الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٣

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٣

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-171-0
ISBN الدورة:
964-319-168-0

الصفحات: ٤٦٤

على أنّا نقول : العادل أخبرنا بالإجماع ، فلا بدّ من تصديقه والتمسّك بقوله ، لما دل على حجّيّة خبر الواحد ، إلاّ أنّ يثبت الخلاف ، ولم يثبت ممّا ذكر ، لما عرفت. مضافا إلى أنّ خروج معلوم النسب غير مضرّ عند الشيعة.

فإذا كان نقل الإجماع من واحد من العدول يكون هذا حاله فما ظنّك باتفاق المتقدّمين والمتأخّرين من الفقهاء في نقلهم الإجماع إلى أن بلغوا حدّ التواتر؟ فإنّا إذا عددنا قول مثل الشهيد الثاني (١) ومن ضاهاه في نقل الإجماع فلا شك في بلوغهم عدد التواتر.

على أنّا نقول : لا يثبت ممّا ذكره من الإشراف الخلاف ، إذ لو ثبت منه الخلاف لزم أن يكون العدالة أيضا خلافيا بين الشيعة ، واللازم باطل مسلّم عند هؤلاء ، فكذا الملزوم ، والملازمة ظاهرة ، وأيّ عاقل يمكنه أن يقول : يثبت الخلاف في اشتراط الإمام أو نائبه من تلك العبارة ولا يثبت الخلاف باعتبار العدالة؟ فإنّه تحكّم بيّن ، بل والأمر في العدالة أشدّ بمراتب كثيرة ، لأنّ ناقل الإجماع في العدالة جماعة قليلة ، وناقل الإجماع في اشتراط الإمام ونائبه جماعة كثيرة ، بل متواترة. مع أنّ جمعا كثيرا منهم تلامذة المفيد ، كما قلنا.

مع أنّ المفيد رحمه‌الله في الكتاب المذكور في صلاة العيدين أظهر اشتراط الإمام أو نائبه (٢) ، ولذا لم ينبّه الشارح ولا غيره إلى القول بعدم‌

__________________

(١) الروضة ١ : ٣٠١.

(٢) المقنعة : ١٩٤.

٢٠١

اشتراط الإمام أو نائبه في صلاة العيدين ، مع أنّهم يذكرون في صلاة العيدين أنّها متساوية لصلاة الجمعة في الشرائط ، واعترف الشارح رحمه‌الله بذلك (١) ، كما ستعرف ، وادعوا على ذلك إجماعات متعدّدة ، كما سيجي‌ء الإشارة إلى ذلك في الجملة في مبحثها ، وهذا ينادي بأنّ المفيد رحمه‌الله في هذا الكتاب أيضا موافق للقوم ، مضافا إلى ما عرفت.

مع أنّ الفقهاء متفقون على أنّ القضاء منصب الإمام عليه‌السلام ، والفقيه منصوب من قبله ، لمقبولة ابن حنظلة (٢) ورواية أبي خديجة (٣) ، ومع ذلك لا يذكرون في كتبهم الفقهية في مبحث القضاء هذا المعنى ، بل يقتصرون على صفات الفقيه ، وهذا لا يقتضي أنّ الفقهاء رحمه‌الله لا يقولون بأنّ القضاء منصب الإمام وأنّ الفقيه منصوب منه ، وممّا ذكرنا ظهر حال ما ذكره عن أبي الصلاح والقاضي أبي الفتح.

قوله (٤) : وهي صريحة في الاكتفاء ـ عند تعذّر الأمرين ـ بصلاة العدد المعيّن. ( ٤ : ٢٣ ).

أسقط الشارح من كلامه أنّ شرط الجمعة الأذان والإقامة أيضا ، فإنّه رحمه‌الله قال ـ بعد قوله : عند تعذّر الأمرين : وأذان وإقامة ، فلاحظ المختلف (٥) ، فعلى هذا كيف يبقى لكلامه اعتداد؟ فلا بدّ للشارح إمّا أن يقول باشتراط الأذان والإقامة أيضا ، أو يرفع اليد عن كلامه ، ولا معنى لما‌

__________________

(١) المدارك ٤ : ٩٣.

(٢) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠ ، الاحتجاج : ٣٥٥ ـ ٣٥٦ ، الوسائل ٢٧ : ١٣٦ أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ١.

(٣) التهذيب ٦ : ٣٠٣ / ٨٤٦ ، الوسائل ٢٧ : ١٣٩ أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ٦.

(٤) هذه التعليقة ليست في « ا ».

(٥) مختلف الشيعة ٢ : ٢٥١ ، الكافي في الفقه : ١٥١.

٢٠٢

فعله.

مع أنّ العلاّمة وغيره بنوا على أنّ مراده الوجوب التخييري (١) ، أي الأعمّ من العيني والتخييري ، ولا شكّ في ذلك ، فإنّ الانعقاد لا يدل على العينية مطلقا ، لا مطابقة ولا تضمّنا ولا التزاما بالبديهة ، وما نقله بعد ذلك منه فلا بدّ من ملاحظة كتابه ، فإنّه رحمه‌الله كثيرا نقل عن كتاب فلاحظنا الكتاب فوجدناه في غاية الظهور في خلاف ما فهمه ، كما أشرنا.

قوله : وأنّ دعوى الإجماع فيها غير جيّدة ، كما اتفق لهم في كثير من المسائل. ( ٤ : ٢٤ ).

