الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٣

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٣

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-171-0
ISBN الدورة:
964-319-168-0

الصفحات: ٤٦٤

المغرب والعشاء ، فتأمّل.

قوله (١) : وللكلام في ذلك محلّ آخر. ( ٣ : ٣٥٩ ).

فيه : أنّه على تقدير ثبوت النهي لا فساد أيضا ، لتعلّقه إلى أمر خارج عن الصلاة.

قوله : لأنّ المشهور من شعار الشيعة الجهر بالبسملة. ( ٣ : ٣٦٠ ).

الصدوق في أماليه قال : من دين الإمامية الإقرار بأنّه يجب الجهر بالبسملة عند افتتاح الفاتحة ، وعند افتتاح السورة بعدها (٢).

وفي عيون أخبار الرضا : أنّه عليه‌السلام كتب للمأمون من محض الإسلام : « الإجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات [ سنّة ] (٣) ».

وفي كشف الغمّة : قال أبو حاتم : روى عبد العزيز بن الخطاب عن عمرو بن شمر عن جابر قال : أجمع آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأن لا يمسحوا على الخفّين ، قال ابن خالويه : هذا مذهب الشيعة ومذهب أهل البيت عليه‌السلام (٤) ، انتهى.

وفي الخصال في باب شرائع الدين ، عن الأعمش عن الصادق عليه‌السلام : « أنّ الإجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة واجب » (٥).

وفي العيون في رواية رجاء بن أبي ضحّاك : أنّ الرضا عليه‌السلام كان يجهر‌

__________________

(١) هذه التعليقة ليست في « ا ».

(٢) أمالي الصدوق : ٥١١.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٢٠ / ١ ، الوسائل ٦ : ٧٦ أبواب القراءة في الصلاة ب ٢١ ح ٦ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٤) كشف الغمة ١ : ٤٣.

(٥) الخصال : ٦٠٣ / ٩ ، الوسائل ٦ : ٧٥ أبواب القراءة في الصلاة ب ٢١ ح ٥.

٦١

ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع صلواته بالليل والنهار (١).

وفي روضة الكافي في خطبة أمير المؤمنين عليه‌السلام التي يشكو فيها عن الناس ، قال عليه‌السلام : « لو أمرتهم بالجهر ببسم الله الرحمن الرحيم إذا لتفرّقوا عنّي » (٢).

ويظهر ممّا ذكر أنّ العامّة كانوا متحاشين عن الجهر به كذلك ، فربّما يظهر أنّ الجهر ببسم الله كان داخلا في روايتي زرارة الصحيحتين ، فاحتمل وجوبه مطلقا ، كما هو رأي ابن البرّاج ، بل لا يخلو من قوّة ، لأنّ المذكور فيهما لفظ « ينبغي » ولا شكّ في أنّ الجهر فيها ممّا ينبغي بملاحظة ما ذكرنا. وحمل « ينبغي » على الواجب خلاف الظاهر ، بل يوجب الحزازة ، وقد أشرنا إلى ذلك في مسألة وجوب السورة ، فتأمّل.

قوله (٣) : أنّه يستحب القراءة في الصلاة بسور المفصّل. ( ٣ : ٣٦٢ ).

روى الكليني بسنده إلى سعد الإسكاف أنّه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أعطيت السور الطوال مكان التوراة ، والمئين مكان الإنجيل ، وأعطيت المثاني مكان الزبور ، وفضّلت بالمفصّل ثمان وستّون سورة ، وهو مهيمن على سائر الكتب » الحديث (٤) ، فتأمّل جدّا.

قوله : أنّ أفضل ما يقرأ في الفرائض. ( ٣ : ٣٦٤ ).

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٧٨ / ٥ ، الوسائل ٦ : ٧٦ أبواب القراءة في الصلاة ب ٢١ ح ٧.

(٢) الكافي ٨ : ٥٨ / ٢١ ، بتفاوت في العبارة.

(٣) هذه الحاشية ليست في « أ » و « و ».

(٤) الكافي ٢ : ٦٠١ / ١٠ ، البحار ٨٩ : ٢٧ / ٣١.

٦٢

وفي العيون عن أبي الحسن الصائغ [ عن عمّه ] (١) أنّ الرضا عليه‌السلام من المدينة إلى خراسان كان يقرأ في الفريضة في الركعة الأولى الحمد وإنا أنزلناه ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد (٢).

وكذلك روى رجاء بن أبي ضحّاك ، إلاّ أنّه قال : « إلاّ في الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة فالجمعة والمنافقون ، وفي عشائها الآخرة في الأولى الجمعة ، وفي الثانية سبّح اسم ربّك الأعلى ، وغداة الاثنين والخميس هل أتى على الإنسان في الأولى ، وهل أتاك حديث الغاشية في الثانية » (٣).

وفي الاحتجاج عن الصاحب عليه‌السلام : « إذا ترك سورة فيها الثواب وقرأ التوحيد والقدر لفضلهما ، اعطي ثوابهما وثواب السورة التي ترك » (٤).

وربما كان فيه إشعار بكون التوحيد في الأولى والقدر في الثانية ، عكس ما ظهر من الرواية السابقة ، وورد هذا العكس في الحديث الصحيح الطويل الذي ذكره في الكافي في بحث الأذان (٥) ، والكلّ حسن ، والله يعلم.

