الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٢

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٢

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-170-2
ISBN الدورة:
964-319-168-0

الصفحات: ٤٣١

[ لا يقال : ] (١) صحيحة ابن همام عن الرضا عليه‌السلام تتضمّن ذكر الكفّين ، فكيف تحمل على التقية؟.

لأنّا نقول : كما تضمّنت الكفّين تضمّنت الوجه أيضا ، وهو ظاهر في المجموع ، وكون التيمم ضربة للوجه ( وضربة ) (٢) للكفّين مذهب أحمد بن حنبل إمام الحنابلة (٣) ، وهو كان معاصرا للرضا عليه‌السلام.

وممّا ينادي بكون الضربتين للتقية أنّ جميع ما ورد فيه هذا اللفظ إمّا صريح في تيمم أهل السنّة والمعروف من العامة ، وإمّا بلفظ الوجه الظاهر في المجموع واليد المجمل [ أو ] (٤) الظاهر في المجموع ، كما هو عند بعض أهل السنّة ، وكذا يقول بمسح جميع اليد إلى الإبطين للعلّة التي ذكرناها ، فتأمّل.

وبما ذكر ظهر أنّ ما دل على كون التيمم في الوضوء والغسل واحدا محمول على التقية ) (٥).

قوله : ومقتضى كلامه في الرسالة. ( ٢ : ٢٣٠ ).

ليس ما ذكره ثلاث ضربات حقيقة ، بل ضربة للوجه وضربة لليدين على التعقيب ، ولعلّه لذلك نسب إليه الضربتان ، لكن الإشكال في ما حكاه في المعتبر ، وقد نقلنا عن أمالي الصدوق في بحث مسح الجبهة ما ينبغي أن يلاحظ (٦).

__________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ج » : فإنّ ، وفي « ب » و « د » : لأنّ ، والظاهر ما أثبتناه.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ب » و « د ».

(٣) المغني لابن قدامة ١ : ٢٧٨.

(٤) في النسخ : إذ ، والظاهر ما أثبتناه.

(٥) ما بين القوسين ليس في « أ » و « و».

(٦) راجع ص (١٣٣).

١٤١

قوله : قال : سألته عن التيمم. ( ٢ : ٢٣٠ ).

لعلّ الظاهر منه كون المسح مرّتين لا الضرب ، والمستفاد من بعض الأخبار أنّه عليه‌السلام مسح مرّة ولم يعد المسح (١) ، فليلاحظ وليتأمّل.

قوله (٢) : والمتّجه الاكتفاء بالمرّة في الجميع. ( ٢ : ٢٣٢ ).

هذا الجمع أيضا لا دليل عليه من الأخبار ولا غيرها ، كيف والسؤال في أخبار المرّتين وقع عن كيفية التيمم وماهيته ، فكيف يمكن أن يجعل جواب هذا السؤال استحباب الضربة الثانية ، سيّما مع اعترافه بأنّه صحيح صريح الدلالة ، والمعارض له مجمل الدلالة ، والظاهر أنّه كذلك ، إذ لعلّ حال الضربة الثانية حال تقديم اليمنى على اليسرى ، وغيره من الواجبات المسلّمة ، مع أنّ الضربة الأولى داخلة في الكيفية جزما ، وجعلوها كذلك جزما ، لجعل الجواب جوابا عن سؤال الكيفية ، فكيف يستقيم حمل الثانية على الاستحباب والخروج عن الماهية؟

مضافا إلى أنّ خطر مخالفة العامة شديد كخطر مخالفة الأحاديث ، بل لا يجوز لهم المخالفة أصلا ، فكيف خالفهما المعظم من القدماء وكل المتأخّرين إلاّ من شذّ منهم؟!.

قوله : وهو حسن. ( ٢ : ٢٣٢ ).

ليس كذلك ، بل فاسد ، لأنّ ما تضمّن المرّة في غاية الضعف من الدلالة في جنبة ما تضمّن المرّتين ، كما ستعرف ، مع أنّ كثيرا من الروايات المتضمّنة للمرّة ورد بلفظ الوجه واليد والكفّ ، وقد عرفت أنّ مذهب‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٦٠ أبواب التيمم ب ١١ ح ٨.

(٢) من هنا إلى قوله : إلاّ في ما ثبت من الشرع ، في ص ٤٤٠ ساقط من « أ » و « و».

١٤٢

جماعة من التابعين على ما قاله العامة في كتبهم ، والبواقي رواية (١) زرارة عن الباقر عليه‌السلام في حكاية تيمم عمار ، ولا شك في كون الحكاية واحدة عن أمر واحد شخصي ، لأنّ الفعل ليس له عموم بل شخص واحد ، والفعل هنا ليس إلاّ ما صدر عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنسبة إلى عمار ، ومن البديهيات أنّه كان شخصا واحدا.

ومع ذلك روى زرارة وغيره هذا الفعل الشخصي تارة بلفظ الضرب ، وتارة بلفظ ( الوضع ، وتارة بلفظ الوجه ، وتارة بلفظ الجبهة ، وتارة بلفظ الجبين ، وتارة بلفظ ) (٢) اليد ، وتارة بلفظ الكف ، وتارة بلفظ الأرض ، وتارة بلفظ المسح ، وتارة بغير لفظ ( وتارة بلفظ ) (٣) وتارة بلفظ النفض بعد الضرب ، وتارة بتركه ، إلى غير ذلك من الاختلافات في حكاية جزئي واحد وشخصي واحد.