هذا أيضا من الغفلات الصادرة منه وممّن تبعه ووافقه ، فإنّ الإجماع عندنا ليس إجماع الكلّ حتى يلزم من خروج بعض عدم تحقّقه ، بل عند العامّة أيضا لا يضرّ خروج بعض ، لأنّ الإجماع عندهم اتفاق أهل عصر.

مع أنّ في خروج من ذكره والتمسّك بظواهر ما ذكره كلام يطول ذكره ، ومن أراد التحقيق فعليه بمطالعة رسالة المحققين في نفي الوجوب العيني ، مثل رسالة المحقّق جمال الملّة والدين رحمه‌الله وغيرها.

مع أنّه ما لم يلاحظ ( مجموع كلام أبي الصلاح وغيره لم يفهم مرادهم ، ووجدنا الشارح رحمه‌الله كثيرا » (٢) ينقل عن المختلف والمنتهى كلاما من العلاّمة ، ووجدنا في الكتابين أنّه ليس كذلك ، بل ربما يدل كلامه على خلاف ما ذكره وادّعاه ، بل ضدّه ، ( هذا مضافا إلى ما عرفت في‌

__________________

(١) انظر المختلف ٢ : ٢٥١ ـ ٢٥٣ ، والمهذّب البارع ١ : ٤١٣ ، والتنقيح ١ : ٢٣١ ، وروض الجنان : ٢٩١.

(٢) بدل ما بين القوسين في « ب » و « ج » و « د » : مجموع الكلام لم يفهم حق المرام ، فإنّا وجدنا أنّه رحمه‌الله ربما.

٢٠٣

الحاشية السابقة ) (١).

قوله : إنّ من ادعى الإجماع على اشتراط الإمام أو نائبه. ( ٤ : ٢٥ ).

ليس كذلك ، بل القائل بالوجوب التخييري يدّعي كذلك ، وأمّا القائل بالحرمة فهو يقول بالحرمة من حيث إنّ الإذن شرط مطلقا ، وما كانت تفعل إلاّ بالإمام أو نائبه الخاصّ.

نعم يمكن أن يقال : إنّ القدر الذي ثبت الإجماع فيه هو في الوجوب العيني أو بسط يد الإمام ، ولذا ورد الأخبار بجواز فعلها إذا اجتمع العدد ولم يكن الإمام ولا المنصوب ، وعمل بها جمع من الأصحاب ، بل الكلّ إلاّ القليل ، فتأمّل جدّا.

والخبر الذي يدل دلالة ظاهرة على الوجوب التخييري ما رواه الشيخ في مصباحه والصدوق في أماليه في الصحيح ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « إنّي أحبّ للرجل أن لا يخرج من الدنيا حتى يتمتّع ولو مرّة ، وأن يصلّي الجمعة جماعة » (٢) وفي الأمالي بعد هذا ذكر عبارة : « ولو مرّة » أيضا (٣).

ويظهر من الشيخ رحمه‌الله في المصباح أنّ هذا الخبر دليل على الوجوب التخييري.

ومرّ رواية زرارة وحثّ الصادق عليه‌السلام إيّاه وأصحابه ، ورواية عبد الملك (٤) ، والقرائن الدالة على إرادة الاستحباب ، إلى غير ذلك ممّا مرّ‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « ا ».

(٢) مصباح المتهجد : ٣٢٤ ، الوسائل ٢١ : ١٤ أبواب المتعة ب ٢ ح ٧.

(٣) لم نعثر عليه.

(٤) المدارك ٤ : ٧ ، وراجع ص ١٤٠ و ١٤٣.

٢٠٤

في المباحث السابقة وسيجي‌ء أيضا. ( وما رواه الشيخ في كالصحيح إلى حفص الذي ادعى في العدّة إجماع الشيعة على العمل برواية أمثاله (١) ، عن الصادق عليه‌السلام عن أبيه ، قال : « ليس على أهل القرى جمعة ولا خروج في العيدين » (٢) (٣).

قوله : ويبقى عموم القرآن خاليا عن المعارض. ( ٤ : ٢٦ ).

هذا منه بناء على أنّ الأمر حقيقة في مطلق الوجوب أعمّ من العيني والتخييري وغير ذلك ، ولا يخلو من تأمّل ، فإنّ ظاهر القرآن الوجوب العيني لا الجواز الذي ادعيت.

مع أنّ معنى الاشتراط أنّه إذا لم يتحقّق الشرط لم يتحقّق المشروط ، فكيف مع عدم الشرط يسقط اعتباره ويبقى عموم وجوب المشروط بحاله؟ مع أنّ ما دل على اشتراط الإذن أيضا مطلق وعامّ ، كما عرفت.

فالأولى ما ذكره أوّلا ، موافقا لما ذكره الشيخ رحمه‌الله وغيره. (٤).

وتوجيهه : أنّ الأمر الذي يكون منصب الإمام عليه‌السلام لا يلزم أن يباشره بنفسه المقدّسة ، بل له أن يباشره بنفسه وبنائبه الخاصّ ، فإنّ فعل النائب فعل المنوب عنه ، والنائب يجوز أن يكون خاصّا وأن يكون عامّا ، فإنّ الحكومة على الناس مع كونها من أشدّ خصائصه وأخصّ مناصبه كان مباشرته إيّاها بنوّابه إلاّ ما شذّ ، فإنّ جميع أقطار العالم بيد نوّابه إلاّ بلد‌

__________________

(١) عدّة الأصول ١ : ٣٨٠.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٤٨ / ٦٧٩ ، الاستبصار ١ : ٤٢٠ / ١٦١٨ ، الوسائل ٧ : ٣٠٧ أبواب صلاة الجمعة ب ٣ ح ٤.