قوله : قراءة الغاشية. ( ٣ : ٣٦٤ ).

ظهر لك مستنده.

قوله (٦) : هذا قول الشيخ في النهاية والمبسوط. ( ٣ : ٣٦٤ ).

مرّ في الحاشية السابقة ما له دخل في المقام.

قوله : مرفوعة حريز. ( ٣ : ٣٦٦ ).

__________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٢) العيون ٢ : ٢٠٦ ، البحار ٨٢ : ٣٤.

(٣) العيون ٢ : ١٧٨ / ٥ ، الوسائل ٦ : ١٥٦ أبواب القراءة في الصلاة ب ٧٠ ح ١٠.

(٤) الاحتجاج : ٤٨٢ ، الوسائل ٦ : ٧٩ أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٣ ح ٥.

(٥) الكافي ٣ : ٤٨٢ / ١ ، الوسائل ٦ : ٧٨ أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٣ ح ٢.

(٦) هذه الحاشية واللتان بعدها ليست في « ب » و « ج » و « د ».

٦٣

ومرّ ذلك عن الرضا عليه‌السلام أيضا.

قوله : الجمعة والمنافقين. ( ٣ : ٣٦٦ ).

وقال في أماليه : من دين الإمامية الإقرار بأنّه يجب أن يقرأ في صلاة الظهر يوم الجمعة بالجمعة والمنافقين ، فبذلك جرت السنّة (١). وفي كلامه إشعار بأنّهم ما كانوا يصلّون صلاة الجمعة ، وإلاّ فهي أولى بأن يقرأ فيها الجمعة والمنافقون ، فتأمّل.

قوله : اختلف الأصحاب في قول آمين في أثناء الصلاة. ( ٣ : ٣٧١ ).

قال الصدوق في أماليه : من دين الإماميّة أنّه لا يجوز قول آمين بعد فاتحة الكتاب (٢).

قوله : فقد تقدّم الكلام فيه مرارا. ( ٣ : ٣٧٣ ).

قد عرفت أنّه إجماع منقول بخبر الواحد ، وحجّة عند من يقول بحجيّة خبر الواحد ، ودليلها دليلها ، ويعضده ما نقلناه عن الصدوق.

قوله (٣) : أنّ آمين من كلام الآدميين. ( ٣ : ٣٧٣ ).

لعلّ مراد الشيخ أنّ « آمين » اسم للفعل ، مثل صه ونحوه ، وهذا إجماعي عند أهل العربية ، بل بديهي ، فلا يلزم من تجويز « اللهم استجب » في الصلاة تجويز ما هو شبهه (٤) ، فإنّه من كلام الآدميّين ، يعني الكلام الذي لا يناسب وقوعه في العبادة التوقيفية ، كما لا يناسب أن يكبّر للإحرام بلفظ : « خدا بزرگتر » كما هو طريقة الشيعة.

__________________

(١) انظر الأمالي : ٥١٢.

(٢) انظر الأمالي : ٥١٢.

(٣) هذه التعليقة واللتان بعدها لا توجد في « أ ».

(٤) في « ج » و « د » : اسمه.

٦٤

والحاصل : أنّ فقهاءنا متفقون على جواز الدعاء في الصلاة وعدم جواز كلام الآدميين فيها ، وعند فقهائنا آمين من كلام الآدميين على قياس المهملات ، مثل جسق ، فتأمّل ، فإنّه ليس بدعاء ، وأمّا آمين فهو اسم لما يفهم منه الدعاء وليس نفسه ، فتأمّل.

قوله : وقد صرّح بذلك. ( ٣ : ٣٧٣ ).

حال آمين حال الله أكبر من كلّ شي‌ء ، أو أكبر من أن يوصف ، فمع أنّ معنى « الله أكبر » هو الذي قلنا لا يجوز أن يكبّر للإحرام بالمعنى المذكور بلا شكّ ، بل لا يجوز أن يقول : الله أكبر بضمّ الراء بقطع همزة الوصل منه ، والحال في المقام أيضا كذلك ، والعلّة واحدة ، ويجوز قول : آمين ، لو جوّز تغيير قول : الله أكبر ، بل لفظ : الله أكبر ، بالنحو الذي ذكرنا ، فتدبّر.

قوله : إنّما توجّه إلى أمر خارج عن العبادة فلا يقتضي فسادها. ( ٣ : ٣٧٣ ).

العبادة توقيفية لا بدّ من ثبوت ماهيتها من الشرع ، فإذا منع الشارع عن فعل شي‌ء في أثنائها وفعل فيه لم تكن هذه العبادة هي التي أمرنا الشارع ، كما أشرنا في : الله أكبر من كلّ شي‌ء ، فإنّ وقوع : من كلّ شي‌ء فيها يوجب عدم معلومية كون هذه الصلاة هي التي أمرنا الشارع ، مثل إذا منع الطبيب عن إدخال شي‌ء في معجون أو دواء لم يجعل ذلك المعجون الدواء الذي أمر الطبيب به ، بل فعله غيره.

قوله : والأولى حمل هذه الرواية على التقيّة. ( ٣ : ٣٧٤ ).

بل يتعين ، لما عرفت ممّا ذكرناه في مسألة وجوب السورة والجهر والإخفات وغيرهما.

قوله : وكثرة استعمال النهي في الكراهة. ( ٣ : ٣٧٤ ).

