الصيد الذي لم يستقل بشدة العدو وفرخ الطائر الذي لم يطر بعد لو أخذه الإنسان بيده من غير إرسال جارح ولا سهم بل مسكا باليد ، هل يحرم من ذلك أم لا يحل من ذلك الا ما صار ممتنعا.

الجواب هذا يحل بالتذكية لا بالموت بنفس الأخذ.

١١٧

مسألة (٣)

ما يقول سيدنا في قول الأصحاب انه إذا أمكن في زمن الغيبة الاجتماع والخطبتان استحب الجمعة ، هذا مشكل من حيث سقوط الفرض بفعل المستحب ، فهل يذهب مولانا إلى صحة ذلك أم الى قول الشيخ ابن إدريس بالمنع من ذلك.

الجواب ليس المراد من استحباب الجمعة كونها مستحبة في نفسها ، بل المراد استحباب فعلها عوضا عن الظهر الواجبة ، وهي أيضا واجبة لكن هي أفضل الواجبين كما في العتق وغيره من خصال الكفّارة.

مسألة (٤)

ما يقول سيدنا في الجزية من يستحقها في هذا الوقت والى من تصرف.

الجواب يخرج في المجاهدين ، فان فقد فالى المصالح العامة للمسلمين.

مسألة (٥)

ما يقول سيدنا في المرأة إذا رأت الرجل يجامعها في المنام وحصل لها كمال اللذة غير أنها لم تنزل ماء ، فهل يجب عليها الغسل في هذا الحال أم لا يجب عليها الغسل حتى تنزل.

الجواب لا يجب عليها الغسل.

مسألة (٦)

هل يجوز أن يدفع الإنسان إلى غيره أرضا ليغرس فيها نخلا وشجرا ويكون ذلك بين الغارس وصاحب الأرض كالمزارعة أم لا يصح ذلك.

١١٨

الجواب لا تصح المغارسة.

مسألة (٧)

ما يقول سيدنا في الإمام العلامة في الزبيب المعتصر هل يجوز أن يطبخ به ويستعمل ، فان الناس يحلون طبخ حب الرمان بالزبيب المعتصر ، فهل يجوز أكله ولا يشترط فيه ذهاب الثلثين أم يكون حكمه حكم عصير العنب لا يحل الا بعد ذهاب الثلثين. أفتنا مأجورا.

الجواب الأصل في ذلك الإباحة.

مسألة (٨)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في عصير التمر هل حكمه حكم عصير العنب لا يحل إذا غلا حتى يذهب ثلثاه أم هذا حكم مختص بعصير العنب خاصة. أفتنا مأجورا.

الجواب ان بلغ حد الإسكار كان محرما والا فلا.

مسألة (٩)

ما يقول سيدنا في جلد الميتة هل تتعدى نجاسته إلى لأمسه سواء كان رطبا أو يابسا ، فاذا مس لأمسه شيئا آخر نجسه ، وهذا خروج عن القاعدة ، وهي انه ليس بين يابسين نجس أم لا يتعدى الى لأمسه الا برطوبة وان كان يجب عليه غسل يده للنجاسة الحكمية ، أوضح لنا ذلك.

الجواب اتفق الأصحاب على أن من مس ميتا من الناس نجست يده ووجب عليه الغسل ، وهذا يقتضي الحكم بنجاسة اليد ، أما ما مسه بيده من الأشياء الطاهرة فإن كان هناك رطوبة في أحدهما تعدت النجاسة اليه والا فلا.

١١٩

مسألة (١٠)

ما يقول سيدنا في من كان يصلي الفرائض كما ينبغي لا يخل بشيء منها غير انه لم يكن يعرف الواجبات من المندوبات ويصلي الجميع على جهة الوجوب هل يصح صلاته والحال هذه أم يجب عليه قضاء ما صلاه على هذه الصفة. أفتنا مأجورا يرحمك الله.

الجواب لا تصح صلاته ويجب عليه قضاؤها إذا لم يقلد من له أهلية الإفتاء.

مسألة (١١)

ما يقول سيدنا في غسل الجنابة إذا لم يكن واجبا لنفسه وكان الإنسان يغتسل قبل دخول الوقت وينويه واجبا ثم يصلي بغسله ذلك فريضة ، هل تصح صلاته والحال هذه أم يجب عليه قضاء ما صلاه بذلك الغسل ، وان كان ينويه مندوبا قبل دخول الوقت هل يصح غسله من الجنابة بهذه النية ويصلي بذلك ما شاء ممن الفرائض والنوافل أم لا.

الجواب من يعتقد أنه ليس واجبا لنفسه إذا أوقعه بينة الوجوب ولم يكن عليه ما يجب الغسل لأجله لم يصح غسله ووجب عليه قضاء صلاته ، وان نواه مندوبا قبل دخول الوقت ولم يكن عليه ما يجب الغسل به صح غسله وجاز أن يصلي ما شاء من الفرائض والنوافل.

مسألة (١٢)

وما يقول سيدنا في الأمراض والالام فإنه يجب عليه الأعواض على ما تقرر في علم الأصول والعوض نفع منقطع غير مقارن للتعظيم والتبجيل ، فهل يدخل تحت

١٢٠