الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٣

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٣

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-171-0
ISBN الدورة:
964-319-168-0

الصفحات: ٤٦٤

غَسَقِ اللَّيْلِ ) (١) وبين ما ذكره من قوله : ضربته حتى قتلته ، لأنّه [ إخبار ] (٢) عن فعل لا يفي غالبا واحدة بالقتل ، ولأنّ الغاية فيه لا يتصور إلاّ بما ذكره ، وأمّا الآية فيصح جعل الغاية غاية الطلب ، ولذا استدلوا على هذا الطلب ، وجعله غاية للمطلوب يوجب التقدير من التطويل أو التكرير أو وقته أو كونه أداء وأمثال ذلك ، والأصل عدم التقدير ، وبالجملة : فرق بين الغاية للطلب والغاية للفعل ، إذ في الثاني يحتاج إلى امتداد وتطويل أو تكرار بخلاف الأوّل ، وعلى تقدير جعلها للفعل فالأقرب تقدير الطول والامتداد لا التكرار ، لأنّ الشي‌ء الواحد يكون واحدا طويلا أقرب إلى نفسه من أن يكون متعدّدا ، فتأمّل.

على أنّ الظاهر أنّ « حتى » هنا للتعليل ، لأنّ ما بعد « حتى » داخل فيما قبله ، وجعلها بمعنى إلى مجاز لا يصار إليه إلاّ بالقرينة ، إذ الأصل الحقيقة ، ولأنّها على تقدير كونها غاية يحتاج إلى عناية على أيّ تقدير ، فتدبّر.

وما اعترض على هذا الشقّ بأنّ التعليل يمكن أن يكون للشروع في الصلاة لا لنفس الصلاة كما إذا قيل : صلّ الصلاة الفلانية حتى يغفر الله لك عند الشروع فيها ، ومثله كثير في الأخبار (٣). انتهى.

فاسد ، إذ لم نجد ما ذكره سيّما وأن يكون كثيرا ، وعلى فرض الوقوع لا يصير علّة لرفع اليد عن الأصل والظاهر من حديث آخر ، كيف؟ والعامّ استعمل في الخاصّ إلى أن قال المحققون : ما من عامّ إلاّ وقد خصّ ، وأخبارنا لا يكاد يسلم واحد منها عن توجيه بملاحظة الأدلة الآخر من‌

__________________

(١) الإسراء : ٨٠.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٣) بحار الأنوار ٨٨ : ١٥٩.

٢٦١

الأخبار وغيرها ، ولا يصير هذا منشأ لرفع اليد عن الأصل والظاهر في غير الموضع الذي ثبت الخلاف فيه.

قوله : فلا وجه لقولهم : إنّها تصلّى بنيّة الأداء. ( ٤ : ١٣٢ ).

لعلّ الوجه أنّها أداء كما أنّها قضاء ، كما يقول بعضهم ، وهذا الوجه ظاهر.

قوله : ولا يخفى ما فيه من التكلّف. ( ٤ : ١٣٣ ).

لا تكلّف بعد تحقّق الإجماع على التوقيت ، لأنّ الإجماع كاشف عن قول المعصوم صلوات الله عليه ، فتدبّر.

قوله : ومن العجب ادعاؤه الإجماع. ( ٤ : ١٣٣ ).

لا تعجّب ، إذ لا منافاة بين الفورية والتوقيت ، بمعنى أنّه يجب الإتيان فورا عند حصول الآية ، وأنّه إذا فاتت الفورية يكون جميع الأوقات وقتا للفعل على سبيل السعة ، على ما يشير إليه كلام الذكرى (١).

قوله : بانتفاء ما يدل على ثبوت الفورية هنا. ( ٤ : ١٣٣ ).

ظاهر صحيحة محمد بن مسلم وبريد بن معاوية الآتية في مسألة وقوع الكسوف في وقت الفريضة الفورية (٢) ، ويؤيّدها صحيحة زرارة ومحمد السالفة (٣).

ويدل عليها أيضا ظاهر رواية سليمان الديلمي عن الصادق عليه‌السلام أنّه سأله عن الزلزلة ما هي؟ ـ إلى أن قال ـ : قلت : فإذا كان ذلك فما أصنع؟ قال : « صلّ صلاة الكسوف ، فإذا فعلت خررت لله ساجدا وتقول في‌

__________________

(١) الذكرى : ٢٤٤.

(٢) المدارك ٤ : ١٤٥.

(٣) المدارك ٤ : ١٢٧.

٢٦٢

سجودك : يا من يمسك السموات والأرض أن تزولا ـ الآية ـ يا من يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه أمسك عنّا السوء إنّك على كل شي‌ء قدير » (١). فتأمّل جدّا.

نعم ظاهر صحيحة (٢) ابن مسلم الآتية في تلك المسألة عدم الفورية فيها إلاّ أن يحمل وقت الفريضة فيها على المضيّق ، فتأمّل.

قوله (٣) : لأنّ السبب. ( ٤ : ١٣٤ ).

مراده من السبب علّة وجوب الصلاة ، وهي التضرّع والاستكانة في الصلاة لرفع ضرر الآية ، والله يعلم.

قوله : فقاصرة بالإرسال. ( ٤ : ١٣٦ ).

إلاّ أنّها إلى حماد صحيحة ، وهو ممّن أجمعت العصابة ، فهي حجّة لمن قال بالغسل ، ومن لم يقل يحمله على الاستحباب بملاحظة الأخبار الآخر ، تأمّل.