٦٥

فيه ما فيه ، فإنّ مداره على إثبات الحرمة بمجرّد النهي ، وكثرة الاستعمال لا يوجب رفع اليد عن الحقيقة ، كما هو الحال في ألفاظ العموم وغيرها ، مع أنّه من المسلّمات : ما من عامّ إلاّ وقد خصّ.

قوله : لا تفوت به الموالاة قطعا. ( ٣ : ٣٧٥ ).

لا يخفى أنّه لم ينقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان يقرأ القدر اليسير ، وحاله وحال الكثير واحد بالقياس إلى المنقول منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نعم إطلاقات الأوامر الواردة بالقراءة تشمل ما ذكره قطعا ، والإطلاق حجّة ، ويكفي لكون المقصود والمعنى معلوما معروفا.

قوله : ويتوجّه عليه منع كون ذلك مقتضيا للبطلان. ( ٣ : ٣٧٥ ).

فيه : أنّ العبادة توقيفية ، وإطلاق القراءة ينصرف إلى الفرد الشائع ، ولا عموم فيه ، مع أنّه رحمه‌الله لم يتمسّك بالإطلاق بل بالتأسّي ، ولا شكّ في أنّه عليه‌السلام ما كان يفعل كذلك ، فالآتي لم يكن آتيا بالمأمور به ، كما عرفت مرارا ، فتأمّل.

قوله : ما ذكره المصنف. ( ٣ : ٣٧٧ ).

في الفقه الرضوي : « ولا تقرأ في الفريضة : والضحى وألم نشرح ، وألم تر ولإيلاف ، ولا المعوّذتين ، فإنّه قد نهي عن قراءتهما في الفرائض ، لأنّه روي أنّ الضحى وألم نشرح سورة واحدة ، وكذلك ألم تر كيف ولإيلاف سورة واحدة بصغرها ، وأنّ المعوذّتين من الرقية ليستا من القرآن أدخلوهما في القرآن ، وقيل : إنّ جبرئيل علّمه رسول الله ، فإن أردت بعض هذه السور الأربع فاقرأ الضحى وألم نشرح ولا تفصل بينهما ، وكذلك ألم‌

٦٦

تر كيف ولإيلاف » (١) وسيجي‌ء عن المصنّف والشارح أنّ المعوّذتين من القرآن (٢) ، فما هنا محمول على الاتّقاء ، فتأمّل.

والصدوق رحمه‌الله في أماليه قال : من دين الإماميّة الإقرار بأنّ الضحى وألم نشرح سورة واحدة ، وكذا ألم تر ولإيلاف ، وأنّه لا يجوز التفرّد بواحدة منهما في ركعة واحدة (٣). وفي الفقيه قال مثل ذلك (٤).

والمرتضى في الانتصار صرّح بذلك ، وقال : إنّه ممّا انفردت به الإماميّة عن غيرهم (٥).

وفي كتاب القراءات لأحمد بن محمد بن سيار : روى البرقي عن القاسم بن عروة ، عن أبي العبّاس ، عن الصادق عليه‌السلام قال : « الضحى وألم نشرح سورة واحدة » والبرقي عن القاسم بن عروة ، عن شجرة أخي بشير النبّال ، عن الصادق عليه‌السلام : « ألم تر ولإيلاف سورة واحدة » ومحمد بن علي ابن محبوب عن أبي جميلة ، عنه عليه‌السلام مثله (٦).

وفي مجمع البيان عن العيّاشي بسنده إلى المفضّل بن صالح عن الصادق عليه‌السلام قال : « لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلاّ الضحى وألم نشرح ، ولإيلاف وألم تر » ، وعن أبي العباس عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « ألم تر ولإيلاف سورة واحدة » ، وروي أنّ ابيّ بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه (٧) ، انتهى.

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ١١٢ ، المستدرك ٤ : ١٦٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ٧ ح ٣.

(٢) المدارك ٣ : ٣٨٣.

(٣) أمالي الصدوق : ٥١٢.

(٤) الفقيه ١ : ٢٠٠.

(٥) الانتصار : ٤٤.

(٦) المستدرك ٤ : ١٦٣ أبواب القراءة في الصلاة ب ٧.

(٧) مجمع البيان ٥ : ٥٤٣.

٦٧

فقد عرفت الأخبار والإجماعات ، ومعلوم أنّ الخبر المنجبر بالشهرة حجّة فضلا عن الأخبار المنجبرة بالإجماعات. مضافا إلى تصريح الأصحاب مثل المصنف وغيره برواية ذلك عن الأئمّة عليه‌السلام (١) ، مع أنّ المنع عن القرآن مطلقا والأمر بالقران فيها شاهد على الاتّحاد ومؤيّد.

وفي شرح الإرشاد لمولانا الأردبيلي : نقل عن كتاب أحمد بن محمد البزنطي : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : « لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلاّ الضحى وألم نشرح ، والفيل ولإيلاف » (٢).

قوله : والنهى هنا الكراهة. ( ٣ : ٣٧٧ ).

قد سبق الكلام فيه ، مضافا إلى ما ذكرنا هاهنا (٣).

قوله : تسميتهما سورتين. ( ٣ : ٣٧٨ ).

إنّما هي بالقياس إلى ما عرفت بين الناس ، وإلاّ فقد عرفت أنّهما سورة واحدة.