(٣) ما بين القوسين ليس في « أ ».

(٤) من هنا إلى نهاية هذه الحاشية يوجد فيه اختلاف كثير بين النسخ ، وما أثبتناه من « أ » و « و ».

٢٠٥

نفسه ، مع أنّه أيضا في كثير من الأوقات بيد نوّابه ، مثل أوقات كونه مريضا أو مسافرا أو غير ذلك ، مع أنّ مناصبه خارجة عن حدّ الإحصاء ولا يمكنه مباشرة الجميع بالبديهة ، بل جلّها بالنوّاب الخاصّة ، ولا يباشرها بنفسه أصلا ، ولو لم يكن جلّها كذلك فلا شك في أنّ كثيرا منها كذلك ، وصرّح الفقهاء بذلك ، ومع ذلك في حال بسط يدهم يباشرون با ( لنوّاب الخاصّة ، وحال عدم البسط ربما كانوا يباشرون بالنائب ) (١) العامّ ، كما اتفق منهم عليه‌السلام في القضاء وحاكم الشرع في مقبولة عمر بن حنظلة ورواية أبي خديجة ، وكذا في إمام العيدين وإمام الجمعة ، لكن في القاضي والحاكم قال : جعلته قاضيا وحاكما ، وفي إمامة تلك الصلوات لم يقل ذلك ، بل أذن ورغّب ، فهو بمنزلة أن يقول : جعلته منصوبا ، ففعل الإمام تلك الصلوات من جهة النصب لا على سبيل الغصب ، لكون المنصب منصبه مطلقا ، كما عرفت ، فليس فعله مثل صلاة الظهر الواجبة عليه أو الواجب التخييري من حيث وجوب نفس الصلاة ، بل من كونه منصوبا بالأدلة التي عرفت وستعرف ، لكن نصبه بعنوان العموم ليس للصلاة على سبيل الوجوب العيني ، بل على سبيل الاستحباب والوجوب التخييري ، لأنّ ذلك هو مقتضى تلك الأدلة ، كما هو الحال في صلاة العيدين أيضا ، وسيجي‌ء في مبحثه.

وأمّا أدلة الجمعة فقد عرفت الأخبار الدالة على الاستحباب بمتون عباراتها والقرائن الدالة عليه على وجه لا يقبل التوجيه ، مع نقل الإجماع على الاستحباب والوجوب التخييري صريحا ، والإجماع المنقول حجّة كما عرفت‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « ا ».

٢٠٦

مضافا إلى أفهام الفقهاء الماهرين الخبيرين المعاصرين للمعصوم عليه‌السلام ، أو قريبي العهد إليه ، وكون ذلك الطريقة المستمرّة بين الشيعة في الأعصار السابقة مع بسط يدهم في كثير من الأوقات بحيث ارتكبوا ما ينافي التقيّة أشدّ من صلاة الجمعة.

مع الصحاح الصريحة في أنّ مع عدم إمام الجمعة يصلّى أربعا جماعة ، وما ورد من الأمر الوارد مورد الحظر أو توهمه ، فيفيد الإذن والرخصة ، كما حقّق في محلّه ، ويمكن الحمل على الوجوب على من لم يرد فيه الإذن ، أو لم يصل إليه ، أو كان قبل صدور الإذن العامّ منهم عليه‌السلام.

مع أنّا لم نجد ما يدل على عينية الوجوب حينئذ ، لأنّ ما استدل به عليها قد عرفت حاله ، خصوصا أنّه لم يذكر فيه الشروط أصلا ، وربما ذكر في بعضها بعض الشروط ، فالمقام لم يكن مقام ذكر كلّ الشروط بالبديهة ، ( ففي مثل هذا لا يكون عدم الذكر دليلا على العدم بلا شبهة ، فلم يتحقّق تعارض بالبديهة ) (١) فلا وجه لحمل ما دل على الاستحباب على الوجوب بوجه من الوجوه ، مع أنّ غالب الواجبات التخييرية ورد بلفظ الوجوب مطلقا وظهر التخيير فيه من القرينة ، وليست بأقوى ممّا في المقام ، فتدبّر.

قوله : حكم شرعي. ( ٤ : ٢٦ ).

فيه : أنّ الحكم بالصحة يتوقّف على الدليل ، فإن ثبت ، وإلاّ يبقى تحت عهدة التكليف ، وهو معنى البطلان.

إلاّ أن يكون مراده أنّه دخل في الصلاة دخولا مشروعا وكانت الصلاة حينئذ صحيحة ، فالصحة مستصحبة حتى يظهر خلافها.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « أ ».

٢٠٧

وفيه : أنّ ذلك مبني على القول بحجّية الاستصحاب ، وهو لا يقول بها.

ومع ذلك يمكن إثبات البطلان بأنّ مقتضى الأدلة أنّه لا بدّ في الجمعة من إمام يأتمّون به ، وصلاة الجمعة اسم لمجموع الأفعال والأبعاض ، ومقتضى ذلك أن يكون للمجموع إمام ، والمتبادر منه هو الإمام الذي يأتمّون به أوّلا ، فتأمّل ، إذ يمكن منع التبادر وكيف كان إذا كان إجماع يكفي.

