الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٣

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٣

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-171-0
ISBN الدورة:
964-319-168-0

الصفحات: ٤٦٤

مع أنّ الظهور عبارة أخرى للرجحان والظنّ ، فإذا حصل لمكلّف ذلك بملاحظة حاله كما ذكرت يحصل له الظنّ بالوفاء ، فتأمّل.

وأمّا الأصل والحسنة فإنّما يتمّان في ما إذا لم يحصل يقين أصلا ، كمن رأى في ثوبه الخاصّ منيّا وعلم قدرا خاصّا من صلاته كانت مع الاحتلام ، وأمّا إذا حصل له اليقين أوّلا فأوّلا أو في زمان ثم طرأ الشكّ في مقدار ما حصل فلا ، لأنّ الذمّة اشتغلت به قبل يقينا ، وشغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينية ، ولا أقلّ من الظنيّة.

إلاّ أن يضمّ إلى هذا الأصل أصل عدم التحقّق سابقا ، إلاّ أنّ في حجّية مثل هذا الأصل في مثل هذا المقام لا بدّ من تأمّل ، مع أنّه معارض بأصالة عدم تحقّق الصلاة ، مع أنّ الصلاة بأجزائها وشرائطها حوادث كثيرة ، فتأمّل.

قوله (١) : والاكتفاء في ما قبله بغلبة الظنّ. ( ٤ : ٣٠٨ ).

لا يخفى أنّ عدم معلومية تعيّن الفائتة ـ كما مرّ في المسألة الأولى من أنّه لا بدّ من العلم ولا يكفي الظنّ ، ولذا يصلّي صبحا ومغربا وأربعا متردّدة بين الظهرين والعشاء على تقدير العمل برواية ابن أسباط ، أو خمسا على تقدير عدم العمل ـ بخلاف عدم معلومية العدد ، فإنّهم يكتفون بالظنّ ، وإنّ ذلك مقطوع به بين الأصحاب ، فهو إجماعي ، أو له مستند يقيني الثبوت ، أو يقيني العمل ، فتأمّل.

قوله : من قيد الاستحلال. ( ٤ : ٣٠٨ ).

بل ورد في الأخبار علّة الحكم بكفره بمجرّد الترك (٢) ، وهي أنّه ليس من جهة غلبة الشهوة أصلا ، بل من جهة عدم اعتناء بالدين ، لأنّها من أشدّ‌

__________________

(١) هذه التعليقة والتي بعدها ليست في « ا ».

(٢) الوسائل ٤ : ٤١ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١١.

٣٤١

الواجبات والفرائض وأظهرها فرضا ، ولا داعي للترك من طرف شهوة النفس أصلا ، بل البناء على عدم المبالاة ، فتأمّل. إلاّ أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة ، كما صرّح به مرارا (١).

قوله (٢) : مستحلّ تركه. ( ٤ : ٣٠٨ ).

إلاّ أنّه إذا كان ضروري المذهب يكون مستحلّه خارجا عن المذهب.

قوله (٣) : ويندرج في الفرائض : اليومية. ( ٤ : ٣١٠ ).

ليس في عبارة المنتهى التأكيد بلفظ « كلّها » ولا التصريح بالاندارج المذكور ، والحكم بالاندراج من الشارح من جهة ظهور لفظ الفرائض.

وعلى هذا ففي قوله : وفي استفادة هذا التعميم. لعلّه نظر ، لظهور هذا القدر من العموم من الأخبار أيضا ، مثل صحيحة زرارة والفضيل ، قالا : قلنا له : الصلاة في جماعة فريضة هي؟ قال : « الصلاة فريضة ، وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلّها ، ولكنّها سنّة ، من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علّة فلا صلاة له » (٤) فليتأمّل.

مع أنّه ربما كان عبارة بعض الأخبار أوهن ممّا ذكر ، مثل عبارة الصدوق في أماليه وغيره (٥).

وكيف كان الأحوط الإتيان بصلاة الاحتياط مع ركعتي الطواف من غير جماعة ، لأنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو كان صلّى ركعتي الطواف جماعة لاشتهر‌

__________________

(١) انظر المدارك ١ : ٦٣ ، ٦٤ ، ٤ : ١٧١.

(٢) هذه التعليقة ليست في « ب » و « ج » و « د ».

(٣) هذه التعليقة ليست في « ا ».

(٤) الكافي ٣ : ٣٧٢ / ٦ ، التهذيب ٣ : ٢٤ / ٨٣ ، الوسائل ٨ : ٢٨٥ أبواب صلاة الجماعة ب ١ ح ٢.

(٥) أمالي الصدوق : ٥١٣ ، وانظر الفقيه ١ : ٢٤٥.

٣٤٢

اشتهار الشمس ، وكذلك غيره من الأئمّة عليه‌السلام ، ولكان يصل إلينا من ذلك خبر بمقتضى العادة ، وترك الرسول والأئمّة الجماعة فيها مع استحبابه وشدّة رغبة الناس في الصلاة جماعة معهم فيه ما فيه.

وأمّا صلاة الاحتياط فلما مرّ من دورانها بين أن تكون نافلة برأسها أو تتمّة فريضة كما مرّ ، ولذا جعلت خارجة عن الصلاة ، وجعل البناء في الشكّ على الأكثر ، وسيجي‌ء المنع من الجماعة في النافلة ، فتأمّل.

قوله : بالنهي الأكيد عن تركها. ( ٤ : ٣١١ ).