وما ورد في بعض الأخبار عن زيد الشحّام قال : « صلّى أبو عبد الله عليه‌السلام فقرأ في الاولى والضحى ، والثانية ألم نشرح » (٤) يمكن أن يكون تلك الصلاة نافلة ، أو أنّه وقع وهم من بعض الرواة ، لأنّه روي عن زيد المذكور بطريق صحيح قال : صلّى بنا أبو عبد الله عليه‌السلام فقرأ بنا بالضحى وألم نشرح (٥) والظاهر كونهما في ركعة واحدة ، فتأمّل.

قوله : وهو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل. ( ٣ : ٣٧٩ ).

__________________

(١) انظر التبيان ١٠ : ٣٧١.

(٢) مجمع الفائدة ٢ : ٢٤٣.

(٣) راجع ص ٤٢ ـ ٤٦.

(٤) التهذيب ٢ : ٧٢ / ٢٦٥ ، الوسائل ٦ : ٥٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ١٠ ح ٣.

(٥) التهذيب ٢ : ٧٢ / ٢٦٤ ، الوسائل ٦ : ٥٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ١٠ ح ٢.

٦٨

وبه قال الشهيد في الدروس وغيره (١) ، ونسب بعض العلماء الصدوق إليه ، وهو الظاهر في الفقيه في كتاب الصلاة في النسخة المشهورة المتداولة (٢) ، وإن كان روى رواية التسع في كتاب الجماعة (٣) ، ولذا نسب العلاّمة القول بالتسع إلى والد الصدوق (٤).

قوله : ولم نقف له على مستند. ( ٣ : ٣٧٩ ).

قال الشيخ المفلح : مستند الأقوال الروايات ، يعني هذين القولين وغيرهما ، ومستند الاثنتي عشرة الفقه الرضوي ، وقد ذكرنا عبارته عند قول المصنف : والمصلّي بالخيار في كل ثالثة. (٥) ، والرواية التي رواها في العيون (٦) ، وهي معتبرة ، لتضمّنها أحكاما كثيرة مفتى بها عند القدماء والمتأخّرين ، ونهاية الشيخ كلّ مسألة منها مضمون متن الخبر ، كما لا يخفى على المطّلع ، ونقلنا عن الشيخ المفلح ما نقلناه.

ورواية الاثنتي عشرة منجبرة بالشهرة بين الأصحاب ، لأنّهم بين قائل بمضمونها بعنوان الوجوب (٧) ، وقائل به بالوجوب التخييري مثل المحقق الشيخ علي وجماعة (٨) ، وقائل به بالاستحباب ، مثل العلاّمة ومشاركيه (٩).

__________________

(١) الدروس ١ : ١٧٣ ، البيان : ١٥٩.

(٢) الفقيه ١ : ٢٠٩.

(٣) الفقيه ١ : ٢٥٦.

(٤) المختلف ٢ : ١٦٤.

(٥) راجع ص ٢٥.

(٦) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨٠ ، الوسائل ٦ : ١١٠ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٢ ح ٨ ، وليس فيهما : « والله أكبر ».

(٧) كالشيخ في النهاية : ٧٦ ، والاقتصاد : ٢٦١ ، والشهيد في البيان : ٨٣.

(٨) جامع المقاصد ٢ : ٢٥٦ ، التنقيح ١ : ٢٠٥.

(٩) القواعد ١ : ٣٣ ، التحرير ١ : ٣٨ ، غاية المراد ١ : ١٦٤ ، كشف اللثام ١ : ٢١٨‌

٦٩

وقائل بأنّه أحوط مثل المصنّف وجمع ممّن وافقه (١) ، وهو الصواب ، كما ستعرف ، وقائل بأنّه أحد أفراد الواجب المطلق (٢) ، فلم يوجد لها رادّ.

ويشهد لها أنّها أقرب إلى سورة الحمد ، والبدل يكون بمقدار المبدل منه أو ما يقاربه بحسب الفهم العرفي ، ولذا ترى الفقهاء في أبواب الفقه يجرون في البدل جميع أحكام المبدل منه إلاّ ما أخرجه الدليل ، مثل الترتيب في مسح اليدين في التيمّم وكون الابتداء فيه من الأعلى ، إلى غير ذلك ، ومن ذلك حكمهم بوجوب الإخفات في التسبيح.

ويشهد لها أيضا أنّه يظهر من أخبار متعددّة كون التسبيح بمقدار الحمد أو ما يقاربه ، مثل صحيحة معاوية بن عمار التي نقلها الشارح رحمه‌الله عند قول المصنف : والمصلّي بالخيار. (٣) ، وكذا الأخبار الصحيحة الدالة على أنّ المأموم يجب عليه أن يقرأ خلف الإمام بالحمد والسورة معا في ركعتيه الأوليين إذا فاتتاه مع الإمام ولحقه في الأخيرتين (٤).

ورواية أبي خديجة عن الصادق عليه‌السلام : « إذا كنت إمام قوم فعليك أن تقرأ في الركعتين الأوّلتين ، وعلى الذين خلفك أن يقولوا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، وهم قيام ، فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك أن يقرؤوا فاتحة الكتاب ، وعلى الإمام التسبيح مثل ما سبّح القوم في الركعتين » (٥).

__________________

(١) منهم الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٦١.

(٢) انظر الجامع للشرائع : ٩٤ والبيان : ١٨٨.