وممّا ذكر ظهر وجه تقديم الجماعة من يتمّ بهم بل وجوبه ، كما ذكر العلاّمة في المنتهى.

وظهر أيضا ضعف الوجه الثاني الذي ذكره في التذكرة ، وأمّا الوجه الأوّل فإنّه يصحّ بالنظر إلى الوجوب العيني لا جواز الفعل ، فتأمّل جدّا.

وظهر أيضا ضعف ما ذكره من قوله : ولو لم يتفّق. إلاّ أن يكون إجماع على ما ذكره ولم يثبت ، فالأولى الإتيان بصلاة الظهر أيضا تحصيلا للبراءة.

قوله : وهي كالصريحة في عدم اعتبار حضور الإمام أو نائبه. ( ٤ : ٢٩ ).

قد مرّ الكلام في المقام في صدر مبحث الجمعة ، ويظهر منه التدافع في كلام الشارح ، فتأمّل.

قوله : وأصالة عدم اشتراط الموالاة. ( ٤ : ٢٩ ).

وعلّة الوجه الآخر أنّ المنقول إلينا خلاف ذلك ، والمتبادر من الخطبة أيضا الموالاة ، وعدم جريان الأصل في العبادات.

٢٠٨

قوله : ولأنّ اشتراط استدامة العدد منفي بالأصل. ( ٤ : ٢٩ ).

الظاهر من الأخبار اشتراطها وعدم اختصاص العدد بابتداء الصلاة ، بل هو في الصلاة التي هي اسم للمجموع ، فإن كان إجماع ، وإلاّ أشكل الحكم كما مرّ.

قوله : قبل انفضاض العدد يقطع الصلاة. ( ٤ : ٣٠ ).

للرواية ظهور في عدم الإضافة ، فلا يبقى إلاّ البطلان ، فتأمّل.

قوله : وهو متّجه. ( ٤ : ٣٠ ).

لا اتجاه ، كما عرفت.

قوله : لعدم تحقّق الخطبة بدونه عرفا. ( ٤ : ٣٢ ).

فيه تأمّل ظاهر إن أراد العرف العامّ ، وإن أراد المتشرّعة فيتوقّف على ثبوت الحقيقة الشرعية ، وأنّه عند جميع المتشرّعة لا يتحقّق بدونه ، وكيف كان فالتمسّك بالإجماع لعله أولى ، فتأمّل.

قوله : وهو حسن. ( ٤ : ٣٥ ).

هنا يقول : حسن ، وفي نظائره يمنع الوجوب من جهة التأسّي ، ومن هذا القبيل نصب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى والحسن عليها‌السلام إمام الجمعة ، وعند حضور هم وفي بلدهم كانوا يفعلون بأنفسهم ، ومرّ من الشارح رحمه‌الله أنّه لا يدل على الشرطية ، إذ العامّ لا يدل على الخاصّ ، والتأسي إن كان واجبا فواجب مطلقا ، وإلاّ فلا كذلك.

قوله : أوجب السعي بعد النداء. ( ٤ : ٣٦ ).

لو تمّ هذا الدليل لاقتضي عدم وجوب الجمعة إلاّ بعد النداء ، وهو‌

٢٠٩

لا يقول به ، كما مرّ الكلام فيه (١) ، ومع ذلك لا دخل له في المقام ، كما لا يخفى.

ويمكن المناقشة في حسنة ابن مسلم أيضا ، لتضمّنها المستحبات ، مع ذكر الجملة الخبرية ، مع أنّها حسنة ولم تثبت العدالة ، إلاّ أن يقول بالانجبار بالشهرة ، وهو لا يقول به.

وأمّا حكاية البدلية وحكمها فيظهر من الشارح رحمه‌الله عدم اعتقاده به (٢) ، كما سيجي‌ء (٣) ، ومرّ أيضا في بحث التيمّم وغيره (٤).

وكذا حكاية استحباب الركعتين لا دلالة بل ولا تأييد لها ، كما هو ظاهر ، فإنّ جواز فعل الظهر أوّل الوقت إجماعي متواتر من المعصومين عليه‌السلام ، وهذا لا يمنع استحباب نافلة الزوال.

مع أنّ الركعتين وقتهما قيام الشمس إن كان عند الزوال ، كما في بعض الأخبار (٥) ، وأمّا في أكثر الأخبار فبعد زوال الشمس (٦) ، ولا مانع من حيلولتهما بين الخطبة والصلاة ، فتأمّل.

فالأولى له الاستدلال بكون العبادات توقيفية ، وشغل الذمة اليقيني يستدعي البراءة اليقينية أو العرفية ، ولا يثبت ممّا ذكره (٧) الشيخ رحمه‌الله يقين‌

__________________

(١) راجع ص ١٣٩.

(٢) في « ب » و « و » : حرمته ، وفي « ج » و « د » : حرمة.

(٣) انظر المدارك ٤ : ٣٩ ، ٤١.

(٤) انظر المدارك ٢ : ٢٢٨ ، و ٣ : ٣٨١.

(٥) التهذيب ٣ : ١١ / ٣٧ ، الاستبصار ١ : ٤١٠ / ١٥٦٧ ، الوسائل ٧ : ٣٢٤ أبواب صلاة الجمعة ب ١١ ح ٩.