النهي حقيقة في الحرمة ، سيّما وأن يكون أكيدا ، ولم يتعرّض الشارح رحمه‌الله للتوجيه والحمل ، وسببه الاكتفاء بما سيذكره في قول المصنف : ولا يجب إلاّ في الجمعة. ، فالظاهر منه أنّه حمله على شدّة الكراهة.

ويمكن الحمل على التقيّة ، لما سيذكره من كون القول بالحرمة من خواصّ العامّة ، بل المشهور منهم ذلك ، والخاصّة متفقون على خلافه ، بل إجماعي ذلك ، وظاهر من أخبار كثيرة ، منها ما مرّ وسيأتي ، ومنها أخبار أخر لم يذكر هنا ، مثل ما روي أنّ رجلا سأل المعصوم عليه‌السلام : أصلّي وحدي أفضل أو أصلّي بقوم جماعة؟ فقال : « صلّ جماعة » (١) فإنّ الظاهر منه أنّها أفضل ، وغير ذلك من الأخبار.

ويمكن حمل النهي على ما إذا ترك الجماعة رغبة عنها ، كما يشير إليه صحيحة ابن أبي يعفور ، وصحيحة زرارة والفضيل (٢) ، وصحيحة‌

__________________

(١) لم نعثر على هذا النص.

(٢) الكافي ٣ : ٣٧٢ / ٦ ، التهذيب ٣ : ٢٤ / ٨٣ ، الوسائل ٨ : ٢٨٥ أبواب صلاة الجماعة ب ١ ح ٢.

٣٤٣

عبد الله بن سنان ، بل فيها ما يشير إلى أنّ الذمّ بالقياس إلى من فيه خلّة النفاق وتركه لذلك ، فتأمّل.

( ويؤيّد هذا التوجيه أنّ قوله : « لا صلاة » ظاهر في نفي جميع ما يصدر من المكلف من صلاة ، لا خصوص التي ترك الجماعة فيها ، وهذا كما يؤيّد الأخير يؤيّد الأوّل أيضا ، فتأمّل ) (١).

قوله : وضعف سند الثانية. ( ٤ : ٣١٥ ).

إلاّ أنّها منجبرة بالشهرة لو لم نقل بالإجماع. ( وفي كتاب الخصال في باب شرائع الدين عن الأعمش عن الصادق عليه‌السلام ، وهي أحكام كثيرة كلّها على وفق الصواب ، وفيها : « ولا تصلّ التطوّع في جماعة ، لأنّ ذلك بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة في النار » (٢) (٣).

قوله : « صلّ بأهلك ». ( ٤ : ٣١٥ ).

الظاهر أنّها محمولة على التقيّة ، وأمّا صحيحة هشام وما وافقها فسيجي‌ء الكلام فيهما ، مع أنّهما دالتان على الجواز في النافلة في الجملة ، ولا كلام فيه ، فتأمّل. مع أنّه على فرض الدلالة على العموم تكونان محمولتين على التقيّة ، فتأمّل.

قوله : ومن هنا يظهر أنّ ما ذهب إليه بعض الأصحاب. ( ٤ : ٣١٦ ).

لا يخفى أنّ ما ذهب إليه إنّما ذهب إليه من جهة الرواية ، لا ممّا ذكره ، وإلاّ كان يحكم بالاستحباب في كلّ نافلة لا خصوص صلاة الغدير ،

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « أ » و « و ».

(٢) الخصال : ٦٠٣ / ٩ ، الوسائل ٨ : ٣٣٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٠ ح ٥.

(٣) ما بين القوسين ليس في « أ ».

٣٤٤

ولم يذهب أحد من فقهاء الشيعة إلى الجواز في النافلة مطلقا ، فتأمّل.

قوله : « إلاّ من كان حيال الباب ». ( ٤ : ٣١٧ ).

قال الفاضل المحقق مولانا مراد رحمه‌الله إنّ هذا الاستثناء منقطع (١).

قلت : يمكن أن يكون متصلا ، لأنّ المعصوم عليه‌السلام حكم ببطلان صلاة الصفّ الذي بينه وبين السابق سترة ، سواء كان السابق هو الإمام أو الصفّ ، واستثنى من ذلك صلاة بعض ذلك الصفّ ، إذ لو لم يستثن لكان صلاة هذا البعض أيضا باطلا ، لكونه من الصفّ الذي له سترة ، إذ لا مانع من بطلان صلاة الصفّ بأجمعهم بسبب الستر في الجملة ، لأنّ العبرة بالصفّ لا آحاده ، كما سيجي‌ء ، فتأمّل.

قوله : كما يدل عليه ذكر حكم الحائل. ( ٤ : ٣١٨ ).

لم أجد فيه دلالة ، لجواز أن يكون [ المراد ] (٢) منه الساتر وحكاية الستر ، لا عدم التخطّي إلى الإمام ، فالأولى أن يقول : يدل عليه قوله في آخر الرواية : « لا يكون بين الصفّين ما لا يتخطّى ، يكون قدر ذلك مسقط جسد الإنسان ».

وأيضا ظاهر قوله عليه‌السلام : « بينهم وبين الذي يتقدّمهم قدر ما لا يتخطّى » هو التباعد.

قوله : وشاهد بعض المأمومين صحت صلاته. ( ٤ : ٣١٨ ).