مع أنّ الصدوق قال في أماليه : من دين الإمامية الإقرار بأنّ الغسل في سبعة عشر موطنا ، وعدّ منها الغسل إذا احترق القرص ولم يعلم به الرجل (٤) ، ويظهر منه أنّه ليس بواجب ، لأنّه عند ذكر الأغسال الواجبة صرّح بأنّها واجبة (٥).

قوله : فباشتمال سنده على جماعة من الفطحية. ( ٤ : ١٣٦ ).

هي موثقة ، والموثق حجّة ، على ما حقّق في محلّه ، وعلى القول‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٤٣ / ١٥١٧ ، علل الشرائع : ٥٥٦ / ٧ ، الوسائل ٧ : ٥٠٥ أبواب صلاة الكسوف ب ١٣ ح ٣.

(٢) في « ج » و « د » : رواية.

(٣) هذه التعليقة ليست في « ا ».

(٤) أمالي الصدوق : ٥١٥.

(٥) أمالي الصدوق : ٥١٥.

٢٦٣

بعدم الحجّية فانجبارها بالشهرة وتأيّد الأخبار السابقة في الجملة يكفي ، لأنّ تلك الأخبار تصلح للتأييد وإن لم تكن بأنفسها حجّة ، على أنّ الشهرة كافية.

ويؤيّدها أيضا ما في الكافي :

وفي رواية أخرى : « إذا علم بالكسوف ونسي أن يصلّي فعليه القضاء ، وإن لم يعلم فلا قضاء عليه ، هذا إذا لم يحترق كلّه » (١) انتهى ، وقال في أوّله : إنّ جميع ما فيه من الآثار الصحيحة الصادرة عن الأئمّة عليه‌السلام على سبيل اليقين ، فتأمّل جدّا.

قوله (٢) : تخييرا. ( ٤ : ١٤٣ ).

لا يخفى أنّ التخيير أيضا خلاف ظاهر الروايتين ، بل ظاهرهما التعيين ، فتعيّن الجمع الذي يقول القائل (٣) ، كما لا يخفى.

قوله : عند أكثر الأصحاب. ( ٤٥ : ١٤٥ ).

قد مرّ عند قول المصنّف رحمه‌الله : وفي الزلزلة تجب وإن لم يطل المكث ، ما ينبغي أن يلاحظ لأجل المقام.

قوله : فيتخيّر المكلف بينهما. ( ٤ : ١٤٥ ).

لكن الأولى تقديم الحاضرة ، لكونها أهمّ في نظر الشارع ، ولكون صحيحة ابن مسلم نصّا في الأمر بالتقديم ، بخلاف صحيحة ابن مسلم وبريد ، لاحتمال إرادة جواز تقديم الكسوف ، لكون الأمر فيها على صورة‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٥ / ذيل الحديث ٦ ، الوسائل ٧ : ٥٠٠ أبواب صلاة الكسوف ب ١٠ ح ٣.

(٢) هذه التعليقة ليست في « أ ».

(٣) في « ب » : قائلا.

٢٦٤

الأمر الوارد في مقام توهّم الحظر ، مع أنّ الأمر مفاد الجملة الخبرية ، وليس بمثابة الأمر بالصيغة ، لأنّه أقوى ، كما لا يخفى. مع أنّ الشارح ربما يتأمّل في إفادتها الوجوب (١).

ويؤيّده صحيحة ابن مسلم الآتية (٢) ، فتأمّل ، فإنّ (٣) الظاهر منها خوف فوت وقت الفضيلة للفريضة لا الإجزاء ، ولعل ذلك يظهر أيضا من الأخبار في أوقات الفرائض.

وأيضا وقت الآية في الغالب بحيث لا يأمن المكلّف من انقضائه لو اشتغل بالفريضة اليومية أوّلا ، ولا يكون له وثوق بدركه لصلاتها في وقتها على سبيل الاطمئنان إن قدّم الحاضرة وفعلها على الاطمئنان ، فلعل صحيحة ابن مسلم وبريد محمولة على هذا ، فهذا أيضا يؤيّد صحيحة ابن مسلم ، ويضعّف هذه الصحيحة.

ويؤيّد صحيحة ابن مسلم أنّ الراوي سأل بعد ما ذكره الشارح منها : فقيل له : في وقت صلاة الليل ، فقال : « صلّ الكسوف قبل صلاة الليل » (٤) إذ لا شبهة في أنّ هذا الأمر على سبيل الوجوب العيني ، فكذا ما تقدّم ، لأنّ السياق واحد ، وكيف كان لا شبهة في أنّ الاحتياط في تقديم الحاضرة مع الوثوق التامّ بدركهما معا أداء.

قوله : في غير هذا الموضع. ( ٤ : ١٤٦ ).

لعل مراده أنّه ورد منهم عليه‌السلام : إذا ورد عليكم حديث فاعرضوه على‌

__________________

(١) انظر المدارك ٤ : ١٢١.

(٢) المدارك ٤ : ١٤٨.

(٣) من هنا إلى نهاية هذه الحاشية وحاشيتان بعدها ليست في « ا ».

(٤) الكافي ٣ : ٤٦٤ / ٥ ، الوسائل ٧ : ٤٩٠ أبواب صلاة الكسوف ب ٥ ح ١.

٢٦٥

سائر أحاديثنا ، فإن وجدتموه يشبهها ويناسبها فخذوه ، وإلاّ فاتركوه (١).

قوله : الصحيحة المتضمّنة للبناء. ( ٤ : ١٤٦ ).