ومع ذلك رواية زرارة عن الباقر عليه‌السلام بخصوصه ، في ثلاث رواياته ، بل وأربع رواياته عنه ، بلفظ الضربة الواحدة مقدّما على مسح الجبهة والوجه ، من دون التعرض لذكر ضربة أخرى ( لليدين ، وفي رواية أخرى من زرارة أيضا عن الباقر عليه‌السلام أيضا بلفظ الضربتين ، كما لا يخفى على المطّلع ) (٤) ، فظهر أنّ ترك الضربة الأخرى إنّما هو مسامحة من الراوي أو غيره ، وقع المسامحة في الأمور الكثيرة التي عرفتها ، مضافا إلى واجبات مسلّمة أخرى لم يتعرض لها ، مثل تقديم اليمنى على اليسرى ، وتقديم‌

__________________

(١) في « ب » و « د » : روايات.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ج » و « د ».

(٣) ما بين القوسين ليس في « ب ».

(٤) ما بين القوسين ليس في « ج ».

١٤٣

الأعلى ، وغيرهما ممّا هو كثير.

ووجه المسامحة إمّا عدم الداعي إلى التعرض له في مقام فعل الثاني ، كما هو الحال في العام والخاص المتنافية الظاهر ، وكذا المطلق والمقيد ، والأمر والنهي ، وغير ذلك من الأخبار المتعارضة المسلّمة تعارضها ، ويدفع بالجمع المسلّم الذي بناء الفقه عليه.

وإمّا من جهة التقية ، لما عرفت الحال ، فعلى هذا كيف يقدّم ما دل على الضربة على ما دل على الضربتين؟ مع غاية ضعف دلالته بالنسبة إليه حتى أنّه بمنزلة الإجمال في جنبه ، بل لا بدّ من كون الأمر بالعكس ، فإنّ الضعيف يؤوّل ويرجع إلى القوي لا العكس.

لا يقال : لعلّ ترجيحه عليه بناء على ظهور كونه تقية كما قلت.

لأنّا نقول : هو لم يبن الأمر على التقية ، كما يظهر من كلامه هنا ، سيّما قوله : لصحة مستنده وصراحته ، ومع ذلك لا وجه للحمل على الاستحباب ، فإنّ ما هو تقية يجب طرحه وترك العمل به ، ومع ذلك ما دل على الضربة ليس خالصا عن الثلاث بالمرّة ، لما عرفت من اتفاق جماعة من التابعين على الضربة للوجه والكفّين [ و ] ظاهر أنّ الظاهر من الوجه كلّه ، بل لا شبهة في أنّ مراد من نسبهم إلى ذلك هو مجموع الوجه ، هذا كلّه مع المخالفة للإجماعات المنقولة وغيرها.

فظهر أنّ كل واحد من القول بالضربة مطلقا ، والقول بالضربتين مطلقا ضعيف لا دليل له بحيث يصير منشأ العمل به خاصّة. بقي القول بالتفصيل ، لانحصار الاحتمال في أربعة ، والقول بالمرّة في الغسل والمرّتين في الوضوء خلاف ما أجمع عليه أمّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل خلاف ضروري الدين ، فانحصر القول بما ذهب إليه مشهور الشيعة ، وادّعي عليه إجماعات‌

١٤٤

كثيرة.

مع أنّ العمل ( به محمل لجمع ) (١) الأخبار الواردة في الباب ، فإنّ المكلف في التيمم عن الوضوء يختار ما دل على ( المرّة ، [ و ] لا مانع منه جزما ، وليس العمل به في الوضوء مشروطا بالعمل به في الغسل بلا شبهة ، وفي التيمم عن الغسل يختار ما دلّ على ) (٢) المرّتين.

فإن قلت : إذا كان الأخبار من الطرفين موافقا للتقية فكيف يجوز العمل بها من دون تقية؟

قلت : هي تضمّنت حكما تقية لا أنّ جميع ما فيها تقية ، لأنّ الأخبار الواردة في مقام التقية ربما كان كثير من أحكامها حقّا ، لأنّ الحديث حجّة مطلقا ، فإن ظهر من الخارج أنّ شيئا منها تقية يرفع اليد عن خصوص ذلك الشي‌ء في مقام عدم التقية ، ويعمل بالباقي بالضرورة ، لوجود المقتضي وعدم المانع ، ولذا ترى الشيخ وغيره يعملون بما ورد في الأخبار الدالة على سهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمثاله.

فما تضمّن الضربتين تكون التقية في إطلاقه ، وأنّ بدل الغسل وبدل الوضوء كليهما كذلك ، وإلاّ فكون بدل الغسل خاصّة ضربتين حقّ جزما من وجود المقتضي وعدم المانع.

لا يقال : يجوز أن يجعل المراد أنّ بدل الوضوء خاصّة بضربتين ، فإنّه أيضا مخالف للعامة.

لأنّا نقول : الأمر وإن كان كذلك ، إلاّ أنّه مخالف لضروري الدين ، كما عرفت ، إذ معنى كون بدل الوضوء خاصّة كذلك أنّ بدل الغسل يكون‌

__________________

(١) في « ج » : مجملا مجمع.

(٢) ما بين القوسين ساقط من « ج » و « د ».

١٤٥

بضربة واحدة.