لم نجد في الأخبار ذكر المشاهدة للإمام وكونها لازمة حتى يذكر الشارح ما ذكره ، بل الوارد في هذه الصحيحة أن لا يكون بين الإمام وبين المأمومين سترة أو جدار ، ولا يخفى أنّ المتبادر منهما غير صفّ المأموم ،

__________________

(١) لاحظ تعليقة من لا يحضره الفقيه ١ : ٣٨٦ من طبعة جامعة المدرسين.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

٣٤٥

والأساطين أيضا ليست داخلة فيهما بالنص والوفاق ، وفي هذه الصحيحة دلالة على خروج الصفوف أيضا ، وإن قلنا بأنّها ليست فردا متبادرا منهما حيث قال عليه‌السلام : « وأيّ صفّ كان أهله. » وفي آخر الخبر أيضا : « ينبغي أن تكون الصفوف تامّة متواصلة بعضها ببعض » الحديث ، فلا حاجة إلى ما ذكره الشارح رحمه‌الله بقوله : وهو معلوم البطلان.

وإن كان مراده إثبات حكم زائد على ما ذكرنا ، وهو صحة صلاة من على يمين الباب ويساره ، ويجعل الحصر في قوله عليه‌السلام : « إلاّ من كان حيال الباب » إضافيا ـ كما سيصرّح ـ فدون ثبوته خرط القتاد ، إذ دعوى العلم لم يظهر وجهه أصلا ، لعدم نص ولا إجماع حتى يرفع اليد عن المعنى الحقيقي للحديث والمفاد الظاهر منه إلى المجازي وخلاف الظاهر ، فإنّ الصفوف التي بعد من هو بحيال الباب إنّما تصح صلاة من هو بحيال الباب ومحاذيها منهم لا غيرهم ممّن هو على اليمين واليسار ، ولم نر إجماعا ولم ينقل إلينا إجماع منقول بالآحاد ، ولم نر حديثا صحيحا ولا ضعيفا يدل على صحة صلاتهم ، سيّما وأن يكون أقوى من هذه الصحيحة حتى يرفع اليد عن مدلولها بسببه.

قوله : لأنّهم يرون من يرى الإمام. ( ٤ : ٣١٨ ).

قد عرفت الكلام في حكاية الرؤية والمشاهدة ، وأنّه لا أصل لها أصلا ، فكيف تجعل علّة؟

ومع ذلك إن أراد المشاهدة بدون إدارة الوجه كما يكون الوجه إلى القبلة فغير خفي عدم تحقّق المشاهدة بالنسبة إلى من على يمينه وشماله.

وإن أراد بإدارة الوجه أو بطرف العين في الجملة فقد يتحقّق بالنسبة إلى الصف الواقف بين يديهم في الجملة ، فتأمّل.

٣٤٦

إلاّ أن يريد الذين لا يشاهدون أصلا من في المسجد.

وفيه : أنّ ذلك لا يصير إلاّ بحائل يمنع مشاهدة الصفّ المتأخّر ، فلا يختصّ بالصفّ المتقدّم ، فتأمّل.

إلاّ أن يريد بالمشاهدة كما يكون الوجه إلى القبلة ، وبمن على اليمين واليسار خصوص الذي يرى الإمام لا غيره.

وفيه : أنّ الظاهر من قوله : « من كان حيال الباب » من يرى الإمام من الباب ، فلا حاجة إلى ذكر من هو على اليمين واليسار ، لأنّه داخل في من يرى الإمام ومن هو بحيال الإمام ، فتأمّل.

وممّا ذكرنا في الحاشية السابقة وهنا ظهر أنّ ما تداول في البلاد من الحكم بصحة صلاة من على يمين الباب ويساره وإن كان صفّا لا يرون الإمام وكذا صلاة من خلفهم بمجرّد تقليد ظاهر عبارة الشارح أو غيره مشكل ، بل في غاية الإشكال. ووافقنا على ما ذكرنا صاحب الذخيرة (١) وغيره من المحققين ، ومنهم المصنف رحمه‌الله (٢) ، وسيجي‌ء تصريحه بذلك ، فتأمّل جدّا.

وعبارات الأصحاب التي وقفت عليها كلّها متفقة في بطلان صلاة من على يمين الباب ويسارها من الصفّ الأوّل دون من حاذى الباب من ذلك الصف ، لا أنّ صلاة من على اليمين والشمال أيضا صحيحة ، وأنّ الباطل هو صلاة من وقف بين يدي الصفّ الأوّل عن يمين الباب ويسارها ، كما ذكره الشارح رحمه‌الله ، فما ذكره خلاف ما عليه الأصحاب أيضا ، فلاحظ عباراتهم ، فإنّها مثل عبارة المصنف الآتية ، وهي أنّ الإمام إن صلّى في‌

__________________

(١) الذخيرة : ٣٩٤ ، والكفاية : ٣١.

(٢) انظر الشرائع ١ : ١٢٦ ، والمعتبر ٢ : ٤١٨ ، ٤٤٥.

٣٤٧

محراب داخل فصلاة من يقابله صحيحة دون من إلى جانبيه إذا لم يشاهدوه ، وتجوز صلاة الصفوف الذين وراء الصفّ الأوّل ، لأنّهم يشاهدون من يشاهد الإمام (١). ومثلها عبارة التحرير (٢).

وفي القواعد : لو صلّى الإمام في محراب داخل صحت صلاة من يشاهده من الصفّ الأوّل خاصّة وصلاة الصفوف الباقية أجمع ، لأنّهم يشاهدون من يشاهده (٣). إلى غير ذلك من عباراتهم.