(٦) الوسائل ٧ : ٣٢٣ أبواب صلاة الجمعة ب ١١.

(٧) في « أ » و « و » زيادة : وما سيذكر.

٢١٠

ولا ظنّ شرعي ، لأنّ نقل الإجماع في موضع الخلاف الذي ليس بنادر محلّ الريبة فضلا عن أن يكون المعظم على خلافه.

وأمّا الخبر ، ففيه ما ذكره الشارح وما سنذكر.

والحسنة أيضا حجّة ، لانجبارها سندا ومتنا ، مع عدم الضرر من جهة الجملة الخبرية ولا تضمّن المستحبات ، لظهور الأولى في الوجوب ، وكون مداومة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مخالف المستحب واختياره ما هو مرجوح بعيدا جدّا ، مع أنّه مرّ أنّه إذا ثبت خروج بعض الخبر عن الظاهر لا يستلزم ذلك خروج الكلّ ، فلاحظ. وكذا حكاية البدلية تؤيّد بل تدل ، كما حقّق في محلّه.

قوله (١) : فلو وقعت الخطبة قبل الزوال. ( ٤ : ٣٦ ).

لا يخفى أنّ الخصم يقول بجواز التقديم لا تحتّمه.

قوله : وكيف كان فهذه الرواية. ( ٤ : ٣٧ ).

فيه إشارة إلى أنّ ما ذكره رحمه‌الله من الاحتمال أيضا لا يخلو عن مرجوحية ، إلاّ أنّه كيف كان لا يكون في الرواية ظهور يصلح لمقاومة الآية والأخبار المعتبرة والأصول.

على أنّ الظاهر منها مداومة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك ، فيدل على رجحان تامّ لو لم نقل بدلالتها على الوجوب ، لكونه فعله في مقام امتثال الأمر المطلق ، سيّما مع مداومته ، فتعارضها الآية والمعتبرة قطعا ، أمّا المعتبرة ففي غاية الوضوح ، وقد أشرنا في الجملة ، وأمّا الآية فلأنّ كون الشرط واردا مورد الغالب والمتعارف يقتضي كون صلاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد النداء كذلك ، كما‌

__________________

(١) هذه التعليقة ليست في « أ ».

٢١١

هو ظاهر.

وتعضد الآية والمعتبرة أخبار أخر (١) والأصول ، وأنّ الظاهر أنّه لم يقل بالرجحان قبل الزوال أحد ، وإن بنى على المرجوحية ، ففيه ما عرفت أنّه لا معنى للقول باختيار الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المرجوح دائما ، فتدبّر.

( لكن لا يخفى أنّ للرواية المذكورة قرائن كثيرة على إرادة ما ذكره الشارح ، منها : ما ذكره من دلالة هذه الرواية على كون صلاته حين ما يزاد الفي‌ء قدر شراك ، وأنّ جبرئيل قال له : انزل لأجل الصلاة ، فيكون هذا القول أيضا منه ذلك الحين ، ومعلوم أنّ هذا القول منه بعد الزوال المذكور بلا فصل ، كما تنادي به العبارة ، فتعيّن أن يكون المراد الزوال الذي ذكره الشارح ، ولا محيص عنه ، ولا يمكن حمله [ على ] الزوال عن دائرة نصف النهار جزما.

مضافا إلى قرائن أخر ، منها : قوله عليه‌السلام : « هي صلاة حتى ينزل الإمام » لأنّ الصلاة معلوم أنّها تفعل بعد دخول الوقت.

ومنها : ذكر هذا القول في هذا المقام.

ومنها : قوله : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي » المفيد للاستمرار وأنّ ذلك كان عادته ، ولو كان كذلك لاشتهر في العالمين اشتهار الشمس ، سيّما والجمعة ممّا تعمّ به البلوى تفعل حينئذ كلّ جمعة بمشهد عظيم من الناس على رؤوس الأشهاد ، مع أنّ الأخبار وفتاوى الأخيار وطريقة المسلمين في الأعصار والأمصار على خلاف ذلك ) (٢).

قوله : هذا هو المعروف من مذهب الأصحاب. ( ٤ : ٣٧ ).

__________________

(١) انظر الوسائل ٧ : ٣١٥ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٨.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ا ».

٢١٢

لكن الصدوق قال : كانت مؤخّرة عن الصلاة فقدّمها فلان (١) ، والظاهر أنّه توهّم منه ، ولذا ادعى العلاّمة والشارح عدم الخلاف ، فتأمّل.

قوله : فالظاهر جواز الجلوس. ( ٤ : ٣٨ ).

هذا مشكل ، لما سيجي‌ء في بحث الجماعة من عدم جواز إمامة القاعد للقائم (٢).

قوله : أنّه قياس محض. ( ٤ : ٣٩ ).

نظر العلاّمة إلى قاعدة البدلية ، كما أنّ الشارح [ اعتمد عليها ] (٣) في جواز الجلوس وغيره (٤).

قوله : بل منع استلزام هذا القول للاحتياط. ( ٤ : ٤١ ).