لا يحصل منها اليقين ، غاية ما يحصل منها الظنّ الاجتهادي ، وكفايته في تحصيل اليقين في المقام محلّ نظر ، لقولهم : لا تنقضوا اليقين إلاّ باليقين (٢) ، نعم في الموضع الذي لا يمكن حصول اليقين يكتفي فيه بالظنّ ، لاشتغال الذمة باليقين ، وعدم إمكان تحصيل البراءة إلاّ بالظنّ ، وهذا طريقة جماعة من المجتهدين ، وإن كان جماعة منهم يكتفون بالظنّ الاجتهادي وإن أمكن تحصيل اليقين ، وتحقيق ذلك في الأصول ، وحقّقناه في الفوائد الحائرية (٣) ، على أنّه قد عرفت أنّه ورد منهم عليه‌السلام : « إذا ورد عليكم حديث فاعرضوه على سائر أحاديثنا » فتدبّر.

قوله : وصحيحة هشام بن سالم. ( ٤ : ١٥١ ).

لعل وجه الاستدلال بها أنّ كلّ واحد من شارب الخمر والزاني والسارق عامّ شامل لمن كان مؤمنا ومن كان مخالفا ، ولا يخلو من تأمّل ظاهر ، ومرّ الكلام فيه في بحث غسل الميت.

قوله : قال في الذكرى. ( ٤ : ١٥٣ ).

ويمكن أن يكون المراد جريان القلم في كتابة الثواب له لا العقاب عليه أيضا ، لأنّ الحق أنّ عبادات الطفل شرعية ، ولا مانع من ترتّب الثواب له ، بل هو الظاهر من الأخبار ، وحديث رفع القلم عنه ظاهر في رفع العقاب والمؤاخذة لا الثواب أيضا ، ولا إجماع على عدم الثواب.

__________________

(١) الوسائل ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ب ٩.

(٢) الوسائل ١ : ٢٤٥ أبواب نواقض الوضوء ب ١.

(٣) الفوائد الحائرية : ٤٤٣.

٢٦٦

قوله : وهو عامّي. ( ٤ : ١٥٦ ).

هذا وهم من النسّاخ ، أو كان اللام قصيرا غاية القصر فتوهّم كونها ميما.

قوله : ولو قيل : إنّ المراد. ( ٤ : ١٥٦ ).

لا يخفى أنّ مراتب الإرث مبنية على الأنسبية رحما ، والأشدّية علاقة في غالب الناس وبحسب العادة عندهم ، فلعل إطلاق الأولى ينصرف عندهم إلى ما ذكروه ، ولذا فهم الفقهاء الذين هم أرباب الفهم والأئمّة في معرفة المعاني بحسب اللغة والعرف وغيرهما ما فهموا ، فحكموا بما حكموا ، فتأمّل.

قوله : أولوية بعض الورثة على بعض. ( ٤ : ١٥٨ ).

لا يخفى أنّ بناءهم على الأولوية بحسب الإرث ، وأمّا تقديم بعض الأولى على بعض آخر فغير لازم كونه من جهة الإرث أيضا ، بل لا يتأتّى ذلك ، بل له وجه آخر ، ولا يلزم كون الوجه منحصرا في الأولوية في الإرث في جميع المواضع وجميع الوجوه ، فتأمّل.

قوله : لكنّها ضعيفة. ( ٤ : ١٥٨ ).

الرواية وإن كانت ضعيفة إلاّ أنّها منجبرة بعمل الأصحاب ، بل إجماعهم على ما هو الظاهر ، والصحيحة وغيرها شاذّة ، والشاذّ لا عمل عليه ، بالنصّ واتفاق الأصحاب الموافق للقواعد الثابتة المسلّمة.

قوله : هو يتوقّف على وجود المعارض. ( ٤ : ١٥٩ ).

قد عرفت أنّ المعارض موجود ، وأنّه أقوى ، بل وتعيّن كونه حجة دون معارضه بشذوذه ، وسيّما أن يكون موافقا لمذهب العامّة.

قوله : ولما رواه الكليني. ( ٤ : ١٦٤ ).

٢٦٧

الدلالة على ما ذكره غير واضحة ، كاستدلاله الأوّل ، لتوقفه على وجود عموم يشمل المقام ، ولا يخلو عن إشكال ، لأنّ المتبادر منه غير المقام ، فلاحظ ، لكن لا تأمّل في أنّ العمل إنّما هو على ما ذكره الفقهاء بل لعلّه إجماعي ، ويمكن أن يفهم من العموم الشمول للمقام بواسطة استشمام العلّة ، وهي شرافة الرجل وخساسة المرأة ، فافهم.

قوله : ولا تبطل مع الزيادة. ( ٤ : ١٦٥ ).

لا يخلو عن إشكال إذا اعتقد دخول الزائد في الصلاة ، لأنّ هيئة العبادة متلقّاة من الشرع ، فإذا تغيّرت عمّا نقل عن الشرع فكيف يمكن الحكم بالصحة والخروج عن العهدة؟ فكما أنّ النقيصة مغيّرة للهيئة فكذا الزيادة ، فتأمّل جدّا.

قوله : ولو شكّ في عدد التكبيرات بنى على الأقل. ( ٤ : ١٦٦ ).

هذا على القول بحجّية الاستصحاب ـ كما هو المشهور عند الأصحاب ـ واضح ، وأمّا على القول بعدمها ـ كما هو عند الشارح رحمه‌الله فمشكل ، إلاّ أن يبنى على ما ذكره من عدم البطلان بالزيادة ، وفيه ما عرفت ، فتأمّل جدّا.