فظهر منها أنّ مرادهم من مشاهدة من يشاهد الإمام هو المشاهدة بطريق المواجهة على طريق مشاهدة أهل الصفّ الأوّل للإمام إذا كان خارجا عن صفّهم وواقفا قدّامهم ، وظاهر أنّ مرادهم من المشاهدة ليس المشاهدة بالفعل ، لأنّها ليست شرطا قطعا ، بل المراد عدم الحائل المانع من المشاهدة.

وينادي إلى ذلك عدم وجدان حكاية المشاهدة في خبر من الأخبار ، وليس لها عين ولا أثر ، وأنّ دليلها منحصر في هذا الخبر ، ولم يفهم الأصحاب إلاّ منه ، ولذا جعلوها متفرّعة عليه مدلولة من مدلولاته مستنبطة منه ، كما لا يخفى على من له أدنى تأمّل.

وظاهر أيضا أنّ هذا المعنى معتبر عندهم في الصفّ الأوّل بالقياس إلى الإمام ، وأمّا الصفّ الثاني فمعتبر بالقياس إلى الصفّ الأول المتقدّم عليه ، سواء كان أهله واحدا أو متعدّدا ، وأمّا الثالث فبالقياس إلى الثاني وهكذا.

__________________

(١) انظر الشرائع ١ : ١٢٦.

(٢) التحرير ١ : ٥١.

(٣) القواعد. ١ : ٤٦.

٣٤٨

كما أنّ القرب والبعد يراعيان بالقياس إلى الصفوف لا بالقياس إلى أشخاص الصفوف ، ولذا يجوز أن يكون الصفّ المتقدّم في غاية القصر ، والمتأخّر في غاية الطول وبالعكس ، وأن يكون الصفّ الأوّل طويلا ليس قدّامهم سوى الإمام [ و ] كذا حكاية الستر والحائل عندهم ، لكن ثبوت ذلك من الرواية مشكل ، بل ظاهرها بطلان صلاة من على يمين الباب ويسارها مطلقا إلاّ من كان حيال الباب مطلقا.

نعم دلالتها على حكاية القرب والبعد كما ذكر ، يعني أنّهما بالقياس إلى الصفّ والإمام ، والصفّ الثاني والصفّ الأوّل ، وهكذا ، فتأمّل.

قوله (١) : والظاهر أنّ الحصر إضافيّ. ( ٤ : ٣١٩ ).

فيه ما عرفت ، فلاحظ وتأمّل.

قوله (٢) : وهذه الرواية ضعيفة السند. ( ٤ : ٣٠٢ ).

لا يخفى أنّ الموثقة حجّة كما حقّق في محلّه ، سيّما موثقة عمار ، لدعوى الشيخ إجماع الطائفة على العمل بها (٣) ، مع أنّا نرى من الفقهاء لم يشهد على كون الأمر كما ذكره ، خصوصا هذه الموثقة ، لأنّ مضمونها مجمع عليه بين الكلّ ، وإن نقل عن الخلاف ما نقل ، إذ حمله العلاّمة على إرادة الحرمة (٤) ، وهي غير بعيدة من القدماء ، سيّما إذا اتفق فتاوى الشيخ على الحرمة في غيره (٥) ، وليس نسخة الخلاف عندي ، فلا وجه لتردّد المصنف بعد ذلك ، مع أنّه ورد بمضمونها روايتان من العامّة أيضا.

__________________

(١) هذه التعليقة ليست في « ب » و « ج » و « د ».

(٢) هذه التعليقة ليست في « ا ».

(٣) عدّة الأصول ١ : ٣٨١.

(٤) المختلف : ١٦٠.

(٥) النهاية : ١١٧ ، المبسوط ١ : ١٦٠.

٣٤٩

وأمّا الدلالة فلم نجد فيها غبارا.

وأمّا ما ذكره من التهافت فهو منتف في نسخة التهذيب ، لأنّه ذكر فيها في موضع : « بطن مسيل » : « بقدر يسير » وفي نسخة منه موضعه : « بقدر شبر » لأنّه جعل الأرض قسمين : مبسوطة وغير مبسوطة ، والمبسوطة على قسمين : مستوية وما يكون فيها انحدار ، وحكم بجواز صلاة المأمومين خلف الإمام في المبسوطة بقسميه مطلقا ، وعدم جواز صلاتهم خلفه في غير المبسوطة إذا كان الإمام في المرتفع والمأموم في غير المرتفع ، والمراد من غير المبسوطة ما يكون فيه ارتفاع دفعي.

وجعله المصنف أيضا على قسمين : قسم ارتفاعه ارتفاع معتدّ به وهو ما يشبه الدكّان ، لأنّ الغالب المتعارف منه ذلك ، وقسم ارتفاعه أقلّ من الدكّان بأن يكون ارتفاعه قدر طول إصبع أو أكثر أو أقلّ إذا كان الارتفاع بقدر يسير لا قدر كثير ، كما هو الغالب في الدكاكين.

والحاصل : إنّ المبسوطة من جهة تساوي نسبة كلّ جزء منها مع الآخر في بادئ النظر تصح الجماعة فيها كيف كان قيام الإمام والمأموم ، وإن كان فيها انحدار على سبيل تساوي نسبة الأجزاء بعضها ببعض لا على سبيل التفاوت الدفعي.