(٣) المدارك ٣ : ٣٤٤.

(٤) الوسائل ٨ : ٣٨٦ أبواب صلاة الجماعة ، ب ٤٧.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٧٥ / ٨٠٠ ، الوسائل ٦ : ١٢٦ أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٥١ ح ١٣.

٧٠

وكذا الأخبار التي سألوا فيها عن المعصوم عليه‌السلام : ما نصنع في الركعتين الأخيرتين؟ فأجاب : « إن شئت فاتحة الكتاب ، وإن شئت فاذكر الله ، وإن شئت فسبّح » (١) من غير تعيين أصلا لمقدار الذكر والتسبيح ، ومعلوم أنّ مرادهم عليه‌السلام ليس كفاية مثل سبحان الله مرّة واحدة ، ولا معيّن للمقدار إلاّ المساواة والمقاربة ، كما لا يخفى.

ويشهد أيضا صحيحة عبيد بن زرارة : أنّه سأل الصادق عليه‌السلام عن الركعتين الأخيرتين ، قال : « تسبّح وتحمد الله وتستغفر لذنبك ، وإن شئت فاتحة الكتاب فإنّها تحميد ودعاء » (٢) ومعلوم أنّه إذا اختار الفاتحة تجب قراءة جميعها ، والظاهر من التعليل أنّ قرائتها من كونها ذكرا وتسبيحا ، فلو كان التسبيح القليل كافيا لما كان الحمد بأجمعها واجبة ، بل كان يكفي آية منها ، فتأمّل جدّا.

قوله (٣) : وأبو الصلاح. ( ٣ : ٣٧٩ ).

الظاهر منه على ما نقله في المنتهى أنّه قائل بثلاث تسبيحات (٤).

قوله (٥) : والمستند ما رواه زرارة في الصحيح. ( ٣ : ٣٧٩ ).

لا يخفى أنّ الصدوق قائل بالاثنتي عشرة ، موافقا لغيره من القدماء ، وفتواه في الفقيه نص في ذلك ، وإن كان في نسخة نادرة يظهر منها التسع ، لكنها غير المتداولة المشهورة المعروفة ، ولذا نسب في المختلف التسع إلى‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٨ / ٣٦٩ ، الوسائل ٦ : ١٠٨ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٢ ح ٣.

(٢) التهذيب ٢ : ٩٨ / ٣٦٨ ، الوسائل ٦ : ١٠٧ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٢ ح ١.

(٣) هذه الحاشية ليست في « ج » و « د ».

(٤) المنتهى ١ : ٢٧٥.

(٥) هذه التعليقة ليست في « ا ».

٧١

والد الصدوق (١) ، ولم ينسبه إلى الصدوق. مع أنّ عادته العمل بالفقه الرضوي ، بل ونقل عبارته في مقام فتواه ، والعبارة في الاثنتي عشرة وعدم جواز نقص منها. وفي المختلف جعل مستند والده غير هذه الصحيحة وذكر الصدوق هذه الصحيحة في كتاب صلاة الجماعة مثل ذكره سائر الأخبار التي خلاف ما أفتى ، بل وربما يصرّح بأنّه عادل عنها مفت بغيرها (٢) ، ولذا حكم جدّي العلاّمة بأنّه بدا له في ما ذكره في أوّل كتابه (٣) ، فالصدوق لم يظهر كونه عاملا بها ، بل يظهر خلافه ، ولم يروها غير الصدوق.

وأمّا والد الصدوق فمستنده غير هذه ، على ما صرّح به في المختلف ، مع أنّ مقتضاها أنّ المأموم ليس عليه القراءة ولا ذكر ولا تسبيح في الركعتين الأخيرتين ، ولعلّه لهذا عدل الصدوق عنها ، مضافا إلى مخالفتها الاثنتي عشرة التي صرّح بها الفقه الرضوي ، وهو في غاية الاعتقاد به ونهاية الاعتماد عليه ، كما لا يخفى على المطّلع ، وصرّح به جدّي العلاّمة (٤) رحمه‌الله.

وينادي بما ذكرنا أنّ الصدوق روى عقيب هذه الصحيحة الرواية الدالة على كفاية « سبحان الله » ثلاث مرّات (٥) ، مع أنّه لو كان كلّ ما ذكره فتواه لكان مذهبه مطلق الذكر البتّة ، فنسبته إلى القول بالتسع غلط على أيّ‌

__________________

(١) راجع ص ٦٩.

(٢) انظر الفقيه ٢ : ٨٩.

(٣) روضة المتقين ١٤ : ٣٥٠.

(٤) روضة المتقين ١ : ١٧ و ٢٠٤.

(٥) الفقيه ١ : ٢٥٦.

٧٢

حال ، كما لا يخفى.

قوله : لمجرّد اتصال السند. ( ٣ : ٣٨٠ ).

فيه : أنّهم لا يكتفون بهذا ، ولهذا لو كان واسطة النقل ضعيفا يحكمون بالضعف البتّة ، وبسطنا الكلام في التعليقة (١).