قوله : الدالة بظاهرها. ( ٤ : ١٦٧ ).

في الظهور تأمّل ، لأنّ الظاهر منها كون السؤال والجواب بالقياس إلى خصوص التكبير ومقداره ، ولذا لم يذكر النيّة وغيرها ، فتأمّل.

قوله : وإن كانت الرواية الأولى أولى. ( ٤ : ١٦٩ ).

الظاهر أنّ مراده منها صحيحة أبي ولاّد ، ووجه الأولوية صحة الرواية ، ويمكن أن يكون المراد منها رواية محمد بن مهاجر المعمول بها عند الأصحاب ، ووجه الأولوية عملهم بها والخروج عن الشبهة بسبب‌

٢٦٨

الخلاف ، فيكون موافقا للمصنّف رحمه‌الله وغيره ، ولعل مراعاتهما تكون أولى وأحوط ، فتأمّل.

قوله : لأنّ التكبير عليه أربع. ( ٤ : ١٧٠ ).

مقتضى رواية محمد بن مهاجر التي هي مستند الأصحاب في كيفية الصلاة على الميت عدم الدعاء له ، وإنّه لذلك اقتصر على أربع تكبيرات ، حيث قال فيها : « فلمّا نهاه الله تعالى ـ يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ عن الصلاة على المنافقين كبّر وتشهّد ، ثمّ كبّر وصلّى على النبيين ، ثمّ كبّر ودعا للمؤمنين والمؤمنات ، ثمّ كبّر الرابعة وانصرف ، ولم يدع للميت » (١) ونظر المحقّق إلى ما ذكر ، ووجه نظره أيضا يظهر ممّا ذكر ، فتأمّل.

قوله : لقيام العاجز بما هو فرضه. ( ٤ : ١٧١ ).

لا يخفى بعده.

قوله : لأنّها دعاء. ( ٤ : ١٧١ ).

الظاهر أنّ مراده الإشارة إلى ما ورد من التعليل في الأخبار من أنّها إنّما يكون تسبيحا وتحميدا ودعاء ، مثل ما ورد في موثقة يونس بن يعقوب الآتية ، والقياس المنصوص العلّة حجّة ، فما أجاب في الذكرى فيه ما فيه ، نعم لا شكّ في كون الستر أحوط.

قوله : تمسّكا بمقتضى الأصل. ( ٤ : ١٧٢ ).

والتعليل الوارد في موثقة يونس بن يعقوب.

قوله : فيرجع فيه إلى العرف. ( ٤ : ١٧٢ ).

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٨١ / ٣ ، الفقيه ١ : ١٠٠ / ٤٦٩ ، التهذيب ٣ : ١٨٩ / ٤٣١ ، الوسائل ٣ : ٦٠ أبواب صلاة الجنازة ب ٢ ح ١.

٢٦٩

فيه تأمّل ، لأنّ العرف ليس مرجعا في نفس الحكم ، بل المرجع فيها هو الشرع لا غير ، نعم هو مرجع في معرفة معاني الألفاظ الصادرة عن الشرع ، على حسب ما قرّر في محلّه ، ولا لفظ هاهنا ، فلا بدّ لتحقّق البراءة والامتثال من وقوف الإمام قريب الجنازة الواحدة ، وقريب الجنازة التي في طرف الإمام في الجنائز المتعدّدة ، والمأمومين قريب الإمام ، والصفّ قريب الصفّ ، فتأمّل.

قوله : قاصرة من حيث السند عن إثبات الوجوب. ( ٤ : ١٧٣ ).

لا قصور بعد الانجبار بعمل كلّ الأصحاب. مضافا إلى كونها موثقة ، وسيّما موثقة عمار ، لأنّ الشيخ قال في العدّة : أجمعت الشيعة على العمل بروايته (١) ، مع أنّك قد عرفت عدم جواز التباعد الذي ذكره.

قوله : فالعمل بكلّ منها حسن إن شاء الله. ( ٤ : ١٧٤ ).

بل الأولى العمل بمضمون الروايتين الأوّلتين ، لقول المعظم به ، ولأنّ عبد الله بن المغيرة ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم.

قوله : لكنّها سليمة من المعارض. ( ٤ : ١٨٦ ).

لكن كون المراد من الصبيان من لا يجب عليه الصلاة غير ظاهر ، بل الأظهر خلاف ذلك.

قوله : ولا بأس به. ( ٤ : ١٧٦ ).

لا يخفى أنّ الحكم بالاستحباب بمجرّد ما ذكر محلّ تأمّل ، سيّما على طريقة الشارح رحمه‌الله.

__________________

(١) عدّة الأصول ١ : ٣٨١.

٢٧٠

قوله : وهو دليل الرجحان. ( ٤ : ١٧٩ ).

فيه تأمّل ظاهر ، والصواب التمسّك بما ورد في استحباب الرفع في كلّ تكبيرة ، سيّما مع صحة السند والمخالفة للعامّة ، مضافا إلى التسامح في أدلّة السنن ، مع أنّ المعارض موافق للعامّة ضعيف السند ، بل الراوي من العامّة.

قوله : في الدعاء المتناول لذلك ولغيره. ( ٤ : ١٧٩ ).

في استفادة الشمول للمقام من الإطلاق الذي ذكره نظر ، سيّما بعد ملاحظة ما ورد في كيفية الصلاة على الميت وآدابها ومستحباتها.