لا يخفى أنّ شغل الذمّة بالعبادة يقيني ، وهي توقيفية لا نعلم كونها العبادة المطلوبة إذا لم تكن طهارة ، ويعلم إذا كانت ، فيجب تحصيلا للبراءة اليقينية أو العرفية أو الشرعية ، والكلّ واحد بحسب التحقيق ، والبراءة الاحتمالية لا تكفي جزما ، وجريان الأصل في العبادات محلّ نظر ، لأنّ أصل البراءة لا يعارض الدليل وهو استصحاب شغل الذمة اليقيني بالتكليف بأمر مجمل ، بل وأشدّ من المجمل ، ويتأتّى الامتثال بارتكاب الطهارة. وأمّا أصل العدم فيعارضه أصل عدم حصول البراءة وبقاء شغل الذمة ، وأصالة عدم كون الخالي عن الطهارة عبادة شرعية وصحيحة ، وغير ذلك ، وبالجملة : حصول اليقين بالامتثال غير ظاهر.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٧٨.

(٢) المدارك ٤ : ٣٤٨ و ٣٤٩.

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٤) انظر المدارك ٤ : ٣٦ ، ٣٨.

٢١٣

قوله : والتأسي إنّما يجب في ما علم وجوبه. ( ٤ : ٤١ ).

لا يخفى أنّه فعل في مقام بيان الواجب ، كما مرّ في وجوب الخطبة قائما ومطمئنا وغير ذلك ، مع أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « صلّوا كما رأيتموني أصلّي » (١) وهذا يشمل الكلّ إلاّ ما ثبت استحبابه ، فتأمّل.

قوله : لا يستلزم أن يكون من جميع الوجوه. ( ٤ : ٤١ ).

لا يخفى أنّ الظاهر كونها من جميع الوجوه ، لأنّ عند تعذّر الحقيقة يتعيّن أقرب المجازات ، إلاّ أن يكون وجه الشبه أمرا شائعا ظاهرا ينصرف إليه الذهن ، كما حقّقناه في موضعه.

قوله (٢) : وإن كان العدد حاصلا. ( ٤ : ٤٢ ).

لا يخفى أنّه كما يكون العدد شرطا كذلك الجماعة أيضا ، وربما كان كذلك وجود الإمام أيضا.

قوله : لصدق الامتثال. ( ٤ : ٤٣ ).

دعوى الصدق بعد اطّلاعهم بحقيقة الحال فيه ما فيه ، لأنّهم اطّلعوا على أنّ الذي فعلوه ما كان المأمور به على وجهه.

وأمّا إطلاق قوله عليه‌السلام فيخدشه ما هو من المسلّمات عنده وعند غيره أنّه ينصرف إلى الأفراد الشائعة المتبادرة ، وانصراف الذهن إلى الجمعة أيضا في زمانه عليه‌السلام مع عدم تمكّن الشيعة منها غالبا لو لم نقل كلّيا فيه ما فيه ، سيّما إلى صورة يكون الإمام من جملة العدد.

قوله : ولمانع أن يمنع تعلّق النهي بالسابقة مع العلم بالسبق ... ( ٤ : ٤٦ ).

__________________

(١) عوالي اللآلئ ١ : ١٩٧ / ٨ ، سنن الدار قطني ١ : ٣٤٦ / ١٠ ، سنن البيهقي ٢ : ١٢٤.

(٢) هذه التعليقة ليست في « ا ».

٢١٤

هذا من الفروض العقلية ، وإلاّ فبحسب العادة كيف يتيسّر العلم؟ نعم ربما يحصل الظن ، وفي كونه حجّة إشكال ، لعدم دليل على الحجّية ، والأصل والعمومات تقتضي عدمها ، ويظهر من كلام الشارح أيضا أنّ الظنّ غير معتبر ، حيث قال : لعدم جزم كلّ منهما.

على أنّه معلوم أنّ المعتبر العلم بالسبق حين النية والتكبير ، وهذا لا يمكن تحقّقه إلاّ في صورة صدور جمعة كلّ واحد من الطائفتين بمحضر الأخرى ، وحصل للسابقين اليقين بعدم تمامية جميع شرائط الجمعة ومقدّماتها للاّحقين ، فحينئذ دخول السابقين في الصلاة حرام ، لكونه مفوّتا للواجب الذي هو تحصيل الوحدة في الجمعة في ما دون ثلاثة أميال ، لأنّ الجمعة فرض على السابقين واللاحقين جميعا ، وكلّهم مخاطبون بتحصيل الوحدة التي هي شرط وهي واجبة كما هم مخاطبون بإتيان الجمعة ، وليس الخطاب بتحصيل الوحدة مختصّا بطائفة دون طائفة ومكلّف دون مكلّف ، فإذا بادر طائفة بالدخول فيها فربما لم يتيسّر للآخرين الدخول معهم ، فيصير المبادرة منشأ لترك الفريضة التي هي أشدّ الفرائض ، مع ما عرفت من توجّه الخطاب بتحصيل هؤلاء المبادرين أيضا ، فيجب عليهم عدم المبادرة وتحصيل الوحدة بأن يتفق هؤلاء مع اللاّحقين. ولو فرض أنّ إمام اللاّحقين صار فاسقا بتركه إطاعة الأمر بالوحدة يكون مشترك الورود ، لأنّ إمام السابقين أيضا تركها.

لا يقال : لعل كلّ واحدة من الطائفتين لا يعتقد بإمام الأخرى.