وممّا ذكرنا ظهر حال ما دل على الضربة الواحدة أيضا إذ حملها على ظاهرها عرفت ما فيه من المفاسد ، مضافا إلى أنه يوجب طرح ما ثبتت حجّيته في ما تضمّن للضربتين من دون داع ، إذ ذلك ليس أولى من الغسل ، بل عرفت أولوية العكس ، فظهر أنّ المشهور عملهم بجميع ما ورد من الأخبار في الطرفين بخلاف غيرهم ، فتأمّل جدّا.

قوله : لصحة مستنده وصراحته. ( ٢ : ٢٣٢ ).

هذا وإن كانت صحيحة صريحة إلاّ أنّها موافقة للتقية ، لما عرفت من التبيان وغيره (١) ، مع أنّ الفقهاء الأربعة منهم على ذلك ، والأخبار الواردة في الضربتين إمّا صريحة في مذهب العامة ، أو واردة بلفظ الوجه واليد كما في القرائن (٢) فهي ملائمة لهم. نعم في صحيحة ابن همام : الوجه والكفّين ، لكنه بعينه مذهب أحمد بن حنبل إمام الحنابلة ، وهو كان في عصر الرضا عليه‌السلام ، وتلك الصحيحة من الرضا عليه‌السلام (٣).

فيجب ترك العمل بظاهر هذه الصحاح الصراح ، فضلا أن يطرح بالعمل به الصحاح الكثيرة المتضمّنة للضربة الواحدة بأنّ يقال : هي مجملة ، أو ضعيفة الدلالة فتطرح ، ويعمل بما دل على الضربتين لصراحته ، مضافا إلى كون الصحاح الصراح مخالفة للمشهور بين الأصحاب أيضا ، بل الإجماعات المنقولة الكثيرة. مع أنّه ورد في الأخبار الكثيرة منع العمل‌

__________________

(١) راجع ص ١٤٠.

(٢) كذا في النسخ ، ولعلّ الصواب : القرآن.

(٣) راجع ص ١٤١.

١٤٦

حينئذ بما وافق العامة ، وكذا ورد منع العمل بالشاذّ بعد الأمر بأخذ ما اشتهر بين الأصحاب (١).

فظهر عدم جواز العمل بالصحاح الصراح ، فضلا عن كونه احتياطا.

قوله : لا الكمّية. ( ٢ : ٢٣٣ ).

قد عرفت أنّ الأظهر الحمل على التقية.

قوله : فيكون جاريا مجرى أسباب الوضوء. ( ٢ : ٢٣٣ ).

هذا مشكل ، لما عرفت من أنّ الأصل عدم التداخل إلاّ في ما ثبت من الشرع (٢).

قوله : وإن قطعت كفّاه. ( ٢ : ٢٣٣ ).

للاستصحاب ، وعموم قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إذا أمرتكم بشي‌ء فأتوا منه ما استطعتم » وقول علي عليه‌السلام : « الميسور لا يسقط بالمعسور » ، وقوله عليه‌السلام : « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (٣) ولأنّ الظاهر أنّه إجماعي ، ولأنّه لو لم يجب التيمم إلاّ ببقاء جميع الأعضاء على حالها سالمة لزم أن يكون بمجرّد ذهاب شي‌ء من عظم الإصبع بل وشي‌ء من لحم العضو من جهة الدماميل أو الجروح لم يكن على المكلف تيمم ، بل ولا صلاة ، فتأمّل.

قوله : ولم نقف له في ذلك على حجّة. ( ٢ : ٢٣٧ ).

لعلّ حجّته رواية السكوني الآتية في التيمم للزحام (٤) ، وفيه تأمّل.

__________________

(١) انظر الوسائل ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ب ٩ ، والمستدرك ١٧ : ٣٠٢ أبواب صفات القاضي ب ٩.

(٢) راجع ج ١ : ٢٥٥ ـ ٢٥٨.

(٣) راجع ج ١ : ٢١٨.

(٤) انظر المدارك ٢ : ٢٤١.

١٤٧

قوله (١) : وفي الحسن عن زرارة عن أحدهما. ( ٢ : ٢٣٨ ).

استدلاله به في غاية الغرابة ، لأنّ السيّد [ يقول ] (٢) بذلك في الحاضر دون المسافر ، فلو كان مفهوم الشرط فيه وفي أمثاله لا يكون حجّة للسيّد لم يكن حجّة عليه قطعا ، بل استدلاله بالصحيحة أيضا ليس بشي‌ء ، لأنّ « إذا » ليست من أدوات العموم لغة ، فيبقى الإطلاق المفيد للعموم عرفا في مثل الأحكام الشرعية ، والإطلاقات لا تنصرف إلاّ إلى الأفراد الشائعة ، وعدم وجدان الماء في الحضر إلى أن يحتاج إلى التيمم ثم يجد بعد ما صلّى به بعيد جدّا.

قوله : الثانية : لو تيمم. ( ٢ : ٢٣٨ ).

والصدوق في أماليه عدّ من دين الإمامية أنّ من تيمم وصلّى ثم وجد الماء وهو في وقت أو قد خرج الوقت فلا إعادة عليه ، لأنّ التيمم أحد الطهورين ، فليتوضّأ لما يستقبل (٣) ، انتهى. وهذا ظاهر في أنّ الوضوء عند الإمامية كان واجبا لغيره ، كما لا يخفى.