وأمّا إذا كان التفاوت لا على سبيل تساوي النسبة ، بل يكون دفعيا ، وكان الإمام على المرتفع والمأموم على المنخفض فصلاة المأموم غير جائزة ، سواء كان الارتفاع كثيرا أو يسيرا.

وأمّا إذا كان المأموم على المرتفع والإمام على المنخفض فصلاة الكلّ جائزة وإن كان المأموم أرفع بشي‌ء كثير ، كما صرّح به في آخر الخبر ، وما صرّح به يرجّح نسخة : « بقدر يسير » على نسخة : « بقدر شبر » مع كونها‌

٣٥٠

أرجح في النظر أيضا.

نعم يتراءى في النظر تهافت على نسخة الكافي ، وهي التي ذكرها الشارح حيث ذكر موضع : « بقدر يسير » : « ببطن مسيل ».

ويمكن أن يقال : المراد أنّ التفاوت يصير على سبيل تساوي النسبة كما قلنا ، فتصح الجماعة مطلقا كما عرفت ، [ و ] يصير أيضا على سبيل تفاوت النسبة بأن يكون دفعيا بالدفعة الواحدة ، كما هو الحال في الدكّان أو شبهه ، أو دفعات متعدّدة بينها تساو أو شبهة تساو ، كما هو الحال في بطن مسيل ، فإنّ الغالب فيه وقوع الهيئة المذكورة من جهة سيلان السيل في المنحدرة ، وأنّ كلّ واحد من الارتفاعات الدفعية المتعدّدة بقدر إصبع أو أكثر أو أقلّ ليس له حدّ مضبوط بحيث لا يتعدّى عنه أصلا.

وهذا التوجيه بعينه توجيه النسخة المشهورة من الفقيه حيث ذكر فيها موضع : « بطن مسيل » : « بقطع سيل » ، والنسخة الأخرى من الفقيه لا تهافت فيها أصلا كنسخة التهذيب ، لأنّه ذكر فيها موضع : « مسيل » : « سئل » بعنوان الماضي المجهول ، وذكر فيها : قال : « لا بأس به » موضع : « فلا بأس » وجعل موضع : « ببطن » : « يقطع » بعنوان المضارع المجهول ، فظهر أنّ هذه الرواية من عمار من أمتن رواياته ، فتأمّل.

قوله : وهي ضعيفة بجهالة الراوي ... ( ٤ : ٣٢١ ).

الظاهر أنّه محمد بن عبد الله بن زرارة ، وقد ذكرنا حسن حاله ، مع أنّ الرواية إلى صفوان صحيحة ، وهو ممّن أجمعت العصابة ، وممّن لا يروي إلاّ عن الثقة ، إلاّ أنّ رواية عمار منجبرة بالشهرة ، فالحمل على الاستحباب له وجه ، وإن كان العمل بها أحوط ، كما ذكره.

قوله : لوقوع التصريح في الرواية. ( ٤ : ٣٢٢ ).

٣٥١

قد تقدّم الكلام فيه.

قوله : ينبغي للبعيد. ( ٤ : ٣٢٢ ).

لم نجد لما ذكره منشأ ، فإنّ الوارد في الصحيحة لفظ الصف ، وغير مأخوذ فيه قيد الدخول في الصلاة ، بل لا يمكن أخذ القيد فيه كما لا يخفى.

مع أنّه على ما ذكره ربما لا يمكن لحقوق بعض الصفوف ركوع الإمام ، بل بعضهم لا يمكنهم اللحوق في الركعة الثانية ، وبعضهم في الثالثة ، وبعضهم في الرابعة إذا كثر الصفوف ، وخصوصا إذا طال الصفّ ، بل في الصف الأوّل ربما لا يمكن اللحوق إذا طال ، إذ البعيد من الإمام عليه أن لا يحرم حتى يحرم من يزول معه التباعد ، وكلّ ما ذكر معلوم البطلان ، بل ظاهر أنّ المأمومين في الأعصار والأمصار ما كانوا يلاحظون ما ذكر ، ولو كانوا يلاحظون لشاع وذاع ، لعموم البلوى وكثرة الحاجة ، فتأمّل.

قوله (١) : تجب متابعة الإمام. ( ٤ : ٣٢٦ ).

الظاهر أنّ المراد من الأفعال الأقوال أيضا ، لأنّها أيضا أفعال ، لأنّ الناقل لا يتعرّض لذكر الأقوال أصلا ولا لتوجيه الحديث بإخراج الأقوال ، مع أنّ أفعال الصلاة لغة وعرفا تشملها البتّة ، فإنّ الأذكار فعل المصلّي كالحركات ، ولهذا قال في المنتهى : متابعة الإمام واجبة ، وهو قول أهل العلم ، قال عليه‌السلام : « إنّما جعل الإمام إماما ليؤتمّ به » (٢).

وقال في التذكرة : يجب أن يتابع إمامه في أفعال الصلاة ، لقوله عليه‌السلام : « إنّما جعل الإمام إماما ليؤتمّ به » ولم يذكر باقي الرواية ، وقال : وروي عنه :

__________________

(١) هذه التعليقة ليست في « ا ».

(٢) المنتهى ١ : ٣٧٩.