قوله (١) : وفسّر ابن إدريس المستضعف. ( ٤ : ١٨٠ ).

المستضعف قسمان : قسم ليس له قوّة مميّزة ، وهم كثيرون ، سيّما في النساء ، وقسم آخر له قوّة مميّزة إلاّ أنّه لم يطّلع على اختلاف الناس في المذاهب ، مثل ابنة سلطان الإفرنج في أمثال زماننا ، وفي زمان الأئمة عليهم‌السلام من لم يطّلع على مذهب الشيعة أصلا ، وباعتقاده انحصار المسلم في أهل السنّة ، وإن ورد عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : الآن لم يبق مستضعف (٢) ، ومراده أنّه عليه‌السلام أبلغ إلى الكلّ ارتداد الناس من بعد وفات الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ ما قلّ ، وأنهم سمعوا ذلك ، والظاهر أنّ مراده الغالب ، والله يعلم.

قوله : وما رواه الشيخ في الصحيح. ( ٤ : ١٨٣ ).

مقتضى الروايتين جواز الصلاة ، فلا ينافي ذلك أولوية الترك ، لما عرفت من المسامحة في أدلة السنن ، سيّما والأكثر أفتوا كذلك ، وربما يعبّرون عن أولوية الترك بالكراهة ، فتأمّل.

__________________

(١) هذه التعليقة ليست في « ا ».

(٢) انظر بحار الأنوار ٥٧ : ٢١٣ / ٢٣.

٢٧١

قوله : لتكرار الصحابة الصلاة على النبي. ( ٤ : ١٨٣ ).

لا يخفى أنّ الظاهر أنّ ذلك كان من خواصّه ، على ما يظهر من العلّة المروية في ذلك (١) ، فلا يقتضي ذلك ما ذكره من التقييد ، فتأمّل.

قوله : كلّها قاصرة. ( ٤ : ١٨٤ ).

لكن رواية الجواز أقوى سندا ، لكونها من الموثقات والموثق حجّة ، كما بيّنا في محلّه. مع أنّه أولى من غير الموثق وأقوى البتّة.

مع أنّ هاتين الروايتين مع ضعف سندهما أضعف دلالة من الموثقتين ، لأنّ مضمونهما حكاية عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله ، ولعله كان لخصوصية ومصلحة ، أو كان كذلك من أوّل الأمر ثم صار مستحبا ، وإن كان الظاهر من نقل الإمام كون الحال كذلك في زمانه عليه‌السلام أيضا مطلقا ، لكن هذا الظاهر ليس مثل التصريح الوارد في الموثقتين.

وأيضا الاتفاق على الجواز يؤيّد الموثقتين ، فالأقوى الجواز ، لما ذكر ، وللعمومات.

والكراهة أيضا محلّ تأمّل ، لأنّ مدلول الضعيفين المنع وعدم الجواز ، ومقتضى الموثقتين الرجحان للفعل ، ولا تقاوم بين الضعيفين والموثقتين ، لما عرفت ، ولأنّ وهب بن وهب عامي ، وكذا الراوي عن إسحاق بن عمار ، وهو غياث بن كلوب ، إذ ربما يظهر من الأخبار أيضا كونه عاميا (٢) ، فتأمّل.

فتعيّن الموثقتان والعمومات للحجّية ، ولا مساغ للحكم بالكراهة ،

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٨٣ أبواب صلاة الجنازة ب ٦ ح ١٠.

(٢) انظر تعليقات الوحيد ( منهج المقال ) : ٢٥٦.

٢٧٢

بناء على المسامحة في أدلة السنن ، لما عرفت من ثبوت الرجحان في الفعل ، فتأمّل.

وممّا يضعف الضعيفين ويقوي الموثقتين والعمومات فعل أمير المؤمنين عليه‌السلام بالنسبة إلى سهل بن حنيف ، والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنسبة إلى حمزة (١). على أنّ المسامحة في أدلّة السنن تعيّن أولوية الفعل ، كما لا يخفى ، فتدبّر.

قوله : ومقتضى الرواية الأولى. ( ٤ : ١٨٦ ).

ويمكن حملها على أنّ المراد من الأمر بالتتابع رفع الحظر ، لوروده مورد توهّم الحظر ، لأنّ المتعارف رفع الجنازة عقيب فراغ الإمام عن الصلاة ، ولذا يستحب وقوفه حتى ترفع الجنازة ، ولذا قيّده العلاّمة بما قيّده ، ونفى الشارح رحمه‌الله منه البأس.

قوله : بأنّ المدفون خرج بدفنه. ( ٤ : ١٨٨ ).

فيه تأمّل ظاهر ، وكذا في قوله : من فني في قبره ، إذ العمومات ـ مثل : « لا تدعوا أحدا من أمّتي بغير صلاة » (٢) وغيره ومنه صحيحة هشام المذكورة إذ نفي البأس المتوهّم لا يرفع الوجوب الثابت ، فتأمّل ـ تقتضي وجوب الصلاة عليه حتى يثبت المخرج منها.

وممّا ذكر ظهر التأمّل في ما ذكره الشارح رحمه‌الله : والأصحّ.

فالأحوط الصلاة عليه مطلقا إن لم يصلّ عليه ، وأمّا إذا صلّى عليه فلعل الأحوط الترك ، لما مرّ من موثقة عمار وموثقة يونس بن يعقوب ، ومرسلة‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٨٢ ، ٨٧ أبواب صلاة الجنازة ب ٦ ح ٧ ، ٢١.