لأنّا نقول : إن كان واحدة منهم يحكم ببطلان صلاة غيرهم يخرج عن فرض المسألة ، لأنّ ما نحن فيه وقوع جمعتين صحيحتين عند الكلّ لولا السبق والمسبوقية ، ولذا لم تتعيّن صحة صلاة طائفة منهما إلاّ بالسبق ،

٢١٥

فاللاّحق إن اتفق سبق صلاتهم كانت صلاتهم صحيحة ، وإن كان كلّ منهم يحكم بصحة صلاة الآخرين لولا الاقتران أو المسبوقية يعود المحذور.

نعم لو كان إمام الأصل عليه‌السلام حاضرا يتعيّن على الجميع الحضور عنده ، وهذا أيضا خلاف مفروض المسألة ، كما أنّه يمكن صحة صلاة السابقين إذا أرادوا تحصيل الوحدة والإطاعة في التكليف به إلاّ أنّ اللاّحقين يمنعونهم ولا يدعونهم يصلّون ، لأنّ الصحة على هذا ليست من جهة السبق ، بل لو كانوا هم اللاّحقين لصحت صلاتهم أيضا ، وإن كان مانعهم غير اللاحقين ، بل اللاحقين أيضا يريدون الامتثال ، فحينئذ يعود الإشكال أيضا ، إذ ربما كان اللاحقون لا يتيسّر لهم الخروج إلى الفرسخ الآخر ، أو تيسّر إلاّ أنّ البناء على تعيين إخراجهم يحتاج إلى معيّن شرعي ، فتأمّل جدّا.

وبما ذكرنا ظهر أنّ الصورة التي ذكرناها لم يكن مدّ نظر الفقهاء جزما ، إذ عرفت أنّ الصحة لو كانت فيها لم تكن من جهة السبق ، ويكون مرادهم من سبق أحدهما تحقّق السبق بعد الدخول في الصلاة ، كما يشير إليه قول المصنّف بعد ذلك : ولو لم تتحقّق السابقة. فعلى هذا تعيّن ما ذكره في الروض ، وعلم يقينا أنّ مراد الفقهاء أيضا ، فتأمّل جدّا.

قوله (١) : وعدم ثبوت شرطية الوحدة على هذا الوجه. ( ٤ : ٤٦ ).

ظاهر الدليل الشرطية على هذا الوجه ، لأنّ الظاهر منه عدم كون الفرسخ واقعا بينهما واقعا ، فلو جزم أحدهما بالعدم ثمّ ظهر خلافه يشكل‌

__________________

(١) هذه التعليقية ليست في « ب » و « ج » و « د ».

٢١٦

الحكم بصحّة صلاتهما فضلا عمّا ذكرت ، وإشكال الحكم بالصحة مقتض للحكم بعدم تحقّق الامتثال ، وهو عين عدم الصحة كما عرفت.

لا يقال : إنّه لو كان الشرط كما ذكرت لزم بطلان صلاة الجمعة الصادرة عن المكلّفين إلاّ في ما ندر ، لعدم العلم حين الدخول في الصلاة بعدم جمعة أخرى ( في ما دون الفرسخ منها.

لأنّا نقول : الدليل يقتضي العلم بعدمها ، إلاّ أنّ العلم الواقعي إن لم يحصل يكفي العلم الشرعي ، وهو عدم نقض اليقين السابق بعدم جمعة اخرى ) (١) بالشك اللاحق ، والكفاية إجماعي العلماء ، ولذا لم يستشكلوا أصلا إلاّ في صورة تحقّق جمعتين ، وعمل المسلمين في الأعصار والأمصار شاهد واضح ، مع أنّ الضرورة أيضا قاضية بذلك ، إذ لو لم يكن كذلك لينسدّ باب الجمعة والامتثال بها غالبا ، كما لا يخفى.

قوله (٢) : واعلم أنّ المصنف. ( ٤ : ٤٧ ).

لا يخفى أنّ ظاهر عبارة المصنف يشمل الخامسة أيضا ، فظاهره موافقته مع التذكرة.

قوله : بل يكفي في الصحة عدم العلم بسبق اخرى. ( ٤ : ٤٧ ).

فيه ما عرفت ، مع أنّه لو كان كافيا لزم صحة [ صلاة ] (٣) كل من الطائفتين في صورة عدم علمهم بالسبق ، فلم يحتاجون إلى صلاة أخرى؟ والمسألة مفروضة كذلك ، يعني أنّه إذا فسد صلاتهما كيف يفعلون؟ منهم‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « ا ».

(٢) هذه التعليقة وثلاث بعدها ليست في « أ ».

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

٢١٧

من عيّن الظهر ، ومنهم من عيّن الجمعة ، ومنهم من عيّن الجمع ، والشارح شارك معنى بما ذكره ، وفيه ما لا يخفى (١).

قوله : أنّه يمكن إدراج هذه الصورة. ( ٤ : ٤٧ ).

فيه : أنّ ظاهر العبارة ما ذكره الشارح قدس‌سره لا ما ذكره هو ، مع أنّ عدم تعرّض ذكر الصورة الخامسة بعيد مع كونه بصدد ذكر الصور.

قوله : إلاّ أنّا لم نقف في هذه الصورة. ( ٤ : ٤٧ ).

فيه ما فيه ، فإنّه بعينه ما احتمله في التذكرة ، [ مع ] (٢) أنّه لا تأمّل في عدم لزوم قائل موافق للفقيه في صحة فتواه.

قوله : نادر جدّا. ( ٤ : ٥٢ ).