( مع معارضته لأخبار كثيرة غاية الكثرة ، كثير منها أصحّ منه سندا ، ومنها ما هو أشهر منه فتوى ، بل لا يكون لها رادّ ظاهرا ، كما مرّ (٢) ، ومع ذلك الأخبار الدالة على كفاية مطلق الذكر وجواز الكلّ أوضح منه دلالة البتّة ، لجواز إرادة كون أربع تسبيحات أيّ نحو تكون ، أو هذا المقدار من الذكر أقلّ ما يجزي ، بل في مقام الجمع لا محيص عن هذا الاحتمال ، وبملاحظة مجموع الأخبار يظهر ظهورا تامّا كون المراد ما ذكر من الاحتمال جزما ، فلم يكن حينئذ مستند المفيد ومن وافقه ) (٣).

قوله : وان كانت الرواية الأولى أولى. ( ٣ : ٣٨١ ).

لا يخفى فساد ما ذكره ، إذ غاية ما يمكن جواز العمل بها ، لا أنّ العمل بها أولى ، مع أنّ الجواز أيضا لا يخلو عن إشكال ظهر لك وجهه في الحواشي السابقة والآتية.

والأظهر بالنظر إلى مجموع الأخبار كفاية مطلق الذكر بحسب الكيفية لا الكمّية ، كما هو الظاهر عن صاحب البشرى (٤) ، وأنّه بحسب الكميّة لا بدّ أن تكون له كميّة معتدّ بها ، بل وأن تقارب الحمد في الجملة ، كما هو‌

__________________

(١) تعليقات الوحيد على منهج المقال : ١٢.

(٢) راجع ص ٦٩ ـ ٧١.

(٣) ما بين القوسين ليس في « ا ».

(٤) حكاه عنه في الذكرى : ١٨٩.

٧٣

الحال في الاثنتي عشرة أو العشرة أو التسع أيضا ، فتأمّل. وكيف كان ، الأحوط اختيار الاثنتي عشرة ، وبعده العشرة ، وبعده التسع ، أو بالعكس.

قوله : والأولى الجمع بين التسبيحات الأربع والاستغفار. ( ٣ : ٣٨١ ).

لا يخفى ما فيه بعد الحكم بعدم نقاء السند ، ونقله الخبر الصحيح عن الصدوق ، وأنّه عمل به ، وطريقته الاقتصار على الصحيح لا غير ، وطريقة الكلّ كذلك إذا كان تعارض ، فإنّهم جميعا يرجّحون الصحيح على غيره ، والأصحّ على الصحيح ، إلاّ أن يرجّح غير الصحيح بمرجّحات أخر ، هذا مع أنّ ضمّ الاستغفار خلاف مدلول الخبر.

فإن قلت : مدلول الخبر الاجتزاء بالتسبيحات الأربع ، والاجتزاء ظاهر في صحّة ما زاد ، بل مشعر برجحانه ، فلا مانع من ضمّ الاستغفار.

قلت : إن أردت الأولى والأحوط فلا شكّ في أنّ الأولى والأحوط العمل بالاثنتي عشرة ، وبعده بالتسع ، بل بضمّ الاستغفار أيضا ، لما في كلام العلاّمة في المنتهى من الإشعار بوجود القول بوجوبه (١). وإن أردت الاجتزاء فلا وجه للضمّ أصلا ، سيّما بعد القول بأنّه أولى ، فتأمّل.

قوله : تسوية بينه وبين المبدل. ( ٣ : ٣٨١ ).

نظره إلى ما أشرنا إليه من أنّ أهل العرف يفهمون التسوية ، ألا ترى الآن أنّ العوام يجزمون بأنّ الفاتحة في الأخيرتين يجب إخفاتها؟ كما هو مسلّم عند القائلين بوجوب الجهر والإخفات ، ومع هذا إذا قلنا لهم : إن شئت اقرأ الفاتحة وإن شئت فسبّح وهما سواء ، أو قلنا لهم : القراءة أفضل‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٢٧٥.

٧٤

من التسبيح ، أو قلنا لهم عكس ذلك وأمثال هذه الأقوال ممّا ورد في الأخبار ، ولم ننبّههم أنّ التسبيح ليس مثل القراءة في وجوب الإخفات ولم نشر إلى ذلك أصلا لا يفهمون غير المساواة ، وإن شئت فامتحن.

ويؤيّده ورود هذه المضامين في الأخبار الكثيرة غاية الكثرة ، ومع نهاية كثرتها لم يقع في شي‌ء منها إشارة.

وممّا يؤيّده ـ بل ربما يكون دالا ـ صحيحة عبيد بن زرارة التي ذكرناها في الحاشية السابقة المكتوبة على قول الشارح : ولم نقف على مستنده. (١) إذ مقتضاها أنّ قراءة الفاتحة إنّما هي من حيث إنّها تحميد وذكر لا من حيث إنّها قراءة الفاتحة ، ولا نزاع في وجوب الإخفات فيها ، كما أشرنا فتأمّل جدّا.

على أنّ أخبار التسبيح ليس فيها إلاّ الإطلاق ، والإطلاق لا عموم فيه ، كما هو مسلّم ، نعم يرجع إلى العموم في مثل الأحكام الشرعية إذا لم يكن أحد الأفراد أسبق ، ولا نسلّم في المقام عدم الأسبقية ، لجواز الأسبقية على حسب ما أشرنا.

وبالجملة : الأصل عدم العموم حتى يثبت ، وفي مثل المقام لا نسلّم الثبوت ( سيّما بعد ملاحظة توقيفية العبادة ) (٢) فتأمّل.