(٢) الفقيه ١ : ١٠٣ / ٤٨٠ ، التهذيب ٣ : ٣٢٨ / ١٠٢٦ ، الاستبصار ١ : ٤٦٨ / ١٨١٠ ، الوسائل ٣ : ١٣٣ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٧ ح ٣.

٢٧٣

محمد بن أسلم عن الرضا عليه‌السلام : يصلّى على المدفون بعد ما دفن؟ قال : « لا ، لو جاز لأحد لجاز لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال علي عليه‌السلام : لا يصلّى على المدفون ولا على العريان » (١).

وفي الموثق أيضا عن عمار أنّه إذا صلّى على ميت وهو مقلوب أنّه يسوّى ويعاد الصلاة ما لم يدفن ، فإن كان قد دفن فقد مضت الصلاة ، ولا يصلّى عليه وهو مدفون (٢).

وفي الحسن عن محمّد بن مسلم أو زرارة قال : « الصلاة على الميت بعد ما يدفن إنّما هو الدعاء » الحديث (٣) ، فلعل ما ورد ممّا يدل على الجواز محمول على هذا أو على من لم يصلّ عليه ، فتأمّل.

قوله : ولا ريب في ضعفه. ( ٤ : ١٨٩ ).

لا ضعف فيه ، بل هو أيضا محتمل ، فتأمّل.

قوله : من أوصاف المتذلّل الخاشع. ( ٤ : ١٩٦ ).

فعل الرضا عليه‌السلام عند خروجه إلى العيد ، وصلاتهما واحدة ، بل ربما كان عند خروجه للاستسقاء أيضا ، فلاحظ عيون أخبار الرضا (٤).

قوله (٥) : فالظاهر أنّه يستحب قضاؤه نهارا وهو غير واضح. ( ٤ : ٢٠٤ ).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٠١ / ٤٧١ ، الاستبصار ١ : ٤٨٣ / ١٨٧١ ، الوسائل ٣ : ١٠٦ أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ٨.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٠١ / ٤٧٠ ، الاستبصار ١ : ٤٨٢ / ١٨٧٠ ، الوسائل ٣ : ١٠٧ أبواب صلاة الجنازة ب ١٩ ح ١.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٠٢ / ٤٧٣ ، الاستبصار ١ : ٤٨٣ / ١٨٧٣ ، الوسائل ٣ : ١٠٥ أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ٥.

(٤) عيون الأخبار ٢ : ١٦٥ / ١ ، الوسائل ٨ : ٨ أبواب صلاة الاستسقاء ب ٢ ح ٢.

(٥) من هنا إلى أربعين تعليقة ليست في « ا ».

٢٧٤

الظاهر وضوحه ، لما ورد في بعض الأخبار في تفسير قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً ) (١) الآية (٢) ، مع أنّ الظاهر من الآية لعله ذلك أيضا.

وأيضا يظهر ممّا ورد في مدح من يقضي نافلة الليل في النهار من أنّه تعالى يباهي به الملائكة من أنّه يقضي ما لم أفترض عليه (٣) ، والظاهر يفيد العموم ، والله يعلم.

قوله : كما في الكلام والالتفات ونحوهما. ( ٤ : ٢١١ ).

لا شبهة في ثبوت البطلان ، كما نقله ، لأنّ العبادة هيئة توقيفية ، والمنقول من الشارع ليس فيها ما ذكر ، بل ونهى عنه فيها ، فكيف تكون العبادة التوقيفية؟ نعم لو لم يكن النهي (٤) عنه نهيا عنه في العبادة مثل النظر إلى الأجنبية فالظاهر عدم الضرر ، والله يعلم.

قوله : لأنّه في حكم التالف. ( ٤ : ٢١٣ ).

الظاهر عدم تأمّل في الجواز ، لوجوب إعطاء قيمة الماء التالف لصاحبه بلا تأمّل ، فيكون الماء التالف ملكه أو صحيح التصرّف ، ولا شكّ في أنّه إذا أتلفه تعيّن القيمة عليه ، فلا معنى للمنع بعد التلف ، وهو واضح.

ثم اعلم أنّ الأئمّة عليه‌السلام والفقهاء وجميع المسلمين في الأعصار والأمصار كانوا يتوضّؤون من الأنهار الجارية ويشربون ، بل ويأخذون لشربهم من غير استحصال إذن من المالك أصلا ، ولا تأمّل فيه ، وكذا كانوا يصلّون في الصحراء من الأراضي المملوكة من دون رخصة من المالك.

__________________

(١) الفرقان : ٦٢.

(٢) تفسير القمي ٢ : ١١٦ ، البرهان ٣ : ١٧٢ / ١ ، ٢.

(٣) الوسائل ٤ : ٢٧٥ ، ٢٧٨ أبواب المواقيت ب ٥٧ ح ٥ ، ١٥.

(٤) في « ب » و « و » : المنهي.

٢٧٥

واعتذر السيّد بأنّ المنشأ تحقّق إذن الفحوى جزما من المالك (١).

وفيه : أنّه ربما كان المالك صغيرا أو مجنونا أو سفيها أو مخالفا للشيعة ، سيّما المتعصّبين منهم ، بل الظاهر أنّ المنشأ أنّ للمؤمنين حقّا في جميع ما ذكر ، ولقولهم عليه‌السلام : « المسلمون شركاء في الماء والنار والكلاء » (٢).

قوله : والامتثال يقتضي الإجزاء. ( ٤ : ٢١٣ ).