٣٥٢

« أما يخشى الذي رفع رأسه والإمام ساجد أن يحوّل الله رأسه رأس حمار؟ » (١) ولأنّه تابع له فلا يسبقه ، وبه قال الشافعي ـ إلى أن قال ـ : مسألة : يصح أن يكبّر المأموم بعد تكبير الإمام ، وهل يصح معه؟ إشكال ينشأ من تحقّق المتابعة معه أم لا ، أمّا لو كبّر قبله فلا يصح قطعا ، ولا بأس بالمساوقة في غير التكبير من الأفعال (٢).

فظهر من كلامه قرائن على إرادته من الأفعال معناه اللغوي والعرفي ، مضافا إلى كون ذلك معناه الحقيقي ، وأنه ادعى في المنتهى ما ادعى.

فعلى هذا تفكيك الشارح بين الأقوال والأفعال لا وجه له أصلا بالنظر إلى الإجماع المنقول والفتاوى ، ولا الحديث الذي هو مستند الإجماع ، لأنّ تعليله عليه‌السلام بقوله : « يؤتمّ به » لقوله عليه‌السلام : « إنّما جعل الإمام. » ثم تفريعه بقوله : « فإذا ركع. » مع القطع بعدم انحصار الأفعال في الدخول في الركوع والدخول في السجود ، والقطع بأنّ تكبيرة الافتتاح مع كونه قولا داخل قطعا بل أهمّ ، كلّ ذلك دليل على العموم.

مضافا إلى أنّ الإمام معناه هو السابق المقتدى لا المسبوق غير المقتدى ، وستعرف معنى الاقتداء ، ومن جميع ما ذكر سلّم الشهيد العموم.

وأمّا ما ذكره من الأصل ـ مع فساد جريانه في العبادات ، كما هو مسلّم عند الشارح أيضا ، ونبّهنا في مبحث الجمعة (٣) وغيره ـ لو تمّ لاقتضى عدم وجوب المتابعة في غير الأقوال أيضا ، إذ عرفت حال الإجماع والفتاوى والحديث بل الأخبار المتضمّنة لاقتداء المأموم وائتمامه‌

__________________

(١) صحيح البخاري ١ : ١٧٧ ، صحيح مسلم ١ : ٣٢٠ / ٤٢٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٩٣.

(٢) التذكرة ١ : ١٨٥.

(٣) راجع ص ١٦٧ ـ ١٧٧.

٣٥٣

ونحوهما ، لما ستعرف بعد وجه الدلالة.

مع أنّ الأصل لا يعارض دليلا أبدا ، إذ معناه أنّ عند عدم الدليل على التكليف مثلا يكون الأصل عدمه مثلا.

وأمّا ما ذكره من أنّه لو وجبت المتابعة في الأقوال لوجب على الإمام الجهر ، لو تمّ لاقتضى وجوب الجهر عليه في تكبيرة الافتتاح أيضا ، مع أنّه خلاف الإجماع ، ولم يقل به الشارح أيضا كما مرّ في مبحث التكبير (١).

مع أنّه لو تمّ لاقتضى وجوب الجهر في الأذكار الدالة على الانتقالات من الإمام مثل قول : سمع الله ، والله أكبر ، لأنّ المأموم غير منحصر في من يرى انتقالات الإمام بالبديهة ، كما أنّ الصلاة غير منحصرة في أوقات الضياء وعدم الظلمة.

وممّا يدل على العموم ما سيجي‌ء عن المصنف : لا يجوز للمأموم مفارقة الإمام لغير عذر ، وعن الشارح في شرحه (٢) ، فلاحظ.

والشهيد في المسالك قال بعدم وجوب المتابعة في الأقوال (٣). والمحقق الشيخ علي صرّح بوجوب المتابعة فيها أيضا (٤).

قوله : السالمة من المعارض. ( ٤ : ٣٢٦ ).

كيف تكون سالمة منه؟ مع أنّه استدل بما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه : « إنّما جعل الإمام ... » والظاهر منها وجوب التأخّر.

نعم ما قاله ابن بابويه هو بعينه مضمون حديث روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) المدارك ٣ : ٣٢٤.

(٢) المدارك ٤ : ٣٧٦.

(٣) المسالك ١ : ٤٣.

(٤) الرسالة الجعفرية ( رسائل المحقق الكركي ١ ) : ١٢٨.

٣٥٤

في كتاب جامع الأخبار (١) ، فلو كانت صحيحة لكانت الحجّة هي لا غير ، سيّما مع كون العبادات توقيفية والقراءة واجبة لا تسقط إلاّ في الجماعة الصحيحة الثابتة عن الشرع.

( مع أنّ الظاهر من المتابعة عدم المقارنة ، وكذا الاقتداء والائتمام ونحوها ، ألا تنظر أنّه إذا قيل : فلان تابع فلانا في كذا ، أو : اقتدى به ، أو : ائتمّ به ، لا يستفاد منه إلاّ أنّ المتبوع صدر منه كذا فتبعه التابع؟ وكذا الحال في الاقتداء بل الائتمام ونحوها ممّا ورد في الأخبار.

وظهر من كلام الأخيار مراد الصدوق ، حتى أنّ القدماء لا يتعرّضون لذكر وجوب المتابعة في كتبهم ، حتى الشيخ في نهايته لم يذكر سوى حكم رفع رأس المأموم عن الركوع والسجود قبل الإمام (٢) ، بل ربما كان مراد الصدوق المقارنة العرفية ، وإن وقع آن شروع الإمام وأوّله مقدّما. وما رواه الصدوق لا يفي للمعارضة والغلبة ، سيّما أن يحصل البراءة اليقينة في العبادة التوقيفية ) (٣).