قوله : كون الجنابة وقعت عمدا. ( ٢ : ٢٤٠ ).

بل الظاهر منها الاحتلام.

قوله : عن الرجل تصيبه الجنابة. ( ٢ : ٢٤٠ ).

وهذا أيضا ظاهر في الاحتلام.

قوله : أولى من التخصيص. ( ٢ : ٢٤٠ ).

لا يخفى أنّ التخصيص أولى ، لنهاية غلبة شيوعه ، إلاّ أن يريد أنّ‌

__________________

(١) هذه الحاشية ليست في « أ » و « و».

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٣) أمالي الصدوق : ٥١٥.

١٤٨

الجملة الخبرية لا ظهور لها في الوجوب ظهورا معتدّا به ، بل ظهور ضعيف غاية الضعف ، ولذا كثيرا ما يمنع الظهور.

ومع ذلك التخصيص المذكور في غاية الضعف ، لعدم الدلالة على خصوص التعمّد ، والحمل عليه من جهة الجمع بين الأخبار أيضا في غاية الضعف ، لأنّ الخاصّ مقدّم من جهة الدلالة ، بل ربما يقول الأصوليون : إنّ الخاص قطعي الدلالة ، وليس المراد أنّه كذلك حقيقة ، بل كاد أن يكون مثل القطعي من جهة القوّة ، وما نحن فيه لا دلالة له على الخصوص أصلا ، فضلا أن تكون ظاهرة ، فضلا أن تكون قطعية ، بل قد عرفت أنّ الظاهر منهما الاحتلام.

وممّا ذكر ظهر أنّ ما ذكره من أنّ القول بالوجوب لا يخلو عن قوّة ، لا يخلو عن غرابة ، سيّما بعد ما مرّ منه مرارا أنّه صلّى صلاة مأمورا بها ، وهو يقتضي الإجزاء ، مضافا إلى الأخبار الصحيحة الدالة على عدم الإعادة ، سيّما مع عدم كون الجنابة عليه حراما ، فتأمّل.

قوله : ويشكل بأنّ مقتضى. ( ٢ : ٢٤٠ ).

شمولها لما نحن فيه محلّ تأمّل ، لما يظهر من الأخبار أنّه مهما أمكن يصلّي بالمائية إلاّ أن يتحقّق العذر عنها ، وتحقّقه غير معلوم. وقد أشرنا إلى أنّهم عليهم‌السلام عدّوا الصلاة بالتيمم هلاك الدين ، وغير ذلك ، مثل ما روي في الصحيح أيضا ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، أنّه سئل عن الرجل يقيم في البلاد الأشهر ليس فيها ماء من أجل المراعي وصلاح الإبل ، قال : « لا » (١) وغير ذلك.

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٠٥ / ١٢٧٠ ، الوسائل ٣ : ٣٩١ أبواب التيمم ب ٢٨ ح ١.

١٤٩

على أنّه لو سلّم أنّ تفويت الصلاة المائية حرام ـ لأنّ الواجب هو المائية إلاّ أن يتحقّق العذر ـ لم يكن فرق بين جواز التأخير وعدمه ، وإن لم نقل بحرمته لم يكن أيضا فرق ، والقول بالحرمة عند الضيق وعدمها مع جواز التأخير مع العلم بعدم التمكّن من المائية بعد ذلك أو الظنّ به ممّا لا وجه له بالنظر إلى الأخبار والأدلة ، بل مع احتمال عدم التمكّن أيضا يشكل الفرق بالقياس إلى الأخبار وغيرها ، فتأمّل.

قوله : والأجود عدم الإعادة. ( ٢ : ٢٤١ ).

الأحوط الإعادة ، للعمومات الدالة على وجوب الصلاة مع الطهارة المائية عند القدرة ، وإن كان شمولها لما نحن فيه لا يخلو عن ضعف ، فتأمّل ، ولأنّ السكوني ادعى الشيخ إجماع الشيعة على العمل برواياته ، وصرّح بأنّه ثقة في العدّة (١).

قوله (٢) : قبل فوات الجمعة. ( ٢ : ٢٤١ ).

هذا مخالف لما اختاره من أنّ خوف فوات الصلاة لا يصير منشأ لصحة التيمم مع كونه متمكّنا من الطهارات المائية (٣).

قوله : وهي ضعيفة السند. ( ٢ : ٢٤١ ).

الأحوط مراعاة مضمون هذه الرواية ، لما ذكرنا من كون الموثّق حجّة ، وإن كان الأخبار الصحيحة الدالة على عدم وجوب الإعادة في الصلاة بالتيمم ، وعلى عدم وجوب الإعادة في الصلاة في الثوب (٤) النجس‌

__________________

(١) عدة الأصول : ٣٨٠.

(٢) هذه الحاشية ليست في « أ » و « و».

(٣) انظر المدارك ٢ : ١٨٥.

(٤) انظر الوسائل ٣ : ٣٦٦ ، أبواب التيمم ب ١٤ ، و ٤٨٤ أبواب النجاسات ب ٤٥.

١٥٠

بإطلاقاتها تعارضها ، إلاّ أنّه لا قوة في تلك الإطلاقات ، فتأمّل.

قوله : ويلزم من سقوط التكليف. ( ٢ : ٢٤٢ ).