الأظهر الاستدلال بصحة الصلاة في اللباس النجس وغير اللباس منه جهلا ، كما حقّق في محلّه ، فلاحظ.

قوله : إذا كان الجلد مأخوذا من غير المسلم عملا بالظاهر من حاله. ( ٤ : ٢١٣ ).

الأولى أن يقول : عملا بالأصل ، لأنّ التذكية الشرعية شرط للطهارة والحلّية ، ويكفي أخذه من المسلم ووجوده في يده أو في سوق المسلمين ، لأصالة الصحة فيهما ، وإن كان الأحوط أن لا يصلّى في الجلود المأخوذة من أهل السنّة الذين يستحلّون الصلاة في الميتة باعتقادهم أنّ الدباغة تطهّرها ، كما ورد في الأخبار من أنّ الأئمّة عليه‌السلام ما كانوا يصلّون في ما أخذ من أهل العراق وسوقهم معلّلين بما ذكر ، وإن كانوا يلبسون في غير حالة الصلاة (٣) ، وحقّق الجواز والحلّية في محلّه.

قوله : وهو مشكل. ( ٤ : ٢١٤ ).

لا إشكال ، وقد مرّ التحقيق (٤).

__________________

(١) حكاه عنه الشهيد في الذكرى : ١٥٠ والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٩٤.

(٢) الفقيه ٣ : ١٥٠ / ٦٦٢ ، التهذيب ٧ : ١٤٦ / ٦٤٨ ، الوسائل ٢٥ : ٤١٧ أبواب إحياء الموات ب ٥ ح ١.

(٣) الكافي ٣ : ٣٩٧ / ٢ ، الوسائل ٤ : ٤٦٢ أبواب لباس المصلي ب ٦١ ح ٢.

(٤) راجع ص ج ٢ : ٣٣٩ ـ ٣٤٢.

٢٧٦

قوله : بما لا يعلم تعلّق النهي به. ( ٤ : ٢١٤ ).

فيه : أنّ هذا الاحتمال إنّما هو إذا كان الثابت من الشارع أنّ الشرط كما ذكره ، وأمّا إذا كان الثابت منه المنع عن الميتة ، وعن كلّ شي‌ء حرام أكله ، وعن الحرير المحض فمقتضاه هو ما ذكره الأصحاب ، لأنّ لفظة الميتة وحرام الأكل والحرير المحض أسام لما هو في نفس الأمر ميتة وحرام وحرير محض ، من غير التقييد بالعلم وعدمه ، على حسب ما مرّ التحقيق في باب لباس المصلّي (١).

قوله : كون القيام في حال النيّة ركنا. ( ٤ : ٢١٤ ).

وجهه اشتراط المقارنة للتكبير ، والمقارنة لا تتحقّق إلاّ حال القيام ، كما لا يخفى ، سواء كانت ركنا أو شرطا.

قوله : وأجاب عنها الشيخ في كتابي الأخبار بالحمل. ( ٤ : ٢١٦ ).

هذا الجواب بعيد ، لأنّه في صورة الشكّ لا يلائمها قوله : حتى دخل في الصلاة ، و : حتى كبّر للركوع.

مع أنّ الشك في شي‌ء وقد خرج منه ودخل في غيره ليس بمعتبر بمقتضي الأدلة ، وإجماعي أيضا ، فالصواب الحمل على أنّ المعصوم عليه‌السلام بنى على أنّ الظاهر وقوع التكبير ، وأنّ تركه من حيث كونه أوّل الصلاة بعيد جدّا ، وإن كان الرجل عنده أنّه نسي ، لأنّه حال من كثر سهوه فلا عبرة بسهوه ، [ لا ] (٢) لأنّ السهو واقعي وبموضعه ومع ذلك لا اعتداد به ، بل لما ذكر من أنّه بعيد جدّا أن يكون يسهى ، كما صرّحوا به في بعض الأخبار :

__________________

(١) راجع ج ٢ : ٣٤٠ ـ ٣٤٢ وانظر المدارك ٣ : ١٧٣ ـ ١٧٦.

(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه لاستقامة المعنى.

٢٧٧

« أنّ الإنسان لا ينسى تكبيرة الافتتاح » (١) والظنّ في تحقّق الأفعال حجّة ومعتبر ، كما سيجي‌ء ، والمعصوم عليه‌السلام اعتبره هاهنا.

قوله : أنّ الامتثال يتحقّق بالإتيان. ( ٤ : ٢١٨ ).

الامتثال هو الإتيان بالمأمور به على وجهه ، والعبادة التوقيفية يتوقّف على الثبوت من الشرع ، والثابت المنقول إلينا من قول الشارع وفعله ليس على ما ذكرت ، وهذا خلاف المعهود منك في مواضع لا تحصى ، ومنها في بحث الخلل الواقع في كيفية الصلاة (٢).

قوله : لزيادة الركن. ( ٤ : ٢١٨ ).

لم يقل أحد بهذا التفصيل ، فبضميمة عدم القول بالفصل يثبت المطلوب بالروايتين أيضا.

قوله : والرواية الثالثة ضعيفة السند. ( ٤ : ٢١٨ ).