قوله : مذهب الأصحاب. ( ٤ : ٣٢٧ ).

هذا القول منه مع ما نقل عن ابن بابويه عجيب ، وفي المبسوط أيضا : أنّ المأموم لو فارق الإمام لا لعذر بطلت صلاته (٤) ، والشهيد نقله في الدروس في المقام وما ردّه (٥). ( بل نقل الإجماع على وجوب المتابعة‌

__________________

(١) جامع الأخبار : ١٩٦ / ٤٨٣.

(٢) النهاية : ١١٥.

(٣) ما بين القوسين ليس في « ا ».

(٤) المبسوط ١ : ١٥٧.

(٥) الدروس ١ : ٢٢١.

٣٥٥

والخبر المذكور ، وصحة الصلاة ، مع جرحه (١) ترك المتابعة في الجماعة ، وترك القراءة الواجبة فيها ربما لا يخلو عن شي‌ء ، بل روعي وجوب المتابعة إلى أن جوّز تكرار الركن ، مع ما عرفت من أنّ زيادة مبطلة للصلاة ، وكذا زيد في التشهّد والقنوت وأوجب المكث لهما على من لم يجبأ عليه ، وزيادة الجلوس والقيام مع عدم مطلوبيتهما منه ، وغير ذلك ) (٢).

قوله : وإطلاق كلامه يقتضي. ( ٤ : ٣٢٧ ).

ربما يكون إطلاقه محمولا على الصورة الصحيحة من المسلم ، فتأمّل.

قوله : وقع على سبيل العمد. ( ٤ : ٣٢٨ ).

بل دلالته عليه بعيدة بملاحظة قوله : أيعود. ، فليتأمّل. ويؤيّده أنّ الأصل في أفعال المسلمين الحمل على الصحة ، وكون الظاهر منهم الصحيح ، كما مرّ عن الشارح رحمه‌الله (٣) ، سيّما في المقام ، فإنّ من يريد صلاة الجماعة فإنّما غرضه الفضيلة والثواب ، وكون صلاته صلاة كاملة ، فلا يرتكب في هذا المقام العصيان والإثم والحرام ، وجعل صلاته ناقصة بل وباطلة ، لعدم الموافقة لمطلوب الشارع.

والبناء على أنّ العود عمدا ربما كان لجهل المسألة ، يناسب استفصال المعصوم عليه‌السلام أو حكمه على سبيل التفصيل بأنّه إن فعل عمدا أثم وعصى ودخل النار ، ولا يفعل ذلك بعد ذلك أبدا.

__________________

(١) في « ج » ونسخة في « د » : حرمة.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ا ».

(٣) المدارك ٣ : ١٥٩.

٣٥٦

والبناء على أنّه كان هناك قرينة دالة على أنّه كان يعلم الحرمة والإثم وانحطاط صلاته بل وصحة صلاته أيضا ، وسؤاله إنّما هو لصحة العود خاصّة ، بعيد وخلاف الأصل والظاهر ، ومع ذلك كان المناسب توبيخ المعصوم وتقريعه وذمّه كما لا يخفى ، هذا.

( مع أنّ الراوي بتري عامي على ما قيل (١) ، فتكون الرواية واردة على طريقة العامّة ، فتأمّل ) (٢).

قوله : مطلقة. ( ٤ : ٣٢٨ ).

فيه تأمّل مرّ الإشارة إليه.

قوله : على الاستحباب. ( ٤ : ٣٢٩ ).

هو أيضا بعيد ، لأنّ الظاهر من رواية غياث المنع عن العود ، كما أفتى به الفقهاء.

قوله (٣) : لقضاء حقّ المتابعة. ( ٤ : ٣٢٩ ).

لا شكّ في أنّ سقوط القراءة الواجبة إنّما هو من جهة المتابعة المطلوبة بل المأمور بها ، فكيف تصح صلاته مع ترك المتابعة بل فسادها؟

فتأمّل.

قوله : لا تقصر عن الصحيح. ( ٤ : ٣٣٠ ).

لكن لا دلالة فيها على وجوب العود ، ومع ذلك يتوقّف على اتحاد النسيان مع المظنّة بحسب الحكم الشرعي ، ولا دليل على ذلك من جهة النص ، فإن كان إجماع فهو الحجّة ، فتأمّل.

__________________

(١) انظر رجال الطوسي : ١٣٢.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ا ».

(٣) هذه الحاشية ليست في « ا ».

٣٥٧

قوله (١) : أو وجوبه. ( ٤ : ٣٣١ ).

هذه صريحة في مذهب ابن إدريس في المأموم الأكثر من واحد ، وأمّا الواحد فلعله له ظهور في ما ذكره الشارح ، لكن الظاهر لا يقاوم الصريح ، فعلى القول بعدم الفصل لأن رفع اليد عن الظاهر وإرجاعه إلى الصريح لا العكس. إلاّ أن يتمسّك بالشهرة العظيمة والإجماع المنقول.

والأحوط مراعاة رأي ابن إدريس.

قوله : بالعقب والأصابع معا. ( ٤ : ٣٣١ ).

هذا هو الأظهر بحسب العرف دليل المصنف.

قوله : في التساوي. ( ٤ : ٣٣١ ).

هذا مشكل بحسب ما يتبادر من الحديث لغة وعرفا.