القائل بذلك لا يجعل الصلاة مشروطة بالطهارة إلاّ حال التمكّن من الطهور ، حملا للحديث على الصورة المتعارفة الشائعة ، وما دل على نفسها على الوجوب مطلقا ، لتأكّد الدلالة ، وظهور شمولها لصورة عدم التمكّن من الطهور ، ويحتاج ذلك إلى ملاحظة العمومات والتأمّل في دلالتها ، وإلاّ فيشكل التفريق بين العمومين ، والظاهر أنّ التفريق مشكل ، والفعل قضاء لازم ، لما ستعرف ، والأداء مع ذلك لعلّه لا يخلو من احتياط ، فتأمّل.

قوله (١) : ولعلّه أشار بذلك. ( ٢ : ٢٤٢ ).

فيه تأمّل ظاهر.

قوله : واحتجّ عليه. ( ٢ : ٢٤٣ ).

لعلّ المراد أنّه باعتبار هذا الحدث لم يتعلق الخطاب بالصلاة ، لأنّه لا صلاة إلاّ بطهور ، فلم تكن فائتة ، لأنّ الفوت فرع كونها مطلوبة ، فاتت بعذر أو غير عذر ، وأمّا إذا لم تكن مطلوبة كالصلاة قبل دخول الوقت فلا معنى للفوت فيها ، وإذا لم تكن فائتة فلا معنى لقضائها ، لأنّ القضاء تدارك ما فات.

ويمكن أن يقال : إنّها مطلوبة إلاّ أنّها لا يمكن تحقّقها ووجودها ، فيتحقّق معنى الفوت ، فيجب قضاؤها ، لما دل على وجوب قضاء الفوائت ، فتأمّل.

قوله : وإطلاق كلامهم يقتضي. ( ٢ : ٢٤٤ ).

__________________

(١) هذه الحاشية ليست في « ب » « ج » « د ».

١٥١

فيه تأمّل ظاهر ، لأنّ المشهور عند فقهائنا أنّه يتيمم ويصلّي أداء ، فكيف يتمسّك بهذا الإطلاق في كلامهم؟! مع أنّ ما نحن فيه مسألة أخرى وملحوظ نظرهم فيها حيثية أخرى ، كما لا يخفى على المتأمّل. مع أنّ قوله : فلو فقده. غير باق على ظاهر إطلاقه ، لما سيجي‌ء في المبحث الأوّل (١) ( وفي قول المصنف : الثامن إذا تمكّن. (٢) ) (٣) ، إلاّ أن يحمل قوله : بعد التمكّن ، على التمكّن الشرعي ، يعني بعد ما تمكّن من فعل الطهارة وإتمامهما جميعا ، فتأمل.

قوله : ولو تلبّس بتكبيرة الإحرام. ( ٢ : ٢٤٥ ).

في الفقه الرضوي : « فإذا كبّرت تكبيرة الافتتاح وأوتيت بالماء فلا تقطع الصلاة ولا تنقض تيمّمك وامض » (٤).

قوله : للأصل. ( ٢ : ٢٤٥ ).

لعلّ المراد منه الاستصحاب ، لأنّهم في مقام البحث عن حجّية الاستصحاب أتوا بهذه المسألة مثالا ، وحكموا بالإمضاء بمجرّد الدخول بناء على حجّية الاستصحاب ، وعدمه بناء على عدمها ، والتعليل المستفاد من صحيحة زرارة وابن مسلم مشير إلى حجّية الاستصحاب ، فتأمّل.

ويمكن أن يكون المراد منه أصالة البراءة عن التكليف الزائد ، لكن يعارضه أنّ شغل الذمّة بالصلاة يقيني ، والبراءة الاحتمالية غير كافية حتى تثبت البراءة بدليل شرعي ، والبراءة تتحقّق بالعود البتّة ، فتأمّل.

__________________

(١) المدارك ٢ : ٢٤٧.

(٢) المدارك ٢ : ٢٥٤.

(٣) ما بين القوسين ليس في « ج » و « د ».

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ٩٠ ، المستدرك ٢ : ٥٤٦ أبواب التيمم ب ١٦ ح ٣.

١٥٢

قوله : ورواية ابن حمران ( ٢ : ٢٤٦ ).

يظهر من المحقّق أنّه لم يتأمّل فيها إلاّ من جهة عبد الله بن عاصم خاصّة ، وأنّه لا يخلو عن عدالة ، فتأمّل ( وممّا يرجّح رواية عبد الله أنّها رويت بطرق كثيرة ، ولذا قال المحقق : وإن تكثّرت إلاّ أنّ أصلها عبد الله بن عاصم ، هذا ، مضافا إلى موافقتها لصحيحة زرارة المستجمعة لوجوه كثيرة من الرجحان على ما ستعرف في بحث صلاة الجمعة (١) ) (٢).

قوله (٣) : لم يكن لروايته محمل. ( ٢ : ٢٤٦ ).

يمكن الحمل على الدخول الكامل ، ويؤيّده ما ورد في بعض الأخبار أنّ أوّل الصلاة هو الركوع (٤) ، فتأمّل.

قوله : والعمومات الدالة. ( ٢ : ٢٤٦ ).