والأخبار لم ترد على الفروض النادرة ، بل ربما كان مجرّد فرض عقلي ، فعلى هذا لا تعارض بين الأخبار ، ويمكن أن يكون كلام الفقهاء أيضا كذلك ، فتأمّل.

قوله : وجهالة المروي عنه. ( ٤ : ٥٥ ).

الرواية منجبرة بفتاوى الأصحاب كلّهم وصحيحة أبي همام ، مع أنّ الظاهر أنّها من كتابه ، وكتابه معتمد ، كما في الفهرست (٣) ، مع أنّه يظهر من الشيخ في العدّة أنّ الشيعة أجمعوا على العمل بروايات أمثاله (٤) ، فلا وجه لتأمله فيها ، وما ذكره من أنّ وجوب الجمعة عليها مخالف لاتفاق الفقهاء ظاهر الفساد ، إذ ظهر أنّ أصحابنا قطعوا بإجزاء الجمعة لها عوضا عن‌

__________________

(١) في « ب » و « ج » و « د » و « و » زيادة : وذكره الشارع قدس‌سره.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المعنى.

(٣) الفهرست : ٦١.

(٤) عدّة الأصول ١ : ٣٨٠.

٢١٨

الظهر.

قوله (١) : وحكى الشهيد في الذكرى أنّ الظاهر. ( ٤ : ٥٦ ).

لو تمّ ما ذكره لزم أن تكون الجمعة واجبة على المسافرين أيضا بالوجوب التخييري بل العيني ، لما مرّ من أنّهم إذا حضروها لزمهم الدخول وزال رخصة عدم السعي ولزمهم الفرض الأوّل ، ولا يخفى أنّ المسافرين في الغالب أزيد من الخمسة والسبعة ، وفيهم من يصلح للاقتداء به ، فلو كانت واجبة عليهم لكانوا يلتزمونها في الأعصار والأمصار ، وكانوا كغير المسافرين ، مع أنّه خلاف الأخبار المتواترة وإجماع المسلمين بل وضروري الدين. فظهر الفرق بين محسوبية بعضهم من العدد ووجوب دخوله وبين الانعقاد من المسافرين.

مع أنّ المحسوبية من العدد أيضا محلّ نظر ، فإنّ وجوب الجمعة على المكلّف غير انعقاد الجمعة به ، ولم يظهر من الأخبار أزيد من الأوّل.

وما ذكرناه جار في البعيد أيضا ، والإجماع الذي نقلوه [ إنّما هو ] (٢) في احتسابه من العدد ، وهو الحجّة ، وأمّا الإجماع على انعقادها بمجموع البعيدين [ فـ ] (٣) لم ، يظهر إجماع على ذلك ، ولو ظهر لم يثبت ، مع أنّ الإجماع على الانعقاد أيضا ظنّي ، فلا بدّ من ملاحظة مقاومته لظاهر الأخبار ، فإنّ الظاهر منها أنّهم إذا حضروا الجمعة المنعقدة لزمهم الدخول ، لا أنّه ينعقد بهم ، فتأمل.

__________________

(١) هذه التعليقة ليست في « أ ».

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « ب » : إذ ، وفي « ج » و « د » و « و » : إذا ، غيّرناه لاستقامة العبارة.

٢١٩

قوله : لاستفاضة الروايات. ( ٤ : ٥٦ ).

هذا التعليل فيه ما لا يخفى.

قوله : واستدل عليه في التذكرة. ( ٤ : ٥٩ ).

لو تمّ هذا الدليل لاقتضى المنع من السفر في يومها مطلقا ، والتقييد بما بعد الزوال خاصّة بعيد جدّا.

قوله (١) : « ولا يعان على حاجته ». ( ٤ : ٥٩ ).

هكذا نقله المخالفون (٢) ، وفي المصباح : « ما يؤمن من مسافر يوم الجمعة قبل الصلاة أن لا يحفظه الله تعالى في سفره ، ولا يخلفه في أهله ، ولا يرزقه من فضله » (٣) ، وفي النهج : « لا تسافر في يوم الجمعة حتى تشهد الصلاة إلاّ قاصدا في سبيل الله أو في أمر تعذر به » (٤).

قوله : ويتوجّه عليه أيضا. ( ٤ : ٥٩ ).

لا يخفى أنّ الغالب عدم التمكّن من فعل الجمعة التي حضر وقتها قبل السفر في السفر ، فهذا الإيراد غير متوجّه بالقياس إليه ، وأمّا على الفروض النادرة فالظاهر أنّ السفر حلال بلا تأمّل ، إذ اللازم فعل الجمعة يومها.

هذا إذا أراد فعلها حال السفر وهو على وثوق بإدراكها فيه ، وإن لم يكن على وثوق فاظاهر أنّ حكمه حكم غير المتمكّن.

وأمّا إذا كان قصده عدم الفعل في السفر فالحرام هو قصده لا سفره ،

__________________

(١) هذه التعليقة ليست في « أ » و « و ».

(٢) كنز العمال ٦ : ٧١٥ / ١٧٥٤٠.

(٣) مصباح الكفعمي : ١٨٤ ، الوسائل ٧ : ٤٠٦ أبواب صلاة الجمعة ب ٥٢ ح ٥.

(٤) نهج البلاغة ٣ : ١٤١ / ٦٩ ، الوسائل ٧ : ٤٠٧ أبواب صلاة الجمعة ب ٥٢ ح ٦ ، بتفاوت يسير.

٢٢٠