قوله : وهو ضعيف. ( ٣ : ٣٨٢ ).

لا يخلو من تأمّل ، لكون العبادة توقيفية ، ولم يعهد من صاحب الشرع ، وما ذكر من الإطلاق من حيث إنّه لا عموم فيه إلاّ بمعونة القرينة ربما يشكل شموله له ، لانصرافه إلى ما هو المتعارف ، بل هو المتبادر ، نعم‌

__________________

(١) راجع ص ٧١.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ب » و « ج » و « د ».

٧٥

لو قلنا بكفاية مطلق الذكر وأنّه لا يعتبر فيه خصوصية كيفية حتى بين القراءة والتسبيح أمكن ، فتأمّل.

قوله : وهو بعيد. ( ٣ : ٣٨٥ ).

وإلاّ فهو قائل بركنيته مطلقا.

قوله : فقال في المعتبر. ( ٣ : ٣٨٥ ).

ونقل الإجماع على ذلك العلاّمة والشهيد وغيرهما من الفقهاء (١).

قوله : فيجب التأسّي به. ( ٣ : ٣٨٥ ).

لا يخفى أنّ الشارح رحمه‌الله منع مكرّرا كون التأسّي دليل الوجوب ، وهذه الصحيحة تدل على أنّ وصول أطراف الأصابع يكفي ، فإن كان المراد من وضع اليد وضع شي‌ء منها فهي تدل ، وإلاّ فلا ، وظاهر عبارة المصنف وصريح عبارة العلاّمة وصول الراحة (٢) ، فالحجّة إذن الإجماع المنقول بخبر الواحد ، وهذه الصحيحة تكون حجّة عليهم لا لهم ، بل يجب عليهم طرحها. وصرّح المحقّق الشيخ علي والشهيد الثاني بأنّ وصول شي‌ء من رءوس الأصابع لا يكفي (٣).

ويمكن حمل قوله عليه‌السلام في الصحيحة : « فإن وصلت أطراف أصابعك. إلى ركبتيك » على أنّ المراد الوصول إلى مجموع عين الركبة ، لأنّ من الأصابع الإبهام ، وباقي الأصابع أيضا بينها تفاوت كثير في الطول والقصر ، وهو شرط وصول أطراف مجموع الأصابع ، وصحيحة حمّاد‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٢٨١ ، الذكرى : ١٩٧ ، وانظر جامع المقاصد ٢ : ٢٨٣ ، والمفاتيح ١ : ١٣٨.

(٢) نهاية الإحكام ١ : ٤٨٠.

(٣) جامع المقاصد ٢ : ٢٨٤ ، الروضة البهية ١ : ٢٧٠.

٧٦

لا دلالة فيها على الوجوب ، مع أنّ نفس الوضع غير واجب عندهم ، فتأمّل.

قوله : لأنّه بعض الواجب. ( ٣ : ٣٨٦ ).

لعل نظره رحمه‌الله في هذا إلى استصحاب الوجوب حال عدم العجز ، وإلاّ يرجع هذا إلى الدليل السابق ، مع أنّه رحمه‌الله لا يعمل بحديث : « الميسور لا يسقط بالمعسور » وما ماثله ، بل دائما يطعن عليها.

قوله : الأظهر أنّ هذه الزيادة على سبيل الاستحباب. ( ٣ : ٣٨٧ ).

لا يخفى أنّ ما ذكره مبني على جريان أصل العدم في ماهية العبادات ، والشارح أيضا لا يرضى به ، كما ظهر ممّا سبق وممّا سيجي‌ء في مسألة أنّه هل يعتبر في السجود للعزيمة ما يعتبر في سجود الصلاة أم لا (١)؟ وغير ذلك.

مع أنّه معلوم أنّ الواجب على غير العاجز ليس الانحناء إلى أقلّ الواجب فقط ، بل الواجب أعمّ منه جزما ، ولذا هو أقل الواجب وأقلّ ما يجزي ، ولو انحنى أكثر منه فلا تأمّل عندهم في كونه ركوعا مأمورا به ، فعلى هذا يكون الواجب هو الكلّي الذي يكون أقلّ ما يجزي من جملة أفراده ، فإذا عجز عنه لا يسقط عنه التكليف بالكلّي ( لأنّ العجز عن فرد من الكلّي لا يوجب سقوط التكليف بالكلّي ) (٢) ، بل يجب إيجاده في الفرد الممكن ، فتأمّل جدّا.

قوله (٣) : لأنّا نمنع وجوب الفرق على العاجز. ( ٣ : ٣٨٧ ).

__________________

(١) انظر المدارك ٣ : ٤٢٠.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ا ».

(٣) هذه التعليقة ليست في « أ ».

٧٧

فيه : أنّه مأمور بإيجاد الركوع ، والانحناء الدائم الخلقي ليس إيجادا للانحناء حال الصلاة ، فلا يكون إيجادا للركوع وهو قادر على إيجاده باختيار الفرد الذي يمكنه ، فتأمّل جدّا.

قوله : ولا يسقط أحد الواجبين بتعذّر الآخر. ( ٣ : ٣٨٨ ).

فمراده من الأولى هو الوجوب ، وهذا منه يحقق ما ذكرناه في الحاشية السابقة من أنّ الواجب على الراكع خلقة أن ينحني أزيد ، وينافي ما اختاره من الاستحباب ، كما لا يخفى على المتأمّل.