فيه تأمّل ظاهر ، لأنّ قطع الصلاة المحرّم هو أن يكون المكلف يقطع الصلاة الصحيحة اختيارا ، وما نحن فيه ليس كذلك ، إذ لا يعلم صحة الصلاة بعد وجدان الماء ، فانقطاع الصلاة محتمل شرعا احتمالا مساويا لعدمه. على أنّ المكلف لو لم يقطع الصلاة بل يتمّها لا يعلم كون صلاته صحيحة غير منقطعة أم فاسدة منقطعة ، ومجرّد الاحتمال لا يكفي للحكم بالحرمة ثم الحكم بالصحة من جهة الحكم بالحرمة ، فتدبر.

قوله : ويمكن الجمع. ( ٢ : ٢٤٧ ).

لم نجد مطلقا أصلا سوى روايتي محمد بن حمران والتعليل‌

__________________

(١) يأتي في ج ٣ : ١٤٠ ـ ١٤٣.

(٢) ما بين القوسين ليس في « أ » و « و».

(٣) هذه الحاشية والتي بعدها ليست في « ب » و « ج » و « د ».

(٤) التهذيب ٢ : ٩٧ / ٣٦٢ ، الوسائل ٦ : ٣١١ أبواب الركوع ب ٩ ح ٦.

١٥٣

المستفاد ، وظاهرهما وإن اقتضى الصحة إلاّ أنّ روايتي زرارة وابن عاصم نصّان في أنّه يرجع ما لم يركع ، ويؤيّدهما ما ورد من أنّ أول صلاتكم الركوع (١) ، وأنّ الصلاة ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود (٢) ، وأمثال هذا ، وأنّه ورد هذا التعليل بعينه في صحيحة زرارة مع تصريح المعصوم بوجوب الإعادة ما لم يركع ، وأنّ العلّة تنفع ما بعد الدخول في الركوع خاصّة.

ولعلّ شغل الذمّة يقيني والبراءة لا بدّ منها ، للقطع بأنّا مأمورون بالإطاعة والخروج عن العهدة ، ولا يتحقّق ذلك إلاّ بالامتثال اليقيني أو الظنّي الذي اعتباره شرعا يقيني ، لقاعدة الاستصحاب ، فإنّ ثبوت الخلاف إنّما يتحقّق بما ذكر ، ولقوله عليه‌السلام : « لا تنقض اليقين إلاّ بيقين مثله » (٣) ، وهو وفاقي أيضا بين الفقهاء ، وتتبّع الأحكام الشرعية أيضا يشهد على ذلك ، وكون الظنّ من حيث هو هو لا دليل على حجّيته واعتباره بل ورود النهي عن اعتباره في الآيات والأخبار أيضا يقتضي ما ذكرنا ، فحيث قلنا : شغل الذمّة اليقيني يقتضي البراءة اليقينية نريد المعنى الذي ذكرنا.

وبالجملة : الأحوط الإعادة وعدم الاكتفاء بتلك الصلاة ، وإن كان الأحوط من هذا أيضا الإتمام ثم الإعادة ، فتأمّل.

قوله (٤) : ( لإطلاق الأخبار. ( ٢ : ٢٤٨ ).

في هذا الإطلاق ضعف ظاهر.

__________________

(١) راجع ص ١٥٣.

(٢) الكافي ٣ : ٢٧٣ / ٨ ، الوسائل ٦ : ٣١٠ أبواب الركوع ب ٩ ح ١.

(٣) التهذيب ١ : ٨ / ١١ ، الوسائل ١ : ٢٤٥ أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١.

(٤) هذه الحاشية ليست في « ب » « ج » « د ».

١٥٤

قوله (١) : لما رواه ابن بابويه. ( ٢ : ٢٥١ ).

لكن روي هذه الصحيحة بعينها عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن رجل حدثه ، قال سألت أبا الحسن عليه‌السلام (٢) ، الحديث. والظاهر سقوط هذه الواسطة في طريق الصدوق ، لأنّ زيادة ما ذكر مستبعد ، وعلى تقدير تسليم عدم الظهور فالحديث لا يخلو عن اضطراب وتحقّق احتمال ، فلا وثوق بكونه صحيحا ، نعم هو منجبر بالشهرة.

قوله : والتخيير حسن. ( ٢ : ٢٥٢ ).

الحكم بالتخيير بالنسبة إلى الكل لا يخلو عن الإشكال بعد ملاحظة العلّة الواردة في الحديث الصحيح من أنّ الغسل من الجنابة فريضة ، فتأمّل.

قوله : لكن لا يلزم منه امتناع الرفع فيه إلى غاية معينة ... ( ٢ : ٢٥٣ ).

قد ظهر ما في هذا الكلام ممّا ذكرنا في بحث النيّة (٣) ، إذ لو أراد أنّه بعد الغاية لم يرتفع ففيه : أنّه إذا ارتفع بالمرّة ولم يكن باقيا أصلا ، فكيف يمكن أن يقال : إنّه بعد الغاية لم يرتفع.

وإن أردت أنّه بعد الغاية يعود فالعود ليس إلاّ الحدوث بعد الانعدام ، فيكون الحادث حدثا جديدا ، وهذا الحدث ليس إلاّ الحالة المانعة ، ومحال تحقّقها من غير سبب ، والسبب منحصر في وجود الماء مثلا ، وهو ليس بحدث بالإجماع ، بل بالضرورة ، ومسلّم عند الشارح حيث قال : ولا ريب في ما ذكره ، ويقول بعد ذلك : إنّ التمكّن ليس بحدث إجماعا ، فلا يبقى‌

__________________

(١) هذه الحاشية ليست في « ج » و « د ».