قوله : في كلّ الأعصار السالفة. ( ٤ : ٣٣١ ).

لم يعهد ذلك من الشيعة ولا غير (٢) الطائفة المحقّة ، وغيرهم لا عبرة بفعلهم. إلاّ أن يقال : عدم تعرّض أحد من الأئمّة عليه‌السلام ولا الشيعة ولا غيرهم للطعن على هذا الفعل في عصر من الأعصار دليل على الصحة ، وفيه تأمّل ، فتأمّل.

قوله : ولم أقف في ذلك على رواية. ( ٤ : ٣٣٢ ).

مقتضى ظاهر الروايات الواردة عن الأئمّة عليه‌السلام عدم الصحة كما يقوله العلاّمة. مع أنّ الجماعة عبادة توقيفية ، فما لم تثبت الصحة لا يمكن الحكم بها ، والمنقول من الأقوال والأفعال لا يشملها ، فتأمّل.

__________________

(١) هذه التعليقة واثنتان بعدها ليست في « أ ».

(٢) ليس في « ب » و « ج » و « د ».

٣٥٨

قوله (١) : وفي اعتبار نيّة الإمامة. ( ٤ : ٣٣٢ ).

وسيجي‌ء في كلام المصنف التصريح بذلك.

قوله : في الجماعة الواجبة. ( ٤ : ٣٣٢ ).

إذا علم أنّها جماعة واجبة ويفعلها فهذا عين النيّة ، وإذا لم يعلم ولم يكن متفطّنا فكيف يكون ممتثلا وخارجا عن العهدة؟ فكيف تكون صحيحة؟. إلاّ أن يقال : تعيينها بالتوجه إلى خاصّة من خواصّها يكفي للامتثال ولا يحتاج إلى نيّة إمامتها ، لكن في [ تأتّي ] (٢) ذلك تأمّل ، فتأمّل.

قوله (٣) : وجب الانفراد. ( ٤ : ٣٣٣ ).

هذا قبل أن يصدر منه طريقة المأمومية من ترك القراءة الواجبة ونحوه ، ولعله لا إشكال فيه ، لاستجماع شرائط الصحة من النيّة أي قصد القربة وتعيين الصلاة ، نعم بعده مشكل البتّة ، بل لعله لا يصح ، لعدم دليل الصحة ، فتدبّر.

قوله : وجب البناء عليه قطعا. ( ٤ : ٣٣٣ ).

هذا أيضا محلّ تأمّل ، لعدم وجدان دليل يعتمد عليه.

قوله (٤) : لإخلال كلّ منهما بالقراءة الواجبة. ( ٤ : ٣٣٣ ).

وكذا لو قرأ كلّ منهما مع علمه بتحريم القراءة على المأموم وتفطّنه بذلك ، بل يشكل الصحة أيضا مع القراءة جهلا أو غفلة ، لعدم ثبوت كون هذه القراءة محسوبة عن القراءة الواجبة واقعا على التعيين ، ولا صحة صلاة‌

__________________

(١) هذه التعليقة ليست في « ب » و « ج » و « د ».

(٢) بدل ما بين المعقوفين في « ا » : باب ، وفي بقية النسخ : باقي ، والظاهر ما أثبتناه.

(٣) هذه التعليقة ليست في « ا ».

(٤) هذه التعليقة ليست في « ا ».

٣٥٩

الجاهل الذي اتفق وقوعها موافقة للواقع.

قوله : لكنها ضعيفة جدّا. ( ٤ : ٣٣٤ ).

ليس كذلك ، كما حقّقناه في الرجال (١) ، مع أنّها منجبرة بفتوى الأصحاب والموافقة للقاعدة الثابتة والمسلّمة.

قوله : من جملتها القراءة. ( ٤ : ٣٣٤ ).

مقتضى الإطاعة والامتثال والخروج عن عهدة التكليف الإتيان بالقراءة أو ما جعل الشارع بدلا عن القراءة وثبت عنه ، ولم يثبت منه كون فعل الآخر الذي توهّم أنّه إمامه ـ والحال أنّه ما كان إمامه ولا قرأ أصلا بدلا عن قراءته ـ صحيحا بالنسبة إليه ، وثبوت الصحة والبدلية في الإمام المحدث أو الفاسق لا يقتضي الثبوت في غير ذلك ، والقياس لا يقول به. وممّا ذكر ظهر ما في كلام الشارح رحمه‌الله : فإن دخل.

قوله : يمكن تنزيل الرواية. ( ٤ : ٣٣٤ ).

لا يمكن أصلا ، لأنّ كلاّ منهما يدّعي بعد الفراغ من الصلاة المأمومية وإمامة الآخر ، فضلا عن حال الصلاة والدخول فيها.

قوله : ولا بأس به. ( ٤ : ٣٣٥ ).

إذا كان العموم الدال على أنّ الشك إذا وقع بعد التجاوز عن المحلّ فليس بشي‌ء شاملا لهذه الصورة فالحق مع المحقق المذكور ، وإلاّ فلا فائدة في كون الدخول دخولا مشروعا ، لما عرفت. مع أنّ الشكّ في ما أضمراه شكّ في كون الدخول مشروعا أم لا ، فتأمّل (٢).

قوله : أكثر من المباينة. ( ٤ : ٣٣٥ ).

__________________

(١) تعليقات الوحيد على منهج المقال : ٥٥.

(٢) ليس في « أ » و « و ».

٣٦٠