قوله : وجعلها الشيخ في الخلاف ركنا. ( ٣ : ٣٨٩ ).

حكم الشيخ بالركنية لما يظهر من بعض الأخبار ، مثل رواية أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك ، فإنّه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه » (١). وفي الصحيح عنه عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له » (٢).

ومرّ عن الشارح في بحث وجوب القيام وركنيته أنّه استدل على الركنية بأنّ من أخلّ بالقيام مع القدرة لا يكون آتيا بالمأمور به على وجهه (٣). ومعلوم أنّ هذا شامل لما نحن فيه ، ومعلوم أيضا أنّ هذه الصحيحة (٤) كما تدفع قول الشيخ تدفع القول بركنية القيام مطلقا ، وإن كنّا أجبنا هناك بجوابين ، إلاّ أنّ أحد الجوابين لا يتمشّى في المقام ، وهو أنّ‌

__________________

(١) انظر المدارك ٣ : ٣٨٨.

(٢) الكافي ٣ : ٣٢٠ / ٤ ، الوسائل ٦ : ٣٢١ أبواب الركوع ب ١٦ ح ١.

(٣) انظر المدارك ٣ : ٣٢٦.

(٤) يعني صحيحة زرارة : « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة. ».

٧٨

الفرض نادر الوقوع غاية الندرة ، والأخبار محمولة على غير هذه الفروض ، بل الجواب الثاني أيضا يشكل أن يتمشّى هنا ، فتأمّل.

وكيف كان ، الأحوط مراعاة مذهب الشيخ رحمه‌الله لأنّ التعارض من باب العموم من وجه.

قوله : فقال : الواجب الذكر مطلقا. ( ٣ : ٣٩٠ ).

لكن المشهور وجوب التسبيح ، ونقل الشيخ في الخلاف الإجماع على ذلك (١) ، وكذا السيد رحمه‌الله في الانتصار (٢) ، وابن زهرة في الغنية (٣) ، لكن عبارة الصدوق في أماليه أنّ من دين الإمامية الإقرار بأنّ القول في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات ـ إلى أن قال ـ : ومن لم يسبّح فلا صلاة له ، إلاّ أن يهلّل أو يكبّر أو يصلّي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعدد التسبيح ، فإنّ ذلك يجزيه (٤). ويستفاد منها أنّ الأصل هو التسبيح ، والذكر يجزي عنه.

قوله : أن يقول : « سبح سبح سبح ». ( ٣ : ٣٩٠ ).

أي يسارعون ويستعجلون إلى أن يقع منهم الاندماج (٥) التامّ في سبحان الله ثلاثا ، كأنّه لا يظهر من قولهم وكلامهم سوى سبح سبح سبح بضمّ السين وسكون الباء.

قوله : مذكور في كتب الرجال ، لكن لم يرد فيه مدح. ( ٣ : ٣٩٢ ).

إلاّ أنّها متأيّدة بأخبار صحاح تتضمّن أنّ أقلّ ما يجزي ثلاث‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ٣٤٩.

(٢) الانتصار : ٤٥.

(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٨.

(٤) أمالي الصدوق : ٥١٢.

(٥) في « ج » و « د » : الاندراج.

٧٩

تسبيحات.

قوله (١) : واعلم أنّ كثيرا من الأخبار ليس فيها لفظ وبحمده. ( ٣ : ٣٩٢ ).

في صحيحة زرارة (٢) وصحيحة حماد (٣) المشهورتين لفظ « وبحمده » موجود ، وكذا في صحيحة عمر بن أذينة المروية في الكافي في علّة أمر الأذان والصلاة (٤) ، وهي مشهورة مستجمعة لجميع أجزاء الصلاة التي أمر الله تعالى نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العرش ، وجعلها وظيفة مقرّرة من الشرع ، والصدوق أيضا رواها في العلل في باب علّة الأذان والصلاة بطرق متعدّدة صحيحة ووساطة الأجلاّء الأعاظم الكثيرين عن ابن أذينة (٥).

وكذا موجود في رواية إسحاق بن عمار التي رواها في العلل عن الكاظم عليه‌السلام في باب علّة كون الصلاة ركعتين وأربع سجدات (٦).

وكذا في رواية هشام بن الحكم عن الصادق عليه‌السلام في ذلك الباب (٧).

وكذا في باب علّة كون التكبيرات الافتتاحية سبعا عن هشام عن الكاظم عليه‌السلام (٨).

وكذا في رواية أبي بكر الحضرمي المروية في التهذيب وغيره ،

__________________

(١) هذه التعليقة ليست في « أ ».

(٢) لا يوجد هذا اللفظ في صحيحته المشهورة الواردة في بيان أفعال الصلاة.

(٣) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١ ، الوسائل ٥ : ٤٥٩ أبواب أفعال الصلاة ، ب ١ ح ١.

(٤) الكافي ٣ : ٤٨٢ / ١ ، الوسائل ٥ : ٤٦٥ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١٠.

(٥) علل الشرائع : ٣١٢ / ١.

(٦) علل الشرائع : ٣٣٤ / ١ ، الوسائل ٥ : ٤٦٨ أبواب أفعال الصلاة ، ب ١ ح ١١.

(٧) علل الشرائع : ٣٣٥ / ٢.

(٨) علل الشرائع : ٣٣٢ / ٤.

٨٠