(٢) التهذيب ١ : ١٠٩ / ٢٨٥ ، الوسائل ٣ : ٣٧٥ أبواب التيمم ب ١٨ ح ١.

(٣) راجع ص ١٢٤ ـ ١٢٦.

١٥٥

لما ذكره من قوله : لكن لا يلزم منه. ، مجال.

ولعلّ مراده من الارتفاع الكمون ، وبعد الغاية يصير بارزا ، وهذا بعينه مراد القوم مع المناقشة في العبارة.

قوله : وهي إنّما تدل على النهي. ( ٢ : ٢٥٣ ).

لا يخفى أنّه مطلق غير مقيد بخصوص ما قبل التيمم عن الجنابة ، وكذا يتيمم أيضا مطلقا ، ومدار الشارح الاستدلال بأمثال هذا الإطلاق ، بل استصحابه ليس إلاّ هذه الإطلاقات والأخبار التي يظهر منها كون التيمم بدلا من الغسل من غير فرق بين التيمم الأوّل والثاني والثالث وهكذا ، وكذا يظهر أنّه يتيمم مطلقا سواء كان متمكّنا من الوضوء أم لا ، مضافا إلى الاستصحاب والإجماع المنقول. هذا مع فساد القول بارتفاع الحدث ، كما بيّنا في ما سبق في بحث نيّة التيمم.

قوله (١) : إذا كان ذا نفس سائلة. ( ٢ : ٢٥٨ ).

هذا الإجماع يدل على نجاسة البول والغائط من الطيور التي لا يحلّ أكلها أيضا ، لعدم التخصيص بغير الطيور.

قوله : أنّ الأمر حقيقة في الوجوب. ( ٢ : ٢٥٩ ).

يتوقّف الاستدلال على مقدّمات :

الأولى : كون الأمر حقيقة في الوجوب ، كما ذكره.

الثانية : أنّه ليس واجبا لنفسه ، إذ لو كان واجبا لنفسه لم يكن بينه وبين النجاسة مناسبة ، لأنّ النجس لا يجب إزالته بعنوان الوجوب النفسي ، وليس مثل وجوب الحجّ عند الاستطاعة ، والصلاة عند دخول الوقت ، وغير ذلك.

__________________

(١) هذه الحاشية ليست في « أ » « و».

١٥٦

الثالثة : أنّ إزالتها لأجل الصلاة من حيث النجاسة ، لأنّ المنع عن الصلاة فيه لا ينحصر وجهه في النجاسة ، لاحتمال كونه تعبّدا ، وسيصرّح الشارح بأنّ المنع عن الصلاة لا ينحصر وجهه في النجاسة ، في مسألة فأرة المسك (١) ، وفي مسألة نجاسة الميتة (٢).

الرابعة : أنّ النجاسة الشرعية عبارة عن تكليفات متعدّدة كثيرة ، مثل : المنع عن الصلاة والأكل والشرب ، وإدخال المساجد ، وكونه مع المصحف وأمثاله ممّا يعظّم شرعا ، إلى غير ذلك ، وكذا عمّا لاقاه رطبا بجميع التفصيل الذي مرّ ، وكذا ما لاقى ما لاقاه بجميع التفصيل المذكور ، وهكذا دائما.

وبالجملة : النجاسة الشرعية مجموعة تكاليف لا تعدّ ولا تحصى ، بل ولا نهاية لها ، ولم يرد آية ولا حديث يدل على هذا المجموع ، حتى يكون الدليل على تحقّق واحد من تلك الأحكام دليلا على تحقّق المجموع ( من حيث المجموع ) (٣) ويحكم بتحقّق المجموع شرعا.

الخامسة : ثبوت التلازم شرعا بين كلّ واحد من تلك الأحكام وبين المجموع ، بحيث لا ينفكّ عنه شرعا حتى يتأتّى الاستدلال به عليها.

السادسة : اتحاد حكم الثوب مع البدن وغير ذلك في ذلك حتى يحكم ب « اغسل ثوبك » على « اغسل بدنك » وغير ذلك ، مع أنّه على القول بحجّية هذا المفهوم يكون ظاهر الحديث عدم وجوب غسل غير الثوب.

السابعة : ثبوت التلازم بين حكم البول والروث ، مع أنّه على القول بحجّية مثل هذا المفهوم يكون الظاهر من الحديث عدم نجاسة الروث ،

__________________

(١) المدارك ٢ : ٢٧٥.

(٢) المدارك ٢ : ٢٦٨.

(٣) ما بين القوسين ليس في « د ».

١٥٧

فالاستناد في فهم المطلوب من هذا الحديث إنّما يكون بإجماعات كثيرة ، فلا يكون الحديث دالاّ على المطلوب بنفسه ، فتدبّر.

قوله : ومتى ثبت وجوب الغسل. ( ٢ : ٢٥٩ ).

لم يقل أحد بوجوب غسل النجاسة بالوجوب الشرعي ، بل يقولون به بالوجوب الشرطي ، بل لا يوجبون الغسل أصلا ، لا على صاحب الثوب الذي هو المخاطب في الحديث والمأمور ولا على غيره ، بل لو وقع في الماء فطهر يكفي ، وكذا لو غسله غاصب ، وكذا لو غسل بالماء الغصبي ، بل يوجبون كون الصلاة في الثوب الطاهر.