الضعف منجبر بعمل الأصحاب ، سيّما مع الموافقة للقواعد الثابتة في العبادات التوقيفية ، وعمل الجماعة الذين لا يعملون بأخبار الآحاد مثل السيد ومشاركيه ، وكونها في الكافي (٣) ، وموافقتها بعض الأخبار الآخر ، مثل رواية ابن سنان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن الباقر عليه‌السلام عن رجل نسي أن يركع ، قال : « عليه الإعادة » (٤) وقد حقّقنا في الرجال أنّ ابن سنان هذا ثقة لا ضعف فيه (٥) ، موافقا للعلاّمة في غير الخلاصة (٦). ويؤيّدها‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٦ / ٩٩٨ ، الوسائل ٦ : ١٥ أبواب تكبيرة الافتتاح ب ٢ ح ١١.

(٢) انظر المدارك ٤ : ٢٢٣.

(٣) لم نعثر عليها في الكافي.

(٤) التهذيب ٢ : ١٤٩ / ٥٨٤ ، الاستبصار ١ : ٣٥٦ / ١٣٤٦ ، الوسائل ٦ : ٣١٣ أبواب الركوع ب ١٠ ح ٤.

(٥) تعليقات الوحيد على منهج المقال : ٣٠٠.

(٦) انظر المختلف : ٥١٨.

٢٧٨

أيضا إطلاق الأخبار الدالة على أنّ من زاد في الصلاة فعليه الإعادة (١) ، فتأمّل.

قوله : ويمكن الجمع بينها. ( ٤ : ٢١٩ ).

هذا فرع التكافؤ ، ومنتف قطعا على ما ظهر لك. مضافا إلى أنّ رواية ابن مسلم هذه تتضمّن ما لم يقل به أحد ، وهو قوله : « وإن كان لم تستيقن إلاّ بعد ما فرغ. » وهذا أيضا من المضعّفات بلا شبهة في مقام الترجيح ، بل الشارح كثيرا صرّح بأنّ ذلك مانع من الاحتجاج بالرواية مطلقا (٢).

قوله : واستدل عليه في المعتبر. ( ٤ : ٢٢١ ).

إن سلّم ما ذكر لم يكن خصوصية بالرباعية ، فيلزم الصحة في الثنائية والثلاثية أيضا ، بل لا خصوصية له بالركعة الأخيرة ، فيلزم ما ذكره بالنسبة إلى ركعات أخر أيضا ، وفيه ما فيه. [ وقوله : وبما رواه. ] (٣) معارض بالروايتين المذكورتين المنجبرتين بالشهرة ، والمعتضدتين بالقواعد وعمل من لم يعمل بأخبار الآحاد ، مع كونه مخالفا للشهرة ، وموافقا للتقيّة ، والوهن في دلالته ، لما يقول الشارح ، وقابلا للتأويل القريب ، لما سبق أنّ المعهود عند الخاصّة والعامّة أنّهم إذا قالوا : التسليم ، يريدون منه : السلام عليكم ، إلى آخر ما حققناه في بحث التسليم (٤).

قوله : دلالة على ندب التسليم. ( ٤ : ٢٢٢ ).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٥ / ٥ ، التهذيب ٢ : ١٩٤ / ٧٦٤ ، الاستبصار ١ : ٣٧٦ / ١٤٢٩ ، الوسائل ٨ : ٢٣١ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٩ ح ٢.

(٢) انظر المدارك ٣ : ٣١٩ ، ٣٥١ ، و ٦ : ٤٧ ، ٧٧.

(٣) ما بين المعقوفين ليس في « ب » و « ج » و « و » وبدله في « د » : قوله ، وما أثبتناه لاستقامة المعنى.

(٤) راجع ص ٩٤ ـ ١٠٢.

٢٧٩

فيه ما مرّ في بحث التسليم ، فلاحظ.

قوله : لم تقتض تغييرا لهيئة الصلاة. ( ٤ : ٢٢٤ ).

لا شكّ في تغيير الهيئة في العبادة التوقيفية ، فإنّما الأعمال بالنيّات ، فلو كبّر لا بنيّة تكبيرة الإحرام لا ينفع ، وكذا لو كبّر مرّتين بنيّة تكبيرة الإحرام تبطل الصلاة ، كما لا يخفى ، فتأمّل.

قوله : لانتفاء ما يدل على بطلان الصلاة. ( ٤ : ٢٢٤ ).

هذا لا يناسب العبادة التوقيفية ، إذ لا بدّ فيها من دليل للصحة ، لا أنّه يكفى عدم الدليل على البطلان ، إلاّ أن يكون مستنده العمومات ، فتأمّل.

قوله : لأنّ من سهى في الفريضة. ( ٤ : ٢٢٤ ).

مما لا ربط له في المقام ، لأنّ العلّة فيه كون الصلاة على ما افتتح به ، وعلى ما قام له ودخل فيها حينئذ. مع أنّ القياس عندنا حرام جزما. مع أنّ القياس مع الفارق ، لأنّ الهوي ليس من مستحبات الصلاة. مع أنّ الدخول في الركوع بقصد الواجب الركني والهوي لا دخل له في الرجحان الشرعي ، لأنّه من المقدّمات الخارجة ، فتأمّل.

قوله : تمسّكا بمقتضي الأصل السالم من المعارض. ( ٤ : ٢٢٥ ).

التمسّك بالأصل في العبادة التوقيفية غلط ، وخلاف طريقة الشارح أيضا ، وكذلك العمل بهذا الصحيح ، فالأولى الاستدلال عليه بما سيستدل به للثانية الآتية بلا شكّ.

قوله : وقوّى في المبسوط. ( ٤ : ٢٢٥ ).

قوّى على طريقة الصدوق ، لا على طريقة المشهور ، فكيف نسب الصورة الثالثة إلى خصوص المقنع؟

٢٨٠