وبالجملة من تأمّل حق التأمّل علم أنّ منشأ فهم النجاسة من الحديث هو الإجماع لا غير ، ولذا لا يفرّقون بين الرجل والمرأة وغيرهما ، وإن كان المخاطب هو الرجل لا غير.

قوله : وقال في الخلاف. ( ٢ : ٢٥٩ ).

حكى العلاّمة في المختلف عن السيد في جواب المسائل الميافارقيات : أنّ البول قد عفي عنه في ما يرشّش عند الاستنجاء (١). ونقل ابن إدريس عن بعض الأصحاب في مطلق النجاسة (٢). ويدفع القولين العمومات ، وخصوص ما سيذكره عن الفقه الرضوي ، في مسألة العفو عمّا دون الدرهم (٣).

قوله : ويشكل بأنّها إنّما تضمّنت. ( ٢ : ٢٦٠ ).

الاستدلال بها بناء على أنّ الأمّة لم تفرّق بين البول والروث ، كما‌

__________________

(١) المختلف ١ : ٣٣٢ ، رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٨٨.

(٢) السرائر ١ : ١٨٠.

(٣) يأتي في ص ٢١٧ ـ ٢١٨.

١٥٨

لا يخفى ، فتأمّل.

قوله : وترك الاستفصال. ( ٢ : ٢٦٠ ).

لا يخفى أنّ خرء غير المأكول ليس من الأفراد الشائعة التي يجب الاستفصال من جهتها ، بعد بناء الراوي الجليل على أنّ خرء الطير لا يضرّ وجودها للصلاة ، فهل يضرّ حكّها فيها أم لا؟ وغير خفيّ أن الحكّ ليس من المطهّرات بالضرورة حتى يتوهّم التطهير من جهته ، فتأمّل.

وممّا يؤيّد ما ذكرنا ويضعّف استدلاله ضميمة قوله : وغيره ، وعطفه على خرء الطير ، كما هو الظاهر. مع أنّ قيد ( وهو في الصلاة ) على هذا مستدرك ، فتدبّر.

قوله (١) : يفيد العموم. ( ٢ : ٢٦٠ ).

في التمسّك بمثله تأمّل يظهر للمتأمّل.

قوله : وفي الحسن. ( ٢ : ٢٦١ ).

لا يخفى : أنّ الشارح ( يشترط العدالة في حجّية خبر الواحد ) (٢) ، فكيف عمل بهذا الخبر ، حتى رجحه على ما هو حجّة عند جميع الأصحاب؟! مع أنّ أبا بصير ( يحكم باشتراكه (٣) فيضعف الخبر عنده ) (٤).

قوله : فلمنع الإجماع ( ٢ : ٢٦١ ).

هذا ليس بمكانه بعد معلومية أنّ معلوم النسب خروجه غير مضرّ ، والإجماع المنقول حجّة ، لشمول ما دلّ على حجّية خبر الواحد. والطعن‌

__________________

(١) هذه الحاشية ليست في « ب » « ج » « د ».

(٢) بدل ما بين القوسين في « ب » « ج » « د » : ما كان يعمل بمثل هذا الخبر.

(٣) انظر المدارك ١ : ٤٩.

(٤) بدل ما بين القوسين في « ب » « ج » « د » : مشترك ومثل ضعيف عنده.

١٥٩

بكونه خبرا مرسلا ( أمر آخر ، مع أنّه ) (١) قد عرفت جوابه ، مع أنّ الشيخ رحمه‌الله في التهذيب نسب ما دلّ على طهارته إلى الشذوذ ، وإلى موافقة التقية (٢) ، وهذا يؤيّد (٣) العلاّمة ، فتأمّل.

قوله : ونقل استثناء. ( ٢ : ٢٦١ ).

يعني أنّ نقل الاستثناء عن خصوص الشيخ ، مع موافقته لابن بابويه وابن أبي عقيل ، دليل على بنائه رحمه‌الله على أنّ ابن بابويه وابن أبي عقيل لم يستثنيا ، وليس مراده أنّ العلاّمة يقول بأنّ القائل منحصر في الشيخ ، كما أنّه ربما يوهمه ظاهر عبارته ، لفساده قطعا.

قوله : إنكار العمل بها. ( ٢ : ٢٦١ ).

لا يخفى أنّ العلاّمة لم يستدلّ على نجاسة بول وذرق غير المأكول من الطيور بالقياس المزبور ، بل ولا شكّ في أنّ استدلاله عليها إنّما هو برواية ابن سنان الحسنة المشهورة المعمول بها عند أكثر الفقهاء ومعظمهم ، بل وعند الجميع في الجملة ، بل رفع عن مستنده ( ضرر الخبر المعارض بحدوث وهن ومرجوحية في الظنّ والاعتبار ، بأنّ التعارض بينه وبين مستنده ) (٤) تعارض عموم من وجه ، يصحّ أن يصير كلّ منهما مخصّصا ، لكن الحسنة من جهة الانجبار بما ذكرنا جعلها أصلا ومعارضها معارضا ، وهذا وإن كان مرجّحا كافيا لجعل مستنده مخصّصا وصيرورته أصلا ، كما ارتكبه ، إلاّ أنّه تمسّك بأمر آخر يعضد ويرجّح ، وهو خروج الخشّاف من‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « ا ».

(٢) التهذيب ١ : ٢٦٦.

(٣) في « و» زيادة : نقل.

(٤) ما بين القوسين ساقط من « أ ».

١٦٠